عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-08, 10:05 pm   رقم المشاركة : 5
أبو عبود السنافي
عضو محترف





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أبو عبود السنافي غير متواجد حالياً

أصبحت لا أناديها عمتي بل أمي هكذا بلا شعور ،بل هي اعتادت مني سماع ذلك لدرجة إذا

ناديتها يا عمتي لا تدري أن قصدتها .

مضت السنين وتخرجت من الجامعة والحمدلله ، وجلست أطبق سنة الامتياز في صنعاء ،

وآخر ثلاثة أشهر من هذه السنة عدت لأسكن في مجلس بيت عمتي مرة أخرى ، وتمر هذه

الثلاثة أشهر وكأن نارا تشتعل في جوفها لأني سأتركا مسافرا الى الهند ، لدراسة الماجستير

وسيكون غيابي بالطبع مدة الدراسة ، عدت للبيت بعد صلاة العشاء قبل موسم الحج بأيام

ولا حظت وجها غير الذي أعرف ، تعجبت من ذلك وسألتها فأومأت أن لاشيء ، كررت السؤال

وأزعجتها ، ، ، قطرة حادرة من جبينها _ ظننتها _ وتائهة في خدها الطاهر _ ربما عرق _ ولكننا

في صنعاء والجو بارد ! ، عقبتها قطرة أخرى وركزت أنها دمعة من عينها اليسرى ، واليمنى

مازال يجتمع فيها جحافل دمع حتى يأذن لها بالانطلاق فتنحدر ، قلت لها باستغراب : أمي أنت

تدمعين ؟! ، في غضون لحظة ..... ياللهول أمي تبكي وقوافل من الدموع تكتسح وجهها ، ويحك

يا أحمد ماذا حصل ؟!! ، قالت بصوت بحيح شحيح : بتسافر يا أحمد الهند وتنساني ، وبعد ثلاث

سنوات بترجع لأهلك الدمام ولا تفكر فيني ، قلت لها أمي : أولا سفري ليس الآن بل بعد شهرين ،

ثم ويحي كيف لي أن أنسى روحي البهية ، فياعيباه وياخزواه هل من المعقول أن أنساك وقد

عشت في أحظانك تسع سنوات ؟! ، أعدك أن أزورك كل سنة قبل ذهابي الى الدمام لتجديد

الاقامة وزيارة أهلي ، أمي ماذا أصاب تفكيرك ، أقسم أني أحبتك حبا يهان لو وصف لعجزنا عن

إيفائه حقه في الوصف .

سافرت الدمام لقضاء عيد الحج بجانب أهلي ولتجديد الاقامة ، ومكثت فيها شهرا وعدت لأمي

_ عمتي _ وبقي على سفري للهند أسبوعين تقريبا ، وأنا في هذه الفترة أعيش فترة صراع

نفسي ، صراع في داخلي صراع ذات أمواج نشطة عاصفة ، والله لم أحزن على فراق أهلي

كما سأحزن على فراقها .

عمتي ...... تلك الأم المحبة المحبوبة المخلصة في ودها وتقديرها للغير ، القلب الحنون الذي

لم يسعني فحسب بل وسع كل محتاج للحنية ، الحضن الدافئ الذي لمني ولم كل من لفحته

صقيع مواقف الحياة الباردة ، ابتسامتها تفرج الأسارير حول مبسم الآخر ، وتقلب تشكيل الحاجب

الحزني إلى ارتياح ، قبلتها تفرغ آهات المستقيل وتنهداته ليخلو قلبه من الهم ويتلقى عوامل

السعادة التي تعقب القبلة .

مازلت أذكر أبي أثناء عمله ذلك اليوم ، حين قال وصدق في قوله : بدون عمتك يا أحمد قد تظلم

الدنيا في وجهي ، قلت له : يا حبي لك يبا قلتها وأنت عشت معها فقط وأنتم صغارا ، أو أثناء

زياراتك التي لا تتجاوز أسبوعين كل خمس أو ست سنوات ، فما بال شعوري أنا التي عشت

تسع سنوات بين جنبات صدرها العطوف ؟!! .



فلله درك من أم ، احتوت روحك بحرا بل محيطات حب لعمل الخير للغير

أعلم أنك مستورة الحال المادي ، لكنك بنفس فاقت نفوس الكبار

فكم أجهدت نفسك في إزالة عناء الجهد من نفوس الآخرين

وكم قترت على نفسك وقصرت في حقها كي يكمل الارتياح عند شخص ما

وكم تكرر إيثارك لإلباس محتاج للباس على شخصك المحب

وكم ألغيت من وجبات رئيسية رغم جوعك كي تطعمين جائع

وكم وفرت إسعاد نفسك بشراء شيء كي تدفعين لجلب احتياجات بيت فقير


أحبتي يشهد الله تعالى أن كلامي هذا يخلو من المبالغة


كم من الشباب الذين أعرفهم في السكن وخارجه بصنعاء ، تمنوا أن لديهم عمات مثلك ، ما

يشتغل فكري بهم أو ضيق أو غم يثقل قلبي ، أشكيه عندك وسرعان ما أشعر أنه ارتمى

وولى بعيدا عن محيطي ، ولله درك من حنونة عطوفة تزنين عشرين بل ألف رجل شداد

بأس .

فجعل الله كل ما فعلتيه في ميزان حسناتك ، وأسأل الحي القيوم كما غيرتي من طبيعتي

الى العلو والأفضل ، أن يرفع من درجاتك ويكتب أجرك ويسعدك في الدنيا والآخرة ، وأن يرزقك

الفردوس الأعلى من الجنة ، وأن يجمعنا سويا هناك في مستقر رحمته ، على سرر متقابلين ،

فأنت تستحقين هذا الدعاء بإخلاص .


ثم أبشري ياحبي الأول والأخير الذي لم ولن يتبدل ويا أمي أم أحمد


فلن يطول الغياب ...


[ انتهى ]







التوقيع

حياة اليوم مابيها
ولا ني ياعرب ولهان
أنا أعشق حياة البدو
والبدوان من ساسي

رد مع اقتباس