كان جل ما أتمناه , الإمساك بمقص الرنق الذي كان يقص فرحتي بليلة زفافي مثل غالبية الفتيات اللواتي بكين في تلك الليلة ...
ولو كنت أملك من أمري شيئا لجمعت مشاعري المنصهرة بعد أن أصبح زوجي هو كبدي وكيدي ومكابدتي وأرضي وسماواتي ...
ثم سكبت بتلك المشاعر عليك يا مقص الرنق لتنصهر وتسيل حممك بعيداً عن ليلتي حتى لا تفسدها ...
ولم أكن أعلم أن مايكدرني في ليلة زفافي كان خوف طبيعي من أنشقاقي عن أهلي لبناء مستقبلي مع زوجي ..
هو كدر لا يعكر فرحتي عندما قارنته بما أظهرته لي الأيام لاحقاً ...

ثم حفظت المقص في صندوق ظاهره مر وباطنه حلاوة صبر وخبرة حياة وكان هذا الصندوق هدية من والدتي التي ابتاعته من سوق "الأيام لا تبقى على حالها !! "
ثم قالت لي
_ لولا .. كدر العيش لما عرفنا طعم السكر

وظل مُعتقلاً داخل صندوق الأيام حتى حانت لحظة إطلاق سراحه بعد عشر سنوات
وكنت أعتقد أن أسنانه قد تساقطت ولم يعد يقوى على القص ولكن أنوار الحرية التي صارت تنتشر في الصندوق إذاناً بالخروج قد أحيته وهو رميم ..
ثم تبسم في وجهي على الرغم من كوني سجانته
قائلاً
_ بماذا أخدمك يا سيدتي !!

تنهدتُ وقاومتُ دمعتي لا من كبريائي ولكن من صبري وإيماني بأن الله يقلب القلوب كيفما شاء , ثم أخبرته بأني سأجعله من المقربين والشاهدين على حكايتي التي غابت عنه طوال فترة اعتقاله

_ أنا لم أخلق لسماع الحكايات .. وإنما للقص .. آلا تدركين !!
_ وكيف لا أدرك .. وأنا حافظة لكتاب الله عز وجل عاملة ناصحة للناس بما نزل به ... وأعلم أن الكدر من طبيعة الحياة
ولكن ! ...
سأروي حكايتي عليك لعل عيناك اللتان لا تريان إلا طريق فرح الأيام وراحة البال للنيل منهما وقصهما , تتحولان إلى أذنان ثم يحسن إنصاتك فيلين قلبك وتتبدل مهمتك من قص الأفراح إلى قص الأتراح
_ كل خلق لما هو ميسر له ... وأنا خلقت لقص الأفراح وآخر خلق لنيل مني وهكذاً !!
_ لم أعلم أن لك لسان بحُليمات البيان .. وهذا سبب يدفعني للإصرار إلى الاستماع إليك بعد إصغائك لي
_ حسناُُ .. تفضلي فكلي أعينُ صاغية
* *
سئمت تخيل ولوج الصبر في سم الأمل لخياطة أجفان عيني بالليالي إلا أن أنتهي من " كفز " ملابس زوجي المسبلة كما كانت قبل أن يُسبل توجهه عن التطوع إلى العلمانية حاصداً للحيته التي كانت تنقل وسطية تطوعه ونور قلبه فيمتلئ وجه نورا ...
ثم إني لصانعة من فضلات أقمشته حبلاً لشنق " عقاله " الذي يضعه فوق رأسه حماية له من ضربة صحوة !!
وربما بشنق عقاله تموت رواية الشيطان في عقله بعد أن تصيبه ضربة صحوة تُعيد كبدي وكيدي ومكابدتي وارضي وسماواتي إلى قلبي ...
يآآآآآآآه
أتفهمني أيه المقص !!
أريد ذاك الرجل الذي قبلت الزواج به لأن والدي أخبرني عن عقله ثم كانت النظرة الشرعية فلم ألمح منه إلا سواد لحيته التي أصبحت تُدثرني فيما بعد وأنا أستمع إلى أوردة وشرايين قلبه وهي تتبادل نقل الحب مني وإلي ...
حتى توسلت إليه أن يحكم علي بنفي داخل دهاليز قلبه .. لا أسيرة فيه .. وإنما ملكة على عرش قلبه
كما كان يخبرني كلما كفر لحظه عن وجهي
والآن ... نادراً ما يؤمن بي !!

في السابق كان لا يوجد من يزاحمني على عرشي في قلبه والآن .. أصبحت بنات أفكاره الشيطانية هن الجواري الآسرات لتفكيره ليتمكن من مزاحمتي على قلبه
حتى سحابة الحب التي كانت تمطر الكلام العذب على قلبي ..
ساقها إلى مقالاته وروايته بعد أن أفرغ من خلالها أجندة الشيطان ! !
وهنا ابتلعت غصتي أو كنت أظن أني ابتلعتها وأنا أقول لمن اصطفيته صديقاً لي على الرغم من أنه عدو !!
_ أشعر وكأني قد عاشرت زوجين في رجل واحد ...
الأول .. أحببته
والثاني .. لم أكره

وعند هذا الحد وصلت غصتي إلى بياض عيني ففقدت القدرة على لملمت خيوط حكايتي من ذاكرتي الحزينة
فشعر بي مقص الكدر وقص لحظة الصمت التي كانت هي نقطة النهاية لسرد الحكاية
قائلاً ..

_ .. لا تصلي صلاة الغائب على الأول ولا تشنقي الثاني ...واصبري ورفعي يديك بدعاء وتمسكي بما أنت عليه من توجه.. وإني أخاف أن يكون دينك هو دين زوجك كما تقول والدتك " المرة على دين رجله " ....فـــ حذري أن تتنازلي عن فكرك .. لتتزوجي فكر زوجك من أجل استرجاع نفسك في قلبه فقط ....
ويا سيدتي ليس لي على حالك تصريف .. فرديني رداً جميلا إلى معتقلي ... فلولا العشرة بيننا ومعرفتي بخوفك من الله ... لخفت أن تقـُدي قميصي من دبر من شدة فرط قلبك على الأول !!

يا نون النسوة ...
لتعلمن أن قلب الرجل وعقله كالساعة الرملية يتداخل بعضها على بعض ليملئ كل منهما الأخر ..