حنيش الملز
18-07-06, 02:57 pm
/
/
/
/
/
وصفي خوشمان
عمان- تسعى عائلة ذياب الفلسطينية إلى رد جميل عمره 68 عاما إلى عائلة الشريدة الأردنية، من خلال "شكر بأثر رجعي"، على إنقاذ أحد أبنائها من حبل المشنقة الإنجليزية التي التفت حول أعناق الثوار العرب في أعقاب ثورة العام 1936.
وسنحت الظروف لأبناء العائلة الفلسطينية المقيمة في قرية تمرة من أعمال عكا، لتشكيل وفد من 23 وجيها، ليؤموا ديوان عائلة الشريدة في بلدة دير أبي سعيد في محافظة اربد، شكرا وعرفانا لجهود المرحوم الشيخ كليب الشريدة في التوسط لإنقاذ مدحت حسين ذياب من حكم الإعدام.
يروي عدنان مدحت ذياب "في 13 أيار (مايو) العام 1938، طوّق الجيش الإنجليزي قرية تمرة، بهدف اعتقال مناضل كبير من بلدة يعبد في قضاء جنين يدعى الشيخ عارف، وباشر الجنود الإنجليز بتفتيش القرية، والقبض على كل من يمتلك سلاحا".
ويتابع "كان لدى والدي، الذي كان عمره آنذاك 32 سنة، بندقية وبضع رصاصات مدفونة في حقل مجاور. وبينما كان يحاول إخراج الرصاصات، فاجأه الجنود وألقوا القبض عليه، دون أن يكتشفوا حيازته بندقية أو رصاصات".
"حاول والدي، خلال احتجازه في ساحة القرية، دفن ما بحوزته من رصاصات، إلا أن صوتها كشف سره، واقتيد إلى محكمة عسكرية، سرعان ما حكمت عليه بالإعدام"، يضيف عدنان.
يقول إن الذهول سيطر على أهالي القرية نتيجة هذا الحكم الجائر، وجلسوا يتدارسون الوضع في منزل أحدهم، فما كان من أحدهم أن قال إن الجلوس لا يفيد، ونبه إلى العلاقة التي تربط الشيخ جاد مصطفى ذياب، وهو عم لمدحت المحكوم بالإعدام، بالشيخ كليب الشريدة، أحد وجهاء منطقة اربد، والمقرب من أمير شرق الأردن عبدالله الأول بن الحسين.
"وعلى الفور، استقل وفد برئاسة الشيخ جاد السيارة، وتوجهوا إلى دير أبي سعيد، ليصلوا إليها خلال ساعة ونصف"، يتابع عدنان.
شرح الرجال مطلبهم للشيخ كليب، الذي اصطحبهم من فوره إلى الديوان الأميري في عمان، ليقدموا مناشدتهم بإطلاق سراح ابنهم إلى الأمير (الملك فيما بعد) عبد الله، الذي كانت تخضع بلاده، كما فلسطين، للانتداب البريطاني.
لحظة دخول الأمير عبد الله القاعة، قدم الشيخ كليب صديقه الشيخ جاد إلى الأمير بقوله "هذا أخوي يا سمو الأمير"، فرد عليه الأمير "لا أعلم لك أخوة يا شيخ كليب؟"، فأجابه الشيخ كليب "هذا أخوي من الديرة الغربية- يقصد فلسطين، وعنده مناشدة وطلب عندك يا سمو الأمير"، كما يقص عدنان.
وعد الأمير عبدالله بإطلاق سراح مدحت ذياب، كون التهمة ليست ثابتة عليه بشكل تام، لكنه لم يعد بإطلاق رجل آخر اسمه محمد محمود أحمد من قرية كفر مندا قضاء الناصرة الذي قبض عليه الجنود البريطانيين، والبندقية مخبأة تحت فراشه، لكنه وعد بالمحاولة.
كتب الأمير خطابا إلى المندوب السامي في فلسطين، شرح فيه ملابسات اعتقال الرجلين وظروفهما، طالبا تخفيف العقوبة بحقهما.
وفعلا.. خففت المحكمة العسكرية البريطانية حكم الإعدام عن مدحت إلى السجن المؤبد، ليطلق سراحه بعد نحو عامين، في حين نفذت حكم الإعدام في الرجل الآخر.
لم يتسن لمدحت شكر الشيخ كليب على إنقاذ حياته، وتوالت الأحداث في المنطقة، من الحرب العالمية الثانية إلى هجمات عصابات الصهاينة، وصولا إلى احتلال فلسطين في العام 1948 وتهجير العائلة إلى لبنان.
وبقي الجميل في عنق مدحت، الذي قص الحكاية على ابنه عدنان في العام 1972 وأطلعه على الرسالة الأميرية إلى المندوب السامي، ليرث عدنان الأمانة عن والده بعد وفاته، ويتتبع أخبار عائلة الشريدة.
نهاية الأسبوع الماضي، عبر رجال الوفد الـ23 النهر المقدس إلى الضفة الشرقية، وقدموا شكرا وعرفانا إلى أبناء وأحفاد الشيخ كليب الشريدة.
وتعود العلاقة بين عائلتي الشريدة وذياب إلى منتصف القرن التاسع عشر. يروي عدنان "قبضت الدولة التركية على أربعة من شباب عائلة الشريدة وأودعتهم سجن عكا، وتوسط أقرباؤهم عند الشيخ مصطفى حسين ذياب، جد مدحت، الذي كان زعيما في منطقة الجليل، للإفراج عن الشبان الأربعة، وهو ما كان عبر حبكة درامية اختلط فيها المشروع بغير المشروع".
سبعة عقود كانت كافية لانتقال جميع أبطال الحكاية إلى الرفيق الأعلى، لكنها لم تكن كافية لكي تخبو خلالها مشاعر الامتنان والشكر عبر ضفتي الأردن. العرفان للشيخ كليب الشريدة، وللأمير (الملك) عبدالله الذي يتمنى أبناء عائلة ذياب شكر ذكراه العطرة، عبر التشرف بمقابلة حفيده جلالة الملك عبدالله الثاني.
17/7/2006
جريدة الغد الأردنيه
/
/
/
/
وصفي خوشمان
عمان- تسعى عائلة ذياب الفلسطينية إلى رد جميل عمره 68 عاما إلى عائلة الشريدة الأردنية، من خلال "شكر بأثر رجعي"، على إنقاذ أحد أبنائها من حبل المشنقة الإنجليزية التي التفت حول أعناق الثوار العرب في أعقاب ثورة العام 1936.
وسنحت الظروف لأبناء العائلة الفلسطينية المقيمة في قرية تمرة من أعمال عكا، لتشكيل وفد من 23 وجيها، ليؤموا ديوان عائلة الشريدة في بلدة دير أبي سعيد في محافظة اربد، شكرا وعرفانا لجهود المرحوم الشيخ كليب الشريدة في التوسط لإنقاذ مدحت حسين ذياب من حكم الإعدام.
يروي عدنان مدحت ذياب "في 13 أيار (مايو) العام 1938، طوّق الجيش الإنجليزي قرية تمرة، بهدف اعتقال مناضل كبير من بلدة يعبد في قضاء جنين يدعى الشيخ عارف، وباشر الجنود الإنجليز بتفتيش القرية، والقبض على كل من يمتلك سلاحا".
ويتابع "كان لدى والدي، الذي كان عمره آنذاك 32 سنة، بندقية وبضع رصاصات مدفونة في حقل مجاور. وبينما كان يحاول إخراج الرصاصات، فاجأه الجنود وألقوا القبض عليه، دون أن يكتشفوا حيازته بندقية أو رصاصات".
"حاول والدي، خلال احتجازه في ساحة القرية، دفن ما بحوزته من رصاصات، إلا أن صوتها كشف سره، واقتيد إلى محكمة عسكرية، سرعان ما حكمت عليه بالإعدام"، يضيف عدنان.
يقول إن الذهول سيطر على أهالي القرية نتيجة هذا الحكم الجائر، وجلسوا يتدارسون الوضع في منزل أحدهم، فما كان من أحدهم أن قال إن الجلوس لا يفيد، ونبه إلى العلاقة التي تربط الشيخ جاد مصطفى ذياب، وهو عم لمدحت المحكوم بالإعدام، بالشيخ كليب الشريدة، أحد وجهاء منطقة اربد، والمقرب من أمير شرق الأردن عبدالله الأول بن الحسين.
"وعلى الفور، استقل وفد برئاسة الشيخ جاد السيارة، وتوجهوا إلى دير أبي سعيد، ليصلوا إليها خلال ساعة ونصف"، يتابع عدنان.
شرح الرجال مطلبهم للشيخ كليب، الذي اصطحبهم من فوره إلى الديوان الأميري في عمان، ليقدموا مناشدتهم بإطلاق سراح ابنهم إلى الأمير (الملك فيما بعد) عبد الله، الذي كانت تخضع بلاده، كما فلسطين، للانتداب البريطاني.
لحظة دخول الأمير عبد الله القاعة، قدم الشيخ كليب صديقه الشيخ جاد إلى الأمير بقوله "هذا أخوي يا سمو الأمير"، فرد عليه الأمير "لا أعلم لك أخوة يا شيخ كليب؟"، فأجابه الشيخ كليب "هذا أخوي من الديرة الغربية- يقصد فلسطين، وعنده مناشدة وطلب عندك يا سمو الأمير"، كما يقص عدنان.
وعد الأمير عبدالله بإطلاق سراح مدحت ذياب، كون التهمة ليست ثابتة عليه بشكل تام، لكنه لم يعد بإطلاق رجل آخر اسمه محمد محمود أحمد من قرية كفر مندا قضاء الناصرة الذي قبض عليه الجنود البريطانيين، والبندقية مخبأة تحت فراشه، لكنه وعد بالمحاولة.
كتب الأمير خطابا إلى المندوب السامي في فلسطين، شرح فيه ملابسات اعتقال الرجلين وظروفهما، طالبا تخفيف العقوبة بحقهما.
وفعلا.. خففت المحكمة العسكرية البريطانية حكم الإعدام عن مدحت إلى السجن المؤبد، ليطلق سراحه بعد نحو عامين، في حين نفذت حكم الإعدام في الرجل الآخر.
لم يتسن لمدحت شكر الشيخ كليب على إنقاذ حياته، وتوالت الأحداث في المنطقة، من الحرب العالمية الثانية إلى هجمات عصابات الصهاينة، وصولا إلى احتلال فلسطين في العام 1948 وتهجير العائلة إلى لبنان.
وبقي الجميل في عنق مدحت، الذي قص الحكاية على ابنه عدنان في العام 1972 وأطلعه على الرسالة الأميرية إلى المندوب السامي، ليرث عدنان الأمانة عن والده بعد وفاته، ويتتبع أخبار عائلة الشريدة.
نهاية الأسبوع الماضي، عبر رجال الوفد الـ23 النهر المقدس إلى الضفة الشرقية، وقدموا شكرا وعرفانا إلى أبناء وأحفاد الشيخ كليب الشريدة.
وتعود العلاقة بين عائلتي الشريدة وذياب إلى منتصف القرن التاسع عشر. يروي عدنان "قبضت الدولة التركية على أربعة من شباب عائلة الشريدة وأودعتهم سجن عكا، وتوسط أقرباؤهم عند الشيخ مصطفى حسين ذياب، جد مدحت، الذي كان زعيما في منطقة الجليل، للإفراج عن الشبان الأربعة، وهو ما كان عبر حبكة درامية اختلط فيها المشروع بغير المشروع".
سبعة عقود كانت كافية لانتقال جميع أبطال الحكاية إلى الرفيق الأعلى، لكنها لم تكن كافية لكي تخبو خلالها مشاعر الامتنان والشكر عبر ضفتي الأردن. العرفان للشيخ كليب الشريدة، وللأمير (الملك) عبدالله الذي يتمنى أبناء عائلة ذياب شكر ذكراه العطرة، عبر التشرف بمقابلة حفيده جلالة الملك عبدالله الثاني.
17/7/2006
جريدة الغد الأردنيه