شيئ من العهد والذكرى قد انقدحا : وماذا علي لو استلفت هذا العنوان من ليوبولد فايس أو مراد هوفمان ! وماكانت رحلتي الوحيدة إليها ، كلا ، ولكني قبل يومين اثنين ركبت مع شيخ وقور في سيارة أجرة من الحرم إلى أحد نواحي مكة ، وأخذنا الحديث إلى التطورالعمراني الهائل الذي يشهده رحاب الحرم ، حتى انكسر صوته وهو يحدثني عن أن المكان لم يعد هو المكان روحا وروحانية ، وأن الأمر بات مختلفا جدا ، وجعل يسرد لي شيئا من ذكريات مكة القديمة ، وما كان ذلك منه إلا لارتباط الشعور لديه بصور وذكريات قديمة يرى أنها طمرت بهذا التكدس الاسمنتي غير المبرر ! . أما أنا فلي رأي مختلف مثلما لي ذكريات أخر مع هذه البقعة من الأرض بالتحديد ، فما برحت ثيابي مشربة بروائح أزقتها ، ولا زال عجيج الطائفين يملء أذني ، ولقد تملكتني نشوة الإبحار في ذكرياتها ، وعليكم أن تتحملوا أباالكرامع حينما يأخذه طائف من الهذر والثرثرة