ع الحمد
29-04-13, 04:56 pm
أيها البهاق
ها أنت بدأت تتقاسم معي جسدي ..!
تعلمت من احدهم يومًا: أنَّ المرء أن لم يكن سعيدًا من شيء فعليه تغييره ..
فإن لم يستطع تغييره " يتركه " ..
بكل بساطه اتركه .. لكن لا تبقى في حالة " اللا سعادة " ..
" حالة اللا سعادة" مثلك ايها البهاق بالضبط ..
تبدأ بمساحة بسيطة ثم تنتشر شيء فشيء على كل جسد حياتنا إنْ لم نتخلص منها ونستأصلها بكل ما حولها من منطقة موبوءة..
اذكر حين قال لي ذلك الرجل تلك الكلمات, لم أكن حينها سعيدًا في وظيفتي ..
كُنت اعتقد أنَّ حالة " اللا سعادة" تبقى معي بضع ساعات في اليوم وترحل بعد تركي مقرَّ العمل مباشرة .
أعترف؛
كُنت مُخطئً ولم اُقدِّر مرض " اللا سعادة" حق قدره؛ فبدأت تنتشر تلك الحالة وتخرج من ساعات العمل حتى أصابت ساعات الغداء والراحة أثناء العمل؛
ثم انتقل – دون أن اشعر – إلى أطراف وقتي مع عائلتي فأصابتها .. ثم أصابت مزاجي العام في العصب؛ فتأثرت حياتي كلها..
كان العائق الوحيد لعدم التفكير بتركي ذلك العمل حينها؛ أنَّي اعتقدت بأن الحياة مُجرَّد "فُرصة" لا تتكرَّر! ..
غباء!
تعرف – يا رفيقي البهاق - أين تقع معظم مشاكلنا ؟
أنَّنا نصرف وقتنا كله فيما ليس في أيدينا, ولا نعطي أيَّ وقت في استثمار ما في أيدينا!
تفكير أن (الفرص محدودة وستنتهي) تفكير ضعيف وفقير, ومن يفكر به لا يتأمل في ملكوت الله سبحانة وتعالى.
فلو تأملنا في السماء التي تُمطر على الأرض (كلها) بسخاء اللاهي عظيم؛ دون أنْ تفكر السماء حينها من يستحق ومن لا يستحق, وكم أخذت هذه الصحراء وكم كسبت هذه السهول من مطر؟!. لعرفنا أنََّنا حقًا نضيع وقتًا طويلاً فيما ليس من شأننا!.
نحن لم نخلق لنبحث عن الرزق بحد ذاته؛ أذًا لجعلنا الله سبحانه نبحث عن الهواء الذي نستنشقه ونعمل من اجل كسب الماء الذي نشربه!
مهمتنا أن نبحث عن أرزاقنا بإيمان واستسلام ودون قلق او حقد او كذب او غش او تذاكي (بشري)!
نطلق أيدينا ونسير مثل سحابة المطر دون كثير تفكير .. مهمتنا أن نسير فقط والباقي ليس من شأننا ..
الحياة – يا صديقي البهاق – مجرَّد حاجات نسعى لسدادها بحثًا عن غايات.
لكن معظمنا يقف عند حياة منقوصة غارقًا في الحاجة ويستغرب من الفراغ الروحي لديه وحالة اللاسعادة والملل والخوف.
فمثلاً؛ عبادة الله سبحانه حاجة نلبيها بالواجبات والسنن غاية في مرضاة الله والجنة .. والمال حاجة نلبيها بالوظيفة بحثًا عن رغبتنا في الحياة الكريمة .. والحب حاجة نلبيها بالزواج بحثًا عن رغبتنا وغايتنا بالاستقرار والتكامل ومتعة المشاركة؛
وحينما تكون تلك الحاجات دون غايات منسجمة وسليمة مع مرضاة الله ومع الطبيعة النقية والصافية نشعر حينها بالضيق والكابة والفشل وعدم الانسجام؛ مهما بلغت تلك الحاجات من كثرة ووفرة.
حينما تمطر السحب أمطارًا كربونية فإنَّ شي في الطبيعة غير منسجم .. حريق بترولي, أو بُقعة زيت, او , او .. ولذا نسعى بكل قدراتنا البشرية للتخلص من (بُقعة ) الزيت التي تمثل " اللا سعادة " بالنسبة لانسجام الطبيعة الخلاق.
وحينما تكون الوظيفة حاجة نلبيها رغبة في المال فقط ففي هذا عدم انسجام؛ فالمال وسيلة ولن يكون غاية بحد ذاته, وجعله غاية يخلق عدم انسجام يتسبب في " بُقعة زيت " ضخمة في حياتنا تمطر إمطارًا كربونية على مزاجنا العام ..
الحاجات ليس لديها القدرة لأن تصبح غايات؛ والسبب أنَّ الغايات خلقت فيها صفة التكاملية والمشاركة والارتباط السببي, بعكس الحاجات التي يغلب عليها طابع الفردانية والذاتية.
والله سبحانه منذ أن خلق آدم على الأرض بذر فيه وجود الآخر والتعايش معه وجعل ذلك من سنن الكون, وحينما اوجد الله الغايات, جعل الحاجات التي تحقق تلك الغايات تنطلق من أراده فردية تخص الفرد وحده (لاعتبارات أختبارية) بينما الغايات مرتبطة بالأخر وجوديًا أو سببيًا, ولذا سميت غاية (غائية).
ممارسة الصلاة هي عمل فردي من حيث نيته, ويرجع لأراده الإنسان وحده, لكنه يحقق غاية سامية هي عبادة الله. وحينما يشبع الإنسان حاجة في العبادة دون غاية لا يحصل الإشباع الحقيقي والمنسجم؛
ولذا قال الهُدهد (في سورة النمل) مخاطبًا النبي سليمان عليه السلام: ( إنِّي وجدت امرأة تملكهم وأٌوتيت من كل شيءٍ ولها عرش عظيم*وجدتُّها وقومها يسجدون للشمس من دون الله..) ثم قال بتلقائية الطيور وانسجام الطبيعة ( ألايسجدوا لله الذي يُخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون)! هنا يريد الهدهد أن ينسجم هؤلاء القوم مع أنفسهم ومع ملكوت الله ومعه هو, كان الهدد يٌشبع حاجاته بِغايات سليمة وطبيعية.
هؤلاء القوم كانت لديهم حاجة للعبادة أشبعوها بـ (السجود) وهو حاجة سليمة بحد ذاته ولا مشكلة فيه, لكن المشكلة ماذا أشبعت تلك الحاجة؟ سجود للشمس!.
كان لهؤلاء القوم مال وجمعوا منه العجيب والغريب فقد كان عرش ملكة سبأ من عجائب الدنيا, ولكنه بدون غاية!.
حينما يبقى المال حاجة (فردية) لا ينسجم مع طبيعة خلقه؛ ويبقى كونه حاجة تؤدي مع الوقت لشعور " اللا سعادة ". ولذا حينما يصرف المال على المتعة الشخصية والعائلية المنسجمة مع إرادة الله, ويعطى المال عن حب لذوي القربا واليتامى والمساكين وابن السبيل؛ يحقق غاياته الحقيقية والمنسجمة.
قس ذلك على كل حاجة نريد اشباعها, فما فائدة علم دون اشباع غايات منسجمة, وما فائدة الحياة كلها دون غايات منسجمة؟
يقول المُفكر الفرنسي روجيه جارودي: يموت الغرب افتقارًا للغايات, ويموت الشرق افتقارًا للوسائل.
صديقي البهاق ها انت بدأت تتقاسم معي جسدي وتشعرني بحالة من" اللا سعادة "!
ولذا سأكافحك وأتطبب منك بكل ما منحني الله سبحانه من أسباب ..
لكنك إلَّم تتركني؛ سأتركك ولن أقلق أبدًا من وجودك الذي فرضه خالقي وخالقك؛ لسبب ما هو أعلم به مني ومنك .. سأنسجم مع نفسي ومع هذه الحياة بكل ما أستطيع من قوةٍ ولن أقاوم أرادة الله. وسأجعل من هذه المقاومة حاجة تُفضي لغاية.
أعدك.
ها أنت بدأت تتقاسم معي جسدي ..!
تعلمت من احدهم يومًا: أنَّ المرء أن لم يكن سعيدًا من شيء فعليه تغييره ..
فإن لم يستطع تغييره " يتركه " ..
بكل بساطه اتركه .. لكن لا تبقى في حالة " اللا سعادة " ..
" حالة اللا سعادة" مثلك ايها البهاق بالضبط ..
تبدأ بمساحة بسيطة ثم تنتشر شيء فشيء على كل جسد حياتنا إنْ لم نتخلص منها ونستأصلها بكل ما حولها من منطقة موبوءة..
اذكر حين قال لي ذلك الرجل تلك الكلمات, لم أكن حينها سعيدًا في وظيفتي ..
كُنت اعتقد أنَّ حالة " اللا سعادة" تبقى معي بضع ساعات في اليوم وترحل بعد تركي مقرَّ العمل مباشرة .
أعترف؛
كُنت مُخطئً ولم اُقدِّر مرض " اللا سعادة" حق قدره؛ فبدأت تنتشر تلك الحالة وتخرج من ساعات العمل حتى أصابت ساعات الغداء والراحة أثناء العمل؛
ثم انتقل – دون أن اشعر – إلى أطراف وقتي مع عائلتي فأصابتها .. ثم أصابت مزاجي العام في العصب؛ فتأثرت حياتي كلها..
كان العائق الوحيد لعدم التفكير بتركي ذلك العمل حينها؛ أنَّي اعتقدت بأن الحياة مُجرَّد "فُرصة" لا تتكرَّر! ..
غباء!
تعرف – يا رفيقي البهاق - أين تقع معظم مشاكلنا ؟
أنَّنا نصرف وقتنا كله فيما ليس في أيدينا, ولا نعطي أيَّ وقت في استثمار ما في أيدينا!
تفكير أن (الفرص محدودة وستنتهي) تفكير ضعيف وفقير, ومن يفكر به لا يتأمل في ملكوت الله سبحانة وتعالى.
فلو تأملنا في السماء التي تُمطر على الأرض (كلها) بسخاء اللاهي عظيم؛ دون أنْ تفكر السماء حينها من يستحق ومن لا يستحق, وكم أخذت هذه الصحراء وكم كسبت هذه السهول من مطر؟!. لعرفنا أنََّنا حقًا نضيع وقتًا طويلاً فيما ليس من شأننا!.
نحن لم نخلق لنبحث عن الرزق بحد ذاته؛ أذًا لجعلنا الله سبحانه نبحث عن الهواء الذي نستنشقه ونعمل من اجل كسب الماء الذي نشربه!
مهمتنا أن نبحث عن أرزاقنا بإيمان واستسلام ودون قلق او حقد او كذب او غش او تذاكي (بشري)!
نطلق أيدينا ونسير مثل سحابة المطر دون كثير تفكير .. مهمتنا أن نسير فقط والباقي ليس من شأننا ..
الحياة – يا صديقي البهاق – مجرَّد حاجات نسعى لسدادها بحثًا عن غايات.
لكن معظمنا يقف عند حياة منقوصة غارقًا في الحاجة ويستغرب من الفراغ الروحي لديه وحالة اللاسعادة والملل والخوف.
فمثلاً؛ عبادة الله سبحانه حاجة نلبيها بالواجبات والسنن غاية في مرضاة الله والجنة .. والمال حاجة نلبيها بالوظيفة بحثًا عن رغبتنا في الحياة الكريمة .. والحب حاجة نلبيها بالزواج بحثًا عن رغبتنا وغايتنا بالاستقرار والتكامل ومتعة المشاركة؛
وحينما تكون تلك الحاجات دون غايات منسجمة وسليمة مع مرضاة الله ومع الطبيعة النقية والصافية نشعر حينها بالضيق والكابة والفشل وعدم الانسجام؛ مهما بلغت تلك الحاجات من كثرة ووفرة.
حينما تمطر السحب أمطارًا كربونية فإنَّ شي في الطبيعة غير منسجم .. حريق بترولي, أو بُقعة زيت, او , او .. ولذا نسعى بكل قدراتنا البشرية للتخلص من (بُقعة ) الزيت التي تمثل " اللا سعادة " بالنسبة لانسجام الطبيعة الخلاق.
وحينما تكون الوظيفة حاجة نلبيها رغبة في المال فقط ففي هذا عدم انسجام؛ فالمال وسيلة ولن يكون غاية بحد ذاته, وجعله غاية يخلق عدم انسجام يتسبب في " بُقعة زيت " ضخمة في حياتنا تمطر إمطارًا كربونية على مزاجنا العام ..
الحاجات ليس لديها القدرة لأن تصبح غايات؛ والسبب أنَّ الغايات خلقت فيها صفة التكاملية والمشاركة والارتباط السببي, بعكس الحاجات التي يغلب عليها طابع الفردانية والذاتية.
والله سبحانه منذ أن خلق آدم على الأرض بذر فيه وجود الآخر والتعايش معه وجعل ذلك من سنن الكون, وحينما اوجد الله الغايات, جعل الحاجات التي تحقق تلك الغايات تنطلق من أراده فردية تخص الفرد وحده (لاعتبارات أختبارية) بينما الغايات مرتبطة بالأخر وجوديًا أو سببيًا, ولذا سميت غاية (غائية).
ممارسة الصلاة هي عمل فردي من حيث نيته, ويرجع لأراده الإنسان وحده, لكنه يحقق غاية سامية هي عبادة الله. وحينما يشبع الإنسان حاجة في العبادة دون غاية لا يحصل الإشباع الحقيقي والمنسجم؛
ولذا قال الهُدهد (في سورة النمل) مخاطبًا النبي سليمان عليه السلام: ( إنِّي وجدت امرأة تملكهم وأٌوتيت من كل شيءٍ ولها عرش عظيم*وجدتُّها وقومها يسجدون للشمس من دون الله..) ثم قال بتلقائية الطيور وانسجام الطبيعة ( ألايسجدوا لله الذي يُخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون)! هنا يريد الهدهد أن ينسجم هؤلاء القوم مع أنفسهم ومع ملكوت الله ومعه هو, كان الهدد يٌشبع حاجاته بِغايات سليمة وطبيعية.
هؤلاء القوم كانت لديهم حاجة للعبادة أشبعوها بـ (السجود) وهو حاجة سليمة بحد ذاته ولا مشكلة فيه, لكن المشكلة ماذا أشبعت تلك الحاجة؟ سجود للشمس!.
كان لهؤلاء القوم مال وجمعوا منه العجيب والغريب فقد كان عرش ملكة سبأ من عجائب الدنيا, ولكنه بدون غاية!.
حينما يبقى المال حاجة (فردية) لا ينسجم مع طبيعة خلقه؛ ويبقى كونه حاجة تؤدي مع الوقت لشعور " اللا سعادة ". ولذا حينما يصرف المال على المتعة الشخصية والعائلية المنسجمة مع إرادة الله, ويعطى المال عن حب لذوي القربا واليتامى والمساكين وابن السبيل؛ يحقق غاياته الحقيقية والمنسجمة.
قس ذلك على كل حاجة نريد اشباعها, فما فائدة علم دون اشباع غايات منسجمة, وما فائدة الحياة كلها دون غايات منسجمة؟
يقول المُفكر الفرنسي روجيه جارودي: يموت الغرب افتقارًا للغايات, ويموت الشرق افتقارًا للوسائل.
صديقي البهاق ها انت بدأت تتقاسم معي جسدي وتشعرني بحالة من" اللا سعادة "!
ولذا سأكافحك وأتطبب منك بكل ما منحني الله سبحانه من أسباب ..
لكنك إلَّم تتركني؛ سأتركك ولن أقلق أبدًا من وجودك الذي فرضه خالقي وخالقك؛ لسبب ما هو أعلم به مني ومنك .. سأنسجم مع نفسي ومع هذه الحياة بكل ما أستطيع من قوةٍ ولن أقاوم أرادة الله. وسأجعل من هذه المقاومة حاجة تُفضي لغاية.
أعدك.