سميتك ثالث والديني
26-02-12, 04:03 pm
كيف تعيش كبيرا
الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار ، فالخلق خلقه ، والأمر أمره ، ولا إله غيره ،
والصلاة والسلام على الرسول المجتبى والنبي المصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، أما بعد :
فإن الناس يحيون على هذه الأرض ما شاء الله أن يحيون ، ثم يموتون ، ثم يبعثون ،
ثم ينشرون ويحشرون ، فيقفون بين يدي الله ليحاسبون ويسألون ؛
عن أعمارهم فيما مضت ؟ وحياتهم كيف انقضت ؟ فينقسمون لذلك إلى منعمين ومعذبين ،
وسعداء وأشقياء ، وبينهم في التفاوت في المنازل ما الله به عليم !
بل إن أهل النعيم المقيم في جنات النعيم ليتفاوتون في منازلهم ودرجاتهم كما بين
الأرض وأبعد كوكب دريٍّ عنها ، ولذلك فالمؤمنون المنعمون في الجنة لا يتساوون في
حبورهم وسرورهم ، ومكانتهم وكرامتهم ، مع أن مُلك أقل واحد فيهم مسيرة مائة عام ينفذه بصره .
تلك هي النهاية ، ولنعد هنا إلى البداية ...
فبداية التفاوت في المراتب واقع في الحياة الدنيا قبل الآخرة ، فإن الناس في تباين
عجيب واختلاف غريب ، [ إن سعيكم لشتى ] و [ ولا يزالون مختلفين ] .
فإن من الناس من يعيش لنفسه ، يرعى مصالحه ، ويسوس أمره ، لا يرى غير
صورته ، ولا يسمع إلا صوته ، ولا يشير إلا لنفسه ، قد انغلق على ذاته ،
وعكف على شئونه ، وانفرد بحياته ، فليس له في الحياة أثر ، ولا في الواقع موقع .
إن سألت عنه غيره أنكره ، فلا أحد يعرفه ، وإن غاب لم يفتقد ،
وإن حضر لا يفرح به ولا يستبشر ، ليس له موقع من الإعراب ، فحضوره كالغياب ،
وسفره كالإياب ، ومجيئه كالذهاب ، وموته كالحياة ، فلا يُعرف بالمعروف ،
ولا يذكر بخير ، فليس له على الناس يد ، وليس له عليهم فضل .
يموت حين يموت فتبكيه زوجته مجاملة ، ويتصنع عليه البكاء ولده ،
ويتظاهر بفقده الجيران ، والحقيقة أنهم نسوه حالما دفنوه ،
وأصبح مدفوناً تحت ركام النسيان !
هل يستوي هذا مع من تبكيه الدنيا ـ كل الدنيا ـ
ويحزن عليه الناس ـ كل الناس ! عند موته أو غيابه ؟!
يغيب فيزيد حبه ، ويبعد فيتضاعف قربه ، تحن لذكره الأسماع ،
وتتشوف لرؤيته الأنظار ، وتتشوق لمجالسته القلوب ، يتكلم فيسمع الناس ،
ويأمر فيأتمر له الخلق ، ليس لسلطانه أو ماله أو حسبه ونسبه ،
وإنما لسلطان حبه ، فيده تعطيهم ، وجاهه يشملهم ، وماله يصلهم ،
وكلامه العذب يسل سخيمة نفوسهم ، وهداياه تزرع المحبة في قلوبهم ،
وعطاياه تفرج عن مكروبهم وتنفس عن منكوبهم ، فله عليهم ـ
بعد الله ـ سابقة الفضل !
ترتفع أيديهم له بالدعاء ، وتنطلق ألسنتهم عليه بالثناء ، وتخفق قلوبهم بحبه ،
وتحن نفوسهم لقربه ، وإنما تُغشى بيوت الكرماء ، وتقصد منازل النبلاء !
وهنا تبرز الإجابة على السؤال الكبير : كيف أعيش كبيراً ؟!
والجواب الصواب ؛ تعيش كبيراً ، وتموت كبيراً ، وتبعث ـ إن شاء الله ـ كبيراً ،
إذا عشت لغيرك ، ترعى مصالح الناس ، وتقوم على منافعهم ،
وتفني نفسك في خدمتهم ، وتسعى لمصلحتهم ، أصابك من جرّاء ذلك ما أصابك ،
فلا تعطيهم لتأخذ منهم ، وإنما تجود بالموجود ، وتتعنى لحصول المفقود ،
لتعطي من حُرم ، وتنصر من ظُلم ، وتعين الضعيف ، وتؤمن الخائف ،
وتكسب المعدوم ، وتمنح المحروم ، وتشجع العامل ، وتنفخ في رماد الخامل ،
وتعلم الجاهل ، وتوظف العاطل ، وترحم اليتيم ، وتداوي السقيم ،
وتنفس عن المكروب ، وتفرج عن المنكوب ، وتعيد حق المسلوب ، فلا يعرف الناس منك إلا المعروف ، فأنت به موصوف ، وإلى بذله ملهوف ،
فعليك قلوب الناس تطوف ، وإليك نفوس الخلق تميل ،
فليس لك في نفوس من عرفك من الأحياء عديل أو مثيل !!
لعمرك ما الرزية فقد مال ***** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حُرٍّ ***** يموت بموته خلق كثير
وإليك المثال على رجل ليس كالرجال ، وإنما سيد من ساداتهم ، وكبير من كبرائهم ،
وعظيم من عظمائهم ، لأنه عاش للناس إماماً ، فقال تعالى عنه : [إن إبراهيم كان أمَّة من الناس ] فهلاَّ دعوت الله ...[ واجعلنا للمتقين إماماً ]
استغفرالله
منقول
الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار ، فالخلق خلقه ، والأمر أمره ، ولا إله غيره ،
والصلاة والسلام على الرسول المجتبى والنبي المصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، أما بعد :
فإن الناس يحيون على هذه الأرض ما شاء الله أن يحيون ، ثم يموتون ، ثم يبعثون ،
ثم ينشرون ويحشرون ، فيقفون بين يدي الله ليحاسبون ويسألون ؛
عن أعمارهم فيما مضت ؟ وحياتهم كيف انقضت ؟ فينقسمون لذلك إلى منعمين ومعذبين ،
وسعداء وأشقياء ، وبينهم في التفاوت في المنازل ما الله به عليم !
بل إن أهل النعيم المقيم في جنات النعيم ليتفاوتون في منازلهم ودرجاتهم كما بين
الأرض وأبعد كوكب دريٍّ عنها ، ولذلك فالمؤمنون المنعمون في الجنة لا يتساوون في
حبورهم وسرورهم ، ومكانتهم وكرامتهم ، مع أن مُلك أقل واحد فيهم مسيرة مائة عام ينفذه بصره .
تلك هي النهاية ، ولنعد هنا إلى البداية ...
فبداية التفاوت في المراتب واقع في الحياة الدنيا قبل الآخرة ، فإن الناس في تباين
عجيب واختلاف غريب ، [ إن سعيكم لشتى ] و [ ولا يزالون مختلفين ] .
فإن من الناس من يعيش لنفسه ، يرعى مصالحه ، ويسوس أمره ، لا يرى غير
صورته ، ولا يسمع إلا صوته ، ولا يشير إلا لنفسه ، قد انغلق على ذاته ،
وعكف على شئونه ، وانفرد بحياته ، فليس له في الحياة أثر ، ولا في الواقع موقع .
إن سألت عنه غيره أنكره ، فلا أحد يعرفه ، وإن غاب لم يفتقد ،
وإن حضر لا يفرح به ولا يستبشر ، ليس له موقع من الإعراب ، فحضوره كالغياب ،
وسفره كالإياب ، ومجيئه كالذهاب ، وموته كالحياة ، فلا يُعرف بالمعروف ،
ولا يذكر بخير ، فليس له على الناس يد ، وليس له عليهم فضل .
يموت حين يموت فتبكيه زوجته مجاملة ، ويتصنع عليه البكاء ولده ،
ويتظاهر بفقده الجيران ، والحقيقة أنهم نسوه حالما دفنوه ،
وأصبح مدفوناً تحت ركام النسيان !
هل يستوي هذا مع من تبكيه الدنيا ـ كل الدنيا ـ
ويحزن عليه الناس ـ كل الناس ! عند موته أو غيابه ؟!
يغيب فيزيد حبه ، ويبعد فيتضاعف قربه ، تحن لذكره الأسماع ،
وتتشوف لرؤيته الأنظار ، وتتشوق لمجالسته القلوب ، يتكلم فيسمع الناس ،
ويأمر فيأتمر له الخلق ، ليس لسلطانه أو ماله أو حسبه ونسبه ،
وإنما لسلطان حبه ، فيده تعطيهم ، وجاهه يشملهم ، وماله يصلهم ،
وكلامه العذب يسل سخيمة نفوسهم ، وهداياه تزرع المحبة في قلوبهم ،
وعطاياه تفرج عن مكروبهم وتنفس عن منكوبهم ، فله عليهم ـ
بعد الله ـ سابقة الفضل !
ترتفع أيديهم له بالدعاء ، وتنطلق ألسنتهم عليه بالثناء ، وتخفق قلوبهم بحبه ،
وتحن نفوسهم لقربه ، وإنما تُغشى بيوت الكرماء ، وتقصد منازل النبلاء !
وهنا تبرز الإجابة على السؤال الكبير : كيف أعيش كبيراً ؟!
والجواب الصواب ؛ تعيش كبيراً ، وتموت كبيراً ، وتبعث ـ إن شاء الله ـ كبيراً ،
إذا عشت لغيرك ، ترعى مصالح الناس ، وتقوم على منافعهم ،
وتفني نفسك في خدمتهم ، وتسعى لمصلحتهم ، أصابك من جرّاء ذلك ما أصابك ،
فلا تعطيهم لتأخذ منهم ، وإنما تجود بالموجود ، وتتعنى لحصول المفقود ،
لتعطي من حُرم ، وتنصر من ظُلم ، وتعين الضعيف ، وتؤمن الخائف ،
وتكسب المعدوم ، وتمنح المحروم ، وتشجع العامل ، وتنفخ في رماد الخامل ،
وتعلم الجاهل ، وتوظف العاطل ، وترحم اليتيم ، وتداوي السقيم ،
وتنفس عن المكروب ، وتفرج عن المنكوب ، وتعيد حق المسلوب ، فلا يعرف الناس منك إلا المعروف ، فأنت به موصوف ، وإلى بذله ملهوف ،
فعليك قلوب الناس تطوف ، وإليك نفوس الخلق تميل ،
فليس لك في نفوس من عرفك من الأحياء عديل أو مثيل !!
لعمرك ما الرزية فقد مال ***** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حُرٍّ ***** يموت بموته خلق كثير
وإليك المثال على رجل ليس كالرجال ، وإنما سيد من ساداتهم ، وكبير من كبرائهم ،
وعظيم من عظمائهم ، لأنه عاش للناس إماماً ، فقال تعالى عنه : [إن إبراهيم كان أمَّة من الناس ] فهلاَّ دعوت الله ...[ واجعلنا للمتقين إماماً ]
استغفرالله
منقول