لكنني تجرأت ودخلت عليه من طريق ( كتابه ) عندما فتح لي كتابه على مصراعيه، كان ذلك بالنسبة لي ساعات ضياء وسط ظلمة كانت تخيّم على كل شيء حولنا. وعشت ردحا من الأنوار في رحاب ( كتابه )، وقد ملأني إحساس وكأننا نهضنا من أنقاض الذل الذي تمسحنا فيه كلنا، وخرجنا من دركات العار التي وصلناها.
وأتاح لي الكتاب عبر أيامي الثلاثة، راحة كبرى، ساعدني فيها الكتاب مع الخليفة الراشد .
وقررت أن أقوم بحديث صحافي جديد وموسع هذه المرة مع الخليفة الراشد استعيد فيها ما كنت قد قرأته من قبل، بوعي الشاب المقبل على فهم الحياة الدنيا، لأفهم الأخرة. وليس في هذه المحاولة دفق إيمان جديد لم يكن عندي من قبل، أو إعجاب بمنط حياة معين ولا محاولة لإعادة فهمه أو تفسيره. إن المحاولة أبسط من كل ذلك. إنها استغاثة.
وتوالت الأسئلة، وما كان أكثرها، وطالت الأجوبة وما كان أسخاها. ولأن الأسئلة كان من واقع اليوم، كان الأجوبة تحكي رأيه في أهل زمانه، قبل حوالي 1400 سنة. ولكن رأيه في أهل تلك البلاد ما زال صالحاً إلى اليوم في نظر علماء السياسية المعاصرة. وكأن التاريخ لم يغير من طبائع تلك الأجيال، ولم يعلمها درساً واحداً .
وكنت أقول من فكر في بعد السفر، استعد. فعلى الرغم من معرفتي بمشاق ومخاطر الطريق الذي اتخذته للوصول إليه، كنت أعلم علم اليقين أن استعدادي لم يكن كافيا. إلا أنني أقدمت .
الحديث
( ما أكثر العبر وأقل الاعتبار )
كان لابد من بداية لحديثي مع أمير المؤمنين، فستأذنته بسؤالي الأول:
سؤال : يا أمير المؤمنين. ما قولك في الزمان الرديء الذي تعيشه الأمة؟
( يأتي على الأمة زمان لا يقرب فيه إلا الماحل. ولا يظرّف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف، يعدون الصدقة غُرما. وصلة الرحم منّا، والعبادة استطالة على الناس. فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان (... لكن ) إذا تغير السلطان تغير الزمان ).