تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تقبيل الخادمه


سـالي
14-12-01, 07:50 am
وصلنا إلى البيت فوجدنا كل العائلة مجتمعة لاستقبالنا؛ الأبناء والأحفاد والعمات والأخوات وربة الأسرة – طبعًا – وزوجها… حظينا باستقبال قمة في الحرارة والحفاوة فلم نحس قط بالغربة في هذا البلد الشقيق

دخلنا البيت فبدأ التعارف والتحية والسلام.. فجأة خرجت هي من المطبخ ومرت بسرعة لتأخذ بعض الأشياء من الغرفة المجاورة.. قمت استعدادًا للسلام عليها لكنها عادت ودخلت المطبخ مبتسمة مسرعة وكلها حياء ولسان حالها يقول: لا عليك أيتها الضيفة المحترمة.. أرجوك لا تبالي بوجودي.. واصلي حديثك.. لست مجبرة على السلام علي... فجلست واجمة كما توسلت إلي بذلك عيناها الجميلتان

علمت بعدها أنها الخادمة.. فتاة جميلة وسيمة في السادسة عشرة من عمرها جاءت من بلاد بعيدة فقيرة لتعول أهلها وتساعد أمها الأرملة على مصاعب الدهر.. أكلنا في جو كله مرح وفرح وحديث ونكت وابتسامات وقهقهات، والشابة ذات الابتسامة الدائمة في المطبخ وحدها، لا أدري أكانت تتناول غذاءها أم تواصل أشغالها التي لا تنتهي؟.. أم أنها كانت سارحة بقلبها مرفرفة بروحها إلى بيت أهلها البعيد باحثة عن حضن الأم الدافئ وصخب إخوتها الصغار

هات يا روزيتا الخبز.. ارفعي يا روزيتا الصحون… اذهب يا ولدي لروزيتا تأخذك إلى الحمام روزيتا رجاء قليلا من الثلج... روزيتا.. روزيتا.. روزيتا.. خرجنا إلى الحديقة الجميلة لنتناول الشاي والقهوة وكان نفس السيناريو.. ونفس المشاهد.. روزيتا وزعي المثلجات على الأطفال.. روزيتا ردي على الهاتف.. افتحي الباب يا روزيتا... واستمر الأمر كذلك إلى ساعة متأخرة من الليل وروزيتا الشابة الوسيمة كالجندي المرابط... وجاء وقت النوم فهرعت الوردة النجمة وهذا معنى اسمها - روزيتا - هرعت إلى زنزانتها لتنام.. تنام في المطبخ.. ففيه تأكل وفيه تستريح وفيه تعمل وفيه – قَطْعًا - تبتلع دموعها، وله تحكي آلامها، وعلى جدرانه تَعُدُّ الأيام والشهور لتعود لأهلها ببعض النقود والهدايا

أي شريعة هذه؟ بل أي منطق إنساني هذا؟ كيف بدا الأمر عاديًّا ومسلمًا به لدى كل الحضور؟ أليست روزيتا إنسانًا مثلي ومثلك؟ تتعب وتسأم... شابة تحب الأنس كقريناتها وتكره الأكل وحيدة كأنها بعير أجرب؟ أنرضى هذا الوضع لبناتنا أو أخواتنا؟ أي معنى لإسلامنا إن لم نحس بالإنسان كإنسان؟ أي فائدة أن نتلو قرآننا آناء الليل وأطراف النهار إن كان هناك من يقول فينا: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس؟ أين نفر عندما يقفون ليحاجونا أمام الله ويشكونا إليه يوم القيامة؟ أين وصف نبينا للخدم "إخوانكم"... "إخوانكم"؟ أبعد هذا نرجو الرحمة لأمتنا؟! من أين تأتى هذه الرحمة؟ نعم الخدم يحتاج إليهم كثير من الناس، ولكنْ فرق أيها الناس بين الخدم والعبيد، بل العبد يجب أن يأكل مما نأكل ويلبس مما نلبس فكيف بالأحرار الذين استعبدناهم بالدرهم والدينار؟!.. نعم الخدم يقتاتون من خدمتهم للناس، ولكن يرفض الإسلام - بل الإنسانية - أن نستغل حاجتهم لنا لنرهقهم ونكلفهم ما لا يطيقون؟... أماتت قلوبنا وعميت أبصارنا حتى أصبحنا لا نعرف الرحمة إلا لفلذات الأكباد وذوي الرحم والأقرباء وباقي الناس إلى الجحيم ؟!……

مرت ثلاثة أيام عليَّ وكأنها شهر رغم حفاوة الاستقبال ولطف أهل البيت وكرمهم… وحان وقت الرحيل فسلمت على الجميع، وما ارتاحت نفسي حتى دخلت المطبخ فأسرعت روزيتا مستعدة للخدمة، فانحنيت أقبلها شاكرة ممتنة على ما قدمته لي وللحضور من خدمات، داعية لها أن يجازيها الله كل خير وسائلة منها الدعاء، فامتلأت عيناها دموعًا واعتذرت لغير ذنب وشكرتني على ما لا أدري...

هذه القصة جزء صغير جدًّا من أحداث حقيقية، تمنيت لو أنني كتبتها يوم ثورتي وألم قلبي، وهأنذا أكتبها بعد حدوثها بكثير... ترددت في كتابتها؛ لأنني كنت أعتبرها خيانة لمن فتح لي بيته، ولكن موضوع الخدم موضوع عام، ومآسيه منتشرة في كل بلدان الخليج وحتى في بلدان المغرب العربي؛ لذلك رأيت أنني عندما أكتب لا أتكلم عمَّا شاهدته عند من أكرمني وأحسن ضيافتي، وإنما أتحدث عن الموضوع ككل، فأبرئ ذمتي لأنني لم أتمكن من الحديث في الموضوع مع مضيفتي... وأود أن يصل هذا الكلام لكل من له خدم تحته..


سالي
http://www.plauder-smilies.de/love/heartline.gif

الشقردي
14-12-01, 07:57 am
شكرا اختي سالي على هذا المشاركه00 وان لم تخني الذاكره فقد سبق ان قرأت هذا الموضوع في غير هذا المنتدى هل كلامي صحيح ام لا؟ 00اكرر لكي شكري 000 وتسلمين0

عصي الدمع
15-12-01, 03:12 am
أمر مؤسف ومزعج يا أخت سالي وفي الحقيقة هذا الشيء واقع وسيستمر إن لم يجد له من يقف في وجهه .. أشكرك اخت سالي على هذا الموضوع الرائع وهذه الفكرة المندثرة .


( عصي الدمع ) .

الطيف
15-12-01, 03:17 am
وان كان قديم فلربما احد غيرنا لم يقراه

عموما مشاركة حلوة من الاخت سالي

الكيميائي
15-12-01, 04:55 am
الاخ سالي



اتمنى لو الجميع يعاملون الخادمه باقسى من هذا العمل
حتى نستطيع ان نقضي على تلك الخادمات
عندما يدركن صعوبه التعامل معنا
فكم اتمنى ان تنتهي فكره وجود خادمه في المنزل
فكم كرهت اي منزل تكون فيه خادمه
فهي كالفايروس وكالسرطان في الجسد

فمتى تنتهي تلك اللعبه القذره

عندها سأعلن سعادتي



تحياتي

البكيراوي
18-12-01, 06:20 pm
موضوع جميل جدا اخت سالي وفي الحقيقة انت صائبة في ما قلتيه واذكركم بمقولة أنس بن مالك رضي الله عنه (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات فما قال لي بشئ لم فعل هذا قط ولما تركت هذا وكما قال رضي الله عنه ولنا في رسول الله اسوة حسنة

اخي الكيميائي
انا ابادلك نفس الشعور فانا اكره البيت الذي فيه خادمة ولكن ليس الحل في سوء المعاملة فالخادمة اذا اسئت اليها فعي حتما ستسئ اليك وستحلقك بالضرر ( السحر , السم في الطعام ...الخ وهناك الكثير من القصص التي لا تخفاك , ولكن الحل ان تقنع الاهل وتعينهم على الاستغناء عن الخادمة وهناك طرق كثيرة
وشكرا لسالي على الموضوع الجميل