لم تعلم أم عمرو وهي تجهز متاعها فوق ظهر الحمار أنها الرحلة الأخيرة نحو المجهول ، كانت قد غضبت ، نعم ، وكانت قد هددت ، نعم ، ولكنها لم تعلم والحمار يهتز بها مدبرة أنها كانت تدخل في بوابة التاريخ ليردد الزمان الصدى قائلا : ذهب الحمار بأم عمرو *** فلا رجعت .. ولا رجع الحمار ! ثمة من يعتقد أن رحيله سيحدث قنبلة في الزمكان الذي يعيش فيه ، وتغره أهازيج الجماهير من حوله ، وصخب الهتاف والترداد ، وينسى أن الجماهير لا عقول لها ، وأن طلقة عيار ناري واحدة كفيلة بتفرقة هذا الجمع الغوغائي لتعود الحياة هانئة هادئة رخية منسابة . لطالما تكررت حركات التهديد بالرحيل ، ولطالما رحل أناس ثم ندموا ، وعادوا بوجوه مقنعة ليحفظوا ماء وجوههم المراقة في شارع المظاهرة . شيء واحد فقط يجب أن يعيه الجميع هو أن الحياة لاتعتمد على شخص واحد ولا حتى على عشرة أشخاص . والشمس تشرق على القرية وهي تضج بالحياة كما أنها تشرق على أم عمرو وحمارها وهي تحس بقلبها ينقضم من أطرافه دون أن تستطيع أن تلوي عنان الحمار عائدة نحو القرية . وكل حمار والقرى بخير .
[align=center] دِرْقن دِرْقن دِرْقن دِرْقن[/align]