اذا أرادت وزارة الصحة الارتقاء بخدماتها
عبدالله مغرم
ضعف مستوى الخدمات الصحية التي يقدمها القطاع الصحي بشقيه العام والخاص هي نصف الحقيقة التي لا يشك فيها أحد ، والنصف المكمل تشترك في أسبابه عدد من أجهزة القطاع العام والتي يجب أن تقوم بدور فاعل في المحافظة على الصحة العامة والتي تمثل رأس المال الحقيقي لنهضة الأمم .
إن التوسع في عدد الأسرة وزيادة عدد المستشفيات المتخصصه والعمل على توفيرها خارج المدن الرئيسية يعد مؤشرا جيدا ، ولكنه يعد بمثابة مسكنات ، لأن نسبة عدد الأسرة مقارنة بالنمو السكاني لم يتماش بالتوازي لفترات طويلة ، وبالتالي ما يتم إعداده اليوم هو لمواجهة الطلب الحالي ، وليست لمكافحة جذور المشكلة الحقيقية ، والتي تتمثل في نوعية الجرعات الغذائية والممارسات اليومية للمجتمع، فالبنية الصحية تتأثر بعوامل عدة جوهرية، ومن أهمها المنتجات الغذائية بما فيها المصنعة ، وبما تحتويه من مواد حافظة تسبب في الأجل الطويل أمراض بعضها يستعصي علاجه ، وكذلك المواد الملونة والتي تؤثر في سلوك الأطفال وتحد من مستوى تركيزهم الذهني ، وغيرها من الأعراض والأمراض التي تتسببها ضعف ضوابط المنتجات الغذائية .
إن ضبط المنتجات الغذائية ليست أمرا بالغ السهولة وخصوصا أن القطاع الخاص اعتاد على تحقيق معدلات أرباح عالية بمجهود محدود ودون اهتمام كبير بالآثار غير المباشرة طويلة الأجل التي تسببها بعض المنتجات الغذائية والتي تعلن عن سحبها من الأسواق من وقت لآخر هيئة الغذاء والدواء ، وهذا يتطلب إعداد ضوابط صحية يتم تطبيقها بالتدريج لحماية الصحة العامة ، ومع الأيام ستقل حاجة المواطنين إلى زيارة المستشفيات وترتفع كذلك إنتاجية المواطنين ، والتي من السهل ملاحظة نتائجها على النتائج المحلي الإجمالي .
التحول التدريجي إلى استخدام ضوابط صحية للمنتجات الغذائية في الأسواق سيرفع من تكاليف إنتاجها بلا شك ، ولكن تكلفة حماية الدولة لتلك الزيادة سيكون تأثيرها المباشر وغير المباشر أقل تكلفة من استمرار الهدر في التوسعة المستمرة لزيادة عدد المستشفيات لتلبية الطلب المتزايد دون الوصول إلى مرحلة الاكتفاء.
إن تفعيل ضوابط ومعايير للمنتجات الغذائية يتطلب تعاونا كبيرا وبشكل عملي بحت ، بين الوزارة وكل من : وزارة التجارة والصناعة ، ووزارة الزراعة والمياه ، وهيئة الغذاء والدواء وغيرها ، بعيدا عن إهدار الوقت في مذكرات التعاون والصور التي تلتقط لوسائل الإعلام، فتطبيق معايير جديدة تتطلب العمل على مراحل، فالوعي لدى المزارعين على سبيل المثال محدود، وهم إما غير متخصصين في علوم الزراعة، أومتخصصون وأدمنوا الأرباح بأقل التكاليف ، وبالتالي يستغرق ضخ ثقافة عمل جديدة وقتا وجهدا من وزارة الزراعة في ضبط ممارساتهم والمواد التي تستخدم لتسريع عملية نمو المنتجات الزراعية، فالمبيدات الكيميائية التي تستخدم لزيادة الغلة الزراعية قد تسبب السرطان والفشل الكلوي والكبدي، وبعض المزارعين للأسف يقسم مزرعته بناء على الاستخدام ، فالجزء الذي يستخدمه وأسرته فالأسمدة العضوية مصيره ، وأما الجزء الذي يذهب للسوق فبالهناء والشفاء .
تبقى دور حيوي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام، فالأولى مطالبة بالخروج من نفق التركيز على أنشطة أندية الدرجة الممتازة، والاهتمام بضخ ثقافة الرياضة بطرق عملية تساهم في إعادة تشكيل الوعي في المجتمع، وبالتالي يتخلص المجتمع من عدد كبير من الأمراض الصحية والنفسية التي يسببها الخمول وعدم ممارسة الرياضة، ووزارة الثقافة والإعلام مطالبة بممارسة دور مظلة الوعي في المجتمع وتوفير قنوات تواصل إعلامي، ومتى نجحت وزارة الصحة في إعداد وصفة شركاء سيتقلص تدريجيا الضغط المتواصل على المستشفيات وفي نفس الوقت يكون لديها وقت أكبر للتركيز على كادرها الصحي ورفع جودة أدائه ومكافحة قصور القطاع .