[align=center]
.
.
الكتابة أشبه بطريق لهُ بداية وليسَ لهُ نهاية، وما الحروف إلاّ منعطفات تتباين تفاعلاتها باختلاف مواقعها الجغرافية على خارطة الكلمة.
فعلى الرغم من حُرقة "الهاء" وصراخُ "الألف" وتأرجح "القاف" إلاّ أن "الباء" و "الميم" يكادانِ أن يقبّلانك خلفَ ستارة مخملية كملمسِ غانية لم تُكْمِل عقدها الثاني بعد.
وما أن تغفو بين تلك القبلات، حتى تفيق على تلكَ "الطاء" المتعثرة بحذائها الذي ابتاعته من "الراء" بسعرٍ بَخِسْ.
تسعةَ عشرَ عاماً وأنا أمارسُ الشقاء على أرصفة البوح وكأنني مخاضُ إمرأةً عاقر أتتها البشرى بعدَ أنْ بلغت من الحزنِ عتيا، وكلما أتت بمولود أخذت تطوف بهِ من بيتٍ إلى بيت، تقابل بإحسانٍ تارة وبإساءةٍ تارةً أخرى.
وما بينَ التارتين وجوهٌ مستبشرة ووجوهٌ ترهقها قترة، وأنينٌ يكادُ أنْ ينغمس في صدرها مٌحْدِثاً فراغاتٍ بعمق الصدا.
سأكسِرُ قلمي واسكبُ حبري فلا حاجةَ لي بهما بعد الآن، لمْ أعُدْ قادراً على السير في الضباب ولمْ يَعُدْ حدسي وفياً كذي قبل.
لمْ أُحِسْ بالندم كما أُحِسهُ الآن بعدَ أربعِ مائةٍ وبضعٍ وستونَ "ربيباً" وئدتهم بيديَ هاتين، حينَ أرقتُ ماءَ حيائي وكسرتُ كأس وقاري.
ها أنا اعلنها بعدَ أن أطلْت التفكير (لا للابجدية) ولن أعبثَ بالحروف ما حييت وسأكتفي بإنسانيتي.[/align]