المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل سينفذ القصاص بالرجل المسن صاحب ال 85 عام ؟


وائل
07-11-03, 05:39 am
http://www.alriyadh.com.sa/Contents/07-11-2003/Mainpage/images/C3.jpg

حائل - حوار - أحمد القطب: :

يحمل في تقاطيع وجهه متاعب ثمانين عاماً من عمره مضت ينطق محياه بالكثير من الاحزان الغائرة في قاع الذاكرة مثل حجر استقر في بركة من المياه الراكدة. تحتاج إلى من يحركها اما باتجاه الشجن.. أو باتجاه فتح نوافذ الامل.
انفق السنوات العشر الاخيرة من مدة محكوميته الطويلة في طاعة الله والدعوة إليه.. حتى حظي بمحبة زملائه المساجين مثلما اكتسب محبة وتقدير سجانيه.
لا يفتأ يتذكر أبناءه العشرة واسرته.. يملك قدراً من التفاؤل.. يتصدق بكل ما يقع تحت يده من مال.. بحثاً عن رفع رصيده من الحسنات.. تنعقد كل احلامه في زيارة بيت الله الحرام والاقامة بقربه ما تبقى له من العمر.
هكذا كانت الملامح الأولى التي لا تخطئها الذاكرة.. لحظة الالتقاء بهذا الرجل بلحيته البيضاء والذي امضى في ردهات السجن ما يزيد على احد عشر عاماً بعد ادانته بقضية قصاص، ينتظر ساعة تنفيذها في اية لحظة مثلما ينتظر العفو وعتق رقبته وهو يستقبل شهر الحسنات.. شهر العفو والمغفرة ولنقترب منه اكثر فاكثر، كان لنا معه هذا اللقاء:

7"الرياض": ما اسمك وكم تبلغ من العمر؟
- اجاب: الفهدي بنية الشمري وعمري يقارب 85عاماً.
7"الرياض": هل لك ان تروي لنا قصتك باختصار؟
- "الفهدي" اجاب والعبرات تكاد تخنق انفاسه والمرارة تغتال الكلمات بين شفتيه فقال: لقد كانت بداية مأساتي عندما تدخل اهل الفتنة والحسد بيني وبين أعز اقاربي بقريتنا "أعيوج" حتى بلغ الامر إلى ابلاغ الشرطة التابعة لقرية "لينة" المجاورة لقريتنا من اجل فض النزاع العالق بيننا حيث قمت بابلاغهم بما حدث من نزاع والذي اردت وبسلامة نية ان اضع له حداً عن طريق الشرطة ولما ذهبت لاحضار الشهود فوجئت بقريبي يتبعني بسيارته حتى استوقفني من ثم احسست بانه قد اضمر لي امراً حيث بدأ يتحدث لي بلهجة حادة حاولت معها تفادي نشوب خلاف بيننا..
فرجوته وادخلته على الله بأن يدعني وشأني.. لكن شدة غضبه كانت اكبر من قدرتي من السيطرة عليها عندها حاولت ان اسلك طريقي فمنعي بشدة.. وحتى اتمكن من مغادرة المكان دون مشاكل قمت باخراج المسدس في محاولة يائسة لتخويفه، عله يبتعد عني ويدعني وشأني، ولم اكن وقتها اعلم بأن المسدس يحوي طلقات وعند محاولته سحب المسدس من يدي بقوة ثار المسدس بيني وبينه فاصابت اولى الطلقات يدي في المعصم واصابته الاخرى.. عند ذلك كدت ان افقد عقلي فقمت على الفور بالنزول من السيارة في محاولة لانقاذ حياته ولكن ضعف قواي واصابتي البليغة في معصم اليد، حالت دون قدرتي على حمله، فما كان مني الا ان اتجهت فوراً لاهل القرية لاخبارهم بما حدث وطلب النجدة له.. ولكن يبدو انه قد سبق السيف العذل.
7"الرياض": كم تبلغ من العمر الآن؟ وكم امضيت في السجن؟
- "الفهدي" عمري يقارب ال 85عاماً وامضيت منها في السجن ما يقارب احد عشر عاماً.
7"الرياض": ماذا تفعل الآن في سجنك وكيف تقضي وقتك؟
- "الفهدي" لقد تفرغت يا ولدي للعبادة وقراءة القرآن فأصبحت أقوم الليل واصوم النهار، وقد تعلمت القراءة والكتابة في السجن مما ساعدني على قراءة القرآن بشكل جيد وتدبر معانيه بمساعدة ادارة السجن والقائمين عليه فجزاهم الله خير الجزاء.
ومضى يقول: لقد نذرت نفسي لطاعة الله والدعوة إليه وقد تاب عدد كبير من المساجين على يدي ولله الحمد، اما فيما يتعلق بالعبادة فانني اقوم الليل في ساعة متأخرة حرصاً على الخشوع والسكينة حتى صلاة الفجر حيث ابدأ بالدعاء - علها تكون ساعة استجابة - فأدعو الله بأن يفك كربتي وادعوه سبحانه انه يغفر ذنوب المتوفى وان يسكنه فسيح جناته، كما ادعو لوالدي ووالدتي وابنائي ولدولتنا الرشيدة - اعزها الله - ان يحفظهما من كل شر وان يرد كيد اعدائها في نحورهم.
واضاف يقول: اقوم بدفع البلاء وذلك ببذل كل ما يقع تحت يدي من مال لوجه الله تعالى عله يغفر لي ما اسرفت في امري.
ولله الحمد والمنة فانا اجد كل الحب والتقدير والاحترام من كافة السجناء والسجانين على حد سواء.
واردف يقول متألماً: لقد ابتليت يا ولدي بهذه المصيبة التي ادخلتني السجن والذي لم اعرفه في حياتي قط، وها انا ذا امضي احد عشر عاماً بين الم وحسرة لا يعلمها الا الله.
7"الرياض": لديك اولاد؟ ماذا عنهم؟ كيف ينظرون اليك في محنتك هذه؟
- "الفهدي" الحمد لله من الاولاد والبنات عشرة، وتسأل: ماذا تعتقد من ابناء يرون ابيهم وقد تخطى عتبة الثمانين عاماً قابعاً في سجنه يتألم على فراقهم كما يتألمون - يحاول كفكفة دموعه ثم يستجمع قواه ويتابع يقول: يا ولدي انني اراهم في كل زيارة يأتون فيها إلي يحاولون ان يخفوا مشاعر الحزن والاسى تجاهي ويتظاهرون بالسعادة امامي كي يواسونني في محنتي.. لكنهم كانوا دائماً يفشلون في الصمود امام مشاعر العزلة والفرقة والشعور بالذنب.. فما ان يقترب وقت الزيارة من نهايته حتى يرتموا في احضاني ويجهشوا بالبكاء الذي يكاد ان يمزق قلبي.. حتى اصبحت ابكي واتألم اكثر مما يبكون.
7"الرياض": من يقوم على رعايتهم والعناية بهم؟
- "الفهدي" هناك ابنائي الكبار وهم بارون بي وبإخوتهم ولله الحمد.
7"الرياض": ماذا تعني لك الحرية الآن؟
- "الفهدي" ان الحرية والعافية يا ولدي لا يساويهما شيء في هذه الحياة إلا رضى الله - عز وجل - ولكن الحمد لله على قضائه وقدره.
7"الرياض": كيف ترى الحياة الآن وكيف ترى المستقبل؟
- "الفهدي" ان طاعة الله - عز وجل - والايمان المطلق بقضائه وقدرته هي ما يخفف علي مصابي، وهي اللذة الوحيدة التي اجدها في هذه الحياة الآن، اما مستقبلي فيقول لقد شبت يا ولدي ولم يبق في العمر أكثر ما مضى.
7"الرياض": ماذا لو اعيد شريط الحياة إلى الوراء وكنت الآن في نفس الوقت كيف ستتصرف؟
- "الفهدي" يطرق برأسه قليلاً - ثم يقول: والله يا ولدي لو كنت اعلم في يوم من الايام انني سأقتل نفساً. لرحلت عن قريتي باكملها وتركت كل ما املك في سبيل اجتناب المشاكل أو فعل ما يغضب الله - عز وجل - ولكن هذا قدري ولابد من الايمان بقضاء الله وقدره، وتابع يقول: الالم يا ولدي مضاعف على نفسي فالمتوفى ليس بعدوي وانما هو من اعز واقرب ارحامي واقاربي والله يشهد على ذلك.
7"الرياض": بما تفكر الآن وماذا تتمنى؟
- "الفهدي" ابدأ بالامنية: اتمنى زيارة بيت الله الحرام، اما ما يشغل تفكيري فهي حال ابنائي وبناتي الآن.
7"الرياض": هل هناك مساع لاعتاق رقبتك؟
- "الفهدي" يا ولدي اهل الخير في هذه البلاد الطاهرة كثيرون والمحبون لفعل المعروف اكثر وهم لم يقصروا في بذل الشفاعة لإعتاق رقبتي، واضاف املنا بالله كبير.. انني انتظر البشرى ليل نهار كما ينتظر الغيث من السماء.
7"الرياض": لو قدر وعفى عنك كيف ستقضي بقية حياتك؟
- "الفهدي" تهلل وجهه املاً - وقال ان في نيتي ان اقضي ما تبقى لي من ايام في هذه الدنيا في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، حتى انني طلبت نقل سجني إلى مكة أو المدينة لشدة حبي لهما.
7"الرياض": ماذا تقول لاسرة المغدور؟
- "الفهدي" اقول لهم اللحم لحمكم والرحم رحمكم ومن عفى واصلح فاجره على الله والله لا يضيع اجر من أحسن عملاً.
7"الرياض": هل انت نادم على ما فعلت؟
- "الفهدي" حالة الندم حاضرة معي منذ اللحظة الأولى ليل نهار وستظل تلاحقني طوال حياتي.
7"الرياض": بعد كل هذا الشعور بالندم هل انت متفائل في الخروج من هذه المحنة؟
- "الفهدي" يا ولدي عندي امل فرحمة الله ليس منها يأس، واقسم قائلاً: والله يا ولدي لن نيأس من رحمة الله ابداً، ونطلب الصالح من الله - عز وجل - في الحياة وبعد الممات، وان يهون علينا مصائبنا وحسابنا في الحياة الدنيا والاخرة وان يسترنا والمسلمين اجمعين فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض.
7"الرياض": كيف ستترجم ندمك فيما لو عفي عنك؟
- "الفهدي" لقد قطعت على نفسي عهداً بأن أول ما افعله ان احج للمتوفي، وان ابذل كل ما بوسعي كي اكفر عن خطيئتي امام الله - عز وجل - ثم امام المتوفي واهله.
7"الرياض": هل كان لك احلام تتمنى تحقيقها قبل هذه الحادثة؟
- "الفهدي" لقد كان لي مساع لقريتي وكنت اتمنى ان اراها وهي متطورة ومزدهرة كباقي مدن المملكة من خدمات صحية وتعليمية وغيرها.. ودولتنا لم تقصر أبداً ولله الحمد.
كما كان لي امنية ان اموت بين ابنائي واحفادي وانا قرير العين بهم ولكن الحمد لله على كل حال.
7"الرياض": بماذا تنصح الاخرين ممن يدفعهم غضبهم إلى ارتكاب الاخطاء التي ربما لا تحمد عقباها؟
- "الفهدي" انصحهم بالصبر وسعة الخلق وكظم الغيظ وطاعة الله - عز وجل - ومخافته في السر والعلن ففي طاعته - سبحانه - قرب من كل خير وبعد عن كل شر، والحذر من وسوسة الشيطان فإنه حريص على الايقاع بين الناس.
7"الرياض": هل هناك من كلمة اخيرة تود قولها؟
- "الفهدي" نعم يا ولدي انني ومن خلال جريدة "الرياض" اوجه نداءً لحكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين وسمو النائب الثاني والاسرة المالكة الكريمة ولابناء السعودية الاوفياء في الرخاء ووقت الشدائد والمحن، ان يبذلوا ما يستطيعون في سبيل بذل شفاعتهم والتدخل لمساعدتي في تجاوز محنتي، كما اوجه نداء إلى أهل المتوفي بالصفح والعفو عني ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وفي الختام ادعو لك يا أحمد ولزملائك في جريدة "الرياض" بالتوفيق والنجاح وان يطرح في مساعيكم البركة دائماً وابداً.ے







http://www.alriyadh.com.sa/Contents/07-11-2003/Mainpage/COV_1547.php

التاج
07-11-03, 05:58 am
أخي وائل

أشكر لك هذا النقل الجميل

ولي وقفات مع أحداث القصة :

لكن شدة غضبه كانت اكبر من قدرتي من السيطرة عليها عندها حاولت ان اسلك طريقي فمنعي بشدة

الغضب من أكثر الأسباب لوقوع الخلافات بين الناس


(( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي مكل نفسه عند الغضب ))


قمت باخراج المسدس في محاولة يائسة لتخويفه،

هذه مشكلة لم تحل

من عنده السلاح يعتقد بقوته حتى لو من جانب إخافة المقابل !!


ولم اكن وقتها اعلم بأن المسدس يحوي طلقات

القضاء وحده هو من يثبت ذلك أو ينفيه !!

وعند محاولته سحب المسدس من يدي بقوة ثار المسدس بيني وبينه فاصابت اولى الطلقات يدي في المعصم واصابته الاخرى..

لاحظ أن الرجل يعتمد على إثارة العواطف

فيذكر إصابته قبل إصابة قريبه !!

وله حق في ذلك

والإنسان عندما يراجع نفسه يدرك كم هو مخطئ وبحاجة إلى الصفح !!

فما كان مني الا ان اتجهت فوراً لاهل القرية لاخبارهم بما حدث وطلب النجدة له

هذا من ابتلاء الله لعبده

وأراد الله له التوبة فقد ذهب لإخبار القرية والاعتراف بالذنب


نسأل الله أن يخفف من مصابه

ونسأل الله أن يلين قلوب أقاربه


أخوك

التاج

البارق
07-11-03, 03:44 pm
قال : اوصني
قال : لا تغضب
قال : اوصني
قال : لا تغضب
قال : اوصني
قال : لا تغضب
الغضب هو اساس كل مشكلة وبداية كل بلية
فهل نتعظ ونستفيد من قصص ومأسي غيرنا

اشكرك اخي وائل على هذا المنقول
وتقبل مني التحية والتقديــــــر000

فـهـد الـربـعـي
07-11-03, 11:21 pm
:for13: :for13: :for13:



اللهم الهمه الصبر على مصيبته..........!!!