عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-07, 09:18 am   رقم المشاركة : 3
صاحي و رايق
موقوف من قبل الأدارة






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : صاحي و رايق غير متواجد حالياً

(3)
فتحت عينيها بتثاقل، زادت من رمشها لعلَّ الصورة تتضح أمامها، رائحة المستشفى تملأ رئتيها، لها رائحة مميزة لا يخأطأها أي أنفٌ أبداً..تطلعت إلى أزواج العيون الثلاثة المحدقة بها، كان خالها و"ندى" جالسين بجانبها، أما "عمر" فقد بقي واقفاً عند الباب مكتفاً ذراعيه، شعرت بالخجل من الجميع....
التفتت إلى خالها وهي تسأله بغباء كما في الأفلام:
- أين أنا؟!!
ردت "ندى" بدلاً عنه:
- أنتِ في المستشفى الآن ياااا ابنة عمتي.
وابتسمت، إنها تشبه أباها، بل تكادُ تكون نسخة مصغرة منه.
ردت لها "غدير" ابتسامة واهنة وهي تحاول أن تُسند نفسها..
ارتكزت بيديها على السرير لترفع جسدها، أفلتت من فمها صرخة قصيرة، وسرعان ما أرخت يدها، كانت مُجبرة...
هرعت "ندى" لتسندها على ظهرها، كادت دموعها تنزل لكنها حبستها إلى وقتٍ آخر، لم تنظر إلى أيٍ منهم، أطرقت فقط للأرض..
- غدير.
رفعت وجهها ببطء، كان ينظر لها بحنان، بحنان الأبوة، أيُّ قلبٍ تحمل، ليتك كنت معي...
- من فعل بكِ هذا؟! حميد؟؟
أطرقت مرةً أخرى ولم تُجب.- لا تخافي يا ابنتي، أخبريني..
لازالت مطرقة، خرجت الكلمات من فمها متكسرة:
- لا....لا أحد.
تنهد الخال وهو يستعيذ من الشيطان:
- كيف لا أحد!! إذن من ورّم لكِ فمك وكسر لكِ يدك، الطبيب يقول أن يدك تحتاج لشهرٍ كامل كي يلتأم الكسر.وبشكلٍ لا شعوري، رفعت بصرها نحو الباب، كان واقفاً يرمقها بتأمل و بريق اهتمام يلمع في عينيه الخضراروين!!!!
حتى الآن لم ينبس ببنت شفه، تغير منذُ آخرِ مرةٍ رأتهُ فيها...
- غدير!!
عادت لتتصفح وجه خالها، عيناه تطالبها بالإجابة لكنها تمتنع...
"إذا أخبرتك، من سيبقى معها في البيت؟! مجيد!! إنه لا يكاد يكون موجوداً هناك، دائماً مع أصدقائه...هم أولاً ونحنُ...أخيراً..".تنهد الخال يائساً منها..
تمتمت في نفسها:
- ما كان عليّ أن آتي، ماذا بمقدوره أن يفعل؟! لو عدتُ للبيت مباشرة لأخذتُ جزائي وانتهى الأمر...يا تُرى كم الساعة الآن؟!
دقّ على ركبتيه ثم أضاف:
- على العموم لقد اتصلتُ بوالدتك لأطمئنها، مسكينة كانت قلقة..
"ولماذا قلت لها، لماذا أخبرتها؟!!"..
- متى سأخرج من هنا؟ سألتهُ بخوف.
- يومان هذا ما قالهُ الطبيب، تحتاجين للتغذية والراحة.
"لن يستطيع أن يؤذيني هنا في المستشفى وأمام الآخرين..هذا مؤكد!!".
ابتعد "عمر" عن الباب بعد أن سمع طرقاً خافتاً، غاص قلبها في أوديةٍ سحيقة، إلى القاع....أتت معه، هذه المرة أنقلبت الآية، تقدمت هي أولاً ثمَّ هو..ألسنا في مستشفى؟!!
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام والرحمة.
"أيُّ سلامٍ يأتي منكما..".
كانت تنظر لها وهي تبكي، دائماً تبكي، يا إلهي ألا تنتهي دموعها أبداً؟!
دلفت لتسلم على "عمر"، صافحها ببرود فلم يكن يعرفها جيداً، يا للعلاقات الأسرية المترابطة!!
أخيراً سمعنا صوته:
- كيف حالك عمتي؟
- بخير يا ابني..
"كم تُثيرين الشفقة" رددت "غدير" في نفسها..
تقدمت من السرير، سلمت على أخيها طويلاً، ثم قبلت "ندى" التي فرحت بعمتها....
كانت تنظرُ لي، أعرفُ ذلك، لكني أشحتُ ببصري للجهة الأخرى، فالتقت عيناي به، بذلك الوحش.
- كيف حالك؟! سألها بصوتٍ خافت كفحيح الأفعى.
"بأفضل حالٍ عندما لا أرى وجهك"..
لم ترد، نظرت إلى خالها وهي تزدرد ريقها، تتوسل إليه بعينيها لعلهُ يفهمها...
"أرجوكم أبعدوه، انظر له كيف يبتسم كالشيطان، سيذبحني..."
- كيف حالك؟خاطبها مرةً أخرى وقد تغيرت نبرة صوته، يبدو أن سكوتها لم يعجبه.
شدّت اللحاف حتى ذقنها، تقدم هو الآخر ليسلم على خالها، ألسنا في مستشفى!!
كان يتقدم وهو ينظر لها لكأنهُ يتوعدها، اقترب أكثر فمسّ حافة السرير، انخلع قلبها....خافت أن ينقض عليها، يضربها، يخلع ذراعها من جديد، الظلال تسقط والعينان تتقدان، تكادان تفلتان من محجريهما، فزّ قلبها، صرخت:- كلااااااااااااااااااا، أبعدوه، خاااااالي...وغرقت في نوبة من الصراخ الهستيري، عيناهُ مخيفتان، وجههُ أسود، كريه كريه كريه..لا بد أنّ الجميع سمع صرختها، أتت الممرضات، لم تنتبه لأحد، كان همها ذلك الواقف أمامها....لاح لها "عمر" يمسكه من يده ويسحبه للخارج، والأخير يسب ويلعن.....لحق الخال بهما، لم تشعر إلا بوخز إبرة في ذراعها وصوت "ندى" يتلو آية "الكرسي" وأمها لا زالت تبكي!!!!

- اسمع يا هذا إن اقتربت من ابنة أختي ستندم..أقسمُ بذلك.نظر لهُ ببرود وبكل جرأة وقال:- ماذا ستفعل؟!هذه المرة تقدم منه "عمر":- سنوصل تقرير الطبيب إلى الشرطة، أتفهم، لقد كشف التقرير عن رضوض في الجسد وكسرٍ في اليد، ويكفي نظرة إلى وجهها ليعرف الجميع أنها كانت تُضرب، أو تعرف ما هي عقوبة ضرب قاصر؟!تغير وجه "حميد" وأطلّ الخوفُ من عينيه، قال بعد تردد:- ومن قال إني ضربتها؟!
- هي..- أنت تكذب، هي لا تجرؤ.
- بلى وجميعنا شهود. قالها بثقة ثم أضاف:- وبإتصالٍ واحد مني ستُلقى في السجن لتتعفن مع الحثالة التي تنتمي إليهم.عادت أوداجه لتنتفخ من جديد، صدره يعلو ويهبط والغضب يحتد بداخله، تنفس بعمق ثم زفر وهو يبتسم بإذلال:- والمطلوب؟!هنا تكلم الخال:- سآخذها معي إلى المنزل لترتاح نفسيتها قليلاً.قاطعه بسرعة: - ولكن أمها...- عمتي يمكنها أن تزورها في البيت متى شاءت..أهلاً وسهلاً بها..نظر إلى "عمر" بكل الحقد والكراهية، ابتسم مرةً أخرى ابتسامةً صفراء وهو يصد للأب:- إنها في بيت خالها..في أيدٍ أمينة..لو سمحت أخبر زوجتي بأن تأتي هنا، لقد تأخرنا...تركاه دون أن يردا عليه، تمتم "عمر":- يا لهُ من حيوان..
- بنت ال...... لن أجعلها ترتاح. ردد "حميد" في نفسه.

انتقلت إلى بيت خالها، رحب بها الجميع، شاطرت "ندى" غرفتها التي تُجاور غرفة أخيها، أما "أبو عمر" فقد كانت غرفته في الصالة، و الطابق العلوي قد أحتله ناصر وزوجته بإعتبار أنّ "وليد" مسافر ليدرس طب ولن يعود الآن.
إذن لم يتغير ترتيب الغرف حتى بعد مرور كل تلك السنين..
- كم أنا سعيدة، بل أكادُ أطير من الفرح، أخيراً وجدتُ من أحادثها في هذا المنزل..يا ربّ سأطير..ضحكت "غدير" من منظر "ندى"، بدت كطفلة وجدت دميتها الضائعة، كانت جميلة، بشرتها صافية بلون القمح، عينيها صغيرتين لكن فاتحتان كالشهد بعكس أخيها ذي العينين الخضراوين...من أين اكتسب هذا اللون!!!
كانت في الثانية والعشرين من عمرها، تكبرها ب4 أعوام ومع ذلك بدت وكأنها أصغر منها، أصغر بكثير، ليس وهي تتحدث وتفكر هكذا كالصغار...لم يطحنك الزمن بعد مثلي يا "ندى"، لم يطحنك بعد....أكملت وهي لا تزال تتحرك كطائر في الغرفة:- صحيح أنّ "شيماء" زوجة ناصر تعيش معنا، لكنها عروس، وأخجل أن أجلس معها..ماتت ضحكة غدير على شفتيها قبل أن تكتمل، لم تصل إلى القلب بعد...قالت لتغير الموضوع:- أين القِبلة، عليَّ أن أقضي صلوات اليومين الماضيين..ابتسمت "ندى" في وجهها وهي تُشير للقِبلة، أحضرت سجادة الصلاة ووشاح..دخلت "غدير" للحمام لتتوضأ، مسحت على جبيرتها وهي تفكر بتردد:أأسألها إذا كان عندهم "تربة".....غبية، بالطبع لا يوجد شئ من هذا القبيل في هذا المنزل، إنهم من المذهب السني مثل أمها، وإلا لما سمّوا ابنهم "عمر"!!!!نظرت غدير إليها بإرتباك:- أيمكن أن تعطيني منديلاً..
- بالطبع.أخرجت "ندى" من حقيبتها واحداً، ثنتهُ "غدير" وشرعت بالصلاة و هي تشعر بنظرات "ندى" الحائرة تخترقها، لكنها ما لبثت أن استغرقت في صلاتها، فعليها الكثير لتقضيه...
دلفت "ندى" إلى حجرة أخيها، كانت لاتزال مصدومة، فتح لها الباب، دخلت على الفور، نظر بإستغراب لمرآها:- ماذا بكِ؟ ماذا تُريدين؟!
- أتُصدق أنّ ابنة عمتي شيعية!!سكت برهة وهو عاقدٌ حاجبيه حتى تلاصقا، لانت ملامحه ثمّ عاد ليكمل ربط حذائه:- وإذن؟!!تطلعت إليه وهي لم تستوعب بعد:- أقول لك أنها شيعية.. ألا يعني لك هذا شئ..أمها سنية من مذهبنا، كيف هي مختلفة؟!!قاطعها وهو يتنهد، كأنهُ ضاق من كثرة الكلام:- والدي أخبرني أنّ والدها كان بحرانياً من المذهب الشيعي لذلك رفضوا زواجها منه في البداية، ويبدو أنها بقيت على مذهبه...أكمل ربط حذائه واستعدَّ للإنصراف، نادته، التفت لها وهو يتأفف:- ماذا أفعل الآن؟!
- تفعلين بماذا؟!!هزت كتفيها وكأنها لا تعرف عمّا تريد أن تسأل.ضمّ ذراعيه إلى صدره وهو يبتسم بسخرية:- يا أختي العزيزة، إنها من مذهب آخر ولكنها مسلمة مثلك، يوجد بيننا وبينهم نقاط اختلاف لكنها لا تضر....تركها، هزت رأسها وهي تتمتم:- ولم أنا قلقة هكذا؟! إنها تبدو طيبة..طيبة جداً، يكفي ما لاقته!!!

أكان من الحكمة أن آتي إلى هنا، أحتمي بجدران هذا المنزل، إلى متى سأهرب منه، سيأتي اليوم الذي أعود فيه إلى هناك، وسينتظرني هذا أمرٌ لا شك فيه.....
شهرٌ كامل مدة بقائي هنا وهي مدة تكفي لأن تزيدهُ سُعاراً، ولكن لمَ أُوجع رأسي، دع الخلق للخالق، لا أدري ربما تحدث أشياء!!
كأن يموت مثلاً!!! دعوني استمتع بالبقاء هنا، إنها نعمة ما بعدها نعمة...جلست على السرير وهي تفكر بأغراضها، ملابسها، وخصوصاً دفترها الأسود، كيف تجلبهم إلى هنا...سمعت دقاً على الباب، اعتدلت في جلستها، كانت "ندى" وكانت تبتسم...ما أجمل ابتسامتها....- لقد وضعوا الغذاء، هيّا..جميعنا بإنتظارك.
- لستُ جائعة.قطبت حاجبيها:- كيف!! الطبيب أوصى بأن تتناولي الوجبات الثلاث بإنتظام.- أيمكن أن أتناول طعامي هنا؟ حقيقةً أنا أخجل من الظهور أمام أخوتك بذراعٍ مُجبّرة.- كلا، والدي أوصاني بأن أسحبكِ معي إلى غرفة الطعام، ثم أخوتي هم أبناء خالك أي بمثابة أخوتك، ليسوا بغرباء..."ما الغريب إلا أنا"..لم تملك أن ترفض، في بيتهم وترفض، هذه قلة ذوق!!!- طيب، ساعديني في إرتداء وشاح الصلاة.دلفتا، كان الجميع متجمع على الطاولة، ألقت السلام عليهم وهي مخفضةً رأسها، لازال الحياء يعقلُ لسانها..
أشارت لها "ندى" لتجلس بجانب والدها، ربما لتؤكد قرابتها منهم، أو لتحسسها بالأمان...بالأمان؟!!نظرت إليه "غدير" كان يتحدث إليهم وهو يضحك، جميعهم يضحكون...اللهم احفظ لهم سعادتهم...لم تشاركهم في الحديث إلا قليلاً، لم تعتد على هذا الجو بعد، اكتفت بتناول بضع لقيمات وهي تعبث بملعقتها بيدها اليسرى، خاصة أنّ "عمر" كان جالساً قُبالتها وكانت عيناها تسقطان عليه سهواً!!!- خالي. نادتهُ بصوتٍ أقرب للهمس.
- نعم يا عيوون خالك.أحمرَّ وجهها، تلعثمت وهي تكمل، فهي لم تعتد على هذا الإطراء والتدليل.- أريدُ أن أجلب بعض حاجياتي من المنزل.- لا بأس، في الغد، في مثل هذا الوقت يناسبني، ما رأيك؟!- كلا "قاطعتهُ فوراً" أقصد لا أستطيع أن أذهب في مثل هذا الوقت لأن..لأن...."لأنه يكون متواجداً في المنزل، لا أريد أن أراه..".- يمكنني أن آخذها في الصباح.كان "عمر" من تكلم، صوبت نظرها تجاهه، أومئ رأسه لها بخفة لكأنهُ فهمها، علم بمخاوفها...
لكن الأدوار ستتغير، أجل لن تلبث إلا أن تتغير!!!!أليس كذلك؟!انتشلها خالها من خواطرها:- وعملك؟
- سأستأذن من المدير، لن يمانع.أكمل الخال تناول طعامه وكأنه أعلن موافقته، أما هي فلم تعلم بما شعرت...فرح، خوف، غموض، يلزمني وقت لأحلل خواطري المجنونة..رددت في نفسها.


جلست هي و"ندى" و "شيماء" يثرثرن في أمورٍ شتى، مضى الوقتُ سريعاً، لا أدري لم ساعات السعادة تبدو دوماً قصيرة لا تكاد تحسُ بها!!تناول الجميع العشاء، لم يكن "عمر" موجوداً....ذهبت غدير وندى لغرفتهما المشتركة، تحدثتا قليلاً وسرعان ما غطت "ندى" في النوم، إذ تنامُ مبكراً استعداداً للذهاب إلى الجامعة، فصل صيفي، فلم يتبق عليها إلا القليل وتتخرج.
سمعت "غدير" باب الغرفة المجاور يُغلق، لا بد أنهُ أتى...فكرت.تقلبت على وسادتها ربما للمرة الخمسين، لم تعتد عليها بعد، بل لم تعتد على المكان برمته، يدها اليمنى تعوقها عن التقلب بحرية على الفراش...
أينما تتلفت تحاصرها القيود، تطوقها وتكبّل حريتها....تطلعت للساعة، كانت الثانية عشر بعد منتصف الليل.- سأذهب لأشاهد التلفاز!!لكنها ترددت:- أألبس وشاح الصلاة؟ من الصعب أن ألفه على جسدي بيدٍ واحدة، ثم من سيخرج في هذا الوقت، الكل نائم والسكون مخيم على المكان..
سحبت خمارها، وأغلقت الباب خلفها بخفوت، توجهت للصالة، قلبت في القنوات، ضغطت على قناة space toon، شاهدت رسوم الكارتون توم & جيري...كم أحبها!!!أندمجت وهي تضحك، يغيظها توم دائماً ينتصر على القط المسكين..
- ألم تنامي بعد؟!التفتت إلى مصدر الصوت، كان هناك واقفاً بفانيلة بيضاء وإزار، وهي جالسة بخمارها وبجامتها فقط!!!تمتمت بكلمات غير مفهومة، لم تعرف بم ترد، ركزت بصرها على شاشة التلفاز و وجهها يحترق، بدا توم و جيري ضبابيين!!
- في أي صفٍ أنتِ؟ أتاها صوته قوياً ورخيماً خرق سكون الليل.
"يا إلهي، لماذا لا زلت واقفاً، أرجوك اذهب، أريد أن أعود لغرفتي..".- لقد أنهيت المدرسة هذا العام.
- ألن تذهبي للجامعة؟- لا أدري.
- ربما نسبتك لا تسمح لكِ بذلك.التفتت له بكبرياء وأنفة:- تخرجتُ بنسبة 92.9 % . قالتها بإنفعال.رفع حاجبيه مستغرباً ردة فعلها الهجومية، سكت برهة يتأملها ثم أردف:- إذن....
- أعتقد أن هذا أمرٌ يخصني.- لم تتكلمين هكذا من طرف أنفك. قالها ببرود.
- لم أطلب منك أن تكلمني.حاولت أن تنهض، لكنها تذكرت أنها تلبس خماراً فقط لا يكاد يستر.فهم حركتها المبتورة لكنهُ لم يتحرك، تنهدت بتأفف:- لا إله إلا الله..
- سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله.- سيدنا محمد صلى الله عليه وآله "وهنا ضغطت على مخارج حروفها" وسلم رسول الله.
ابتسم بتهكم وهو يقطب حاجبيه العريضين، يتلاصقان سريعاً عند المنتصف، غاظتها ابتسامته، ردت بحدة:- إمامكم الشافعي يقول:يا آل بيت رسول الله حبكم فرضٌ من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفخرِ أنهُ من لم يصلِ عليكم لا صلاة له...كشّر في وجهها:- أنا لستُ شافعياً.- لا يهمني ما تكونُ عليه.- أتعرفين أنتِ وقحة. قالها بشراسة.- وأنت قليلُ الأدب.
ارتفع فكه قليلاً ثم أطبقه، كان يريد أن يتكلم أو يتحرك، لا تدري، خافت من منظره..."ما كان عليي أن أشتمه، لكنه هو من شتمني أولاً، لحظة أنا في بيته وليس في منزلنا وهذه نقطة تُحسب له..".كيف اختلفنا هكذا، كان في الصباح لطيفاً....لكنها الأدوار، ألم أقل لكم أنها لا تلبث أن تتغير؟!!!
- تستحقين الضرب فعلاً. قالها من بين أسنانه المطبقة من الغيظ.
حزت في نفسها كلماته، أخترقتها، وصلت إلى القلب فوراً، لم للكلمات أثرٌ مدوي في نفسك، تشطرك شطراً، يظل صداها ممتزجاً مع دمك، لا تنساها أبداً...تظاهرت بأنها لم تسمع، أصبح لون الشاشة أزرق، توقف إرسال قناة "سبيس توون"، غيرت القناة لعلهُ يفهم الإشارة ويذهب...وذهب فعلاً، أما هي فانتظرت دقائق، انتشلت نفسها بصعوبة إلى الغرفة، بكت بصمت ونامت من شدة التعب...







رد مع اقتباس