تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (وين شدو بدو لخويره) ؟


(البلاتيني)
24-02-05, 09:56 pm
ما أسهل ما ننسى. يغيب الذي كان بيننا, فتسرع الذاكرة تطوي بقايا ذكره, تحيله الى الخلايا الميتة. لا نذكر هذا الغائب مهما كان مقامه في الماضي بيننا.


المبدعون الذين احتلوا مكانة بارزة في هذه الذاكرة بحكم قربهم منا, وابداعهم الذي عانوا فيه, ليثروا به قلوبنا وعقولنا واحلامنا ولغتنا ومواهبنا, حسب صفة الابداع وتأثير المبدع فينا. هؤلاء هم أقرب الناس عندنا, الى حافة النسيان. ما ان يغيبهم الموت, أو يحيلهم الزمن الى التقاعد فيشح ابداعهم, او تلزمهم الظروف الصمت كنوع من الزعل او المعاناة او موقف تعبيري عن أزمة او قضية تلزم الرفض. فان غيابهم ينهي فينا حالة التذكر لهم, ننساهم. قاسية هي حالة النسيان التي تصيبنا في حق امثال هؤلاء, نظلمهم بهذا النسيان, نظلم انفسنا ايضا. قد يكون العصر مسببا لهذه العلة الانسانية وارتفاع معدلاتها عندنا, لكنه لا يفرض علينا ان نسلم له, ونسمح ان يترك فينا هذا الفيروس يكبر ويتوسع. نحاربه من اجل ان نتذكر ان عملية التذكر لا تحيي فينا الجزء المنسي فقط, انها تشعرنا بالحنين, تولد فينا الوله لاشياء جميلة فقدناها, تذكرنا بابداع سكن فينا وأضاف لنا وشكل دواخلنا. تمنحنا سعادة نفتقدها مع النسيان. في محاولة الكتابة خلال الفترة الماضية عن بعض الروائع الشعرية, وذكر الشعراء والفنانين المتميزين الذين شغلوا الناس في زمانهم, كنت اقاوم النسيان, احاول على الورق ان اكتب الوله والحنين لهم, للزمن الذي قدموا فيه هذه الروائع, والذي لم ينصفهم, ولم يمنحهم سوى التعب, وما تحمله مفردة الظلم من آسى واحزان في شتى شئون حياتهم واحيانا حتى بعد مماتهم. سعدت انني لم اكن امارس التذكر وحدي, وان هناك كثيرا من القراء, كانوا معي عند هؤلاء الذين غابوا عنا. وجدت في هؤلاء القراء من يثني, من يسأل, من يطالب بمزيد من الكتابة. جميعهم يبحثون عن الذاكرة, عن الوله, يحاولون محاربة النسيان. قبل فترة كتبت عن الشاعر الراحل احمد الكندي, صاحب الربابة, وذكرت ابياتا من رائعته (وين شدو بدو لخويره) القصيدة التي شاعت وانتشرت في محيط عشاق الكندي والشعراء وبعض الرواة, اما الذين لم يسمعوها من خلال عزف وأداء الكندي على صوت الربابة, لم يتعرفوا عليها. الا انهم حفظوا وتغنوا (ببدو لخويره) من خلال صوت ولحن الفنان علي بوالروغة. هذه الاغنية التي ذكرها العديد من القراء, لم استمع لها او لم اعد اتذكر ذلك, رغم زعمي انني استمعت الى جميع ما قدمه هذا الفنان الرائع في كل تسجيلاته. الاخ (بو سلطان) ذكر ان الكلمات التي غناها بوالروغة لم تكن للكندي, انما هي للشاعرة (فتاة الخليج) وان ذاكرته لا تزال تحتفظ باللحن وبعض ابيات من القصيدة. الاخ احمد القعود الذي استمعت منه الى جميع ابيات القصيدة المغناة, قال انها كانت ردا من الشاعرة (فتاة الخليج) على قصيدة احمد الكندي. تقول الشاعرة في ردها:

يا فهيم في تعابيره
عن وداده صافي النيه
لا تخلي النفس في حيره
تنشد الطرشان شفجيه
جان شدو بدو لخويره
عندنا خود مداميه
يسكنون ابغربي الديره
في المطاييح الشمالية
لي جداهم نطرب السيره
بالشفاقة هوب جبريه
يملكون انفوس اصغيره
والخواطر مرحبانيه
من خشوف اريام امذيره
لي عن القنيص حذريه
الحسن فيهم تصاويره
لي به العشاق مغريه
ريم راتع في مجافيره
راعي العين الذبوحيه
حص جيون من مغازيره
نافل في حسنه اوزينه
يعل يود السحب لمنيره
بالمطر تنهل وسميه
قاعهم تصبح مغاديره
بالشطوط امسويه عيه
من عطا لي فضله او خيره
عم وانعامه إلاهيه
والحيا تنبت مخاضيره
من ازهور اشكال ورديه


قد يكون رد (فتاة الخليج) هو الذي اشتهر بين الناس, إلا ان هناك ايضا شعراء شدتهم كلمات القصيدة, وشاركوا الكندي في معاناته. يتذكر الاخ عيلان الجمري ان شاعرا له مكانته البارزة هو حمد بن سوقات, من الذين ردوا على (بدو لخويره) تقول قصيدة بن سوقات:


يوم شدو بدو لخويره
ورحلوا عن بيرهم حيه
صابت الكندي بعد حيره
واظلمت الافاق والفيه
من سبب بو نفس اصغيره
شل قلبه تل جبريه
ما عرف وين الظعن سيره
وين يسكن حلو ذا البيه
خلنا وياك ف مسيره
نتبع الاثار رجليه
لين نوصل ذيك لخبيره
وانتفاهم معهم ابحيه
لي بغوا م المال نرهي له
شيك والا فلوس نقديه
وان تعسر عندنا غيره
بانجر الجيش صبحية
وبانصيح بصوت تكبيره
وبانحبس الذود والريه
وبانبيع النفس تنحيره
وباندر الزين زنديه
وبانخلي عنده ذخيره
لابه م الجيش ولميه
فالامر لك وانته اديره
واتصرف به ابحريه


يبقى ان نتذكر هذا الشاعر الفنان الذي ألهم حتى اقرانه من الشعراء, نتذكره في ان نقدم اعمالا اعلامية وبحثية تناسب حجم العطاء والابداع الذي قدمه. الاخ محمد ابن الشاعر الكندي, حدثني انهم جمعوا اشعاره, وفي مرحلة الاعداد لاصدار الديوان الكامل لاعماله. الا ان المشكلة تتمثل في الجانب الآخر من الابداع الذي تركه, وهو عزفه على الربابة, فهذا ضاع كثير منه, والبعض المتبقي عند اهل الكندي او المتناثر في اماكن مختلفة, فإنه يحتاج الى تقنيات فنية عالية لاخراج الصوت اكثر وضوحا وصفاء. عمل تقوم به مؤسسات مختصة يستحق احمد الكندي وغيره من المبدعين الكثير من العمل والتذكر, فما اغنى واجمل الابداع الذي قدموه لنا.




بقلم : سعيد حمدان

فهد الطويان
25-02-05, 11:12 am
الأخ العزيز البلاتيني.
.
حياك وحي تفاعلك مع الخيمة.
.
وتشكر على نقل هذا التحليل لنوع من بحور الشعر متداول بمنطقة الخليج وخاصة بالإمارات وهو قريب وأقصر من وزن الهجيني في نجد وطبعا اللهجه هي التي حددت هذا البحر القصير.
.
لك خالص التحية ..