تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جِنايَةُ المَدحِ على المَمْدوح


ناصرالكاتب
16-02-06, 01:33 am
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشاعر: وإن امرؤٌ مدَحَ امرأً لنواله .. وأطال فيه فقد أرادَ هِجاءَه

لي صاحبٌ أعاتِبُه –كثيرا- على مبالغتِه في الثناء، أو إكثاره منه، ليس تنقصا مني لمن مدح؛ بل لأن المدح إذا زاد عن حده انقلب ذمًّا؛ خاصة إذا سيق في غير موضعه؛ كأن تمجِّد (شخصًا) في مجلس لم يتبين للسامع فضلُ ممدوحك الذي استحق به هذا التمجيد.
فقد تجد حينئذ من السامع نقيض ما تريد؛ لأنَّك جعلتَ للممدوح صورةَ لابسِ الثوب الفضفاض الذي لا يتبين كمُّه من طرفه، ولا يظهر لك من لابسه إلانَفْسًا تتحرك داخل غطاء!
ولو أنك بينت للسامع الفضلَ الذي استحق به الممدوح ما نال؛ لعرفَ العلاقة بين «اللابِس» و«الملبوس».

وقد يكون السامعُ عارفا بفضل ممدوحك؛ لكن إسرافك في المدح هيَّج في نفسِه الحسد..

وأنت بذلك تفتح بابا للغيبة والبغضاء؛ دون قصدٍ منك!

وعلى المادح أن يقتصد في مدحه، وأن يضع الناس في مواضعهم، ثم عليه أن يُقِّدر موضع الكلام من الأحوال؛ فما في كلِّ وقتٍ (يحلو) المدح.

وقد رأيتُ من أمرِ صاحبي ما أكَّدَ لي صحة عتابي له ونصيحتي إياه؛ إذ ورد ذكر رجلٍ قريبٍ له، فانساق –كعادتِه- في الثناء، حتى أكثر، فهيَّجَ والدَه؛ فلم تطب نفسُ والده إلا بأن يذكر عيوبا لذلك الممدوح (المسكين)!.

فاقتصد أيها المادح في مدحك؛ فربَّ مدحٍ أظهرَ للناس -في الممدوح- عيبا.

وإنه ليسوؤني –في بعضِ الأحيان- أن أُمْدَح في مجمع من الناس، ويعودُ على نفسي من هذا المدح حرجٌ وضيق؛ وليس ذلك خوفاً من الرياء والعجب؛ إذ إن انقطاعَ النسب بيني وبين هذا المدح ظاهر؛ لكن ذلك من خشية الازدراء والتنقص الحاصل في نفوس السامعين تجاه الممدوح.

ولقد صدق ابنُ حزم رحمه الله حين قال:
«أبلغ في ذمك من مدحك بما ليس فيك، لأنه نبه على نقصك، وأبلغ في مدحك من ذمك بما ليس فيك لأنه نبه على فضلك، ولقد انتصر لك من نفسه بذلك وباستهدافه إلى الإنكار واللائمة». [رسائل ابن حزم: مداواة النفوس: 385]

ولبعضِ المدحِ جناياتٌ على الممدوح أخرى ..

اللهم أصلح قلوبَنا، واجعلنا من النمط الأوسط.

ABU SAQER
16-02-06, 08:59 am
شكرا لك..... أخوي ناصر الكتاب...

فعلا ... كل شي إذا زاد عن حده انقلب ضده...

ولكن عليك الحذر ممن يمدحك ... والله المستعان

عزف الحقيقة
16-02-06, 09:20 am
اخي الكريم00

الثناء والمدح لمن يستحق مطلوب00

والذي تعود على المدح والثناء لن يؤثر به أو يغيره مايسمع00

ولا ننسى ان المدح في بعض الاحيان يكون بخبث فالبعض يمشي عليه والبعض يمشيه والبعض يطير

في العجة00والمادح والممدوح يحتاجون الى حكمة0

لك الود0

أبوفارس الخالدي
16-02-06, 09:58 am
مبدع كعادتك عزيزي ناصر
بورك فيك

ناصرالكاتب
17-02-06, 08:38 am
Abu Saqer ، نزف الحقيقة، الخالدي..

حياكم الله، قرأتُ ما كتبتم، وشكرا لكم.

الرمادي
18-02-06, 09:25 pm
ولو أنك بينت للسامع الفضلَ الذي استحق به الممدوح ما نال؛ لعرفَ العلاقة بين «اللابِس» و«الملبوس».


أعتقد بأن ذلك نوع من المدح المحمود


وهو بلاشك ابلغ في تحقيق المقصود فبيان الفضل يدفع الآخرين إلى مدح الشخص



الف شكر اخي ناصر الكاتب لهذا الطرح الرائع



تقبل تحياتي ,,,,

ناصرالكاتب
21-02-06, 08:03 pm
صدقت أخي الرمادي؛ فذكر (المحاسن) أجدى في تحسين الصورة من إضفاء النعوت الكبيرة.