اذا الاحاديث ما تقتنعي فيها ايش اسوي طيب
وهذا الالباني وابن تيميه يوضحوا كل شئ
فرأينا من واجب النصح والتذكير لقوله - سبحانه - ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) وقوله صلى الله
عليه وسلم : ( إن الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين
وعامتهم ) رواه مسلم ، نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام المحدث الألباني - رحمهما الله - في هذا
الباب لمعرفة الضابط الشرعي في المنهي عنه في التشبه بين النساء والرجال ، فجزاهما الله عن الإسلام
والمسلمين خيرا ،وقبل الشروع في المقصود اليك هذه المقدمة اليسيرة كاالتوطئة للموضوع والتهئية له
فمن المعلوم - ايها الأحبة - أن تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال من كبائر الذنوب ، لما ورد
في ذلك من النهي الصريح والوعيد الشديد على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وصل الى
اللعن وقوله ( ليس منا ) ، وذلك لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة وإرتباط الباطن بالظاهر ،
فالظاهر عنوان الباطن ولما في ذلك من الحيد عن فطرة الله التي فطر عليها وجبل كلا من الجنسين وما
تفرد به كل جنس عن الأخر من المميزات والخصائص وفي ذلك من الشر والفساد ما لا يخفى خطره
وعاقبته ، فرأينا نقل كلام العلامة الألباني - رحمه الله - في كتابه ( جلباب المرأة المسلمة ) ونقله لكلام
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في ضابط هذا التشبه ومايترتب عليه من القواعد الشرعية
وذلك في معرض ذكره لشروط الجلباب الشرعية التي ينبغي للمرأة المسلمة الالتزام به في جلبابها ، فذكر
في ذلك عدة شروط منها : ألا يكون مشابها للباس الرجال وساق في ذلك كعادته - رحمه الله - الأدلة من
السنة وذكر في ذلك أحديثا كثيرة منها ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قول ( لعن رسول الله صلى
الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ) وعن عبد الله بن عمرو قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من
الرجال ) ، وعن ابن عباس قال : ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من
النساء وقال : أخرجوهم من بيوتكم . قال : فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانا وأخرج عمر فلانا ) .
وفي لفظ : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء
بالرجال ) . و عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث لا يدخلون الجنة
ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث ) .
ثم بعد أن ساق الشيخ الألباني - رحمه الله - هذه الأحاديث الصحيحة قال :
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال وعلى العكس وهي عامة تشمل اللباس
وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده وقد قال أبو داود في ( مسائل الإمام أحمد ) ( ص 261
) : ( سمعت أحمد سئل عن الرجل يلبس جاريته القرطق ؟ قال : لا يلبسها من زي الرجال لا يشبهها
بالرجال ) . قال أبو داود : ( قلت لأحمد : يلبسها النعل الصرارة ؟ قال : لا إلا أن يكون لبسها للوضوء
. قلت : للجمال ؟ قال : لا . قلت : فيجز شعرها ؟ قال : لا ) .
وقد أورد الذهبي تشبه المرأة بالرجال وتشبه الرجال بالنساء في ( الكبائر ) ( ص 129 ) وأورد بعض
الأحاديث المتقدمة ثم قال : ( فإذا لبست المرأة زي الرجال من المقالب والفرج والأكمام الضيقة فقد
شابهت الرجال في لبسهم قتلحقها لعنة الله ورسوله ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أو رضي به ولم ينهها لأنه
مأمور بتقويمها على طاعة الله ونهيها عن المعصية لقول الله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها
الناس والحجارة ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صحيح ) ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
الرجل راع في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة ) متفق عليه وهو مخرج في ( غاية المرام ) ( 269 ) .
وتبعه على ذلك الهيتمي في ( الزواجر ) ( 1 / 126 ) ثم قال : ( عد هذا من الكبائر واضح لما عرفت من
هذه الأحاديث الصحيحة وما فيها من الوعيد الشديد والذي رأيته لأئمتنا أن ذلك التشبه فيه قولان :
أحدهما أنه حرام وصححه النووي بل صوبه وثانيهما أنه مكروه وصححه الرافعي في موضع والصحيح بل
الصواب ما قاله النووي من الحرمة بل ما قدمته من أن ذلك كبيرة ثم رأيت بعض المتكلمين على الكبائر
عده منها وهو ظاهر ) . وقال الحافظ في ( الفتح ) ( 10 / 273 - 274 ) عند شرح حديث ابن عباس
المتقدم برقم ( 3 ) باللفظ الثاني : ( لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء
بالرجال ) ما مختصره : ( قال الطبري : لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص
بالنساء ولا العكس وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شيء لكن
عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها لا التشبه في أمور
الخير . قال : والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء وقد
أشار إلى ذلك في لعن الواصلات بقوله : ( المغيرات خلق الله ) .
فثبت مما تقدم أنه لا يجوز للمرأة أن يكون زيها مشابها لزي الرجل فلا يحل لها أن تلبس رداءه وإزاره
ونحو ذلك كما تفعله بعض بنات المسلمين في هذا العصر من لبسهن ما يعرف ب ( الجاكيت ) و( البنطلون
) وإن كان هذا في الواقع أستر لهن من ثيابهن الأخرى الأجنبية . فاعتبروا يا أولي الأبصار.