خالد التويجري
30-04-06, 12:22 am
المرأة المسلمة.. بين أصالة التشريع وبريق التغريب
محمد مرسي 4/3/1427
02/04/2006
لم تعد القضايا المتعلقة بالمرأة على هامش اهتمامات الباحثين بمختلف توجهاتهم؛ فهي الآن تحتل مرتبة متقدمة على الأجندة البحثية في دول العالم بشكل عام، وفي الدول الإسلامية بشكل خاص، ولأن المرأة المسلمة تتميز بوضعية فريدة تحاول فيها أن تلتزم بالإطار الذي وضعه لها الشرع الحنيف من جهة، وتقاوم محاولات التغريب وتمييع الهوية من جهة أخرى؛ لذلك جاءت ضرورة التنظير لهذا الوضع وإخضاعه للبحث العلمي الدقيق.. ومن هنا عقدت جامعة الأزهر مؤخراً مؤتمراً موسعاً تحت عنوان "المرأة المسلمة بين أصالة التشريع الإسلامي وبريق الثقافة الوافدة"؛ وذلك بمشاركة عدد من الهيئات العلمية منها: "رابطة الجامعات الإسلامية"، و"كلية الدعوة بليبيا"، و"المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة".
و دعا المشاركون في المؤتمر الحكومات العربية والإسلامية إلى التمسك بالتحفظات التي وُضعت عند التوقيع على الاتفاقيات الدولية لضمان عدم التعارض مع الشريعة الإسلامية، واحترام حق الشعوب في تقرير أوضاعها الخاصة.
وقد ناقش المؤتمر عبر ثلاث جلسات محاور حقوق المرأة المسلمة المرتبطة بعقد الزواج، وأثر الفوارق الخلقية في تقرير الحقوق وفرض الواجبات، والمرأة والإعلام. افتتحت الدكتورة عزة عبد الرحمن ـ المدرس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة المؤتمر بكلمتها تحت عنوان "المرأة من الامتهان إلى التكريم في ضوء القرآن الكريم"، تناولت فيها حال المرأة قبل الإسلام، وعن حالها عند اليهود والنصارى ـ في الغرب ـ ثم تحدثت عن تكريم الإسلام للمرأة، معتمدة في حديثها على القرآن الكريم ثم السنة المطهرة ثم أقوال الفقهاء والعلماء من خلال كتب الفقه وبعض الكتب المعاصرة.
أما الدكتور محمد البشاري ـ الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي ـ فقد تحدّث عن مسؤولية بناء المجتمع الإسلامي العالمي، مبيناً أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الرجل والمرأة على السواء، وأن الله تعالى خلق آدم وحواء، وجعل من ذريتهما الشعوب والقبائل والأجناس والألوان، فالناس كلهم إخوة؛ لذلك فلا بد لمدّ الجسور والتواصل من أن تبقى قائمة بينهم؛ كما تناول في كلمته المرأة بين النظرة الإسلامية والنظرة المادية، والمرأة من منظور "الجندر، والمرأة من المنظور الإسلامي . وجاءت كلمة "البشاري" تحت عنوان (التناول المفاهيمي لواقع المرأة بين المنظور الإسلامي والمنظور المادي).
عولمة الأسرة
ثم قدم الدكتور فؤاد بن عبد الكريم ـ مدير مركز المرأة للدراسات والاستشارات الأسرية والتربوية بالسعوديةـ قدم ورقة بحثية تناول فيها المخاطر المحدقة بالمرأة المسلمة من خلال المحاولات المستمرة لإفساد الأسرة وتفكيكها، مبيناً المكانة العظيمة التي بوأها الإسلام للمرأة، وكيف رفع شأنها، فجعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة. موضحاً المغزى الإنساني والتكريمي في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال"، كما بيّن الدكتور فؤاد أن الإسلام اهتم بشأن الأسرة أيما اهتمام؛ لأن إنشاء الأسرة المسلمة يُعدّ حلقة من حلقات إنشاء الأمة الإسلامية، فقبلها حلقة إيجاد الفرد المسلم، وبعدها إيجاد المجتمع المسلم، وعلى أثر ذلك تتكون الأمة الإسلامية؛ بعد ذلك بيّن د. فؤاد أن الغارة على الأسرة المسلمة دارت على محاور أربعة، وهي محور المرأة المسلمة، ومحور الرجل المسلم، و محور الأبناء والبنات، وأخيراً محور قوانين وقيم الأسرة، كما أوضح الباحث أن أعداء الأمة يعملون ليل نهار، وبدأب على تعميم نموذج المرأة الغربية على نساء العالم عموماً، ونساء أمة الإسلام على وجه الخصوص.
ثم جاءت كلمة المهندسة كامليا حلمي محمد ـ مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة ـ فبيّنت المفهوم الاجتماعي للعولمة كمصطلح برز، وفرض نفسه حتى على من يرفضه، وأن الغرب وأمريكا خاصة تتبنى (سياسة تفكيك المجتمعات) أي جعل أهلها شيعاً وأحزاباً، وهي السياسة الفرعونية التي تعبر عن الطاغوتية والاستعلاء، ولكي تفكّك هذه المجتمعات فإنها تسعى إلى ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية، وأحد أهم مواطن القوة في العالم الإسلامي نظام الأسرة الذي يحفظ للمجتمع قوته وتماسكه.
صورة مشوهة!
وتحت العنوان السابق تحدثت الدكتور فوزية العشماوي ـ الأستاذة بجامعة جنيف، فتناولت صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي، والافتراءات التي يروجها الإعلام الغربي لتشويه صورة المرأة المسلمة. وأن ملامح الصورة الغربية للمرأة المسلمة في الإعلام الغربي غير الإسلامي تتضح في مقولة: إن الإسلام لا يعطي للمرأة المساواة مع الرجل، بل يعدّ مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل، كما يردّد الغربيون أن المرأة في الإسلام مضطهدة، ولا تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل المسلم، إلى غير ذلك من الصورة المشوهة التي يبثها الإعلام الغربي عن المرأة المسلمة، والتي تعاظمت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001؛ ثم وجهت "العشماوي" نصيحتها إلى المسلمين المقيمين في المجتمعات الغربية أن يبذلوا كل ما في وسعهم لتصحيح صورة المرأة المغلوطة في عيون الغرب.
المرأة بعد الزواج
وفي كلمة فقهية تناول الدكتور وهبة الزحيلي ـ عضو المجامع الفقهية العالمية الحقوق المترتبة على عقد الزواج، والتي تبين إلى أي مدى رتبت الشريعة الإسلامية حقوقاً ضخمة للمرأة إثر عقد الزواج، وتتمثل هذه الحقوق ـ كما بينها الزحيلي ـ في عدة نقاط وهي:
أولاً أثناء قيام الزوجية: لابد من إنصاف المرأة وتكريمها وصون شخصيتها وذاتيتها واستقلالها، وعدم تطلعها إلى أحوال الآخرين؛ لأن الأحوال المعيشية في نظر الإسلام مقترنة بالاعتبارات والمقومات الأدبية أو المعنوية والروحانية، فجب على الرجل -خلافاً للأعراف الغربية- منح المرأة صداقاً (مهراً) على سبيل التكريم لا المعاوضة، لقوله تعالى(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً).[النساء: من الآية4].
كما يجب على الرجل الإنفاق المعيشي المعتدل على امرأته، ولا تُكلف المرأة بالإنفاق على أحد، وإذا انفسخت الرابطة الزوجية لسبب اضطراري وجب إكرام المرأة بمنحها هدية مناسبة، وهي المسماة بالمتعة، لقوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: من الآية236]، وربما يدخل في المتعة توفير المسكن.
وقد يفوق حق المرأة في الميراث حق الرجل كحق البنت أو الأخت عند عدم البنت، وهو النصف، وحق البنتين أو الأختين عند عدم البنات وهو الثلثان، وقد يتساويان كحقوق الأولاد لأم، وأما كون نصيبها مع إخوتها على النصف من حصة أخيها عملاً بالآية (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)[لنساء: من الآية11]، فلأن الرجل هو المكلف بالمهر والنفقة والمتعة، ولا تكلف المرأة بأي نفقة على غيرها، وإنما تدخر نصيبها.
وللمرأة حق واضح في التفريق القضائي باللجوء إلى القضاء للتفريق بينها وبين زوجها، أي فسخ الزواج في مقابل حق الرجل في الطلاق، وذلك في أحوال منها: التفريق لعدم الإنفاق، والتفريق بالعيوب المرضية البينة، والتفريق للشقاق أو للضرر وسوء العشرة، وللغيبة مدة سنة فأكثر، وللحبس إلى غير ذلك من الأسباب التي بينتها كتب الفقه والتشريع الإسلامي.
كما للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها بالخلع، وهو بمثابة عقد يتم بالتراضي، إذا ساءت العلاقة بين المرأة وزوجها ولم يطلقها، لقوله تعالى ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)[النساء: من الآية4].
إلى جانب حق المرأة في الإسلام المقرر في العمل واكتساب الرزق عند الحاجة بشرط توافر الضوابط الشرعية.
كل هذه الأحكام تجعل فلسفة نظام الأسرة في الإسلام فلسفة قائمة على الأخلاق والدين ومراعاة الأحوال المعيشية بجميع أبعادها كي يقطف المجتمع المسلم الثمار المرجوّة من تطبيق تعاليم الدين الحنيف.
صورة المرأة في الغرب
وحول محور "وضع المرأة في التشريع الإسلامي والشبهات المثارة حولها" تحدثت الدكتورة فوزية العشماوي (الأستاذ بجامعة جنيف) عن صورة المرأة المسلمة في وسائل الإعلام الغربية والافتراءات التي يروِّجونها عن المرأة المسلمة، ومنها- على سبيل المثال- أن المرأة مضطَّهدةٌ، ولا تتمتع بنفس الحقوق مع الرجل، وأن الإسلام يحرمها من العلم والعمل، ومن الافتراءات المنتشرة في الغرب أن الإسلام يَعتبر المرأةَ نصفَ رجل؛ لكونها تحصلُ على نصف نصيبِ الرجل في الميراث، وشهادتها نصف شهادته.
من جانبها أوضحت الدكتورة مكارم الديري (الأستاذ بجامعة الأزهر) أن أهم أسباب العنف في المجتمعات الإسلامية يتركز في سوء تطبيق الشريعة الإسلامية، وغياب الوعي الديني القائم على احترام المرأة، وضعف الوازع الديني، وسوء الأخلاق، وسيادة العادات والتقاليد الفاسدة، إلى جانب الأسباب الاقتصادية كالفقر والبطالة والجهل وعدم التكافؤ بين الزوجين.
وأشارت إلى إشكالية الاتفاقيات الدولية في نظرتها للإنسان والخالق والكون، وإغفال التنوّع الثقافي والحضاري لشعوب العالم، وعدم احترام الخصوصيات الدينية والأخلاقية..
منقول
محمد مرسي 4/3/1427
02/04/2006
لم تعد القضايا المتعلقة بالمرأة على هامش اهتمامات الباحثين بمختلف توجهاتهم؛ فهي الآن تحتل مرتبة متقدمة على الأجندة البحثية في دول العالم بشكل عام، وفي الدول الإسلامية بشكل خاص، ولأن المرأة المسلمة تتميز بوضعية فريدة تحاول فيها أن تلتزم بالإطار الذي وضعه لها الشرع الحنيف من جهة، وتقاوم محاولات التغريب وتمييع الهوية من جهة أخرى؛ لذلك جاءت ضرورة التنظير لهذا الوضع وإخضاعه للبحث العلمي الدقيق.. ومن هنا عقدت جامعة الأزهر مؤخراً مؤتمراً موسعاً تحت عنوان "المرأة المسلمة بين أصالة التشريع الإسلامي وبريق الثقافة الوافدة"؛ وذلك بمشاركة عدد من الهيئات العلمية منها: "رابطة الجامعات الإسلامية"، و"كلية الدعوة بليبيا"، و"المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة".
و دعا المشاركون في المؤتمر الحكومات العربية والإسلامية إلى التمسك بالتحفظات التي وُضعت عند التوقيع على الاتفاقيات الدولية لضمان عدم التعارض مع الشريعة الإسلامية، واحترام حق الشعوب في تقرير أوضاعها الخاصة.
وقد ناقش المؤتمر عبر ثلاث جلسات محاور حقوق المرأة المسلمة المرتبطة بعقد الزواج، وأثر الفوارق الخلقية في تقرير الحقوق وفرض الواجبات، والمرأة والإعلام. افتتحت الدكتورة عزة عبد الرحمن ـ المدرس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة المؤتمر بكلمتها تحت عنوان "المرأة من الامتهان إلى التكريم في ضوء القرآن الكريم"، تناولت فيها حال المرأة قبل الإسلام، وعن حالها عند اليهود والنصارى ـ في الغرب ـ ثم تحدثت عن تكريم الإسلام للمرأة، معتمدة في حديثها على القرآن الكريم ثم السنة المطهرة ثم أقوال الفقهاء والعلماء من خلال كتب الفقه وبعض الكتب المعاصرة.
أما الدكتور محمد البشاري ـ الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي ـ فقد تحدّث عن مسؤولية بناء المجتمع الإسلامي العالمي، مبيناً أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الرجل والمرأة على السواء، وأن الله تعالى خلق آدم وحواء، وجعل من ذريتهما الشعوب والقبائل والأجناس والألوان، فالناس كلهم إخوة؛ لذلك فلا بد لمدّ الجسور والتواصل من أن تبقى قائمة بينهم؛ كما تناول في كلمته المرأة بين النظرة الإسلامية والنظرة المادية، والمرأة من منظور "الجندر، والمرأة من المنظور الإسلامي . وجاءت كلمة "البشاري" تحت عنوان (التناول المفاهيمي لواقع المرأة بين المنظور الإسلامي والمنظور المادي).
عولمة الأسرة
ثم قدم الدكتور فؤاد بن عبد الكريم ـ مدير مركز المرأة للدراسات والاستشارات الأسرية والتربوية بالسعوديةـ قدم ورقة بحثية تناول فيها المخاطر المحدقة بالمرأة المسلمة من خلال المحاولات المستمرة لإفساد الأسرة وتفكيكها، مبيناً المكانة العظيمة التي بوأها الإسلام للمرأة، وكيف رفع شأنها، فجعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة. موضحاً المغزى الإنساني والتكريمي في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال"، كما بيّن الدكتور فؤاد أن الإسلام اهتم بشأن الأسرة أيما اهتمام؛ لأن إنشاء الأسرة المسلمة يُعدّ حلقة من حلقات إنشاء الأمة الإسلامية، فقبلها حلقة إيجاد الفرد المسلم، وبعدها إيجاد المجتمع المسلم، وعلى أثر ذلك تتكون الأمة الإسلامية؛ بعد ذلك بيّن د. فؤاد أن الغارة على الأسرة المسلمة دارت على محاور أربعة، وهي محور المرأة المسلمة، ومحور الرجل المسلم، و محور الأبناء والبنات، وأخيراً محور قوانين وقيم الأسرة، كما أوضح الباحث أن أعداء الأمة يعملون ليل نهار، وبدأب على تعميم نموذج المرأة الغربية على نساء العالم عموماً، ونساء أمة الإسلام على وجه الخصوص.
ثم جاءت كلمة المهندسة كامليا حلمي محمد ـ مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة ـ فبيّنت المفهوم الاجتماعي للعولمة كمصطلح برز، وفرض نفسه حتى على من يرفضه، وأن الغرب وأمريكا خاصة تتبنى (سياسة تفكيك المجتمعات) أي جعل أهلها شيعاً وأحزاباً، وهي السياسة الفرعونية التي تعبر عن الطاغوتية والاستعلاء، ولكي تفكّك هذه المجتمعات فإنها تسعى إلى ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية، وأحد أهم مواطن القوة في العالم الإسلامي نظام الأسرة الذي يحفظ للمجتمع قوته وتماسكه.
صورة مشوهة!
وتحت العنوان السابق تحدثت الدكتور فوزية العشماوي ـ الأستاذة بجامعة جنيف، فتناولت صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي، والافتراءات التي يروجها الإعلام الغربي لتشويه صورة المرأة المسلمة. وأن ملامح الصورة الغربية للمرأة المسلمة في الإعلام الغربي غير الإسلامي تتضح في مقولة: إن الإسلام لا يعطي للمرأة المساواة مع الرجل، بل يعدّ مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل، كما يردّد الغربيون أن المرأة في الإسلام مضطهدة، ولا تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل المسلم، إلى غير ذلك من الصورة المشوهة التي يبثها الإعلام الغربي عن المرأة المسلمة، والتي تعاظمت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001؛ ثم وجهت "العشماوي" نصيحتها إلى المسلمين المقيمين في المجتمعات الغربية أن يبذلوا كل ما في وسعهم لتصحيح صورة المرأة المغلوطة في عيون الغرب.
المرأة بعد الزواج
وفي كلمة فقهية تناول الدكتور وهبة الزحيلي ـ عضو المجامع الفقهية العالمية الحقوق المترتبة على عقد الزواج، والتي تبين إلى أي مدى رتبت الشريعة الإسلامية حقوقاً ضخمة للمرأة إثر عقد الزواج، وتتمثل هذه الحقوق ـ كما بينها الزحيلي ـ في عدة نقاط وهي:
أولاً أثناء قيام الزوجية: لابد من إنصاف المرأة وتكريمها وصون شخصيتها وذاتيتها واستقلالها، وعدم تطلعها إلى أحوال الآخرين؛ لأن الأحوال المعيشية في نظر الإسلام مقترنة بالاعتبارات والمقومات الأدبية أو المعنوية والروحانية، فجب على الرجل -خلافاً للأعراف الغربية- منح المرأة صداقاً (مهراً) على سبيل التكريم لا المعاوضة، لقوله تعالى(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً).[النساء: من الآية4].
كما يجب على الرجل الإنفاق المعيشي المعتدل على امرأته، ولا تُكلف المرأة بالإنفاق على أحد، وإذا انفسخت الرابطة الزوجية لسبب اضطراري وجب إكرام المرأة بمنحها هدية مناسبة، وهي المسماة بالمتعة، لقوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: من الآية236]، وربما يدخل في المتعة توفير المسكن.
وقد يفوق حق المرأة في الميراث حق الرجل كحق البنت أو الأخت عند عدم البنت، وهو النصف، وحق البنتين أو الأختين عند عدم البنات وهو الثلثان، وقد يتساويان كحقوق الأولاد لأم، وأما كون نصيبها مع إخوتها على النصف من حصة أخيها عملاً بالآية (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)[لنساء: من الآية11]، فلأن الرجل هو المكلف بالمهر والنفقة والمتعة، ولا تكلف المرأة بأي نفقة على غيرها، وإنما تدخر نصيبها.
وللمرأة حق واضح في التفريق القضائي باللجوء إلى القضاء للتفريق بينها وبين زوجها، أي فسخ الزواج في مقابل حق الرجل في الطلاق، وذلك في أحوال منها: التفريق لعدم الإنفاق، والتفريق بالعيوب المرضية البينة، والتفريق للشقاق أو للضرر وسوء العشرة، وللغيبة مدة سنة فأكثر، وللحبس إلى غير ذلك من الأسباب التي بينتها كتب الفقه والتشريع الإسلامي.
كما للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها بالخلع، وهو بمثابة عقد يتم بالتراضي، إذا ساءت العلاقة بين المرأة وزوجها ولم يطلقها، لقوله تعالى ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)[النساء: من الآية4].
إلى جانب حق المرأة في الإسلام المقرر في العمل واكتساب الرزق عند الحاجة بشرط توافر الضوابط الشرعية.
كل هذه الأحكام تجعل فلسفة نظام الأسرة في الإسلام فلسفة قائمة على الأخلاق والدين ومراعاة الأحوال المعيشية بجميع أبعادها كي يقطف المجتمع المسلم الثمار المرجوّة من تطبيق تعاليم الدين الحنيف.
صورة المرأة في الغرب
وحول محور "وضع المرأة في التشريع الإسلامي والشبهات المثارة حولها" تحدثت الدكتورة فوزية العشماوي (الأستاذ بجامعة جنيف) عن صورة المرأة المسلمة في وسائل الإعلام الغربية والافتراءات التي يروِّجونها عن المرأة المسلمة، ومنها- على سبيل المثال- أن المرأة مضطَّهدةٌ، ولا تتمتع بنفس الحقوق مع الرجل، وأن الإسلام يحرمها من العلم والعمل، ومن الافتراءات المنتشرة في الغرب أن الإسلام يَعتبر المرأةَ نصفَ رجل؛ لكونها تحصلُ على نصف نصيبِ الرجل في الميراث، وشهادتها نصف شهادته.
من جانبها أوضحت الدكتورة مكارم الديري (الأستاذ بجامعة الأزهر) أن أهم أسباب العنف في المجتمعات الإسلامية يتركز في سوء تطبيق الشريعة الإسلامية، وغياب الوعي الديني القائم على احترام المرأة، وضعف الوازع الديني، وسوء الأخلاق، وسيادة العادات والتقاليد الفاسدة، إلى جانب الأسباب الاقتصادية كالفقر والبطالة والجهل وعدم التكافؤ بين الزوجين.
وأشارت إلى إشكالية الاتفاقيات الدولية في نظرتها للإنسان والخالق والكون، وإغفال التنوّع الثقافي والحضاري لشعوب العالم، وعدم احترام الخصوصيات الدينية والأخلاقية..
منقول