المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بابا الفاتيكان ولابابا لنا


smart
11-04-05, 01:31 pm
مقال اعجبني فاحببت ان تشاركوني فيه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد تابعت بألمٍ بالغٍ التّغطيةَ الإعلاميّة الغربيّة لاحتضارِ بابا الفاتيكان، فالقنوات الإخباريّة العالميّة الأولى كالـ(سي إن إن) والـ(بي بي سي) عكفت خلال الثمانية والأربعين ساعة السابقة لِوفاة البابا على تغطيةٍ تفصيليّة حيّة على الهواء متابعةً تدهورَ صحّةِ البابا وما صاحَب ذلك مِن سَردٍ لمآثرِه عندهم وخدماتِه خلالَ ستّة وعشرين عامًا قضاها في أعلى منصبٍ نصرانيّ كاثوليكي.

ومصدَر ألمي ـ يا فرسان المنبر ـ ليس في عِناية هؤلاء النصارَى بحبرهم، فهذا أمر متوقَّع منهم، وهم أحرارٌ في آليّة تعبيرهم عن حبِّهم وتقديرهم لسادَتهم وكبرائِهم، لقد تألَّمتُ لأني لم أشاهِد طوالَ العِقدَين الماضيَين ونحن جميعًا نشهَد رحيلَ أحبارِنا وعلمائنا وكان آخرَهم ثلاثيّ العقيدة والمنهج الأئمّةُ الأعلام ابن باز والعثيمين والألباني أدخلهم المولى فسيحَ جنّاته وغمَرَهم بواسع رحماتِه، لم أشاهِد ـ وأنا مندَمِج في الإعلام المرئيّ التنفيذيّ ـ خبرًا ولو على شريطِ الأخبار برحيلِ أحدِ هؤلاء الأعلام، فضلاً عن تغطيَةٍ موسَّعة كتلك التي حظِي بها داعيةُ التّثلِيث!!

وقلت في محاولةٍ للتخفيف عن نفسي: لعلّ إعلامَنا المرئيَّ غفل عن هذا الثلاثيّ لأنه محسوب على ما يُسَمَّى بالوهّابيّة أو السّلفيّة المتشدِّدة!! فحاولتُ مستذكِرًا تارةً وسائلاً أهلَ الذكر منَ الإعلاميّين تارةً أخرى عن احتضارِ وموت أعلامِ الدّعاة والذين حَظوا بمكانةٍ هم كذلك عند عامّة المسلمين من أمثال الداعيةِ الغزالي والشعراوي والطنطاويّ عليهم رحمة الله جميعًا، فلم أجد لهم ذكرًا في إعلامِنا المرئيّ، بل ولا خبرًا فضلاً عن تغطية موسَّعةٍ حيّة!! فقلت مسلِّيًا نفسي: لعلّ إعلامَنا لا يرَى مشروعيَّةَ مثلِ هذه الأعمال ويعتبرُها من النّعيِ المحرَّم الذي نهى عنه المصطفى صلّى الله عليه وسلم.

بيدَ أنّ ذاكرتي لم تطاوِعني على الاستخفافِ بعَقلي لهذه الدّرجة، فها هم نجومُ السِّنِما يحظَون بتغطيةٍ إعلاميّة شاملةٍ وأفلامٍ وثائقيّة مفصَّلة عن حياتهم وإسهاماتهم في الأخذ بيدِ أمتنا نحوَ الهاوية!! بل تفوَّق إعلامُنا في هذا الجانب ولم يكتفِ بتغطيةٍ موسَّعة لموتِ النجوم، بل تعدى ذلك إلى إحياء الحوليّة المعمول بها في أقطارِ العالم، فتُعاد سيرةُ الراحِلين منَ الفنّانين على رأس كلِّ سنةٍ من ذِكرى وفاتهم، وقبل أيّامٍ اتَّفق وفاةُ نجمِ السِّنما المصريّ أحمد زكيّ غفَر الله له، مع ذكرَى وفاة المغنِّي المشهور عبد الحليم حافظ، فلم تغفل القنواتُ الفضائيّة العربيّة عن تغطيةِ حياة أحمد زكيّ والاحتفاء بفنِّ عبد الحليم في آنٍ واحد!!

إنها مأساة تضاف إلى سجِلِّ المآسي الإعلاميّة، فالإعلام الغربي بكلِّ ما يحمِله من أصولٍ إباحيّة وانحرافِيّة شاذّة وفكرٍ مظلِم، إلا أنه لم يغفل عن تقدير العلماء والمفكِّرين من أبناء جِنسِهم وديانتهم، فلا فرقَ في تغطيَتِهم الإعلاميّة بين المطرِب إلفيس بريسلي مثلاً وبابا الفاتيكان، ومِن قبلِه جدّتُهم تِيرِيزا وغيرهم من أرباب التّبشير، ويا ليت إعلامَنا في ظلّ إصراره على بثّ الرذيلة والفنّ الهابط أعطى شيئًا من ساعات بثِّه للخير والفضيلةِ وكرَّمَ العلمَ وأهلَه وأعطاهم شيئًا من وقتِه، لقلنا حينَها: إنَّ الحسناتِ يذهبن السيئات، ولَعُدّوا ممّن خلَطوا عمَلاً صالحًا وآخرَ سيّئًا، ولكنها مع الأسف الشديدِ حالةٌ مزرية تدلِّل على المستوى الفكريّ الذي آل إليه إعلامُنا الذي يحمل روَّادُه وصُنّاعُه ومموِّلوه أسماء: عبد الله وعبد الرحمن ومحمّد وعلي وعمر، بل وبعضُهم نشأ وترعرَع في أرض الإسلام ومَهبطِ الوحي.

فالقضية ـ معاشر الفرسان ـ ليست في الاحتفاءِ برثاء بابا الفاتيكان، ولا أنصح إخواني فرسانَ المنبر بالتعرّضِ لذكرِه وبيان ضلاله، فإنَّ النهارَ لا يحتاج إلى دليل، بل غاية ما أرجوه أن نغتنمَ هذا الحدثَ الإعلاميّ لتذكير صُنَّاع الإعلام في ديارِ الإسلام برسالتهم وأهدافِهم، وأن يقِفوا لحظاتٍ مع أنفسِهم وهم يتابعون هذا النقلَ المباشر التفصيليّ وعلى مدارِ أسبوعٍ كامل لحياةِ حَبر من أحبار النّصارى، وأن يتساءلوا: هل يمكن في يومٍ من الأيام أن نسخِّر شاشاتِنا ومراسِلينا لخدمةِ الإسلام ودعاتِه ورجالاتِه الذين أفنَوا أعمارَهم في التعليم والوعظ والإرشاد؟!

وما يدريك ـ أيّها الخطيب ـ لعلَّ اللهَ عز وجل يصلِح أحوالنا جميعًا بكلمةٍ صادقة منك تَبْلُغ أو تُبلَّغُ لأهل الإعلام، فتلامس أصلَ إيمانهم وتحرِّك حَمِيَّتهم، ولو قُدِّر لي أن أرقَى منبرَ الجمعة هذا الأسبوع لتطرَّقتُ فيه إلى النّقاط التاليةِ:

1- تمهيد: بيان تحقُّق ما أخبر به المصطَفى صلى الله عليه وسلم من اختلافِ معايير تقويمِ الرجال، حتى أضحى يقال للرجل: ما أحسَنَه، ما أظرَفَه، ما أَجمَلَه، وليس في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من إيمان، وأنّ ميزان: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} وميزان: ((خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه)) وميزان: ((إنّ من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبةِ المسلم وحاملِ القرآن)) وميزانَ: ((العلماء ورثةُ الأنبياء)) كلّها موازين لم يعُد لها سوى كفَّة واحدةٍ، فاستحكمت الغُربة واشتدَّت.

2- أنتقلُ بعدها إلى بيان أنّ الغَرب بكلِّ ما فيه من ظلماتٍ وسلبيّات وشذوذٍ وانحراف إلاّ أنه غربٌ يحترِم البحثَ العلميّ، وينفِق عليه ملياراتِ الدولارات، ويقدِّر العلماءَ والمفكّرين، ويغدق عليهم ما لا يغدِقه على غيرهم، وبالرّغم من كفر الغربِ بكنيستِه إلاّ أنه يجِلّ ويقدِّر أحبارَه ورهبانَه، ولا أدلَّ على ذلك من تلك التّغطيةِ الشامِلة المفصَّلة لرحيل بابا الفاتيكان، والتي حظِيت بزخمٍ إعلاميّ غَربي غير مَسبوق.

3- ثم أقارن بعدها بحال إعلامِنا، والذي اكتفى بتقليدِ الجانب المظلِم من الإعلام الغربي، بل وتفوَّق عليه، فنجد إعلامَ الغرب قبل عرضِ مهازِله ينبِّه المشاهدَ أنَّ المناظر خليعةٌ والألفاظَ نابِية، ولا يُنصَح بمشاهَدتها، بينما إعلامُنا واثِق من شَغَف مشاهديه بكلِّ ممنوعٍ، فأخذ ـ على العَكس من ذلك ـ يدعو مشاهديه للاستمتاع بهذا الفنّ الهابط دون حياءٍ مِن الخالق أو الخَلق!!

4- ثم أصحِّح بعد ذلك ما قد يتبَادر إلى ذهنِ المستمع بأنّني أدعو فقَط إلى تبجيل أهلِ العلم والشّرع، وأنَّ ذلك قد يتنافى أحيانًا مع هديِ المصطفى صلى الله عليه وسلم في حقِّ الميِّت، وأبيِّن للسامِع أنني أندبُ حالَنا عمومًا وإهمالَ إعلامنا خصوصًا للفُضَلاء في شتى المجالات العلميّة والفكريّة والأدبيّة، فأمتنا الإسلامية تعُجّ بالطاقات والقدرات والكفاءات، والذين رَحَلوا دونَ عِناية تذكَر أو اهتمامٍ إعلاميّ فضائيّ في أبسَط صُوَره!! إننا ـ يا سادة ـ ننعى هبوطًا حادًّا في القِيَم والأخلاق والمبادئ، كنتيجةٍ طبيعيّة للهبوط في هوّة الرذيلة.

5- وبعد جلسة الاستراحة أرغِّب في تذكير أهل الإعلام المرئيّ الفضائيّ بواجِبهم تجاهَ أمّتهم، وأنّ الله عز وجل سائلُهم عن هذا الهراء: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، فالله توعَّد محِبِّي إشاعةِ الفاحشة، فكيف بمن يعمَل ليلَ نهار على إشاعةِ الفاحِشة وينفِق على ذلك من مالَه ووقتَه؟!

6- ثم أقول لهم: إن كنتم ولا بدَّ فاعلين وفي الغيّ سائرين فلا أقلَّ مِن أن تخلِطوا عملاً صالحًا بآخر سيّئٍ، قدِّموا حسنةً واحدة تذكَر، لعلّها تُقبَل عند الله فتطيش بسيِّئاتكم، تدرَّجوا في تركِ الرذيلة، واستعينوا على ذلك بتقديمِ إعلامٍ هادف يسمو بأمَّتنا ويجسِّد أصالَتَنا، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}



أخوكم ومحبكم

الخطيب المتقاعد

وجدي بن حمزة الغزاوي

ام المقداد
12-04-05, 08:21 am
كلام جميل جداً..
علتنا الازليه فيمن يديرون اعلامنا
فبعضهم والعياذ بالله اشد ضلالاً من البابا
ذاته..
ولاهم لهم الا شهوات انفسهم المريضه
والدليل احلال المرأه مكان الرجل في وسائل اعلامنا
رغم البطاله المستشريه في اوساط الشباب..