تحولات مفكر ضخم
في رسالته إلي، وهو المفكر الضخم، والموسوعي الذي أثرى السوق بما لا يقل عن عشرة كتب من العيار الثقيل يقول لي: أشكر لك اهتمامك بأخيك وأقدر لك تقويمي بين الفينة والأخرى، وأنا عازم ما استطعت إلى سلك طريق الاعتدال ولكنها التراكمات التي ورثناها من المدارس والجامعة، وأسأل الله أن يدلني وإياك على طريق المنهج الوسطي في الطرح والاعتدال والسماحة.
أنا لا أتكلم اليوم عن شخصية شاردة، بل عن وزن ضخم لاسم أضخم. هو بالمناسبة لا علاقة له منهجياً بالخطاب الديني ولم يعمل كداعية ومع هذا لاحظوا الاعتراف حين يجاهد هذا المفكر نفسه للعودة ما استطاع إلى منهج الوسطية والاعتدال. وقلتها سابقاً في مرات كثيرة إن خطر الغلو والتطرف أقل ما تجده واضحاً لدى أساتذة الشريعة، وبالعكس فإن تجربتي معهم تظهر في الأغلب أنهم أكثر تسامحاً وقبولاً وعلى الأقل فإنك لابد أن تحترم منطلقاتهم في الحوار تبعاً لعمق الاختصاص حتى في المسائل التي تختلف معهم حولها وخصوصاً في باب المسائل المفتوحة للرؤى المختلفة. وحين يتحدث هذا المثقف الضخم عن تراكمات الإرث من الجامعة والمدرسة فإنه لا يجافي الحقائق. حقائق الأدوات الخفية التي تركت أوراق المناهج الرسمية المطبوعة في مدارس التعليم العام وذهبت لشحن عقول الصغار بمنهجها الخفي. كليات الطب التي تحولت إلى مشاريع تصفية وتصنيف اشتغل فيها بعض الأساتذة بكل ما لا علاقة له بالطب. أساتذة اللغات الأجنبية الذين يزرعون في عقول طلابهم حرمة دراسة الثقافات المختلفة رغم أن هذا صلب التخصص الذي اختاروه طوعاً بأنفسهم ثم يحذرون طلابهم منه في مرحلة لاحقة. كليات العلوم التطبيقية التي تحول بعضها إلى خلايا حركية. أنشطة عمادات شؤون الطلاب التي تزخر برامجها بعشرات المحاضرين الذين لا يشكل فيهم أهل الاختصاص الشرعي من كليات الشريعة إلا نسبة لا تذكر على حساب القادمين من خارج الخطاب الشرعي من متسلقي هذا الخطاب. والخلاصة أنه بعد ما يقرب من سبعين عاماً مازال هذا المفكر الضخم يصارع ما استطاع مع تراكمات هذه المدارس والجامعات مع الفارق النوعي: إنه يعي إلى أين وصل ومازال يصارع.
::::::::::::::::::::::::::::::
وهل عندكم شك في إن الإضافات لها دور في ذلك التحول؟!