عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-09, 11:08 pm   رقم المشاركة : 2
د عبدالعزيز المقبل
عضو هيئة التدريس جامعة القصيم
مستشار اجتماعي و أسري





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : د عبدالعزيز المقبل غير متواجد حالياً

أخي الكريم : من المؤكد أنك تدرك أن ابنك يعيش مرحلة ما يسمى بالمراهقة ، وهي مرحلة انتقالية كبيرة ، تنتابه فيها تغيرات ضخمة .. فهو يودع مرحلة الطفولة ، مع تعلقه العاطفي بها ، ويتلبس بمرحلة الرجولة ، مع تملصه من تبعاتها .. ومن ثم يمكن تفسير تنفيذه مطالبك ، في وقت ، وتعلّله وتهربه ، من التنفيذ ، في وقت آخر .

وكلمة ( تعلل ) توحي بأن ابنك لا يريد أن يقطع علاقته بك ، بل يريد أن يبقي على مستوى ( جيد ) من الرضا ، بينك وبينه .. وهو أمر رائع ، حتى ولو لم ينفذ ما طلبته منه .. وأظن أن وراء ( حرصه ) على إبقاء العلاقة ( جيدة ) أسلوبك في التعامل معه ، القائم على الرفق واللين . والمصطفى – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( إذا أراد الله بأهل بت خيراً أدخل عليهم الرفق ) . ومفهوم هذا أنه إذا أراد بهم شراً أدخل عليهم العنف !!

أما كون ابنك يسارع إلى تلبية حاجات أقاربه ، من الأخوال والأعمام ، فهو أمر طبيعي ! .. فهو في توقه لامتداح الناس له ، ورسم صورة جميلة له ، يندفع ذلك الاندفاع .. ثم في رأيه أن أولئك لا يحتفظون له ، مثلكم ، بإرشيف يعرفون من خلاله مواطن ضعفه ، ومن ثم قد يذكرونه بها ، خاصة حين تحدث ، بينه وبينكم ، بعض الاحتكاكات !! .. ففي رأيه أن المسارعة في خدمتهم كلها مكاسب ، وأنكم ، باعتباركم أهله ، وهو بينكم بصورة دائمة ، ولذا لن تنقطع طلباتكم ، ولو استطاع تلبية بعضها ، لم يستطع تلبية الأخرى .

وعامة الناس ، بمن فيهم الكبار ، يرون في الناس ما لا يرون في أهليهم .. ويروى عن أبي حنيفة ، رحمه الله ، العالم المشهور ، أن أمه طلبت منه أن يذهب بها لمن تستفيه ، في مسألة فقهية عرضت لها ، فذهب بها إلى طالب من طلابه ، فدهش ، وقال : رحمك الله ، كيف أفتيها ، وأنت موجود ؟! .. لكن أبا حنيفة ألمح لها بالجواب ، ليكون هو من ينطق به لها !!

وإذا كان الناس يرون في أبي حنيفة إماماً ، فهي لا ترى فيه سوى ولدها ، الذي خبرته ، مذ كان صغيراً .. قد ترى من هو أقل منه ، ممن اشتهر عند الناس ، أكبر منه قدراً !!

إننا - نحن الكبار – قد نجامل الغرباء والأقرباء ، ولكننا قد لا نجامل من حولنا ، من أهل بيتنا ، على الأقل ، في كل الأحوال .. والسبب ظاهر .

ولكن مما يمكن أن يدخل السرور عليك أن قيامه على حاجات أقاربه يمثل تراكم خبرات له ، ستفيده في المستقبل .

أما بالنسبة لما ذكرته من أسلوب تعاملك ، وكون ( الرفق واللين ) هو ما يحكم سلوكك معه ، مع اجتهادك في تلبية طلباته ، فهو دليل على توفيقك ، من جهة ، ونضج عقلك ، من جهة أخرى .

كل ما أتمناه أن يحدث بينكما مزيد من الحوارات والتواصل ، العفوي ، الخارج عن إطار الأمر والنهي ، وأن تشاركه مشاعره ، وتراعي مستواه ، وتجعل توجيهك له بلغة إيحائية محفزة ، وألا يدفعك ما ذكرته من تصرفاته إلى الانفعال ، وجلده بسياط اللوم .

شرح الله صدرك ، وأصلح لك ابنك ، وكتب لكما التوفيق ، في الدارين .







رد مع اقتباس