صلاح الدين
10-03-04, 06:45 pm
قبيل صلاة ظهر هذا اليوم الأربعاء من شهر محرم دخلت إلى مغسلة الموتى في مسجد الونيان ! دلفت إلى غرفة التغسيل ! سكون رهيبٌ يلف الجميع !رائحة الموت تملأ المكان ! الأسرَّة تقطر ماء جراء غسيل الأموات !
دخلت الغرفة الثانية الموازية للمسجد فإذا سبع جنائز (أربع نساء ورجلان وطفل) !!
بدأ قلبي يخفق ! ويخاف ! ممن ؟! لا أدري ! هل يُخاف من البشر ؟! أليسوا هؤلاء كانوا لنا بالإمس ملْ السمع والبصر ؟! نأنس بهم ونشتاق للقائهم ! ونفرح لفرحهم ونغتم لحزنهم ؟! مابالنا اليوم صرنا نخاف منهم ونوجل من قربهم ؟! هذا هو سر الموت !!
المهم اقتربت من الرجل الأول ! نحيل الجسم !قصير القامة ! كشفت عن وجهه على حين خلسة من الناس ! رجل مسن بلغ زهاء ثمانين سنة ! شاحب الوجه ! زائغ العينين ! يكاد ينطق ! ولكن ..!
لففت رباطه ، اقتربت من الرجل الآخر ، كشفت عن وجهه : رجل طويل القامة ! ضخم الجثة ! مستدير الوجه ، صفرة الموت تعلو جبينه ! قد أطبق عيونه كأنما يغط في نوم عميق !!
استدرت إلى الوراء :أربع نساء تتفاوت أعمارهن بين العشرين والثلاثين والستين !!
حانت مني التفاتة نحو الزاوية : ثياب نسائية مكدسة ( عباءات وثياب ) عرفت فيما بعد أنهن لباس تلك النساء ، نُزعن عنهن قبل التغسيل ! لا أدري لماذا هذا المشهد الأخير ابكاني ! فجري مني دمع غزير ! استدرت إلى زاوية أخرى لأُخفي عن الناس دموعي ونشيجي ! تخيلت تلك المرأة يوم لبست ثيابها هل ظنت أنه سينزع عنها بغير اختيارها ؟! هل توقعت أن هذا اللباس آخر لباس الدنيا ؟! ليت شعري لو علمت تلك البنت أن هذا هو مصيرها بعد ساعات يسيرة هل ستذهب للسوق ؟ أو للخياط ؟! أو تلزم محرابها لتتبتل إلى ربها ، وتدعوه أن يخفف عنها سكرات الموت !
رحت أنساق خلف خواطري ومشاعري فلم أنتبه إلى على صوت المؤذن يدعو لصلاة الظهر ! خرجت من الباب الخلفي للمغسلة ، وكلي أمل أن يكسر هذا المشهد كبرياء نفسي ويروضها على طاعة الله !
بعد الصلاة عزمت على أن أسطر فصول هذا المشهد لإخواني هنا ، عسى أن نفيق من سكرة دنيانا ، ونعلم أن لنا مع الموت موعداً لن نُخلفه !
وقفة خاتمة : رأى الحسن البصري جنازة مسجاة ، فتأملها طويلاً ، ثم قال : والله لقد فضح الموت الدنيا !
ثم قال : إن أمراً هذا آخره لحريٌ أن يزهد في أوله ! وإن أمراً هذا أوله لحريٌ أن يُخاف من آخره !
اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ماصارو إليه .
دخلت الغرفة الثانية الموازية للمسجد فإذا سبع جنائز (أربع نساء ورجلان وطفل) !!
بدأ قلبي يخفق ! ويخاف ! ممن ؟! لا أدري ! هل يُخاف من البشر ؟! أليسوا هؤلاء كانوا لنا بالإمس ملْ السمع والبصر ؟! نأنس بهم ونشتاق للقائهم ! ونفرح لفرحهم ونغتم لحزنهم ؟! مابالنا اليوم صرنا نخاف منهم ونوجل من قربهم ؟! هذا هو سر الموت !!
المهم اقتربت من الرجل الأول ! نحيل الجسم !قصير القامة ! كشفت عن وجهه على حين خلسة من الناس ! رجل مسن بلغ زهاء ثمانين سنة ! شاحب الوجه ! زائغ العينين ! يكاد ينطق ! ولكن ..!
لففت رباطه ، اقتربت من الرجل الآخر ، كشفت عن وجهه : رجل طويل القامة ! ضخم الجثة ! مستدير الوجه ، صفرة الموت تعلو جبينه ! قد أطبق عيونه كأنما يغط في نوم عميق !!
استدرت إلى الوراء :أربع نساء تتفاوت أعمارهن بين العشرين والثلاثين والستين !!
حانت مني التفاتة نحو الزاوية : ثياب نسائية مكدسة ( عباءات وثياب ) عرفت فيما بعد أنهن لباس تلك النساء ، نُزعن عنهن قبل التغسيل ! لا أدري لماذا هذا المشهد الأخير ابكاني ! فجري مني دمع غزير ! استدرت إلى زاوية أخرى لأُخفي عن الناس دموعي ونشيجي ! تخيلت تلك المرأة يوم لبست ثيابها هل ظنت أنه سينزع عنها بغير اختيارها ؟! هل توقعت أن هذا اللباس آخر لباس الدنيا ؟! ليت شعري لو علمت تلك البنت أن هذا هو مصيرها بعد ساعات يسيرة هل ستذهب للسوق ؟ أو للخياط ؟! أو تلزم محرابها لتتبتل إلى ربها ، وتدعوه أن يخفف عنها سكرات الموت !
رحت أنساق خلف خواطري ومشاعري فلم أنتبه إلى على صوت المؤذن يدعو لصلاة الظهر ! خرجت من الباب الخلفي للمغسلة ، وكلي أمل أن يكسر هذا المشهد كبرياء نفسي ويروضها على طاعة الله !
بعد الصلاة عزمت على أن أسطر فصول هذا المشهد لإخواني هنا ، عسى أن نفيق من سكرة دنيانا ، ونعلم أن لنا مع الموت موعداً لن نُخلفه !
وقفة خاتمة : رأى الحسن البصري جنازة مسجاة ، فتأملها طويلاً ، ثم قال : والله لقد فضح الموت الدنيا !
ثم قال : إن أمراً هذا آخره لحريٌ أن يزهد في أوله ! وإن أمراً هذا أوله لحريٌ أن يُخاف من آخره !
اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ماصارو إليه .