المنغره
30-09-12, 03:04 am
_
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعة الختام هي الملخص لحياة اﻹنسان، والخواتيمُ ميراثُ السّوابق .. وحسن الخاتمة أن يوفّق العبد قبل موته للتوبة عن الذنوب والسيئات، واﻹقبال على الطاعات والقربات، ثم يكون موته على هذه الحال الحسنة .
ومما يدل على هذا ما صح عند أحمد والترمذي عن أنس (رضي الله عنه ) أن النبي (عليه الصﻼة والسﻼم )* * قال: إذا أراد الله بعبده خيرًا استعمله، قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت .
وفي لفظ صحيح عند أحمد: "ﻻ عليكم أن ﻻ تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عمﻼ سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عمﻼ صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه".
من قصص حسن الخاتمة:
أيها اﻷحبة .. كيف مرت ساعة الختام على سلفنا الصالح الذين عاشوا على طاعة الله وماتوا على ذكر الله .*
ها هو سيدهم وإمامهم رسول الله* (عليه الصﻼة والسﻼم )* * في سكرات الموت، ترى فاطمة رضي الله عنها ما يتغشاه من الكرب الشديد عند الموت، فتقول: واكرب أبتاه، فيقول لها (عليه الصﻼة والسﻼم )* * استبشاراً بلقاء ربه وحسن خاتمته: (ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم).
وتحضر الوفاة بﻼل بن رباح (رضي الله عنه ) فيردد: غدًا نلقى اﻷحبة: محمدًا وصحبه، فتبكي امرأته قائلة: وابﻼﻻه واحزناه، فيقول: وافرحاه.
وعندما نزل الموت بمعاذ بن جبل (رضي الله عنه ) قال: مرحبًا بالموت زائرٌ بعد غياب، وحبيبٌ جاء على فاقة، اللهم إني كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لجري اﻷنهار وﻻلغرس اﻷشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حِلَق الذكر. ولما احتضر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، قال لمن حوله: اخرجوا عني فﻼ يبقى أحد، فخرجوا فقعدوا على الباب، فسمعوه يقول: مرحبًا بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنس وﻻ جان، ثم قال: (تِلْكَ الدَّارُ اﻵخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ ﻻ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اﻷَرْضِ وَﻻ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، ثم قُبض رحمه الله.
ولما حضرت الوفاة أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي بكى أهله، فقال لهم: لي خمسون سنة أعبده، فدعوني أتهنّى لمقابلته.
وتأمل هذا المشهد، يا من تترك الصﻼة أو تتهاون فيها ، هاهو عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن يجود بنفسه في سكرات الموت، ويعد أنفاس الحياة، وأهله حوله يبكون، وبينما هو يصارع الموت، إذ سمع المؤذّن ينادي لصﻼة المغرب، فقال لمن حوله: خذوا بيدي فقالوا: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فﻼ أجيبه!فأخذوا بيده فدخل مع اﻹمام في المغرب فصلى ركعة ثم مات في الركعة الثانية رحمه الله.
ومن القصص المؤثرة في هذا الزمان، ما حدثني به أحد المشايخ أن رجﻼً كبيراً من قرابته تجاوز الثمانين، كان صاحب طاعة، محافظاً على الصف اﻷول، أصيب بالتهاب في الرئة، فأدخل المستشفى التخصصي بالرياض، كان محدثي الشيخ يتردد على الرجل يرقيه ويقرأ عليه القرآن، انقطع اتصال الرجل باﻵخرين إﻻ إذا دخل عليه الشيخ وقرأ عليه القرآن، فيبدأ بالتبسم ويشير بيديه بإشارات مفهومة، حتى توفاه الله في تلك اﻷيام .
وفي مغسلة جامع الراجحي، أتي بشاب، فﻼحظ من كان يغسله انحناء جسمه، فسألوا عن، فقال مؤذن المسجد الذي يصلي فيه الشاب: دخلت المسجد ﻷؤذن الفجر، فلما أذنت قام الشاب ليصلي سنة الفجر، فلما سجد، أطال السجود، فقلت لعله استغرق في الدعاء، فلما أطال وأطال حَرَّكتُهُ، فإذا بروحه قد خرجت وهو ساجد بين يدي الله .. نعم، وسيبعث هذا الشاب ساجداً بين يدي الله، يغبطه أهل المحشر بهذه الخاتمة الحسنة .
ونقل الدكتور العشماوي قصة رجل أمريكي كان خبيراً متخصصاً حصل على عددٍ من الشهادات واﻷوسمة في أمريكا، يقول عن نفسه: «قبل أن آتي إلى الرياض مسؤوﻻً كبيراً في الشركة اﻷمريكية لم أكن أشغل بالي بالدين ونصوصه وتعاليمه، حياتي كلُّها مادةٌ وعمل وظيفي ناجح، وإجازاتٌ أروِّح عن نفسي فيها بما أشاء من وسائل الترويح المباحة وغير المباحه
وبعد شهور من العمل لفت انتباهه ﻷول مرَّة منظر جمع غفير من المسلمين السعوديين وغير السعوديين يتجهون إلى المسجد، قال: "سمعت اﻷذان أوَّل ما جلست، وشعرتُ حينما سمعتُه بشعور لم أعهده من قبل، هبَّت من خﻼله نسائم ﻻ أستطيع أن أصفها، وانقدح في ذهني سؤال: لماذا يصنع هؤﻻء الناس ما أرى؟ وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفع لهم نقوداً وهدايا ثمينة تستحق هذا اﻻهتمام؟ ..صوت اﻷذان .. اﻹقامة، اﻹمام يقول «السﻼم عليكم»، فإذا بحشود المصلِّين يخرجون، ويصافح بعضهم بعضاً، يا له من نظام رائع".
أمريكي أبيض، ذو قلب كافر أسود، يشرق قلبه بنور اﻹيمان، ويعرف حﻼوة اﻹسﻼم، وبعد مرور شهرين على إسﻼمه ينطلق ﻷداء العمرة وزيارة البيت الحرام برفقة صديقين سعوديين من زمﻼء العمل، أتمَّ الرجل عمرته قبل صﻼة العشاء، وكان حريصاً على الصﻼة في الصف اﻷوَّل أمام الكعبة، وبدأت صﻼة العشاء، وكان الرجل في حالةٍ من الخشوع العجيب، يقول أحد مرافقيه: حينما قمنا من التشهُّد اﻷوَّل لم يقم، وظننته قد استغرق في حالته الروحية فنسي القيام، ومددت يدي إلى رأسه منبها له، فلم يستجب، ولم يسلَّم اﻹمام من صﻼته حتى تبيَّن لنا أن الرجل قد فارق الحياة .. نعم، لقد صعدت تلك الروح التي تعلقت بالله في أطهر رحاب الله، يقول المرافق: لقد شعرت بفضل الله العظيم على ذلك الرجل رحمه الله، وشعرت بالمعنى العميق لحسن الخاتمة، وودَّعته مشيعاً حيث تم دفنه في مكة المكرمة بعد استئذان أهله في أمريكا.. وحينما علم زمﻼؤه اﻷمريكان وهم غير مسلمين بما حصل له، قال أحدهم: إنني أغبطه على هذه الميتة، قلت له: لماذا؟ قال: ﻷنه مات في أهم بقعة، وأعظم مكان في ميزان الدين اﻹسﻼمي الذي آمن به..
أيها اﻷحبة .. تلكم هي أحوال أهل الخواتم الحسنة، ولكن ماذا عنا نحن؟ إن الموتى لو تكلموا لقالوا لنا: تزودوا من هذه الدنيا بالعمل الصالح .. فإنها فرصة، وقد تكون الفرصة اﻷخيرة .. إن الموتى لو بكوا، لم يبكوا من مجرد الموت! وإنما سيبكون من حسرة الفوت.. فقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها، (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كﻼ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
أﻻ ليت شعري أيها اﻷحبة، حين يحين اﻷجل، وينزل بنا الموت، هل سنلقى المولى وهو راض عنا، أم أن ذنوبنا وجرائمنا ستحول دوننا ودون رحمته، ووالله ثم والله، كم نحن مضطرون إلى عفوه ومغفرته .
عبد الله .. استعد للموت قبل نزول الخطر .. وتزود بالزاد قبل السفر .. (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) .
تزود من التقوى فانَّكَ ﻻ تدري ،،،إذا جنَ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غيْرِعلةٍ،،وكم من سقيمٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكم من فتى يُمسي ويُصبحُ ﻻهيًا ،،وقد نُسجت أكفانهُ وهو ﻻ يدري
وكم من ساكنٍ عندالصباحِ بقصرهِ،،وعندالمسا قدكان من ساكنِي القبرِ
فداوم على تقـوى اﻹلهِ فإنَّها ،، أمانٌ من اﻷهوالِ في موقفِ الحشرِ
اللهم آحسن خاتمتنا في الآمور كلها
وآجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخره
دمتم بحفظ الله ورعايته
~
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعة الختام هي الملخص لحياة اﻹنسان، والخواتيمُ ميراثُ السّوابق .. وحسن الخاتمة أن يوفّق العبد قبل موته للتوبة عن الذنوب والسيئات، واﻹقبال على الطاعات والقربات، ثم يكون موته على هذه الحال الحسنة .
ومما يدل على هذا ما صح عند أحمد والترمذي عن أنس (رضي الله عنه ) أن النبي (عليه الصﻼة والسﻼم )* * قال: إذا أراد الله بعبده خيرًا استعمله، قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت .
وفي لفظ صحيح عند أحمد: "ﻻ عليكم أن ﻻ تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عمﻼ سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عمﻼ صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه".
من قصص حسن الخاتمة:
أيها اﻷحبة .. كيف مرت ساعة الختام على سلفنا الصالح الذين عاشوا على طاعة الله وماتوا على ذكر الله .*
ها هو سيدهم وإمامهم رسول الله* (عليه الصﻼة والسﻼم )* * في سكرات الموت، ترى فاطمة رضي الله عنها ما يتغشاه من الكرب الشديد عند الموت، فتقول: واكرب أبتاه، فيقول لها (عليه الصﻼة والسﻼم )* * استبشاراً بلقاء ربه وحسن خاتمته: (ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم).
وتحضر الوفاة بﻼل بن رباح (رضي الله عنه ) فيردد: غدًا نلقى اﻷحبة: محمدًا وصحبه، فتبكي امرأته قائلة: وابﻼﻻه واحزناه، فيقول: وافرحاه.
وعندما نزل الموت بمعاذ بن جبل (رضي الله عنه ) قال: مرحبًا بالموت زائرٌ بعد غياب، وحبيبٌ جاء على فاقة، اللهم إني كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لجري اﻷنهار وﻻلغرس اﻷشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حِلَق الذكر. ولما احتضر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، قال لمن حوله: اخرجوا عني فﻼ يبقى أحد، فخرجوا فقعدوا على الباب، فسمعوه يقول: مرحبًا بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنس وﻻ جان، ثم قال: (تِلْكَ الدَّارُ اﻵخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ ﻻ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اﻷَرْضِ وَﻻ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، ثم قُبض رحمه الله.
ولما حضرت الوفاة أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي بكى أهله، فقال لهم: لي خمسون سنة أعبده، فدعوني أتهنّى لمقابلته.
وتأمل هذا المشهد، يا من تترك الصﻼة أو تتهاون فيها ، هاهو عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن يجود بنفسه في سكرات الموت، ويعد أنفاس الحياة، وأهله حوله يبكون، وبينما هو يصارع الموت، إذ سمع المؤذّن ينادي لصﻼة المغرب، فقال لمن حوله: خذوا بيدي فقالوا: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فﻼ أجيبه!فأخذوا بيده فدخل مع اﻹمام في المغرب فصلى ركعة ثم مات في الركعة الثانية رحمه الله.
ومن القصص المؤثرة في هذا الزمان، ما حدثني به أحد المشايخ أن رجﻼً كبيراً من قرابته تجاوز الثمانين، كان صاحب طاعة، محافظاً على الصف اﻷول، أصيب بالتهاب في الرئة، فأدخل المستشفى التخصصي بالرياض، كان محدثي الشيخ يتردد على الرجل يرقيه ويقرأ عليه القرآن، انقطع اتصال الرجل باﻵخرين إﻻ إذا دخل عليه الشيخ وقرأ عليه القرآن، فيبدأ بالتبسم ويشير بيديه بإشارات مفهومة، حتى توفاه الله في تلك اﻷيام .
وفي مغسلة جامع الراجحي، أتي بشاب، فﻼحظ من كان يغسله انحناء جسمه، فسألوا عن، فقال مؤذن المسجد الذي يصلي فيه الشاب: دخلت المسجد ﻷؤذن الفجر، فلما أذنت قام الشاب ليصلي سنة الفجر، فلما سجد، أطال السجود، فقلت لعله استغرق في الدعاء، فلما أطال وأطال حَرَّكتُهُ، فإذا بروحه قد خرجت وهو ساجد بين يدي الله .. نعم، وسيبعث هذا الشاب ساجداً بين يدي الله، يغبطه أهل المحشر بهذه الخاتمة الحسنة .
ونقل الدكتور العشماوي قصة رجل أمريكي كان خبيراً متخصصاً حصل على عددٍ من الشهادات واﻷوسمة في أمريكا، يقول عن نفسه: «قبل أن آتي إلى الرياض مسؤوﻻً كبيراً في الشركة اﻷمريكية لم أكن أشغل بالي بالدين ونصوصه وتعاليمه، حياتي كلُّها مادةٌ وعمل وظيفي ناجح، وإجازاتٌ أروِّح عن نفسي فيها بما أشاء من وسائل الترويح المباحة وغير المباحه
وبعد شهور من العمل لفت انتباهه ﻷول مرَّة منظر جمع غفير من المسلمين السعوديين وغير السعوديين يتجهون إلى المسجد، قال: "سمعت اﻷذان أوَّل ما جلست، وشعرتُ حينما سمعتُه بشعور لم أعهده من قبل، هبَّت من خﻼله نسائم ﻻ أستطيع أن أصفها، وانقدح في ذهني سؤال: لماذا يصنع هؤﻻء الناس ما أرى؟ وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفع لهم نقوداً وهدايا ثمينة تستحق هذا اﻻهتمام؟ ..صوت اﻷذان .. اﻹقامة، اﻹمام يقول «السﻼم عليكم»، فإذا بحشود المصلِّين يخرجون، ويصافح بعضهم بعضاً، يا له من نظام رائع".
أمريكي أبيض، ذو قلب كافر أسود، يشرق قلبه بنور اﻹيمان، ويعرف حﻼوة اﻹسﻼم، وبعد مرور شهرين على إسﻼمه ينطلق ﻷداء العمرة وزيارة البيت الحرام برفقة صديقين سعوديين من زمﻼء العمل، أتمَّ الرجل عمرته قبل صﻼة العشاء، وكان حريصاً على الصﻼة في الصف اﻷوَّل أمام الكعبة، وبدأت صﻼة العشاء، وكان الرجل في حالةٍ من الخشوع العجيب، يقول أحد مرافقيه: حينما قمنا من التشهُّد اﻷوَّل لم يقم، وظننته قد استغرق في حالته الروحية فنسي القيام، ومددت يدي إلى رأسه منبها له، فلم يستجب، ولم يسلَّم اﻹمام من صﻼته حتى تبيَّن لنا أن الرجل قد فارق الحياة .. نعم، لقد صعدت تلك الروح التي تعلقت بالله في أطهر رحاب الله، يقول المرافق: لقد شعرت بفضل الله العظيم على ذلك الرجل رحمه الله، وشعرت بالمعنى العميق لحسن الخاتمة، وودَّعته مشيعاً حيث تم دفنه في مكة المكرمة بعد استئذان أهله في أمريكا.. وحينما علم زمﻼؤه اﻷمريكان وهم غير مسلمين بما حصل له، قال أحدهم: إنني أغبطه على هذه الميتة، قلت له: لماذا؟ قال: ﻷنه مات في أهم بقعة، وأعظم مكان في ميزان الدين اﻹسﻼمي الذي آمن به..
أيها اﻷحبة .. تلكم هي أحوال أهل الخواتم الحسنة، ولكن ماذا عنا نحن؟ إن الموتى لو تكلموا لقالوا لنا: تزودوا من هذه الدنيا بالعمل الصالح .. فإنها فرصة، وقد تكون الفرصة اﻷخيرة .. إن الموتى لو بكوا، لم يبكوا من مجرد الموت! وإنما سيبكون من حسرة الفوت.. فقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها، (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كﻼ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
أﻻ ليت شعري أيها اﻷحبة، حين يحين اﻷجل، وينزل بنا الموت، هل سنلقى المولى وهو راض عنا، أم أن ذنوبنا وجرائمنا ستحول دوننا ودون رحمته، ووالله ثم والله، كم نحن مضطرون إلى عفوه ومغفرته .
عبد الله .. استعد للموت قبل نزول الخطر .. وتزود بالزاد قبل السفر .. (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) .
تزود من التقوى فانَّكَ ﻻ تدري ،،،إذا جنَ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غيْرِعلةٍ،،وكم من سقيمٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكم من فتى يُمسي ويُصبحُ ﻻهيًا ،،وقد نُسجت أكفانهُ وهو ﻻ يدري
وكم من ساكنٍ عندالصباحِ بقصرهِ،،وعندالمسا قدكان من ساكنِي القبرِ
فداوم على تقـوى اﻹلهِ فإنَّها ،، أمانٌ من اﻷهوالِ في موقفِ الحشرِ
اللهم آحسن خاتمتنا في الآمور كلها
وآجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخره
دمتم بحفظ الله ورعايته
~