الطيف
24-12-01, 03:14 am
قبل الندم...
=====
أختاه... كثيرة هي اعترافات التائبات.. وأليم ندمهن وهن يسردن ما كن فيه من ضياع ودمار.. وما جنين من أخطائهن من العار.. فاعتبري يا أخية قبل الندم.. فالمعاصي كلها أمراض تفتك بالنفس والبدن.. وتفوت على المرء مصالحه في الدنيا والآخرة.. وتجعله في حالة سكر وتيه يتخبط خبط عشواء.. حتى يفيق على المهلكات التي تنسف سمعته وعرضه وشرفه.. فيندم حين لا ينفعه ندنم!!
قال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
أخية... واعلمي أن سبب الضياع الذي يصيب الفتيان هو مخالفة أمر الله جل وعلا والاستخفاف بما نهى عنه من المحرمات.. فتجد الفتاة المسلمة لاهثة وراء شهواتها.. مفرطة في حجابها.. كاشفة لزينتها.. سماعة للغناء.. مرافقة للساقطات.. معرضة عن سماع النصائح والعظات.. ملازمة للهو والمعاكسات.. وكل هذه المعاصي وغيرها تقودها إلى الذل والضياع.. وتسلبها الشرف الذي تحظى به في أهلها وعشيرتها.. وقد تفيق من سباتها وتتوب.. وقد تبغتها المنية.. فتموت على غير توبة والعياذ بالله! قال تعالى: (( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا )) فاطر: 10 ، أي فليطلبها بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعته. وقال بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.
وقال الحسن البصري: إنهم، وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين؟ إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه.
أختي المسلمة !... فاحفظي الله بطاعته.. يحفظك من الذل والضياع..
لكل شيء إذا ضيعته عوض وليس في الله إن ضيعت من عوض
واعلمي أن الضياع الذي يصيب كثيراً من البنات إنما هو بسبب عصيانهن لأوامر الله، وهو في حد ذاته عقوبة إلهية. جزاء وفاقاً ؛ فإن الله لا يضيع من أطاعه، بل يكرمه وينعم عليه، وأما من عصاه فإنه يسلبه نعمه ويحل به نقمه، ويضيعه كفا ضيع أمره!
قال تعالى: (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) الشورى:30 ،. وقلل تعالى: (( ذلك بأن الله لم يك مغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) الأنفال:53،.
فأخبر الله تعالى أنه لا يغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه،
فإذا غير غُيِّر عليه جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. وهل هناك نعمة أجل من نعمة الإيمان والشرف...
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
وإياك والظلم مهما استطعت فظلم العباد شديد الوخم
وسافر بقلبك بين الورى لتبصرآثار من قد ظـلم
نهاية مؤلمة
=====
قالت وهي تذرف دموع الندم: كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية، تطورت إلى قصة حب وهمية، أوهمني أنه يحبني، وسيتقدم لخطبتي... طلب رؤيتي فرفضت.. هددني بالهجر!! بقطع العلاقة! ضعفت.. أرسلت له صورتي مع رسالة وردية معطرة! توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة هددني بالصور، بالرسائل المعطرة بصوتي في الهاتف- وقد كان يسجله- خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن.. لقد عدت ولكن؟! عدت وأنا أحمل العار...
قلت له: الزواج... الفضيحة...
قال لي بكل احتقار وسخرية: إني لا أتزوج فاجرة...
أختي المسلمة... كانت تلك ضحية من ضحايا المعاكسات الطائشة! قد عادت من رحلة ضياعها بحمل من الأوزار.. وبوابل من عار.. وأي عار! لقد ضيعت عرضها وشرفها.. وباعت سمعتها.. بأرخص الأثمان.. بل بلا عوض يذكر! وماذا عليها.. لو أنها إذ سمعت صوت ذلك الذئب المكار أن تغلق في وجهه السماعة.. فتريح نفسها وتحفظ عرضها!! فاحذري- يا أختاه- من هذا الطريق.. فكم أوقع في شركه من فتاة.. وكم تسبب في نشر الخيانات.. وكم شتت من أسر ومجتمعات..
وتذكري يا أخية.. أن المعاكسة محرمة على النساء والرجال فهي في حكم الخلوة المحرمة.. قال الشيخ بكر أبو زيد: كنت أظن المعاكسة مرضاً تخطاه الزمن، وإذا بالشكوى تتوالى من فعلات السفهاء في تتبع محارم المسلمين في عقر دورهن فيستجزونهن بالمكالمة والمعاكسة السافلة. ومن السفلة من يتصل على البيوت مستغلاً غيبة الراعي ليتخذها فرصة عله يجد من يستدرجه إلى سفالته، وهذا نوع من الخلوة أو سبيل إليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: "إياكم والدخول على النساء " أي الأجنبيات عنكم. فهذا وأيم الله حرام حرام، وإثم وجناية، وفاعله حري بالعقوبة، فيخشى عليه أن تنزل به عقوبة تلوث وجه كرامته (أدب الهاتف للشيخ بكر أبو زيد).
ومن أسباب وقوع الفتيات في هذا الشراك مايلي:
1- التبرج: لأن التبرج هو عنوان هتك الأعراض، فإذا رأى الشاب الفتاة المتبرجة فهو يظنها أنها لن تمانع من المعاكسة إذا هو اتصل بها، ولذلك فهو يطمع في إيقاعها في هذا الشباك، فيرمي رقم هاتفه على أرض أمامها أو في طريقها، أو يتعرف على هاتف بيتها من أخيها الصغير أو من صديقاتها حتى تقع في الشراك.. وهذا لعمرك من عقوبات التبرج والسفور، فلو صانت الفتاة حجابها، وسترت عرضها، لما طمع الذئاب في- افتراسها.
فدعي الجنوح إلى السفور وخـففي ألم العشـير
النمر لو لزم الشــرى من كان يطمع في النمور
والطير تأخذها شبــاك الصيد في ترك الـوكور
2- التساهل في الرد على الهاتف: فهناك من الفتيات من اعتدن الرد على المكالمة مع وجود الرجال في البيت، وهذا خلاف الأولى، فإن الرجل أبعد من الفتنة من المرأة، والذي ينبغي حين رد الفتاة على الهاتف أن تكون حازمة في الأمر إذا وجدت لعاباً بالأعراض يطلب المعاكسة.. ولا شيء يدل على حزمها خير من إغلاق السماعة في وجهة.. فذلك درس يعلمه أن الشرف لا يقبل المساومة.
3- الرفقة السيئة: فإن لها الأثر البليغ على قبول المعاكسات واستساغتها، حيث يتم تزين هذا الفعل من قبل رفيقات السوء حتى يتحول إلى خطرة ثم إلى فكرة ثم إلى إرادة..
فإذا وافق ذلك طلباً من ذئب حريص على الفساد وقعت المعاكسة وحصلت الفتنة.
4- الفراغ: فإن بعض الفتيات لا يجدن ما يملأن به وقتهن، فيجعلن من المعاكسة أسلوباً للتسلية وقضاء الأوقات.. وهو أسلوب سلبي في استثمار الأوقات وإشغالها بما ينفع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" (رواه البخاري) .
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
خلل في الالتزام
======
كانت طالبة في المرحلة المتوسطة من أسرة طيبة.. ترتدي الحجاب وتضمر في نفسها نية الاستقامة.. على طريق الإسلام..
وهي- مع نيتها الصادقة- لم تجد من يسدي لها النصيحة، ويدلها على الطريق الصحيح إلى الله جل وعلا.. فكانت تحب الالتزام.. ولكنها تجهل حقيقته وكنهه.. ومع انتقالها إلى المرحلة الثانوية.. التقت برفيقات كانت تعتقد فيهن الإخلاص والصلاح- فكانت إحداهن تستغرب فيها خجلها وتقول لها (أنت أخجل صديقة عرفتها في حياتي) فكانت المسكينة تتحرج من سماع هذا اللوم.. ولو أنها أدركت مقاصد رفيقة السوء هذه.. لما حصل ما حصل! فأصبحت مع طول معاشرة هؤلاء الطالبات.. ترتدي الحجاب.. ولكن أي حجاب! لا تنظر إليه بقصد الستر والعفاف بأكثر ما تنظر إليه بقصد الإغراء والفتنة والزينة.. لقد أصبحت تركن إلى الشهوات.. وترتكب المعاصي والزلات.. وتقترف المنكرات والمخالفات.. لقد ضاع حياؤها .. وانقطع خجلها.. وأصبحت تنافس رفيقات السوء.. في تغنجهن ومشيتهن.. وزينتهن ونظراتهن.. إلا أنها لم تكن تقوى على اتخاذ خليل مثلهن.. فلا يزال هناك من الحياء في قلبها ما يمنعها من ذلك! ولكنها بعد دخولها الجامعة.. أصبحت تغار من رفيقاتها.! فكل واحدة منهن لها صديق تفخر بحبه لاعجابه. " وتزهو أمام الأخريات بلقائه ورسائله وكلامه.. أما هي فكانت تحرقها الغيرة من ذلك.. فلم تكن تقوى على الوقوع في الرذيلة.. ولم تكن تقوى على كبح نار الغيرة.. ولكنها مع مرور الأيام.. انطبعت فيها صفة تلك السفيهات فقررت عقد صداقة مع أحد الشباب كما هو حال رفيقاتها. وصدق الشاعر حينما قال:
ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي
لم تكن خلقتها بأجمل من صديقاتها.. لذلك قررت
أن تبرهن لهن عن حسن منظرها.. ورغبة نفوس الشباب فيها.. فماذا صنعت؟
أصبحت تقلب نظراتها في كل غدوة وروحة؛ تبحث عن رفيق تحبه ويحبها؛ وكأنها بنظراتها تقول: هل من شاب يناسبني وأناسبه ؟ ولم تزل طالقة بصرفا في الزوايا والأركان.. حتى وقعت عينها على شاب هادىء خلوق.. فأصبحت تبادله النظرات .. وترسل له بالتفاتتها رسائل الإعجاب والتقدير .. ورفيقات السوء من وراءها بالتشجيع ( يالحظك العظيم )
ومع لأيام تسلل حب ذلك الشاب إلى قلبها .. وأصبحت تبني عليه أحلامها .. وتترقب آمالها وأيامها .. وهو على ما كان يبديه من إعجاب كان خجولاً .. يكره مصاحبة الفتيات .. ويتردد في مصاحبة هذه الفتاة .. وكل ذلك كان يزيد من إعجابها وحبها له .. وما كادت السنة الجامعية تنتهي حتى رحل ذلك الشاب .. ويعبأ بها ..
وهنا بدأت رحلة الضياع .. فقد بدأت المسكينة العاشقة تتجرع آلام عشقها .. وتتذوق مرارة إعجابها .. بذهاب ذلك الشاب عنها .. فقد تعلق قلبها به تعلقا عجيبا لم تطلق معه الفراق .. مع أنه لم يكن يكترث بها كما كانت تتوقع .. فلم تعد تذاكر دروسها وضاعت عليها أهدافها .. وبقيت في حسرة وندامة مما يخالجها ثلاث سنوات.. لم تذق فيها طعم اللذاذة والسعادة.. وإنما تجرعت فيها الأحزان والأوهام.. من جراء فقد حبيب موهوم..!!
تقول هذه الأخت: (وجدت أن حياتي لم يعد لها معنى أو هدف.. سنوات مضت وضاعت فهل سأعيش هكذا بلا هدف ؟ فكرت، ثم فكرت، فلم أجد حلاً أفضل من النسيان.. حدثت نفسي أنني لو أنصت إلى شريط في وصف الجنة والنار أهداه إلي أحد الأقارب لربما أتعظ وأنسى وبالفعل، كان لي بالمرصاد، واقتلعت من صدري جذور الوهم.. لقد مزق قلبي وأفرغه من القيح والصديق.. وكل ما علق به من آثار المعاصي.. واستمعت إلى أشرطة أخرى كثيرة.. كانت بفضل الله سبباً لتوبتي إلى خالقي جل وعلا.. وأقلعت عن سماع الأغاني، وانظر إلى ما حرم الله في التلفاز وغيره.. وبدلت حجابي المزيف بآخر حقيقي.. وبعون الله تخلصت من أمور كثيرة، وابتعدت عن قرينات السوء، فاستعدت حيائي الذي ضيعته سنوات عدة 000)
أختي المسلمة... وتأملي في قولها: (فاستعدت حيائي الذي ضيعته سنوات عدة! !) فهي لم تكن تدرك أن الحياء نعمة كبيرة من الله جل وعلا.. وأن ضياعها ضياع للأنسان نفسه.. فلما فقدتها وتجرعت ويلات فقدانها أدركت قيمتها في الحياة...
إذالم تخش عاقبة الليـالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
=====
أختاه... كثيرة هي اعترافات التائبات.. وأليم ندمهن وهن يسردن ما كن فيه من ضياع ودمار.. وما جنين من أخطائهن من العار.. فاعتبري يا أخية قبل الندم.. فالمعاصي كلها أمراض تفتك بالنفس والبدن.. وتفوت على المرء مصالحه في الدنيا والآخرة.. وتجعله في حالة سكر وتيه يتخبط خبط عشواء.. حتى يفيق على المهلكات التي تنسف سمعته وعرضه وشرفه.. فيندم حين لا ينفعه ندنم!!
قال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
أخية... واعلمي أن سبب الضياع الذي يصيب الفتيان هو مخالفة أمر الله جل وعلا والاستخفاف بما نهى عنه من المحرمات.. فتجد الفتاة المسلمة لاهثة وراء شهواتها.. مفرطة في حجابها.. كاشفة لزينتها.. سماعة للغناء.. مرافقة للساقطات.. معرضة عن سماع النصائح والعظات.. ملازمة للهو والمعاكسات.. وكل هذه المعاصي وغيرها تقودها إلى الذل والضياع.. وتسلبها الشرف الذي تحظى به في أهلها وعشيرتها.. وقد تفيق من سباتها وتتوب.. وقد تبغتها المنية.. فتموت على غير توبة والعياذ بالله! قال تعالى: (( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا )) فاطر: 10 ، أي فليطلبها بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعته. وقال بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.
وقال الحسن البصري: إنهم، وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين؟ إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه.
أختي المسلمة !... فاحفظي الله بطاعته.. يحفظك من الذل والضياع..
لكل شيء إذا ضيعته عوض وليس في الله إن ضيعت من عوض
واعلمي أن الضياع الذي يصيب كثيراً من البنات إنما هو بسبب عصيانهن لأوامر الله، وهو في حد ذاته عقوبة إلهية. جزاء وفاقاً ؛ فإن الله لا يضيع من أطاعه، بل يكرمه وينعم عليه، وأما من عصاه فإنه يسلبه نعمه ويحل به نقمه، ويضيعه كفا ضيع أمره!
قال تعالى: (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) الشورى:30 ،. وقلل تعالى: (( ذلك بأن الله لم يك مغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) الأنفال:53،.
فأخبر الله تعالى أنه لا يغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه،
فإذا غير غُيِّر عليه جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. وهل هناك نعمة أجل من نعمة الإيمان والشرف...
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
وإياك والظلم مهما استطعت فظلم العباد شديد الوخم
وسافر بقلبك بين الورى لتبصرآثار من قد ظـلم
نهاية مؤلمة
=====
قالت وهي تذرف دموع الندم: كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية، تطورت إلى قصة حب وهمية، أوهمني أنه يحبني، وسيتقدم لخطبتي... طلب رؤيتي فرفضت.. هددني بالهجر!! بقطع العلاقة! ضعفت.. أرسلت له صورتي مع رسالة وردية معطرة! توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة هددني بالصور، بالرسائل المعطرة بصوتي في الهاتف- وقد كان يسجله- خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن.. لقد عدت ولكن؟! عدت وأنا أحمل العار...
قلت له: الزواج... الفضيحة...
قال لي بكل احتقار وسخرية: إني لا أتزوج فاجرة...
أختي المسلمة... كانت تلك ضحية من ضحايا المعاكسات الطائشة! قد عادت من رحلة ضياعها بحمل من الأوزار.. وبوابل من عار.. وأي عار! لقد ضيعت عرضها وشرفها.. وباعت سمعتها.. بأرخص الأثمان.. بل بلا عوض يذكر! وماذا عليها.. لو أنها إذ سمعت صوت ذلك الذئب المكار أن تغلق في وجهه السماعة.. فتريح نفسها وتحفظ عرضها!! فاحذري- يا أختاه- من هذا الطريق.. فكم أوقع في شركه من فتاة.. وكم تسبب في نشر الخيانات.. وكم شتت من أسر ومجتمعات..
وتذكري يا أخية.. أن المعاكسة محرمة على النساء والرجال فهي في حكم الخلوة المحرمة.. قال الشيخ بكر أبو زيد: كنت أظن المعاكسة مرضاً تخطاه الزمن، وإذا بالشكوى تتوالى من فعلات السفهاء في تتبع محارم المسلمين في عقر دورهن فيستجزونهن بالمكالمة والمعاكسة السافلة. ومن السفلة من يتصل على البيوت مستغلاً غيبة الراعي ليتخذها فرصة عله يجد من يستدرجه إلى سفالته، وهذا نوع من الخلوة أو سبيل إليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: "إياكم والدخول على النساء " أي الأجنبيات عنكم. فهذا وأيم الله حرام حرام، وإثم وجناية، وفاعله حري بالعقوبة، فيخشى عليه أن تنزل به عقوبة تلوث وجه كرامته (أدب الهاتف للشيخ بكر أبو زيد).
ومن أسباب وقوع الفتيات في هذا الشراك مايلي:
1- التبرج: لأن التبرج هو عنوان هتك الأعراض، فإذا رأى الشاب الفتاة المتبرجة فهو يظنها أنها لن تمانع من المعاكسة إذا هو اتصل بها، ولذلك فهو يطمع في إيقاعها في هذا الشباك، فيرمي رقم هاتفه على أرض أمامها أو في طريقها، أو يتعرف على هاتف بيتها من أخيها الصغير أو من صديقاتها حتى تقع في الشراك.. وهذا لعمرك من عقوبات التبرج والسفور، فلو صانت الفتاة حجابها، وسترت عرضها، لما طمع الذئاب في- افتراسها.
فدعي الجنوح إلى السفور وخـففي ألم العشـير
النمر لو لزم الشــرى من كان يطمع في النمور
والطير تأخذها شبــاك الصيد في ترك الـوكور
2- التساهل في الرد على الهاتف: فهناك من الفتيات من اعتدن الرد على المكالمة مع وجود الرجال في البيت، وهذا خلاف الأولى، فإن الرجل أبعد من الفتنة من المرأة، والذي ينبغي حين رد الفتاة على الهاتف أن تكون حازمة في الأمر إذا وجدت لعاباً بالأعراض يطلب المعاكسة.. ولا شيء يدل على حزمها خير من إغلاق السماعة في وجهة.. فذلك درس يعلمه أن الشرف لا يقبل المساومة.
3- الرفقة السيئة: فإن لها الأثر البليغ على قبول المعاكسات واستساغتها، حيث يتم تزين هذا الفعل من قبل رفيقات السوء حتى يتحول إلى خطرة ثم إلى فكرة ثم إلى إرادة..
فإذا وافق ذلك طلباً من ذئب حريص على الفساد وقعت المعاكسة وحصلت الفتنة.
4- الفراغ: فإن بعض الفتيات لا يجدن ما يملأن به وقتهن، فيجعلن من المعاكسة أسلوباً للتسلية وقضاء الأوقات.. وهو أسلوب سلبي في استثمار الأوقات وإشغالها بما ينفع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" (رواه البخاري) .
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
خلل في الالتزام
======
كانت طالبة في المرحلة المتوسطة من أسرة طيبة.. ترتدي الحجاب وتضمر في نفسها نية الاستقامة.. على طريق الإسلام..
وهي- مع نيتها الصادقة- لم تجد من يسدي لها النصيحة، ويدلها على الطريق الصحيح إلى الله جل وعلا.. فكانت تحب الالتزام.. ولكنها تجهل حقيقته وكنهه.. ومع انتقالها إلى المرحلة الثانوية.. التقت برفيقات كانت تعتقد فيهن الإخلاص والصلاح- فكانت إحداهن تستغرب فيها خجلها وتقول لها (أنت أخجل صديقة عرفتها في حياتي) فكانت المسكينة تتحرج من سماع هذا اللوم.. ولو أنها أدركت مقاصد رفيقة السوء هذه.. لما حصل ما حصل! فأصبحت مع طول معاشرة هؤلاء الطالبات.. ترتدي الحجاب.. ولكن أي حجاب! لا تنظر إليه بقصد الستر والعفاف بأكثر ما تنظر إليه بقصد الإغراء والفتنة والزينة.. لقد أصبحت تركن إلى الشهوات.. وترتكب المعاصي والزلات.. وتقترف المنكرات والمخالفات.. لقد ضاع حياؤها .. وانقطع خجلها.. وأصبحت تنافس رفيقات السوء.. في تغنجهن ومشيتهن.. وزينتهن ونظراتهن.. إلا أنها لم تكن تقوى على اتخاذ خليل مثلهن.. فلا يزال هناك من الحياء في قلبها ما يمنعها من ذلك! ولكنها بعد دخولها الجامعة.. أصبحت تغار من رفيقاتها.! فكل واحدة منهن لها صديق تفخر بحبه لاعجابه. " وتزهو أمام الأخريات بلقائه ورسائله وكلامه.. أما هي فكانت تحرقها الغيرة من ذلك.. فلم تكن تقوى على الوقوع في الرذيلة.. ولم تكن تقوى على كبح نار الغيرة.. ولكنها مع مرور الأيام.. انطبعت فيها صفة تلك السفيهات فقررت عقد صداقة مع أحد الشباب كما هو حال رفيقاتها. وصدق الشاعر حينما قال:
ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي
لم تكن خلقتها بأجمل من صديقاتها.. لذلك قررت
أن تبرهن لهن عن حسن منظرها.. ورغبة نفوس الشباب فيها.. فماذا صنعت؟
أصبحت تقلب نظراتها في كل غدوة وروحة؛ تبحث عن رفيق تحبه ويحبها؛ وكأنها بنظراتها تقول: هل من شاب يناسبني وأناسبه ؟ ولم تزل طالقة بصرفا في الزوايا والأركان.. حتى وقعت عينها على شاب هادىء خلوق.. فأصبحت تبادله النظرات .. وترسل له بالتفاتتها رسائل الإعجاب والتقدير .. ورفيقات السوء من وراءها بالتشجيع ( يالحظك العظيم )
ومع لأيام تسلل حب ذلك الشاب إلى قلبها .. وأصبحت تبني عليه أحلامها .. وتترقب آمالها وأيامها .. وهو على ما كان يبديه من إعجاب كان خجولاً .. يكره مصاحبة الفتيات .. ويتردد في مصاحبة هذه الفتاة .. وكل ذلك كان يزيد من إعجابها وحبها له .. وما كادت السنة الجامعية تنتهي حتى رحل ذلك الشاب .. ويعبأ بها ..
وهنا بدأت رحلة الضياع .. فقد بدأت المسكينة العاشقة تتجرع آلام عشقها .. وتتذوق مرارة إعجابها .. بذهاب ذلك الشاب عنها .. فقد تعلق قلبها به تعلقا عجيبا لم تطلق معه الفراق .. مع أنه لم يكن يكترث بها كما كانت تتوقع .. فلم تعد تذاكر دروسها وضاعت عليها أهدافها .. وبقيت في حسرة وندامة مما يخالجها ثلاث سنوات.. لم تذق فيها طعم اللذاذة والسعادة.. وإنما تجرعت فيها الأحزان والأوهام.. من جراء فقد حبيب موهوم..!!
تقول هذه الأخت: (وجدت أن حياتي لم يعد لها معنى أو هدف.. سنوات مضت وضاعت فهل سأعيش هكذا بلا هدف ؟ فكرت، ثم فكرت، فلم أجد حلاً أفضل من النسيان.. حدثت نفسي أنني لو أنصت إلى شريط في وصف الجنة والنار أهداه إلي أحد الأقارب لربما أتعظ وأنسى وبالفعل، كان لي بالمرصاد، واقتلعت من صدري جذور الوهم.. لقد مزق قلبي وأفرغه من القيح والصديق.. وكل ما علق به من آثار المعاصي.. واستمعت إلى أشرطة أخرى كثيرة.. كانت بفضل الله سبباً لتوبتي إلى خالقي جل وعلا.. وأقلعت عن سماع الأغاني، وانظر إلى ما حرم الله في التلفاز وغيره.. وبدلت حجابي المزيف بآخر حقيقي.. وبعون الله تخلصت من أمور كثيرة، وابتعدت عن قرينات السوء، فاستعدت حيائي الذي ضيعته سنوات عدة 000)
أختي المسلمة... وتأملي في قولها: (فاستعدت حيائي الذي ضيعته سنوات عدة! !) فهي لم تكن تدرك أن الحياء نعمة كبيرة من الله جل وعلا.. وأن ضياعها ضياع للأنسان نفسه.. فلما فقدتها وتجرعت ويلات فقدانها أدركت قيمتها في الحياة...
إذالم تخش عاقبة الليـالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء