عمار القصيمي
11-05-06, 03:06 pm
فتح ملف المؤسسة العامة للجسر
160 مليوناً عوائد سنوية لجسر الملك فهد تقابلها جهود متواضعة للخدمات والتطوير والدعاية
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-05-11/Pictures/1105.nat.p10.n1.jpg
منظر عام لجسر الملك فهد
فرض مشروع جسر الملك فهد نفسه باعتباره أحد أضخم مشروعات التنمية في العقود الأخيرة من القرن الماضي.
ومثل هذا الإنجاز الكبير مفخرة وطنية تجسد مدى حرص السعودية على المشروع الاستراتيجي الأخوي لدول مجلس التعاون.
وفي السنوات الأخيرة بات الجسر، وهو أحد أضخم الجسور في العالم، لا يلقى مكاناً معتبراً في التغطيات الإعلامية بعد أن مُنعت وسائل الإعلام من دورها في رسم صورة حقيقية عما يدور في أروقته،حتى اضطرت الصحف في المناسبات الوطنية لإعادة صياغة محتويات آخر كتيب طبعته المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، والذي يعود تاريخه إلى ما قبل 12 عاماً، بينما لم تبادر المؤسسة بالإفصاح عن أية معلومات إحصائية أو حتى نشرات ترويجية، في وقت بات الجسر معلما سياحيا يستقطب نحو 40 ألف زائر، يومياً، لا يجدون أثناء مرورهم به أية فعاليات دعائية توازي ذلك الإنجاز.
ووصلت سياسة التكتم بالمؤسسة العامة للجسر إلى أن أغلقت موقعها على شبكة الإنترنت وحذرت موظفيها من مغبة استخدام الشبكة، و ظلت توزع كتيباتها القديمة على ضيوفها إلى أن أصدرت البحرين تعميماً بعدم توزيعها على ضيوفها منعا للحرج.
"الوطن" تستعرض في تحقيقها ملفاً يكشف للمرة الأولى عن حال المؤسسة العامة لجسر الملك فهد التي تدير منفذاً عملاقاً على كل المستويات.
ووفقا للوثائق التي تحصلت عليها "الوطن" فإن المؤسسة تزخر بالملاحظات الإدارية والنظامية، فضلا عن إهمالها وعدم الاستغلال الأمثل لعوائدها التي تجاوزت 160 مليون ريال خلال العام الماضي فقط، قابلتها جهود متواضعة للخدمات والتطوير، ورغبة في عدم إبراز الجسر كما يستحق إعلامياً وترويجياً.
زحام الجسر
وبحسب المؤشرات الإحصائية لمعامل الزيادة في الجسر فإن عدد المسافرين من وإلى البحرين عبر الجسر سيرتفع إلى الضعف خلال 8 سنوات. ومن المنتظر أن يصل متوسط المسافرين يومياً إلى قرابة مائة ألف مسافر خلال عشرة أعوام، مسجلا أعلى معدل ارتفاع بين منافذ السعودية وكافة دول المنطقة.
وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها "الوطن" إلى أن معدل مرتادي الجسر وصل العام الجاري إلى نحو أربعين ألف مسافر يومياً، فيما بلغت أعداد المركبات المستخدمة للجسر يومياً نحو 16 ألف مركبة بزيادة بلغت 18% عن العام الماضي.
وكان الجسر سبق أن سجل عبور 56 ألف مسافر خلال أحد أيام عيد الفطر، قبل 4 سنوات، واعتبر رقما قياسيا آنذاك إلا أن الرقم بات متوقعا في نهاية كل أسبوع. وتواجه الجهات العاملة في الجسر مصاعب كبيرة في احتواء ازدحام المسافرين، خاصة في مواسم الحج للمتجهين إلى السعودية، وفي مواسم الأعياد للمتجهين للبحرين.
وتبقى مشكلة الزحام في تزايد مستمر مما يشير إلى ضرورة وضع خطة لاحتوائها عبر تشييد منافذ جديدة أو بناء كبائن إضافية للجوازات والجمارك والتنسيق من أجل تحقيق أكبر استفادة من العاملين على الجسر، إلا أن كل ما سبق كان يمكن حله بوجود إرادة حقيقية في المؤسسة.
فبالنظر إلى اتفاقية إنشاء المؤسسة، في مادتها الثامنة عشرة، نجد أن النظام أوصى بتشكيل فريق للتنسيق والمتابعة على مستوى رفيع من إدارات الجسر في الدولتين، ليكون بمثابة المرجع الرئيسي لجميع الجهات العاملة على الجسر، وبهدف وضع خطط مشتركة لاحتواء أي معوقات أو مشكلات تضعف أداء الجسر، إلا أن هذا الفريق سرعان ما تم حله.
وساهم عدم التنسيق في تشتيت الجهود المبذولة بين الإدارات الحكومية العاملة على الجسر، وظل معظم إجراءات التنظيم والتنسيق للعابرين على الجسر محكوماً بجهودٍ واجتهادات فردية، مما يفسر الإرباك والزحام وفوضى الإجراءات التي تتبع في أوقات الذروة.
عدم التخطيط المشترك
وفي مقابل عدم التخطيط المشترك، تتزايد يومياً أعداد المسافرين وحركة نقل البضائع والشاحنات، وأضاف إليها مشروع نقل الرمال لمملكة البحرين عبئاً آخر دون تحرك واضح لوضع حلول سريعة وفاعلة وخطط مستقبلية لاحتواء الأزمة.
مطالب المسافرين
ومع تزايد عوائد الجسر تتعالى مطالب المسافرين بأن توفر المؤسسة العامة لجسر الملك فهد والمناط بها مسؤولية إدارة وصيانة الجسر،صالة لاستقبال الحجاج كبديل للخيام التي تنصب للحجاج سنوياً على غرار المنافذ الرئيسية الأخرى، ويمكن استغلالها في تنفيذ فعاليات أخرى على مدار العام لاسيما في أوقات الأعياد.
عوائد الجسر
ولعل العابرين باستمرار لجسر الملك فهد يلحظون البطء الكبير في نمو خدمات الجسر، فعلى سبيل المثال، فإن دورات المياه لا تتناسب إطلاقا مع عشرات الآلاف من المسافرين، فيما تعاني دورات المياه الخاصة بمسجد الجسر في الجانب البحريني من ضعف الصيانة منذ سنوات، بينما قد تطول الرحلة إلى أكثر من 5 ساعات في أوقات الذروة والتي تتزامن عادة مع تعطل مفاجئ في أنظمة الحاسبات الآلية الخاصة بالجوازات، أو عدم تواجد عدد كافٍ من الموظفين في الجمارك أو بوابات الدخول.
و تظل مساحات واسعة في جزيرة الجسر غير مستغلة استثماريا أو خدماتياً، ولم يفصح القائمون على المؤسسة عن خطط واضحة لاستغلالها أو إسنادها إلى جهات استشارية في هذا المجال وفق منافسات نظامية تطرح عبر الصحف.
إلا أن المسافرين قد يفاجؤون بأن هذا الحال يجري في ظروف تحسد عليها المؤسسة العامة لجسر الملك فهد لعدة أسباب، فهي، على سبيل المثال، مؤسسة عامة مستقلة لديها صلاحيات التطوير والتنفيذ بعيدا عن المعاملات الروتينية التي قد تثقل كاهل الإدارات الحكومية. وهي من جهة أخرى تمتلك موارد مالية ضخمة بينما لا يزيد موظفوها عن 115موظفاً.
وبحسب الحسابات الرسمية للعام الماضي، والتي حصلت عليها "الوطن"، فإن المؤسسة تبلغ استثماراتها من المبالغ غير المستغلة قرابة 600 ألف ريال تحقق دخلاً ثابتاً يقارب 3% سنويا ومن المتوقع أن يصل إجمالي المبلغ إلى أكثر من 700 ألف في نهاية العام الجاري، مع تزايد أعداد المسافرين واحتساب عوائد الاستثمار.
وبلغت إيرادات الجسر العام الماضي قرابة 160 مليون ريال، مقابل مصروفات للصيانة والتشغيل تقارب 43 مليوناً محققةً بذلك فائضاً يقارب 74% في ميزانية الجسر، فيما حققت رسوم البوابات وحدها 127 مليوناً العام الماضي.
ويضع هذا الدخل الكبير، والصلاحيات الممنوحة للمؤسسة واستقلالية قراراتها، علامات استفهام كبيرة إذا ما قورنت بحجم التطوير والجهود المبذولة في إبراز هذا المعلم الوطني الرائد على مستوى المنطقة.
التذاكر المخفضة
أصدر مجلس إدارة الجسر قراره بتخفيض رسم العبور لفئات معينة مثل الطلبة وبنسبة 50%، وكذلك تخفيض قيمته 15% للعبور المتكرر، بموجب إثباتات معينة ومحددة تستوجب هذا التخفيض. ومنذ إقرار التخفيض، قبل 15 سنة تقريباً إلى هذه اللحظة، لم تتضح بعد الشروط الواجب توفرها والمطلوبة للحصول على هذا التخفيض، مما تسبب في إزعاج لكثير من المراجعين بسبب التغيير الدائم في المستندات المطلوبة للحصول على هذه التذاكر المخفضة.
المعلومـــات
لحرص الدولة على إظهار هذا الصرح الحضاري العملاق وإبرازه للضيوف وزائري الجسر أوجدت مركزين للمعلومات يقعان على جانبي جزيرة الحدود، تشرف عليهما المؤسسة العامة للجسر، ويفترض أن يقوما بتقديم خدمات معلوماتية للزائرين، إلا أن زائري الجسر، وربما الإعلاميين، لا يعلمون بوجودهما، وفي حال قدر لأحد التوجه لأحدهما يصطدم بعدم احتوائه على أي شيء يتعلق بالجسر.
ويحتوي كل مركز على صالة كبيرة تحوي عددا من الكراسي وشاشة يتم من خلالها عرض الفيلم الوثائقي الوحيد عن إنشاء الجسر وهو فيلم منتج منذ 10 سنوات ولم يطرأ عليه أي تعديل أو تطوير، ويتحدث بطبيعة الحال عن العشر السنوات الأولى لافتتاح جسر الملك فهد، ويتم عرض الفيلم كما هو على وفد من كبار المختصين أو طلبة المرحلة الابتدائية!
و يوجد مجسم لجزيرة الحدود يرجع إلى أكثر من 20 سنة يمثل الشكل التخيلي لجزيرة الحدود قبل إنشاء الجسر، كذلك يوجد في مركز المعلومات بالجانب السعودي بعض المجسمات للمعدات التي ساهمت في إنشاء الجسر، من إهداء الشركة التي قامت بإنشاء الجسر "بلاست نيدام جروب".
ولا يجد العاملون أمامهم سوى تزويد الوفود الرسمية بالكتيب الوحيد الذي قامت المؤسسة بطباعته منذ أكثر من 12 سنة، والذي ما زال يحمل في مقدمته صوراً لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وأخيه العاهل البحريني الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهما الله. وصدرت توجيهات رسمية من القيادة البحرينية بعدم توزيع هذا الكتيب على ضيوف مملكة البحرين.
ورغم الكثير من النداءات والمطالبات بتطوير هذه المراكز لما تسببه من حرج أمام ضيوف المؤسسة وزائري الجسر، باعتبارها نقاط استقطاب سياحية مهمة تعكس الوجه الحضاري والمشرق للسعودية، إلا أن هذه النداءات والمطالبات قوبلت برفض إدارات المؤسسة.
ومما يشير إلى عدم الاهتمام بالجانب الإعلامي للمؤسسة ومدى التخلف المعلوماتي الذي تعاني منه، ذلك الموقف من الإنترنت، الذي لا يزال غير معترف به لدى المؤسسة، فحتى هذه اللحظة لا يوجد أي خدمات تقدمها المؤسسة العامة لجسر الملك فهد لمراجعيها أو للمجتمع الخارجي من خلال الإنترنت، ولا يزال الموقع الخاص بالمؤسسة بالإنترنت متوقفاً عن العمل منذ سنتين. وفي وقت سابق من العام الماضي فقط تم الاتفاق مع شركة بتلكو البحرينية لتوصيل خدمة الإنترنت السريع للمؤسسة "سبيد نت"، مقابل 5 آلاف ريال شهرياً، واستمرت المؤسسة بالدفع لمدة 6 أشهر مع عدم السماح للموظفين بالاطلاع أو الاستفادة من هذه الخدمة، حتى تم إلغاؤها نهائياً مع بداية العام الميلادي الجاري لتغلق المؤسسة بذلك نوافذ الاتصال الإلكترونية بالعالم الخارجي، في الوقت الذي تستعد فيه السعودية لدخول عصر الحكومة الإلكترونية. وإلى جانب ذلك لا توجد للمؤسسة أي قنوات اتصالية بالجمهور أو الإعلام.
مجلس إدارة الجسر
أعطى نظام المؤسسة لمجلس إدارتها صلاحيات واسعة ليكون المرجعية الأولى لإدارة الجسر، إلا أن المجلس اقتصر على اجتماعات سنوية نهاية كل عام لإقرار الميزانية، ويتم الاكتفاء عنها بمراسلات تجرى بين الأعضاء عوضاً عن انعقاد الاجتماع الدوري الاعتيادي.
كما أن رئيس المجلس لم يدع لاجتماع غير عادي لبحث قرارات هامة، حيث قام مجلس الإدارة بتاريخ 3/6/1425هـ، وبناء على محضر اجتماع بالتمرير "بالمراسلة"، بإصدار قرار بالغ الأهمية يقضي بإنهاء خدمات أحد المديرين العامين المساعدين وتعيين مراقب مالي مديراً عاماً مساعداً بديلا له.
وفي أحد أهم القرارات التي تتعلق بتكليف مدير عام المؤسسة والمسؤول الأول عما جرى خلال السنتين الماضيتين، جرى اعتماد القرار بالمراسلة وخلا خطاب إنفاذه من توقيع 3 من الأعضاء الثمانية، حيث لم يتم عرضه عليهم.
ومن المثير للاستغراب ابتعاد أحد أعضاء المجلس بعد إحالته إلى التقاعد قبل 3 سنوات، دون إحلال شخص آخر بديل في مخالفة صريحة للنظام الأساسي.
وفي هذه الأثناء أسندت أهم 5 وظائف في المؤسسة إلى مكلفين واستولى اثنان فقط على كافة الوظائف الإدارية العليا الأربع بالتكليف.
ووفقا لسياسة التكليف، تم ترحيل التزامات العام المنصرم بحجة ترشيد النفقات لتمتنع بذلك المؤسسة عن دفع مستحقات الصيانة والتشجير والنظافة والمستشفيات والصحف وغيرها.
وتكشف القرارات الإدارية الفردية غياب فريق العمل عن اتخاذ القرارات الجوهرية على صعيد المؤسسة ومجلس إدارتها.
وبعيدا عما يقوله العاملون في المؤسسة عن بعد المجلس كل البعد عما يدور داخل المؤسسة وعدم اهتمامه بتطوير الأنظمة الداخلية للمؤسسة أو وضع سياسات وأهداف من شأنها الرقي بأداء الموظف وتطوير أساليب العمل وجودته فإن اتفاقية إنشاء المؤسسة في مادتها الخامسة نصت على وجود 4 أعضاء من كلا الجانبين السعودي والبحريني، إلا أن المجلس لم يعين بديلا لأحد الأعضاء الثمانية منذ بلوغه التقاعد قبل 3 سنوات.
وعلى الرغم من أن التنظيم الإداري والفني للمؤسسة نص صراحة في مادته رقم 106 من النظام الأساسي وصلاحية تطبيق النظام، على أن "لمجلس الإدارة وحده الحق في تعديل أو إلغاء أو إضافة أحكام جديدة إلى هذا النظام"، إلا أن رئيس مجلس الإدارة بدا متفردا في اتخاذ القرارات دون توقف عند إلزامية تحقيق النصاب القانوني أو تفويض بقية الأعضاء.
وعلمت "الوطن" أن مديري الإدارات بالمؤسسة رفعوا خطاب تظلم مدعما بوثائق ترصد تجاوزات إدارية إلى مجلس الإدارة وجرت مقابلات عديدة مع رئيس وأعضاء المجلس بغية احتواء الأزمة التي تكتنف المؤسسة خلال السنتين الأخيرتين.
وقال مدير إدارة في المؤسسة، تحتفظ الصحيفة باسمه، إن مجلس إدارة المؤسسة لا يتفاعل مع الأحداث الداخلية القائمة وطلبات الموظفين ولا يتدخل مباشرة لاحتواء الكثير من المشاكل الإدارية والعمل على حلها.
وكان مجلس الإدارة رشح أحد الموظفين "المراقب المالي" لمنصب المدير العام المساعد للشؤون المالية والإدارية دون الأخذ بمبدأ المفاضلة بين الموظفين أو حتى الأخذ بعنصر الجدارة أو الأقدمية أو الخبرة أو المؤهل كمعايير للمفاضلة، وما زاد الوضع تأزما ترشيحه مؤخرا مديرا عاما مكلفا على المؤسسة.
وتفيد الوثائق بأن قرار تعيين المراقب المالي على وظيفة مدير عام مساعد للشؤون المالية والإدارية جاء عبر مراسلة بعض الأعضاء وحجبه عن آخرين ودون اجتماع يدعو له الرئيس، كما أن خطاب تهنئة المراقب المالي بتعيينه في منصبه الجديد الموقع من قبل رئيس مجلس الإدارة والمؤرخ في 1/6/1425هـ، قد سبق قرار تعيينه المؤرخ في 2/6/1425هـ، الموقع عليه من قبل أعضاء في المجلس في محضر اجتماع بتاريخ 3/6/1425هـ، وقبل أن يتساءل الموظفون عن سبب تعيين المراقب مباشرة دون فترة تكليف جاء الرد بتكليفه مديراً عاما للمؤسسة.
وما يثير علامات استفهام أخرى تجاهل مجلس الإدارة لشغل وظيفة مدير عام مساعد للتشغيل والصيانة، كما نصت اللوائح على مدار عشرين عاما بالرغم من أهميتها، باعتبار التشغيل والصيانة هي النشاط الرئيسي للمؤسسة العامة للجسر.
والأغرب من ذلك أن وظيفة مدير عام مساعد للتشغيل والصيانة تدرج ضمن ميزانية كل عام بمخصصاتها ومميزاتها ويعتمدها مجلس الإدارة كل عام وطوال 20 سنة مع عدم تعيين مختص بالوظيفة.
كثرة المكلفين في المؤسسة
لا يرى الموظفون، أو المتابعون لما آلت إليه الأوضاع في المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، سببا مقنعا لكثرة المكلفين في المؤسسة، وعدم التعيين على هذه الوظائف رغم أن كلا من الوظائف التي يشغلها مكلفون في الوقت الراهن تعد أساسية، وربما الأهم في المؤسسة، فعلى سبيل المثال تضم قائمة المكلفين: المدير العام المكلف والمدير العام المساعد للتشغيل والصيانة المكلف والمراقب المالي المكلف ومدير الإدارة المالية المكلف ومدير إدارة المخازن المكلف.
سياسة التقشف
أدت سياسة التقشف أو ما تعده إدارة المؤسسة ترشيدا للإنفاق إلى كوارث إدارية أهمها: تدني مستوى الصيانة وعدم توفر قطع الغيار أحيانا، وعدم تأمين مستلزمات العمل الضرورية لدرجة أن الموظفين يقومون بشراء أدوات القرطاسية على نفقتهم، والتضييق على الموظفين إلى أقصى حد ممكن في العلاج، والمماطلة في دفع مستخلصات المقاولين والمستشفيات وغيرها من حقوق الغير، حيث لم تتسلم شركة وطنية للصيانة، تحتفظ الصحيفة باسمها، منذ شهر أغسطس 2005م تاريخ بداية استلامهم لمشروع صيانة جسر الملك، وحتى الآن، ريالاً واحداً، ويتجاوز التأخير في صرف مستحقات مستشفيات وشركات نظافة وتشجير وفنادق واشتراكات الصحف الثمانية أشهر.
وتعاني الصالة الملكية من ضعف الصيانة حيث لم يتم تجديد الأثاث المستخدم في المكاتب، والذي مضى على تأمينه أكثر من 15 عاماً.
وعلى النقيض من هذا تم تأمين لوحة يوني بول بمناسبة اليوم الوطني عن طريق الإدارة المالية، والتي وجهت خطاب التعميد لإحدى المطابع بعمل هذه اللوحة الخاصة بقيمة 9000 ريال، وتم التحفظ على هذه المعاملة بالمؤسسة لعدة أسباب أهمها: المبالغة الواضحة بالسعر، حيث لا تتجاوز قيمتها التقديرية ألفي ريال، ولم يتم عرض هذه المعاملة على لجنة المشتريات التي شكلها المدير العام المكلف، كما أن اللوحات الخاصة بالمناسبات الوطنية يتم تأمينها مجاناً من قبل الشركة صاحبة حق الامتياز بالإعلان على الجسر، حسب نصوص العقد، إلا أن المؤسسة لم تتصل بالشركة للتنسيق معها قبل تركيبها، ثم قامت الإدارة المكلفة بالضغط على الشركة صاحبة حق الامتياز لدفع قيمة الفاتورة.
وبالرغم من كون الجسر معلماً حضارياً وسياحياً، فإن المؤسسة لم تقم بطبع وتوزيع أية منشورات أو مطبوعات للجمهور باستثناء كتيب أعد في مناسبة تشغيل الجسر.
وكنتيجة لذلك قدم المدير العام المكلف ميزانيته لأعضاء المجلس بوفر وصل 10 ملايين من المبالغ التي طلبها لميزانية العام الماضي، والمقدرة بـ 52 مليون ريال، وبدلا من مساءلة المدير عن عدم قدرته على التقدير المناسب للميزانية قبل عام، وتقديم الميزانيات المفصلة فإن أعضاء المجلس الحاضرين أبدوا رضاءهم عن الوفر في الميزانية.
وعلمت "الوطن" أن الميزانيات التفصيلية أخرج منها قيمة اعتماد لمشروع تطوير تحصيل رسوم البوابات والذي تصل تكلفته إلى 4 ملايين ريال لتأجيله إلى جانب التأخر في مستحقات الغير "الذمم المالية"، إلى جانب التشديد في العلاج وتعطيل عدد من العمليات الجراحية.
المؤسسة دون شبكة للحاسب
يتم العمل في المؤسسة بطريقة بدائية، تعتمد على نقل الأوراق عبر المستخدمين من موظف إلى آخر، وإلى حين إعداد هذا التقرير لا توجد شبكة حاسب آلي، وتوجد حاسبات قديمة وغير مربوطة بشبكة وبعضها يحتاج إلى صيانة. ولعل المفاجأة الأخرى في هذا السياق، أن مدير إدارة الحاسب الآلي غير متخصص لكونه مهندساً مدنياً
اجتماع مديري الإدارات
اعتاد أغلب مديري المؤسسة على عدم عقد اجتماعات دورية بمديري الإدارات، كما تجري العادة في المنشآت الحكومية والخاصة، إلا أن المدير العام الحالي اتخذ قرارا مفاجئاً بعقد اجتماعات دورية بمد يري إداراته بعد إيكال مهمة الإدارة إليه، مما أشاع روحا إيجابية، إلا أن الاجتماعات توقفت بعد أن اتضح من أول اجتماع جرى فيه تجاهل آراء مديري الإدارات وإصدار قرارات فردية بنقل الموظفين دون سبب واضح ودون علم مديريهم وعدم الجدية في تطوير أساليب العمل، دعمها عدم وجود أي مردود لهذه الاجتماعات، مما دفع مديري الإدارات التابعة للمؤسسة إلى الاعتقاد بأن الهدف منها استغلال محاضر في الادعاء بالأخذ بمبدأ الشورى، وإضفاء الشرعية على قرارات فردية تخالف بعضها النظام، إلى أن انتهى الأمر بإلغاء الاجتماعات قبل 8 أشهر وذلك بعد أن تضاءل عدد الحضور وأصبحت مثار تهكم الموظفين.
160 مليوناً عوائد سنوية لجسر الملك فهد تقابلها جهود متواضعة للخدمات والتطوير والدعاية
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-05-11/Pictures/1105.nat.p10.n1.jpg
منظر عام لجسر الملك فهد
فرض مشروع جسر الملك فهد نفسه باعتباره أحد أضخم مشروعات التنمية في العقود الأخيرة من القرن الماضي.
ومثل هذا الإنجاز الكبير مفخرة وطنية تجسد مدى حرص السعودية على المشروع الاستراتيجي الأخوي لدول مجلس التعاون.
وفي السنوات الأخيرة بات الجسر، وهو أحد أضخم الجسور في العالم، لا يلقى مكاناً معتبراً في التغطيات الإعلامية بعد أن مُنعت وسائل الإعلام من دورها في رسم صورة حقيقية عما يدور في أروقته،حتى اضطرت الصحف في المناسبات الوطنية لإعادة صياغة محتويات آخر كتيب طبعته المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، والذي يعود تاريخه إلى ما قبل 12 عاماً، بينما لم تبادر المؤسسة بالإفصاح عن أية معلومات إحصائية أو حتى نشرات ترويجية، في وقت بات الجسر معلما سياحيا يستقطب نحو 40 ألف زائر، يومياً، لا يجدون أثناء مرورهم به أية فعاليات دعائية توازي ذلك الإنجاز.
ووصلت سياسة التكتم بالمؤسسة العامة للجسر إلى أن أغلقت موقعها على شبكة الإنترنت وحذرت موظفيها من مغبة استخدام الشبكة، و ظلت توزع كتيباتها القديمة على ضيوفها إلى أن أصدرت البحرين تعميماً بعدم توزيعها على ضيوفها منعا للحرج.
"الوطن" تستعرض في تحقيقها ملفاً يكشف للمرة الأولى عن حال المؤسسة العامة لجسر الملك فهد التي تدير منفذاً عملاقاً على كل المستويات.
ووفقا للوثائق التي تحصلت عليها "الوطن" فإن المؤسسة تزخر بالملاحظات الإدارية والنظامية، فضلا عن إهمالها وعدم الاستغلال الأمثل لعوائدها التي تجاوزت 160 مليون ريال خلال العام الماضي فقط، قابلتها جهود متواضعة للخدمات والتطوير، ورغبة في عدم إبراز الجسر كما يستحق إعلامياً وترويجياً.
زحام الجسر
وبحسب المؤشرات الإحصائية لمعامل الزيادة في الجسر فإن عدد المسافرين من وإلى البحرين عبر الجسر سيرتفع إلى الضعف خلال 8 سنوات. ومن المنتظر أن يصل متوسط المسافرين يومياً إلى قرابة مائة ألف مسافر خلال عشرة أعوام، مسجلا أعلى معدل ارتفاع بين منافذ السعودية وكافة دول المنطقة.
وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها "الوطن" إلى أن معدل مرتادي الجسر وصل العام الجاري إلى نحو أربعين ألف مسافر يومياً، فيما بلغت أعداد المركبات المستخدمة للجسر يومياً نحو 16 ألف مركبة بزيادة بلغت 18% عن العام الماضي.
وكان الجسر سبق أن سجل عبور 56 ألف مسافر خلال أحد أيام عيد الفطر، قبل 4 سنوات، واعتبر رقما قياسيا آنذاك إلا أن الرقم بات متوقعا في نهاية كل أسبوع. وتواجه الجهات العاملة في الجسر مصاعب كبيرة في احتواء ازدحام المسافرين، خاصة في مواسم الحج للمتجهين إلى السعودية، وفي مواسم الأعياد للمتجهين للبحرين.
وتبقى مشكلة الزحام في تزايد مستمر مما يشير إلى ضرورة وضع خطة لاحتوائها عبر تشييد منافذ جديدة أو بناء كبائن إضافية للجوازات والجمارك والتنسيق من أجل تحقيق أكبر استفادة من العاملين على الجسر، إلا أن كل ما سبق كان يمكن حله بوجود إرادة حقيقية في المؤسسة.
فبالنظر إلى اتفاقية إنشاء المؤسسة، في مادتها الثامنة عشرة، نجد أن النظام أوصى بتشكيل فريق للتنسيق والمتابعة على مستوى رفيع من إدارات الجسر في الدولتين، ليكون بمثابة المرجع الرئيسي لجميع الجهات العاملة على الجسر، وبهدف وضع خطط مشتركة لاحتواء أي معوقات أو مشكلات تضعف أداء الجسر، إلا أن هذا الفريق سرعان ما تم حله.
وساهم عدم التنسيق في تشتيت الجهود المبذولة بين الإدارات الحكومية العاملة على الجسر، وظل معظم إجراءات التنظيم والتنسيق للعابرين على الجسر محكوماً بجهودٍ واجتهادات فردية، مما يفسر الإرباك والزحام وفوضى الإجراءات التي تتبع في أوقات الذروة.
عدم التخطيط المشترك
وفي مقابل عدم التخطيط المشترك، تتزايد يومياً أعداد المسافرين وحركة نقل البضائع والشاحنات، وأضاف إليها مشروع نقل الرمال لمملكة البحرين عبئاً آخر دون تحرك واضح لوضع حلول سريعة وفاعلة وخطط مستقبلية لاحتواء الأزمة.
مطالب المسافرين
ومع تزايد عوائد الجسر تتعالى مطالب المسافرين بأن توفر المؤسسة العامة لجسر الملك فهد والمناط بها مسؤولية إدارة وصيانة الجسر،صالة لاستقبال الحجاج كبديل للخيام التي تنصب للحجاج سنوياً على غرار المنافذ الرئيسية الأخرى، ويمكن استغلالها في تنفيذ فعاليات أخرى على مدار العام لاسيما في أوقات الأعياد.
عوائد الجسر
ولعل العابرين باستمرار لجسر الملك فهد يلحظون البطء الكبير في نمو خدمات الجسر، فعلى سبيل المثال، فإن دورات المياه لا تتناسب إطلاقا مع عشرات الآلاف من المسافرين، فيما تعاني دورات المياه الخاصة بمسجد الجسر في الجانب البحريني من ضعف الصيانة منذ سنوات، بينما قد تطول الرحلة إلى أكثر من 5 ساعات في أوقات الذروة والتي تتزامن عادة مع تعطل مفاجئ في أنظمة الحاسبات الآلية الخاصة بالجوازات، أو عدم تواجد عدد كافٍ من الموظفين في الجمارك أو بوابات الدخول.
و تظل مساحات واسعة في جزيرة الجسر غير مستغلة استثماريا أو خدماتياً، ولم يفصح القائمون على المؤسسة عن خطط واضحة لاستغلالها أو إسنادها إلى جهات استشارية في هذا المجال وفق منافسات نظامية تطرح عبر الصحف.
إلا أن المسافرين قد يفاجؤون بأن هذا الحال يجري في ظروف تحسد عليها المؤسسة العامة لجسر الملك فهد لعدة أسباب، فهي، على سبيل المثال، مؤسسة عامة مستقلة لديها صلاحيات التطوير والتنفيذ بعيدا عن المعاملات الروتينية التي قد تثقل كاهل الإدارات الحكومية. وهي من جهة أخرى تمتلك موارد مالية ضخمة بينما لا يزيد موظفوها عن 115موظفاً.
وبحسب الحسابات الرسمية للعام الماضي، والتي حصلت عليها "الوطن"، فإن المؤسسة تبلغ استثماراتها من المبالغ غير المستغلة قرابة 600 ألف ريال تحقق دخلاً ثابتاً يقارب 3% سنويا ومن المتوقع أن يصل إجمالي المبلغ إلى أكثر من 700 ألف في نهاية العام الجاري، مع تزايد أعداد المسافرين واحتساب عوائد الاستثمار.
وبلغت إيرادات الجسر العام الماضي قرابة 160 مليون ريال، مقابل مصروفات للصيانة والتشغيل تقارب 43 مليوناً محققةً بذلك فائضاً يقارب 74% في ميزانية الجسر، فيما حققت رسوم البوابات وحدها 127 مليوناً العام الماضي.
ويضع هذا الدخل الكبير، والصلاحيات الممنوحة للمؤسسة واستقلالية قراراتها، علامات استفهام كبيرة إذا ما قورنت بحجم التطوير والجهود المبذولة في إبراز هذا المعلم الوطني الرائد على مستوى المنطقة.
التذاكر المخفضة
أصدر مجلس إدارة الجسر قراره بتخفيض رسم العبور لفئات معينة مثل الطلبة وبنسبة 50%، وكذلك تخفيض قيمته 15% للعبور المتكرر، بموجب إثباتات معينة ومحددة تستوجب هذا التخفيض. ومنذ إقرار التخفيض، قبل 15 سنة تقريباً إلى هذه اللحظة، لم تتضح بعد الشروط الواجب توفرها والمطلوبة للحصول على هذا التخفيض، مما تسبب في إزعاج لكثير من المراجعين بسبب التغيير الدائم في المستندات المطلوبة للحصول على هذه التذاكر المخفضة.
المعلومـــات
لحرص الدولة على إظهار هذا الصرح الحضاري العملاق وإبرازه للضيوف وزائري الجسر أوجدت مركزين للمعلومات يقعان على جانبي جزيرة الحدود، تشرف عليهما المؤسسة العامة للجسر، ويفترض أن يقوما بتقديم خدمات معلوماتية للزائرين، إلا أن زائري الجسر، وربما الإعلاميين، لا يعلمون بوجودهما، وفي حال قدر لأحد التوجه لأحدهما يصطدم بعدم احتوائه على أي شيء يتعلق بالجسر.
ويحتوي كل مركز على صالة كبيرة تحوي عددا من الكراسي وشاشة يتم من خلالها عرض الفيلم الوثائقي الوحيد عن إنشاء الجسر وهو فيلم منتج منذ 10 سنوات ولم يطرأ عليه أي تعديل أو تطوير، ويتحدث بطبيعة الحال عن العشر السنوات الأولى لافتتاح جسر الملك فهد، ويتم عرض الفيلم كما هو على وفد من كبار المختصين أو طلبة المرحلة الابتدائية!
و يوجد مجسم لجزيرة الحدود يرجع إلى أكثر من 20 سنة يمثل الشكل التخيلي لجزيرة الحدود قبل إنشاء الجسر، كذلك يوجد في مركز المعلومات بالجانب السعودي بعض المجسمات للمعدات التي ساهمت في إنشاء الجسر، من إهداء الشركة التي قامت بإنشاء الجسر "بلاست نيدام جروب".
ولا يجد العاملون أمامهم سوى تزويد الوفود الرسمية بالكتيب الوحيد الذي قامت المؤسسة بطباعته منذ أكثر من 12 سنة، والذي ما زال يحمل في مقدمته صوراً لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وأخيه العاهل البحريني الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهما الله. وصدرت توجيهات رسمية من القيادة البحرينية بعدم توزيع هذا الكتيب على ضيوف مملكة البحرين.
ورغم الكثير من النداءات والمطالبات بتطوير هذه المراكز لما تسببه من حرج أمام ضيوف المؤسسة وزائري الجسر، باعتبارها نقاط استقطاب سياحية مهمة تعكس الوجه الحضاري والمشرق للسعودية، إلا أن هذه النداءات والمطالبات قوبلت برفض إدارات المؤسسة.
ومما يشير إلى عدم الاهتمام بالجانب الإعلامي للمؤسسة ومدى التخلف المعلوماتي الذي تعاني منه، ذلك الموقف من الإنترنت، الذي لا يزال غير معترف به لدى المؤسسة، فحتى هذه اللحظة لا يوجد أي خدمات تقدمها المؤسسة العامة لجسر الملك فهد لمراجعيها أو للمجتمع الخارجي من خلال الإنترنت، ولا يزال الموقع الخاص بالمؤسسة بالإنترنت متوقفاً عن العمل منذ سنتين. وفي وقت سابق من العام الماضي فقط تم الاتفاق مع شركة بتلكو البحرينية لتوصيل خدمة الإنترنت السريع للمؤسسة "سبيد نت"، مقابل 5 آلاف ريال شهرياً، واستمرت المؤسسة بالدفع لمدة 6 أشهر مع عدم السماح للموظفين بالاطلاع أو الاستفادة من هذه الخدمة، حتى تم إلغاؤها نهائياً مع بداية العام الميلادي الجاري لتغلق المؤسسة بذلك نوافذ الاتصال الإلكترونية بالعالم الخارجي، في الوقت الذي تستعد فيه السعودية لدخول عصر الحكومة الإلكترونية. وإلى جانب ذلك لا توجد للمؤسسة أي قنوات اتصالية بالجمهور أو الإعلام.
مجلس إدارة الجسر
أعطى نظام المؤسسة لمجلس إدارتها صلاحيات واسعة ليكون المرجعية الأولى لإدارة الجسر، إلا أن المجلس اقتصر على اجتماعات سنوية نهاية كل عام لإقرار الميزانية، ويتم الاكتفاء عنها بمراسلات تجرى بين الأعضاء عوضاً عن انعقاد الاجتماع الدوري الاعتيادي.
كما أن رئيس المجلس لم يدع لاجتماع غير عادي لبحث قرارات هامة، حيث قام مجلس الإدارة بتاريخ 3/6/1425هـ، وبناء على محضر اجتماع بالتمرير "بالمراسلة"، بإصدار قرار بالغ الأهمية يقضي بإنهاء خدمات أحد المديرين العامين المساعدين وتعيين مراقب مالي مديراً عاماً مساعداً بديلا له.
وفي أحد أهم القرارات التي تتعلق بتكليف مدير عام المؤسسة والمسؤول الأول عما جرى خلال السنتين الماضيتين، جرى اعتماد القرار بالمراسلة وخلا خطاب إنفاذه من توقيع 3 من الأعضاء الثمانية، حيث لم يتم عرضه عليهم.
ومن المثير للاستغراب ابتعاد أحد أعضاء المجلس بعد إحالته إلى التقاعد قبل 3 سنوات، دون إحلال شخص آخر بديل في مخالفة صريحة للنظام الأساسي.
وفي هذه الأثناء أسندت أهم 5 وظائف في المؤسسة إلى مكلفين واستولى اثنان فقط على كافة الوظائف الإدارية العليا الأربع بالتكليف.
ووفقا لسياسة التكليف، تم ترحيل التزامات العام المنصرم بحجة ترشيد النفقات لتمتنع بذلك المؤسسة عن دفع مستحقات الصيانة والتشجير والنظافة والمستشفيات والصحف وغيرها.
وتكشف القرارات الإدارية الفردية غياب فريق العمل عن اتخاذ القرارات الجوهرية على صعيد المؤسسة ومجلس إدارتها.
وبعيدا عما يقوله العاملون في المؤسسة عن بعد المجلس كل البعد عما يدور داخل المؤسسة وعدم اهتمامه بتطوير الأنظمة الداخلية للمؤسسة أو وضع سياسات وأهداف من شأنها الرقي بأداء الموظف وتطوير أساليب العمل وجودته فإن اتفاقية إنشاء المؤسسة في مادتها الخامسة نصت على وجود 4 أعضاء من كلا الجانبين السعودي والبحريني، إلا أن المجلس لم يعين بديلا لأحد الأعضاء الثمانية منذ بلوغه التقاعد قبل 3 سنوات.
وعلى الرغم من أن التنظيم الإداري والفني للمؤسسة نص صراحة في مادته رقم 106 من النظام الأساسي وصلاحية تطبيق النظام، على أن "لمجلس الإدارة وحده الحق في تعديل أو إلغاء أو إضافة أحكام جديدة إلى هذا النظام"، إلا أن رئيس مجلس الإدارة بدا متفردا في اتخاذ القرارات دون توقف عند إلزامية تحقيق النصاب القانوني أو تفويض بقية الأعضاء.
وعلمت "الوطن" أن مديري الإدارات بالمؤسسة رفعوا خطاب تظلم مدعما بوثائق ترصد تجاوزات إدارية إلى مجلس الإدارة وجرت مقابلات عديدة مع رئيس وأعضاء المجلس بغية احتواء الأزمة التي تكتنف المؤسسة خلال السنتين الأخيرتين.
وقال مدير إدارة في المؤسسة، تحتفظ الصحيفة باسمه، إن مجلس إدارة المؤسسة لا يتفاعل مع الأحداث الداخلية القائمة وطلبات الموظفين ولا يتدخل مباشرة لاحتواء الكثير من المشاكل الإدارية والعمل على حلها.
وكان مجلس الإدارة رشح أحد الموظفين "المراقب المالي" لمنصب المدير العام المساعد للشؤون المالية والإدارية دون الأخذ بمبدأ المفاضلة بين الموظفين أو حتى الأخذ بعنصر الجدارة أو الأقدمية أو الخبرة أو المؤهل كمعايير للمفاضلة، وما زاد الوضع تأزما ترشيحه مؤخرا مديرا عاما مكلفا على المؤسسة.
وتفيد الوثائق بأن قرار تعيين المراقب المالي على وظيفة مدير عام مساعد للشؤون المالية والإدارية جاء عبر مراسلة بعض الأعضاء وحجبه عن آخرين ودون اجتماع يدعو له الرئيس، كما أن خطاب تهنئة المراقب المالي بتعيينه في منصبه الجديد الموقع من قبل رئيس مجلس الإدارة والمؤرخ في 1/6/1425هـ، قد سبق قرار تعيينه المؤرخ في 2/6/1425هـ، الموقع عليه من قبل أعضاء في المجلس في محضر اجتماع بتاريخ 3/6/1425هـ، وقبل أن يتساءل الموظفون عن سبب تعيين المراقب مباشرة دون فترة تكليف جاء الرد بتكليفه مديراً عاما للمؤسسة.
وما يثير علامات استفهام أخرى تجاهل مجلس الإدارة لشغل وظيفة مدير عام مساعد للتشغيل والصيانة، كما نصت اللوائح على مدار عشرين عاما بالرغم من أهميتها، باعتبار التشغيل والصيانة هي النشاط الرئيسي للمؤسسة العامة للجسر.
والأغرب من ذلك أن وظيفة مدير عام مساعد للتشغيل والصيانة تدرج ضمن ميزانية كل عام بمخصصاتها ومميزاتها ويعتمدها مجلس الإدارة كل عام وطوال 20 سنة مع عدم تعيين مختص بالوظيفة.
كثرة المكلفين في المؤسسة
لا يرى الموظفون، أو المتابعون لما آلت إليه الأوضاع في المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، سببا مقنعا لكثرة المكلفين في المؤسسة، وعدم التعيين على هذه الوظائف رغم أن كلا من الوظائف التي يشغلها مكلفون في الوقت الراهن تعد أساسية، وربما الأهم في المؤسسة، فعلى سبيل المثال تضم قائمة المكلفين: المدير العام المكلف والمدير العام المساعد للتشغيل والصيانة المكلف والمراقب المالي المكلف ومدير الإدارة المالية المكلف ومدير إدارة المخازن المكلف.
سياسة التقشف
أدت سياسة التقشف أو ما تعده إدارة المؤسسة ترشيدا للإنفاق إلى كوارث إدارية أهمها: تدني مستوى الصيانة وعدم توفر قطع الغيار أحيانا، وعدم تأمين مستلزمات العمل الضرورية لدرجة أن الموظفين يقومون بشراء أدوات القرطاسية على نفقتهم، والتضييق على الموظفين إلى أقصى حد ممكن في العلاج، والمماطلة في دفع مستخلصات المقاولين والمستشفيات وغيرها من حقوق الغير، حيث لم تتسلم شركة وطنية للصيانة، تحتفظ الصحيفة باسمها، منذ شهر أغسطس 2005م تاريخ بداية استلامهم لمشروع صيانة جسر الملك، وحتى الآن، ريالاً واحداً، ويتجاوز التأخير في صرف مستحقات مستشفيات وشركات نظافة وتشجير وفنادق واشتراكات الصحف الثمانية أشهر.
وتعاني الصالة الملكية من ضعف الصيانة حيث لم يتم تجديد الأثاث المستخدم في المكاتب، والذي مضى على تأمينه أكثر من 15 عاماً.
وعلى النقيض من هذا تم تأمين لوحة يوني بول بمناسبة اليوم الوطني عن طريق الإدارة المالية، والتي وجهت خطاب التعميد لإحدى المطابع بعمل هذه اللوحة الخاصة بقيمة 9000 ريال، وتم التحفظ على هذه المعاملة بالمؤسسة لعدة أسباب أهمها: المبالغة الواضحة بالسعر، حيث لا تتجاوز قيمتها التقديرية ألفي ريال، ولم يتم عرض هذه المعاملة على لجنة المشتريات التي شكلها المدير العام المكلف، كما أن اللوحات الخاصة بالمناسبات الوطنية يتم تأمينها مجاناً من قبل الشركة صاحبة حق الامتياز بالإعلان على الجسر، حسب نصوص العقد، إلا أن المؤسسة لم تتصل بالشركة للتنسيق معها قبل تركيبها، ثم قامت الإدارة المكلفة بالضغط على الشركة صاحبة حق الامتياز لدفع قيمة الفاتورة.
وبالرغم من كون الجسر معلماً حضارياً وسياحياً، فإن المؤسسة لم تقم بطبع وتوزيع أية منشورات أو مطبوعات للجمهور باستثناء كتيب أعد في مناسبة تشغيل الجسر.
وكنتيجة لذلك قدم المدير العام المكلف ميزانيته لأعضاء المجلس بوفر وصل 10 ملايين من المبالغ التي طلبها لميزانية العام الماضي، والمقدرة بـ 52 مليون ريال، وبدلا من مساءلة المدير عن عدم قدرته على التقدير المناسب للميزانية قبل عام، وتقديم الميزانيات المفصلة فإن أعضاء المجلس الحاضرين أبدوا رضاءهم عن الوفر في الميزانية.
وعلمت "الوطن" أن الميزانيات التفصيلية أخرج منها قيمة اعتماد لمشروع تطوير تحصيل رسوم البوابات والذي تصل تكلفته إلى 4 ملايين ريال لتأجيله إلى جانب التأخر في مستحقات الغير "الذمم المالية"، إلى جانب التشديد في العلاج وتعطيل عدد من العمليات الجراحية.
المؤسسة دون شبكة للحاسب
يتم العمل في المؤسسة بطريقة بدائية، تعتمد على نقل الأوراق عبر المستخدمين من موظف إلى آخر، وإلى حين إعداد هذا التقرير لا توجد شبكة حاسب آلي، وتوجد حاسبات قديمة وغير مربوطة بشبكة وبعضها يحتاج إلى صيانة. ولعل المفاجأة الأخرى في هذا السياق، أن مدير إدارة الحاسب الآلي غير متخصص لكونه مهندساً مدنياً
اجتماع مديري الإدارات
اعتاد أغلب مديري المؤسسة على عدم عقد اجتماعات دورية بمديري الإدارات، كما تجري العادة في المنشآت الحكومية والخاصة، إلا أن المدير العام الحالي اتخذ قرارا مفاجئاً بعقد اجتماعات دورية بمد يري إداراته بعد إيكال مهمة الإدارة إليه، مما أشاع روحا إيجابية، إلا أن الاجتماعات توقفت بعد أن اتضح من أول اجتماع جرى فيه تجاهل آراء مديري الإدارات وإصدار قرارات فردية بنقل الموظفين دون سبب واضح ودون علم مديريهم وعدم الجدية في تطوير أساليب العمل، دعمها عدم وجود أي مردود لهذه الاجتماعات، مما دفع مديري الإدارات التابعة للمؤسسة إلى الاعتقاد بأن الهدف منها استغلال محاضر في الادعاء بالأخذ بمبدأ الشورى، وإضفاء الشرعية على قرارات فردية تخالف بعضها النظام، إلى أن انتهى الأمر بإلغاء الاجتماعات قبل 8 أشهر وذلك بعد أن تضاءل عدد الحضور وأصبحت مثار تهكم الموظفين.