عاشق التحدي
29-05-06, 06:30 am
http://www.alriyadh.com/2006/05/29/img/295029.jpg
سلمان طفل في الثامنة من عمره عندما تنظر إليه تجد الطفولة في محياه ترتسم على ملامحه البريئة تخفي حقيقة حرمانه من حنان الأمومة وعاطفة الأبوة التي لم يعشها كباقي الأطفال الذين يرضعونها صغاراً وينعمون بها كباراً. بدأت تذبل في عينيه لحظة زهور الطفول حين قذفت به الأقدار أن يكون يتيماً ووالداه على قيد الحياة، وأسيراً بل مقيماً بمستشفى محايل عسير العام الذي كان له الحضن الوحيد منذ ولادته بعد أن تخلى وتنصل عنه والداه كل ذلك لظرف صحي لا سبب ولا ذنب له فيه غير انها حكمة الله عز وجل وإرادته حين خلقه بعيب خلقي لم يستطع الطب أن يفعل له أكثر مما فعل فهو لا يستطيع أن يتبول ويقضي حاجته إلا من خلال فتحتين أجريت له في جانبه.
سلمان طفل الكل يعرفه ويحبه في المستشفى فهو يتنقل كالنحلة بين الممرضات والطبيبات والعاملين في المستشفى بعمر الطفولة الوديعة يحمل روحاً خفيفة جعلت الكل ينظر إليه وعلى لسانه كلمات مبعثرة ومشاعر حانية تلازمها تارة دموع الشفقة التي تذرفها عيون ملئت بالرحمة والحنان المتدفق الذي يحظى به سلمان من منسوبي المستشفى وعلى رأسهم مديره الأستاذ علي بن يحيى آل كاسي الذي يولي قضية الطفل سلمان جل الرعاية والاهتمام اليومي ويتعهده بصفة دورية ومستمرة.
«الرياض» زارت الطفل سلمان بمقره الدائم بقسم الأطفال بالمستشفى وعايشت جزءاً من حياته اليومية بالصوت والصورة برفقة مساعد مدير مستشفى محايل للرعاية الأستاذ محمد بن زيد عسير فكانت الحصيلة التالية:
بداية كنا أمام خيارات في الحديث معه بأي اللغات فهو يتحدث أربع لغات مختلفة هي العربية والانجليزية والفلبينية والأوردو وجميع هذه اللغات اكتسبها من العاملين في المستشفى خلال الثمان سنوات الماضية من الأطباء والممرضات.
سألت الطفل سلمان عن والديه فطأطأ برأسه وتغيرت ملامحه فشعرت بمدى حزنه ورغبته في رؤيتهما وسرعان ما غيّرنا مجرى السؤال وخرجنا به من هذه الدائرة لندخل في مرحلة من المرح والدعابة التي شاركنا بها عدد من الممرضات والعاملات الذين يتسابقون على خدمته ورعايته وكذلك كبير الأطباء الدكتور مجدي إبراهيم وخلال اللقاء تحدث الأستاذ محمد زيد عن وضع الطفل داخل المستشفى وبين انه يحظى برعاية كاملة من قبل الجميع في المستشفى الذين يلبون كل احتياجاته من غذاء صحي ولباس ونظافة وألعاب وترفيه وجميع مستلزماته فهو يعيش حياة طبيعية ويحظى بتعاطف كبير من الجميع إلا انه بحاجة إلى تأهيل اجتماعي شامل تعليمياً واجتماعيا إلى الجانب الصحي وهو ما يتوفر في مراكز التأهيل الشامل.
وأضاف بأن الطفل سلمان حتى هذه اللحظة محروم من التعليم مع انه كما تشاهد يتحدث الأربع لغات بعد أن اكتسبها بالتلقين والممارسة والاختلاط مع المجتمع الصحي المحيط به، قضينا مع سلمان بعضاً من الوقت ثم التقينا بعد ذلك بالاخصائي النفسي المشرف على الخدمة الاجتماعية بالمستشفى مشهور حسين شماخي والذي أشار إلى ان الطفل سلمان قد ولد بالمستشفى في 23/10/1418ه ولادة طبيعية إلا انه قد خرج من بطن أمه وبه عيب خلقي في الجهاز البولي حيث ولد دون فتحة للشرج ومجرى البول مما دعا الفريق الطبي إلى إجراء عملية لفتحة في الجنب للتبول وأخرى للبراز بعد مخاطبة عدد من المستشفيات والتي أفاد جميعها بأن هذه العملية هي الحل الوحيد.
ومارس الطفل سلمان بعد ذلك حياته بشكل طبيعي وتم مخاطبة والده لاستلامه إلا انه رفض ذلك بحجة عدم مقدرته على القيام برعايته لكونه يعيش في قرية نائية هي قرية «مليحة» التي تبعد عن محافظة محايل 50 كم حيث تعد في بيئة غير مناسبة لحالته الصحية. وتم مخاطبة عدد من الجهات ذات العلاقة لاستلامه وذلك حرصاً منا على تأهيل الطفل وتعليمه ودمجه بالمجتمع حتى يعتمد على نفسه في المستقبل ويعيش حياته كباقي الأفراد إلا انه لا زال حتى هذه اللحظة لم يحظ بالقبول لدى أي من الدور ومراكز التأهيل الشامل، استأذنت الزميل مشهور وخرجت من مكتبه احمل أوراقي بها سطور وكلمات متناثرة دونت بها ما شاهدت من رسالة انسانية حملها مستشفى محايل عسير بطاقمه الإداري والطبي والفني برئاسة الأستاذ علي بن يحيى آل كاسي من جانب، والذين اجتهدوا في رعاية هذا الطفل ولم يكن اهتمامهم به من الجانب الصحي فقط بل انهم وفروا له كل امكاناتهم المتاحة من غذاء وكساء ونظافة وألعاب وترفيه وتعامل في غاية العطف والحنان الأمر الذي كان له الدور الكبير في رفع المستوى النفسي للطفل الذي قرأت في عينيه حبه لهذه الفئة التي احتضنته بعد أن تخلى عنه والداه وقذفا به في المستشفى دون حتى زيارة أو سؤال عنه من قريب أو بعيد ليفقد حنان أمه وهي لا زالت على قيد الحياة ويعيش أسيراً لاعاقته بين جدران المستشفى.
فهل تشرق الشمس في عينيه من جديد وهل سيقوم المجتمع بدوره تجاه الطفل سلمان أم انه أيضاً سيتخلى عنه، لم يبق لنا في هذه السطور إلا أن نطرح هذه القضية والحالة أمام وزارة الشؤون الاجتماعية التي تحمل الدور الاجتماعي والإنساني والوطني بكل جدارة وبما تملكه من امكانات ومقومات وقدرات في مراكز التأهيل الشامل في ظل دعم واهتمام حكومتنا الرشيدة وفقها الله فهل يحظى الطفل سلمان باهتمام احدى دورها المنتشرة في وطننا الحبيب ويتلقى التعليم الذي حرم منه ويمارس حياته بشكل أفضل؟؟؟
http://www.alriyadh.com/img/logoin.gif
سلمان طفل في الثامنة من عمره عندما تنظر إليه تجد الطفولة في محياه ترتسم على ملامحه البريئة تخفي حقيقة حرمانه من حنان الأمومة وعاطفة الأبوة التي لم يعشها كباقي الأطفال الذين يرضعونها صغاراً وينعمون بها كباراً. بدأت تذبل في عينيه لحظة زهور الطفول حين قذفت به الأقدار أن يكون يتيماً ووالداه على قيد الحياة، وأسيراً بل مقيماً بمستشفى محايل عسير العام الذي كان له الحضن الوحيد منذ ولادته بعد أن تخلى وتنصل عنه والداه كل ذلك لظرف صحي لا سبب ولا ذنب له فيه غير انها حكمة الله عز وجل وإرادته حين خلقه بعيب خلقي لم يستطع الطب أن يفعل له أكثر مما فعل فهو لا يستطيع أن يتبول ويقضي حاجته إلا من خلال فتحتين أجريت له في جانبه.
سلمان طفل الكل يعرفه ويحبه في المستشفى فهو يتنقل كالنحلة بين الممرضات والطبيبات والعاملين في المستشفى بعمر الطفولة الوديعة يحمل روحاً خفيفة جعلت الكل ينظر إليه وعلى لسانه كلمات مبعثرة ومشاعر حانية تلازمها تارة دموع الشفقة التي تذرفها عيون ملئت بالرحمة والحنان المتدفق الذي يحظى به سلمان من منسوبي المستشفى وعلى رأسهم مديره الأستاذ علي بن يحيى آل كاسي الذي يولي قضية الطفل سلمان جل الرعاية والاهتمام اليومي ويتعهده بصفة دورية ومستمرة.
«الرياض» زارت الطفل سلمان بمقره الدائم بقسم الأطفال بالمستشفى وعايشت جزءاً من حياته اليومية بالصوت والصورة برفقة مساعد مدير مستشفى محايل للرعاية الأستاذ محمد بن زيد عسير فكانت الحصيلة التالية:
بداية كنا أمام خيارات في الحديث معه بأي اللغات فهو يتحدث أربع لغات مختلفة هي العربية والانجليزية والفلبينية والأوردو وجميع هذه اللغات اكتسبها من العاملين في المستشفى خلال الثمان سنوات الماضية من الأطباء والممرضات.
سألت الطفل سلمان عن والديه فطأطأ برأسه وتغيرت ملامحه فشعرت بمدى حزنه ورغبته في رؤيتهما وسرعان ما غيّرنا مجرى السؤال وخرجنا به من هذه الدائرة لندخل في مرحلة من المرح والدعابة التي شاركنا بها عدد من الممرضات والعاملات الذين يتسابقون على خدمته ورعايته وكذلك كبير الأطباء الدكتور مجدي إبراهيم وخلال اللقاء تحدث الأستاذ محمد زيد عن وضع الطفل داخل المستشفى وبين انه يحظى برعاية كاملة من قبل الجميع في المستشفى الذين يلبون كل احتياجاته من غذاء صحي ولباس ونظافة وألعاب وترفيه وجميع مستلزماته فهو يعيش حياة طبيعية ويحظى بتعاطف كبير من الجميع إلا انه بحاجة إلى تأهيل اجتماعي شامل تعليمياً واجتماعيا إلى الجانب الصحي وهو ما يتوفر في مراكز التأهيل الشامل.
وأضاف بأن الطفل سلمان حتى هذه اللحظة محروم من التعليم مع انه كما تشاهد يتحدث الأربع لغات بعد أن اكتسبها بالتلقين والممارسة والاختلاط مع المجتمع الصحي المحيط به، قضينا مع سلمان بعضاً من الوقت ثم التقينا بعد ذلك بالاخصائي النفسي المشرف على الخدمة الاجتماعية بالمستشفى مشهور حسين شماخي والذي أشار إلى ان الطفل سلمان قد ولد بالمستشفى في 23/10/1418ه ولادة طبيعية إلا انه قد خرج من بطن أمه وبه عيب خلقي في الجهاز البولي حيث ولد دون فتحة للشرج ومجرى البول مما دعا الفريق الطبي إلى إجراء عملية لفتحة في الجنب للتبول وأخرى للبراز بعد مخاطبة عدد من المستشفيات والتي أفاد جميعها بأن هذه العملية هي الحل الوحيد.
ومارس الطفل سلمان بعد ذلك حياته بشكل طبيعي وتم مخاطبة والده لاستلامه إلا انه رفض ذلك بحجة عدم مقدرته على القيام برعايته لكونه يعيش في قرية نائية هي قرية «مليحة» التي تبعد عن محافظة محايل 50 كم حيث تعد في بيئة غير مناسبة لحالته الصحية. وتم مخاطبة عدد من الجهات ذات العلاقة لاستلامه وذلك حرصاً منا على تأهيل الطفل وتعليمه ودمجه بالمجتمع حتى يعتمد على نفسه في المستقبل ويعيش حياته كباقي الأفراد إلا انه لا زال حتى هذه اللحظة لم يحظ بالقبول لدى أي من الدور ومراكز التأهيل الشامل، استأذنت الزميل مشهور وخرجت من مكتبه احمل أوراقي بها سطور وكلمات متناثرة دونت بها ما شاهدت من رسالة انسانية حملها مستشفى محايل عسير بطاقمه الإداري والطبي والفني برئاسة الأستاذ علي بن يحيى آل كاسي من جانب، والذين اجتهدوا في رعاية هذا الطفل ولم يكن اهتمامهم به من الجانب الصحي فقط بل انهم وفروا له كل امكاناتهم المتاحة من غذاء وكساء ونظافة وألعاب وترفيه وتعامل في غاية العطف والحنان الأمر الذي كان له الدور الكبير في رفع المستوى النفسي للطفل الذي قرأت في عينيه حبه لهذه الفئة التي احتضنته بعد أن تخلى عنه والداه وقذفا به في المستشفى دون حتى زيارة أو سؤال عنه من قريب أو بعيد ليفقد حنان أمه وهي لا زالت على قيد الحياة ويعيش أسيراً لاعاقته بين جدران المستشفى.
فهل تشرق الشمس في عينيه من جديد وهل سيقوم المجتمع بدوره تجاه الطفل سلمان أم انه أيضاً سيتخلى عنه، لم يبق لنا في هذه السطور إلا أن نطرح هذه القضية والحالة أمام وزارة الشؤون الاجتماعية التي تحمل الدور الاجتماعي والإنساني والوطني بكل جدارة وبما تملكه من امكانات ومقومات وقدرات في مراكز التأهيل الشامل في ظل دعم واهتمام حكومتنا الرشيدة وفقها الله فهل يحظى الطفل سلمان باهتمام احدى دورها المنتشرة في وطننا الحبيب ويتلقى التعليم الذي حرم منه ويمارس حياته بشكل أفضل؟؟؟
http://www.alriyadh.com/img/logoin.gif