تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة مؤثرة الرجاء قراءتها خارج الإتصال


الدمشقي
06-07-03, 11:42 pm
كنت قد تعودت السهر مع أصحابي في منزل أحدنا ... وكنا نسهر حتى الساعة الثانية صباحا ... أو حتى الثالثة ...
وكانت سهراتنا تملأها روائح الدخان المنبعث من أنوف البعض .. وأوراق البلوت التي يلعب بها البعض .... وصوت جهاز التلفاز يصدح بسهرات فسق وغناء في مناطق أخرى ... ينقلها تارة بثا مباشرا .. وأحيانا أخرى كثيرة بثا مسجلا ... نضحك بلا سبب ... كما نسب بعضنا بلا سبب ... ويفوز البعض ولا معنى للفوز في لعب الورق ..
ومضت السنون ... ونحن على هذه الحال ... كل من كون نفسه ، بنى بيتا .. أو حصل على شهادة علمية ... أو نال رضى والديه ...نضحك عليه .. ونتساءل أمام بعضنا ما الذي استفاده من عمره وهو لا يعرف السهر ولا يعرف سوى أن ينام قبل الدجاج !!؟؟ ..
حتى جاء أحد الأيام ... فيه تعرف على أحدنا شاب وسيم .. هادئ الطباع وكان يحافظ على الصلاة في المسجد ... وكان متفوقا ونجمه لامع في الحي الذي نقطنه ... حتى أنه كان يؤم بالناس إذا تأخر الإمام .. لدرجة أن أحد المصلين قال لماذا لا نغير الإمام ... وتميز بصوت خشوع بالقرآن ... صوت كأنه قطر العسل حين يتكلم ... فلما تعرف على صاحبنا طلب منه أن يعرفه علينا في سهرتنا ...
وحين سألنا صاحبنا منا من احتج ومنا من صار يستهزئ عليه ومنا من قال لا بأس فلا ضرر منه إذا حضر ... وجاء في اليوم التالي وكنا قد جهزنا أنفسنا لاستقبال ضيف ثقيل كما كنا نصفه .... سلم علينا واحدا واحدا وكانت يده ناعمة نعومة الحرير يملأها بياض لم نشهده في يد أحدنا فقد كانت أيدينا لا تعرف الماء إلا حينما نشرب بها ... وجلس حيث انتهى به المجلس ... واعتذر على قدومه إذا كان يضايق أحدنا فأبدينا له السرور بقدومه .. طبعا كانت الجلسة ثقيلة فلا أغاني ولا بلوت ولا مسبات ولا قهقهات ... وبعد هنيهة كانت القنبلة لقد طلب منا أن نشركه في سهرتنا يوميا ... ووافقنا على مضض ... وفي اليوم التالي اتفقنا أن تكون سهرتنا عادية فلا حرج منه وإن لم يعجبه الأمر فليغادر ...
وعندما اجتمعنا وضع أحدنا باكيت دخانه أمامه داعيا الجميع للتدخين ... وشغل أحدنا جهاز التلفاز ... وأحضر آخر علبة الورق ... ولم نرى تأثرا منه فقلنا لا بأس إذا ... وبعد أيام (فقد فيها هذا الشاب لمعانه في الحي ولم يعد أحد يذكره إلا قال هداه الله بعد الإلتزام الكامل سهرات .. أي نعم لا يزال يصلي ولكن أول الرقص حنجلة (على مايقول أهل الأمثال ) ؛ طلب منا هذا الشاب أن تكون السهرة في منزله ... فاشترطنا أن يكون في غرفة الضيوف جهاز تلفاز ... وصحون دخان ... وألا يكون هناك إزعاج إذا ضحك أحدنا أو سب ... فأبدى استعداده لهذا ...
ذهبنا إلى منزله ... وبالفعل كان هناك جهاز تلفاز ... وصحون دخان ... وأكثر من ذلك ، كان فيها جهاز حاسوب ... جلسنا على استحياء بادئ الأمر ودخل أخونا ... وسألنا لماذا هذا الاستحياء ... أدار جهاز التلفاز على إحدى القنوات العادية ... وقال من أراد أن يلعب على الحاسب فليقترب منه ومن أراد لعب الورق فليجلس في وسط الغرفة طبعا انقسمنا إلى قسمين ... فمنا من بدأ لعب الورق ومنا من سأل عن ألعاب الحاسب ... فأجاب هناك ألعاب قدم وسلة وسباق سيارات ... وألعاب إطلاق نار واختراق عسكري واستخباراتي ...
اخترنا كرة القدم فوضع لنا القرص الخاص به وشغل اللعبة ... ولعب أمامنا شوطا لتعريفنا بوسائل اللعبة وطرق استخدام الأزرار الخاصة بها ... فشدتنا اللعبة كثيرا ... فقال سنبدأ الدوري الآن ووزع الفرق علينا ... وبدأنا باللعب كل مباراة تستغرق تقريبا خمس دقائق ... وعندما وصلنا إلى نصف الدوري أذن الفجر ...ولم ننتبه إلى الوقت إلا عند أذان الفجر ... فسألنا الأخ من يريد الخروج إلى منزله فله ذلك ومن أراد أن يخرج إلى المسجد معه ... ودلنا على الموضأ فمنا من خرج ومنا من توضأ وخرج إلى المسجد على استحياء ... وعندما دخلنا إلى المسجد .. تعجب كل من فيه ... وأحسسنا بالحرج .... وعندما خرجنا من المسجد تكلمنا مع بعضنا عن اللعبة التي لعبناها ... وكم هي جميلة ... واقترح البعض أن نكمل الدوري في اليوم التالي ... ووافق الأخ شرط أن نلزم الكل بصلاة الفجر في المسجد .. فوافقنا على أن نحاول إقناع الباقين ...
وما أن استيقضنا من نومنا حتى بدأنا بالإتصال مع رفاقنا ... ووافقوا ... بعد الضغوط ... على أن نسهر عنده وأجلوا قضية الصلاة إلى حين اجتماعنا ... وعند اجتماعنا ... كان الأخ قد جهز أنواعا من الحلوى والعصير ... ولم يشغل جهاز التلفاز ... ولم نلحظ ذلك فقد جلس الباقين على لعبتهم وجلسنا على جهاز الحاسب ... وما أذن الفجر حتى أنهينا الدوري فتوضأنا وذهبنا إلى المسجد إلا قليلا منا ... وبعد الصلاة وقفنا أمام المسجد وتحدثنا عن الدوري وعن بعض اللقطات الرائعة و عن الفوز ... فشد هذا الحديث أصحابنا الباقين وطلبوا من أينا أن نبدأ بالدوري في أقرب وقت ... فوافق وعرض علينا اللعب في ذلك اليوم ... فلم نحب إحراجه ولكنه أصر ...
اجتمعنا عنده وطلب منا أن يستغفر كل من ضاعت عليه فرصة ... وأن يحمد الله ويشكره كل من نجح بخططه في اللعب ... طبعا بدأنا بالدوري وقد سجل كلنا فيه واستغرق هذا الدوري أسبوع اعتدنا فيه على السهر عند الأخ وقد تطهرت ألسنتنا من بعض الكلمات البذيئة التي كانت تلوك بها ألسنتنا ... طبعا واعتدنا على صلاة الفجر في المسجد ... فسألنا الأخ لماذا لا نلعب دوري حقيقي .. وبالفعل كونا فريقين واتفقنا أن نلتقي أمام المسجد بعد صلاة العشاء وذهب البعض إلى المسجد قبل الصلاة وصلينا العشاء والتقينا أما باب المسجد ... وتوجهنا إلى الملعب ولعبنا المباراة ... وعندما انتهينا من المباراة طلب منا الأخ أن نلتقي في المسجد عند صلاة الفجر ... وغادرنا الملعب دون أن نتفق على السهرة .. ولم نكن مستعدين للسهرة ... وفي صباح اليوم التالي تلقينا كلنا اتصالا من الأخ وعرض علينا السهر عنده وأن نذهب إلى صلاة العشاء ونلتقي بعد الصلاة وبالفعل التقينا بعد الصلاة وعرض علينا مسابقة من أحد جماعات إحدى المدارس ... وعليها جوائز محفزة وعرض علينا أن نتساعد لحل هذه الأسئلة ... ووافقنا .. ذهبنا إلى المكتبة العامة ... وبدأنا بتوزيع الأسئلة بحسب الأقسام ... وبينما كنا نبحث عن الإجابات في الكتب ... التقينا برجل ملتزم هادئ سلم علينا ودعا لنا بالخير وسألنا عما نعمله فجاوبناه وسعدنا بكلمات الثناء التي سمعناها من هذا الرجل ...
ورحلنا من المكتبة عند إغلاقها ونحن نتساءل عما أحرزناه في هذا اليوم وبالفعل كنا سعداء بما أنجزناه واتفقنا على اللقاء وقت صلاة الفجر .... وعند صلاة الفجر سلمنا على بعضنا وتمنينا على بعضنا حضور صلاة الظهر ... وبالفعل استطاع البعض أن يحضر صلاة الظهر ... وبعد أسبوع تقريبا أتممنا المسابقة وسلمانها باسم الأخ الجديد ولم ينتهي الأسبوع الثالث من تعرفنا على الأخ حتى كانت سهراتنا إما على جهاز الحاسب للعب أو مشاهدة بعض البرامج المدهشة .. ونادرا ما كنا نلعب الورق أو نشاهد التلفاز ... كما كنا قد التزمنا بالصلاة في المسجد .. وقد وزع علينا ورقة من نفس جماعة المدرسة السابقة فيها الأعمال الصالحة اليومية لأسبوع كامل ... من صلاة فرض ونوافل وأذكار صباح ومساء وأدعية للمناسبات الخاصة ... وأمام كل منها مربع صغير ونحدد أمام العمل الذي نقوم به وطلب منا أن نكون صادقين مع أنفسنا في تحديد ذلك ... وكانت هذه الورقة تزداد وقتا مع وقت ... وما كانت تمر مناسبة ورد فيها صيام النبي إلا وكان يحثنا على صيام ذلك اليوم ... وبصراحة عرفت ما سبب ذلك الهدوء الذي كان يتميز به ونعومة يديه ما كانت إلا من إكثاره للوضوء وربط الذكر بهما
وفي أحد الأيام طلب منا أن نكتب ورقة نحدد فيها ما الذي حدث معنا في عطلة صيف ذلك العام ... نعم لقد كانت عطلة صيف وأنى لنا أن نعرف ذلك ؟.. فقد قطعنا أيامنا في غفلة ولهو حتى لم نميز السبت من الأربعاء ... وطلب منا تحديد أي أيامنا أفضل وأكثر سعادة ... وأكثر هناء ...
طبعا لم يكن هناك ما يثير الشك في هذا السؤال ... فقد كان السؤال واضحا جليا ... فجزاه الله خير .. طهر ألسنتنا من السباب واللعان ... ورطبها بالذكر والدعاء .... وأنار أيامنا بقراءة سورة الكهف كل يوم جمعة ... وأنار ما بين أيدينا بالمشي في الظلم إلى المسجد .... وأنار أطرافنا بالوضوء والإكثار منه .... فجزاه الله عنا خيرا

وبعد بعض الأيام دعانا بعد صلاة العصر إلى المدرسة التي يدرس بها ... وذلك لأننا فزنا بالمسابقة وفي المدرسة ... تم توزيع الجوائز .. وكان الذي يوزع الجوائز ... ذلك الرجل الذي رأيناه في المكتبة ... وتسلم الأخ جائزة أفضل استغلال للعطلة الصيفية ... نعم فلقد استغل العطلة أفضل استغلال .... روي في سنن أبي داود الحديث التالي : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) حديث شريف مرفوع إلى النبي

وما كان تعرف ذلك الشاب علينا إلا مشروعه الصيفي .. فرغ نفسه في الصيف لهدايتنا ... وما كان لقاءنا مع الأستاذ في المكتبة إلا كمراقبة لسير أعمال الأخ ... فجزاه الله خيرا وجزى الله خيرا كل من دله وشجعه ويسر له فعل الخير وأي خير ... فقد أنقذنا الله به من النار ... جزاه الله خيرا ...
وتسيل الدموع من الجميع مدرارا ..


فقد كانت كلمة شكر قرأها أحدنا بعد تسلمه جائزة المسابقة ...


أخوكم و محبكم الدمشقي


هذه القصة رقم 2 من وحي الخيال .. وإن كانت غير بعيدة عن المجتمع الذي نتمتع به ... ولكن هل من فاعل خير على هذا النحو ...بل هل من مشجع على ذلك ...



صراحة أسألكم بالله ما هو رأيكم بهذه القصة ... شجعوني تكفا ... ولا أنزعج نهائيا من النقد البناء