المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العشر الأواخر


شقرديه
14-11-03, 01:30 am
>>

وظائفها:

وظائف العشر الأواخر من رمضان
د.عبدالله بن علي الجعيثن



ها هو شهر رمضان قد اصفرّت شمسه ، وآذنت بالغروب فلم يبق إلا ثلثه الأخير ، فماذا عساك قدمت فيما مضى منه ، وهل أحسنت فيه أو أسأت ، فيا أيها المحسن المجاهد فيه هل تحس الآن بتعب ما بذلته من الطاعة . ويا أيها المفرّط الكسول المنغمس في الشهوات هل تجد راحة الكسل والإضاعة وهل بقي لك طعم الشهوة إلى هذه الساعة .

تفنى اللذاذات ممن نال صفوتها *** من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار

فلنستدرك ما مضى بما بقى ، وما تبقى من ليال أفضل مما مضى ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها . وفي رواية مسلم : ( كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره )

وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه :

أحدها : إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر ، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل : كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن .

وثانيها : أنه صلى الله عليه وسلم يحي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات .

وثالثها : أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة .

ورابعها : أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر .
وعليه فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك ، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلي :

1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات ، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل . قال الثوري : أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك . وليحرص على أن يصلي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) رواه أهل السنن وقال الترمذي : حسن صحيح .

2- اجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر فقد قال الله تعالى :{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }[القدر:3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر . قال النخعي : العمل فيها خير من العمل في ألف شهر . وقال صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله صلى الله عليه وسلم [إيماناً]أي إيماناً بالله وتصديقاً بما رتب على قيامها من الثواب. و[احتساباً] للأجر والثواب وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه . وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) رواه البخاري . وهي في السبع الأواخر أقرب , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر , فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي ) رواه مسلم . وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : ( والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين ) رواه مسلم .
وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل في الليالي تبعاً لمشيئة الله وحكمته .
قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر : وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل ...ا.هـ. قال العلماء : الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها , بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها ...ا.هـ وعليه فاجتهد في قيام هذه العشر جميعاً وكثرة الأعمال الصالحة فيها وستظفر بها يقيناً بإذن الله عز وجل .
والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر .

3-احرص على الاعتكاف في هذه العشر . والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى . وهو من الأمور المشروعة . وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده , ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله - عز وجل – ثم اعتكف أزواجه من بعده ) ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال , كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين .
قال الإمام أحمد – رحمه الله - : لا أعلم عن أحد من العلماء خلافاً أن الاعتكاف مسنون والأفضل اعتكاف العشر جميعاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يوماً أو أقل أو أكثر جاز . قال في الإنصاف : أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً. وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم .
وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة , وأن يحاسب نفسه , وينظر فيما قدم لآخرته , وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا , ويقلل من الخلطة بالخلق . قال ابن رجب : ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس , حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن , بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه , وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية ...ا.هـ .




>>

شقرديه
14-11-03, 01:34 am
>>

ليلة القدر وعلاماتها ...
الشيخ / يحيى الزهراني




بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد

لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين

قال تعالى في سورة القدر :{ إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر }



وقال تعالى في سورة الدخان :{ إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }

سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف

ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .

ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة

1- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار .

2- الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي .

3- أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا .

4- أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .

5- أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن

كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم

فضائل ليلة القدر

1- أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }

2- أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }

3- يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }

4- فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}

5- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }

6- ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }

7- فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه



وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم







>>

شقرديه
14-11-03, 01:36 am
إحياء العشر الأواخر من رمضان
إحياء العشر الأواخر من رمضان




لا شك أن الصلاة من أفضل القربات، و أنها عبادة دينية لا تصلح إلا لله تعالى، و اختصت بأعمال من القربات، مثل: الركوع و السجود، و القيام و القعود، و الرفع و الخفض، و الدعاء و الابتهال، و الذكر لله، و القراءة، و غير ذلك مما اختصت به فكانت أشرف العبادات البدنية.

و لما كانت الصلاة كذلك فقد فرضها الله تعالى على عباده فريضة مستمرة طوال العام و العمر، و كررها في اليوم خمس مرات، لما لها من أكبر الأثر في حياة المسلم.

و لما كانت من أهم الأعمال و القربات لله تعالى، فقد شرع لعباده أيضاً أن يتقربوا بنوافلها. فمدح الذين يكثرون من الصلاة، و خصوصاً في الليل، فأمر نبيه صلى الله عليه و سلم بقوله: ((يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه و رتل القرآن ترتيلاً))(المزمل:1-4). و قال تعالى: ((و من الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً))(الإسراء:79).

فأمر نبيه أن يتهجد من الليل بهذا القرآن، و الأمر له شريعة لأمته، فإن أمته تبع له، فهو أسوتهم و قدوتهم.

قيام النبي صلى الله عليه و سلم:

لقد امتثل النبي صلى الله عليه و سلم أمر الله تعالى: ((يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً))(المزمل:1-2)، فكان يقوم نصف الليل، أو ثلثه، أو نحو ذلك طوال سنته، و كان يصلي من الليل ما شاء، و يطيل في الصلاة.

و قد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم كان يخص شهر رمضان بمزيد من الاهتمام، فقد قال صلى الله عليه و سلم: "من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.

و قيام رمضان هو قيامه بالتهجد، بالصلاة ذات الخشوع، و ذات الدعاء في هذه الليالي الشريفة.

و قد حث عليه السلام أمته على هذه الصلاة، فكانوا يتقربون بها، تارة يصلونها وحدهم، و تارة يصلونها معه صلى الله عليه و سلم، فتوفي و هم يصلون أوزاعاً. يصلي في المسجد جماعة، أو ثلاث جماعات، أو أربع، و قد صلّى بهم صلى الله عليه و سلم في حياته ثلاث ليال متوالية جماعة، يصلي بهم نصف الليل أو ثلثه، أو نحو ذلك.

لكنه و بعد أن رأى حرص الصحابة على قيام الليل معه و مداومتهم على ذلك و ازدحام المسجد بهم خشي أن يُفرض عليهم ذلك القيام و الاجتماع، فيعجزون فلا يحافظون و يستمرون عليه، فأمرهم أن يصلوا فرادى في أماكنهم.

ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمعهم على هذه الصلاة التي تسمى صلاة التراويح، فجمعهم عليها لما أمن أنها لن تفرض عليهم؛ لأنه قد انقطع الوحي بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم .

فأجمع المسلمون أهل السنة على هذا التهجد خلافاً للرافضة، و بقي كذلك إلى هذا الزمان يصلون في مساجدهم جماعة عشرين ركعة، أو ثلاث عشرة، أو ستاً و ثلاثين، أو إحدى و أربعين، على حسب اجتهادات العلماء.

فرأى بعضهم أن يصلي إحدى و أربعين ركعة كما أثر ذلك عن مالك و غيره من الأئمة.

و رأى آخرون أن يصلي سبعاً و ثلاثين في صلاة الوتر، أو تسعاً و ثلاثين، و قالوا: إن هذا يخفف على الناس، و يكون فيه قطع لليالي في الصلاة.

و رأى آخرون أن يصلي ثلاثاً و عشرين، و اختار ذلك أكثر العلماء كما حكاه الترمذي عن أكثر الأئمة.

و رأى آخرون أن يصلوا إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة.

و الكل جائز، و لكن لابد أن تكون الصلاة باطمئنان و خشوع و خضوع و حضور قلب، حتى تحصل الحكمة و الفائدة التي لأجلها شرعت الصلاة.

و قد أجاز العلماء الزيادة على إحدى عشرة ركعة، و اعتبروا ذلك بالزمان، فقالوا: إن من صلى تسعاً و ثلاثين ركعة في ساعتين كمن صلى إحدى عشرة في ساعتين، فيكون الأجر على قدر الزمان، لا على قدر العدد، أو كثرة الركعات.

قيام السلف رضي الله عنهم:

كانت سُنة السلف رحمهم الله أنهم يصلون هذه الصلاة في نصف الليل، أو في ثلثه؛ أي ثلاث ساعات، كلها في تهجد، فإذا كان الليل طويلاً صلوا أربع ساعات أو أكثر، و إن كان قصيراً صلوا نحو ثلاث ساعات كلها في التراويح. هكذا كانت صلاتهم، فإما أن يقللوا عدد الركعات و يطيلوا القيام و الركوع و السجود، و إما أن يزيدوا في عدد الركعات و يخففوا الأركان، و يقللوا القراءة، حتى تكون بمقدار هذه الساعات الثلاث أو الأربع أو نحوها. و قد روى مالك و غيره أنهم أحياناً يحيون الليل فلا ينصرفون إلا قرب الفجر بحيث يستحثون الخدم بإحضار السحور.

و لكن في هذه الأزمنة، نشاهد أن الناس قد استولى عليهم الكسل و شغلتهم أمور دنياهم، فصاروا ينظرون لمن يصلي ربع هذه الصلاة أو ثلثها، فيعدونه مكثراً، بل يعدون القراءة المتوسطة، طويلة! و إذا قرأ إمامهم عليهم سورة فأطالها، يقول قائلهم: أطلتَ فخفِّف!!

و لا شك أن الذين يملُّون من هذه الصلاة هم الكسالى الذين لا يرغبون في هذه العبادة، ذلك أن من فضل هذه الصلاة أن يجعلها المؤمن سرور قلبه، و راحة بدنه، و ينبغي أن يجعلها المؤمن قرة عينه كما كانت قرة عين النبي صلى الله عليه و سلم.، و ينبغي للمسلم أن يجعل جنس الصلاة راحة بدنه، و شفاءه و دواءه، و أن يستعين بها على حاجاته، أليس الله تعالى يقول: ((و استعينوا بالصبر و الصلاة))(البقرة:45)؟!

و روي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. فإذا دخل في الصلاة نسي همومه و غمومه، و خلي بربه، و سُرّ قلبه بأنسه بالله تعالى.

فهذه هي الحكمة من إطالة الصلاة و من الركون إليها. فالذين يستثقلون هذه الصلاة إذا صلى أحدهم في ساعة، أو نحوها أو أقل من ذلك عَدُّوا ذلك إطالة و تنفيراً هم الكسالى مع أن هذا نقص للصلاة و عدم طمأنينة، و إخراج لها عن ماهيتها؛ فإنا مأمورون في الصلاة أن نقرأ و نرتل، و مأمورون أن لا ننقص في رمضان عن ختم القرآن مرة أو مرتين.

و لقد كان السلف رحمهم الله يقرؤون، و يزيدون في القراءة؛ فكانوا يقرؤون سورة البقرة في ثماني ركعات -و هي جزآن و نصف الجزء تقريباً- و نحن نرى أن بعض أهل زماننا يصلي سورة البقرة في ثمانين ركعة!!

فأين الفرق بين أولئك، و هؤلاء؟!!

و نرى آخرين يقتصرون على نصف القرآن أو ثلثيه!! و لا شك أن هذا هو الكسل بعينه!

و نقول لمن يرغب أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه و سلم، و أن يكون حقاً من أتباعه، عليه أن يأتي بهذه الصلاة بطمأنينة -سواء رغب المصلون أم لم يرغبوا- فيبين لهم أن هذه هي الصلاة التي تجزئ في القيام و هي التي حث عليها الرسول صلى الله عليه و سلم أن تكون في خشوع و اطمئنان، و هي ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة و تابعيهم رضي الله عنهم أجمعين.

فالقراءة المعتادة أن يختم القرآن في ليلة سبع و عشرين، أو نحوها. و قد أدركت أئمة يختمون في رمضان ثلاث ختمات، حيث إنهم مع أناس يحبون سماع القرآن، و يحبون الخشوع في الصلاة، و إطالتها بينما هناك أناس لا يقرؤون إلا قدراً قليلاً من القرآن.

فإذا كنت إماماً لأناس فعليك أن تصلي بهم الصلاة النبوية، التي تكون بها مدركاً للحكمة من هذه العبادة، محصلاً للثواب و الأجر الذي أعده الله عز و جل لمن قام الليل و تهجد، و رتل القرآن ترتيلاً.

تنبيـــه:

و هنا أنبه على أمر مهم لمن كان من عادته قيام الليل (أي التهجد) طوال السنة فإنه لا ينبغي له أن يقطع عادته السنوية لأن الصلاة آخر الليل مشهودة، كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه و سلم.

فإذا صليت أول الليل ما تيسر لك من هذه التراويح فحافظ أيضاً على صلاة آخر الليل بما تستطيعه قلّ أو كثر، و بهذا تكون محافظاً على العبادات.

و هكذا أيضاً تحافظ على السنن الرواتب -التي قبل الصلاة و بعدها- فإذا طمعت في الزيادة في هذا الوقت فلا تدخر وسعاً.

روي عن بعض السلف: أن الأعمال تضاعف في شهر رمضان، فركعة في رمضان تعدل ألف ركعة فيما سواه، و الحسنة فيه بألف حسنة فيما سواه، و الفريضة تعدل سبعين فريضة فيما سواه، و من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه. كما ذكر ذلك ابن رجب رحمه الله في وظائف رمضان.

إحياء العشر الأواخر من رمضان

إذا علمنا أن شهر رمضان هو أفضل الشهور، كانت نتيجة ذلك أن نجتهد فيه اغتناماً لفضله، و إذا علمنا أن العشر الأواخر هي أفضل أيامه، و أفضل لياليه، كانت نتيجة ذلك أن نكثر الاجتهاد فيها، و ألا نضيع منها وقتاً في غير منفعة.

و هذه الأيام العشر يستحب فيها أربعة أشياء:

1- إحياؤها كلها.

2- زيادة الاجتهاد فيها بالأعمال الأخرى.

3- إظهار النشاط فيها و القوة.

4- الاعتكاف و اعتزال الشهوات و الملذات.

إحياء الرسول صلى الله عليه و سلم العشر الأواخر:

ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر أحيا ليله، و أيقظ أهله، و جدّ، و شدّ المئزر". و كذلك روي عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخلط العشرين من رمضان بصلاة و نوم، فإذا كان في العشر لم يذق غمضاً". أي: في الليالي العشر لا يذوق غمضاً، بل يقوم ليله كله دون نوم.

و في حديث آخر: "إذا دخل العشر طوى فراشه". يعني: فراش النوم ليلاً في آخر ليالي الشهر. و في حديث آخر تأكيد الإحياء بقولها: "و أحيا ليله كله".

أقسام الناس في إحياء العشر الأواخر:

ينقسم الناس في إحياء هذه الليالي إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: يحيونها بالعبادات:

هناك من يحيون العشر الأواخر من رمضان بالعبادات، فيحيونها بالصلاة، و طول القيام و الركوع و السجود، اقتداءً بفعل نبيهم صلى الله عليه و سلم فقد كان يديم الصلاة في هذه الليالي؛ فإنه صلى ليلة ببعض صحابته حتى خشوا أن يفوتهم السحور، و كذلك صلى مرة و معه رجل من أصحابه -و هو حذيفة- فقرأ في ركعة واحدة ثلاث سور: سورة البقرة و سورة آل عمران، و سورة النساء، يقرأ بتدبر، و يقف عند آية الرحمة فيسأل، و عند آية العذاب فيتعوذ، يقول: فما صلى ركعتين، أو أربع ركعات حتى جاءه المؤذن للصلاة.

و هذا هو الأصل في إحياء هذه الليالي، فتجد المجتهدين قبل سنوات يهتمون بهذه الليالي، و يولونها زيادة نشاط و عبادة، اقتداءً بفعل نبيهم صلى الله عليه و سلم بحيث إنهم يزيدون في قيام هذه الليالي، و يقطعون الليل كله في الصلاة، فيصلون عشر ركعات، و يقرؤون فيها نحو جزء و نصف، ثم يستريحون نحو نصف ساعة ثم يصلون أربع ركعات بسلامين في ساعتين، أو ساعة و نصف على الأقل يقرؤون فيها ثلاثة أجزاء، أو جزئين و نصفاً، ثم يستريحون نحو ساعة أو أقل، ثم يصلون ست ركعات تستغرق ساعتين و نصفاً، أو ثلاث ساعات، يقرؤون فيها أيضاً ثلاثة أجزاء أو ثلاثة و نصفاً، ثم يستريحون قليلاً، ثم يصلون الوتر، فيكون ليلهم كله عامراً بالصلاة، و إنما يتخللها فترات راحة، و ذلك اقتداء بما كان عليه السلف و الصحابة و من بعدهم.

و كان الصحابة يصلون في ليالي رمضان ثلاثاً و عشرين ركعة، و ربما صلى بعضهم، أو بعض التابعين كما عند الإمام مالك في رواية ستاً و ثلاثين، و عند الإمام الشافعي يصلي في ليالي رمضان إحدى و أربعين ركعة في رواية عنه فيصلون أربع ركعات، و تستغرق نصف ساعة، يستريحون بعدها نحو خمس أو عشر دقائق، ثم يصلون أربعاً و هكذا، و لذلك سموا هذا القيام بالتراويح حيث إنهم يرتاحون بعد كل أربع ركعات. فهذه الأفعال هي حقاً إحياء لهذه الليالي في العبادة.

و يدخل في إحياء تلك الليالي أيضاً إحياؤها بالقراءة؛ فإن هناك من يسهر ليالي العشر يصلون ما قدر لهم، ثم يجتمعون حلقات، و يقرؤون ما تيسر من القرآن في بيت من بيوت الله في المساجد، أو في بيت أحدهم رجاء أن تُحقَّق الفضائل التي رتبت على ذلك، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، و غشيتهم الرحمة، و حفتهم الملائكة، و ذكرهم الله فيمن عنده".

فإذا اجتمع جماعة، عشرة أو عشرون، أو نحو ذلك يقرؤون القرآن؛ يقرأ أحدهم، و بقيتهم يستمعون له، ناظرين في مصاحفهم، ثم يقرأ الثاني، حزباً أو نصف حزب، أو ربعه، ثم يقرأ الثالث.. و هكذا، فيصدق عليهم أنهم يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم، فيُحيون ليلهم بالطاعات و القربات.

كذلك إذا أحيوا الليل بتعلم أو تعليم كان ذلك أيضاً أحياءً لهذه الليالي بطاعة. فإذا أحيينا ليلنا أو جزءاً من ليلنا في تعلُّم علوم دينية، كان ذلك إحياء لهذه الليالي بطاعة تنفعنا إن شاء الله.

فهؤلاء هم الذين ربحوا ليلهم، و استفادوا من وقتهم.

القسم الثاني: يحيونها في التكسب و في التجارات:

و يندرج في هذا القسم أولئك الذين يحيون ليلهم في التكسب، في تجاراتهم، و في صناعاتهم و في دكاكينهم؛ و هؤلاء قد ربحوا نوعاً من الربح، و هو ربح عابر؛ ربح دنيوي، لكنه قد يكون عند بعضهم أنفس و أغلى ثمناً مما حصل عليه أهل المساجد، و أهل القراءات، و أهل العلم! و لكنهم في الحقيقة قد خسروا أكثر مما ربحوا، فترى أحدهم يبيت ليله كله في مصنعه، أو في متجره أو حرفته، أو نحو ذلك. فهذا قد أسهر نفسه، و أحيى ليله، و لكن في طلب الدنيا الدنيئة!

فإذا كان ممن رغب عن الأعمال الأخروية، و زهد فيها، و أقبل على الدنيا بكليته، و انصرف إليها و لم يعمل لآخرته، خيف عليه أن يكون ممن قال الله تعالى في حقهم: ((من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها و هم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون))(سورة هود:15-16).

و هذه الآية فيمن جعل دنياه أكبر همه، و نسي أو تناسى الآخرة، و لم يعمل لها، و كان مقصده و ديدنه السعي وراء هذا الحطام؛ بل جعلها هي مقصده، لا يعمل و لا يسعى و لا يكدح إلا لها، حتى كأنها معبوده، فيصدق عليه أنه عابد لدنياه، و أنه عابد لدرهمه و ديناره، و يتحقق عليه التعس، و يدعى عليه بقول النبي صلى الله عليه و سلم: "تعس عبدالدينار و الدرهم والقطيفة".

و لكن بعضهم قد يحصل على جزء من الصلاة و القراءة و لا يكون غافلاً عن ربه و لا متغافلاً عن الذكر، و لا منشغلاً عن القراءة، فيستصحب معه -مثلاً- كتاب الله يقرأ فيه في أوقات فراغه، و يذكر ربه في أوقات فراغه، و يصلي ما قدر له، و يأتي بورد صغير معه. و هذا قد ربح نوعاً من الربح، و إن لم يكن الربح الأكمل، فهذا على طرف، لكن فاته الخير الكثير.

القسم الثالث: يحيونها في اللهو و اللغو:

و يشمل أغلبية الناس؛ فإننا نراهم يحيون ليلهم، و لكن في لهو، و سهو!! فتراهم يجتمعون في بيوتهم و مجالسهم يتبادلون الفكاهات و الضحك، و القيل و القال، و ربما تجاوز الأمر بهم إلى الغيبة، و إلى النميمة، و إلى الكلام في أعراض الناس، و ما أشبه ذلك، و لا يذكرون الله في مجالسهم إلا قليلاً، و لا يستصحبون شيئاً من القرآن، و لا من كتب الدين و العلم!

و ينقطع ليل أحدهم، أو ليل جماعتهم ليس لهدف سوى نوم النهار، هكذا قصدوا! فيفوت عليهم الأمران:

الأول: أنهم لا يشاركون المصلين في الصلوات، و لا يشاركون القراء في قراءتهم.

و الثاني: أنهم لا يشاركون أهل الأرباح الدنيوية في أرباحهم، فيفوت عليهم هذا و هذا!

و لا يحزنون على خسارتهم، و أي خسارة تلك التي لا يشعرون بها؟! ألا و هي مضي هذه الأيام و الليالي الشريفة دون أن يستغلوها، و دون أن يستفيدوا منها.

فما أعظم خسارتهم! و ما أعظم حسرتهم حينما يرون أهل الأرباح قد تقاسموا الأرباح! و حينما يرون أهل الحسنات قد ضوعفت لهم حسناتهم. فهؤلاء لا خير دين، و لا خير دنيا، بل ربما يكتسبون مآثم بكلام لا فائدة فيه؛ فإن كلام ابن آدم مكتوب عليه، يقول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد))(ق:18).

و يقول النبي صلى الله عليه و سلم: "كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا ذكر الله و من والاه، و أمر بمعروف، و نهي عن منكر".

و يصدق على ذلك قول الله تعالى: ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس))(النساء:114).

و هؤلاء قد يكتب عليهم ما يُسألون عنه، و يحاسبون عليه: لماذا قلتم كذا؟ و لماذا تكلمتم بكذا؟ و لماذا لم تستخدموا ألسنتكم التي سخرها الله لكم في ذكر الله؟ و لماذا أبعدتم آذانكم عن استماع ما فيه طاعة الله تعالى، و فيما يرضيه؟ فلا يجدون لهذا السؤال جواباً!

القسم الرابع: يحيونها في المعاصي كبيرها و صغيرها:

و هؤلاء كثير أيضاً -و العياذ بالله- و هم الذين يحيون هذه الليالي الشريفة في ضد الطاعة! فتراهم يسهرون على آلات اللهو، و المجون: ينصتون إلى الأغاني الفاتنة، و إلى الأشرطة الماجنة، و إلى رؤية الصور و الأفلام الخليعة!

و ربما زادوا على ذلك هذه النظرات التي ينظرونها إلى ما يثير الشهوات المحرمة؛ فإن سماع هذه الأغاني الفاتنة يزرع في القلوب محبة الزنا و الفساد؛ فيدفعهم ذلك إلى طلب المحرمات. و كذلك فإن مشاهدتهم لتلك الصور الخليعة تزرع في قلوبهم محبة الشرور فتدفعهم اندفاعاً كلياً إلى أن يأتوا ما لا يحل لهم من زنا، أو شرب خمر، أو ما أشبه ذلك. و كثير منهم لا تحلو مجالسهم و لا تلذّ إلا إذا شنَّفوا أسماعهم بالأغاني الخليعة! و متّعوا أعينهم بالصور الهابطة! و عطَّروا أفواههم بالكلام القبيح! و ملأوا شهواتهم و بطونهم بالأشربة المحرمة من خمر و نحوها! فيجمعون بذلك بين ترك الطاعة، و ارتكاب المعصية، أو ما يسبب محبة المعصية.

فمثل هؤلاء مع كونهم محرومين، فإنهم آثمون إثماً كبيراً، و هؤلاء موجودون بكثرة، و يشكو منهم كثير من الهيئات ممن يأمرون بالمعروف، أو ينهون عن منكر بكثرة، و غالباً ما يعثرون عليهم حتى في نهار رمضان و يقبض عليهم و هم في سكر!! فلا صيام، و لا ابتعاد عن المحرمات! و سبب ذلك أنهم طوال ليلهم و هم يتفكرون بهذه المحرمات كما زعموا! فيتمادى بهم ذلك إلى محبة هذه المعاصي، و التلذذ بها، فيستعملونها في النهار و يتركون الصيام، الذي هو ركن من أركان الإسلام، و يجمعون بين المعصية و ترك الطاعة -و العياذ بالله-.

و كثيراً ما يختطفون النساء في الأسواق! و يتابعونهن، و يلمزونهن! و ذلك كله من أسباب ضعف الإيمان و قلته في القلوب، و حلول المعاصي و مقدمات الكفر بدلاً منه.

فهذه أقسام الذين يحيون هذه الليالي، فليختر المسلم لنفسه ما يناسبه من هذه الأقسام!!

استحباب زيادة الاجتهاد في العشر الأواخر:

ورد في حديث عائشة: "أنه صلى الله عليه و سلم كان إذا دخل العشر، أحيا ليله، و أيقظ أهله، و جَدَّ". و الجدّ هو: بذل الجهد في طلب الطاعات، أو في فعلها، أي: بذل ما يمكنه من الوسع.

و ذلك يستدعي أن يأتي الطاعة بنشاط، و رغبة، و صدق و محبة. و يستدعي أن يبعد عن نفسه الكسل، و الخمول، و التثاقل، و أسباب ذلك، ففي أي شيء يكون هذا الجدّ؟

* الجد في الصلاة؛ فيصلي في الليل و النهار ما استطاع.

* و الجد في القراءة؛ أن يقرأ ما تيسر من القرآن بتدبر و خشوع و قلب حاضر.

* و الجد في الذكر؛ أن يذكر الله و لا ينساه، و لا زال لسانه رطباً بذكر الله.

* و الجد في الدعاء؛ أن يدعو ربه تضرعاً و خفية و أن يكثر من الدعاء.

* و الجد في الأعمال الخيرية المتعددة من النصائح والعبادات، و ما أشبه ذلك.

* و الجد في العلم و التعلم و ما يتصل بذلك، أي الاجتهاد في الأعمال كلها.

إيقاظ الأهل في العشر الأواخر:

و يدخل في ذلك أمر الأهل -و هم الأولاد و النساء- بالصلاة، فيستحب للمسلم أن يوقظ أهله بهدف الصلاة، و أن يذكرهم بفضلها.

و كان السلف رحمهم الله يوقظون أهليهم حتى في غير رمضان. و كان عمر رضي الله عنه إذا كان آخر الليل أيقظ أهله كلهم، و أيقظ كل صغير و كبير يطيق الصلاة، و كان يقرأ قول الله تعالى: ((و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها))(طه:132).

يستشهد بهذه الآية على الحرص على صلاة النافلة، و ذلك دليل على محبة الصحابة و السلف رضي الله عنهم للإكثار من أعمال الخير في الليل و النهار.

لذلك يتأكد على المسلم أن يوقظ أهله و إخوته، و أولاده و نساءه، و من يتصل به، و من له ولاية عليه، يوقظهم لأجل أن يقوموا في هذه الليالي الشريفة. فهي ليال محصورة، إنما هي عشر ليال، أو تسع ليال إذا لم تكتمل ليالي الشهر إلى ثلاثين ليلة بأن كان الشهر ناقصاً يوماً، فلا تفوت على الإنسان الباحث عن الخير أن يغتنمها، و يستغل أوقاتها.

و عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إذا قام الرجل للصلاة و أيقظ أهله فصليا كُتبا من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات".

و قد وردت أحاديث بفضائل كثيرة في إيقاظ الأهل في مثل هذه الليالي و غيرها.

إظهار النشاط و القوة في العشر الأواخر:

ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان في ليالي العشر يغتسل كل ليلة بين العشائين أو بعد العشاء، و القصد من هذا الاغتسال أن يأتي الصلاة بنشاط بدن، و من نشاط البدن يأتي نشاط القلب.

و من احترام هذه الليالي و تعظيمها أن النبي صلى الله عليه و سلم و صحابته كانوا يتجملون لهذه الليالي فيلبس أحدهم أحسن ثيابه، ليكون ذلك أيضاً أنشط لبدنه، و أنشط لقلبه، حتى إن كثيراً منهم يتجملون في هذه الليالي بثياب لا يلبسونها لغيرها.

و مما يفعلونه للنشاط و القوة استعمالهم للطيب في البدن، و في الثوب، و في المساجد، فكانوا يستعملون النضوح، و النضوح هي: الأطياب السائلة حتى يكون الإنسان طيب الريح، و يكون بعيداً عن الروائح الكريهة لأن الملائكة تحب الريح الطيب، و تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم، و كذلك يطيبون مساجدهم بالنضوح، و بالدخنة التي هي المجامر.

فمثل هذه مما تكسب النشاط في البدن، و النشاط في القلب، و متى كان القلب و البدن نشيطين لم يملّ الإنسان و لم يكل، و متى كان البدن كسولاً ضعف قلبه، و ملّ من العبادة، و كسل عنها.

و كثيراً ما يذم الله تعالى أهل الكسل، كما ذكر الله تعالى ذلك في وصفه المنافقين بقوله تعالى: ((و إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى))(النساء:142).

فالمسلم يأتي بالأعمال التي تحبب إليه العبادة و تجعله منشرح القلب، مقبلاً عليها بكليته، غير غافل و لا ساه، بعيداً عن كل ما يلهي القلب و يشغله عن طاعة مولاه عز و جل.

شقرديه
14-11-03, 01:41 am
>>>
الإكثار من الطاعات في العشر الأواخر


ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان ويخبرهم عليه الصلاة والسلام انه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين . ويقول عليه الصلاة والسلام : ( يقول الله عز وجل كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فانه لي و أنا أجزى به ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلى للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) و ينبغي للمسلم أن ينتهز هذه الفرصة و هي من ما من الله به عليه ، و على المؤمن ان يسارع إلى عمل الطاعات و يحذر السيئات و يجتهد في أداء ما افترض الله عليه و لا سيما الصلاة فإنها عمود الإسلام و هي اعظم الفرائض بعد الشهادتين و الواجب المحافظة عليها و أداؤها في خشوع و طمأنينة و الحرص على أدائها في جماعة . ولعل أهم الفرائض بعد الصلاة إيتاء الزكاة و من لا يؤدى زكاة ماله يعذب به يوم القيامة ، و أهم الأمور بعد الصلاة والزكاة الصيام و هو أحد الأركان الخمسة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بنى الإسلام على خمسة شهادة أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله و اقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان وحج البيت ) ويجب على المسلم أن يصوم صيامه عما حرم الله عليه من الأقوال و الأفعال لان المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه وتعظيم حرماته وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها و تعويدها على الصبر عما حرم الله و ليس المقصود مجرد ترك الطعام و الشراب و سائر المفطرات و لهذا صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال : ( الصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم . وعلى الصائم الحذر من كل مال حرم الله و المحافظة على كل ما أوجب عليه وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار و قبول الصيام والقيام . و عليه أن يكثر من صالح الدعوات في هذه العشر الأواخر حتى يفوز بالخير الذي خص به الله عبادة الصائمين .

العشر الأواخر :-

في الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله ) هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم " ( أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر ) وفي رواية لمسلم عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) . كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر :
1- فمنها إحياء الليل : فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله ، ويحتمل أن يراد بإحياء الليل إحياء غالبه ، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت : ( ما علمته صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح ).

ويروى من حديث أبي جعفر محمد بن على مرفوعاً : " من أدرك رمضان صحيحاً مسلماً فصام نهاره وصلى ورداً من ليله وغض بصره وحفظ فرجه ولسانه ويده وحافظ على صلاته في الجماعة وبكر إلى جمعه فقد صام الشهر واستكمل الأجر وأدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب تباك وتعالى " قال أبو جعفر : جائزة لا تشبه جوائز الأمراء .رواه ابن أبي الدنيا .

2- ومنها أنه صلى الله عليه وسلم ( كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيرها ) . وفي حديث أبي ذر رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ( قام بهم ليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وذكر أنه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين خاصة) ، وهذا يدل على أنه يتأكد إيقاظهم في الليالي التي يرجى فيها ليلة القدر . وروى الطبراني عن على رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ( كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة ) وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يطرق فاطمة وعلياُ ليلاً فيقول : " ألا تقومان فتصليان " . وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر. وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضج الماء في وجهه . وفي الموطأ أن عمر رضى الله عنه كان يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم : الصلاة . الصلاة ويتلو هذه الآية { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} .

3- ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يشد المئزر) والمراد به اعتزاله النساء . وورد أنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان وفي حديث أنس : ( وطوى فراشه واعتزل النساء ) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان والمعتكف ممنوع من قربان النساء بالنص والإجماع . وفسر شد المئزر بالتشمير في العبادة .

4-ومنها تأخيره الفطور إلى السحور روي عن عائشة وأنس أنه صلى الله عليه وسلم كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً ، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد مرفوعاً قال : " لا تواصلوا فايكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر " قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله . قال : " إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني " وهذا إشارة إلى ما كان الله يفتح عليه في صيامه وخلوته بربه لمناجاته وذكره من مواد أنسه ونفحات قدسه فكان يرد بذلك على قلبه من المعارف الإلهية والمنح الربانية ما يغذيه ويغنيه عن الطعام والشراب .

5-ومنها الاغتسال بين العشائين ، روى ابن أبي حاتم عن عائشة رضى الله عنها كان رسول الله إذا كان في رمضان نام وقام فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء واغتسل بين العشائين يعني المغرب والعشاء .
وقال ابن جرير كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر .

فيستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتطيب والتزين بالغسل والطيب واللباس الحسن كما شرع ذلك في الجمع والأعياد . ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالإنابة والتوبة وتطهيره من أدناس الذنوب فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً .

القرآن في رمضان :-

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس هو جبريل عليه السلام القران مرة في كل رمضان . و كان لتلك المدارسة أثار عملية عليه صلى الله عليه وسلم و منها الجود والكرم و غيره ، و كذلك كان السلف الكرام رضى الله عنهم يتفرغون لمدارسة و قراءة القران في رمضان اكثر من غيره فهو شهر القران (( شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )) . و فضائل قراءة القران وتدبره كثيرة جدا ( فاهل القران هم أهل الله و خاصته ) و النظر في المصحف سبب لمحبة الله كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ) و السنة الا يكون ختم القران في اقل من ثلاثة أيام ليتدبر العبد كلام ربه ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب) فليست العبرة بان نختم القران مرات عديدة و إنما العبرة مع كثرة قراءته التدبر والتعقل والتفهم لمعانيه و أن لا نكون ممن قال الله فيهم ( و منهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) قال بن تيميه أي تلاوة مجردة عن الفهم و صدق بن مسعود رضى الله عنه حيث قال ( لا تهذوا القران هذ الشعر و لا تنثروه نثر الدقل ـ أي التمر الرديء ـ و في رواية الرمل قفوا عند عجائبه و حركوا به القلوب و لا يكن هم أحدكم آخر السورة ) و نعوذ بالله أن نكون ممن يقرا القران وهو يلعنه وذلك لعدم تدبره و العمل بما فيه كما قال على رضى الله عنه (( لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ، و لا من القران إلا رسمه )).و قال ابن مسعود (( ينبغي لقارئ القران أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، و ببكائه إذا الناس يضحكون ، و بصمته إذا الناس يخوضون ، و بخشوعه إذا الناس يختالون ، و بحزنه إذا الناس يفرحون ))




>>>

خزامى نجـد
14-11-03, 12:36 pm
جزاك الله كل الخير أختي شقرديه وأثابك على هذا الجهد المفيد


تقبلي تحياتي
خزامى

شام السحاب
15-11-03, 03:00 pm
مر علينا شهر رمضان الكريم مرور الكرام الأعزاء، عشنا فيه أياما رائعة وغارقة في الروحانيات والإيمانيات النورانية التي تحمل رائحة المسك تصلنا بالله بطريق لا تنقطع حبائله، إن إطلالة الشهر الكريم حملتنا إلى سماءٍ من الصفاء والشوق إلى الارتقاء والسمو بديننا ودنيانا، فلا دنيا بغير دين، نعم، إنه شهر الرحمة والمغفرة والتوبة من الذنوب والرجوع إلي الله ! ((شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدىٍ للناس وبينان من الهدى والفرقان )). وتأتى لحظة الوداع، يرحل فيها الشهر الكريم عنا، ونحن على أملٍ أن يعود إلينا سريعا سريعاً، وجاءت فرحة العيد تحمل الحلم والأمل في غدٍ أكثر بهجةً وحباً وقرباً من الله، الدفء يضيء الوجوه وينير القلوب الكل في محبة يلقون التهنئة على جيرانهم وذويهم في حب ودفء.
فلنعوض مافات في العشر الأواخر وكفنا تهاون وستهترا في الأوقات الضائعه والله الله الهادي الى سواء السبيل والسلام عليكم ورحمت الله وبركاتة،،،،،،:x3:

عاشق التحدي
15-11-03, 03:46 pm
رائع أختي شقردية

رائع أخي شام السحاب

بارك الله فيكما

شقرديه
17-11-03, 12:48 pm
[c]..النفحات الإلهية في العشر الأواخر


نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة ُ بركته، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، والشهر شهر القران والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد، لا نظير له ولا مثيل.
وقد خص هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور وهي أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام المباركات فحق لنا أن نستغلها أحسن استغلال، وهذا عن طريق مايلي:

• الاعتكاف في أحد الحرمين أو في أي مسجد من المساجد إن لم يتيسر الاعتكاف في الحرمين، فالاعتكاف له أهمية كبرى في انجماع المرء على ربه والكف عن كثير من المشاغل التي لا تكاد تنتهي، فمتى اعتكف المرء انكف عن كثير من مشاغله، وهذا مشاهد معروف، فإن لم يتيسر للمرء الاعتكاف الكامل، فالمجاورة في أحد الحرمين أو المكث ساعات طويلة فيهما أو في أحد المساجد.

• أحياء الليل كله أو أكثره بالصلاة والذكر، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أيقظ أهله وأحيا ليله وشد المئزر، كناية عن عدم قربانه النساء صلى الله عليه وسلم وإحياء الليل فرصة كبيرة لمن كان مشغولاً في شئون حياته –وأكثر الناس كذلك- ولا يتمكن من قيام الليل، ولا يستطيعه، فلا أقل من يكثر الناس في العشر الأواخر القيام وأحياء الليل، والعجيب أن بعض الصالحين يكون في أحد الحرمين ثم لا يصلي مع الناس إلا ثماني ركعات مستنداً على بعض الأدلة وقد نسى أن الصحابة والسلف صلوا صلاة طويلة كثير عدد ركعاتها، وهم الصدر الأول الذين عرفوا الإسلام وطبقوا تعاليمه أحسن التطبيق فما كان ليخفى عليهم حال النبي صلى الله عليه وسلم ولا تأويل أحاديثه الشريفة وحملها على أقرب المحامل وأحسن التأويلات.

• ولا ينسى أن في العشر الأواخر ليلة هي أعظم ليالي العام على الإطلاق وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، بمعنى أن لو عبد المرء ربه 84 سنة مجداً مواصلاً فإصابة ليلة القدر خير من عبادة تلك السنوات الطوال، فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي من حرمه حُرم خيراً كثيراً، والمفرط فيه فد فرط في شيءٍ عظيم، وقد اتفقت كلمة أكثر علماء المسلمين أن هذه الليلة في الوتر من العشر الأواخر، وبعض العلماء يذهب إلى أنها في ليلة السابع والعشرين، وقد كان أبي بن كعب رضي الله عنه يقسم أنها ليلة السابع والعشرين كما في صحيح مسلم.

• الأكثار من قراءة القران وتدبره وتفهمه، والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه الإيام محل ذلك ولا شك.

• والعجب أنه مع هذا الفضل العظيم والأجر الكريم يعمد لناس إلى قضاء إجازتهم التي توافق العشر الأواخر في الخارج فيُحرمون من خير كثير، وليت شعري ما الذي سيصنعونه في الخارج إلا قضاء الأوقات في النزه والترويح في وقت ليس للترويح فيه نصيب بل هو خالص للعبادة والنسك فلله كم يفوتهم بسبب سوء تصرفهم وضعف رأيهم في صنيعهم، فالعاقل من وجه قدراته و أوقاته للاستفادة القصوى من أيام السعد هذه.

• ولا ينبغي أن ننسى في هذه العشر أن لنا إخواناً في خنادق الجهاد والعدو قد أحاط بهم وتربص، ونزلت بهم نوازل عظيمة، فلا ينبغي أن ننساهم ولو بدعاء خالص صادر من قلب مقبل على الله تعالى، وصدقة نكون نحن أول من يغنم أجرها، ولا ننسى كذلك الفقراء والمساكين خاصة وأن العيد مقبل عليهم.

أسأل الله تعالى التوفيق في هذه العشر، وحسن استغلال الأوقات، والتجاوز عن السيئات، وإقالة العثرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

د. محمد موسى الشريف
المصدر : شبكة الأحــرار

... ]/c]