المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدس عبر التاريخ


فليت بن قنه
15-04-06, 07:07 pm
القدس عبر التاريخ ..


يرجع تاريخ مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهي بذلك تعد واحدة من أقدم مدن العالم. وتدل الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها على عمق هذا التاريخ. وقد أطلقت عليها الشعوب والأمم التي استوطنتها أسماء مختلفة، فالكنعانيون الذين هاجروا إليها في الألف الثالثة قبل الميلاد أسموها "أورساليم" وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم. واشتقت من هذه التسمية كلمة "أورشليم" التي تنطق بالعبرية "يروشاليم" ومعناها البيت المقدس، وقد ورد ذكرها في التوارة 680 مرة. ثم عرفت في العصر اليوناني باسم إيلياء ومعناه بيت الله. ومن أهم الأعمال التي قام بها الكنعانيون في القدس شق نفق لتأمين وصول المياه إلى داخل المدينة من نبع جيحون الذي يقع في وادي قدرون والذي يعرف اليوم بعين سلوان.

سكان القدس الأصليون
سكنت قبيلة اليبوسيين -أحد البطون الكنعانية العربية- المدينة حوالي عام 2500 ق.م فأطلقوا عليها اسم يبوس.

العصر الفرعوني (16 - 14 ق.م)
خضعت مدينة القدس للنفوذ المصري الفرعوني بدءا من القرن 16 ق.م. وفي عهد الملك إخناتون تعرضت لغزو "الخابيرو" وهم قبائل من البدو، ولم يستطع الحاكم المصري عبدي خيبا أن ينتصر عليهم، فظلت المدينة بأيديهم إلى أن عادت مرة أخرى للنفوذ المصري في عهد الملك سيتي الأول 1317 – 1301 ق.م.

العصر اليهودي (977 – 586 ق.م)
دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة. فقد استطاع داود السيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً. ثم خلفه من بعده ولده سليمان الذي حكمها 33 عاماً.

وبعد وفاة سليمان انقسمت الدولة في عهد ابنه رحبعام وأصبحت المدينة تسمى "أورشليم" وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم الذي أشارت التوراة إلى أنه حاكم عربي يبوسي كان صديقاً لإبراهيم. (سفر التكوين- 14: 18-20، والرسالة إلى العبرانيين في الإنجيل 6:20،7:1-5).

العصر البابلي (586 – 537 ق.م)
احتل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه.

العصر الفارسي (537 - 333 ق.م)
ثم سمح الملك الفارسي قورش عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس.

العصر اليوناني (333 – 63 ق.م)
استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م. ثم في عام 198 ق.م أصبحت تابعة للسلوقيين في سوريا بعد أن ضمها سيلوكس نيكاتور، وتأثر السكان في تلك الفترة بالحضارة الإغريقية.

القدس تحت الحكم الروماني (63 ق.م – 636م)
استولى قائد الجيش الروماني بومبيجي Pompeji على القدس عام 63 ق.م وضمها إلى الإمبراطوية الرومانية. وشهد الحكم الروماني للقدس والذي استمر حتى عام 636م حوادث كثيرة، ففي الفترة من 66 إلى 70م قام اليهود في القدس بأعمال شغب وعصيان مدني قمعها الحاكم الروماني تيطس بالقوة فأحرق المدينة وأسر كثيراً من اليهود، وعادت الأمور إلى طبيعتها في ظل الاحتلال الروماني للمدينة المقدسة. ثم عاود اليهود التمرد وإعلان العصيان مرتين في عامي 115 و132م وتمكنوا بالفعل من السيطرة على المدينة، إلا أن الإمبراطور الروماني هدريان تعامل معهما بعنف وأسفر ذلك عن تدمير القدس للمرة الثانية، وأخرج اليهود المقيمين فيها ولم يُبق إلا المسيحيين، ثم أمر بتغيير اسم المدينة إلى "إيلياء" واشترط ألا يسكنها يهودي.

كنيسة القيامة
نقل الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى بيزنطة، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة فكانت نقطة تحول بالنسبة للمسيحيين في القدس حيث بنيت كنيسة القيامة عام 326م.

عودة الفرس
انقسمت الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى قسمين متناحرين مما شجع الفرس على الإغارة على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، ثم استعادها الرومان مرة أخرى وظلت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 636م.

الإسراء والمعراج (621م/ 10هـ)
في عام 621 تقريباً شهدت القدس زيارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعد إلى السماوات العلى.

العصر الإسلامي الأول (636 إلى 1072م)
دخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس سنة 636 /15 هـ (أو 638م على اختلاف في المصادر) بعد أن انتصر الجيش الإسلامي بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، واشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم عمر المدينة بنفسه فكتب معهم "العهدة العمرية" وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية. وغير اسم المدينة من إيلياء إلى القدس، ونصت الوثيقة ألا يساكنهم أحد من يهود.

واتخذت المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي واهتم بها الأمويون (661 - 750م) والعباسيون (750 - 878م) وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين. ومن أهم الآثار الإسلامية في تلك الفترة مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان في الفترة من 682 - 691م، وأعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م، وشهدت المدينة بعد ذلك عدم استقرار بسبب الصراعات العسكرية التي نشبت بين العباسيين والفاطميين والقرامطة، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م.

القدس إبان الحملات الصليبية
سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي نتيجة صراعات على السلطة بين السلاجقة والفاطميين وبين السلاجقة أنفسهم. وقتل الصليبيون فور دخولهم القدس قرابة 70 ألفاً من المسلمين وانتهكوا المقدسات الإسلامية. وقامت في القدس منذ ذلك التاريخ مملكة لاتينية تحكم من قبل ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على المسيحيين الأرثوذكس مما أثار غضبهم.

العصر الإسلامي الثاني
استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين، وعامل أهلها معاملة طيبة، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها.

الصليبيون مرة أخرى
ولكن الصليبيين نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلت بأيدي الصليبيين 11 عاماً إلى أن استردها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م.

المماليك
وتعرضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259م، وضمت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك الذين حكموا مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517م.

العثمانيون
دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق (1615 - 1616م) وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية. وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة. وفي الفترة من عام 1831 - 1840م أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي ثم عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى. وأنشأت الدولة العثمانية عام 1880 متصرفية القدس، وأزيل الحائط القديم للمدينة عام 1898 لتسهيل دخول القيصر الألماني وليام الثاني وحاشيته أثناء زيارته للقدس. وظلت المدينة تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى التي هزم فيها الأتراك العثمانيون وأخرجوا من فلسطين.

الاحتلال البريطاني (1917 - 1948م)
سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8 - 9/12/1917 بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني (1920 - 1948). ومنذ ذلك الحين دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور عام 1917.

مشروع تدويل القدس
أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بتدويل القدس.

إنهاء الانتداب البريطاني
في عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، فاستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية. وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 1948 أعلن ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الوليدة، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة يونيو/ حزيران 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الإسرائيلي.

تقع مدينة القدس على خط طول 35 درجة و13 دقيقة شرق خط غرينتش، وخط عرض 31 درجة و52 دقيقة شمالاً، وتقع على سلسلة من التلال تميل من الغرب إلى الشرق ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 720 و830 متراً، ونحو 1150 مترا عن سطح البحر الميت. وتبعد المدينة عن البحر المتوسط 54 كم، وعن البحر الأحمر 250 كم تقريباً.

طرق المواصلات
وتربط القدس عدة طرق ممهدة بكبريات المدن الفلسطينية وبعض العواصم العربية، فهي تبعد عن عكا 150 كم، وعن نابلس 65 كم، وعن الخليل 36 كم، وعن يافا 62 كم، وعن غزة 94 كم، وعن العاصمة الأردنية عمان 88 كم، وعن دمشق 290 كم، وعن القاهرة 528 كم، وعن بغداد 865 كم.

النواة الأولى
كانت النواة الأولى لمدينة القدس -كما تشير الحفريات- على تلال الضهور أو تل أوفل المطل على قرية سلوان من الجنوب الشرقي للحرم المقدسي الشريف، وكانت تقدر مساحتها آنذاك بـ 55 دونماً تسقيها عين أم الدرج. وبمرور الزمن أخذت المدينة تتوسع شيئاً فشيئاً ناحية مرتفع بيت الزيتون "بزيتا" في الشمال الشرقي، ومرتفع ساحة الحرم "مدريا" في الشرق، ومرتفع صهيون في الجنوب الغربي، وهذه المرتفعات كلها أصبحت اليوم تقع في داخل السور أو ما يعرف بالبلدة القديمة، ومساحتها حوالي كيلومتر مربع واحد، وهي التي توجد فيها المقدسات الخاصة بالأديان السماوية الثلاثة.

القدس الشرقية
القدس القديمة أو كما يطلق عليها القدس العتيقة هي تلك الموجودة داخل سور سليمان القانوني، ومساحتها 8,71 دونمات (الدونم = 1000 م2)، وطول السور 4,20 كم، وتقوم على أربعة جبال هي: الموريا، وصهيون، وأكرا، وبزيتا. أما الحرم القدسي الشريف فيقع في الجنوب الشرقي للقدس القديمة فوق جبل الموريا.

و"القدس الشرقية" هي نفسها القدس القديمة مضافًا إليها الأحياء التي أقامها المسلمون خارج السور مثل: حي الشيخ جراح، وحي باب الساهرة، وحي وادي الجوز، وظهر هذا الاسم نتيجة التركيز السكاني قبل قيام الدولة الإسرائيلية عام 1948 حيث تركز المسلمون بأغلبية كبيرة في القسم الشرقي في حين تركز اليهود في القسم الغربي.

القدس الغربية
أما القدس الغربية فهي القدس الجديدة التي نشأت في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين لتستوعب الهجرات اليهودية المتتالية، وقد اتسعت اتساعًا كبيرًا، وضمها البريطانيون إلى الحدود البلدية للقدس عام 1946، فصارت مساحة القدس كلها 19 كيلومترا مربعا، أي أكثر من عشرين ضعفًا من القدس العتيقة.

القدس الموحدة
يستعمل اليهود مصطلح "القدس الموحدة" للدلالة على القدسين معًا الشرقية والغربية، لأن المدينة انقسمت عقب حرب سنة 1948 فسيطر الصهاينة على الجانب الغربي منها واحتفظ الجيش الأردني آنذاك بالجانب الشرقي. وحين سيطر اليهود على القدس كلها يوم 7 يونيو/ حزيران سنة 1967 وحدوا المدينة وأصروا على فكرة "القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل".

القدس الكبرى
هي القدس الموسعة التي يحاول الصهاينة بها صنع هوية للمدينة تنمحي معها هويتها الإسلامية، فتبدو الأغلبية السكانية اليهودية كاسحة، وتصبح مساحة الأرض التي يسيطر عليها العرب صغيرة جدًّا بالنسبة لما يسيطر عليه اليهود.

ويستهدف مشروع القدس الكبرى تطويق الأحياء العربية في المدينة القديمة وفصلها عن الأحياء العربية القائمة خارج السور، مما يسبب صعوبة كبيرة للسكان تدفعهم إلى الهجرة خارج مدينتهم.

تطور عمراني
ولم يعد موضع المدينة القديمة يستوعب السكان والمباني السكنية، فامتد العمران خارج السور الذي بناه السلطان سليمان القانوني عام 1542 في جميع الجهات، وأنشئت الأحياء الحديثة فيما عرف بالقدس الجديدة، بالإضافة إلى الضواحي المرتبطة بالمدينة والتي كانت في الماضي قرى تابعة لها ثم اتصلت بها مثل قرية شعفاط وبيت حنينا وسلوان عين كارم.
تعد مدينة القدس بكل ما فيها آثارًا تاريخية للمسلمين والمسيحيين والإنسانية، وتضم إلى جانب المساجد والكنائس والأديرة مدارس ومنازل وقبابا وأسبلة، وأهم آثارها هو المسجد الأقصى الذي بني قبل الميلاد بأكثر من ألفي سنة، وهو ثاني مكان للعبادة بعد المسجد الحرام في مكة. والقدس هي أكثر الأماكن قدسية عند المسيحيين، ولهم فيها كنيسة القيامة التي بنيت في القرن الرابع الميلادي. وفيما يلي حديث عن أهم الآثار في المدينة المقدسة:

أولا: المسجد الأقصى
هو المسجد الذي أسري بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام إليه. والقصة وردت في القرآن في سورة الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله}.

وهو أيضاً أولى القبلتين حيث صلى إليه المسلمون سبعة عشر شهراً قبل أن يؤمروا بالتحول شطر المسجد الحرام، كما أنه ثالث الحرمين أهمية بعد الحرمين المكي والمدني.

وبالإضافة إلى ذلك فقد ظل المسجد الأقصى على مدى قرون طويلة مركزاً هاماً لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، ومركزاً للاحتفالات الدينية الكبرى، ومكانا لإعلان المراسيم السلطانية وبراءات تعيين كبار الموظفين.

عمر بن الخطاب والأقصى
وعندما جاء الخليفة عمر بن الخطاب من المدينة إلى القدس وتسلمها من أهلها في اتفاق مشهور بالعهدة العمرية، قام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجداً صغيراً عند مسرى النبي ومعراجه. وقد وفد مع عمر العديد من الصحابة منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبو ذر الغفاري.

الأمويون والأقصى
كان اسم المسجد الأقصى قديماً يطلق على الحرم القدسي الشريف وما فيه من منشآت أهمها قبة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان عام 72هـ/691م مع المسجد الأقصى والتي تعد واحدة من أروع الآثار الإسلامية، ثم أتم الخليفة الوليد بن عبد الملك البناء خلال فترة حكمه التي امتدت من عام 86 ـ 96هـ / 705 -714م.

ويختلف بناء المسجد الحالي عن بناء الأمويين، حيث بني المسجد عدة مرات في أعقاب زلازل تعرض لها على مدى القرون الماضية، بدءًا من الزلزال الذي تعرض له أواخر حكم الأمويين عام 130هـ/747م ومروراً بالزلزال الذي حدث في عهد الفاطميين عام 425هـ/1033م.

أبعاد وأطوال
يبلغ طول المسجد الأقصى من الداخل 80م وعرضه 55م، ويضم سبعة أروقة -رواق أوسط وثلاثة أروقة من جهة الشرق وثلاثة من جهة الغرب- ترتفع هذه الأروقة على 53 عموداً من الرخام و49 سارية من الحجارة.

وفي صدر المسجد قبة، كما أن له أحد عشر باباً، سبعة منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد في الجنوب.

آبار وأسبلة
يوجد في ساحة الأقصى الشريف خمسة وعشرون بئراً للمياه العذبة، ثمانية منها في صحن الصخرة المشرفة وسبعة عشر في فناء الأقصى، كما توجد بركة للوضوء. وأما أسبلة شرب المياه فأهمها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة لفتت أنظار الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد، إلى جانب سبيل البديري وسبيل قاسم باشا.

مآذن وقباب
وللمسجد الأقصى أربعة مآذن، والعديد من القباب والمساطب التي كانت مخصصة لأهل العلم والمتصوفة والغرباء، ومن أشهر هذه القباب قبة السلسلة، وقبة المعراج، وقبة النبي.

أروقة ومزاول
أما بالنسبة للأروقة فأهمها الرواق المحاذي لباب شرف الأنبياء، والرواق الممتد من باب السلسلة إلى باب المغاربة. كما يوجد به مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت.

حريق المسجد الأقصى
يأتي حريق المسجد الأقصى في إطار سلسلة من الإجراءات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية منذ عام 1948 لطمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس، ففي يوم 21/8/1969 قطعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية المياه عن منطقة الحرم، ومنعت المواطنين العرب من الاقتراب من ساحات الحرم القدسي، في الوقت الذي حاول فيه أحد المتطرفين اليهود إحراق المسجد الأقصى.

واندلعت النيران بالفعل وكادت تأتي على قبة المسجد لولا استماتة المسلمين والمسيحيين في عمليات الإطفاء التي تمت رغماً عن السلطات الإسرائيلية، ولكن بعد أن أتى الحريق على منبر صلاح الدين واشتعلت النيران في سطح المسجد الجنوبي وسقف ثلاثة أروقة. وادعت إسرائيل أن الحريق بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، ذكرت أن شاباً أسترالياً هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت بأن هذا الشاب معتوه ثم أطلقت سراحه.


منظر لحريق المسجد الأقصى
استنكرت معظم دول العالم هذا الحريق، واجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969 بأغلبية أحد عشر صوتاً وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، والذي أدان إسرائيل ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس. وجاء في القرار أن "مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى يوم 21/8/1969 تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر".

وذكّر بيان مجلس الأمن الدولي بقرارت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة ببطلان إجراءات إسرائيل التي تؤثر في وضع مدينة القدس، وبتأكيد مبدأ عدم قبول الاستيلاء على الأراضي بالغزو العسكري، ونص على أن "أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية في القدس، أو أي تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل كهذا يمكن أن يهدد بشدة الأمن والسلام الدوليين".

وأضاف المجلس أن تدنيس المسجد الأقصى يؤكد الحاجة الملحة إلى منع إسرائيل من خرق القرارت التي كان المجلس والجمعية العامة قد أصدراها بخصوص القدس، وإلى إبطال جميع الأعمال والإجراءات التي اتخذها لتغيير وضع المدينة المقدسة. ودعا إسرائيل إلى عدم إعاقة المجلس الإسلامي الأعلى في القدس عن أداء مهامه، بما في ذلك طلب المجلس مساعدات من الدول ذات الأغلبية المسلمة للقيام بعمليات ترميم وإصلاح الأماكن الإسلامية في القدس.

--------------------------------------------------------------------------------

ابن مصر08-10-2002, 08:19
ردود فعل إسلامية
عم الغضب الدول العربية والإسلامية، واجتمع قادة هذه الدول في الرباط يوم 25/9/1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها 30 دولة عربية وإسلامية، وأنشأت صندوق القدس عام 1976، ثم في العام التالي أنشأت لجنة القدس برئاسة العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني للمحافظة على مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية ضد عمليات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية.

حفريات إسرائيلية تحت الحرم
تعد الحفريات التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل تحت المسجد الأقصى من أهم الأخطار التي تحيق به، وقد بدأت هذه الحفريات منذ عام 1967 تحت البيوت والمدارس والمساجد العربية بحجة البحث عن هيكل سليمان، ثم امتدت في عام 1968 تحت المسجد الأقصى نفسه، فحفرت نفقاً عميقاً وطويلاً تحت الحرم وأنشأت بداخله كنيساً يهودياً. ولقيت هذه الحفريات استنكاراً دولياً واسع النطاق، فعلى سبيل المثال أصدر المؤتمر العام الثامن عشر لليونسكو قراره رقم 427/3 الذي يدين فيه إسرائيل لاستمرارها في حفرياتها وعبثها بالطابع الحضاري لمدينة القدس عموماً وللمسجد الأقصى على وجه الخصوص.

ثانيا : مسجد قبة الصخرة
لمسجد القبة تاريخ ديني عريق كما تتحدث المراجع التاريخية، فقد اتخذ إبراهيم عليه السلام عنده معبداً ومذبحاً، وهي التي أقام عندها يعقوب عليه السلام مسجده بعد أن رأى عموداً من النور فوقها، ونصب خيمة الزمان أو الاجتماع التي أنشأها موسى عليه السلام في التيه، وبنى داود عليه السلام عندها محرابه، وشيد سليمان عليه السلام عندها المعبد العظيم المنسوب إليه، كما عرج الرسول صلى الله عليه وسلم من فوقها إلى السماء في رحلة المعراج.

والهيئة الحالية لمسجد قبة الصخرة تمت في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وهو بذلك يعد من أجمل المباني الأثرية، وقد استوعبت في تصميمه وزخرفته الفنون التشكيلية الإسلامية والتراث الإنساني الفني. وبسبب تميز بناء المسجد وجماله فإنه الأكثر انتشاراً وتداولاً في موضوع القدس، حتى صار يرمز إلى القدس أكثر من المسجد الأقصى، ولم يعد كثير من الناس يميزون بين المسجدين.

ثالثا: المصلى المرواني
يقع مسجد المصلى المرواني في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى، وكان يطلق عليه قديماً التسوية الشرقية من المسجد الأقصى.

ويتكون المصلى المرواني من ستة عشر رواقاً، وتبلغ مساحته 2775 متراً مربعاً، وخصص زمن عبد الملك بن مروان كمدرسة فقهية ومن هنا اكتسب اسم المصلى المرواني. وفي أثناء الاحتلال الصليبي لبيت المقدس استعمله الصليبيون اسطبلا للخيول ومخزناً للذخيرة وأطلقوا عليه اسم إسطبلات سليمان، وأعاد صلاح الدين الأيوبي فتحه للصلاة بعد تحرير بيت المقدس.

وبالنسبة للسقف الحالي للمصلى فإنه يعود إلى عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، أما الأعمدة والأقواس الموجودة في المصلى فإنها تعود إلى عهد عبد الملك بن مروان، وأعيد افتتاحه للجمهور بعد عمليات ترميم عام 1996.

رابعا: حائط البراق
وهو الحائط الذي يحيط بالمسجد الأقصى من الناحية الغربية، ويعتبر جزءاً لا يتجزأ من الحرم المقدسي، وسمي بهذا الاسم لأنه المكان الذي ربط عنده الرسول صلى الله عليه وسلم براقه ليلة الإسراء والمعراج. ويسميه اليهود حائط المبكى لاعتقادهم أنه من بقايا هيكلهم الذي لم يعثر له غلى أثر حتى الآن.

خامسا: الأوقاف الإسلامية
من العقارات الموقوفة على الحرم المقدسي دار الأيتام الإسلامية، وتكية خاصكي سلطان، بالإضافة إلى خان سلطان وعدد آخر من الحمامات والدكاكين.


كنيسة القيامة

سادسا: الآثار المسيحية
تعتبر كنيسة القيامة التي بنتها الملكة هيلانة عام 325م من أهم الأماكن المقدسة للديانة المسيحية في مدينة القدس. ويأتي القبر المقدس كثاني أشهر الأماكن المسيحية في القدس، يضاف إلى ذلك عدة كنائس لكل منها ذكرى دينية مثل كنيسة السيدة العذراء في جبل الزيتون، وكنيسة مار يوحنا خارج كنيسة القيامة، وكنيسة الملاك ميخائيل الملاصقة للقبر المقدس. أما الأديرة فأشهرها دير السلطان، ودير مار أنطونيوس شمال شرقي كنيسة القيامة، ودير مار جرجس في حارة الموارنة.

وبالنسبة للمدارس المسيحية المهمة توجد المدرسة القبطية في القدس، ثم كلية الشهيدة دميانة للبنات التي تقدم خدماتها التعليمية حتى المرحلة الثانوية.


هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى كما تصورته جماعة أمناء الهيكل
سابعا: هيكل سليمان المزعوم
الهيكل عند اليهود هو بيت الإله ومكان العبادة، وباعتراف اليهود البدو الرحل أنفسهم أنه لم يكن لديهم مكان عبادة مقدس ثابت منذ عصر موسى إلى عصر النبي سليمان، بل كانت لوحات الوصايا العشر توضع في تابوت كان يعرف باسم تابوت العهد، هذا التابوت خصصت له خيمة عرفت بخيمة الاجتماع، ترحل مع اليهود أينما رحلوا.

وجاء تأسيس الهيكل ليكون المكان المفضل لوضع تابوت العهد، وليكون بيتاً لرب اليهود نتيجة تأثر اليهود بالحياة الحضرية في مدينة القدس. وشيد سليمان الهيكل على قطعة أرض غير معلومة في القدس، بل لا يوجد دليل -كما يقول الأثريون- على أن الهيكل الثاني شيد في موضع الهيكل الأول.

وتاريخ بناء الهيكل في القدس هو تاريخ تحول عبادة إسرائيل البدوية المتجولة إلى العبادة القربانية المركزية.

وتعد قضية إعادة بناء الهيكل واحدة من أهم القضايا المثارة بين اليهود الذين ينقسمون إلى صهاينة وغير صهاينة، فغير الصهاينة يعارضون فكرة العودة وبالتالي إعادة بناء الهيكل، في حين يعتبرها الصهاينة قضية محورية، وتوليها المنظمات الصهيونية المتطرفة اهتماماً شديداً جعلت معه هدم الآثار الإسلامية الموجودة في الموقع من أهم أهدافها. وعلى رأس هذه المنظمات "أمناء جبل الهيكل" التي يمولها المليونير الأميركي المسيحي الأصولي تيري رازنهوفر، والتي جعلت بناء الهيكل هدفها الأساسي، وأنشأت لذلك مدرستين تلموديتين بالقرب من حائط البراق لتدريب مائتي طالب على شعائر العبادة القربانية وهي الشعائر الخاصة بالهيكل.

وإحدى هذه المدارس "معهد جبل الهيكل" (يشيفات هبايت) وظيفتها الأساسية التعجيل ببناء الهيكل. وقامت هذه الجماعة بوضع حجر الأساس للهيكل الثالث عام 1989 في احتفال تحت إشراف رئيس الجماعة غرشوم سالمون. ويساند جماعة أمناء جبل الهيكل بعض أعضاء المؤسسة الدينية في إسرائيل.

ويرى المسيحيون الأصوليون أن بناء الهيكل هو الشرط الأساسي للعودة الثانية للمسيح، وهم ينظرون إلى قيام إسرائيل عام 1948 تأكيداً لنبوءات التوراة المزعومه حول نهاية العالم وإحلال مملكة جديدة مع المجيء الثاني للمسيح بعد عودة اليهود إلى الأرض المقدسة، وانتظرت المسيحية اكتمال خطة الرب بعد تأسيس إسرائيل.