http://www.u06p.com/up/upfiles/a9L77701.gif

العزيز راشد الصليحاني ..
بداية شكرا لهذه السطور الباكية فما دونته هنا جدير بالقراءة والاهتمام

ولكي لاتكون مداخلتي هي ترميم لحروفك أو نشاز عنها كنت أتمنى منك وأنت تتحدث عن مثل هذا الموضوع ألا يكون التباكي وإدراج الصحوة بهذه الطريقة
السطوة الجبرية على مسألة إغلاق النوافذ بين البيوت هو ظاهرة صحوية - حتى لو ذكرت سيدي الكريم أن ذلك لايلزم في كل الحالات - وليس ذلك تعاطفا مني مع الصحوة بقدر ماهو تعاطف مع الحالة الكونية ورتمها
برأيي المتواضع جدا أن الظاهرة الكونية تتماشى تدريجيا في صيرورتها بمعنى أن القطر الصغير لديه تجاذب وتقارب بشكل أكبر ( اجتماعي / اقتصادي /سياسي .. الخ)
والقطر الأكبر لديه انشطارات داخلية لتتكون داخله مجتمعات صغيرة بدورها هي تكبر كالأحزاب والنقابات والجمعيات الخ

بريدة لم تكن بدعا من منظومة المملكة حيث بدأت تنزاح الخيام المترامية في الصحراء لتشكل بدورها تجمعات صغيرة لقرى لمدن عابرة لزمانها ومكانها منذ عشرات السنين وقد تتجاوز ذلك
هذه العجلة الانسيابية كظاهرة مستمرة ليس هناك من يخالف حولها
العجلة هذه تأتي أحداث معينة تزيد من سرعتها داخل بعض التشكلات فظهور مثلا النفط أحدث نقلة وهزة اجتماعية فالمجتمعات بعد النفط ليست هي المجتمعات ماقبل النفط
حركة التعليم مستقلا أو دعت له حاجة هذه المكتشفات الجديدة أيضا بدوره أحدث نوعا من الحراك

سأنقل لك عدسة الكاميرا لتاريخ أبعد من الصحوة و عام 1400 مع تقريب الزوم لتتضح الرؤية
المجتمع السعودي قبل الحراك الفعلي للنفط في بداية السبعينيات مختلف عن مابعده
كان الحديث عن الزمن الجميل واللقاءات البسيطة والمعيشة في كنف النخيل والزرع و ..
حتى جاء النفط ( لا أتحدث عن بداية اكتشافه بل التصدير الفعلي المؤثر ) ونقل المجتمع نحو العتبات الأخرى
كان المجتمع يتجه نحو الانفتاح وكانت العيون بدأت تنظر لأمريكا وتسمع بها وتتأهب لأن تطأ الأراضي الخضراء في الشمال والغرب ..
كان التعليم أيضا يتحرك ببطأ ويحاول أن ينتشل مجتمعا غاب طويلا في بستانه ووحله
إذًا النفط أوجد مصدرا للدخل غير تقليدي وأزال كثيرا من خشخشة ( المحافر) وتشقق الأيدي ونوعا ما للرفاهية
لاحظ أنني قلت انفتاحا ورفاهية لأصل لنقطة مهمة أن الخطاب الوعظي التقليدي المحلي الديني ( ماقبل الكاسيت )لم يستوعب كثيرا هذا الانفتاح فاتجه لبعض الخطب الحماسية في المساجد والمنابر لطرد ظاهرة التفسخ والانفتاح في المجتمع
هذا الخطاب المتشدد والانفتاح المدعوم نوعا ما من قبل الحكومة أوجد أزمة خطاب في المسار الديني وظهرت بوادر لردات فعل متشددة أنتجت فيما يعرف بعد ذلك بظاهرة ( جهيمان) وحادثة الحرم
بعد هذه الحادثة الشهيرة أدركت السلطة السياسية أمرين في غاية الخطورة
1/ مراعاة الحالة الدينية وعدم مصادمتها جماهيريا حتى لاتخرج حالة (جهيمانية ) أخرى
2/ أن ارتباطها الدولي أصبح حاضرا أكثر وأكبر ويجب أن تكون كذلك دوليا وإقليميا هذا الحضور يستوجب تدخلا خارجيا قد يتعارض مع الحالة الإسلامية المتدينة بالفطرة بالداخل
فبدأت ترعى تحت عينها مشروع الحالة الإسلامية ليكون أكثر حداثية وانفتاحا من السابق أي أنها ابتعدت عن مسألة الإقصاء له فخرجت الصحوة الإسلامية والمراكز والحلقات والتحفيظ وغيرها
ووجدت دعما حكوميا وقناعة شعبية إلا من بعض الأطراف كـ ( الإخوان ) لذا سحبت الصحوة البساط من تحت الحركة التقليدية السابقة وولد في أحضانها شباب يبحث عن التغيير
الصحوة أوجدت نقلة نوعية في بداياتها للشباب من ناحية القراءة والانفتاح على بعض المصادر الإسلامية الأخرى وإن ظلت في بعض حالاتها تأخذ النمطية السائدة
هذه الحالة بدأت تجذب كثيرا من الشباب المتعطش لشيء يضعه على الطريق وكانت الصحوة في ذلك الوقت أي في بداية وأوساط الثمانينات الميلادية هي التي جمعت خصلتين من النادر أن تجتمع
قبول اجتماعي ودعم حكومي
أعود للنقطة السابقة أخي راشد حيث هناك أحداثا تحرك في مسيرة العجلة المتحركة بطبيعتها وفي هذه الحالة الوقتية تعتبر المجتمعات في مجملها تنتقل بكل ثقلها للمجتمعات المدنية
وعادة مايكون الانتقال يدوس على بعض الأشياء الجميلة كالترابط الأسري كالحميمية كالبساطة كخروج الصباح جميلا والشيوخ حاسري رؤوسهم والعجائز يسرحن بالماشية وحديث عن الأحزان والحب ..
لذا اغنم زمانك الآن ..
والذاكرة تفقد ألم الأشياء السيئة وتحتفظ برائحة الأشياء الجميلة ..

سيكون حديثي هنا في يوم ما تافها بسيطا وتقول في نفسك آه ياذيك الأيام كان بلزاك يتفلسف علينا ونظن أنه أحظر الدنيا هنا يالتفاهته وبساطته وحماقته ويمكن جماله ..
متى يعود ذاك الزمن البسيط الجميل :4_1_7v[1]

شكرا راشد