حنيش الملز
02-08-06, 03:41 am
عبد الله عبد الجبار.. والبدايه ورواية ( أمي :) )
*رجل من عصر الأحلام الكبرى
يعد الكاتب والأديب والمفكر عبد الله عبد الجبار أحد الرموز الثقافية والتنويرية على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان فى المملكة العربية السعودية، وهو أحد كبار الرواد فى المجال التربوي والفكري السعودي.
واعترافاً منها بدور الرجل فى خدمة الفكر والتعليم والثقافة، قامت وزارة التربية والتعليم فى المملكة بإصدار كتاب يقع فى نحو 200 صفحة من القطع المتوسط حول "عبد الله عبد الجبار المربي والمفكر والأديب والناقد" وضم الكتاب مقالات لكبار المثقفين السعوديين وعدد من المثقفين العرب بالإضافة إلى بعض المعلومات الخاصة بهذا الأديب والكاتب الكبير ونماذج من آرائه النقدية ومقالاته التربوية فضلاً عن بعض ما كتب فيه من قصائد مدح.
يبدأ الكتاب بعدد من المقدمات، للتعريف بالمكرم، منها مقدمة هي أقرب للسيرة الذاتية المختصرة، ثم كلمة للإدارة العامة للتربية والتعليم بمكة المكرمة، ثم ثلاث مقدمات متتالية لكل من الأساتذة: أحمد زكي يماني، وعبد الوهاب عبد الواسع، وحمزة إبراهيم فودة، وطبقاً للتبويب الداخلي للكتاب فيبدو لنا أنه كان من الأفضل إدخال المقدمات الثلاث المشار إليها فى أي من الفصول الخاصة بشهادات المثقفين حول دور الرجل.
بعد فصل المقدمات تأتى ثمانية فصول، أولها: إطلالة على سيرته ودوره الريادي ثم: "ملامح من المنهج الثقافي لشيخ النقاد"، ثم: "شهادات وقراءات بأقلام زملائه وأصدقائه وعارفيه"، ثم "شهادات وقرارات بأقلام تلاميذه ومريديه ومحبيه"، ثم "قالوا عن عبدالله عبدالجبار" وهذا الفصل يشمل شهادات لمثقفين سعوديين وعرب من غير الفئتين السابقتين فى الفصلين السابقين، ثم: "نافذة الشعر" وهو فصل خاص بالقصائد المهداة إلى الأستاذ عبد الله عبد الجبار، ثم: "أوراق من تجليات صوته وقلمه "وهو فصل خاص يتضمن حوارات وندوات ومقالات للأديب الكبير، ثم يأتي الفصل الأخير، وهو عبارة عن سجل لبعض الصور التاريخية الخاصة بالأستاذ عبد الجبار مع أصحاب السمو والمعالي وآراء وصور تذكارية أخرى.
ويشتمل الكتـــاب فى نهــايته على فهرس توثيق لمصادر الكتاب من اتصالات ومقابلات وكتب ومطبوعات وملفات صحفية خاصة ومقالات وموضوعات بعدد من الصحف السعودية .
المولد والدراسة /
ولد الأستاذ عبدالله بن أحمد بن عبدالجبار فى منـــزل أســـرته "آل عبدالجبار" المكية المعروفة بحي "سوق الليل" المجاور للمسجد الحرام و"شعب علي: شعب بنى هاشم" عام 1336هـ الموافق عام 1918م، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وحفظ بعض سور القرآن الكريم وبعض مبادئ الحساب قبل سن المدرسة فى كتاب الفقيهة: "جواهر بنت عبدالهادى الفقيه".
وفى المدرسة الفخرية بدأ الأستاذ عبدالجبار تلقي أول دروسه المدرسية التحضيرية، ثم التحق بمدرسة الفلاح المكية الشهيرة والتي كانت قـــد تأســـست فى العام 1330هــ، أى قبل ميــلاد أديبنـــا بنحــو 6 ســنوات هجرية، وفيها أتم تعليــمه الابتــدائي والثــــــانوي، ثم انضــم إلى عقد طــلاب البعثـــة السعـــودية الثانية بمصـــر دارسـاً فى كلية دار العلـــوم "جامعــة فـــؤاد الأول "القاهرة" حالياً" عام 1355هــ، وحصل منـــها على شــــهادة الليســــانس في اللغــة العربية والدراسـات الإسـلامية عام 1359هــ الموافـــق عام 1940م. وكان من بين زملاء دفعته الأساتذة : إبراهيم السويل وزير الخارجية الأسبق رحـمه الله، والســفير حسين فطاني ، والأدباء عبد الله عريف وأحمد عبدالغفـور العطار، وحــمد الجاسر ، وعبدالله الخيال ، وعبدالله الملحوق .
بعد التخرج /
فى أعقاب تخرج الأستاذ عبد الله عبد الجبار من كلية دار العلوم بالقاهرة، وعودته إلى مكة المكرمة، عمل مدرساً بالمعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات بمكة، ثم صار مديراً للمعهد عام 1366هــ، فمديراً للبعثات السعودية بمصر عام 1369هــ، كما عمل أستاذاً بمعهد الدراسات العربية العالية في جامعة الدول العربية بالقاهرة.
ترك عبدالله عبدالجبار العمل الوظيفي بعد ذلك لمدة طويلة واشتغل بالأدب والنقد والبحث والتأليف والكتابة للصحف حتى توجه إلى بريطانيا عام 1389هــ وتولى تأسيس وإدارة أول مدرسة عربية تابعة للسفارة السعودية بلندن، ثم بعد ذلك بفترة (عام 1398هـ) تم تعيينه مستشاراً بجامعة الملك عبد العزيز فمستشاراً ثقافياً لتهامة، ثم آثر التفرغ للفكر والأدب، وأقام فترة فى القاهرة وكان منزله مقصداً للمثقفين والأدباء السعوديين والمصريين والعرب.
شيخ النقاد /
اشتهر الأستاذ عبدالله عبدالجبار بين المثقفين والأدباء السعوديين بشيخ النقاد، وله مؤلفات مهمة تعد من قبيل المراجع الكبرى فى النقد والأدب داخل السعودية، منها "قصة الأدب فى الحجاز فى العصر الجاهلى" وهو مؤلف مشترك مع الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، وصدر فى القاهرة عام 1958م. وفى العام التالي مباشرة 1959م أصدر الأستاذ عبدالجبار أهم كتبه النقدية "التيارات الأدبية الحديثة فى قلب الجزيرة العربية" وهو عبارة عن محاضرات ألقاها على طلاب قسم الدراسات الأدبية واللغــوية بمعهـــد الدراســـات العربية العالية بجامعة الدول العربيـــة.
لكنه قبل أن يكون ناقداً ومفكراً ، فهو أديب شامل كتب الشعر والقصة والرواية والمسرحية وقد نشر في العام 1953 بمصر أول عمل أدبي له، وهو رواية "أمي" تلاها نشر تمثيلية إذاعية في العام 1954م عنوانها "العم سحتوت" وقد نشرت بالقـــاهرة ، ثم مسرحيـــة "الشيـاطين الخرس" التي أصدرتها رابطة الأدب الحـديث بمصـــر أيضاً ويعد كتابه "الغزو الفكري في العالم العربي" آخر الكتب التي أصدرها، وأوفرها حظاً من حيث التداول، حيث طبع ثلاث طبعات أولها كان في العام 1394هـ 1974م.
ولأديبنا الكبير مقالات نقدية مهمة في عدد كبير من الصحف والمجلات، منها مجلات المنهل، والحج ، والرسالة، والمصور "المصرية" وصحف: الرياض وعكاظ، والندوة، واليمامة، وغيرها.
رائد تربوي /
ومن نافلة القول أن نشير إلى أن الأستاذ عبدالله عبدالجبار يعد أهم الرواد التربويين المرموقين في المملكة العربية السعودية، وكان واحداً من العشرة الأوائل من حملة الشهادات الجامعية في المملكة، وهو من أبرز التربويين الذين شاركوا في التعليم المدرسي الثانوي الحديث منذ نشأته في المملكة، فنهض بتدريس اللغة العربية وآدابها، والتربية وعلم النفس، كما درس مــادة التفسيـر في المعهدين: "المعهد العلمي السعودي" ومدرسة تحضير البعثات، كما تولى إدارة مدرسة المعلمـين الليليـــة بمكـــة المكرمة ، وكان ذلك في العام 1368هـ.
وقد نجح في تأسيس بعض الأساليب التربوية في التعليم السعودي، ومن ذلك مثلاً أنه أدخل - لأول مرة - طريقة تدريس المحفوظـــات بأسلوب "المحـــو والإثبـــات"، كما سلك أحـدث أساليب التحليــــل الأدبي وتذوق النصوص الأدبية في تدريسه لمادة الأدب بالمعهدين سالفي الذكر، وأشرف على إقامة ندوة المسامرات الأدبية الشهيرة التي كانت واجهة طيبة للنشاط الثقافي والأدبي لطلاب المعهدين، وكانت هذه الندوة منصة انطلاق لعدد كبير من الأصوات الأدبية والثقافية في المملكة .
*بقلم: د. محمد أبو بكر حميد
يوليو 2005م ـ مجلة " أهلا وسهلا ".
*رجل من عصر الأحلام الكبرى
يعد الكاتب والأديب والمفكر عبد الله عبد الجبار أحد الرموز الثقافية والتنويرية على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان فى المملكة العربية السعودية، وهو أحد كبار الرواد فى المجال التربوي والفكري السعودي.
واعترافاً منها بدور الرجل فى خدمة الفكر والتعليم والثقافة، قامت وزارة التربية والتعليم فى المملكة بإصدار كتاب يقع فى نحو 200 صفحة من القطع المتوسط حول "عبد الله عبد الجبار المربي والمفكر والأديب والناقد" وضم الكتاب مقالات لكبار المثقفين السعوديين وعدد من المثقفين العرب بالإضافة إلى بعض المعلومات الخاصة بهذا الأديب والكاتب الكبير ونماذج من آرائه النقدية ومقالاته التربوية فضلاً عن بعض ما كتب فيه من قصائد مدح.
يبدأ الكتاب بعدد من المقدمات، للتعريف بالمكرم، منها مقدمة هي أقرب للسيرة الذاتية المختصرة، ثم كلمة للإدارة العامة للتربية والتعليم بمكة المكرمة، ثم ثلاث مقدمات متتالية لكل من الأساتذة: أحمد زكي يماني، وعبد الوهاب عبد الواسع، وحمزة إبراهيم فودة، وطبقاً للتبويب الداخلي للكتاب فيبدو لنا أنه كان من الأفضل إدخال المقدمات الثلاث المشار إليها فى أي من الفصول الخاصة بشهادات المثقفين حول دور الرجل.
بعد فصل المقدمات تأتى ثمانية فصول، أولها: إطلالة على سيرته ودوره الريادي ثم: "ملامح من المنهج الثقافي لشيخ النقاد"، ثم: "شهادات وقراءات بأقلام زملائه وأصدقائه وعارفيه"، ثم "شهادات وقرارات بأقلام تلاميذه ومريديه ومحبيه"، ثم "قالوا عن عبدالله عبدالجبار" وهذا الفصل يشمل شهادات لمثقفين سعوديين وعرب من غير الفئتين السابقتين فى الفصلين السابقين، ثم: "نافذة الشعر" وهو فصل خاص بالقصائد المهداة إلى الأستاذ عبد الله عبد الجبار، ثم: "أوراق من تجليات صوته وقلمه "وهو فصل خاص يتضمن حوارات وندوات ومقالات للأديب الكبير، ثم يأتي الفصل الأخير، وهو عبارة عن سجل لبعض الصور التاريخية الخاصة بالأستاذ عبد الجبار مع أصحاب السمو والمعالي وآراء وصور تذكارية أخرى.
ويشتمل الكتـــاب فى نهــايته على فهرس توثيق لمصادر الكتاب من اتصالات ومقابلات وكتب ومطبوعات وملفات صحفية خاصة ومقالات وموضوعات بعدد من الصحف السعودية .
المولد والدراسة /
ولد الأستاذ عبدالله بن أحمد بن عبدالجبار فى منـــزل أســـرته "آل عبدالجبار" المكية المعروفة بحي "سوق الليل" المجاور للمسجد الحرام و"شعب علي: شعب بنى هاشم" عام 1336هـ الموافق عام 1918م، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وحفظ بعض سور القرآن الكريم وبعض مبادئ الحساب قبل سن المدرسة فى كتاب الفقيهة: "جواهر بنت عبدالهادى الفقيه".
وفى المدرسة الفخرية بدأ الأستاذ عبدالجبار تلقي أول دروسه المدرسية التحضيرية، ثم التحق بمدرسة الفلاح المكية الشهيرة والتي كانت قـــد تأســـست فى العام 1330هــ، أى قبل ميــلاد أديبنـــا بنحــو 6 ســنوات هجرية، وفيها أتم تعليــمه الابتــدائي والثــــــانوي، ثم انضــم إلى عقد طــلاب البعثـــة السعـــودية الثانية بمصـــر دارسـاً فى كلية دار العلـــوم "جامعــة فـــؤاد الأول "القاهرة" حالياً" عام 1355هــ، وحصل منـــها على شــــهادة الليســــانس في اللغــة العربية والدراسـات الإسـلامية عام 1359هــ الموافـــق عام 1940م. وكان من بين زملاء دفعته الأساتذة : إبراهيم السويل وزير الخارجية الأسبق رحـمه الله، والســفير حسين فطاني ، والأدباء عبد الله عريف وأحمد عبدالغفـور العطار، وحــمد الجاسر ، وعبدالله الخيال ، وعبدالله الملحوق .
بعد التخرج /
فى أعقاب تخرج الأستاذ عبد الله عبد الجبار من كلية دار العلوم بالقاهرة، وعودته إلى مكة المكرمة، عمل مدرساً بالمعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات بمكة، ثم صار مديراً للمعهد عام 1366هــ، فمديراً للبعثات السعودية بمصر عام 1369هــ، كما عمل أستاذاً بمعهد الدراسات العربية العالية في جامعة الدول العربية بالقاهرة.
ترك عبدالله عبدالجبار العمل الوظيفي بعد ذلك لمدة طويلة واشتغل بالأدب والنقد والبحث والتأليف والكتابة للصحف حتى توجه إلى بريطانيا عام 1389هــ وتولى تأسيس وإدارة أول مدرسة عربية تابعة للسفارة السعودية بلندن، ثم بعد ذلك بفترة (عام 1398هـ) تم تعيينه مستشاراً بجامعة الملك عبد العزيز فمستشاراً ثقافياً لتهامة، ثم آثر التفرغ للفكر والأدب، وأقام فترة فى القاهرة وكان منزله مقصداً للمثقفين والأدباء السعوديين والمصريين والعرب.
شيخ النقاد /
اشتهر الأستاذ عبدالله عبدالجبار بين المثقفين والأدباء السعوديين بشيخ النقاد، وله مؤلفات مهمة تعد من قبيل المراجع الكبرى فى النقد والأدب داخل السعودية، منها "قصة الأدب فى الحجاز فى العصر الجاهلى" وهو مؤلف مشترك مع الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، وصدر فى القاهرة عام 1958م. وفى العام التالي مباشرة 1959م أصدر الأستاذ عبدالجبار أهم كتبه النقدية "التيارات الأدبية الحديثة فى قلب الجزيرة العربية" وهو عبارة عن محاضرات ألقاها على طلاب قسم الدراسات الأدبية واللغــوية بمعهـــد الدراســـات العربية العالية بجامعة الدول العربيـــة.
لكنه قبل أن يكون ناقداً ومفكراً ، فهو أديب شامل كتب الشعر والقصة والرواية والمسرحية وقد نشر في العام 1953 بمصر أول عمل أدبي له، وهو رواية "أمي" تلاها نشر تمثيلية إذاعية في العام 1954م عنوانها "العم سحتوت" وقد نشرت بالقـــاهرة ، ثم مسرحيـــة "الشيـاطين الخرس" التي أصدرتها رابطة الأدب الحـديث بمصـــر أيضاً ويعد كتابه "الغزو الفكري في العالم العربي" آخر الكتب التي أصدرها، وأوفرها حظاً من حيث التداول، حيث طبع ثلاث طبعات أولها كان في العام 1394هـ 1974م.
ولأديبنا الكبير مقالات نقدية مهمة في عدد كبير من الصحف والمجلات، منها مجلات المنهل، والحج ، والرسالة، والمصور "المصرية" وصحف: الرياض وعكاظ، والندوة، واليمامة، وغيرها.
رائد تربوي /
ومن نافلة القول أن نشير إلى أن الأستاذ عبدالله عبدالجبار يعد أهم الرواد التربويين المرموقين في المملكة العربية السعودية، وكان واحداً من العشرة الأوائل من حملة الشهادات الجامعية في المملكة، وهو من أبرز التربويين الذين شاركوا في التعليم المدرسي الثانوي الحديث منذ نشأته في المملكة، فنهض بتدريس اللغة العربية وآدابها، والتربية وعلم النفس، كما درس مــادة التفسيـر في المعهدين: "المعهد العلمي السعودي" ومدرسة تحضير البعثات، كما تولى إدارة مدرسة المعلمـين الليليـــة بمكـــة المكرمة ، وكان ذلك في العام 1368هـ.
وقد نجح في تأسيس بعض الأساليب التربوية في التعليم السعودي، ومن ذلك مثلاً أنه أدخل - لأول مرة - طريقة تدريس المحفوظـــات بأسلوب "المحـــو والإثبـــات"، كما سلك أحـدث أساليب التحليــــل الأدبي وتذوق النصوص الأدبية في تدريسه لمادة الأدب بالمعهدين سالفي الذكر، وأشرف على إقامة ندوة المسامرات الأدبية الشهيرة التي كانت واجهة طيبة للنشاط الثقافي والأدبي لطلاب المعهدين، وكانت هذه الندوة منصة انطلاق لعدد كبير من الأصوات الأدبية والثقافية في المملكة .
*بقلم: د. محمد أبو بكر حميد
يوليو 2005م ـ مجلة " أهلا وسهلا ".