السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن ديننا الحنيف يأمرنا بحسن الظن في الناس ونحن نعتقد أن الأخت الكريمة التي تفضلت بهذا الرد لديها حرقة على دينها نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدا ولكن نقول لها ولأمثالها هوينا على أنفسكم، فإن من أسباب ضعف المسلمين في هذا العصر هو وجود المتعالمين الذين يفتون الناس بغير علم والعياذ بالله، ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا...
يجدر بالمؤمن أن يرجع إلى كتاب الله وإلى هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما يقول ويفعل، لا أن يسفه ويفسق الناس بالظن والهوى...
يقول المولى جل في علاه (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليلٌ ولهم عذاب أليم) فالحكم الشرعي مأخوذ من الدليل الشرعيّ لا من تخريص الخارص.
وقد روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا}.
ولا يحل لأحد أن يفتي بغير علم فإن ذلك من كبائر الذنوب قال الله تبارك وتعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وقال الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).
ومن أفتى بغير علم فقد نصب نفسه شريكاً مع الله عز وجل في تشريع الأحكام فنصيحتي لهذا الذي نصب نفسه مفتياً في كل صغير وكبير أن يتوب إلى الله عز وجل وأن لا يفتي إلا بما علم أنه من شرع الله عز وجل أو غلب على ظنه أنه من شرع الله بعد الاجتهاد التام وقد اتخذ بعض الناس الفتوى حرفة يترفع بها على من أفتاه ويري الناس أنه ذو علم وهذا خطأ سفه في العقل وضلالٌ في الدين، فالله تعالى قال في كتابه (يرفع الله الذي ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ولم يقل الذين يفتون، فعلى المرء أن يعرف قدر نفسه وأن يكل الأمر إلى أهله وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويذكر الوعيد فيمن قال على الله ما لا يعلم.
فمن الضلال المبين الحكم على كل صغيرة وكبيرة بالحل والحرمة دون الرجوع إلى أهل الاختصاص.. قال الله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ).
إنما مثل قول هذه الأخت كمثل قول الذين قال الله تعالى عنهم على لسان المرابين { ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا } وهذا بيان لمنطق المرابين المعكوس .
* يرى المرابون أن الربا يحقق ربحا كالذي يحققه البيع فقالوا إنما البيع مثل الربا ، وليس هذا بالأمر الصحيح للأسباب الآتية:
1- يقوم البيع والتجارة على المغامرة التي قد تجني ربحا أو خسارة .
2- في البيع قد تتحقق الفائدة لكلا الطرفين .
3- الربا يقوم على المقامرة التي يكون الربح فيها متحققا لأحد الطرفين والخسارة للطرف الآخر.
وأمور أخرى...
فالحاصل أن هناك لبس عند الأخت حيث أنها لم تفرق بين الجرافولوجي الذي هو علم معترف به في الجامعات ويدرس كدراسة أكاديمية وبين الشعوذة والدجل الذي لا يقره عاقل فضلا عن مسلم.
فنحن هنا نود من الأخت الكريمة التريث في الحكم على الأشياء وليس إثبات العلوم، فمن السفه والجهل أن يطلب منا أحدا في هذا الزمان إثبات أن الفيزياء علم أو الكيمياء علم على سبيل المثال. فمن طلب ذلك في زماننا لاستهزأ به الصغير قبل الكبير..
فأقول للأخت كفاك جرأة على دين الله بتكفير وتفسيق الناس هداكِ الله للخير والصلاح. فإن كنتِ لا تعلمين فقولي علمونا فليس عيبا أن يجهل الإنسان أمر ما ولكن العيب أن يضل على جهله.
فإن هذا العلم لا يتكلم عن الغيب لا من قريب ولا من بعيد ومن قال بذلك فجاهل لا يعرف كوعه من بوعه.
ثم والله لو كان في هذا العلم ما يخالف كتاب الله وهدي رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لكنا نحن أول من يضرب به عرض الحائط.
وفق الله الجميع للبر والتقوى والعمل بما يرضى والحمد لله رب العالمين...
الخبير الدولي
أبو عمار الأنصاري
بكالوريوس في الشريعة الإسلامية.
• بكالوريوس هندسة الاتصالات.
• ماجستير أصول الدعوة.
• ماجستير هندسة الاتصالات.
• دكتوراة في التفسير وعلوم القرآن الكريم.
• مستشار في التنمية البشرية والإدارية والأسرية.