المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهوة ... تبني مسجدًا!


aasdf
04-10-05, 06:15 pm
http://www.buraydh.com/mntda/buraydh1111.gif

هل سبق وذهبت إلى تركيا؟

إذا تيسر لك ذلك فيما سيأتي من الزمان فانطلق إلى مدينة اسطنبول في منطقة تسمى 'فاتح' واسأل هناك عن مسجد اسمه 'صانكي يدم' وعندما تجده قف أمامه طويلاً وتأمله، وأنا أقص عليك حكايته.

يروى الأستاذ الفاضل 'أورخان محمد على' في كتابه الشيق 'روائع من التاريخ العثماني' قصة لأقرب اسم جامع في العالم 'صانكي يدم' وترجمتها بالعربية : 'كأنني أكلت' 'افترض أني أكلت' وراء هذا الاسم الغريب تختفي قصة أغرب يحكيها لنا الأستاذ الفاضل 'أورخان' فيقول:

'كان يعيش في منطقة 'فاتح' في اسطنبول شخص اشتهر بالورع اسمه 'خير الدين كجي أفندي' وكان هذا الرجل عندما يمشي في السوق وتتوق نفسه لشراء فاكهة أو لحم أو حلوى يقول في نفسه 'صانكي يدم' 'كأنني أكلت'. ثم يضع ثمن تلك الفاكهة أو اللحم أو الحلوى في صندوق له ومضت الأشهر والسنوات وهو يكف نفسه عن كل لذائذ الأكل ويكتفي بما يقيم أوده فقط. وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئًا فشيئًا حتى استطاع بهذا المبلغ الموفور القيام ببناء مسجد صغير في منطقته، ولما كان أهل المنطقة يعرفون قصة الرجل وكيف أمكنه بناء المسجد مع فقره أطلقوا عليه اسم 'جامع صانكي يدم' أو 'جامع كأنني أكلت'.

عزيزي الشاب:

لا تخش شيئًا لست أحكي هذه القصة كي أطالبك بالامتناع عما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة ولكن لأنبهك أن شهوتك تبني فلا تجعلها تدمر، وتبني وتقيم لا لتدمر وتهدم وتفسد، فلا يخلق الله شرًا محضًا, إنه أنت من جعلها شرًا بتوجيهها إلى غير ما أراد الله وأحب.

الشهوة ليست شرًا ولا غولاً ولا وحشًا إذا هاج حطم كل الحواجز والحدود بل هو طاقة أودعها الله الجسد لتصرف في مصارفها فتستقيم الحياة وتتزين.

إذن من أين تأتي مأساتنا مع الشهوة؟

إنها تنبع من تصوراتنا حولها وحول مجتمعنا والصواب والخطأ والحلال والحرام وفوق ذلك كله جهلنا بحقيقة أنفسنا ومنابع القوة فيها ووسائل استنفاذها من براثن الجهل والوحل واليأس.

إنني على يقين لا يقبل أدني شك أن الإنسان خلقه الله تعالى لعمارة الأرض وتحمل مسئولية باقي المخلوقات بأن يعاملها بشرع الله تعالى من جماد وحيوان ونبات, هذا الإنسان لا يمكنه أن يقف عاجزًا أمام شهوة قد أسلم القياد لها إلا بمحض إرادته ورغبته.

هل تملك حيوانًا أليفًا في منزلك؟

لقد دخلنا الكثير من البيوت التي ترى هذه الحيوانات الأليفة فرأيناها تختفي بمجرد رؤيتنا وتستحي من مقابلتنا، وإذا ظهرت لنا ظهرت معها الوداعة والرقة والألفة كلها، ودخلنا بيوتًا أخرى كنا بمجرد مد أيدينا لمداعبة الحيوانات المرباة فيها نفاجئ بعودة أيدينا مخدوشة أو مجروحة، ونحن لم نمدها إلا للألفة والمداعبة. فما الفرق؟

تبين الفرق بسؤال أهل البيت عن كيفية التعامل مع هذا الحيوان فتأتيك الإجابة أعجب من العجب، إننا نحمله ونضربه في الحائط .. نمسكه من ذيله ونجعله يدور حتى يدوخ .. إلخ.

وعلى الجانب الآخر ترى في البيت الأول تعاملاً شديد الآدمية والرقة والاحترام ... وهكذا الشهوة.

يا من علمت شهوتك الافتراس ... شهوتك تحتاج أن تروض لتنال الأدب الذي هتكته أنت، ويا من لم تؤذ شهوتك ولم تعلمها الافتراس انتبه فقد قيل 'علمته الرماية فكنت أول من رماني'.

إننا ونحن نخاطب شباب الإسلام حول قضايا الشهوة إنما ينبغي أن نتنبه أننا إنما نخاطب نوعين رئيسيين من الشباب:

الصنف الأول: نوع لم يهتك شهوته وحاجز عفته بأي شكل من أشكال التجاوز والتعدي، وهما قطاع عريض من شباب الأمة لا يستهان به مع أنهم غير ظاهرين للعيان، فإلى هؤلاء يكون الخطاب كيف تصون أمانة الله لك؟



كيف تحفظ عقلك حتى تكون يوسف هذا الزمان؟

ما الطريق وما العقبات وكيف نعبرها؟

من المعين ومن يؤذي؟ وما مداخل الشيطان وكيف تغلق وتقاوم؟

والصنف الثاني: شاب من الأمة أزلهم الشيطان فزلت أقدامهم فهتكوا عفتهم وتجاوزوا حدهم واعتدوا { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون َ}.

وهؤلاء ليسوا شيئًا واحدًا بل هم درجات، فمنهم من يصل به التعب مداه وتبلغ شهوته أوجها فيندفع إلى تصريفها فيما حرم الله ولا يصبر.

ومنهم من يستثير شهوته وهي ساكنة ويوقظ الصور النائمة في مهدها ويدفع نفسه دفعًا بمحض إرادته وبغير ضغط إلى ارتكاب ما حرم الله تعالى، وهتك عفته إما استهتارًا وهو الأغلب الأعم أو عادة أو غيرها.

والغرض من هذا التقسيم ليس في إيجاد المبررات لنوع دون الآخر ولكن لكي يحسن الشاب تصنيف نفسه في مسألة الشهوة حتى يمكن تحديد وسائل الحل والتعامل مع النفس والعلاج.



ولتنتبه إلى قاعدة جليلة [إنما الأعمال بالنيات] فقد يرتكب اثنان ذات المعصية فيغفر لأحد هما ولا يفغر للآخر، فلا تعظم نوايا الفساد في المعصية وإياك وجلد الفاجر.

فائدة أخرى في هذا المقام: أن بعض من يهتكون عفتهم يضعون حدودًا هي في الأصل ليست شرعية لكنها توحي بوجود بقية من حياء وجزء من استحياء ما زال ينبض ولكنه لن يسافر من بلده إلى بلد آخر [من مدينة لأخرى] سيعصي ولكنه لن يحافظ على علاقة مستمرة للمعصية، سيعصي لكنه لن يفعلها في بيت أبيه وأمه، وأن يكون سببًا في عدم طهارة بيت أبيه وأمه وإخوته، سيعصي ولكنه سيحافظ على أمه وأخته هذا بالتأكيد أمره قريب والأمل فيه كبير.

وعلى الجانب الآخر يقف نموذج عجيب تسأله، أو بالأصح أن تسأله إذا كان يرضى ما يفعله لأمه وأخته فتكون الإجابة نعم لا دخل لك أنت.

وآخر يهتك حرمة البيت الذي تربى فيه، ويصلي فيه أبوه وأمه وإخوته بغير استشعار لعظم الجرم في ذلك.

وهذا النوع يحتاج إلى مراجعة أكيدة ووقفة حاسمة فعما قريب إذا لم يدرك نفسه ستقع الطامة باختلاف شكلها هدانا الله وإياه.



إذن فلا بد أولاً من تعرف جيد على أنفسنا قيمتها، حقيقة دورها، قدراتها وإمكانياتها، وشكلها، وهي تتجاوز حدها وتعتدي على نفسها، فهذه أولى خطوات الحل الحقيقي وتحصيل الحياة الطيبة {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[ النحل: 97] .

وختامًا عزيزي الشاب : لا تنس نصيحتي عندما ييسر الله لك زيارة تركيا أن تتوجه إلى مدينة الإسلام [إسلام بول ـ اسطنبول] عاصمة الخلافة العثمانية وتسأل هناك عن منطقة تسمى 'فاتح' وتبحث فيها عن مسجد 'صانكي يدم' وتقف أمامه وتتأمله، ومع أنني في الحقيقة لم أره إلا أني على يقين أنه في غاية الجمال فهو شاهد على نفس أرادت ... فحققت ما أرادت .. وصبرت ... فنالت ما أملت، وطمعت .. فأدركت الأجر والثواب إلى يوم القيام بإذن الله .. ورأت الفجر بازغًا في ظلمة الليل فأيقنت .. أكرمك الله وثبتك وأعانك وهداك.

ولد الغيثي
05-10-05, 12:40 am
مشكور أخوي قصة هذا العابد عجيبه.
تحياتي لك

شيئ من حتى
05-10-05, 02:17 am
السلام عليكم ورحمة الله ....
أخي العزيز موضوع أكثر من رائع تشكر عليه ، هذا هو الموضوع الذي يستحق أن تكون أنت كاتبه ، فشكرا لك.

والله الموفق ؛؛؛

تـنـقـيـطـه
05-10-05, 02:34 am
اخي الغالي مشكور على هذي القصه

والله يوفقك

تحياتي

عــمر ابو خالد

راعى الزين
05-10-05, 11:50 am
شكراً لك اخي الكريم على هذا المقال الرائع
وان شاء الله الي الامام

الرمادي
05-10-05, 12:18 pm
كلام من ذهب يستحق اكثر من مجرد قرأة


انه يبعث على محاسبة النفس والتوقف عند الأخطاء بطريقة سلسه وبدون أن يشعر القارئ بأنه مدعو إلى معاقبة نفسه



فالتفكير في التصنيف نوع من المحاسبة المقنعة بقناع جميل لاتستصعبه النفس فتنفر منه قبل ان تبدا به



الف شكر اخي العزيز على هذا الطرح الرائع



تقبل تحياتي ,,,

خـــــــــــــــالـــــــــد
05-10-05, 02:23 pm
اخي aasdf

اذا كان هذا الموضوع موضوع شخصي لك وليس منقولا فاني اهنئك على هذا الاسلوب في النصح والتذكير

وهو اسلوب يدخل القلوب مباشره بالرغم من انه غير مباشر

واهنئنا على قلم راق وفكر واع انتج لنا هذا الموضوع .

اما اذا كان منقولا فلك علينا حق الشكر لافادتنا فالموضوع كما قال اخي الرمادي يبعث على محاسبه النفس والتوقف

أبوريان430
06-10-05, 06:41 am
جزاك الله كل خير على هذا الابداع

فليت بن قنه
07-10-05, 01:15 am
لا فظ فوك


والف شكر على المشاركه

SilVeR
07-10-05, 03:59 am
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الغالي:aasdf

إذا كنت أنت من كتبت هذا الموضوع ( التعليق ) فأنا أقف للإبداع وقفة تحية وتقدير ....

وأرجو ألا تحرمنا من أناملك الجذابة ....

وإن كنت نقلته : فأرجو أيضاً ألا تحرمنا من دررك المنقولة ...

نرجع لصلب الموضوع ....

القصة رائعة تعلم الصبر ومجاهدة النفس تجاه أهوائها ....




وختامًا عزيزي الشاب : لا تنس نصيحتي عندما ييسر الله لك زيارة تركيا أن تتوجه إلى مدينة الإسلام [إسلام بول ـ اسطنبول] عاصمة الخلافة العثمانية وتسأل هناك عن منطقة تسمى 'فاتح' وتبحث فيها عن مسجد 'صانكي يدم' وتقف أمامه وتتأمله، ومع أنني في الحقيقة لم أره إلا أني على يقين أنه في غاية الجمال فهو شاهد على نفس أرادت ... فحققت ما أرادت .. وصبرت ... فنالت ما أملت، وطمعت .. فأدركت الأجر والثواب إلى يوم القيام بإذن الله .. ورأت الفجر بازغًا في ظلمة الليل فأيقنت .. أكرمك الله وثبتك وأعانك وهداك.


بإذن الله إن تيسر لي ولن أنسى موضوعك الأكثر من رائع ....

تقبل تحياتي

DeWDrOp
07-10-05, 11:54 am
قصه مره روعه ومؤثره جدا اخوي


واسلوبك بالربط بين الحادثة والمغزى من الموضوع مقنعه


وان شاء الله الله يكتب لي زيارة هذا المسجد


مشكور

بندر الحمر
07-10-05, 12:04 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سلمت أناملك أخي الغالي:aasdf

وكم تشرفنا بك عزيزي في بيتك ومنتداك وهذه الكلمات الجميله

بصراحه شوقتنا نشوف المسجد

شكرا لك

بريماكس
07-10-05, 01:44 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

" شهوة تبني مسجد "

في تركيا ! ..


..

و هنا ..

"شهوة تبني فضيحة و قلة أدب "

في (شارع النهضة)

.
.


فرق .. و أي فرق .. تبياين .. و أنسلاخ ..
في الوقت الذي ننتظر من شبابنا .. كل شيء يصب لصالح هذا الوطن و أنفسهم ..


.
.


ما أجمل شهوة ذلك التركي :) ..


.
..


قصة شيقة و رائعة

.
.
.


من خلف الشاشة
بريماكس
:)

العندليب
07-10-05, 01:45 pm
الصنف الأول: نوع لم يهتك شهوته وحاجز عفته بأي شكل من أشكال التجاوز والتعدي، وهما قطاع عريض من شباب الأمة لا يستهان به مع أنهم غير ظاهرين للعيان، فإلى هؤلاء يكون الخطاب كيف تصون أمانة الله لك؟

والصنف الثاني: شاب من الأمة أزلهم الشيطان فزلت أقدامهم فهتكوا عفتهم وتجاوزوا حدهم واعتدوا { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون َ}.

أخي الكريم قصة رائعة جدا .. أهنئك على حسن إختيارك ..

أتمنى أن نخرج من ماكتبت بفوائد عظيمة كيف لا وهي تخاطب شريحة كبيرة من الناس ...

أشكرك على مجهودك الطيب وأتمنى أن نرى جديدك قريباً ...

ميدوو
07-10-05, 02:33 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي الكريم

موضوعك هذا رائع إن كان منقول او من بنات افكارك

فهو يستحق التميز بالفعل

موضوع به الكثير من العبر والفوائد

منها أن لا يسرف الإنسان في مشترياته فالنفس البشريه تشتهي كل ما تراه للأسف

وعلينا ان لا نطلق لها العنان فنتعس

أنظر لهذا الشخص التركي استطاع ان يسيطر على نفسه فبقيت تركيا والعالم الإسلامي يذكره الى الأن ويترحم عليه

الفائده الثانيه بأن المبلغ مهما صغر فيجب علينا ان لا نستهتر به

فهذا بنا مسجده من جمع المال وهو قليل فأصبح كثيراً

الفائده الثالثه هو إخلاص النيه لله في عملنا كله لكي يسهل الله لنا امورنا في الدنيا والأخره

الف شكر لك اخي الرائع

ثامر الناصر
07-10-05, 02:37 pm
مشكور ..

موضوع رائع ومفيد للغاية والله يجزاك خير على النصح

والحقيقة كما ذطرت الانسان لابد له من ان يكون عامل خير بالارض لاعامل شر

ودمتمـ

فخري( أم عمر)
10-10-05, 07:10 am
يعطيك الف عافيه على الموضوع اللي بالفعل ينبه الواحد لكل حركه بحياته...

ورب ضارة نافعه ....الشهوه قد ما هي محفز لأهواء النفس ..ممكن استخدمها كدافع لعمل خير ..

والاراده والاسباب ..هي اللي بتكون السند ...

والعابد بنى مسجد ..بشهوته ...


نقدر احنا نحاول نصون انفسنا من شهواتنا بجعلها رادع ...

كلما طرت نقول ما عند الله خير وأبقى ...

نسأل الله الهدايه والاستقامه لنا ولجميع المسملين ...

بالفعل أخوي موضوع رائــع ...ووقفــــــــه ...جميله ...جزاك الله الف الف خير ..

المشكل
19-10-05, 03:20 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العصامي
21-10-05, 06:13 pm
جزاك الله خير على هذا الطرح الرائع والرائع جدا00



فليت إبن قنه ( لافض فوك ) وليس كما كتبت (((( لافظ فوك ))))

فريـــد
02-11-05, 04:12 am
وفقك الله ..

شخصياً : إذا تيسر لي الذهاب إلى تركيا <--- ياصعبه

فسأذهب إلى عاصمة الاسلام ( اسلام بول - اسطنبول )

وسأذهب إلى جامع كأني أكلت

مع الشكر الوافر