هذا بيان لدرجة الحديث ، وتعليق على مضمونه
حديث ( الصيحة في رمضان ) غير صحيح !
:
أولاًَ : الحديث ضعيف جداً ، أو موضوع ، وقد جاء من طرق عديدة ، منها :
1- ما أخرجه الحاكم في مستدركه ( 4/ 563 ) من طريق نعيم بن حماد عن أبي وهب عن مسلمة بن علي عن قتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة .
قال نعيم )1/ 226 ) لا أعلم إلا أني سمعت مسلمة بن علي إن شاء الله وبينه وبين قتادة رجل . ومسلمة بن علي الخشني : متروك .
وفيه الرجل الراوي عن قتادة وهو مجهول .
2- ورواه الشافعي في مسنده ( 2 / 262 ) من طريق نعيم عن أبي عمر عن ابن لهيعة ، حدثني عبد الوهاب بن حسين ، عن محمد بن ثابت عن أبيه عن الحارث عن عبد الله ( يعنى ابن مسعود ) .
وابن لهيعة فيه مقال مشهور ، وعبد الوهاب بن حسين ، قال في لسان الميـزان : أخرج له الحاكم في كتاب الأهوال حديثاً ، وقال : أخرجته تعجباً .. ، وفيه عبد الوهاب : مجهول ، وقال : هذا الخبر موضوع .
ومحمد بن ثابت ضعيف .
والحارث : ضعيف جداً .
3- ورواه نعيم ( 1/ 225 ) من طريق ابن لهيعة قال : أخبرني عبد الوهاب بن بخت عن مكحول ..
وسنده ضعيف وهو منقطع ، ومتنه مخالف لما سبق .
4- كما رواه عن الوليد عن صدقة بن يزيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب من حوكه .
وهذا لا يصح أيضاً . فالوليد مدلس . وصدقة ضعيف .
5- كما رواه عن الوليد عن عنبسة القرشي عن سلمة بن أبي سلمة عن شهر بن حوشب قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ..
وهذا مسلسل بالآفات .
فإن عنبسة هو ابن عبد الرحمن القرشي قال البخاري : تركوه ، وقال أبو حاتم : كان يضع الحديث . وقال يحيي بن معين : ليس بشيء .
وقال ابن حبان ، صاحب أشياء موضوعة وما لا أصل له ، لا يحل الاحتجاج به .
- ومسلمة بن على هو الخشني : متروك .
6- ورواه عن أبي يوسف المقدسي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
7- ومرة قال : عن أبي يوسف عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب..
والعرزمي : متروك . وأبو يوسف المقدسي وعبد الملك مجهولان . وفي رواية عمرو بن شعيب كلام مشهور مفصل في غير هذا الموضع .
فالخلاصة أن هذه الأسانيد تالفة بمرة ، وهي مع ذلك مضطربة يهدم بعضها بعضاً وبهذا يعلم أن المتن موضوع والله أعلم ، مع أنه مرتبط تاريخياً بخلافة بن العباس لأن نعيماً صدر الباب ناثر عن كعب الأحبار فيه ، أن علاقة انقطاع ملك ولد العباس حمزة تظهر في جو السماء ، وهذه تكون فيما بين العشر من رمضان إلى نصفه .. الخ .
وقصاراه أن يكون من الآثار الإسرائيلية المحرفة ، لأنه متنه مرتبك مختلف متناقض .
ومثل هذه تكثر في مصنف نعيم بن حماد الخزاعي . ونعيم شيخ البخاري ، روى له مقروناً بغيره ، ووثقه قوم ، وضعفه آخرون ومحله الصدق ، ولكنه كثير الخطأ ، ونص أهل العلم على أحاديثه المنكرة في الفتن والملاحم والتي تفرد بها .
قال الذهبي في السير : من كبار أوعية العلم ، لكن لا تركن النفس إلى رواياته .
وقال : لا يجوز لأحد أن يحتج به ، وقد صنف كتاب الفتن فأتى فيه بعجائب ، ومناكير . اهـ
والكتاب فيه الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والموضوع ، وغالب ما تفرد به مما لا يصح بحال ، وقد أفرط في الجمع دون تمحيص أو تمييز ، وفي مروياته الكثير عن كعب الأحبار وغيره ممن عرفوا باعتماد كتب الإسرائيليات والأخذ عنها ، كما روى عن خلق من المجهولين والمبهمين .
وكتاب أبي عمرو الداني ( السنن الواردة في الفقن ) خير منه بكثير ، وأصح أسانيد .
أما كون الجمعة أول الشهر ووسطه فهذا أمر عادي يتكرر كل ثلاث سنوات ، أو أقل أو أكثر .
فمثلاً :
- عام 1406 هـ كان أول الشهر الجمعة ، وأوسطه الجمعة .
- وعام 1409 هـ كان أول الشهر الجمعة ، وأوسطه الجمعة .
- وعام 1414هـ كان أول الشهر الجمعة ، وأوسطه الجمعة .
- وعام 1412هـ كان أول الشهر الخميس .
- وعام 1420هـ كان أول الشهر الخميس .
وكان هناك احتمال أن يكون يوم الجمعة تبعاً لنقص الشهر وتمامه .
فهذا أمر مألوف يتكرر بمعدل شبه منتظم كما هو واضح .
والواجب حماية النص الشرعي الشريف الصادق من هذه الاحتمالات والخوارق والمواعيد التي تجعله على محك الصدق أو غيره مع أنها مما لا أصل له في النقل .
ومثل هذه كثير مما تتعلق به الأوهام وتشرئب إليه النفوس خصوصاً إذا قل حظها من العلم النافع والعمل الصالح .