المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تخدعوا فالقضيه ليست الإسلام ضد العلمانية


المجمعة ديرتي
10-02-06, 02:26 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع منقول من جريدة الأنباء الكويتية ليوم الاحد الموافق 6 محرم 1427

بقلم : روبرت فيسك من صحيفة الإندبندنت البريطانية


إذن الامر تصوير النبي محمد بشكل كاريكاتيري يظهر عمامته على شكل قنبلة يدوية ! ثم سحب سفراء من الدنمارك , ومقاطعة خليجية للبضائع الدنماركية , وتهديد مسلحين في غزة ضد الاتحاد الاوروبي.

وفي الدنمارك سكرتير تحرير "الثقافة" في صحيفة مغمورة , الذي نشر هذه الكاريكاتيرات السخيفة- للمرة الاولى في سبتمبر الماضي- يعلن بصفاقة أن الأمر هو " صراع للحضارات" بين الديموقراطية الغربية والمجتمع الاسلامي . وكأن الخيال الطفولي لهذا الصحافي أصبح يضاهي خيال أشهر كاتب قصص أطفال دنماركي وهو هانس كريستيان أندرسن.

يالله!! ماثبت لنا هو "الحماقة الطفولية من الحضارات"!
لنبدأ البداية الصحيحة لهذه القضية , ونعتمد على الحقائق. القضية ليست العلمانية في مواجهة الاسلام , فالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)للمسلمين هو من تلقى الوحي الإلهي مباشرة من الله , بينما نحن في الغرب نرى أنبياءنا كشخصيات تاريخية كارتونية باهته تتعارض مع حقوقنا المدنية وتطورنا العلمي . الحقيقة تقول إن المسلمين يعيشون حياتهم بدينهم , أما نحن فلا .
المسلمون أبقوا على إيمانهم بمعتقدهم, أما نحن فلم. المسلمون أبقوا على قيمهم الدينية وتاريخهم أما نحن فتلاشى لدينا تاريخ وقيم لأدياننا منذ أن كنب ماثيو ارنولد :" مثل البحار كبيرة تبتلع الصدى". لهذا نحن نتحدث عن الغرب مقابل الإسلام ", لأن المسيحيين في الغرب قد اضمحلوا!

ولانستطيع أن نتجاهل تلك الحقائق فنقول لماذا لا يسمح لنا بانتقاد الديانات الأخرى ورموزها وتصويرها بشكل كاريكاتيري , مثل ماتم مع النبي محمد(صلى الله عليه وسلم)؟! وبكل بساطة يمكننا أن نمارس " نفاقنا " حين التحدث عن الأديان ومشاعرنا تجاهها !

إنني أستذكر اليوم ماحدث من ردود أفعال قبل أكثر من عقد من الزمن, حين عرض فيلم " الغوايات الأخيرة للمسيح" , وأظهر الفيلم المسيح كرجل يمارس الحب مع امرأة . في باريس أشعل المسيحيون النار في بعض دور السينما التي عرضت الفيلم و قتل شاب جراء ذلك .
وذاكرتي تعود بي لثلاث سنوات مضت , حين دعيت كمحاضر في عدد من الجامعات الأميريكية , وكانت محاضرتي تحت عنوان " 11/9/2001 : اسألوا من قام بها , ولكن بربكم لاتسالوا لماذا ", فقامت إحدى الجامعات بشطب كلمة "بربكم" من العنوان , وكان التبرير: حتى "لا تجرح المشاعر"!
آه... لدينا نحن من يحافظ على تلك المشاعر , بينما نطالب المسلمين بالقبول بمبدأ "العلمانية"و"حرية الرأي" أو حتى "الرسم الكاريكاتيري السخيف" ولكن هذا لايدخل ضمن "عدم جرح المشاعر" إذا كان الامر يتعلق بديننا و معتقداتنا ! وضحكت ساخرا حين سمعت قادة سياسيين أوربيين يبررون الامر بأن " لاسلطة لديهم على حرية الرأي , أو ماتنشره الصحف" , فهذا الامر هراء . فلو كان ذلك الكاريكاتير السخيف عن رجل دين يهودي- بدلا من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لصرخ الجميع ومنهم هؤلاء القادة: " هذا الامر ضد السامية "! وهذا من حق الجميع , كما من حق الاسرائليين أن يشتكو من الكاريكاتيرات المعادية للسامية التي تنشرها الصحف المصرية.
بل إن هناك قوانين في فرنسا و المانيا والنمسا ودول اوروبية أخرى تعاقب من ينكر حدوث المذابح التي حدثت لليهود و الارمن.

وفيما ذكرت من أمثلة رد قاطع وصريح على ماذكره هؤلاء القادة الاوروبيون في أن حرية الراي والنشر لاتخضع لقوانين , وعليه فإن إنكار حدوث مذابح لليهود مخالف للقوانين , ولكن أمورا أخرى يحددها إطار حرية الرأي والنشر !

هذا "الموقف المزدوج " من الغرب تجاه منع كل مايمس بمذابح اليهود لأنه "معاد للسامية" وفي المقابل إذا مس رمز المسلمين نبيهم محمد (صلى الله عليه وسلم) يصبح الامر معاديا "للعلمانية".
ولو تم النشر في إطار احترام الآخر والدعوة للتقارب والانفتاح لوجدنا الترحيب من الجانبين خاصة ممن يحمل فكرا اسلاميا مستنيرا ولكن ماتم من نشر كان بصورة استفزازية تثير الاحقاد فجاء رد الفعل على قدر الفعل.
وليس من المفيد اليوم صراخ الغرب بتفاهات صامويل هنتينغتون وشعاره "صراع الحضارات" ونحن نتعامل مع ايران الاسلامية وماانتجته الانتخابات العراقية من نجاحات للاسلاميين وكذلك الامر بالنسبة للاخوان المسلمين في مصر الذين حازوا على 20% من مقاعد البرلمان هناك , وعلينا التعامل مع حماس التي بيدها مقاليد الحكم في فلسطين هذه النتائج ماهي الا رسالة موجهة لنا نحن في الغرب أليس كذلك !! الرسالة الواضحة للغرب وبالاخص للولايات المتحدة الامريكية أن ملايين الناخبين صوتوا ضد السياسات الامريكية ومن يمثلها في بلدانهم فاختاروا الاسلام ضد الانظمة الفاسدة التي فرضت عليهم, وتأتي تلك الرسوم الكاريكاتيرية السخيفة من الدنمارك لتشعل المشاعر وتؤججها بشكل خطير .

الأمر ليس نشر كاريكاتير سخيف بل تصوير النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) وكأنه بن لادن وجعل رمز الاسلام رمزا ارهابيا وبالتالي يصبح الاسلام دينا ارهابيا اليس كذلك ؟! أو هل نحن في الغرب ندفع بذلك ؟!