عزيزي المنساب...
تقول ..
(( لاتوجد ثقافة او عقيدة تمجدٌوتٌعلي من مكان الأخلاق والقيم من دين الاسلام فحرصه على الجوانب الأخلاقية شيءٌ عظيم حيث هي أساس وركيزة سموا الفرد بذاته ومجتمعه ككل ؛هكذا كانت روحه الأولى . ))
هذا كلام فيه من الصحة مافيه من الباطل ...
انت تستخدم صيغة قطعية ... حين تقول (( لا توجد ثقافة ...
وهذه القطعية خاطئه .. لان هناك عقائد وثقافات تعتبر الاخلاق والقيم اساسا لها .. ومنطلقا لها .. فهي تفرط حد الافراط .. اذ ان بقائها يشترط ذلك ..
خذ مثلا المسيحية ..
هناك في الانجيل اية تقول ... ( اذا صفعك احدهم من خدك الايسر فادر له خدك الايمن ... )
وهذا يصل حد الافراط في الاخلاق وهذا الافراط .. سلبي ..
هناك كلمة لصديق عزيز .. قال لي .. التفريط والافراط .. كلاهما مشكلة ..
ومن امثلة التفريط .. مذهب ميكيافيي ... ( الغاية تبرر الوسيلة ) ..
بل الصيغة الافضل .. هي انه لا يوجد عقيدة .. توازن بين القيم والاخلاق... وتسلك فيها مسلكا وسطا .. سوى الاسلام ..
فالوسطية . هي الشعار ..
وثق ثقة تامة .. او اتخذها قاعدة .. كل فرقة اعطت جزءا من الدين اكثر من حقة فقد اخطئت ..
االقدر في الاسلام .. فيه تخيير وفيه تسيير ...
فشذت الجبرية .. بالقول بالتسيير ... وشذت القدرية بالقول بالتخيير ....
وهنا على الصعيد المحلي ..
نجد ان الاسلام دين دعوة وجهاد واجتهاد ..
فالتبليغ اخذوا منه الدعوة .. وتركوا الباقي ..
والجهاديين .. اخذوا الجهاد وتركوا الباقي ..
ولا يوجد من اخذ بالاجتهاد ... وهذه المشكله .. فان الامة لا تنهض الا بالاجتهاد ..
والاسلام سلك في الاخلاق مسلكا وسطا ..
فالتعامل اساسه العدل .. من مدحك تمدحه ومن سبك تسبه .. فان تغاضيت .. فانت محسن ..
وكما ذكرت عزيزي ان الاخلاق الان لا توجد بيننا نحن المسلمين ..
وهذا حق ..
فلماذا يا ترى ... ؟؟؟
لنبحث المسألة من جذورها ..
ما هي الاخلاق .. هي روابط اجتماعية .. تختلف بواعثها من مجتمع لاخر ..
واقصد ببواعثها .. اي ما يدعوا الى فعلها ..
فمثلا .. لا يمكن اشعال النار بالحديد .. بل لا بد من الحطب ..
اي انك تريد نتيجة .. وهي النار .. لا بد من اختيار السبب الصحيح .. وهو الحطب ...
ونحن الان نريد نتيجة وهي الاخلاق ... فلنبحث عن السبب الذي يوجدها ..
الاسلام .. حسنا ولكننا مسلمين .. ولا نراه ..
اذا .. المشكله .. في اسلامنا.. ولا اقصد عين الاسلام ... بل اقصد انتمائنا للاسلام ..
فنحن مسلمين ( اعتياديا ) .. ولسنا مسلمين ( اعتقاديا ) ..
اخلاقا ( كمية ) .. وليست كيفية ..
ولعلني اذكر لك ما ذكره الدكتور عبد الرحمن بدوي ... في مقمته لكتابه ( شلنج )
يقول الفيلسوف ... ( في هذا الزمان الذي طغى فيه الاقتصاد على الفكر ، والانسان الاقتصادي على الانسان العاقل ، والقيم المادية على القيم العقلية ، وصار كل شيء يقو بالكم دون الكيف والانتاج العملي لا النشاط النظري حتى صارت البطون هي الغايات والعقول والقلوب وسائل الغايات .
في مثل هذا الزمان .... الخ )
وكان العلاج بنظره لرد الانسا ن لمكانه هو عن طريق الفلسفة المثالية ..
وانا اخالفه بذلك .. اذ ان اللسفة المثالية .. قد افرطت في المثالية .. حتى انتفى دور العمل ..
بل نقتبس هذه المقدمة ... ونقول ان الحل في الاسلام ..
ولكن عدنا الى نفس الخانة .. ( نحن مسلمون ) ..
نقول نعم .. مسلمون ( شكليا ) .. لا .. فعليا .
ياتي تافه .. ليسال وماذا تقصد بشكليا ولا فعليا .. نحن نصلي ونصوم .. الخ
اقول .. الاسلام .. ليس مجرد طقوس تعبدية ..
هناك علاقة مباشرة مع الله .. وهناك علاقة مع الناس الغاية فيه ارضاء الله ..
البعض ينظرون الى النقطة الاولى .. ويكتفون ..
فتجد تعريف الالتزام ... او المطوع ... ان يقوم بالعبادات فقط .... او بالعلاقة المباشرة مع الله ...
ولو نظرنا الى تعريف العبادة .. لوجدناه اعم من ذلك بكثير ...
هي ... ( اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه )
حسنا .. الا يحب الله .. ان نصلي .. بلي ..
الا يحب الله .. ان نصدق ونبتسم في وجوه الناس ... بلى ...
اذا لماذا اجتزئتوا العبادة في العلاقة المباشرة مع الله ...
من هذا ...
نجد ان سبب عدم وجود النتيجة ( الاخلاق ) ... ليس انتفاء السبب ( الاسلام ) .. بل الفهم الخاطيء للسب .. اذ انه موجود ..
حسنا انتهينا من الكلام النظري ..
ماذا بقي ..
علمنا الان ان السبب ... هو عدم التطبيق الكامل لمفهوم العبادة والاسلام ...
ماذا نفعل .. ؟؟
اقول .. بقي ان نطبقة ..
ولكن هناك ... امور يجب التنبيه عليها اثناء التطبيق ..
فمثلا .. يقول صلى الله عليه وسلم : ( الا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم ..افشوا السلام بينكم )
ويقول ( الدين النصيحة )
وقال ... ( وابتسامك في وجه اخيك صدقة )
فتذكر عزيزي .. انك حين تبتسم لوجه احدهم .. وكشر في وجهك ..
او حين تسلم .. ولا يرد عليك السلام ..
او اذا نصحت احدهم ولا قى منك نفورا ..
فلا تجزع .. ولا تحزن .. فانت لم تفعل هذا الامر لاجله هو .. بل انت فعلته .. لله اولا ولاجله ثانيا ..
فان نجحت فهذا جيدا .. وان لم تنجح .. فانت قد خسرت ثانيا .. وكسبت اولا .. وهي لله ...
بقي ان اعلق على بعض ما ذكرت عزيزي ..
قولك .. (( لأن القضية عالمية وليست إقليمية أوقبلية ))
كلمة ... جميلة .. لو كنت غنيا .. لسطرتها من ذهب ..
قولك .. (( وهنا مشكلتنا التي نعاني منها اليوم أصبح في قلوب بعض المسلمين (وهم كثر للأسف) غياب واضح في هذا الجانب فتجد من لايبالي بهذه القيم وبخاصة في تعامله مع غير المسلمين فيمكنه أن يغش ويخدع ويسئ الأدب لأن ذلك الرجل ليس مسلم؟!!سبحان الله وكأن تعاليم الدين إ ًقليمية أوطآئفية ؟! لقد بٌعث نبينا صلى الله عليه وسلم للعالمين والرسالة التي حملها مَن بَعده هي أيضاً ذات سمة عالمية كما قال سبحانه (وما أرسلناك إلا رحمة ًللعالمين). )))
لو كانت لاجل ان ذاك الشخص ليس مسلما .. فهذا ومع انه خطأ الا انه ايجابي ..
المشكله .. ان التعامل هو على اساس الجنسية ...
فالمصري والهندي والباكستاني .... هذولا .. من الطبقة المنبوذة .. والطبقة المنبوذة .. هو مصطلح يستخدمه الهندوس لخدمهم والعمال عندهم ...
واما الغربي المسلم .. فهو انتصار في معركة وحسم لنتيجة ...
فتجد مثلا عندنا .. دكتور في الكيمياء ... هندي .. يتعامل معه الطلبة .. كانه عامل ..
وامريكي .. حاصل على الدبلوم في اللغة الانجليزية .. اسلم وارتدى الثوب والشماغ .. تجدهم يحترمونه .. ويقدرونه ..
كما قال .. استاذي بدوي ... ( بالكم لا بالكيف )
او كما قال .. ( حتى صارت البطون هي الغايات والعقول والقلوب وسائل الغايات )
قولك ..
(( نحن بحاجة الى نموذج المسلم العالمي اللذي يُري الغرب روعة القيم الاسلامية الروحية والأخلاقية اللتي غابت عن مجتمعاتهم..... ))
لا اريد احباطك .. ولكن لن تجد نموذج المسلم العالمي .. في هذا الجيل على الاقل .. قد يكون في الجيل الذي يلونهم .. ربما .. ان كنا متفائلين ..
وتختم كلامك ..
( سيأتي يومٌ تشرق فيه الشمس )
اخشى ان يكون هذا اليوم .. هو اشراقها من مغربها .. )
شكرا لك ..
واسف ان كنت قد خرجت عن الموضوع او اني اطلت ...