حبيب العوني
03-12-05, 11:37 pm
رياض الفكر
مراقبة أداء نُظَّار الوقف!!
سلمان بن محمد العُمري
الوقف سنة عظيمة من سنن الإسلام، لتحقيق التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع المسلم، وعلى مر العصور، كانت الأوقاف الخيرية والأهلية رافداً فاعلاً، ليس فقط في سد احتياجات المعوزين من أبناء الدول والمجتمعات الإسلامية، بل ودعم كل جهود التطور والرقي والتنمية من خلال دعم مناشط التعليم، وكفالة طلبة العلم، وبناء المدارس، وغيرها من أبواب الخير التي تحقق مقاصد الشريعة.
على الرغم من أهمية الأوقاف، ومايرتبط بها من خير يناله الواقفون، والموقوف عليهم في ذات الوقت، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض الأوقاف الأهلية لا تتحقق بها مقاصد الشريعة، لا لقصور في الأوقاف ذاتها، بل بسبب مخالفة النظَّار القائمين عليها لشروط الواقفين، فينفقون غلة الأوقاف في غير ما أراد الواقف، أو يهملون في صيانة الوقف وتجديده، فيصيبه العطب والخراب، وتندثر أصوله، وتتوقف منافعه، من دون أدنى مساءلة، أو حساب من قبل الجهات القضائية باعتبارها الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء نظّار الأوقاف.
والمتأمل لكثير من النزاعات حول الأوقاف الأهلية يجد أنها غالباً بين أبناء أو أشقاء صاحب الوقف، الذين ربما وجدوا أنهم لا يستفيدون من هذا الوقف، كما أراد أبوهم أو أخوهم في وقفيته، لأن ناظر الوقف الذي ربما كان أيضاً من العائلة، راح يتصرف في غلة الوقف على هواه من دون أدنى اعتبار لشروط الواقف، بل انحرف بعض النظار بالوقف عن أهله المستحقين له بنص الواقف، بل ربما حرم أولاد الواقف نفسه، وأخذها البعيد من القرابة بغير حق، وإذا كان بعض المستحقين أو المستفيدين من هذا الوقف لجأوا إلى القضاء للحصول على حقوقهم، فإن الكثيرين يخجلون من طرق أبواب المحاكم، ورفع دعاوى قضائية ضد ناظر الوقف حفاظاً على أواصر القربى وصلة الرحم، فقد يكون عمهم أو خالهم أو أخوهم الأكبر هو الناظر، أو بسبب عدم معرفتهم أصلاً بما نصت عليه الوقفية، وترتيب المستفيدين منها!!
والطامة الكبرى حين يبلغ الناظر من العمر عتياً، ويصبح غير قادر على إدارة شؤون الأوقاف، ويبدأ أبناؤه بالتصرف بالوقف وكأنه حق مشاع.. وتبقى تلك الأموال في ذمته وأبنائه.
وإذا كان الفقهاء قالوا: إن شرط الواقف كنص الشارع، للتدليل على ضرورة الالتزام بشروط الواقفين، وعدم مخالفتها، فإن مراقبة مدى التزام النظار بشروط الواقفين لا يجب أن ينتظر دعوى قضائية يرفعها المتضرر من مخالفة هذه الشروط بعد وقوع الضرر والمخالفة، والأولى أن يُحال قبل وقوع الضرر والمخالفة أصلاً، وهذه هي مسؤولية القضاء، لإيجاد آليات دقيقة لمراقبة أداء نظار الأوقاف الأهلية، والوقوف على مدى التزامهم بشروط الواقفين، طالما أنها لا تخالف الشريعة، ومع التطور الذي يشهده تنظيم القضاء في بلادنا في الوقت الحالي، نتطلع إلى الإسراع بإيجاد مثل هذه الآليات حمايةً لأصول الأوقاف من الاندثار، واحتراماً لشروط الواقفين وحقوق المستفيدين، وكذلك حمايةً للعلاقات العائلية، حتى لا يجد بعض المستفيدين من الأوقاف نفسه مضطراً لرفع دعاوى قضائية ضد عمه أو خاله أو أخيه.. والله المستعان.
alomari1420@yahoo.com
مراقبة أداء نُظَّار الوقف!!
سلمان بن محمد العُمري
الوقف سنة عظيمة من سنن الإسلام، لتحقيق التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع المسلم، وعلى مر العصور، كانت الأوقاف الخيرية والأهلية رافداً فاعلاً، ليس فقط في سد احتياجات المعوزين من أبناء الدول والمجتمعات الإسلامية، بل ودعم كل جهود التطور والرقي والتنمية من خلال دعم مناشط التعليم، وكفالة طلبة العلم، وبناء المدارس، وغيرها من أبواب الخير التي تحقق مقاصد الشريعة.
على الرغم من أهمية الأوقاف، ومايرتبط بها من خير يناله الواقفون، والموقوف عليهم في ذات الوقت، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض الأوقاف الأهلية لا تتحقق بها مقاصد الشريعة، لا لقصور في الأوقاف ذاتها، بل بسبب مخالفة النظَّار القائمين عليها لشروط الواقفين، فينفقون غلة الأوقاف في غير ما أراد الواقف، أو يهملون في صيانة الوقف وتجديده، فيصيبه العطب والخراب، وتندثر أصوله، وتتوقف منافعه، من دون أدنى مساءلة، أو حساب من قبل الجهات القضائية باعتبارها الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء نظّار الأوقاف.
والمتأمل لكثير من النزاعات حول الأوقاف الأهلية يجد أنها غالباً بين أبناء أو أشقاء صاحب الوقف، الذين ربما وجدوا أنهم لا يستفيدون من هذا الوقف، كما أراد أبوهم أو أخوهم في وقفيته، لأن ناظر الوقف الذي ربما كان أيضاً من العائلة، راح يتصرف في غلة الوقف على هواه من دون أدنى اعتبار لشروط الواقف، بل انحرف بعض النظار بالوقف عن أهله المستحقين له بنص الواقف، بل ربما حرم أولاد الواقف نفسه، وأخذها البعيد من القرابة بغير حق، وإذا كان بعض المستحقين أو المستفيدين من هذا الوقف لجأوا إلى القضاء للحصول على حقوقهم، فإن الكثيرين يخجلون من طرق أبواب المحاكم، ورفع دعاوى قضائية ضد ناظر الوقف حفاظاً على أواصر القربى وصلة الرحم، فقد يكون عمهم أو خالهم أو أخوهم الأكبر هو الناظر، أو بسبب عدم معرفتهم أصلاً بما نصت عليه الوقفية، وترتيب المستفيدين منها!!
والطامة الكبرى حين يبلغ الناظر من العمر عتياً، ويصبح غير قادر على إدارة شؤون الأوقاف، ويبدأ أبناؤه بالتصرف بالوقف وكأنه حق مشاع.. وتبقى تلك الأموال في ذمته وأبنائه.
وإذا كان الفقهاء قالوا: إن شرط الواقف كنص الشارع، للتدليل على ضرورة الالتزام بشروط الواقفين، وعدم مخالفتها، فإن مراقبة مدى التزام النظار بشروط الواقفين لا يجب أن ينتظر دعوى قضائية يرفعها المتضرر من مخالفة هذه الشروط بعد وقوع الضرر والمخالفة، والأولى أن يُحال قبل وقوع الضرر والمخالفة أصلاً، وهذه هي مسؤولية القضاء، لإيجاد آليات دقيقة لمراقبة أداء نظار الأوقاف الأهلية، والوقوف على مدى التزامهم بشروط الواقفين، طالما أنها لا تخالف الشريعة، ومع التطور الذي يشهده تنظيم القضاء في بلادنا في الوقت الحالي، نتطلع إلى الإسراع بإيجاد مثل هذه الآليات حمايةً لأصول الأوقاف من الاندثار، واحتراماً لشروط الواقفين وحقوق المستفيدين، وكذلك حمايةً للعلاقات العائلية، حتى لا يجد بعض المستفيدين من الأوقاف نفسه مضطراً لرفع دعاوى قضائية ضد عمه أو خاله أو أخيه.. والله المستعان.
alomari1420@yahoo.com