المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برقع سلوى .......


عقل حر
13-09-06, 04:18 pm
اعجبني هذا المقال لما يحتويه من النقد لبعض الظواهر في المجتمع ومايحتويه من ابراز لمعانات بعض اطيافه

السوق يسخر منا .. و نحن نسخر منه
منا الرابحون .. و منا الخاسرون
و فينا الصادقون .. و فينا المرجفون
و فينا أناس بسطاء أمثال حمود ..


المكان .. مطار الرياض
حمود .. وكيل رقيب في جوازات المطار
حمود يحمل ختم الخروج .. و هو لا يخرج ابدا ..
راحلون يمرون عبر مسافات البسيطة .. و هو راحل عبر مسافات الزمن ..
يطوف بخياله كل العالم .. فكيف لا .. و هو من يحمل ختم الخروج ..
كل يوم يعدل التاريخ .. ليبدأ الخروج من جديد .. و تبدأ رحلة الأفكار ..
أفكار من الدرجة السياحية .. فهو لا يقوى على الدرجة الأولى ..
حتى في أفكارنا تعسر علينا الركوب ..


حمود يفكر في قسط السيارة السوزوكي .. و فواتير الهاتف المحمول الذي اشتراه فقط .. للأطمئنان كل ساعة على العجوز .. فهي تعيش معه في نفس الدار .. يعيش وحيدا مع امه .. المرتب 3000 ريال و الصافي بعد الحسميات 1400 ريال .. و مؤونة البيت كيس رز .. و كرتون دجاج ساديا .. و تمر وقهوة لجيران العجوز في مسيار الضحى ..



في زحمة الأفكار و هواجيس الأقساط و على ايقاع ختم الخروج .. يتوقف الختم فجأة .. أمام المسافرة سلوى تاسي ..
حمود .. أخت سلوى لو سمحتي راجعي التطبيق ..
سلوى ترمي بالبرقع على الطاولة .. و تقول بسرعه ختم الجواز .. ما بقي وقت على اقلاع الرحلة ..
يختم حمود الجواز .. ثم ينادي بصوت مرتفع .. اخت سلوى .. اخت سلوى .. البرقع نسيتيه ..
سلوى تضحك و هي تقول .. احتفظ فيه تذكار .. هذا مثل طوابع البريد .. مالها قيمه بعد الختم ..



حمود قلبه أخضر .. بدأ يتأمل في البرقع .. أثر أحمر الشفاه مازال فيه .. و ريحة العطر سببت له انهيار .. وخصلة شعر لا سوداء و لا شقراء .. بين البين .. و خلت حمود ما هو زين .. و لا هو داري رايح فين ..



حمود يطلب الأذن من رئيسه النقيب .. أبغي أرجع البيت .. احس بتعب .. احس بشئ عجيب .. لا انا طاير في السماء .. و لا الأرض ماسكتني .. قال النقيب بسم الله عليك .. لا يكون مريض يا حمود .. روح يا ولدي و طمنا عليك ..



حمود .. أخذ البرقع معه .. و بدأ يغني في السيارة .. ما هقيت ان البراقع يفتنني ..
و صل البيت و عقله ما هو معه .. حط البرقع في غرفته .. و صار الآدمي مهموم .. و مشتت الذهن .. و ينصرع في اليوم ثلاث مرات .. و كأن معمول له في هذا البرقع عمل .. مسكين يا حمود ..


راح حمود من بكره للعمل .. و عقبته العجوز على الغرفة تنظفها .. لقت البرقع .. و أعجب العجوز .. حردت أم حمود البرقع .. وقصته قطعتين .. و حطت بينهم من خيش كيس الرز .. و سوت من البرقع بيز .. توقى فيه من حرارة الدلة .. و البيز للذي لا يعرفه .. هو قطعة قماش تحمي الجلد من حرارة عروة البراد او الدلة .. و بدت العجوز تقهوي جيرانها بالدلة و بيدها البيز الجديد .. و كان محور الحديث في جلسة الضحى منصب على قطعة البيز و كيف ابدعت ام حمود في خياطته ..


حمود بعد يوم حافل .. يرمي البدلة ام ثلاث شرطان .. و ين برقع سلوى .. جن جنونه .. و راح يسأل امه ..
امه بكل برود .. الله يجزاك خير يا وليدي .. و الله ام محمد و ام مناور مالهم سيرة اليوم غير هذا البيز الي سويته ..
في هذه اللحظة .. و عند عظمة الأم .. تماسك حمود ظاهرا .. و لكنه ينهار داخليا .. طابقا يسقط بعد طابق .. حتى وصل غرفته و اجهش بالبكاء ..
و سوف يبقى البرقع بقايا ذكرى جميلة ..
احترق الطابع .. و بقي الختم يتجدد فيه التاريخ .. يبحث عن طوابع جديدة ..


منقول