خزامى نجـد
10-07-03, 04:17 am
أخذت عيناها الحائرتين تجوبان الزقاق الضيق ,فترتطم ببقايا عجلة محترقة كانت لبنت الجيران " نهلة " .......
التي لطالما حملتها وداعبتها وكانت تمثل للحي كله رمزا ..سواء في حياتها أو بعد استشهادها-" وهي على الدراجة بقذيفة حارقة أرسلتها إحدى آليات الاحتلال لتمزق جسدها الغض والذي أنضجته الأيام في ست سنوات كانت خلالها أم نهلة والتي فقدت القدرة على الإنجاب بعدها لتأخر وصولها للمشفى عند إحدى نقاط التفتيش فكانت تسقيها حنان ومحبة آلاف السنين في بضع أعوام من عمرها القصير "- حتى خطفتها في ثواني مخالب الشر...
ومازال منظر ثوبها الزهري الملتصق على جسدها منغرس في قلوب كل من عرفها كما ارتسم خط دمها على إسفلت الطريق القاسي ليرسم هالة من الضوء الأحمر ....
لكن أم خالد لديها اليوم ما يشغلها عن كل هم سابق فاندفعت عيناها مرة أخرى تستجديان الطريق عن أي إشارة تدل على ياسر ووالده والذين ذهبا لتشييع جنازة أحد شهداء حماس --والذي قتلته أيادي الغدر التي عجزت عن الصمود له ومواجهته فاغتالته بخسة --"أصبحت لهم سمه "مع ثلاثة من أفراد أسرته .
إلا أن أم خالد ومنذ سمعت دوي الانفجارات المتتالية وصوت طائرات الاباتشي تحوم كعقبان تقتات بالجيف تبحث عن مغرز لمخالبها المنتنة اخذ قلبها يخفق بشدة ....
ومر أمامها طيف ياسر يعدو مع أخيه خالد و يهرعان نحوها ففتحت لهما ذراعيها لتضمهما ولكنهما يخترقانها ليواصلا ركضهما ...
فهرعت نحو الباب وقد أمسكت بطرف حجابها لعلها تراه أو تشهد عودته أو تسال عنه من يطمئنها ...
وأخذت الثواني تمر مثقلة حزينة وكأنها تجر الدقائق بينما انسحبت الشمس متلفعة بخمار من سحائب رمادية وخيم السكون ورائحة الموت على المكان فما عاد هدير الطائرات يسمع ولا أزيز الرصاص يئن....
و بدا من نهاية الزقاق أبا خالد مخترقا سحابة من الغبار يجر قدميه جرا ورأسه المرفوعة لا تكشف عن تقاسيم وجهه ...
فأخذت عيني أم خالد تبحثان في رعب عن ياسر يجري هنا أو هناك أو متشبثا كعادته ببنطال والده أو ربما تأخر قليلا في خطاه الصغيرة عن مواكبة أبيه إلا أنها ومع اقتراب الأب ومنظر الدماء تلطخ قميصه الأبيض أحست بانقباض قلبها
وما أن شاهدت عيناه المختفيتان خلف ستار من الدموع التي غالبها من الانسكاب حتى توقف ,و استند بيده على الجدار ,وكأن قدماه لم تعودا قادرتين على حمله ......
فانطلقت بلا شعور نحوه وتشبثت بقميصه وحاولت أن تصرخ مستفسرة عن ابنها عن ضياء عينيها إلا أنها لم تقدر حتى على النطق بل ضاقت الدنيا حتى أطبقت على صدرها ...
فأصبحت تبحث عن أنفاسها وخرج اسم ياسر متحشرجا وكأنما يمتص من روحها بقايا أنفاسه..
وانتظرت لتسمع الرد فطال الوقت كما لم يطل من قبل وامتد حتى شمل حقب زمنية مختلفة ..
وكم تمنت لو امتد اكثر قبل أن تسمع الرد إلا أن الأب المنهك والمثقل بالهموم والأسى والذي رزح الألم على كتفيه أعوام طوال لم يعد قادرا على التحمل لم يعد قادرا على الصبر ..فهوى على ركبتيه وخرجت من صدره صارخة مدوية وكأنما احتملت عذابات خمسين عام من القهر والاحتلال " ياسر لحق بأخيه يا أم ياسر لحق بأخيه خالد فصبر جميل وبالله المستعان ."
خالد ياسر خالد ياسر ...... أخذت تردد في إيقاع حزين ثم نظرت إلى زوجها ودموعه التي لطالما قال لياسر حين يبكي" لا تبك يا بني فدموع الرجال غالية "
هاهو الجبل الذي لطالما استندت إليه يئن من حمله فضمت رأسه المخضبة بالشيب وطبعت قبله حانية عليها وهمست له وقد هبطت عليها سكينة وارتياح " حسبنا الله ونعم الوكيل " قم فصل عليه وادفنه بجوار أخيه فما زال الدرب طويل ولينصرن الله من ينصره .
انتهت " رؤيا خاصة "
بقلم : خزامى نجـد
التي لطالما حملتها وداعبتها وكانت تمثل للحي كله رمزا ..سواء في حياتها أو بعد استشهادها-" وهي على الدراجة بقذيفة حارقة أرسلتها إحدى آليات الاحتلال لتمزق جسدها الغض والذي أنضجته الأيام في ست سنوات كانت خلالها أم نهلة والتي فقدت القدرة على الإنجاب بعدها لتأخر وصولها للمشفى عند إحدى نقاط التفتيش فكانت تسقيها حنان ومحبة آلاف السنين في بضع أعوام من عمرها القصير "- حتى خطفتها في ثواني مخالب الشر...
ومازال منظر ثوبها الزهري الملتصق على جسدها منغرس في قلوب كل من عرفها كما ارتسم خط دمها على إسفلت الطريق القاسي ليرسم هالة من الضوء الأحمر ....
لكن أم خالد لديها اليوم ما يشغلها عن كل هم سابق فاندفعت عيناها مرة أخرى تستجديان الطريق عن أي إشارة تدل على ياسر ووالده والذين ذهبا لتشييع جنازة أحد شهداء حماس --والذي قتلته أيادي الغدر التي عجزت عن الصمود له ومواجهته فاغتالته بخسة --"أصبحت لهم سمه "مع ثلاثة من أفراد أسرته .
إلا أن أم خالد ومنذ سمعت دوي الانفجارات المتتالية وصوت طائرات الاباتشي تحوم كعقبان تقتات بالجيف تبحث عن مغرز لمخالبها المنتنة اخذ قلبها يخفق بشدة ....
ومر أمامها طيف ياسر يعدو مع أخيه خالد و يهرعان نحوها ففتحت لهما ذراعيها لتضمهما ولكنهما يخترقانها ليواصلا ركضهما ...
فهرعت نحو الباب وقد أمسكت بطرف حجابها لعلها تراه أو تشهد عودته أو تسال عنه من يطمئنها ...
وأخذت الثواني تمر مثقلة حزينة وكأنها تجر الدقائق بينما انسحبت الشمس متلفعة بخمار من سحائب رمادية وخيم السكون ورائحة الموت على المكان فما عاد هدير الطائرات يسمع ولا أزيز الرصاص يئن....
و بدا من نهاية الزقاق أبا خالد مخترقا سحابة من الغبار يجر قدميه جرا ورأسه المرفوعة لا تكشف عن تقاسيم وجهه ...
فأخذت عيني أم خالد تبحثان في رعب عن ياسر يجري هنا أو هناك أو متشبثا كعادته ببنطال والده أو ربما تأخر قليلا في خطاه الصغيرة عن مواكبة أبيه إلا أنها ومع اقتراب الأب ومنظر الدماء تلطخ قميصه الأبيض أحست بانقباض قلبها
وما أن شاهدت عيناه المختفيتان خلف ستار من الدموع التي غالبها من الانسكاب حتى توقف ,و استند بيده على الجدار ,وكأن قدماه لم تعودا قادرتين على حمله ......
فانطلقت بلا شعور نحوه وتشبثت بقميصه وحاولت أن تصرخ مستفسرة عن ابنها عن ضياء عينيها إلا أنها لم تقدر حتى على النطق بل ضاقت الدنيا حتى أطبقت على صدرها ...
فأصبحت تبحث عن أنفاسها وخرج اسم ياسر متحشرجا وكأنما يمتص من روحها بقايا أنفاسه..
وانتظرت لتسمع الرد فطال الوقت كما لم يطل من قبل وامتد حتى شمل حقب زمنية مختلفة ..
وكم تمنت لو امتد اكثر قبل أن تسمع الرد إلا أن الأب المنهك والمثقل بالهموم والأسى والذي رزح الألم على كتفيه أعوام طوال لم يعد قادرا على التحمل لم يعد قادرا على الصبر ..فهوى على ركبتيه وخرجت من صدره صارخة مدوية وكأنما احتملت عذابات خمسين عام من القهر والاحتلال " ياسر لحق بأخيه يا أم ياسر لحق بأخيه خالد فصبر جميل وبالله المستعان ."
خالد ياسر خالد ياسر ...... أخذت تردد في إيقاع حزين ثم نظرت إلى زوجها ودموعه التي لطالما قال لياسر حين يبكي" لا تبك يا بني فدموع الرجال غالية "
هاهو الجبل الذي لطالما استندت إليه يئن من حمله فضمت رأسه المخضبة بالشيب وطبعت قبله حانية عليها وهمست له وقد هبطت عليها سكينة وارتياح " حسبنا الله ونعم الوكيل " قم فصل عليه وادفنه بجوار أخيه فما زال الدرب طويل ولينصرن الله من ينصره .
انتهت " رؤيا خاصة "
بقلم : خزامى نجـد