المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصحوة الدينية لن تفلح حتى تكون حضارية !


أباالخــــــيل
03-03-04, 01:10 pm
الصياغةالعباسيةلعدد من مفاهيم الفكرالديني لم تكن تجسيداًصافياً للإسلام !!!!!!!
_______________________________________

الصحوة الدينية لن تفلح حتى تكون حضارية !

1- كيف استبدت نزعة الرهبنة بمفهوم الدين؟
إذا أردنا أن نصحو صحوة دينية,ألا ينبغي أن تكون صحوة تنبذ البدع التي أشاعت الخمول في ثقافتنا، بإعادة بناء العقيدة، التي بناها الفقهاء في العصر العباسي بناء مختلا، فالعقيدة في الإسلام-كما كررنا مرارا- شطران: تقدم روحي وتقدم مدني، بذلك الفقه نجمع بين حرارة العقيدة وإستنارتها? وهذا يعني أمورا غفلت عن أهميتها الثقافة الدينية منذ أمد بعيد. أهمها العانية بقيم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، ومنها العقلانية والتقنية والحداثة الإدارية والمادية،أي أن ندرك التحدي الذي يقتحم حصوننا إنما هو تحد مدني، يحتاج إلى جهاد مدني, وهذا يعني أن تكون صحوتنا الدينية صحوة حضارية, أي أن ندرك أن الدين مشروع للتقدم في الدنيا والآخرة, لكي ندرك أن التحدي الذي يقتحم حصوننا تحد مدني, وهذا يعنى أن نعيد النظر في المفاهيم السائدة بعد عصر الراشدين, التي حصرت الدين في الشطر الروحي وجزأته, واستقرت في الذهن والسلوك الجمعي, فأصبحت مسلمات, وأفرزت نظاما تربويا دينيا مترهلا مضطربا هزيلا.
فإذا أردنا أن نفهم الثقافة الإسلامية الصحيحة, حق فهمها, فلابد أن نستوعب مفهوم الدين.
عندنا نصف مدرسة, ونقول: إنها دينية ينبغي أن تكون دينية موضوعاً, ودينية مفهوماً وروحاً, بأن تستوعب هذه المدرسة الخطاب الديني الشامل,فلا تهمش قيم المجتمع المدني والعقلانية العملية والتقنية.
التعليم الديني الشائع, إنما هو رهبانية ابتدعناها، لأنه يكرس القطيعة المعرفية, بين التقدم الروحي والتقدم المدني, ولا سيما الاجتماعي والعمراني, وهذه القطيعة المعرفية الثقافية, أفرز قطيعة تربوية اجتماعية, أي أن ثقافة القطيعة بين الدنيا والآخرة, تفضي إلى ترسيخ قيم القطيعة, بين التقدم الروحي (وهدفه المباشر أخروي) والتقدم المدني( وهدفه المباشر دنيوي). ولابد من إعادة ربط الحبل المقطوع, بين العبادتين العبادة الروحية, والعبادة المدنية.
وبذلك يسقط الحاجز المتوهم بين عدة النجاح في الدنيا، وعدة النجاح في الآخرة, وينتهي الانفصام بين الشق الروحي, والشق المدني من العبادة, فالجانبان يتكاملان, فالعقيدة كائن حي عضوي، له قدمان، من دونهما لا يسلك طريق الفلاح في الدنيا والآخرة; لا يُمْشىَ بقدم واحدة, بل بقدمين, ولذلك ينبغي أن تتناسق حركة القدمين.
ألم يأن لنا أن ندرك أنه ينبغي أن تستمد الأمة من إيمانها, طاقة تدفعها إلى التفوق في عمرانها? ليتكرس الاهتمام بثقافة العمران, في الخطاب الديني. فلا يحتقر المتدين العلوم الطبيعة والكونية, ولا يخرج المثقف الديني مسائلها من ميدان وعظه وحثه واهتمامه, بذلك يمكن بناء ثقافة دينية, تدرك ما يضطرب في بحر الحياة, من علوم وأشياء, وفنون وآراء, ومذاهب وأناس, كي لا تنعزل الثقافة الدينية بالناس وتنكمش بهم, وتفرز الجهل بروح العصر, وتغفل عن التوازن, وتقتل حيوية التفكير, وتفاعل الأذهان, وتفاعل الجماعات.

2- أليس التمدين جزءاً أساسيا من التدين؟

أي لا يكتمل فقه الدين إلا به?. أوليس ذلك هو مفهوم الفقه, الذي تكرر في القرآن الكريم. قبل أن تحصره المتون بالشطر الروحي :الشعائر, ثم تحصر فقه الشعائر بالتلقين الجاف.
وهذا الفقه هو الذي يحمى الأمة من الانبهار, بما في العالم المتقدم, من أفكار وأشياء واختراع, ويتيح لكل مقتدر أن يجتهد في تخصصه, ويوظف علمه لخدمة أمته.
ولكن لم يدرك هذه الحقيقة, عدد كبير من من رسموا الاتجاه العام ;في الثقافة الدينية,ولاسيما في القرون المتأخرة, فترسب احتقار العمران والحضارة ,في الذهن والسلوك.
فنال قيم العمران والحضارة, في الخطاب الديني استبعاد تارة, وتضييق وتسفيه تارة ثانية, وحصرت في نطاق الضرورة القصوى, في أغلب الأحيان, فضعف الابتكار والإبداع, وكان ضعفها إيذانا بسقوط الحضارة, لأن الناس اتجهوا إلى منطقة الأمن والسلامة, لاسيما وفيها ما يجذب من يبتغي هباء الدنيا; إلى حقلها المغناطيسي; من الرزق والوجاهة, فانشغلوا بالجانب الروحي الشعائري من الدين, والجانب اللفظي من العلم اللغوي والأدبي, وأكثروا من الشرح والاختصار, والتكرار والاجترار, وقللوا من قدر فكر بناء الدولة الشورية العادلة، ومن رموزه أيضا, وأحاطوه وأحاطوهم; بالاتهام حينا آخر.
هذه المفاهيم التي صكتها الصياغة العباسية للفكر الإسلامي في المجتمع العباسي, لم تكن تجسيدا صافيا للإسلام، بقدر ما كانت صياغة مناسبة لمشكلات وتحديات ومعطيات في المناخ الاجتماعي.

3- عندما يغيم الجو يتقنع التقليد قناع التجديد والتأصيل

إذا أردنا أن نصحو صحوة دينية، فلا بد من أن تكون الصحوة حضارية، أي أن ندرك أنها لن تكون مبنية بناء صحيحا على العقيدة، حتى تستوفي جانب الرقي المدني من غلإسلام، أي حتى تكون حضارية.
إن الصحوة الحضارية على كل حال صعبة، لأننا في عصر اضطراب معرفي ونفسي واجتماعي، ونأخذ لذلك نموذجا مفهوم الأصالة والحداثة، فكثيرا ما لبست روح التقليد قميص الحداثة أو الأصالة:
فمن الغريب أن تقدم نزعات، جبرية وعدمية وتشاؤمية، على أنها هي الحداثة الأدبية والفكرية والتجديد عند قوم، من المعنيين بأدب العدمية والعبثية واللاأدرية، ومن المعنيين بالأدب الرومانسي والسريالي، من الذين يستسهلون اقتراض الحضارة،من من يتشدقون باسم الحداثة وما بعد الحداثة، وهم يجرون الناس إلى القدامة وما قبل القدامة، ويسوقون الناس إلى كهوف التخلف والغموض، والجبن والخور والجمود، هذا ما انتبه إليه الشاعر عبد المعطى حجازي عندما قال:"نفر من تقليد قديم، إلى تقليد جديد".
لماذا تكون أكثر الذهنيات الحداثية أيضا تقليدية، في ما تقترض أو تترجم؟، لأنه ذهنيتها تكونت في ظل تراث عربي كثيف متراكم غير منسجم، فتشبعت بالنزعة التقليدية الإسفنجية.
والأغرب من ذلك أن تقدم القيم الخاملة في عباءة الأصالة العربية والإسلامية عند آخرين، وكأنها هي مقتضى الإيمان بقضاء الله وقدره، فيبرر الاستسلام والخمول، على أنه شعيرة من شعائر الإيمان، وكأن مقتضى الإيمان بالقدر، إنما هو الركود والهبوط، وترك التدبير والتفكير، والغفلة عن الحساب والتخطيط.
وسرت القيم الخاملة واندست، حتى دخلت في الاتجاهات التي تتمسك بالصياغة العباسية للعقيدة، عندما حولت الدين الذي يولد النجاح في الدنيا والآخرة، إلى مولد لخراب الدنيا، تحت شعارات عمارة الآخرة،فقدمت أفكارا وقيما سلبية راكدة ساكنة، من منجم الضرورة وسد الذرائع، وقدمت قيما هشة مترهلة جامدة،على أنها صفات الفرقة الناجية،وقدمت قيما تربوية قمعية تلقينية، على أنها منهج السلف الصالح.
دون أن يفطن أهلها إلي أن النجاة في الآخرة،لا تنفصل عن النجاة في الدنيا، وإلى أن السلف الصالح الذي يجب الاقتداء به هم الصحابة، الذين أسسوا عهد القوة والنهوض والصفاء،(أي سلفية ما قبل الخلاف) فلم تضطرهم عهود الاختلال، والصراع إلى إنتاج فكر إصلاحي نسبي آني، يناسب بيئات كانت وفرق بادت وتحديات زالت، وليس من الضروري أن يناسبنا فضلا عن أن يصلحنا اليوم، ولذلك فإن كثيرا من دعوات الأصالة اليوم، إنما تدعو إلى أصالة وتأصيل التخلف والانكماش.
وبمثل هذا الفكر أو ذاك لن ننجز صحوة إسلامية حضارية، بل لن نؤكد الإيمان، بل ولن نفهم التوحيد.[/align]
بقلم الدكتور/ عبدالله الحامد


____________________________


للجميع فائق تحيّاتي....

الرمادي
05-03-04, 12:11 am
السلام عليكم ,,,

أخي العزيز أبا الخيل ...

تقوم دائما بنقولات رائعة ومتميزة ولكن ينقصها رأيك الذي نعتز به ...

وبالنسبة للمقال أعلاه فأعتقد أنه بالغ كثيرا بنسب التخلف الحضاري والمدني للصحوات الدينية ولو أعطى أمثلة محددة أو أقتصر على الدعوة التي وجهها بالجمع بين التوجهين الديني والمدني لكان من وجهة نظري اكثر إنصافا ...

ولك تحياتي ,,,