المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علو في الحياة وفي الممات..! رحمك الله فقيدنا ووالدنا صالح السلمان


وسط البلد
21-04-06, 02:08 pm
علو في الحياة وفي الممات..!
د. حسن بن فهد الهويمل


شاهدت يوم الحشر يوم وفاته


وعلمت منه مراتب الأقدار


وكثرة المصلين والتابعين من المبشرات.


فالناس شهود الله في أرضه، أوجب مدحهم، كما أوجب قدحهم.


وكان الموعد يوم الجنائز، والسعيد السعيد من إذا غاب شخصه قام ذكره أكثر إشراقاً، وأنصع بياضاً. ونعم العبد أبو سليمان، إنه الحفي بجلائل الأعمال التي تموت بموته، وتحيا بحياته.


لقد ودّع القصيم ابنه البار، الذي نذر نفسه وماله لوطنه ومواطنيه وقادته، وأي محمدة تسامي قول المعروف، والإحسان إلى الناس، والإصلاح بين الفرقاء، وكأني بكل تابع لنعشه يردد: (يا موت ما أبقيت لي أحداً). يقولها الأباعد السامعون بمآثره، والأقارب المنتفعون من فيوض إحسانه، وستبكيه كل الأطياف، وينتحب عليه كل ذوي الحاجات. فقراء فك غوائل الجوع عنهم، فأنساهم ويلاته. وأيتام زغب الحواصل، كفلهم فكان لهم كالآباء والأمهات، يمسح على رؤوسهم الحاسرة، ويملأ بطونهم الخاوية، ومساكين شد من أزرهم، حتى استقامت لهم الحياة، ومصابون جبر مصابهم، وبلسم جراحهم، حتى نسوا المعاناة. فكان الآسي والمواسي والمتوجع، ولا قيمة لحياة لا يكون فيها المقتدر بماله أو بجاهه المنعم المتفضل.


لقد ترك برحيله فراغاً سيعيشه الموسرون قبل المعسرين، والأقوياء قبل الضعفاء، والمواطنون قبل المقيمين، ومن ذا الذي جمعت فيه خصال المؤمنين الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً. وكيف لا يترك موته فراغاً، وهو السبّاق إلى مكارم الأخلاق.


فجأ الموت أبا سليمان (صالح بن عبد الله السلمان) وهو يدير الأعمال، ويدبر الأموال التي سخرها لأهله وعشيرته، وأنفقها دون إسراف ولا تقتير. وموت الفجأة غنيمة للمؤمن، وحسرة على الكافر، وبموت مثله تموت سجايا حميدة.


لقد كان كريماً لا تكدره الدلاء.


ووفياً لا يند عن الوفاء.


وصديقاً صدوقاً يتفقد الأصدقاء.


ما خف قومه إلى مكرمة إلا كان في المقدمة.


وما مُدّت الأيدي إلى المغانم إلا كان في المؤخرة.


وما اثاقلوا عن مهمة إلا كان المستنهض للهمم.


وما ترددوا في أمر إلا كان العازم المتوكل.


أحبه الأمراء، والكبراء، والعامة، والدهماء، نسي نفسه في خدمتهم فذكروه في مجالسهم، وأشقى نفسه في حاجاتهم فأسعدوه بثنائهم.


كان حاضراً في الجمعيات الخيرية، والجماعات العلمية، وأصدقاء المرضى، وسائر الأعمال الجماعية، يمدها بماله ووجاهته، وكان شاهداً في كل المهمات، يشد أزرها بالقول السديد والعمل الرشيد. يسعى في حاجة الأرملة واليتيم، ويطعم البائس الفقير لوجه الله، لا يريد منهم جزاءً ولا شكوراً.


كل المحامد فيه سجية، تجري كما الريح الرخاء.


كان مشرَّع الأبواب لذوي المآرب، تدار في بيته مصالح البلاد والعباد، ويمرح في مزارعه الرجال والركبان، يتزود من ألبانها القانع والمعتر. لا يمل من فعل الخير، وكأنه خلق ليكون كريماً، فهو يحسب الكرم خِلقة في الأيدي، كما الملحية التي (تحسب الدمع خِلقةً في المآقي).


كان في مطلع حياته فقيراً، ذاق مرارة الفقر فلم ييأس. وكان في عنفوان كهولته غنياً، ذاق لذة النعيم، فلم يطغَ أن رآه استغنى.


وكان مريضاَ تغمره الأجهزة الطبية يوم أن فاجأته النوبة الأولى فلم يجزع، وتلك خلال جمعها الله له، فكان الصابر في البأساء، والشاكر في الضراء. نحسبه كذلك، ولا نزكي على الله أحداً.


كان صديقاً عزيزاً، عرفته عن قرب، وصحبته في أسفاره ورحلاته، ووقفت على خصال لا يعرفها إلا رفقة السفر، وما سمي السفر سفراً إلا لأنه يسفر عن وجوه الرجال. لقد كان بما أنعم الله عليه جديراً بالتأمّر على رفقته، ولكنه كما الصحابي الذي يشترط في سفره أن يكون المؤذن والخادم، لقد كان طيبا في المعشر، نقي المخبر، دمث الخلق، صافي السريرة، يؤثر ولا يستأثر.


ويوم أن فجأنا موته، كنا على موعد للرحيل إلى مشارف الرياض، لحضور احتفالية بعض أبناء بريدة بشفائه، إذ ما كنا متوقعين فراقه في زمن هو أحوج ما يكون إلى مثله في بذله السخي وأدائه الوفي.


كان في السادسة من مساء يوم الأربعاء 21-3-1427هـ يهاتف أصحابه لترتيب الرحلة، وفي السادسة والنصف فاجأته النوبة القلبية الثانية، وفي السابعة والنصف كان في عداد الأموات، فهل من مدكر؟


رحم الله أبا سليمان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجبر مصاب أهله وذويه وأصدقائه الذين كان لهم حبل الاعتصام، وليس من السهل أن تفارقنا، ولكننا بالتأبي كمن يغالب المستحيل.


والنفس إن رضيت بذلك أو أبت

منقادة بأزِمّة المقدار

http://www.al-jazirah.com/119345/ln28d.htm

--------------------------------------------------------------------

شكراً يادكتور حسن على ذكرمحاسن هذا الرجل والتأبين الرائع

مجرد رأي
21-04-06, 03:29 pm
جزاك الله خير اخي وسط البلد


على نقل هذا المقال الذي كتبه د. حسن الهويمل



عن الراحل الكبير الشيخ / صالح السلمان رحمة الله