فاطمة الوليعي
08-09-06, 06:36 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مقال اعجبني ..للاستاذ عبدالله الناصر ..في الصفحة الاخيرة .. بجريدة الرياض ..
رغبت .. انه اضعه بين ايديكم ..لأعرف رائيكم فيه ..
عبدالله محمد الناصر
رأيت فيما يرى النائم، أن جدي الرابع أو الرابع عشر - لست أدري - زارني، ولست أدري لماذا زارني هذا الجد.. وأنا لم أفكر فيه طرفة عين..؟ المهم أنه سألني عن الأحوال، وعن أيامنا، وزماننا، وكأنه يعقد مقارنة بين حياته التي عاشها، وبين ما يعيشه حفيد أحفاده. قلت له: ياجد حفظك الله وأبقاك، نحن أمة تختلف اختلافاً مطلقاً عن أمتك، وحياتك، ولو اطلعت على حياة اليوم لوليت ذعراً ولأصابك شيء يشبه الجنون، فعقلك لن يطيق ما سوف تبصره عيناك. قال: كيف..؟ قلت: ياجدي لقد استبدلنا الحمار بالسيارة، وناقة بالطيارة، وبيت الشعر بالقصر، والسيف بالصاروخ، والحصان بالدبابة.. وصار أحدنا يتحدث إلى صديقه في الصين وكأنه يتحدث معه في مجلس واحد. وهناك ياجدي أشياء مذهلة يصعب علي أن أتحدث إليك عنها في جلسة واحدة، ولكن بالمختصر المفيد حياتنا تفوق بمراحل ما يتوصل إليه خيال أشد الناس تخيلاً في زمانكم.
قال جدي: بارك الله فيكم وفي أيامكم، وفيما سخرتموه لطاعتكم وخدمتكم.. لاشك أنكم يابني خير منا ألف مرة.. فلولا جهودكم الجبارة، وسهركم الطويل، وبحثكم المتواصل، لما وصلتم إلى صناعة هذه الأمور الخارقة التي تتحدث عنها، فأنتم بذلك خير منا يابني.. لأننا كنا في زماننا بسطاء، وعقولنا بسيطة، ولذلك جاء إنتاجنا بسيطاً.. أما أنتم فبفضل كفاحكم، وجدكم، وتعبكم وما بذلتموه، وتبذلونه من جهود مخلصة، وصلتم الى الذي تصفه لي الآن.. فبارك الله فيكم، وفي هممكم، وفيما تنجزون.
فقلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله» من أين خرج لي هذا الجد..؟ ولماذا هذا الإحراج كله..؟ وأخذ العرق يتصبب مني خجلاً بسبب مديحه وظنه الحسن.
وأردت أن اشرح له الوضع على حقيقته، ولكنه نظر إلي نظرة تشف عن إعجاب، واعتزاز بي، وقال: ما شاء الله أرى كساءك يا بني نظيفاً جداً، وحذاءك براقاً. ثم قال: وما هذا الشيء الذي في معصمك..؟ قلت: ساعة تضبط بها الزمن. قال: ما شاء الله حتى زمنكم تضبطونه فلا تفرطون منه في شيء.
ثم قال ما هذا الشيء المتعلق في جيبك..؟ ومد يده فأخرجه. فقلت: هذا قلم. قال: قلم.. «الله أكبر».. ما أجمل أقلامكم..!! في زمننا كنا نستعمل الريشة، أو نبري عود رمان ونكتب به، ولكن هذا القلم شيء رائع عجيب، ولا شك أنكم بهذا وأمثاله من الأقلام صنعتم المجد الذي تتحدث عنه. ثم وضع يده على غترتي وقال: هذه العمامة رائعة كأنها سحابة بيضاء، وهذا الثوب كذلك رائع، كيف تصنعونها بالله..؟ وهل في مزارعكم قطن بهذه النصاعة والبياض..؟
ثم أعاد نظره في القلم مرة أخرى، وقال: كم هو رائع يا بني..! بهذا القلم أصبحتم سادة العالم.. ونهض جدي وأراد أن يودعني، وسرت معه خطوات إلى الباب، كنت أثناء سيري أشعر بغصة وألم وخجل يوغل في عظامي فكيف لي أن أخدع جدي المسكين الذي جاء لزيارتي ولا أدري هل سوف أراه مرة أخرى أم لا. وشعرت بتأنيب ضمير يلدغ مشاعري، وقبل أن أهم بوادعه قلت: جدي.. فالتفت إليّ بسعادة غامرة.. وقال: نعم يا بني. قلت: لقد زرتني على غرة وعلى غير موعد، وسألتني عن الأحوال فأعطيتك موجزاً، ولم أعطك التفصيل، وكل الذي أخشاه أن تذهب إلى الجماعة هناك وتعطيهم معلومات عنا غير دقيقة.. فقال: ماذا..؟ قلت: نعم.
قال: هل كنت تكذب حين وصفت لي حالتكم، وطريقة حياتكم، ومعاشكم. قلت: كلا.. ولكن هناك شيئاً لم أذكره لأنني أخجل من ذكره. قال: وماذا يا بني قل ولا تخجل. فقلت: كل الأشياء التي ذكرت لك صحيحة ولكنها يا جدي الكريم ليست من صنعنا، ولا من عمل أيدينا، وعقولنا، ولكنها جهود قوم آخرين يصنعون، ويعملون ليل نهار، ينتجون، ويبدعون أما نحن فنشتري، ونستهلك. نعم يا جدي حتى هذه الغترة، وهذا الثوب، وهذا القلم الجميل، وكل ما تراه حولي هو من صنعهم.. أما نحن فكل جهدنا وطاقتنا مبذولة في الاستهلاك والاستعمال، وأننا أمة تأكل وتشرب وتنام وتموت كما تموت الأنعام..! فقال: تموتون كما تموت الأنعام..؟ قلت: نعم ونحن في الغالب لا نموت موتاً عادياً. قال: كيف..؟ قلت: نموت ويموت أطفالنا بالذبح والإبادة. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.. أليس عندكم سيوف ورماح..؟
سخرت من كلام جدي وقلت: سيوف ورماح ماذا يا جدي.. انهم يذبحوننا بآلات تطير في السماء وتزحف في البر وتسبح في البحر.. ترسل علينا حمماً حمراء تحرق الأرض وتهدم البناء، وتذبح الأطفال والنساء، وتشوينا جميعاً شوي الجراد، من دون رحمة. قال: ماذا تفعلون إزاء ذلك يا بني..؟ قلت: لا شيء إلا الاستسلام والبكاء والنحيب. قال: لماذا لا تصنعون مثل سلاحهم، وتتوحدون في وجوههم وتقاتلونهم كما يقاتلونكم..؟
ضحكت وقلت: يا جدي نحن لا نستطيع أن نصنع شيئاً، أما الاتحاد مع بعضنا فهذا مستحيل..!! قال: لماذا..؟ قلت: إنه محرم علينا أن نصنع، ومحرم علينا أن نتحد.. بل محرم علينا أن نحتج، أو أن نغضب.. بل أن نتكلم.
بكى جدي ثم التفت إليّ غاضباً محتداً وقال:
وما السبب..؟ قلت: لا أدري، ولكن بعضهم يقول: المؤامرات، وبعضهم يقول انها الأفكار الصفراء، وبعضهم يقول الثروات الصفراء والسوداء، وبعضهم يقول السياسة السوداء.. المهم يا جدي وأكون صادقاً معك أننا أحفادكم ضعفاء معذبون في الأرض، لا نملك إلا الأكل والشرب، والموت.
نظر جدي إليّ وقد فغر فاه وبرزت عيناه وقال: قبّحك الله من ولد، وقبحكم الله من أمة.. وصفر الله وجوهكم وسودها.. ليتني لم أرك، ولم أسمع منك.. فوالله إن ما سمعته سيجعلني أخجل من أصحاب القبور..!! فقلت: الذنب ذنبك أيها الجد العتيد، فما الذي دعاك إلى زيارة أبنائك الضائعين النائمين في هذا الوقت السيئ الصعب بالذات ومن غير موعد مسبق..؟!.
مارأيكم ..
لا انكر انني ضحكت عندما قرأته ..
لما يحمل من طرافه .. ولكن بعدها تألمت ..وتساءلت بمراره ..
متى تنهض امتنا وتعيد مجدنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ( مجرد سؤال )
تحياتي للجميع ..
هذا مقال اعجبني ..للاستاذ عبدالله الناصر ..في الصفحة الاخيرة .. بجريدة الرياض ..
رغبت .. انه اضعه بين ايديكم ..لأعرف رائيكم فيه ..
عبدالله محمد الناصر
رأيت فيما يرى النائم، أن جدي الرابع أو الرابع عشر - لست أدري - زارني، ولست أدري لماذا زارني هذا الجد.. وأنا لم أفكر فيه طرفة عين..؟ المهم أنه سألني عن الأحوال، وعن أيامنا، وزماننا، وكأنه يعقد مقارنة بين حياته التي عاشها، وبين ما يعيشه حفيد أحفاده. قلت له: ياجد حفظك الله وأبقاك، نحن أمة تختلف اختلافاً مطلقاً عن أمتك، وحياتك، ولو اطلعت على حياة اليوم لوليت ذعراً ولأصابك شيء يشبه الجنون، فعقلك لن يطيق ما سوف تبصره عيناك. قال: كيف..؟ قلت: ياجدي لقد استبدلنا الحمار بالسيارة، وناقة بالطيارة، وبيت الشعر بالقصر، والسيف بالصاروخ، والحصان بالدبابة.. وصار أحدنا يتحدث إلى صديقه في الصين وكأنه يتحدث معه في مجلس واحد. وهناك ياجدي أشياء مذهلة يصعب علي أن أتحدث إليك عنها في جلسة واحدة، ولكن بالمختصر المفيد حياتنا تفوق بمراحل ما يتوصل إليه خيال أشد الناس تخيلاً في زمانكم.
قال جدي: بارك الله فيكم وفي أيامكم، وفيما سخرتموه لطاعتكم وخدمتكم.. لاشك أنكم يابني خير منا ألف مرة.. فلولا جهودكم الجبارة، وسهركم الطويل، وبحثكم المتواصل، لما وصلتم إلى صناعة هذه الأمور الخارقة التي تتحدث عنها، فأنتم بذلك خير منا يابني.. لأننا كنا في زماننا بسطاء، وعقولنا بسيطة، ولذلك جاء إنتاجنا بسيطاً.. أما أنتم فبفضل كفاحكم، وجدكم، وتعبكم وما بذلتموه، وتبذلونه من جهود مخلصة، وصلتم الى الذي تصفه لي الآن.. فبارك الله فيكم، وفي هممكم، وفيما تنجزون.
فقلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله» من أين خرج لي هذا الجد..؟ ولماذا هذا الإحراج كله..؟ وأخذ العرق يتصبب مني خجلاً بسبب مديحه وظنه الحسن.
وأردت أن اشرح له الوضع على حقيقته، ولكنه نظر إلي نظرة تشف عن إعجاب، واعتزاز بي، وقال: ما شاء الله أرى كساءك يا بني نظيفاً جداً، وحذاءك براقاً. ثم قال: وما هذا الشيء الذي في معصمك..؟ قلت: ساعة تضبط بها الزمن. قال: ما شاء الله حتى زمنكم تضبطونه فلا تفرطون منه في شيء.
ثم قال ما هذا الشيء المتعلق في جيبك..؟ ومد يده فأخرجه. فقلت: هذا قلم. قال: قلم.. «الله أكبر».. ما أجمل أقلامكم..!! في زمننا كنا نستعمل الريشة، أو نبري عود رمان ونكتب به، ولكن هذا القلم شيء رائع عجيب، ولا شك أنكم بهذا وأمثاله من الأقلام صنعتم المجد الذي تتحدث عنه. ثم وضع يده على غترتي وقال: هذه العمامة رائعة كأنها سحابة بيضاء، وهذا الثوب كذلك رائع، كيف تصنعونها بالله..؟ وهل في مزارعكم قطن بهذه النصاعة والبياض..؟
ثم أعاد نظره في القلم مرة أخرى، وقال: كم هو رائع يا بني..! بهذا القلم أصبحتم سادة العالم.. ونهض جدي وأراد أن يودعني، وسرت معه خطوات إلى الباب، كنت أثناء سيري أشعر بغصة وألم وخجل يوغل في عظامي فكيف لي أن أخدع جدي المسكين الذي جاء لزيارتي ولا أدري هل سوف أراه مرة أخرى أم لا. وشعرت بتأنيب ضمير يلدغ مشاعري، وقبل أن أهم بوادعه قلت: جدي.. فالتفت إليّ بسعادة غامرة.. وقال: نعم يا بني. قلت: لقد زرتني على غرة وعلى غير موعد، وسألتني عن الأحوال فأعطيتك موجزاً، ولم أعطك التفصيل، وكل الذي أخشاه أن تذهب إلى الجماعة هناك وتعطيهم معلومات عنا غير دقيقة.. فقال: ماذا..؟ قلت: نعم.
قال: هل كنت تكذب حين وصفت لي حالتكم، وطريقة حياتكم، ومعاشكم. قلت: كلا.. ولكن هناك شيئاً لم أذكره لأنني أخجل من ذكره. قال: وماذا يا بني قل ولا تخجل. فقلت: كل الأشياء التي ذكرت لك صحيحة ولكنها يا جدي الكريم ليست من صنعنا، ولا من عمل أيدينا، وعقولنا، ولكنها جهود قوم آخرين يصنعون، ويعملون ليل نهار، ينتجون، ويبدعون أما نحن فنشتري، ونستهلك. نعم يا جدي حتى هذه الغترة، وهذا الثوب، وهذا القلم الجميل، وكل ما تراه حولي هو من صنعهم.. أما نحن فكل جهدنا وطاقتنا مبذولة في الاستهلاك والاستعمال، وأننا أمة تأكل وتشرب وتنام وتموت كما تموت الأنعام..! فقال: تموتون كما تموت الأنعام..؟ قلت: نعم ونحن في الغالب لا نموت موتاً عادياً. قال: كيف..؟ قلت: نموت ويموت أطفالنا بالذبح والإبادة. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.. أليس عندكم سيوف ورماح..؟
سخرت من كلام جدي وقلت: سيوف ورماح ماذا يا جدي.. انهم يذبحوننا بآلات تطير في السماء وتزحف في البر وتسبح في البحر.. ترسل علينا حمماً حمراء تحرق الأرض وتهدم البناء، وتذبح الأطفال والنساء، وتشوينا جميعاً شوي الجراد، من دون رحمة. قال: ماذا تفعلون إزاء ذلك يا بني..؟ قلت: لا شيء إلا الاستسلام والبكاء والنحيب. قال: لماذا لا تصنعون مثل سلاحهم، وتتوحدون في وجوههم وتقاتلونهم كما يقاتلونكم..؟
ضحكت وقلت: يا جدي نحن لا نستطيع أن نصنع شيئاً، أما الاتحاد مع بعضنا فهذا مستحيل..!! قال: لماذا..؟ قلت: إنه محرم علينا أن نصنع، ومحرم علينا أن نتحد.. بل محرم علينا أن نحتج، أو أن نغضب.. بل أن نتكلم.
بكى جدي ثم التفت إليّ غاضباً محتداً وقال:
وما السبب..؟ قلت: لا أدري، ولكن بعضهم يقول: المؤامرات، وبعضهم يقول انها الأفكار الصفراء، وبعضهم يقول الثروات الصفراء والسوداء، وبعضهم يقول السياسة السوداء.. المهم يا جدي وأكون صادقاً معك أننا أحفادكم ضعفاء معذبون في الأرض، لا نملك إلا الأكل والشرب، والموت.
نظر جدي إليّ وقد فغر فاه وبرزت عيناه وقال: قبّحك الله من ولد، وقبحكم الله من أمة.. وصفر الله وجوهكم وسودها.. ليتني لم أرك، ولم أسمع منك.. فوالله إن ما سمعته سيجعلني أخجل من أصحاب القبور..!! فقلت: الذنب ذنبك أيها الجد العتيد، فما الذي دعاك إلى زيارة أبنائك الضائعين النائمين في هذا الوقت السيئ الصعب بالذات ومن غير موعد مسبق..؟!.
مارأيكم ..
لا انكر انني ضحكت عندما قرأته ..
لما يحمل من طرافه .. ولكن بعدها تألمت ..وتساءلت بمراره ..
متى تنهض امتنا وتعيد مجدنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ( مجرد سؤال )
تحياتي للجميع ..