أقوللك ... هاتي الولد ...يامره؟؟

[شامية]

قصة واقعية عشتها ..

لا اريد أن اكدر صفوكم ..

ولكني لم اتمكن من الاحتفاظ بها في قلبي..

كان لا بد لي ان اشارككم بها..

منذ أيام تابعنا غرق العبارة المصرية التي تدعى "السلام" (بكل وقاحة) وكيف ان 1400 راكب وجدوا على متنها مصيرا لم يتوقعه احد منهم

وطبعا وكالعادة
نقول لا حول ولا قوة الا بالله
وانا لله وانا اليه راجعون

ولكن شيئا في صدري جعلني لا أقاوم البكاء عند سماع الخبر
ليش؟؟
لا أدري .. لم أكن أدري

فالناس يموتون في كل مكان في العالم
وهذا قضاء الله وقدره الذي نؤمن به بكل قلوبنا



شاهدت من سنين فيلم "تايتانك" السفينة التي غرقت بعد خروجها من ميناء ساوثامبتون البريطاني والتي كانت تحمل نفس عدد الركاب تقريبا وايضا مات معظمهم

ولكن الظروف تختلف في حالة "السلام"

أولا السلام كانت تحمل مسلمين من الطبقة العاملة يحملون ما قدرهم الله عليه بعد جهد السنين في الاغتراب... والتايتانك كانت تحمل نخبة المجتمع البريطاني والامريكي حينئذ ..والكارثة حصلت على بعد اميال معدودة من ميناء سفاجة ...والمسافة قريبة جدا... والاتصالات التي تعتبر ميزة القرن الواحد والعشرين معروف مقدرتها ...والحريق الذي بدأ بعد ساعة من مغادرتها ...وتصميم قبطانها على عدم لبس ستر النجاة(لعدم بث الرعب في انفس المسافرين) .. ورفضه العودة الى ميناء ضبا .. وعدم ارسال نداء الاستغاثة قبل وأثناء وبعد محاولة اطفاء الحريق لمدة اربع ساعات في البحر... واستقلاله بأول قارب للنجاة عند غرقها .. وعدم انتشال الناجيين من قبل السفينة الاخرى التي اقتربت من موقع الكارثة ... وكل هذه المعطيات .. الغريبة

ثانيا التايتانك غرقت منذ خمس وسبعين عاما أي قبل عصر الاتصالات والتطور و كانت السفينة التي انقذت الناجين عند موقع غرقها خلال اربع ساعات من استغاثتها .. نعم اربع ساعات .. في المحيط الاطلسي ..وليس البحر الأحمر .. يعني لو كان الجو معقول لما زاد عدد الضحايا عن العشرات ولكن المياه المتجمدة كانت المسبب الرئيسي في وفاة العدد الاغلب

كنت متأثرة جدا من أخبار الكارثة ولكن لم أكن أتوقع انني بدون أن أدري كنت من ضحاياها ..

جاءتني بالأمس قريبة علمت عند الاتصال بها من كم يوم بأنها كانت في جدة

قلت:

- كيف حالك ام عبدالله ؟
وجهها يعبر عن فاجعة تكمن في صدرها .. بالكاد تكاد تنطق .. أعرف انها امراة قوية بالله.. قادرة على تحمل المصاعب.. وهي مصابة بمرض السرطان القاتل .. واستطاعت أن تواجهه بإيمانها .. ورباطة جأشها ..

- الحمد لله على كل شيء

- كنت في جدة؟؟
- اي والله ليش ما عرفتي؟؟

- عرفت ايش؟
- ايش اقوللك بس؟ .. ام فيصل ..

- مالها ام فيصل ؟
- هي .. وابنها .. وحفيدها .. وبنتها ..

- ايش فيهم؟؟
- رحمة الله عليهم .. في ذمة الله ..!!

- معقولة .. كيف؟؟ .. قولي الله يخليكي .. انا ماشفتها من عرس ابنها من سنتين .. بس...كيف؟؟
- آآآآه....(تبكي)

- في حادث؟؟ طيب وزوجة ابنها؟؟
- لا ما فيها شي

- كيف يعني كيف ماتو كلهم ؟ .. يعني الام وبنتها وابنها وحفيدها محمد الرضيع ..هي كلمتني قبل ما تسافر وقالتلي تبغين شي من مصر انا مسافرة.. كانت تقول انها ما ودها تسافر .. ما بمرتاحة للسفرة.. الاجازة قصيرة و مو مستاهلة العنا.. بس الاولاد ودهم يغيرون جو بعد ولادة زوجة فيصل .. ابنها الوحيد .. وفرحانين بأول طفل بالعائلة .. عمره اربع شهور بس.. كيف قوليلي.. كيف؟؟
.
.
.


- في.... العبارة

كنت اتابع الخبر .. واتذكر فيلم التايتانك .. كنت افكر بأن كل شخص قضى في تلك الكارثة .. كما في غيرها من الكوارث والمصائب والحروب والقتل والدماء والارهاب وكل ما يدور حولنا في هذا العالم يوميا... كل انسان .. هو مركز الكون .. بالنسبة لمن حوله.. لأمه .. لاخته..زوجته التي تكون في انتظاره على سفرة العشاء.. ابنه الذي طلبت منه مدرسة العربي دفترا جديدا .. ومسطرة .. ابوه المصاب بالسرطان والذي يحتاج الى الدواء.. اخته التي تنتظر عرسها الصيف القادم .. نعم وراء كل انسان على وجه الارض .. اناس هو بالنسبة اليهم ..مركز الكون .. وان لم يشعروا بذلك..

كنت اتابع الخبر ... ولم اتألم أكثر من غيري ..
رغم اني تألمت ..

لأن المباراة التي لعبت في نفس يوم غرق السفينة .. كانت تحظى بتغطية اكبر في وسائل الاعلام ..
ولأن أكثر الذين توفاهم الله في الحادث .. ماتو بعد صراع الموج .. اثنا عشر ساعة.. الام والاب والشيخ والبنت والطفل الرضيع ... ماتوا أمام أعين من يحبون .. ولم يكن لأي منهم حول ولا قوة
الماء بارد .. ولكن يمكن لمن يعرف السباحة .. ولمن يرتدي سترة النجاة أن يتحمله .. درجة الحرارة في الساعة الثانية صباحا .. وفي الظلام الدامس .. سبع درجات .. 12 ساعة؟؟

ولأن "السلام" لم تكن "سفينة مصرية" .. فالقانون المصري يمنع ان تحمل العبارة علم مصر اذا كان عمرها تجاوز العشرين سنة.. وعبارتنا المصونة قاربت سن اليأس . ولذلك قام الأذكياء بتسجيلها في شركة بنمية اصحابها من ذوي النفوذ في مصر .. وفوق القانون..

ولأن أصحاب السفينة يعلمون بأن غرقها واستلام مبلغ التأمين ... لهو اربح كثيرا .. من احالتها على التقاعد.
وفهمكم كفاية ..


أقوللك ... هاتي الولد ...يامره؟؟

كيف كان هذا عنوان مقالتي؟؟
اخبركم..

في عائلة ام فيصل ..
العروس الناجية ..

تقول ام عبدالله انها عندما ذهبت الى جدة لاستقبالها في المطار
كانت تمشي دون أن تلتفت الى ما يحيطها
كانت لا تزال في صدمة مهولة .. لن تنساها أبدا ..
كانت تصيح.. كاشفة عن وجهها ..
كانت تقول:

أقوللك ..هاتي الولد .. يا مره!!
أقوللك ... هاتي الولد ...يامره؟؟
أقوللك ... هاتي الولد ...يامره؟؟

عندما سقطت العائلة في المياه الباردة .. في الساعة الثانية .. بعد منتصف الليل ..كانت تضم ولدها محمد الى صدرها.. سقطت في الماء .. والدم.. سمعت فيصل.. زوجها.. يناديها .. سبح باتجاهها .. وهي تحاول رفع محمد فوق سطح الامواج .. كادت تغرق .. ومحمد ..في شهره الرابع .. لا يعرف الا الصياح .. ولكنه كان يعلم بأن ثمة أمر جلل حدث ..أوعلى وشك أن يحدث.. فات موعد رضاعته .. كان يصرخ بعد ساعات في الماء البارد .. .. أبوه خاف عليه .. اعتقد بأن فرصته في النجاة كانت أفضل إذا كان معه .. ترك زوجته لتسبح حرة وتحاول ان تتجنب الغرق .. لم تقبل في بادئ الأمر.. أرادت أن تكون مع ابنها محمد أو ... معه
صرخ فيصل في وجهها وهي لا ترى وجهه بين الأمواج وفي ذلك الظلام الدامس..

أقوللك ..هاتي الولد .. يا مره!!

سحب الرضيع من بين يديها .. قاومت .. سحبه ثانية .. وضمه الى صدره .. سكت محمد .. موجة قويه ابعدتها عنهما .. كانت تلك .. آخر ما سمعته من فيصل..
.
.
.
كانت تجدف بيديها .. تسبح على قدر ما تستطيع.. لم تقدر على الصبر اكثر .. عينها تتعلق بآخر موجة رأتها تخفي معالم ابنها وزوجها بعيدا عنها.. ومرت ساعات .. انتبهت الى مجداف خشبي يطعن ظهرها .. كان زورق نجاة بالقرب منها .. انتشلها بعض الناجين بقارب هوائي.. كان الزحام شديدا .. الرجال والنساء.. بدون محارم ..والأطفال وحتى بعض العجائز .. في ذهول ..كان على الجميع أن يحاول تفريغ القارب من الماء .. باليدين.. بالجزمة .. بحمالة الصدر.. بأي شيء ..
.
.
مر القارب برجل يحمل رضيعا .. مع لحظات النهار الاولى.. لم يكن هناك متسع في القارب مطلقا .. كان فيه ما يزيد على خمسين .. صرخ الرجل .. طيب خذوا الولد وخلوني .. مد بعض الناجين ايديهم .. ومد الرجل يديه .. بالطفل اليهم .. اسقط الموج الطفل بينهم .. في الماء .. وغاص أبوه خلفه .. رأى بعضهم وجه الطفل يغوص بصمت تحت الماء .. كان أبعد من أن يحاول احدهم انقاذه .. لم يظهرا ثانية .. كانت تنظر في اتجاه الشمس التي بدأت في الظهور.. ومضى قارب النجاة .. في عرض البحر

ومنذ تلك الساعة .. وهي تكرر .. أقوللك ..هاتي الولد .. يا مره!! .. في قلبها .. نعم كان صوتها في قلبها مع رضيعها الغارق .. لم تتحرك .. وتحرك صوتها من قلبها .. في شرايينها وأوردتها.. الى أن وصل الى حلقها.. فخرج صمتا.. سرعان ما استحال .. صراخا

وفي لندن.. يجلس وفد من اصحاب العبارة .. على رأسهم الشخصية الهامة.. يرتدون معاطف كشمير من صنع ايف سان لوران .. على بدلات فيرساشي.. يدخنون سيجارا كوبيا .. ويقبضون مئات الملايين من الجنيهات .. من شركات التأمين .. وشركات اعادة التأمين .. فالكارثة .. كبيرة

لماذا تهمنا الكوارث أكثر عندما تصيب من يخصنا .. اجيبوني يا رعاكم الله..

(للعلم فقد قمت بتغيير بعض الاسماء حفاظا على خصوصية العائلة التي فقدت اعزاءها في هذا الحادث الأليم وهي عائلة من عائلات بريدة)

[عيون الصقر]

والله مصيبة ياشامية كارثة سنين وهذه العبارات المتهالكة تنقل البشر بالالاف تغامر بحياتهم بسفن الخردة ولا يتحرك ساكن ناس انعدمت الرحمة والاحساس بالمسؤولية والامانة من قلوبهم همهم مايجنون من حطام والله اني ممن تألم للحدث ولا احاول ان انظر الى الصور او المشاهد ومقهور من غباء القبطان وموقفه الخائن ومن الشركة الناقلة المجرمين الذين امروا القبطان بالاستمرار والمشكله لا يوجد صخب يورث المحاسبة واخذ الحيطة في المستقبل الف انسان هكذا بغمضة عين حتى الناجين امضوا ثلاثين ساعة لم يسعفهم احد رغم قرب المسافة وتوفر الامكانات والمصيبة اكثر يمر قبالتهم عبارة اخرى وتتركهم لانها تلقت اوامر بالاستمرار مجرمين بمعنى الكلمة ويستحقون الشنق لانهم زرعو الحرمان والحزن والالم في اسرة كل فرد من الذين ابتلعهم البحر واكلتهم الاسماك متى سوف نصحوا لمثل هذه المآسي.

صحيتي المواجع يالشامية

تحيات عيون الصقر .. الحزين

[جناان]

لااجد ان ان ادعوا لهذه الثكلى
ولغيرها ان يخلف الله عليهم بخير
واننا نتسال بحرقة اييييين الحسيب على هؤلاء
ومن هو على شاااكلتهم ممن يستهينون بأرواح الابرياء في سبيل المادة ؟؟؟

[هامة حاسوبية]

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه

حديثك محزن للغاية

وأنا أقرأ بدأ ينعاد أمام عيني فلم التايتانيك

ولكن بشخصيات مسلمة يحزن عليها القلب ..........

رحمهم الله وتقبلهم شهداء ولازلنا بانتظار ردة الفعل القوية من الجهات المسؤلة

[الرمادي]

أختي العزيزة شاميه


ربما لم نبكي او نتألم لفقد احد من ركاب تلك العباره لشخصه


إنما كان البكاء داخلنا على حالنا كعرب ومسلمين لا تمثل ارواحهم ذات قيمة لدى حكوماتهم


ماحدث وماسيحدث من اهتمام بقضية غرق العباره يجعلنا نثق تمام الثقة بأن مصالح علية القوم اهم من ارواح الشعوب بكثير




تحياتي ,,,

[شامية]

الاخوة والاخوات الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسعدني وشرفني مروركم الكريم
وتعليقاتكم التي تثلج الصدر

حماكم الله ورعاكم
والف الف شكر