تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلسله اجزاء كتاب لا تحزن للشيخ الدكتور عائض القرني


zα7мт мαšнα3я
08-08-11, 06:05 am
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليم ورحمه الله وبركاته

صباح /مساء الخير

هنا سأشارك المهمومين همهم, والمحزونين حزنهم , .....

هنا سأنثر لكم الدرر التي قالها الشيخ الدكتور / عائض القرني في كتابه (لا تحزن ) ..
هنا سأكتب لكم يوميا مقتطفات من كتاب (لا تحزن )..لعل الله أن ينفع به ..

قرأته واستفدت منه ولعلي أفيد غيري في منتدانا الغالي ( منتدى بريدة)..

وسيكون ها الموضوع مغلق ..وأتقبل ردودكم ومشاركاتكم وملاحضاتكم بصدر رحب في موضوع مستقل عنوانه
( صفحات بيضاء لونوها بمشاركاتكم وملاحضاتكم عن موضوع كتاب لا تحزن)


أتمنى من كل من مر/ت الى هنا وقرأ/ت أن ت/يدعو لمؤلف الكتاب الشيخ د/ عائض القرني &
لمن قام بالاشراف على هذه الفكره أختنا ع ـروووبة &
المشرف أخينا رادار99 &
لكاتبة هذا الموضوع أختكم في الله إليجنت قيرل

كل أمنياتي أن تستمروا بمتابعة كل جزء جديد سأكتبه من هذه السلسله ..

وأخيراً: تقبلوا تحياتي وهاكم سلامي مقروناً بدعائي لكم بالسعاده ..

أختكم في الله :
...إليجنت قيرل ...

:for12: لـــــــكـــــــم :for12:

zα7мт мαšнα3я
08-08-11, 06:11 am
.. يـــا الــــلـه ..



قال تعالى ( يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن ) : إذا إضطرب البحر وهاج الموج وهبت الريح نادى أصحاب السفينه :يا الله .
إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق وحارت قافلة في السير نادوا : يا الله .
إذا وقعت المصيبه وحلت النكبه وجثمت الكارثه ناد المصاب المنكوب : يا الله .
إذا أوصدت الابواب امام الطالبين واسدلت الستور في وجوه السائلين صاحوا : يالله .
إذا بارت الحيل وضاقت السبل وانتهت الامال وتقطعت الحبال نادوا : يالله .
إذا ضاقت عليك الارض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت فإهتف : يا الله .
إليه يصعد الكلم الطيب والدعاء الخالص والهاتف الصادق والدمع البرئ والتفجع الواله .
إليه تمد الاكف في الاسحار والايادي في الحاجات والاعين في الملمات والاسئله في الحوادث .
باسمه تشدوا الالسن وتستغيث وتلهج وتنادي وبذكره تطمئن القلوب وتكن الارواح وتهدأ المشاعر وتبرد الاعصاب ويثوب الرشد ويستقر اليقين قال تعالى (الله لطيف بعباده )
الله : أحسن الاسماء وأجمل الحروف وأصدق العبارات وأثمن الكلمات قال تعالى : (هل تعلم له سميا )
الله : فإذا الغنا والبقاء والقوة والنصرة والعز والقدره والحكمه قال تعالى : ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ).
الله :فإذا اللطف والعنايه والغوث والمدد والود والاحسان قال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ).
اللهم فإجعل مكان اللوعه سلوه , وجزاء الحزن سرورا , وعند الخوف أمناً. اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين , وأطفئ جمر الارواح بماء الايمان .
يا رب ,ألق على العيون الساهره نعاساً أمنةً منك , وعلى النفوس المضطربه سكينه ,وأثبها فتحا قريباً .
يا رب , أهد حيارى البصائر إلى نورك ,وضلالالمناهج إلى صراطك ,والزائغين عن السبيل إلى هداك .
اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور , وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق ,ورد كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين .
اللهم أذهب عنا الحزن , وازل عنا الحزن ,واطرد عن نفوسنا القلق .
نعوذ بك من الخوف الا منك والركون الا اليك , والتوكل الا عليك ,والسؤال الا منك , والاستعانه الا بك أنت ولينا ,نعم المولى ونعم النصير ..

zα7мт мαšнα3я
09-08-11, 06:07 am
كن سعيدا



الايمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبه فاحرص عبيهما .
اطلب العلم والمعرفه وعليك بالقراءه فانها تذهب الهم .
جدد التوبه واهجر المعاصي:لانها تنغص عليك الحياة .
عليك بقراءة القرآن متدبرا واكثر من ذكر الله دائما .
أحسن الى الناس بانواع الاحسان ينشرح صدرك .
كن شجاعا لا وجلا خائفا فالشجاع منشرح الصدر .
طهر قلبك من الحسد والحقد و الدغل والغش وكل مرض .
اترك فضول النظر والكلام والاستماع والمخالطه والاكل والنوم .
انهمك في عمل مثمر تنس همومك واحزانك .
عش في حدود يومك وانسَ الماضي والمستقبل .
انظر الى من هو دونك في الصوره والرزق والعافيه ونحوها .
قدر اسوأ الاحتمال ثم تعامل معه لو وقع .
لا تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالات المخفيه والافكار السيئه .
لا تغضب واصبر واكظم واحلم وسامح فالعمر قصير .
لا تتوقع زوال النعم وحلول النقم بل على الله توكل .
أعط المشكله حجمها الطبيعي ولا تضخم الحوادث .
تخلص من عقدة المؤامره وانتظار المكاره .
بسط الحياة واهجر الترف ففضول العيش شغل ورفاهية الجسم عذاب للروح .
قارن بين النعم وبين اللتي عندك والمصائب التي حلت بك لتجد الارباح اعظم من الخسائر .
الاقوال السيئه التي قيلت فيك لن تضرك بل تضر صاحبها فلا تفكر فيها .
صحح تفكيرك ففكر في النعم والنجاح والفضيله .
لا تنتظر شكرا من احد فليس لك على احد حق وافعل الاحسان لوجه الله فحسب .
حددمشروعا ناجحا لك وفكر فيه وتشاغل به لتنسى همومك .
احسم عملك في الحال ولا تؤخر عمل اليوم الى الغد .تعلم العمل النافع اللذي يناسبك واعمل العمل المفيد اللذي ترتاح اليه .
فكر في نعم الله عليك وتحدث بها واشكر الله عليها .
اقتنع بما اتاك الله من صحه ومال واهل وعمل .
تعامل مع القريب والبعيد برؤية المحاسن وغض الطرف عن المعائب .
تغافل عن الزلات والشائعات وتتبع السقطات وأخبار الناس .
عليك بالمشي والرياضه والاهتمام بصحتك فالعقل السليم في الجسم السليم .
ادع الله دائما بالعفو العافيه وصالح الحال والسلامه .

zα7мт мαšнα3я
11-08-11, 06:04 am
فكر واشكر

المعنى ان تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك
(وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها) صحة في بدن امن في وطن غذاء وكساء وهواء وماء لديك الدنيا وانت ما تشعر تملك الحياة وانت لاتعلم ( واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) عندك عينان ولسان وشفتان ويدان ورجلان ( فبأي آلاء ربكما تكذبان) هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بترت اقدام وأن تعتمد على ساقيك وقد قطعت سوق أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأن تملاء معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الماء ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام تفكّر في سمعك وقد عوفيت من الصمم وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى وانظر الى جلدك وقد نجوت من الرص والجذام والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
اتريد في بصرك وحده كجبل احد ذهبا اتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون ابكم هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع انك في نعم عميمة وافضال جسيمة ولكنك لا تدري تعيش مهموما مغموما حزينا كئيبا وعندك الخبز الدافئ والماء البارد والنوم الهانئ والعافية الوارفة تتفكر في المغقود ولا تشكر الموجود تنزع من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء فكر واشكر
( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) فكر في نفسك وأهلك وبيتك وعملك وعافيتك وأصدقائك والدنيا من حولك (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها)

zα7мт мαšнα3я
11-08-11, 06:06 am
ما مضى فات

تذكُّرُ الماضي والتفاعلُ معه واستحضارُه، والحزنُ لمآسيه حمقٌ وجنونٌ، وقتلٌ للإرادةِ وتبديدٌ للحياةِ الحاضرةِ. إن ملفَّ الماضي عند العقلاء يُطْوَى ولا يُرْوى، يُغْلَقُ عليه أبداً في زنزانةِ النسيانِ، يُقيَّدُ بحبالٍ قوَّيةٍ في سجنِ الإهمالِ فلا يخرجُ أبداً، ويُوْصَدُ عليه فلا يرى النورَ؛ لأنه مضى وانتهى، لا الحزنُ يعيدُهَ، ولا الهمُّ يصلحهُ، ولا الغمَّ يصحِّحُهُ، ولا الكدرُ يحييهِ، لأنُه عدمٌ، لا تعِشْ في كابوس الماضي وتحت مظلةِ الفائتِ، أنقذْ نفسك من شبحِ الماضي، أتريدُ أن ترُدَّ النهر إلى مَصبِّهِ، والشمس إلى مطلعِها، والطفل إلى بطن أمِّهِ، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العينِ، إنَّ تفاعلك مع الماضي، وقلقك منهُ واحتراقك بنارهِ وانطراحك على أعتابهِ وضعٌ مأساويٌّ رهيبٌ مخيفٌ مفزعٌ.
القراءةُ في دفتر الماضي ضياعٌ للحاضرِ، وتمزيقٌ للجهدِ، ونسْفٌ للساعةِ الراهنةِ، ذكر اللهُ الأمم وما فعلتْ ثم قال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} انتهى الأمرُ وقُضِي، ولا طائل من تشريحِ جثة الزمانِ، وإعادةِ عجلةِ التاريخ.
إن الذي يعودُ للماضي كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً، وكالذي ينشرُ نشارة الخشبِ. وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم.
إن بلاءنا أننا نعْجزُ عن حاضِرنا ونشتغلُ بماضينا، نهملُ قصورنا الجميلة، ونندبُ الأطلال البالية، ولئنِ اجتمعتِ الإنسُ والجنُّ على إعادةِ ما مضى لما استطاعوا؛ لأن هذا هو المحالُ بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراءِ ولا يلتفتون إلى الخلفِ ؛ لأنَّ الرِّيح تتجهُ إلى الأمامِ والماءُ ينحدرُ إلى الأمامِ، والقافلةُ تسيرُ إلى الأمامِ، فلا تخالفْ سُنّة الحياة.

zα7мт мαšнα3я
11-08-11, 06:07 am
...يومك يومك ...


إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، اليوم فقط ستعيش ، فلا أمس الذي ذهب بخيره و شره ، و لا الغد الذي لم يأتي إلى الآن . اليوم الذي أظلتك شمسه و أدركك نهاره هو يومك فحسب ، عمرك يوم واحد فأجعل في خلدك العيش لهذا اليوم و كأنك ولدت فيه و ستموت فيه ، حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي و همه و غمه و بين توقع المستقبل و شبحه المخيف . فتُقسِم ساعاته و تجعل من دقائقه سنوات و من ثوانيه شهوراً ، تزرع فيه الخير ، تسدي فيه الجميل ، تستغفر فيه من الذنب ، تذكر فيه الرب ، تتأهب فيه للرحيل ، تعيش هذا اليوم فرحاً و سروراً ، و أمناً و سكينة ،
ترى فيه برزقك ، بزوجتك ، ببيتك ، بوظيفتك ، بمستواك .. عش هذا اليوم بلا حزن ولا إنزعاج، ولا سخط و لا حقد ولا حسد .
إذا أكلت خبزاً حاراً شهياً هذا اليوم فهل يضرك خبز أمس الجاف الرديء أو خبز غد الغائب المنتظر ؟
إذا شربت ماءً عذبا زلالاً هذا اليوم ، فلمذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج ، أو تهتم لماء غد الآسن الحار ؟
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة لأخضعتها لنظرية ( لن أعيش إلا هذا
اليوم ) حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم لبناء كيانك و تنمية مواهبك و تزكية عملك ، فتقول : لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق سباً أو فحشاً أو غيبة .
لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي و تأدية صلاتي على أكمل وجه ، و التزود بالنوافل ، و تعهد المصحفي و مطالعة كتاب نافع ، لليوم فقط سأعيش فأبِرأبي و أمي و أزرع في قلبي الفضيلة و أشتث منه شجرة الشر بغصونها الشائكة من كبر و عجب و رياء و حسد و حقد و غل و سوء ظن .
لليوم فقط سأعيش فأنفع الأخرين ، و أعيد مرضاً ، أشيع جنازة ، أطعم جائعاً ، أفرج عن مكروب ، أقف مع مظلوم ، أشفع لضعيف ، أواسي منكوباً ، أرحم صغيراً و أجل كبيرا ً .
لليوم فقط سأعيش فيا ماضٍ ذهب و انتهى أغرب كشمسك ، فلن أبكي عليك ، و لن تراني
أقف لأتذكرك لحظة ؛ لأنك تركتنا و هجرتنا و أرتحلت عنا و لن تعود إلينا أبد الآبدين .
و يا مستقبل أنت في عالم الغيب فلت أتعامل مع الأحلام ، و لن أبيع نفسي مع الأوهام ، و لن أتعجل ميلاد مفقود ، لأن غداً لا شيء ؛ لأنه لم يخلق و لم يكن شيئاً مذكوراً .
يومك يومك أيها الانسان اروع كلمة في قاموس السعاده لمن اراد الحياة في ابها صورها زأجمل حللها ..

zα7мт мαšнα3я
11-08-11, 06:08 am
...إترك المستقبل ...

{ اتى امر الله فلا تستعجلوه } لا تستبق الأحداث ، أتريد
إجهاض الحمل قبل تمامه ، وقطف الثمرة قبل النضج ، إن غدامفقود لا حقيقة له ، ليس
له وجود ، ولاطعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به ، ونتوجس من مصائبه ، ونهتم
لحوادثه ، نتوقع كوارثه ، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه ، أو نلقاه ، فإذا هو سرور
وحبور ، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد ، إن علينا أن لا نعبر
جسراحتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر ، أو لعل الجسر ينهار قبل
وصولنا ، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.

إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب
الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا ، لأنه طول أمل ، ومذموم عقلأ ،
لأنه مصارعة للظل. إن كثيرا من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع العري والمرض
والفقر والمصائب ، وهذا كله من مقررات مدارس
الشيطان { الشيطان يعدكم الفقر ويامركم باالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه
وفضلا } كثير هم الذين يبكون ، لأنهم سوف يجوعون غدا ، وسوف يمرضون بعد سنة ، وسوف
ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على
العدم ، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.

اترك غدا حتى ياتيك ، لا تسأل عن أخباره ، لا تنتظر زحوفه ،
لأنك مشغول باليوم.

وان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم
لم تشرق شمسه ولم ير النور ، فحذار من طول الامل

zα7мт мαšнα3я
11-08-11, 06:09 am
كيف تواجه النقد الاثم
الرقعاء السخفاء ستوا الخالق الرازق جل في علاه ، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلأ هو ، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ ، إنك سوف تواجه في حياتك حربا! ضروسا لا هوادة فيها من النقد الاثم المر ، ومن التحطيم المدروس المقصود ، ومن الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع ، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر من هؤلاء ، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينك ، ويدمي مقلتك ، ويقض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط ، والناس لا يرفسون كلبا ميتا ، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا ، أو علما ، أو أدبا ، أو مالأ ، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك ، وتنخلع من كل صفات الحمد ، وتنسلخ من كل معاني النبل ، وتبقى بليدا!غبيا صفرا محطما ، مكدودا ، هذا ما يريدون بالضبط.
اذا فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم “أثبت أحد” وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء. إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك ، الا فاصفح الصفح الجميل ، ألا فأعرض عنهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك ، وبقدر وزنك يكون النقد الاثم المفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم ، وإهمالك لشأنهم ، وإطراحك لأقوالهم!. { قل موتوا بغيظكم } بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك.
إن كنت تريد أن تكون مقبولأ عند الجميع ، محبوبا لدى الكل ، سليما من العيوب عند العالم ، فقد طلبت مستحيلأ وأملت أملأ بعيدا.

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:15 am
لا تنتظر شكرا من أحد



خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه ، فعبد الكثير غيره ، وشكر الغالب سواه ، لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس ، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك ، وأحرقوا إحسانك ، ونسوا معروفك ، بل ربما ناصبوك العداء ، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين ، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم ( وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ) وطالع سجل العالم المشهود ، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه و غذاه وكساه وأطعمه وسقاه ، وأدبه ، وعلمه ، سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ، فلما طر شارب هذا الابن وقوي ساعده ، أصبح لوالده كالكلب العقور ، استخفافا ، ازدراء ، مقتا ، عقوقا صارخا ، عذابا وبيلا.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر ، ومحطمي الإرادات ، وليهنئوا بعوض المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه.
إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل ، وعدم الإحسان للغير ، وإنما يوطنك على انتظار الجحود ، والتنكر لهذا الجميل والإحسان ، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله ، لأنك الفائز على كل حال ، ثم لا يضر غمط من غمطه ، ولا جحود من جحده ، واحمد الله لأنك المحسن ، وهو المسيء واليد العليا خير من اليد السفلى ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء ، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتوه وتمرده ( مر كان لم يدعنا إلى ضر مسه ) لا تفاجأ إذا أهديت بليدا قلما فكتب به هجاءك ، أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه ، فشج بها رأسك ، هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جل في علاه ، فكيف بها معي ومعك.

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:16 am
الإحسان إلى الغير انشراح للصدر

الجميل كاسمه ، والمعروف كرسمه ، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد ، يجنون ثمرته عاجلا في نفوسهم ، وأخلاقهم ، وضمائرهم ، فيجدون الانشراح والانبساط ، والهدوء و السكينة.
فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفا و اسد له جميلا تجد الفرج والراحة. أعط محروما ، انصر مظلوما ، أنقذ مكروبا ، أطعم جائعا ، عد مريضا ، أعن منكوبا ، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه ، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركة تصرف في صيدلية الذي عمرت قلوبهم بالبر و الإحسان.
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات والأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل ، يحب الجميل ، غني حميد.
يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالغير ، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعما ولونا وذوقا ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى )

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:18 am
أطرد الفراغ بالعمل

الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة ( رضوا بان يكونوا مع الخوالف ) إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال.
يوم تجد في حياتك فراغا فتهيأ حينها للهم والغم والفزع ، لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريب ، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأد خفي ، وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة ، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة ، والفراغ لص محترف ، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
إذا قم الآن صل أو اقرأ ، أو سبح ، أو طالع ، أو اكتب ، أو رتب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبح الفراغ بسكين العمل ، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارىء فحسب ، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب لأنك ملدوغ.

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:19 am
لا تكن إمعة

لاتتقمص شخصية غيرك ولاتذب في الاخرين. إن هذا هو العذاب الدائم ، وكثير هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم ، وكلامهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ، لينصهروا في شخصيات الاخرين ، فإذا التكلف والصلف ، والاحتراق ، والإعدام للكيان وللذات.
من ادم إلى اخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة ، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
أنت شيء اخر لم يسبق لك في التاريخ هثال ولن ياتي مثلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تمامأ عن زيد وعمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان.
انطلق على هيئتك وسجيتك { قد علم كل اناس مشربهم } ، { ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات } عش كما خلقت لا تغير صوتك ، لاتبدل نبرتك ، لاتخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغي وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا ، لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ("لا يكن أحدكم إمعة").
إن الناس في طبائعهم أشبه بعالم الأشجار : حلو وحامض ، وطويل وقصير ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموز فلا تتحول إلى سفرجل ، لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزأ ، إن اختلاف ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا اية من ايات الباري فلا تجحد اياته.

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:20 am
قضاء وقدر



﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا﴾ ، جفَّ القلمُ ، رُفعتِ الصحفُ ، قضي الأمرُ ، كتبت المقادير ، ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا ﴾ ، ما أصابك لم يكنْ لِيُخطئِك ، وما أخطأكَ لم يكنْ لِيُصيِبك .
إن هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرَّت في ضميرِك صارتْ البليةُ عطيةً ، والمِحْنةُ مِنْحةً ، وكلُّ الوقائع جوائز وأوسمةً ((ومن يُرِدِ اللهُ به خيراً يُصِبْ منه)) فلا يصيبُك قلقٌ من مرضٍ أو موتِ قريبٍ ، أو خسارةٍ ماليةٍ ، أو احتراقِ بيتٍ ، فإنَّ الباري قد قدَّر والقضاءُ قد حلَّ ، والاختيارُ هكذا ، والخيرةُ للهِ ، والأجرُ حصل ، والذنبُ كُفِّر .هنيئاً لأهلِ المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذِ ، المعطي ، القابضِ ، الباسط ، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ .
ولن تهدأ أعصابُك وتسكن بلابلُ نفسِك ، وتذْهب وساوسُ صدْرِك حتى تؤمن بالقضاءِ والقدرِ ، جفَّ القلمُ بما أنت لاقٍ فلا تذهبْ نفسُك حسراتٍ ، لا تظنُّ أنه كان بوسعِك إيقافُ الجدار أن ينهار ، وحبْسُ الماءِ أنْ ينْسكِبُ ، ومَنْعُ الريحِ أن تهبُّ ، وحفظُ الزجاج أن ينكسر ، هذا ليس بصحيحٍ على رغمي ورغمك ، وسوف يقعُ المقدورُ ، وينْفُذُ القضاءُ ، ويحِلُّ المكتوبُ ﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾ .
استسلمْ للقدر قبْل أن تطوّق بجيش السُّخْط والتذمُّر والعويل ، اعترفْ بالقضاءِ قبْل أن يدهمك سيْلُ النَّدمِ ، إذاً فليهدأ بالُك إذا فعلت الأسباب ، وبذلت الحِيل ، ثم وقع ما كنت تحذرُ ، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ، ولا تقُلْ ((لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، ولكن قُلْ : قدَّر اللهُ وما شاء فعلْ)) .

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:21 am
﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾



يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ ، وبعْدَ المرض عافيةٌ ، سوف يصلُ الغائبُ ، ويهتدي الضالُّ ، ويُفكُّ العاني ، وينقشعُ الظلامُ ﴿ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ﴾ .
بشَّر الليل بصبح صادق يطاردُهُ على رؤِوسِ الجبال ، ومسارب الأوديةِ ، بشِّر المهمومَ بِفرجٍ مفاجئ يصِلُ في سرعةِ الضَّوْءِ ، ولمُحِ البصرِ ، بشِّرِ المنكوب بلطف خفيٍّ ، وكفٍ حانيةٍ وادعةٍ .
إذا رأيت الصحراء تمتدُّ وتمتدُّ ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفةّ الظِّلالِ.
إذا رأيت الحِبْل يشتدُّ ويشتدُّ ، فاعلمْ أنه سوف يَنْقطُعِ .
مع الدمعةِ بسمةٌ ، ومع الخوفِ أمْنٌ ، ومع الفَزَعِ سكينةٌ .
النارُ لا تحرقُ إبراهيم الخليلِ ، لأنَّ الرعايةَ الربانيَّة فَتَحتْ نَافِذَةَ ﴿ بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ .
البحرُ لا يُغْرِقُ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ ، لأنَّ الصَّوْتَ القويَّ الصادق نَطَقَ بـ ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ .
المعصومُ في الغارِ بشَّرَ صاحِبهُ بأنه وحْدَهْ جلَّ في عُلاهُ معنا ؛ فنزل الأمْنُ والفتُح والسكينة .
إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ ، وأرِقّاءَ ظروفِهِمُ القاتمةِ لا يرَوْنَ إلاَّ النَّكَدَ والضِّيقَ والتَّعاسةَ ، لأنهم لا ينظرون إلاَّ إلى جدار الغرفةِ وباب الدَّارِ فَحَسْبُ. ألا فلْيَمُدُّوا أبصارَهُمْ وراء الحُجُبِ وليُطْلِقُوا أعنة أفكارِهِمْ إلى ما وراء الأسوارِ.
إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمن المُحالِ دوامُ الحالِ ، وأفضلُ العبادِة انتظارُ الفرجِ ، الأيامُ دُولٌ ، والدهرُ قُلّبٌ ، والليالي حُبَالى ، والغيبُ مستورٌ ، والحكيمُ كلَّ يوم هو في شأنٍ ، ولعلَّ الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً ، وإن مع العُسْرِ يُسْراً ، إن مع العُسْرِ يُسْراً .

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:23 am
اصنع من الليمون شراباً حلواً



الذكيُّ الأريبُ يحوّلُ الخسائر إلى أرباحٍ ، والجاهلُ الرِّعْديِدُ يجعلُ المصيبة مصيبتينِ.‍‍‍ ‍
طُرِدَ الرسولُ  من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملأتْ سمْع التاريخِ وبصرهُ .
سُجن أحمدُ بنُ حَنْبَلَ وجلد ، فصار إمام السنة ، وحُبس ابنُ تيمية فأُخْرِج من حبسهِ علماً جماً ، ووُضع السرخسيُّ في قعْرِ بئْرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين مجلداً في الفِقْهِ ، وأقعد ابن الأثيرِ فصنّفَ جامع الأصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتبِ الحديثِ ، ونُفي ابنُ الجوزي من بغداد ، فجوَّد القراءاتِ السبعِ ، وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراءِ الدولةِ العباسيةِ ، ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهمْ بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ، وذُهِل منها الجمهورُ ، وصفَّق لها التاريخُ .
إذا داهمتك داهيةٌ فانظرْ في الجانبِ المشرِقِ منها ، وإذا ناولك أحدُهمْ كوب ليمونٍ فأضفْ إليهِ حِفْنَةً من سُكَّر ، وإذا أهدى لك ثعباناً فخذْ جلْدَهُ الثمين واتركْ باقيه ، وإذا لدغتْك عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ واقٍ ومناعةٌ حصينة ضد سُمِّ الحياتِ .
تكيَّف في ظرفكِ القاسي ، لتخرج لنا منهُ زهْراً وورْداً وياسميناً ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ .
سجنتْ فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْنِ متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيْهما من نافذةِ السجنِ . فأما المتفائلُ فنظر نظرةٌ في النجومِ فضحك. وأما المتشائمٌ فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى. انظرْ إلى الوجه الآخر للمأساةِ ، لأن الشرَّ المحْض ليس موجوداً ؛ بل هناك خيرٌ ومَكْسبٌ وفَتْحٌ وأجْرٌ .

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:24 am
﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾



من الذي يفْزعُ إليه المكروبُ ، ويستغيثُ به المنكوبً ، وتصمدُ إليه الكائناتُ ، وتسألهُ المخلوقاتُ ، وتلهجُ بذكِرِه الألسُنُ وتُؤَلِّهُهُ القلوب ؟ إنه اللهُ لا إله إلاَّ هو.
وحقٌ عليَّ وعليك أن ندعوهُ في الشدةِ والرَّخاءِ والسَّراءِ والضَّراءِ ، ونفزعُ إليه في المُلِمَّاتِ ونتوسّلُ إليه في الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ بابهِ سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مددُهْ ويصِلُ عوْنُه ، ويُسْرعٌ فرجُهُ ويَحُلَّ فتْحُهُ ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ فينجي الغريق ويردُّ الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم ويهْدِي الضالَّ ويشفي المريض ويفرّجُ عن المكروبِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
ولن أسْرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ الهمِ والغمِ والحزنِ والكربِ ، ولكن أُحيلُك إلى كُتُبِ السُّنَّةِ لتتعلم شريف الخطابِ معه ؛ فتناجيهِ وتناديهِ وتدعوهُ وترجوه، فإن وجدْتهُ وجدْت كلَّ شيءٍ ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كلَّ شيء ، إن دعاءك ربَّك عبادةٌ أخرى ، وطاعةٌ عظمى ثانيةٌ فوق حصولِ المطلوبِ ، وإن عبداً يجيدُ فنَّ الدعاءِ حريٌّ أن لا يهتمَّ ولا يغتمَّ ولا يقلق كل الحبال تتصرّم إلاَّ حبلُه كلُّ الأبوابِ توصدُ إلاَّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ مجيبٌ ، يجيب المضطرَّ إذا دعاه يأمُرُك- وأنت الفقيرُ الضعيفُ المحتاجُ ، وهو الغنيُّ القويُّ الواحدُ الماجدُ - بأن تدعوه ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ، وألَمَََََّتْ بك الخطوبُ فالْهجْ بذكرِهِ ، واهتفْ باسمِهِ ، واطلبْ مددهُ واسألْه فتْحهُ ونصْرَهُ ، مرِّغِ الجبين لتقديسِ اسمِهِ ، لتحصل على تاج الحريَّةِ ، وأرغم الأنْف في طين عبوديتِهِ لتحوز وِسام النجاةِ ، مدَّ يديْك ، ارفع كفَّيْكَ ، أطلقْ لسانك ، أكثرْ من طلبِهِ ، بالغْ في سؤالِهِ ، ألحَّ عليه ، الزمْ بابهُ ، انتظرْ لُطْفُه ، ترقبْ فتْحهُ ، أشْدُ باسمِهِ ، أحسنْ ظنَّك فيه ، انقطعْ إليه ، تبتَّلْ إليه تبتيلاً حتى تسعد وتُفْلِحَ .

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:25 am
وليسعك بيتك



العُزْلةُ الشرعيَّةُ السنيَّةُ : بُعْدُك عن الشرِّ وأهلِهِ ، والفارغين َواللاهين والفوضويين ، فيجتمعُ عليك شملُك ، ويهدأ بالُك ، ويرتاحُ خاطرُك ، ويجودُ ذهنُك بِدُررِ الحِكم ، ويسرحُ طرفُكَ في بستانِ ا لمعارفِ.
إن العزلة عن كلِّ ما يشغلُ عن الخيرِ والطاعةِ دواءٌ عزيزٌ جرَّبهٌ أطباءُ القلوبِ فنجح أيَّما نجاحٍ ، وأنا أدُّلك عليهِ ، في العزلةِ عن الشرِّ واللّغوِ وعن الدهماءِ تلقيحٌ للفِكْر ، وإقامةٌ لناموسِ الخشيةِ ، واحتفالٌ بمولدِ الإنابةِ والتذكرِ ، وإنما كان الاجتماعُ المحمودُ والاختلاطُ الممدوحُ في الصلواتِ والجُمَعِ ومجالسِ العِلْمِ والتعاونِ على الخيْرِ ، أما مجالسُ البطالةِ والعطالةِ فحذارِ حذارِ ، اهربْ بجلدِك ، ابكِ على خطيئتك ، وأمسكْ عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس ، وتهديد خطير لدنيا الأمنِ والاستقرارِ في نفسك ، لأنك تجالسُ أساطين الشائعاتِ ، وأبطال الأراجيفِ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كلَّ يومٍ سَبْعَ مراتٍ قبل أن يصلك الموتُ ﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾.
إذاً فرجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والانزواءُ في غرفتِك إلاَّ من قولِ خيرٍ أو فعلِ خيرٍ ، حينها تجدُ قلبك عاد إليك ، فسلمَ وقتُك من الضياعٍ ، وعمرُك من الإهدارِ ، ولسانُك من الغيبةِ ، وقلبُك من القلقِ ، وأذنُك من الخنا ونفسُك من سوءِ الظنِ ، ومن جرَّب عَرَفَ ، ومن أركب نفسه مطايا الأوهامِ ، واسترسل مع العوامِ فقلْ عليه السلامُ .

zα7мт мαšнα3я
16-08-11, 01:26 am
العوض من الله



لا يسلبك الله شيئا إلاَّ عوَّضك خيراً منه ، إذا صبرْتَ واحْتَسَبْتَ ((منْ أخذتُ حبيبتيه فصبر عوَّضتُه منهما الجنة)) يعني عينيه ((من سلبتُ صفيَّهُ من أهل الدنيا ثم احتسب عوَّضْتُهُ من الجنَّة)) من فقد ابنه وصبر بُني له بَيْتُ الحمدِ في الخُلْدِ ، وقِسْ على هذا المنوالِ فإن هذا مجردُ مثال .
فلا تأسفْ على مصيبة فان الذي قدّرها عنده جنةٌ وثوابٌ وعِوضٌ وأجرٌ عظيمٌ .
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوِّهُ بهم في الفِرْدوْسِ ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .
وحق علينا أن ننظر في عِوض المصيبةِ وفي ثوابها وفي خلفها الخيِّر ﴿ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ هنيئاً للمصابين ، بشرى للمنكوبين.
إن عُمْر الدنيا قصيرٌ وكنزُها حقيرٌ ، والآخرةُ خيرٌ وأبقى فمن أُصيب هنا كُوفِئ هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، أما المتعلقون بالدُّنيا العاشقون لها الراكنون إليها ، فأشدَّ ما على قلوبهم فوت حظوظُهم منها وتنغيصُ راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظُمً عليهمُ المصائبُ وتكبرُ عندهمُ النكباتُ ؛ لأنهمْ ينظرون تحت أقدامِهم فلا يرون إلاَّ الدُّنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيءٌ وأنتمُ الرابحون ، فقد بعث لكمْ برسالةٍ بين أسطرها لُطْفٌ وعطْفٌ وثوابٌ وحُسنُ اختيار. إن على المصابِ الذي ضرب عليه سرادقُ المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ ، وما عند اللهِ خيرٌ وأبقى وأهنأ وأمرأُ وأجلُّ وأعلى .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:09 am
الإيـمـان هو الـحــيـاة

الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفسلون من كنوز الإيمان ، ومن رصيد اليقين ، فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة )ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا( لا يسعد النفس ويزكيها ويطهرها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين ، لا طعم للحياة أصلاً إلا بالإيمان .
إن الطريقة المثلى للملاحدة إن لم يؤمنوا أن يتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظلمات والدواهي ، يالها من حياة تعيسة بلا إيمان ، يالها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض )ونقلب أفدئهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ( وقد آن الأوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى أن الصنم خرافة والكفر لعنة ، والإلحاد كذبة ، وأن الرسل صادقون ، وأن الله حق له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .
وبقدر إيمانك قوة وضعفاً ، حرارة وبرودة ، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك .
(من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعود ربهم ، وثبات قلوبهم بحب باريهم ، وطهارة ضمائرهم من أوضار الانحراف ، وبرود أعصابهم أمام الحوادث ، وسكينة قلوبهم عند وقع القضاء ، ورضاهم في مواطن القدر ، لأنهم رضوا بالله ربا ن وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ورسولا.

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:10 am
إجن العسل ولا تكسر الخليه

الرفقُ ما كان في شيءٍ إلاَّ زانهُ ، وما نُزع من شيءٍ إلاَّ شانُه ، اللينُ في الخطاب
البسمةُ الرائقةُ على المحيا الكلمةُ الطيبةُ عند اللقاءِ

هذه حُلُلٌ منسوجةٌ يرتديها السعداءُ ، وهي صفاتُ المؤمِنِ كالنحلة تأكلُ طيِّباً وتصنعُ طيِّباً
، وإذا وقعتْ على زهرةٍ لا تكسرُها ؛لأنَّ الله يعطي على الرفقِ ما لا يعطي على العنفِ
إن من الناس من تشْرَئِبُّ لقدومِهِمُ الأعناقُ
وتشخصُ إلى طلعاتِهمُ الأبصارُ ،وتحييهمُ الأفئدةُ وتشيّعهُمُ الأرواحُ ،

لأنهم محبون في كلامهِم ، في أخذهم وعطائِهم ، في بيعهِم وشرائِهم ، في لقائِهم ووداعِهِم

إن اكتساب الأصدقاءِ فنٌّ مدروسٌ يجيدُهُ النبلاءُ الأبرارُ ، فهمْ محفوفون دائماً وأبداً بهالةٍ من الناسِ
، إنْ حضروا فالبِشْرُ والأنسُ ،
وإن غابوا فالسؤالُ والدعاءُ .
إنَّ هؤلاءِ السعداء لهمْ دستور أخلاقٍ عنوانُه
(( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )
فهمْ يمتصون الأحقاد بعاطِفتِهِمُ الجيّاشةِ ، وحلمِهِمُ الدافِئ ،

وصفْحِهم البريءِ ، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان ،

تمُرُّ بهمُ الكلماتُ النابيةُ فلا تلجُ آذانهم ، بل تذهبُ بعيداً هناك إلى غيرِ رجْعةٍ

. همْ في راحةٍ ، والناسُ منهمُ في أمنٍ ، والمسلمون منهمُ في سلام
(( المسلمُ من سلِم المسلمونُ من لِسانِهِ ويَدِهِ ، والمؤمنُ من أمِنَهُ الناسُ على دمائِهم وأموالِهم ))

((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ))
بشّرْ هؤلاء بثوابٍ عاجلٍ من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوءِ .
وبشرهم بثوابٍ أخرويٍّ كبيرٍ في جوارِ ربٍّ غفورٍ في جناتٍ ونَهَرٍ
((فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ))

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:10 am
﴿ أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
الصدق حبيب الله , والصراحة صابون القلوب , والتجربة برهان , والرائد لا يكذب أهله , ولم يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر ﴿ فَاذْكُرُنِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ وذكره سبحانه جنته في أرضه , من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة , وهو إنقاذ النفس من أوصابها وأتعابها واضطرابها , بل هو طريق ميسّر مختصر إلى كل فوز وفلاح . طالع دواوين الوحي لترى فوائد الذكر , وجرب مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء .
بذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم والحزن .
بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى .
ولا عجب أن يرتاح الذاكرون , فهذا هو الأصل الأصيل , لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكره ﴿أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ .
يا من شكى الأرق , وبكى من الألم , وتفجّع من الحوادث , ورمته الخطوب , هيا اهتف باسمه المقدس , ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ .
بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك , يهدأ قلبك , تسعد نفسك , يرتاح ضميرك , لأن في ذكره جل في علاه معاني التوكل عليه , والثقة به والاعتماد عليه , والرجوع إليه , وحسن الظن فيه , وانتظار الفرج منه , فهو قريب إذا دُعي ,
سميع إذا نُودي , مجيب إذا سُئل , فاضرع واخضع واخشع ,
وردد اسمه الطيب المبارك على لسانك توحيداً وثناءً ومدحاً
ودعاءً وسؤالاً واستغفاراً , وسوف تجد - بحوله وقوته –
السعادة والأمن والسرور والنور والحبور ﴿فَآتَاهُمُ الله ثَوَابِ الدنيا وحسن ثواب الآخِرَةِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:14 am
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله



الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخرا، إن الحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فسادا، و قد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم،و عدو في جلباب صديق. و قد قالوا : لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.

إنني أنهى نفسي و نفسك عن الحسد رحمة بي و بك، قبل أن نرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا، و نسقي الغم دمائنا، و نوزع نوم جفوننا على الآخرين.

إن الحاسد يشعل فرنا ساخنا ثم يقتحم فيه . التنغيص و الكدر و الهم الحاضر أمراض يولدها الحسد لتقضي على الراحة و الحياة الطيبة الجميلة. بلية الحاسد أنه خاصم القضاء، و أتهم الباري في العدل، و أساء الأدب مع الشرع، و خالف صاحب المنهج.

ياللحسد مرض لا يؤجر عليه صاحبه ، و من بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، و سوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم، كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله و تتنازل عن مواهبك ، و تلغي خصائصك، و مناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء.


فأنهاك أنهاك عن الحسد و أستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد.

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:15 am
اقبلِ الحياة كما هي
حالُ الدنيا منغصةُ اللذاتِ ، كثيرةُ التبعاتِ ، جاهمةُ المحيَّا ، كثيرةُ التلوُّنِ ، مُزِجتْ بالكدرِ ، وخُلِطتْ بالنَّكدِ ، وأنت منها في كَبَد .
ولن تجد والداً أو زوجةً ، أو صديقاً ، أو نبيلاً ، ولا مسكناً ولا وظيفةً إلاَّ وفيه ما يكدِّرُ ، وعنده ما يسوءُ أحياناً ، فأطفئ حرَّ شرِّهِ ببردِ خيْرِهِ ، لتنْجُوَ رأساً برأس ، والجروحُ قصاصٌ .
أراد اللهُ لهذه الدنيا أن تكون جامعةً للضدينِ ، والنوعين ، والفريقين ، والرأيين خيْرٍ وشرٍ ، صلاحٍ وفسادٍ ، سرورٍ وحُزْنٍ ، ثم يصفو الخَيْرُ كلُّهُ ، والصلاحُ والسرورُ في الجنةِ ، ويُجْمَعُ الشرُّ كله والفسادُ والحزنُ في النارِ . في الحديث : (( الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلا ذكرُ اللهِ وما والاهُ وعالمٌ ومتعلمٌ )) فعشْ واقعكَ ولا تسرحْ من الخيالِ ، وحلّقْ في عالمِ المثالياتِ ، اقبلْ دنياكَ كما هي ، وطوِّع نفسك لمعايشتها ومواطنتِها ، فسوف لا يصفو لك فيها صاحبٌ ، ولا يكملُ لك فيها أمرٌ ، لأنَّ الصَّفْوَ والكمال والتمام ليس من شأنها ولا منْ صفاتِها .
لن تكمل لك زوجةٌ ، وفي الحديث : (( لا يفركُ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )) .
فينبغي أنْ نسدد ونقارب ، ونعْفُوَ ونصْفحَ ، ونأخُذ ما تيسَّرَ ، ونذر ما تعسَّر ونغضَّ الطَّرْف أحياناً ، ونسددُ الخطى ، ونتغافلُ عن أمورٍ .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:15 am
تعز بأهل البلاء
تلفت يمنة ويسرة فهل ترى إلا مبتلى وهل تشاهد إلا منكوباً ، في كل دار نائحة ، وعلى كل خد دمع ، وفي كل واد بنو سعد .
كم من المصائب ، وكم من الصابرين ، فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل ، كم من مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم ويصيح من السقم .
كم من محبوس مر به سنوات ما رأى الشمس بعينه ، وما عرف غير زنزانته .
كم من رجل وامرأة فقدا فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمركم من مكروب ومدين ومصاب ومنكوب .
آن لك أن تتعز بهؤلاء ، وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجن للمؤمن ، ودار للأحزان والنكبات ، تصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها ، بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافرة ، والأولاد كثر ، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض) وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال( فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة ، وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر ، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأنه لم يأتك إلا وخزات سهلة فاحمد الله على لطفه واشكره على ما أبقى ، واحتسب ما أخذ ، وتعز بمن حولك .
ولك في الرسول r قدوة وقد وضع السلى على رأسه وأدميت قدماه وشج وجهه وحوصر في الشعب حتى أكل ورق الشجر ، وطرد من مكة ، وكسرت ثنيته ، ورمي عرض زوجته الشريف ، وقتل سبعون من أصحابه ، وفقد إبنه ، وأكثر بناته في حياته ، وربط الحجر على بطنه من الجوع ، واتهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كذاب ، صانه الله من ذلك ، وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لا أعظم منه ، وقد قتل قبل زكريا وذبح يحيى ، وهجر موسى ، ووضع الخليل في النار ، وسار الأئمة على هذا الطريق فضرج عمر بدمه ، واغتيل عثمان ، وطعن علي ، وجلدت ظهر الأئمة وسجن الأخيار ، ونكل بالأبرار (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا (

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:16 am
الصلاة 00 الصلاة

(يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة )
إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن ، وأخذ الهم بتلابيبك ، فقم حالاً إلى الصلاة ، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك ، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب .
كان r إذا حزبه أمر قال ك ط أرحنا بالصلاة يا بلال " فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته .
وقد طالعت سير قوم أفذاذ كانت إذا ضاقت بهم الضوائق ، وكشرت في وجوههم الخطوب فزعوا إلى صلاة خاشعة فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم .
إن صلاة الخوف فرضت لتؤدى في ساعة الرعب ، يوم تتطاير الجماجم ، وتسيل النفوس على شفرات السيوف ، فإذا أعظم تثبيت وأجل سكينة صلاة خاشعة .
إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد ، وأن يمرغ جبينه ليرضي ربه أولاً ، ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه ، والحزن سوف يحطم أعصابه ، وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن إلا الصلاة
من أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا ، رفع لدرجاتنا عند ربنا ، ثم هي علاج عظيم لمآسينا ودواء ناجع لأمراضنا ، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين وتملأ جوانحنا بالرضا أما أولئك الذين جانبوا المسجد وتركوا الصلاة ، فمن نكد إلا نكد ، ومن حزن إلى حزن ، ومن شقاء إلى شقاء (فتعساً لهم وأضل أعمالهم)

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:16 am
حسبنا الله ونعم الوكيل

تفويض الأمر إلى الله ، والتوكل عليه ، والثقة بوعده ، والرضا بصنيعه ، وحسن الظن به ، وانتظار الفرج منه من أعظم ثمرات الإيمان ، ومن أجل صفات المؤمنين ، وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ويعتمد على ربه في كل شأنه يجد الرعاية والولاية والكفاية والتأييد والنصرة .
لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ، ورسولنا r وأصحابه لما هددوا بجيوش الكفار وكتائب الوثنية قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) إن الإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث ، ولا يقاوم الملمات ، ولا ينازل الخطوب ، لأنه خلق ضعيفاً عاجزاً ، ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه ، ويفوض الأمر إليه ، وإلا فما حيلة هذا العبد الفقير الحقير إذا احتوته المصائب ، وأحاطت به النكبات ( وعلى الله فتوكلوا عن كنتم مؤمنين)
فيا من أراد أن ينصح نفسه : توكل على القوي الغني ذي القوة المتين ، لينقذك من الويلات ، ويخرجك من الكربات ، واجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل ، فإن قل مالك ، وكثر دينك ، وجفت مواردك ، وشحت مصادرك ، فناد حسبنا الله ونعم الوكيل .
وإذا خفت من عدو ، أو رعبت من ظالم ، او فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل .
(وكفى بربك هادياً ونصيراً)

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:17 am
قل سيروا في الأرض

مما يشرح الصدر ويزيح سحب الهم والغم ، السفر في الديار ، وقطع القفار ، والتقلب في الأرض الواسعة ، والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أقلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال ، لترى حدائق ذات بهجة ، ورياضاً أنيقة وجنات ألفافاً ، أخرج من بيتك وتأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك ، إصعد الجبال ، إهبط الأودية ، تسلق الأشجار ، عب من الماء النمير ، ضع أنفك على أغصان الياسمين ، حينها تجد روحك حرة طليقة ، كالطائر الغريد تسبح في قضاء السعادة ، أخرج من بيتك ، الق الغطاء الأسود عن عينيك ، ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكراً مسبحاً .
إن الإنزواء في الغرفة الضيقة مع الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار ، وليست غرفتك هي العالم ولست أنت كل الناس ، فلم الاستسلام أما كتائب الأحزان ، ألا فاهتف ببصرك وسمعك وقلبك : انفروا خفافاً وثقالاً ، تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل بين الطيور وهي تتلو خطب الحب ، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل .
إن الترحال في مسارب الأرض متعة يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه ، وأظلمت عليه غرفته الضيقة ، فهيا بنا نسافر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبر(ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربما ما خلقت هذا باطلاً سبحانك)

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:18 am
فصبر جميلالتحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر وبقوة إرادة وبمناعة أبية وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع ؟!
هل عندك حل لنا غير الصبر ؟ هل تعلم لنا زاداً غيره ؟كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب وميداناً تتسابق فيه النكبات كلما خرج من كربة زارته كربة أخرى ، وهو متترس بالصبر متدرع بالثقة بالله .
هكذا يفعل النبلاء ، يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضاً دخلوا على ابي بكر وهو مريض ، قالوا : ألا ندعو لك طبيباً ؟ قال : الطبيب قد رآني قالوا : فماذا قال ؟ قال : يقول : إني فعال لما أريد .
واصبر وما صبرك إلا بالله ، اصبر صبر واثق بالفرج ، عالم بحسن المصير ، طالب للأجر ، راغب في تكفير السيئات ، اصبر مهما ادلهمت الخطوب ، وأظلمت أمامك الدروب ، فإن النصر مع الصبر ، وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسراً .
قرأت سير عظماء مرواً في هذه الدنيا وذهلت لعظيم صبرهم وقوة احتمالهم ، كانت المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء باردة ، وهم في ثبات الجبال ، وفي رسوخ الحق ، فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوهم على طلائع فجر الفرج ن وفرحة الفتح ، وعصر النصر وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده ، بل نازل الكوارث ، وصاح في وجه المصائب متحدياً .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:18 am
لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك

نفر من الناس تدور في نفوسهم حرب عالمية ، وهم على فرش النوم ، فإذا وضعت الحرب أوزارها غنموا قرحة المعدة ، وضغط الدم والسكري يحترقون مع الأحداث ، يغضبون من غلاء الأسعار ، يثورون لتأخر الأمطار يحسبون كل صيحة، يضجون لانخفاض سعر العملة ، فهم في انزعاج دائم ، وقلق واصب عليهم
ونصيحتي لك أن لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك ، دع الأحداث على الأرض ولا تضعها في أمعاءك إن البعض عنده قلب كالأسفنجة يتشرب الشائعات والأراجيف ينزعج للتوافه ، يهتز للواردات ، يضطرب لكل شيء ، وهذا القلب كفيل أن يحطم صاحبه وأن يهدم كيان حامله ..
أهل المبدأ الحق تزيدهم العبر والعظات إيماناً إلى إيمانهم ، وأهل الخور تزيده الزلازل خوفاً إلى خوفهم ، وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قلب شجاع ، فإن المقدام الباسل واسع البطان ، ثابت الجأش ، راسخ اليقين ، بارد الأعصاب ، منشرح الصدر ، أما الجبان فهو يذبح نفسه كل يوم مرات بسيف التوقعات والأراجيف والأوهام والأحلام ، فإن كنت تريد الحياة المستقرة فواجه الأمور بشجاعة وجلد ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ، ولا تك في ضيق مما يمكرون ، كن أصلب من الأحداث ، وأعتى من رياح الأزمات ، وأقوى من الأعاصير ، وارحمتاه لأصحاب القلوب الضعيفة كم تهزهم الأيام هزاً ،(ولتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ) وأما الأباة فهم من الله في مدد ، وعلى الوعد في ثقة(فأنزل السكينة عليهم ) .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:23 am
لا تحطمك التوافه

كم من مهموم سبب همه أمرٌ حقير تافه لا يذكر .
انظر إلى المنافقين ، ما أسقط هممهم وما أبرد عزائمهم هذه أقوالهم : لا تنفروا في الحر ، إئذن لي ولا تفتني ، بيوتاً عورة ، نخشى أن تصيبنا دائرة ، ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً يا لخيبة هذه المعاطس يا لتعاسة هذه النفوس .
همهم البطون والصحون والدور والقصور ، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المثل ، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل هم أحدهم ومبلغ علمه : دابته وثوبه ونعله ومأدبته ، وانظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة أو الابن أو القريب أو سماع كلمة نابية أو موقف تافه . هذه مصائب هؤلاء البشر ، ليس عندهم من المقاصد العليا ما يشغلهم ، ليس عندهم من الاهتمامات الجلية ما يملأ وقتهم ، وقد قالوا : إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء ، إذا ففكر في الأمر الذي تهتم له وتغتم ، هل يستحق هذا الجهد وهذا العناء ، لأنك أعطيته من عقلك ولحمك ودمك وراحتك ووقتك ، وهذا غبن في الفقة ، وخسارة هائلة ثمنها بخس ، وعلماء النفس يقولون : أجعل لكل شيء حدا معقولاً ، وأصدق من هذا قوله تعالى : )قد جعل الله لكل شيء قدراً ( فأعط القضية حجمها ووزنها وقدرها وإياك والظلم والغلو .
هؤلاء الصحابة الأبرار همهم تحت الشجرة الوفاء بالبيعة ، فنالوا رضوان الله ، ورجل معهم أهمه جمله حتى فاته البيع فكان جزاءه الحرمان والمقت .
فاطرح التوافه والاشتغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك وعدت فرحاً مسروراً .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:23 am
إرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس

مر فيما سبق بعض معاني هذا السبب لكنني أبسطه هنا ليفهم أكثر وهو : أن عليك أن تقنع بما قسم لك من جسم ومال وولد وسكن وموهبة ، وهذا منطق القرآن ) فخذ ما إتيتك وكن من الشاكرين( إن غالب علماء السلف وأكثر الجيل الأول كانوا فقراء لم يكن لديهم أعطيات ولا مساكن بهية ، ولا مراكب ، ولا حشم، ومع ذلك أثروا الحياة وأسعدوا أنفسهم والإنسانية ، لنهم وجهوا ما آتاهم الله من خير في سبيله الصحيح فبورك لهم في أعمارهم وأوقاتهم ومواهبهم ، ويقابل هذا الصنف المبارك ملاء أعطوا من الأموال والأولاد والنعم ، فكانت سبب شقاءهم وتعاستهم ، لأنهم انحرفوا عن الفطرة السوية والمنهج الحق وهذا برهان ساطع على أن الأشياء ليست كل شيء أنظر إلى من حمل شهادات عالمية لكنه نكرة من النكرات في عطاءه وفهمه وأثره ، بينما آخرون عندهم علم محدود ، وقد جعلوا منه نهراً دافقاً بالنفع والإصلاح والعمار .
إن كنت تريد السعادة فارض بصورتك التي ركبك الله فيها ، وارض بوضعك الأسري ، وصوتك ، ومستوى فهمك ، ودخلك ، بل إن بعض المربين الزهاد يذهبون إلى أبعد من ذلك فيقولون لك : أرض بأقل مما أنت فيه وبدون ما أنت عليه .
هاك قائمة رائعة مليئة باللامعين الذين بخسوا حظوظهم الدنيوية :
عطاء بن رباح عالم الدنيا في عهده ،مولى أسود أفطس أشل مفلفل الشعر .
الأحنف بن قيس ، حليم العرب قاطبة ، نحيف الجسم ، أحدب الظهر ، أحنى الساقين ، ضعيف البنية .
الأعمش محدث الدنيا ، من الموالي ، ضعيف البصر ، فقير ذات اليد ، ممزق الثياب، رث الهيئة والمنزل .
بل الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم ، كل منهم رعي الغنم ، وكان داود حداداً و زكريا نجاراً ، وإدريس خياطاً ، وهم صفوة الناس وخير البشر .
إذا فقيمتك مواهبك ، وعملك الصالح ، ونفعك ، وخلقك فلا تأس على ما فات من جمال أو مال أو عيال ، وارض بقسمة الله )نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا(

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:24 am
ذكــر نـفـسـك بـجـنــة عــرضــهــا الســمــاوات والأرض

حقاً أو ذقت ظلماً فذكر نفسك بالنعيم ، إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعملت لهذا المصير تحولت خسائرك إلى أرباح ، وبلاياك إلى عطاك إن أعقل الناس هم الذين يعملون للآخرة لأنها خير وأبقى ، وإن أحمق وأبله هذه الخليقة هم الذين يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة ، لا ينظرون إلا إلى هذه الفاتنة ، لا يتفكرون في غيرها ولا يعلمون لسواها ، فلا يريدون أن يعكر لهم سرورهم ولا يكدر عليهم فرحهم ، ولو انهم خلعوا حجاب الران عن قلوبهم ، وغطاء الجهل عن عيونهم لحدثوا أنفسهم بدار الخلد ونعيمها ودورها وقصورها ، ولسمعوا وأنصتوا لخطاب الوحي في وصفها ، إنها والله الدار التي تستحق الاهتمام والكد والجهد .
هل تأملنا طويلاً وصف أهل الجنة بأنهم لا يمرضون ولا يحزنون ولا يموتون ،ولا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم ، في غرف يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، فيها ما لا عين رأت ن ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، يسير الراكب في شجرة من أشجارها مائة عام لا يقطعها ، طول الخيمة فيها ستون ميلاً ، أنهارها مطردة ، قصورها منيفة ، قطوفها دانية ن عيونها جارية ، سررها مرفوعة ، أكوابها موضوعة ، نمارقها مصفوفة ، زرابيها مبثوثة ، ثم سرورها ، عظم حبورها ، فاح عرفها ، عظم وصفها ، منتهى الأماني فيها ، فأين عقولنا لا تفكر ؟! ما لنا لا نتدبر ؟!
إذا كان المصير إلى هذه الدار فلتخف المصائب على المصابين ولتقر عيون المنكوبين ولتفرح قلوب المعدومين .
فيا أيها المسحوقون بالفقر ، المنهكون بالفاقة سلام)المبتلون بالمصائب ، اعملوا صالحاً لتسكنوا جنة الله وتجاوروه تقدست أسماؤه(عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ..

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 12:25 am
( وكذلك جعلنكم أمة وسطا (

العدل مطلب عقلي وشرعي ، لا غلو ولا جفاء ، لا إفراط ولا تفريط ، ومن أراد السعادة فعليه أن يضبط عواطفه ، واندفاعاته ، وليكن عادلاً في رضاه وغضبه وسروره وحزنه ، لأن الشطط والمبالغة في التعامل مع الأحداث ظلم للنفس ، وما أحسن الوسطية ، فإن الشرع نزل بالميزان ، والحياة قامت على القسط ، ومن أتعب الناس من طاوع هواه ، واستسلم لعواطفه وميولاته ، حينها تتضخم عنده الحوادث ، وتظلم لديه الزوايا ، وتقوم في قلبه معارك ضارية من الأحقاد والدخائل والضغائن ، لأنه يعيش في أوهام وخيالات ، حتى إن بعضهم يتصور أن الجميع ضده ، وأن الآخرين يحبكون مؤامرة لإبادته ، وتملي عليه وساوسه أن الدنيا له بالمرصاد ، فلذلك يعيش في سحب من الخوف والهم والغم .
إن الإرجاف ممنوع شرعاً ، رخيص طبعاً ، ولا يمارسه إلا أناس مفلسون من القيم الحية والمبادئ الربانية

يحسبون كل صيحة عليهم
أجلس قلبك على كرسيه ، فأكثر ما يخاف لا يكون ولك قبل وقوع ما تخاف وقوعه أن تقدر أسوأ الاحتمالات ، ثم وتوطن نفسك على تقبل هذا الأسوأ ، حينها تنجو من التكهنات الجائرة التي تمزق القلب قبل أن يقع الحدث فيبقى .
فيا أيها العاقل النابه أعط كل شيء حجمه ، ولا تضخم الأحداث والمواقف والقضايا ، بل اقتصد واعدل ولا تجر ، ولا تذهب مع الوهم الزائف ، والسراب الخادع ، اسمع ميزان الحب والبغض في الحديث : " أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما "  عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير واله غفور رحيم
إن كثيراً من التخويفات والأرجيف لا حقيقة له .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:06 am
الحزن ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً


فالحزن منهي عنه ، في قوله تعالى (ولا تحزن عليهم( وقوله: ) ولا تهنوا ولا تحزنوا ) في غير موضع و قوله )لا تحزن إن الله معنا (والمنفي كقوله : ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . فالحزن خمود لجذوة الطلب ، وهمود لروح الهمة ، وبرود في النفس ، وهو حمى تشل جسم الحياة
وسر ذلك : أن الحزن موقف غير مسير ، ولا مصلحة فيه للقلب ، وأحب شيء إلىالشيطان : أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره ، ويوقفه عن سلوكه ، قال الله تعالى : الثلاثة : " انما النجوى من الشيطان ليحزن اللذين آمنوا ) ونهى النبي الثلاثه "أن يتناجى اثنان دون الثالث ، لأن ذلك يحزنه " وحزن المؤمن غير مطلوب ولا مرغوب فيه ، لأنه منالأذى الذي يصيب النفس ، وقد طلب من المسلم طرده وعدم الاستسلام له ، ودحضه وردهومقاومته ومغالبته ، بالوسائل المشروعة .
فالحزن ليس بمطلوب ، ولا مقصود ن ولافائدة فيه وقد استعاذ منه النبيفقال " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن " فهو قرين الهم ، والفرق بينهما : أن المكروه الذي يرد على القلب إن كان لما يستقبلأورثه الهم ، وإن كان لما مضى أورثه الحزن ، وكلاهما مضعف للقلب عن السير ، مفترللعزم .
والحزن تكدير للحياة وتنغيص للعيش ، وهو مصل سام للروح ، يورثها الفتوروالنكد والحيرة ، ويصيبها بوجوم قاتم متذبل أمام الجمال ، فتهوي عند الحسن ،وتنطفىء عند مباهج الحياة ، فتحتسي كأس الشؤم والحرة والألم .
ولكن نزول منزلته ضروري بحسب الواقع، ولهذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها) الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن): فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن ، كما يصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم فإذا حل الحزن وليس للنفس فيه حلية ، وليس لها فياستجلابه سبيل ، فهي مأجورة على ما أصابها ، لأنه نوع من المصائب ، فعلى العبد أنيدافعه إذا نزل بالأدعية والوسائل الحية الكفيلة بطرده .
وأما قوله تعالى) : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيضمن الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون( فلم يمدحوا على نفس الحزن ، وإنما مدحوا على ما دل عليه الحزنمن قوة إيمانهم حيث تخلفوا عن رسول الله
لعجزهم عن النفقة ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم ، بل غبطوا أنفسهم به .



فإن الحزن المحمود إن حمد بعد وقوعه - وهو ما كان سببه فوت طاعة ، أو وقوع معصية - فإن حزن العبد على تقصيره مع ربه وتفريطه في جنب مولاه : دليل على حياته وقبوله الهداية ، ونوره وهدايته .
أما قوله في الحديث الصحيح : " ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا حزن ، إلا كفر الله به من خطاياه " فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد ، يكفر بها من سيئاته ، ولا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه فليس للعبد أن يطلب الحزن ويستدعيه ويظن أنه عبادة ، وأن الشارع حث عليه ، أو أمر به ، أو رضيه ، أو شرعه لعباده ، ولو كان هذا صحيحاً لقطع حياته بالأحزان ، وصرفها بالهموم كيف وصدره منشرح ووجه باسم ، وقلبه راض ، وهو متواصل السرور ؟‍
وأما حديث هند بن أبي هالة ، في صفة النبي" انه كان متواصل الأحزان " فحديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف ، وهو خلاف واقعة وحالة صلى الله عليه وسلم .
وكيف يكون متواصل الأحزان ، وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها ، ونهاه عن الحزن على الكفار ، وغفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر ؟‍فمن أين يأتيه الحزن ؟ّ وكيف يصل إلى قلبه ؟‍ومن أي الطرق ينساب إلى فؤاده ، وهو معمور بالذكر ، ريان بالاستقامة ، فياض بالهداية الربانية ، مطمئن بوعد الله راض بأحكامه وأفعاله ؟‍بل كان دائم البشر ، ضحوك السن ، كما في صفته " الضحوك القتال " ، صلوات الله وسلامه عليه ومن عاض في أخباره ودقق في أعماق ودقق في أعماق حياته واستجلى أيامه ، عرف أنه جاء لإزهاق الباطل ودحض القلق والهم والغم والحزن ، وتحرير النفوس من استعمار الشبه والشكوك والشرك والحيرة والاضطراب ، وإنقاذها من مهاوي المهالك ، فلله كم له على البشر من منن .
وأما الخبر المروي :" إن لله يحب كل قلب حزين " ، فلا يعرف إسناده ، ولا من رواه ولا نعلم صحته وكيف يكون هذا صحيحاً ، وقد جاءت الملة بخلافة ، والشرع بنقضه ؟‍وعلى تقدير صحته : فالحزن مصيبة من المصائب التي يبتلي الله بها عبده ، فإذا ابتلي به العبد فصبر عليه ، أحب صبره على بلائه والذين مدحوا الحزن وأشادوا به ونسبوا إلى الشرع الأمر به وتحبيذه ، أخطئوا في ذلك ، بل ما ورد إلا النهي عنه ،والأمر بضده ، من الفرح برحمة الله تعالى وبفضله وبما أنزل على رسول الله والسرور بهداية الله والانشراح بهذا الخير المبارك الذي نزل من السماء على قلوب الأولياء .
وأما الأثر الآخر : " إذا أحب الله عبداً نصب في قلبه نائحة ، وإذا أبغض عبداً جعل في قلبه مزماراً " فأثر إسرائيلي ، قيل : إنه في التوارة . وله معنى صحيح ، فإن المؤمن حزين على ذنوبه ، والفاجر لاهٍ لاعب ، مترنم فرح . وإذا حصل كسر في قلوب الصالحين فإنما هو لما فاتهم من الخيرات ، وقصروا فيه من بلوغ الدرجات ، وارتكبوه من السيئات خلاف حزن العصاة ، فإنه على فوت الدنيا وشهواتها وملاذها ومكاسبها وأغراضها فهمهم وغمهم وحزنهم لها ، ومن أجلها وفي سبيلها .
وأما قوله تعالى عن نبيه اسرائيل: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) فهو إخبار عن حاله بمصابه بفقد ولده وحبيبه ، وأنه ابتلاه بذلك كما ابتلاه بالتفريق بينه وبينه ومجرد الإخبار عن الشيء لا يدل عن استحسانه ولا على الأمر به و لا الحث عليه ، بل أمرنا أن نستعيذ بالله من الزن ، فإنه سحابة ثقيلة وليل جاثم طويل ، وعائق في طريق السائر إلى معالى الأمور .
وأجمع أرباب السلوك على أن حزن الدنيا غير محمود ، إلا أبا عثمان الجبري ، فإنه قال : الحزن بكل وجه فضيلة ، وزيادة للمؤمن ، ما لم يكن بسبب معصية قال : لأنه إن لم يوجب تخصيصاً ، فإنه يوجب تمحيصاً.
فيقال : لا ريب أنه محنة وبلاء من الله ، بمنزلة المرض والهم والغم وأما أنه من منازل الطريق، فلا .
فعليك بجلب السرور واستدعاء الانشراح ، وسؤال الله الحياة الطيبة والعيشة الرضية ، وصفاء الخاطر ، ورحابة البال ، فإنه نعم عاجلة ، حتى قال بعضهم : إن في الدنيا جنة ، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .
والله المسؤول وحده أن يشرح صدورنا بنور اليقين ، ويهدي قلوبنا لصراطة المستقيم ، وأن ينقذنا من حياة الضنك والضيق .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:07 am
وقــفــة

هيا نهتف نحن وإياك بهذا الدعاء الحار الصادق فإنه لكشف الكرب والهم والحزن :
"لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله غلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ، يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث "
" اللهم رحمتك أرجو ،فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت "
" استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه "
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "
" اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكم أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي "
" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال "
" حسبنا الله ونعم والوكيل "

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:10 am
ابـتــسم

الضحك المعتدل بلسم للهموم ومرهمللأحزان ، وله قوة عجيبة في فرح الروح ، وجذل القلب ، حتى قال أبو الدرداء : إنييضحك أحياناً حتى تبدو نواجذه ،rلأنصحك حتى يكون إجماماً لقلبي وكان اكرم الناسوهذا ضحك العقلاء البصراء بداء النفس ودواءها .
والضحك ذروة الإنشراح وقمةالراحة ونهاية الانبساط ولكنه ضحك بلا إسراف : ط لا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك(فتبسم ضاحكاً من قولها)تميت القلب " ولكن التوسط : وتبسمك في وجه أخيك صدقة ، ومن نعيم(فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون)وليس ضحك الاستهزاء والسخرية : (فاليوم الذين أمنوا من الكفار يضحكون)أهل الجنة الضحك :
وكانت العرب تمدحضحوك السن ، وتجعله دليلاً على سعة النفس وجودة الكف ، وسخاوة الطبع ، وكرم السجايا، ونداوة الخاطر :
ضحوك السن يطرب للعطايا **** ويفرح إن تعرض بالسؤال
وقالزهير في "هرم" :
تراه إذا ما جئته متهللاً **** كأنك تعطيه الذي أنت سائله
والحقيقة أن الإسلام بني على الوسطية والاعتدال في العقائد والعبادات والأخلاقوالسلوك ، فلا عبوس مخيف قاتم ، ولا قهقهة مستمرة عابثة ، لكنه جد وقور ، وخفة روحواثقة .
يقوم أبو تمام :
نفسي فداء أبي علي إنه **** صبح المؤمل كوكبالمتأمل
فكه يجم الجد أحياناً وقد **** ينضو ويهزل عيش من لم يهزل
إنثم)انقباض الوجه والعبوس علامة على تذمر النفس ، وغليان الخاطر ، وتعكر المزاج : (عبس وبسر
وجوهم من سواد الكبر عابسة **** كأنما أوردوا غصباً إلى النار
ليسوا كقوم إذا لاقيتهم عرضاً **** مثل النجوم التي يسري بها الساري
"

ولوأن تلقى أخاك بوجه طلق "
يقول أحمد أمين في " فيض الخاطر " : " ليس المبتسمونللحياة أسعد حالاً لأنفسهم فقط ، بل هو كذلك أقدر على العمل ، وأكثر احتمالاًللمسؤولية ، وأصلح لمواجهة الشدائد ومعالجة الصعاب ، والإتيان بعظائم الأمور إليتنفعهم وتنفع الناس .
لو خيرت بين مال كثير أو منصب خطير ، وبين نفس راضيةباسمة ، لاخترت الثانية ، فما المال مع العبوس؟! وما المنصب مع انقباض النفس ؟! وماكل ما في الحياة إذا كان صاحبه ضيقاً حرجاً كأنه عائد من جنازة حبيب ؟! وما جمالالزوجة إذا عبست وقلبت بيتها جحيماً ؟! لخير منها - ألف مرة - زوجة لم تبلغ مبلغهافي الجمال وجعلت بيتها جنة .
ولا قيمة للبسمة الظاهرة إلا إذا كانت منبعثة ممايعتري طبيعة الإنسان من شذوذ ، فالزهر باسم والغابات باسمة ، والبحار والأنهاروالسماء والنجوم والطيور كلها باسمة وكان الإنسان بطبعه باسماً في نغمات الطبيعةالمنسجمة ومن أجل هذا لا يرى الجمال من عبست نفسه ، ولا يرى الحقيقة من تدنس قلبه ،فكل إنسان يرى الدنيا من خلال عمله وفكره وبواعثه فإذا كان العمل طيباً والفكرنظيفاً والبواعث طاهرة ، كان منظاره الذي يرى به الدنيا نقياً فرأى الدنيا جميلةكما خلقت ، وإلا تغبش منظاره ، واسود زجاجه ، فرأى كل شيء أسود مغبشاً .
هناكنفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء شقاء ، ونفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء سعادة ، هناكالمرأة في البيت لا تقع عينها إلا على الخطأ ، فاليوم أسود ، لأن طبقاً كسر ، ولأننوعاً من الطعام زاد الطاهي في ملحه ، أو لأنها عثرت على قطعة من الورق في الحجرة ،فتهيج وتسب ، ويتعدى السباب إلى كل من في البيت ، وإذا هو شعلة من نار ، وهناك رجلينغص على نفسه وعلى من حوله ، من كلمة يسمعها أو يؤولها تأويلاً سيئاً ، أو من عملتافه حدث له ، أو حدث منه ، أو من ربح خسره ، أو من ربح كان ينتظره فلم يحدث ، أونحو ذلك ، فإذا الدنيا كلها سوداء في نظره ، ثم هو يسودها على من حوله هؤلاء عندهمقدرة على المبالغة في الشر ، فيجعلون من الحبة قبة ، ومن البذرة شجرة ، وليس عندهمقدرة على الخير ، فلا يفرحون بما أوتوا ولو كثيراً ، ولا ينعمون بما نالوا ولوعظيماً .
الحياة فن ، وفن يتعلم ، ولخير للإنسان أن يجد في وضع الأزهاروالرياحين والحب في حياته ، من أن يجد في تكديس المال في جيبه أو في مصرفه ماالحياة إذا وجهت كل الجهود فيها لجمع المال ، ولم يوجه أي جهد لترقية جانب الجمالوالرحمة والحب فيها ؟! .
أكثر الناس لا يفتحون أعينهم لمباهج الحياة ، وإنمايفتحونها للدرهم والدينار ، يمرون على الحديقة الغناء والأزهار الجميلة والماءالمتدفق والطيور المغردة ، فلا يأبهون لها ، وغنما يأبهون لدينار يأتي ودينار يخرجقد كان الدينار وسيلة للعيشة السعيدة ، فقلبوا الوضع وباعوا العيشة السعيدة ،فقلبوا الوضع وباعوا العيشة السعيدة من أجل الدينار ، وقد ركبت فينا العيون لنظرالجمال ، فعودناها ألا تنظر إلا إلى الدينار .
ليس يعبس النفس والوجه كاليأس ،فإن أردت الابتسام فحارب اليأس إن الفرصة سانحة لك وللناس ، والنجاح مفتوح بابه لكوللناس ن فعود عقلك تفتح الأمل وتوقع الخير في المستقبل .
إذا اعتقدت أنك مخلوقللصغير من الأمور لم تبلغ في الحياة إلا الصغير ، وإذا اعتقدت أنك مخلوق لعظائمالأمور شعرت بهمة تكسر الحدود والحواجز ، وتنفذ منها إلى الساحة الفسيحة والغرضالأسمى ، ومصداق ذلك حادث في الحياة المادية ، فمن دخل مسابقة مائة متر شعر بالتعبإذا هو قطعها ، ومن دخل مسابقة أربعمائة متر لم يشعر بالتعب من المائة والمائتينفالنفس تعطيك من الهمة بقدر ما تحدد من الغرض ، حدد غرضك ، وليكن سامياً صعب المنال، ولكن لا عليك في ذلك ما دمت كل يومتخطو إليه خطواً جديداً إنما يصد النفسويعبسها ويجعلها في سجن مظلم : اليأس وفقدان الأمل ، والعيشة السيئة برؤية الشرور ،والبحث عن معايب الناس والتشدق بالحديث عن سيئات العالم لا غير .
وليس يوفقالإنسان في شيء كما يوفق إلى مرب ينمي ملكاته الطبيعية ، ويعادل بينها ويوسع أفقه ،ويعوده السماحة وسعة الصدر ، ويعلمه أن خير غرض يسعى إليه أن يكون مصدر خير للناسبقدر ما يستطيع ، وأن تكون نفسه شمساً مشعة للضوء والحب والخير ، وأن يكون قلبهمملوءاً عطفاً وبراً وإنسانية ، وحباً لإيصال الخير لكل من اتصل به .
النفسالباسمة ترى الصعاب فيلذها التغلب عليها ، تنظرها فتبسم ، وتعالجها فتبسم ، وتتغلبعليها فتبسم ، والنفس العابسة لا ترى صعاباً فتخلفها ، وإذا رأتها أكبرتها واستصغرتهمتها وتعللت لو وإذا وإن وما الدهر الذي يلعنه إلا مزاجه وتربيته ، إنه يود النجاحفي الحياة ولا يريد أن يدفع ثمنه ، إنه يرى في كل طريق أسداً رابضاً، إنه ينتظر حتىتمطر السماء ذهباً أو تنشق الأرض عن كنز .
إن الصعاب في الحياة أمور نسبية ،فكل شيء صعب جداً عند النفس الصغيرة جداً ، ولا صعوبة عظيمة عند النفس العظيمةوبينما النفس العظيمة تزداد عظمة بمغالبة الصعاب إذا بالنفوس الهزيلة تزداد سقماًبالفرار منها وإنما الصعاب كالكلب العقور ، إذا رءاك خفت منه وجريت ، نبحك وعداوراءك ، وإذا رءاك تهزأ به ولا تعيره اهتماماً وتبرق له عينيك أفسح الطريق لكوانكمش في جلده منك .
ثم لا شيء أقتل من شعورها بضعتها وصغر شأنها وقلة قيمتها، وأنها لا يمكن أن يصدر عنها عمل عظيم ، ولا ينتظر منها خير كبير . هذا الشعوربالضعة يفقد الإنسان الثقة بنفسه والإيمان بقوتها ، فإذا أقدم على عمل ارتاب فيمقدرته وفي إمكان نجاحه ، وعالجه بفتور ففشل فيه الثقة بالنفس فضيلة كبرى عليهاعماد النجاح في الحياة ، وشتان بينها وبين الغرور الذي يعد رذيلة ، والفرق بينهماأن الغرور اعتماد النفس على الخيال وعلى الكبر الزائف ، والثقة بالنفس اعتمادها علىمقدرتها على تحمل المسؤولية وعلى تقوية ملكاتها وتحسين استعدادها .
يقول إيلياأبو ماضي :
قال : " السماء كئيبة !"وتجهما **** قلت : ابتسم يكفي التجهنم فيالسما!
قال : الصبا ولى ! فقلت له : ابتسم **** لن يرجع الأسف الصبا المنصرما!
قال : التي كانت سمائي في الهوى **** صارة لنفسي في الغرام جهنما
خانتعهودي بعدما ملكتها **** قلبي ، فكيف أطيق أن أتبسما!
قلت : ابتسم و اطرب فلوقارنتها **** قضيت عمرك كله متألماً !
قال : التجارة في صراع هائل **** مثلالمسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسئلولة محتاجة **** لدم وتنفث كلما لهثت دما !
قلت : ابتسم ما أنت جالب دائها **** وشفائها ، فإذا ابتسمت فربما
أيكونغيرك مجرماً ، وتبيت في **** وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟
قال : العدى حولي علتصيحاتهم **** أأسر والأعداء حولي في الحمى ؟
قلت : ابتسم ، لم يطلبوك بذمهم **** لو لم تكن منهم أجل وأعظما !
قال : المواسم قد بدت أعلامها **** وتعرضت ليفي الملابس والدمي
وعلي للأحباب فرض لازم **** لكن كفى ليس تملك درهما
قلت : ابتسم : يكيفيك أنك لم تزل **** حياً ، ولست من الأحبة معدما!
قال : اللياليجرعتني علقماً **** قلت : ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنماً **** طرح الكآبة جانباً وترنما
أتراك تغنم بالتبرم درهماً **** أم أنت تخسربالبشاشة مغنما ؟
يا صاح ، لا خطر على شفتيك أن **** تتثلما ، والوجه أن يتحطما
فاضحك فغن الشهب تضحك والدجى **** متلاطم ولذا نحب الأنجما !
قال : البشاشةليس تسعد كائناً **** يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت : ابتسم ما دام بينكوالردى **** شبر ، فإنك بعد لن تتبسما .
ما أحوجنا إلى البسمة وطلاقة الوجه ،وانشراح الصدر وأريحية الخلق ، ولطف الروح ولين الجانب ، " إن الله أوحى إلي أنتواضعوا ، حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد "

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:10 am
وقــفــه

لا تحزن : لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئاً ، رسب ابنك فحزنت ، فهل نجح ؟! مات ولدك فحزني فهل عاد حيا؟! خسرت تجارتك فحزنت ، فهل عادت الخسائر أرباحاً ؟!
لا تحزن : لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب ، وحزنت من الفقر فازددت نكداً ، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك ، وحزنت من توقع مكروه فما وقع .
لا تحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة ، ولا زوجة حسناء ، ولا مال وفير ، ولا منصب سام ، ولا أولاد نجباء .
لا تحزن : لأن الحزن يريك الماء الزلال علقماً ، والوردة حنظلة والحديقة الصحراء قاحلة ، والحياة سجناً لا يطاق .
لا تحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ، ويدان ورجلان ولسان ، وجنان و أمن وأمان ، وعافية في الأبدان (فبأى ألاء ربكما تكذبان ):
لا تحزن : ولك دين تعتقده ، وبيت تسكنه ، وخبز تأكله ، وماء تشربه ، وثوب تلبسه ، وزوجة تأوي إليها ، فلماذا تحزن ؟!

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:13 am
نعمة الألم

الألم ليس مذموماً دائماً ولا مكروهاً أبداً ، فقد يكون خيراً للعبد أن يتألم
إن الدعاء الحار يأتي مع الألم ، والتسبيح الصادق يصاحب الألم ، وتألم الطالب زمن التحصيل وحمله لأعباء الطلب يثمر عالماً جهبذاً ، لأنه احترق في البداية فأشرق في النهاية وتألم الشاعر ومعاناته لما يقول تنتج أدباً مؤثراً خلاباً ، لأنه انقدح مع الألم من القلب والعصب والدم فهز المشاعر وحرك الأفئدة ومعاناة الكاتب تخرج نتاجاً حياً جذاباً يمور بالعبر والصور والذكريات .
إن الطالب الذي عاش حياة الدعة والراحة ولم تلذعه الأزمات ولم تكوه الملمات ، إن هذا الطالب يبقى كسولاً مترهلاً فاتراً .
وإن الشاعر الذي ما عرف الألم ولا ذاق المر ولا تجرع الغصص تبقى قصائده ركاماً من رخيص الحديث ، وكتلا ًمن زبد الفول ، لأن قصائده خرجت من لسانه ولم تخرج من وجدانه ، وتلفظ بها فمه ولم يعشها قلبه وجوانحه .
وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع : حياة المؤمنين الأولين الذين عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة ، وبداية البعث ، فإنهم أعظم إيمانهم ، وأبر قلوباً ، وأصدق لهجة ، وأعمق علماً ، لأنهم عاشوا الألم والمعاناة : ألم الجوع والفقر التشريد ، والأذى والطرد والإبعاد ، وفراق المألوفات ، وهجر المرغوبات ، وألم الجراح ، والقتل والتعذيب ، فكانوا بحق الصفوة الصافية ، والثلة المجتباة ، آيات في الطهر ، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولاوأعلاماً في النبل ، ورموزاً في التضحية ، مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئاً يغيط الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين
وفي عالم الدنيا أناس قدموا أروع نتاجهم ، لأنهم تألموا ، فالمتنبي وعكته الحمى فأنشد رائعته :
وزائرتي كأن بها حياءً **** فليس تزور إلا في الظلام
والنابغة خوفه النعمان بن المنذر بالقتل ، فقدم للناس :
فإنك شمس والملوك كواكب **** إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
وكثير أولئك الذين آثروا الحياة ، لأنهم تألموا .
إذن فلا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة ، فربما كانت قوة لك ومتاعاً إلى حين ، فإنك إن تعش مشبوب الفؤاد محروق الجوى ملذوع النفس أرق وأصفى من أن تعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين النفس ،
ذكرت بهذا شاعراً عاش المعاناة والأسى وألم الفراق ، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في قصيدة بديعة الحسن ، ذائعة الشهرة ، بعيدة عن التكلف والتزويق : إنه مالك بن الريب ، يرثي نفسه :
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى **** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
فلله دري يوم أترك طائعا **** بني بأعلى الرقمتين وماليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا **** برابية إني مقيم لياليا
أقيما علي اليوم أو بعض ليلة **** ولا تعجلاني قد تبين ما بيا
و بأطراف الأسنة مضجعي **** وردا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما **** من الأرض ذات العرض أن توسع ليا
إلى آخر ذاك الصوت المتهدج ، والعويل الثاكل ، والصرخة المفجوعة التي ثارت حمماً من قلب هذا الشاعر المفجوع بنفسه المصاب في حياته .
إن الوعظ المحترق تصل كلماته إلى شغاف فعلم ما في قلوبهمالقلوب ، وتغوص في أعماق الروح ، لأنه يعيش الألم والمعاناة ، فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً
لا تعذل المشتاق في أشواقه **** حتى يكون حشاك في أحشائه
لقد رأيت دواوين لشعراء ولكنها باردة لا حياة فيها ولا روح ، لأنهم قالوها بلا عناء ، نظموها في رخاء ، فجاءت قطعاً من الثلج وكتلا من الطين
ورأيت مصنفات في الوعظ لا تهز في السمع شعرة ، ولا تحرك في المنصت ذرة ، يقولون بأفواههم ما ليس فيلأنهم يقولونها بلا حرقة ولا لوعة ولا ألم ولا معاناة قلوبهم
فإذا أردت أن تؤثر بكلامك أو بشعرك ، فاحترق به أنت قبل ، وتأثر به ،) وذقه وتفاعل معه، وسوف ترى أنك تؤثر في الناس
فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج)

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:15 am
نعمة المعرفة

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ .
الجهلُ موتٌ للضميرِ وذَبْحٌ للحياةِ ، ومَحْقٌ للعمرِ ﴿ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ .
والعلمُ نورٌ البصيرة ، وحياةٌ للروحِ ، ووَقُودٌ للطبعِ ، ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ﴾ .
إنَّ السرورَ والانشراحَ يأتي معَ العلم ، لأنّ العلمَ عثورٌ على الغامضِ ، وحصولٌ على الضَّالَّة ، واكتشافٌ للمستورِ ، والنفسُ مُولَعةٌ بمعرفةِ الجديدِ والاطلاعِ على المُسْتَطْرَفِ .
أمَّا الجهلُ فهوَ مَلَلٌ وحُزْنٌ ، لأنه حياةٌ لا جديدَ فيها ولا طريفَ ، و لا مستعذَباً ، أمسِ كاليومِ ، واليومَ كالغدِ .
فإنْ كنتَ تريدُ السعادةَ فاطلبِ العلمَ وابحثْ عن المعرفةِ وحصِّل الفوائدَ ، لتذهبَ عنكَ الغمومُ والهمومُ والأحزانُ ، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ ، ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ . ((من يردِ اللهُ به خيراً يفقِّههُ في الدينِ )). ولا يفخرْ أحدٌ بمالِهِ أو بجاهِهِ ، وهو جاهلٌ صفْرٌ من المعرفةِ ، فإنَّ حياتَه ليستْ تامَّةً وعمرُه ليس كاملاً : ﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴾ .
قال الزمخشريُّ :
سهري لتنقيحِ العلومِ ألذُّ لي
مِنَ وَصْلِ غانيةٍ وطيِبِ عنِاقِ
وتمايُلي طرَباً لحلِّ عويصةٍ
أشهى وأحلى من مُدامةِ ساقي
وصريرُ أقلامي على أوراقها
أحلى من الدَّوْكاءِ والعشَّاقِ
وألذُّ من نقرِ الفتاةِ لدُفِّها
نقري لأُلقي الرملَ عن أوراقي
يا مَنْ يحاول بالأماني رُتْبتي
كمْ بين مُسْتَغْلٍ وآخرَ راقي
أأبيتُ سهران الدُّجى وتبيتهُ

نوماً وتبغي بعدَ ذاكَ لحِاقي
ما أشرفَ المعرفة ، وما أفرحَ النفسَ بها ، وما أثلجَ الصدرَ ببرْدها ، وما أرحبَ الخاطرَ بنزولها ، ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:50 am
فن السرور

من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن فيسروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا : إن السرور فن يدرس ، فمنعرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ، والنعمالتي من بين يديه ومن خلفه .
والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ، فلايهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه وبحسب قوة القلب وصفائهتشرق النفس .
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم والغموموالحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه الأزمات .
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا **** فأهون ما تمر به الوحول
ومن أعداء السرورضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ،والله قد وصف أعداءه بأنهم (أهمتهم أنفسهم( فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين إن عليوعليك أن نتشاغل عن أنفسنا أحياناً ، ونبتعد عن ذواتنا أزماناً لننسي جراحناوغمومنا وأحزاننا ، فنكسب أمرين : إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين .
من الأصولفي فن السرور : أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش ن فإنك إنتركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ، وأعاد عليك ملف الأحزان ، وقرأ عليك المآسي منذ ولدتكأمك . إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف ، فزلزل وهز كيانك)وأحرق مشاعرك ، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد (وتوكل على الحى الذي لا يموت( .




ومن الأصول أيضاً في دراسة السرور : أن تعطي الحياةقيمتها ، وأن تنزلها منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود ،لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها ،ويحزن على ما فات منها صفوها كدر ، وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ، مولودهامفقود ، سيدها محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف غدرها . أبني أبينا نحنأهل منازل **** أبداً غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر **** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الجبابرة الأكاسرة الألى **** كنزوا الكنوز فلابقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بعيشه **** حتى ثوى فحواه لحد ضيق
خرسإذا نودوا كأن لم يعلموا **** أن الكلام لهم حلال مطلق
وفي الحديث : " إنماالعلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم "
وفي فن الآداب : وإنما السرور باصطناعهواجتلاب بسمته ، واقتناص أسبابه ، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعاً .
إن الحياةالدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم
حكم المنية في البرية جاري **** ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا ترى الإنسان فيها مخبراً **** ألفيته خبراًمن الأخبار
طبعت على كدر ، وأنت تريدها **** صفواً من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها **** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيلفإنما **** تبني الرجاء على شفير هار
والعيش نوم والمنية يقظة **** والمرءبينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما **** أعماركم سفر من الأسفار
وتركضوا خيل الشباب وبادروا **** أن تسترد فإنهن عوار
ليس الزمان وإن حرصتمسالماً **** طبع الزمان عداوة الأحرار
والحقيقة التي لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا (لقد خلقنا الانسان في كبد ) ,(نا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه),(ليبلوكم ايكم احسن عملا ) ولكن المقصود ان تخفف من حزنك وهمك وغمك اما قطع الحزن بالكليه فهذا في جنات النعيم ولذلك يقول المنعمون في الجنة (الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن )وهذا دليل على انه لم يذهب عنه الا هناك كما ان كل الغل لا يذهب الا بالجنه(ونزعنا ما في صدورهم من غل ), فمن عرف حالة


الدنيا وصفتها ، عذرها على صدودها وجفائها وغدرهاوعلم أن هذا طبعها وخلقها ووصفها .
حلفت لنا أن لا تخون عهودنا **** فكأنهاحلفت لنا أن لا تفي
فإذا كان الحال ما وصفنا والأمر كما ذكرنا ، فحري بالأريبالنابه أن لا يعينها على نفسه ، بالاستسلام للكدر والهم والغم والحزن ، بل يدافع هذه المنغصات بكل ما اوتي من قوه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ,(فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ).

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 01:51 am
وقفــة

لا تحزن : إن كنت فقيراً فغيرك محبوس في دين ، وإن كنت لا تملك وسيلة نقل ، فسواك مبتور القدمين ، وإن كنت تشكو من آلام فالآخرون مرقدون على الأسرة البيضاء ومن سنوات ، وإن فقدت ولداً فسواك فقد عدداً من الأولاد في حادث واحد .
لا تحزن : لأنك مسلم آمنت بالله وبرسله وملائكته واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره ، وأولئك كفروا بالرب وكذبوا الرسل واختلفوا في الكتاب ، وجحدوا اليوم الآخر ، وألحدوا في القضاء والقدر .
لا تحزن : إن أذنبت فتب ، وإن أسأت فاستغفر ، وإن أخطأت فأصلح ، فالرحمة واسعة ، والباب مفتوح ، والغفران جم ، والتوبة مقبولة .
لا تحزن : لأنك تقلق أعصابك ، وتهز كيانك وتتعب قلبك ، وتقض مضجعك ، وتسهر ليلك .
قال الشاعر :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى **** ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها **** فرجت وكان يظنها لا تفرج

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 02:02 am
ضــبــط الـعــواطــف

تتأجج العواطف وتعصف المشاعر عند سببين : عند الفرحة الغامرة ، والمصيبة الداهمة ، وفي الحديث :"اني نهيت عن صوتين احمقين فاجرين :صوت عند نعمه وصوت عند مصيبه ".(إنما الصبر عند الصدمة الاولى )
فمن ملك مشاعره عند الحدث الجاثم وعند الفرح الغامر ، استحق مرتبة الثبات ومنزلة الرسوخ ، ونال سعادة الراحة ، ولذة الانتصار على النفس ، والله جل في علاه وصف الإنسان بأنه فرح فخور ، وإذا مسه الشر جزوعاً ، وإذا مسه الخير منوعاً ، إلا المصلين فهم على وسطية في الفرح والجزع ، يشكرون في الرخاء ويصبرون في البلاء .
إن العواطف الهائجة تتعب صاحبها أيما تعب ، وتعنيه وتؤلمه وتؤرقه ، فإذا غضب احتد وأزبد وأرعد وتوعد وثارت مكامن نفسه ، والتهبت حشاشته ، فيتجاوز العدل ، وإن فرح طرب وطاش ، ونسي محاسنه وطمس فضائله ، وإذا أحب آخر خلع عليه أوسمة التبجيل وأوصله إلى ذروة الكمال وفي الأثر : " أحبب حبيبك هونا ما ، فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوناً ما ، فعسى أن يكون حبيبك يوما ما " وفي الحديث : " وأسالك العدل في الغضب والرضا "
فمن ملك عاطفته وحكم عقله ، ووزن الأشياء وجعل لكل شئ قدرا أبصر الحق وعرف الرشد ووقع على الحقيقة ،( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ). إن الاسلام جاء بميزان القيم والأخلاق والسلوك مثلما جاء بالنهج السوي والشرع الرضي والملة المقدسة(وكذلك جعلناكم أمة وسطا ). فالعدل مطلب ملح في المثل مثلما هو مطلوب في الأحكام فإن الدين بني على الصدق والعدل ,الصدق في الأخبار ، والعدل في الأحكام والأقوال والأفعال والأخلاق )وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً(

zα7мт мαšнα3я
18-08-11, 02:22 am
سعادة الـصـحابةِ بمحمد صلى الله عليه وسلم


لقد جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الناس بالدعوة الربانية ، ولم يكن له دعاية من دنيا ، فلم يلق إليه كنز ، وما كانت له جنة يأكل منها ، ولم يسكن قصراً ، فأقبل المحبون يبايعون على شظف من العيش ، وذروة من المشقة ، يوم كانوا قليلاً مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم ، ومع ذلك أحبه أتباعه كل الحب .
حوصروا في الشعب ، وضيق عليهم في الرزق ، وابتلوا في السمعة وحوربوا من القرابة ، وأوذوا من الناس ، ومع هذا أحبوه كل الحب .
سحب بعضهم على الرمضاء ، وحبس آخرون في العراء ، ومنهم من تفنن الكفار في تعذيبه وتأنقوا في النكال به ، ومع هذا أحبوه كل الحب .
سلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ، طردوا من مراتع صباهم وملاعب شبابهم ومغاني أهلهم ، ومع هذا أحبوه كل الحب .
ابتلي المؤمنون بسبب دعوته ، وزلزلوا زلزالاً شديداً ، وبلغت منهم القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنونا ومع هذا أحبوه كل الحب .
عرض صفوة شبابهم للسيوف المصلتة فكانت على رؤوسهم كأغصان الشجرة الوارفة.
وكأن ظل السيف ظل حديقة **** خضراء تنبت حولنا الأزهارا
وقد رجالهم للمعركة فكانوا يأتون الموت كأنهم في نزهة ، أو في ليلة عيد ، لأنهم أحبوه كل الحب .
يرسل أحدهم برسالة ويعلم أنه لن يعود بعدها إلى الدنيا فيؤدي رسالته ويبعث الواحد منهم في مهمة ويعلم أنها النهاية فيذهب راضياً لأنهم أحبوه كل الحب .
ولكن لماذا أحبوه وسعدوا برسالته ، واطمأنوا لمنهجه واستبشروا بقدومه ، ونسوا كل ألم وكل مشقة وجهد ومعاناة من أجل اتباعه ؟
إنهم رأوا فيه كل معاني الخير والفرح وكل علامات البر والحق ، لقد كان آية للسائلين في معالي الأمور . لقد أبرد غليل قلوبهم بحنانه ، وأثلج صدورهم بحديثه ، وأفعم أرواحهم برسالته .
لقد سكب في قلوبهم الرضا ، فما حسبوا للآلام في سبيل دعوته حساباً وأفاض على نفوسهم من اليقين ما أنساهم كل جرح وكدر وتنغيص .
صقل ضمائرهم بهداه ، وأنار بصائرهم بسناه ، ألقى عن كواهلهم آصار الجاهلية ، وحط عن ظهورهم أوزار الوثنية ، وخلع من رقابهم تبعات الشرك والضلال ن وأطفأ من أرواحهم نار الحقد والعداوة ، وصب على المشاعر ماء اليقين ، فهدأت نفوسهم وسكنت أبدانهم ، واطمأنت قلوبهم وبردت أعصابهم .
وجدوا لذة العيش معه ، والأنس في قربه ، والرضا في رحابه ، والأمن في اتباعه ، والنجاة في امتثال أمره ، والغنى في الاقتداء به .
(وما ارسلناك الا رحمه للعالمين ),(وانك لتهدي الى صراط مستقيم ),(ويخرحهم من الظلمات الى النور ),(هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمه وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ),(ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم ),(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ).(وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ).
لقد كانوا سعداء حقاًمع إمامهم وقدوتهم وحق لهم أن يسعدوا ويبتهجوا .

اللهم صل وسلم على محرر العقول من أغلال الانحراف ، ومنقذ النفوس من ويلات الغواية ، وارض عن الأصحاب والأمجاد ، جزاء ما بذلوا وقدموا .

zα7мт мαšнα3я
23-08-11, 07:09 am
اطرد الملـل من حياتك


إن من يعش عمره على وتيرة واحدة جدير إن يصيبه الملل, لان النفس ملولة, فان الإنسان بطبعه يمل الحالة الواحدة, ولذلك غاير سبحانه وتعالى بين الأزمنة والأمكنة, والمطعومات والمشروبات, والمخلوقات, ليل ونهار, وسهل وجبل, وابيض وأسود, وحار وبارد, وظل وحرور, وحلو وحامض, وقد ذكر الله هذا التنوع والاختلاف في كتابه: {{ يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه }} , {{ متشابه وغير متشابه}} ,{{ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها}}.
وقد مل بنو إسرائيل أجود الطعام, لأنهم أداموا أكله : {{ لن تصبر على طعام واحد}}.
وكان المأمون يقرأ مرة جالساً, ومرة قائما ً, ومرة وهو يمشي, ثم قال: النفس ملولة:{{ الذين يذكرون الله قيما ً وقعودا ً وعلى جنوبهم}}.
ومن يتأمل العبادات, يجد التنوع والجدة, فأعمال قلبية وقولية وعملية ومالية, صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد, والصلاة قيام وركوع وسجود وجلوس, فمن أراد الارتياح والنشاط ومواصلة العطاء فعليه بالتنويع في عمله, واطلاعه وحياته اليومية, فعند القراءة مثلاً ينوع الفنون, مابين قرآن وتفسير وسيرة وحديث وفقه وتاريخ وأدب وثقافة عامة, وهكذا, يوزع وقته مابين عبادة وتناول مباح, وزيارة واستقبال ضيوف, ورياضة ونزهة, فسوف يجد نفسه متوثبة مشرقة, لأنها تحب التنويع وتستملح الجديد.

zα7мт мαšнα3я
23-08-11, 07:10 am
دعِ القَلَقَ

لا تحزنْ ، فإنَّ ربك يقولُ :
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾:
وهذا عامٌّ لكلِّ من حمَلَ الحقَّ وأبصرَ النورَ ، وسلَكَ الهُدَى .
﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾
إذاً فهناك حقٌّ يشرحُ الصدور ، وباطلٌ يقسِّيها .
﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ﴾
فهذا الدينُ غايةٌ لا يصلُ إليها إلا المسدَّد .
﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾
يقولُها كلُّ منْ يتيقَّنَ رعاية اللهِ ، وولايته ولطفه ونصرَه.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
كفايتُه تكفيك ، وولايتُه تحميك .
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
وكلُّ منْ سلك هذهِ الجادَّة حصل على هذا الفوزِ .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾
وما سواهُ فميِّتٌ غَيْرُ حيٍّ ، زائلٌ غَيْرُ باقٍ ، ذليلٌ وليس بعزيزٍ .
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾
فهذهِ معيتهُ الخاصةُ لأوليائِهِ بالحفظِ والرعايةِ والتأييدِ والولايةِ ، بحسبِ تقواهمْ وجهادِهمْ .
﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾
علوّاً في العبوديةِ والمكانةِ .
﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ﴾.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.
﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾.
وهذا عهدٌ لنْ يخْلَفَ ، ووعدٌ لنْ يتأخَّرَ .
﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44}فَوَ قَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾.
﴿ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
لا تحزنْ وقدِّرْ أنكَ لا تعيشُ إلا يوماً واحداً فَحَسْبُ ، فلماذا تحزنُ في هذا اليومِ ، وتغضبُ وتثورُ ؟!
في الأثرِ :
" إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ " .
والمعنى : أن تعيشَ في حدودِ يومِك فَحَسْبُ ، فلا تذكرِ الماضي ، ولا تقلقْ من المستقبلِ .
إنَّ الاشتغالَ بالماضي ، وتذكُّرَ الماضي ، واجترار المصائبِ التي حدثتْ ومضتْ ، والكوارثَ التي انتهتْ ، إنما هو ضَرْبٌ من الحُمْقِ والجنونِ .
يقول المَثَلُ الصينيُّ :
لا تعبرْ جِسْراً حتى تأتيَه .
ومعنى ذلك : لا تستعجلِ الحوادثَ وهمومَها وغمومَها حتى تعيشَها وتدركَها .
يقولُ أَحَدُ السلفِ : يا ابن آدمَ ، إنما أنتَ ثلاثةُ أيامٍ :
أمسُكَ وقدْ ولَّى
وغدُكَ ولمْ يأتِ
ويومُك فاتقِّ اللهَ فيه .
كيف يعيشُ منْ يحملُ همومَ الماضي واليومِ والمستقبلِ ؟!
كيف يرتاحُ منْ يتذكرُ ما صار وما جرى ؟!
فيعيدهُ على ذاكرتِهِ ، ويتألمُ لهُ ، وألمُه لا ينفعُه ! .
ومعنى :
(( إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ ))
أيْ : أن تكونُ قصيرَ الأملِ ، تنتظرُ الأجَلَ ، وتُحْسِنُ العَمَلَ ، فلا تطمحْ بهمومك لغيرِ هذا اليومِ الذي تعيشُ فيه ، فتركّزَ جهودكَ عليه ، وتُرتِّبَ أعمالَكَ ، وتصبَّ اهتمامَك فيهِ ، محسِّناً خُلقَكَ مهتمّاً بصحتِك ، مصلحاً أخلاقَكَ مع الآخرين

zα7мт мαšнα3я
23-08-11, 07:13 am
لا تحزن



لأن القضاء مفروغ منه ، و المقدور واقع ، و الأقلام جفت ، و الصحف طويت ، و كل أمر مستقر ، فحزنك لا يقدم في الواقع شيئا و لا يؤخر، و لا يزيد ينقص.

لا تحزن

لأنك بحزنك تريد ايقاف الزمن ، و حبس الشمس ، و ايقاف عقارب الساعة ، و المشي الى الخلف و رد النهر الى مصبه

لا تحزن

لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء و تبعثر الماء و تغير السماء ، و تكسر الورود اليانعة في الحديقة الغناء

لاتحزن

لان المحزون كالنهر الاحمق بنحدر من البحر ويصب في البحر ,وكالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ,وكالنافخ في قربة مثقوبه ,والكاتب باصبعه على الماء .

لا تحزن

فإن عمرك الحقيقي سعادتك و راحة بالك ، فلا تنفق أيامك في الحزن ، و تبذر لياليك في الهم ، و توزع ساعاتك على الغموم ، و لا تسرف في اضاعة حياتك فإن الله لا يحب المسرفين ..

zα7мт мαšнα3я
28-10-11, 07:04 pm
ألا يشرحُ صدركَ ، ويزيلُ همَّك وغمَّك ، ويجلبُ سعادتك قولُ ربِّك جلَّ في علاه :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
؟ فخاطَبَهُمْ بـ «يا عبادي» تأليفاً لقلوبِهِمْ ، وتأنيساً لأرواحِهِمْ ، وخصَّ الذين أسرفُوا ، لأنهمُ المكثرون من الذنوبِ والخطايا فكيف بغيرِهم ؟! ونهاهْم عنِ القنوطِ واليأسِ من المغفرةِ وأخبر أنه يغفرُ الذنوب كلَّها لمنْ تاب ، كبيرها وصغيرَها ، دقيقها وجليلَها . ثم وصفَ نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ ، و «الـ » التعريفِ التي تقتضي كمال الصفةِ ، فقال :
﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ .
ألا تسعدُ وتفرحُ بقولِهِ جلَّ في علاه :
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ ؟!
وقولِهِ جلَّ في علاه :
﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ ؟!
وقولِهِ : ﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ﴾ ؟!
وقولِهِ عزَّ من قائلٍ : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ ؟!
وقولِهِ تعالى :
﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ ؟!
ولما قَتَلَ موسى عليه السلامُ نفساً قال :
﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾.
وقال عن داودَ بعدما تاب وأناب :
﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ .
سبحانَهُ ما أرحَمهُ وأكرمَهُ !! حتى إنه عرض رحمته ومغفرته لمنْ قالَ يلبتثليثِ ، فقال عنهم :
﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73} أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ .

ويقولُ  فيما صحَّ عنهُ : (( يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرْتُ لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لوْ بلغتْ ذنوبُك عَنَانَ السماءِ ، ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي ، يا ابن آدم ، لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً ، لأتيتُك بقرابِها مغفرةً )) .
وفي الصحيح عنهُ  أنه قال : (( إنَّ الله يبسُطُ يدهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهارِ ، ويبسُطُ يدهُ بالنهار ليتوب مسيءُ الليلِ ، حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها )) .
وفي الحديث القدسيِّ : (( يا عبادي ، إنكمْ تُذنبون بالليلِ والنهارِ ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعاً ، فاستغفروني أغفرْ لكم )) .
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( والذي نفسي بيدهِ ، لو لمْ تذنبُوا لذهبَ اللهُ بكمْ ولجاءَ بقومٍ آخرين يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفرُ لهم )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( والذي نفسي بيدهِ لو لمْ تذنبوا لَخِفْتُ عليكم ما هو أشدُّ من الذنبِ ، وهو العُجْبُ )) .
وفي الحديثِ الصحيح : (( كلُّكمْ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائين التوابون )) .

وصحَّ عنه  أنه قالَ : (( إنَّ عبداً أذنب ذنباً فقال : اللهم اغفرْ لي ذنبي فإنهُ لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت ، ثم أذنب ذنباً ، فقال : اللهمَّ اغفرْ لي ذنبي فإنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت ، ثم أذنب ذنباً ، فقال : اللهمَّ اغفرْ لي ذنبي فإنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت . فقال اللهُ عزَّ وجلَّ علِمَ عبدي أنَّ له ربّاً يأخذُ بالذنبِ، ويعفو عن الذنبِ ، فليفعلْ عبدي ما شاء)).
والمعنى : ما دام أنهُ يتوبُ ويستغفرُ ويندمُ ، فإني أغفرُ له

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:28 am
كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدَر

كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدرٍ ، وهذا معتقدُ أهلِ الإسلامِ ، أتباعِ رسولِ الهدى صلى الله عليه وسلم ؛ أنهُ لا يقعُ شيءٌ في الكونِ إلا بعلمِ اللهِ وبإذنِه وبتقديرِه .
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.
﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.
وفي الحديثِ : (( عجباً لأمرِ المؤمنِ !! إنَّ أمرهَ كلَّه له خير ، إنْ أصابْتهُ سرَّاءُ شكر فكان خيراً له ، وإنْ أصابتْه ضرَّاءُ صبر فكان خيراً له ، وليسَ ذلك إلا للمؤمن )) .
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنت فاستعنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعُوا على أنْ ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوكَ إلا بشيءٍ قد كتبهُ اللهُ لك ِ ، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضرُّوك إلا بشيءٍ قدْ كتبهُ اللهُ عليكَ ، رُفعتِ الأقلامُ ، وجفَّتِ الصحفُ )) .
وفي الحديثِ الصحيح أيضاً : (( واعلمْ أن ما أصابك لم يكنع لِيخطئَك ، وما أخطأكَ لمْ يكن ليصيبَك )) .
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : (( جفَّ القلمُ يا أبا هريرة بما أنت لاقٍ )) .
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : (( احرصْ على ما ينفعُك ، واستعنُ باللهِ ولا تعجزْ ، ولا تقلْ : لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا ، ولكنْ قلْ : قدَّر اللهُ وما شاءَ فَعَلَ )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ عنه صلى الله عليه وسلم: (( لا يقضي اللهُ قضاءً للعبدِ إلا كان خيراً له )) .
سُئل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ عن المعصيةِ : هلْ هيَ خَيْرٌ للعبدِ ؟ قالَ : نعمْ بشرطِها من الندمِ والتوبةِ ، والاستغفارِ والانكسارِ .
وقولُه سبحانه : ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
هيَ المقاديرُ فلُمني أو فَذَرْ
تجري المقاديرُ على غرْزِ الإِبَر ..

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:29 am
انتظرِ الفرَجَ
في الحديثِ عند الترمذيِّ : « أفضلُ العبادةِ : انتظارُ الفَرَجِ » . ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ .
صُبْحُ المهمومين والمغمومين لاحَ ، فانظرْ إلى الصباحِ ، وارتقبِ الفَتْحَ من الفتَّاحِ .
تقولُ العربُ : « إذا اشتدَّ الحبلُ انقطع » .
والمعنى : إذا تأزَّمتِ الأمورُ ، فانتظرْ فرجاً ومخرجاً .
وقالَ سبحانَهُ وتعالى : ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾. وقالَ جلَّ شأنُه: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾. ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾.
وقالت العَرَبُ :
الغَمَراتُ ثمَّ يَنْجلِينَّهْ
ثم يذهبْنَ ولا يجنَّهْ
وقال آخرُ :
كمْ فرجٍ بَعْدَ إياسٍ قد أتى
وكمْ سرورٍ قد أتى بَعْدَ الأسى
من يحسنِ الظنَّ بذي العرشِ جنى
حُلْوَ الجنَى الرائقَ من شَوْكِ السَّفا
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( أنا عند ظنِّ عبدي بي ، فلْيظنَّ بي ما شاءَ )) .
﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء ﴾.
وقولهُ سبحانَهُ : ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾.
قال بعضُ المفسرين – وبعضُهُم يجعلُهُ حديثاً - : (( لنْ يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن )) .
وقال سبحانهُ : ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾.
وقالَ جلَّ اسمُه: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾.﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
وفي الحديثِ الصحيح : (( واعلمْ أنَّ النصْرَ مع الصَّبْرِ ، وأن الفَرَجَ مَعَ الكُرْبِ )) .
وقال الشاعرُ :
إذا تضايقَ أمرٌ فانتظرْ فَرَحاً
فأقربُ الأمرِ أدناهُ إلى الفَرجِ
وقال آخرُ :
سهرتْ أعينٌ ونامتْ عيونُ
في شؤونٍ تكونُ أو لا تكونُ
فدعِ الهمَّ ما استطعتَ فحِمْــلانُك الهمومَ جُنونُ
إن ربّاً كفاكَ ما كانَ بالأمــسِ سيكفيكَ في غدٍ ما يكونُ
وقال آخرُ :
دعِ المقاديرَ تجري في أعنَّتِها
ولا تنامنَّ إلا خالي البالِ
ما بينَ غمضةِ عيْنٍ وانتباهتِها
يغيّرُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:32 am
وقفة
لاتحزن : فإن أموالك التي في خزانتك وقصورك السامقه،وبساتينك الخضراء،مع الحزن والأسى واليأس : زيادة في أسفك وهمك وغمك.
لاتحزن : فإن عقاقير الأطباء ،ودواء الصيادله، ووصفة الطبيب لاتسعدك،وقد أسكنت الحزن قلبك،وفرشت له عينك، وبسطت له جوانحك،وألحفته جلدك.
لاتحزن: وأنت تملك الدعاء، وتجيد الانطراح على عتبات الربوبيه،وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك،ومعك الثلث الأخير من الليل،ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود.
لاتحزن : فإن الله خلق لك الأرض ومافيها،وأنبت لك حدائق ذات بهجة،وبساتين فيها من كل زوج بهيج، ونخلا بسقات له طلع نضيد،ونجوم الامعات، وخمائل وجداول،ولكنك تحزن ! !
لاتحزن : فأنت تشرب الماء الزلال، وتستنشق الهواء الطلق،وتمشي على قدميك معافى، وتنام ليلك آمنا.

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:33 am
أكثر من الإستغفار

((( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا )) ..
فأكثر من الإستغفار ,لترى الفرج وراحة البال ,والرزق الحلال ,والذرية الصالحه ,والغيث الغزير .
((وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )) ..
وفي الحديث : "من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا "
وعليكَ بسيّدِ الاستغفار ، الحديثُ الذي في البخاري : (( اللهمَّ أنت ربي لا إلهَ إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدُك ،
وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ،
أبوءُ لكَ بنعمتِك عليَّ ، وأبوءُ بذنبي فاغفِرْ لي ، فإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت)).

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:34 am
عليكَ بذكرِ اللهِ دائماً

قال َ سبحانه : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ . وقال : ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾.
وقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾.
وقال سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾. وقال : ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾.
وقال : ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾.
وقال سبحانه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ﴾.
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( مَثَلُ الذي يذكرُ ربَّه والذي لا يذكرُ ربَّه ، مَثَلُ الحيِّ والميتِ )) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( سَبَقَ المفرِّدون )) . قالوا : ما المفِّردون يا رسولَ اللهِ ؟ قال (( الذاكرون الله كثيراً والذاكرات )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( ألا أخبرُكم بأفضلِ أعمالِكِم ، وأزكاها عند مليكِكُمْ وخيْرٍ لكمْ من إنفاقِ الذهبِ والورِقِ ، وخيرٍ لكمْ من أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهُمْ ويضربوا أعناقُكُمْ )) ؟ قالوا : بلى يا رسول اللهِ . قال : (( ذِكْرُ اللهِ )) .
وفي حديث صحيح : ان رجلا اتى الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي , وانا كبرت فأخبرني بشئ اتشبّث به .قال : "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ".

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:34 am
لا تيأس من روح الله

(( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )) .
((حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا )) .
(( وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)) .
وقال عن المسلمين : (( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا )) ..

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:35 am
اعف عمن اساء اليك

ثمن القصاص الباهظ , و هو الذي يدفعة المنتقم من الناس , الحاقد عليهم , يدفعه من قلبه و من لحمه و دمه , من اعصابه و راحته و سعادته و سروره , اذا اراد ان يتشفى , او غضب عليهم او حقد , انه الخاسر بلا شك .
و قد اخبرنا الله سبحانه و تعالى بدواء ذلك و علاجه , فقال: ( و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس).
و قال : (خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين )
و قال : ( ادفع بالتى هي أحسن فاذا الذى بينك و بينه عداوة كأنه ولى حميم )

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:36 am
عندك نعم كثيرة

فكِّرْ في نِعَمِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطياتِهِ الجزيلةِ ، واشكُرْهُ على هذهِ النعمِ ، واعلمْ أنكَ مغمورٌ بأعطياتِهِ .
قال سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ .
وقال : ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقال سبحانه : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ .
وقال سبحانه وهو يقررُ العبدُ بنعمِهِ عليهِ : ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ .
نِعَمٌ تَتْرَى : نعمةُ الحياةِ ، ونعمةُ العافيةِ ، ونعمةُ السمعِ ، ونعمةُ البصرِ ، واليدينِ والرجليْن ، والماءِ والهواءِ ، والغذاءِ ، ومن أجلِّها نعمةُ الهدايةِ الربانية: ( الإسلاَمُ ) . يقولُ أحدُ الناسِ : أتريدُ بليون دولار في عينيك ؟ أتريُد بليون دولارٍ في أذنيك ؟ أتريدُ بليون دولار في رجليك ؟ أتريدُ بليون دولارٍ في يديك ؟ أتريدُ بليون دولارٍ في قلبك ؟ كمْ من الأموالِ الطائلةِ عندك وما أديتَ شُكْرَها !! .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:36 am
الدنيا لا تستحق الحزن عليها

إنَّ مما يثبتُ السعادة وينمِّيها ويعمقُها : أنْ لا تهتمَّ بتوافهِ الأمورِ ، فصاحبُ الهمةِ العاليةِ همُّه الآخرةُ .
قال أحدُ السلفِ وهو يُوصِي أحد إخوانِه : اجعلْ الهمَّ همّاً واحداً ، همَّ لقاءِ اللهِ عز وجل ، همَّ الآخرة ، همَّ الوقوفِ بين يديْهِ ، ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ .فليس هناك همومٌ إلا وهي أقلُّ من هذا الهمِّ ، أيّ همٍّ هذه الحياةُ ؟ مناصبِها ووظائِفها ، وذهبِها وفضتِها وأولادِها ، وأموالِها وجاهِها وشهرتِها وقصورِها ودورِها ، لا شيء !!
واللهُ جلّ وعلا قد وصف أعداءَهُ المنافقين فقال : ﴿ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾، فهمُّهم : أنفسُهْم وبطونُهم وشهواتُهم ، وليست لهمْ هِمَمٌ عاليةٌ أبداً !
ولمَّا بايع صلى الله عليه وسلم الناس تحتَ الشجرةِ انفلت أحدُ المنافقين يبحثُ عن جَمَلٍ لهُ أحمر ، وقالَ : لحُصولي على جملي هذا أحبُّ إليَّ من بيْعتِكُمْ . فورَدَ : « كلُّكمْ مغفورٌ له إلاَّ صاحبَ الجملِ الأحمرِ » .
إنَّ أحد المنافقين أهمتْهُ نفسهُ ، وقال لأصحابهِ : لا تنفروا في الحرِّ . فقال سبحانه : ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ﴾.
وقال آخرُ : ﴿ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾. وهمُّه نفسُه ، فقال سبحانه : ﴿ أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ﴾.
وآخرون أهمتْهُمْ أموالُهُمْ وأهلوهْم : ﴿ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾. إنهِا الهمومُ التافهةُ الرخيصةُ ، التي يحملُها التافهون الرخيصون ، أما الصحابة الأجلاَّءُ فإنهمْ يبتغون فضلاً من اللهِ ورضواناً .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:37 am
لا تحزن واطرد الهم

راحة المؤمن غَفْلَةٌ ، والفراغُ قاتلٌ ، والعطالَةُ بطالَةٌ ، وأكثرُ الناسِ هموماً وغموماً وكدراً العاطلونَ الفارغونَ .
والأراجيفُ والهواجسُ رأسُ مالِ المفاليسِ من العملِ الجادِّ المثمرِ .
فتحرَّك واعملْ ,وزاولْ وطالعْ , واتْلُ وسبِّحْ ,واكتبْ وزُرْ , واستفدْ منْ وقتِك , ولا تجعلْ دقيقةً للفراغِ
إنك يوم تفرغُ يدخلُ عليك الهمُّ والغمُّ ، والهاجسُ والوساوسُ ، وتصبحُ ميداناً لألاعيبِ الشيطانِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:38 am
اطلب ثوابك من ربك

اجعل عملك خالصًا لوجه اللهِ ، ولا تنتظر شكرًا من أحد ، ولاتهتم ولا تغتم إذا
أحسنت لأحد من الناس ، ووجدته لئيمًا ، لا يقد ر هذه اليد البيضاء ، ولا الحسنة التي
أسديتها إليه ، فاطلب أجرك من اللهِ .
يقول سبحانه عن أوليائه : (يبتغو ن َفضلا من اللَّهِ ورضوانًا )
وقال سبحانه عن انبيائه
(وما أسألُكُم عَليهِ مِن َأجر ) .
{وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى }
(إنما نطْعِمكُم لِوجهِ اللَّهِ َلا نرِيد مِنكم جزاء وَلا شكُورًا)
قال الشاعر :
من يفعل الخير لا يعدم جواِزيه ..............لا يذهب العرف بين اللهِ والنا س
فعامل الواحد الأحد وحده فهو الذي يثيب ويعطي ويمنح ، ويعاقب ويحاسب ،
ويرضى ويغضب ، سبحانه وتعالى قتل شهداءُ بقندهار ، فقال عمر للصحابة :
من القتلى فذكروا له الأسماء ، فقالوا :
وأنا س لا تعرُفهم . فدمعت عينا عمر ، وقال : ولكن الله يعَلمهم .
وأطعم أحد الصالحين رجلا أعمى فالوذجًا ( من أفخِر الأكلا ت ) ، فقال أهُله : هذا
الأعمى لا يدري ماذا يأكل فقا ل : لكن الله يعلم !
ما دام أنَّ اللهَ مطَّلع عليك ويعلم ما قدمته من خير ، وما عملته من بر وما أسديته من
فضل ، فما عليك من النا س .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:38 am
لوم اللائمينَ وعذْل العُذَّالِ

﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾ ﴿ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ . ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾ . ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ﴾ .
لا يضرُّ البحرَ أمسى زاخراً
أنْ رمى فيهِ غلامٌ بِحَجَرْ
وفي حديثٍ حسن أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : : (( لا تبلِّغوني عن أصحابي سوءاً ، فإني أُحِبُّ أنْ أخرجَ إليكمَ وأنا سليمُ الصَّدرِ )) .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:39 am
لا تحزنْ منْ قلَّةِ ذاتِ اليدِ ، فإن القِلَّةُ معها السّلامةُ

كلّما ترفَّهَ الجسمُ تعقدتِ الروحُ ، والقلَّةُ فيها السلامةُ ، والزهدُ في الدنيا راحةٌ عاجلةٌ يقدِّمها اللهُ لمن شاءَ من عبادهِ : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ﴾ .
قال أحدُهم :
ماءٌ وخبزٌ وظِلُّ
ذاك النعيمُ الأجَلُّ
كفرتُ نعمةَ ربِّي
إنْ قلتُ إني مُقلُّ
ما هيَ الدنيا إلا ماءٌ باردٌ وخبزٌ دافئٌ ، وظلٌ وارفٌ !!
وقال الشافعي :
أمطري لؤلؤاً سماء سرنْديـ
ـبَ وفيِضي آبارَ تكْرُور تبِِرا
أنا إنْ عشتُ لستُ أعدمُ قوتاً

وإذا متُّ لستُ أعدمُ قبرا
همَّتي هِمَّةُ الملوكِ ونفسي
نفسُ حرٍّ ترى المذلَّةَ كُفْرا
إنها عزَّةُ الواثقين بمبادئِهمْ ، الصَّادقين في دعوتِهِمْ ، الجادّين في رسالتِهِمْ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:40 am
لا تحزنْ ممَّا يُتَوَقَّع

وُجدَ في التوراةِ مكتوباً : أكثرُ ما يُخاف لا يكونُ !
ومعناهُ : إنَّ كثيراً مما يتخوَّفُهُ الناسُ لا يقعُ ، فإنَّ الأوهامَ في الأذهانِ ، أكثُر من الحوادثِ في الأعيانِ .
إذا جاءك حدثٌ ، وسمعتَ بمصيبةٍ ، فتمهَّلْ وتأنَّ ولا تحزنْ ، فإنَّ كثيراً من الأخبارِ والتوقُّعات لا صحَّة لها ، إذا كان هناك صارفٌ للقدرٍ فيُبحثُ عنهُ، وإذا لم يكنْ فأين يكونُ؟!
﴿ َأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ﴾.

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:41 am
نقْد أهلِ الباطلِ والحُسَّادِ

فإنك مأجورٌ – من نقدهمْ وحسدهِمْ – على صبرِك ، ثمَّ إنَّ نقدهُمْ يساوي قيمتك ، ثم إنَّ الناس لا ترفسُ كلباً ميتاً ، والتافهين لا حُسَّاد لهم .
قال أحدُهمْ :
إن العرانين تلقاها مُحَسَّدةً
ولا ترى لِلِئَامِ الناسِ حُسَّادا

وقال الآخر :
حَسَدُوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَهُ
فالناسُ أعداءٌ لهُ وخصومُ
كضرائرِ الحسناءِ قُلْن لوجهِهَا
حسداً ومقتاً إنهُ لذميمُ

وقال زهيرٌ :
مُحسَّدُون على ما كان من نِعَمٍ
لا ينزعُ الله منهمْ ما له حُسِدوا
وقال آخرُ :
همْ يحسدوني على موتي فوا أسفاً
حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
وقالُ الشاعرُ :
وشكوتَ مِن ظلمِ الوشاةِ ولنْ تجدْ
ذا سؤددٍ إلا أُصيب بحُسَّدِ
لا زلت ياسِبط الكرامِ محسَّداً
والتافهُ المسكينُ غيرُ محسَّدِ
سألَ موسى ربَّ أنْ يكفَّ ألسنةَ الناسِ عنهُ ، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ : (( يا موسى ، ما اتخذتُ ذلك لنفسي ، إني أخلقُهم وأرزقُهُمْ ، وإنهم يسبُّونَنِي ويشتُموننِي )) !!
وصحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : (( يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : يسبُّني ابنُ آدمَ ، ويشتمني ابنُ آدم ، وما ينبغي له ذلك ، أمَّ سبُّه إياي فإنهُ يسبُّ الدهر ، وأنا الدهرُ ، أقلِّبُ الليلَ والنهارَ كيف أشاءُ ، وأما شتمُه إياي ، فيقولُ : إنّ لي صاحبةً وولداً، وليسَ لي صاحبةٌ ولا ولدٌ)).
إنكَ لنْ تستطيع أن تعتقل ألسنةَ البشرِ عن فرْي عِرْضِك ، ولكنك تستطيعُ أن تفعلَ الخيرَ ، وتجتنب كلامهم ونقدهم .
قال حاتمٌ :
وكلمةِ حاسدٍ منْ غيرِ جرْمِ
سمعتُ فقلتُ مٌرّي فانفذيني
وعابوها عليَّ ولم تعِبْني
ولم يند لها أبداً جبيني
وقال آخرُ :
ولقدْ أمرُّ على السفيهِ يسُبُّني
فمضيتُ ثَمَّة قلتُ لا يعنيني
وقال ثالثٌ :
إذا نَطَقَ السَّفيهُ فلا تُجِبْهُ
فخيرٌ مِنْ إجابِتِه السكوتُ
إنَّ التافهين والمخوسين يجدون تحدِّياً سافراً من النبلاءِ واللامعين والجهابذةِ .
إذا محاسني اللائي أُدِلُّ بها
كانتْ ذنوبي فَقُلْ لي كيف أعتذرُ؟!
أهلُ الثراءِ في الغالبِ يعيشون اضطراباً ، إذا ارتفعتْ أسهمُهم انخفضَ ضغطُ الدمِ عندهم ، ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2} يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴾ .
يقولُ أحدُ أدباءِ الغَرْبِ : افعلْ ما هو صحيحٌ ، ثم أدرْ ظهرك لكلِّ نقدٍ سخيفٍ !
ومن الفوائدِ والتجاربِ : لا تردَّ على كلمةٍ جارحةٍ فيك ، أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ، فإنَّ الاحتمالَ دفنُ المعايبِ ، والحلم عزٌّ ، والصمت يقهرُ الأعداء ، والعفو مثوبةٌ وشرفٌ ، ونصفُ الذين يقرؤون الشتم فيك نسوهُ ، والنصفُ الآخرُ ما قرؤوه ، وغيرهم لا يدرون ما السببُ وما القضيةُ ! فلا تُرسِّخْ ذلك أنت وتعمِّقهُ بالردِّ على ما قيل .
يقولُ أحدُ الحكماءِ : الناسُ مشغولون عني وعنك بنقصِ خبزِهم ، وإنَّ ظمأ أحدِهم ينُسيهم موتي وموتك .
بيتٌ فيه سكينةٌ مع خبز الشعيرِ ، خيرٌ من بيتٍ مليء بأعدادٍ شهيةٍ من الأطعمةِ ، ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:42 am
وقفــة
لا تحزنْ : فإنَّ المرضَ يزولُ ، والمصابَ يحولُ ، والذنبَ يُغفرُ ، والدَّيْنَ يُقضى ، والمحبوسَ يُفكُّ ، والغائبَ يقدمُ ، والعاصي يتوبُ ، والفقيرَ يغتني .
لا تحزنْ : أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشعُ ، والليل البهيم كيف ينجلي ، والريح الصَّرْصَرَ كيف تسكنُ ، والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذاً فشدائدُك إلى رخاء ، وعيشُك إلى هناء ، ومستقبلُك إلى نَعْماءِ .
لا تحزنْ : لهيبُ الشمس يطفئُهُ وارفُ الظلِّ ، وظمأُ الهاجرةِ يُبردُه الماءُ النميرُ ، وعَضَّةٌ الجوعِ يُسكِّنُها الخُبْزُ الدافِئُ ، ومعاناةُ السهرِ يعقبُهُ نومٌ لذيذٌ ، وآلامُ المرضِ يُزَيُلها لذيذُ العافيةِ ، فما عليك إلا الصبرُ قليلاً والانتظارُ لحظةً .
لا تحزنْ : فقدْ حارِ الأطباءُ ، وعَجَزَ الحكماءُ ، ووقفَ العلماءُ ، وتساءلَ الشعراء ، وبارت الحيل أُمام نفاذِ القدرةِ ، ووقوعِ القضاءِ ، وحتميةِ المقدورِ قال عليُّ بنُ جبلةَ :
عسى فرجٌ يكونُ عسى نعلّلُ نفسنا بعسى
فلا تقنط وإن لاقيْــت همّاً يقبضُ النَّفسَا
فأقربُ ما يكونُ المرْءُ مِنْ فرجٍ إذا يئسِا

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:43 am
اخترْ لنفسك ما اختاره اللهُ لك

قمْ إن أقامك ، واقعدْ إنْ أقعدك ، واصبرْ إذا أفقرَك ، واشكرْ إذا أغناك .
فهذه من لوازم : (( رضيتُ باللهِ رباً ، وبالإسلامِ ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً )) .
قال أحدُهُمْ :
لا تُدبِّرْ لك أمراً
فأولوا التدبيرِ هلْكى
وارضَ عنَّا إن حَكمْنا
نحنُ أولى بِك مِنكا..

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:43 am
لا تراقبْ تصرُّفات الناس

فإنَّهم لا يملكون ضرّاً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، ولا ثواباً ولا عقاباً .
قال أحدُهم :
مَنْ راقب الناسَ ماتَ همّاً
وفاز باللذةِ الجسورُ
وقال بشَّار :
من راقب الناس لم يظفرْ بحاجتهِ
وفاز بالطيباتِ الفاتِكُ اللَّهِجُ
قالَ إبراهيمُ بن أدهم : نحن في عيْشٍ لوْ علم بهِ الملوكُ لجالدونا عليهِ بالسيوفِ .
وقال ابنُ تيمية : إنه ليمرُّ بالقلبِ حالٌ ، أقولُ : إن كان أهلُ الجنةِ في مثلِ حالِنا إنهم في عيشٍ طيبٍ .
قال أيضاً : إنه ليمرُّ بالقلبِ حالاتٌ يرقصُ طرباً ، من الفرحِ بذكرهِ سبحانه وتعالى والأنس به .
وقال ابنُ تيمية أيضاً عندما أُدخِل السجنَ ، وقدْ أغلق السجَّانُ الباب ، قال ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ .
وقال وهو في سجنِه : ماذا يفعلُ أعدائي بي ؟! أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنَّى سرْتُ فهي معي ، إنَّ قتلي شهادةٌ ، وإخراجي من بلدي سياحةٌ وسجني خلوةٌ .
يقولون : أيُّ شيء وَجَدَ من فقدَ الله ؟! وأيُّ شيءٍ فقدَ من وجد الله ؟! لا يستويان أبداً ، منْ وجد الله وجد كلَّ شيء ، ومنْ فقد الله فقد كلَّ شيءٍ .
يقول : (( لإن أقولُ : سبحان اللهِ ، والحمدُ للهِ ، ولا إله إلا اللهُ ، واللهُ أكبرُ ، أحبُّ إليَّ مما طلعتْ عليه الشمسُ )) .
قال أحدُ السلفِ عنِ الأثرياءِ وقصورِهمْ ودورِهمْ وأموالهمْ : نأكلُ ويأكلون ، ونشربُ ، ويشربون ، وننظرُ وينظرون ، ولا نُحاسبُ ويُحاسبون .
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ .
المؤمنون يقولون : ﴿ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﴾ . والمنافقون يقولون : ﴿ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾ .
حياتُك منْ صنع أفكارِك فالأفكارُ التي تستثمرُها وتفكرُ فيها وتعيشُها هي التي تؤثرُ في حياتِك ، سواءٌ كانتْ في سعادةٍ أو شقاوةٍ .
يقولُ أحدُهم : إذا كنت حافياً ، فانظرْ لمنْ بُتِرَتْ ساقاه ، تحمَّدْ ربَّك على نعمةِ الرجْلَيْن .
قال الشاعرُ :

لا يملأُ الهولُ قلبي قبل وقعتِهِ
ولا أضيقُ به ذرعاً إذا وقعا

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:44 am
أحسن إلى الناس

فإنَّ الإحسانَ على الناسِ طريقٌ واسعةٌ من طرقِ السعادةِ . وفي حديثٍ صحيح : (( إنَّ الله يقولُ لعبدهِ وهو يحاسبُهُ يوم القيامةِ : يا ابنَّ آدم ، جعتُ ولم تطعمْني . قال : كيف أطعمُك وأنت ربُّ العالمين ؟! قال : أما علمت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ جاع فما أطعمْتهُ ، أما إنكَ لو أطعمْتَهُ وجدتَ ذلك عندي . يا ابن آدم ، ظمئتُ فلمْ تسقني . قال : كيف أسقيك وأنت ربُّ العالمينَ! قال : أما علمت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ ظمِئَ فما أسقيته ، أما إنَّك لوْ أسقيته وجدْت ذلك عندي . يا ابن آدم ، مرضْتُ فلم تعُدني . قال : كيف أعودُك وأنت ربُّ العالمين ؟! قال : أما علمْت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ مرض فما عدْتَهُ ، أما إنك لوْ عدتهْ وجدتني عندهُ ؟! )) .
هنا لفتةٌ وهي وجدتني عندهُ ، ولم يقلْ كالسابقتين : وجدته عندي ؛ لأنَّ الله عند المنكسِرة قلوبُهم ، كالمريض . وفي الحديثِ : (( في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ )) . واعلمْ أنَّ أدخل امرأةً بغِيّاً منْ بني إسرائيل الجنة ، لأنها سقتْ كلباً على ظمأ . فكيف بمنْ أطعمَ وسقى ، ورفع الضائقة وكشف الكُرْبَةَ ؟!
وقدْ صحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : (( مَنْ كان لهُ فضلُ زادٍ فليَعُد بهِ على مَنْ لا زاد لهُ ، ومنْ كان له فضلُ ظهْرٍ فليعدْ بهِ على منْ لا ظهر لهُ )) . أي ليس لهُ مركوبٌ .
وقدْ قال حاتمٌ في أبياتٍ لهُ جميلةٍ ، وهو يُوصِي خادمهُ أنْ يلتمس ضيفاً يقولُ
أوقدْ فإنَّ الليل ليلٌ قرُّ
إذا أتى ضيفٌ فأنت حُرُّ
ويقول لامرأته :
إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي لهُ
أكيلاً فإني لستُ آكلُهُ وحدي
وقال أيضاً :
أماويَّ إنَّ المال غادٍ ورائحٌ
ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذِّكْرُ
أماويَّ ما يُغني الثراءُ عنِ الفتى
إذا حشرجتْ يوماً وضاق بها الصدرُ
ويقول :
فما زادنا فخراً على ذي قرابةٍ
غِنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقْرُ
وقال عروةُ بنُ حزامٍ
أتهزأُ مني أن سمنِت وأن ترى
بوجهي شحوب الحقِّ والحقُّ جاهدُ
أوزِّعُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ
وأحسو قراح الماءِ والماءُ باردُ
وكان ابنُ المباركِ لهُ جارٌ يهوديٌ ، فكان يبدأ فيُطعم اليهوديَّ قبل أبنائهِ ، ويكسوه قبل أبنائِه ، فقالوا لليهوديِّ : بعنا دارك . قال : داري بألفيْ دينارٍ ، ألفٌ قيمتُها ، وألفٌ جوارُ ابن المباركِ ! . فسمع ابن المباركِ بذلك ، فقال : اللهمَّ اهدِهِ إلى الإسلامِ . فأسلم بإذنِ اللهِ !.
ومرَّ ابنُ المبارك حاجّاً بقافلةٍ ، فرأى امرأةً أخذتْ غُراباً مْيتاً من مزبلةٍ ، فأرسلَ في أثرِها غلامه فسألها ، فقالتْ : ما لنا منذُ ثلاثةِ أيامٍ إلا ما يُلقى بها . فدمعتْ عيناهُ ، وأمر بتوزيعِ القافلةِ في القريةِ ، وعاد وترك حجّته تلك السنةِ ، فرأى في منامِهِ قائلاً يقولُ : حجٌّ مبرورٌ ، وسعيٌ مشكورٌ ، وذنبٌ مغفورٌ .
ويقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ .
وقالَ أحدُهُمْ :
إني وأنْ كنتُ امرأً متباعداً
عن صاحبي في أرضهِ وسمائِهِ
لمفيدهُ نصري وكاشفُ كَرْبهِ
ومجيبُ دعوتِه وصوتُ ندائِه
وإذا ارتدى ثوباً جميلاً لمْ أقلْ
يا ليت أنَّ علىَّ فضلَ كسائِهِ
يا للهِ ما أجملَ الخلُقَ ! وما أجلَّ المواهبَ ! وما أحسن السجايا !
لا يندمُ على فعْلِ الجميلِ احدٌ ولو أسرف ، وإنما الندمُ على فعلِ الخطأ وإنْ قلَّ .
وقال أحدُهُمْ في هذا المعنى :
الخيرُ أبقى وإنْ طال الزمانُ بهِ
والشرُّ أخبثُ ما أوْعَيْتَ مِنْ زَادِ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:45 am
إذا صكَّتْ أذانك كلمةٌ نابيةٌ
احرِصْ على جمعِ الفضائلِ
واجتهدْ
واهجرْ ملامةَ مَنْ تشفَّى أو حَسَدْ
واعلمْ بأنَّ العمرَ موْسمُ طاعةٍ
قُبِلتْ وبعد الموتِ ينقطعُ الحسدْ
يقولُ أحدُ علماءِ العصرِ : إنَّ على أهلِ الحساسيةِ المرهفة من النقدِ أنْ يسكبوا في أعصابِهم مقادير من البرودِ أمام النقدِ الظالمِ الجائرِ .
وقالوا : « للهِ دَوُّ الحسدِ ما أعْدَلَهُ ، بدأ بصاحبِهِ فقتلهُ » .
وقال المتنبي :
ذِكْرُ الفتى عمرهُ الثاني وحاجتُه
ما فاته وفضولُ العيْشِ أشغالُ
وقال عليٌّ رضي اللهُ عنهُ : الأجلُ جنةٌ حصينةٌ .
وقال أحدُ الحكماء : الجبانُ يموتُ مرَّاتٍ ، والشجاعُ يموتُ مرةً واحدةً .
وإذا أراد الله بعبادهِ خيراً في وقت الأزمات ألقى عليهم النعاس أَمَنَةً منه، كما وقع النعاس على طلحة رضي الله عنه في أُحُد ، حتى سقط سيفُه مراتٍ منْ يدِه ، أَمْناً وراحة بالٍ .
وهناك نعاسٌ لأهلِ البدعِة ، فقدْ نعس شبيبُ بنُ يزيدٍ وهو على بغلتِهِ ، وكان منْ أشجعِ الناسِ ، وامرأتُهُ غزالةُ هي الشجاعةٌ التي طردتِ الحجَّاج ، فقال الشاعرُ :
أسدٌ عليَّ وفي الحروبِ نعامةٌ
فتخاءُ تَنْفِرُ مِن صفيرِ الصافرِ
هلاّ برزتَ إلى غزالةَ في الوغى
أم كان قلبُك في جناحيْ طائرِ
وقال اللهُ تعالى عزَّ وجلَّ : ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ﴾ .
وقال سبحانه : ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ .
وقال الشاعرُ :
أقولُ لها وقدْ طارتْ شعاعاً
مِن الأبطالِ ويْحكِ لَنْ تُراعِي
فإنكِ لو سألتِ بقاء يومٍ
عن الأجلِ الذي لكِ لم تُطاعي
فصبراً في مجالِ الموتِ صبْراً
فما نيلُ الخلودِ بمستطاعِ
وما ثوبُ الحياة بثوبِ عِزٍّ
فيُخلعُ عن أخِ الخنعِ اليراعِ
إي والله ، فإذا جاء أجلُهم لا يستأخرون عنه ساعةً ولا يستقدمون .
قال عليٌّ رضي اللهُ عنه :
أيُّ يوميَّ مِن الموتِ افرُّ
يوم لا قُدِّر أمْ يوم قُدِرْ
يوم لا قُدِّر لا أرهبُهُ
ومِن المقدورِ لا ينجو الحَذِرْ
وقال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : اطلبوا الموت تُوهَبْ لكمُ الحياةُ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:46 am
وقفــة

لا تحزنْ : فإنَّ الله يدافعُ عنك، والملائكةُ تستغفرُ لك، والمؤمنون يشركونك في دعائِهمْ كلَّ صلاةٍ ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يشفعُ ، والقرآنُ يِعدُك وعداً حسناً ، وفوق هذا رحمةُ أرحم الراحمين .
لا تحزنْ : فإنَّ الحسنة بعشر أمثالِها إلى سبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ ، والسيئةُ بمثلها إلا أنْ يعفوَ ربّك ويتجاوز ، فكمْ للهِ مِن كرمٍ ما سُمع مثله ! ومن جودٍ لا يقاربُه جُودٌ!
لا تحزنْ : فأنت من روَّادِ التوحيدِ وحَملةِ الملَّةِ وأهلِ القبلةِ ، وعندك أصلُ حبِّ اللهِ وحبِّ رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتندمُ إذا أذنبت ، وتفرحُ إذا أحسنت ، فعندك خيرٌ وأنت لا تدري .
لا تحزنْ : فأنت على خيرٍ في ضرائِك وسرائِك ، وغناك وفقرِك ، وشدَّتِك ورخائِك ، (( عجباً لأمرِ المؤمنِ ، إنَّ أمرهَ كلَّه له خيرٌ ، وليسَ ذلك إلا للمؤمنِ ،نْ أصابْته سرَّاءَ فشكر كان خيراً له ، وإنْ أصابتْه ضرَّاءُ فصبر فكان خيراً له )) .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:48 am
الصبر على المكارِهِ وتحمُّلُ الشدائدِ
طريقُ الفوزِ والنجاحِ والسعادةِ

﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ﴾ . ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾. ﴿فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ﴾ . ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ . ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ ﴿اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ ﴾ .
قال عمرُ رضي اللهُ عنهُ : « بالصبرِ أدركنا حسْن العيشِ » .
لأهلِ السنةِ عند المصائبِ ثلاثةُ فنونٍ : الصبرُ ، والدُّعاءُ ، وانتظارُ الفَرَجِ .
وقال الشاعرُ :

سقيناهُمُو كأساً سقوْنا بمثلِها
ولكنَّنا كُنا على الموتِ أصبر


وفي حديث صحيح : (( لا أحد أصبرُ على أذى سمِعه من اللهِ : إنهم يزعمون أنَّ له ولداً وصاحبةً ، وإنهُ يعافيهم ويرزقُهم )) . وقال صلى الله عليه وسلم : (( رحِم اللهُ موسى ، ابتُلي باكثر من هذا فصبرَ )) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من يتصبَّرْ يُصبِّرهْ اللهُ )) .

دببتَ للمجدِ والساعون قد
بلغُوا
جهد النفوسِ وألقوا دونهُ الأُزُرَا

وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهمْ


وعانق المجد مَنْ أوفى ومنْ صبرا

لا تحسبِ المجد تمراً أنتَ آكلُهُ

لنْ تبلغ المجد حتى تلْعق الصَّبِرا


إن المعالي لا تُنالُ بالأحلامِ ، ولا بالرؤيا في المنامِ ، وإنَّما بالحزمِ والعَزْمِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:49 am
لا تحزنْ من فِعلِ الخَلْقِ مَعَكَ
وانظرْ إلى فعْلِهم مع الخالقِ

عندَ أحمد في كتابِ الزهدِ ، أن الله يقولُ : (( عجباً لك يا ابن آدم ! خلقتُك وتعبدُ غيري ، ورزقتُك وتشكرُ سواي ، أتحبَّبُ إليك بالنعمِ وأنا غنيٌّ عنك ، وتتبغَّضُ إليَّ بالمعاصي وأنت فقيرٌ إليَّ ، خيري إليك نازلٌ ، وشرُّك إليَّ صاعدٌ )) !! .
وقد ذكروا في سيرة عيسى عليه السلامُ أنه داوى ثلاثين مريضاً ، وأبرأ عميان كثيرين ، ثم انقلبوا ضدَّه أعداءً .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:49 am
لا تحزنْ منْ تعسُّر الرزقِ

فإنَّ الرزَّاق هو الواحدُ الأحدُ ، فعنده رِزْقُ العبادِ ، وقدْ تكفَّلَ بذلك ، ﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ .
فإذا كان اللهُ هو الرزاقُ فلِم يتملَّقُ البشرُ ، ولِم تُهانُ النفسُ في سبيلِ الرزقِ لأجل البشرِ ؟! قال سبحانه : ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ﴾ . وقال جلَّ اسمُه : ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:50 am
أسبابٌ تهوِّنُ المصائب

1. انتظارُ الأجرِ والمثوبةِ من عند اللهِ عزَّ وجلَّ : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ .
2. رؤيةُ المصابين :

ولولا كثرةُ الباكِين حولي
على إخوانِهمْ لَقَتَلْتُ نفسي

فالتفِتْ يَمْنَةً والتفتْ يَسْرَةً ، هل ترى غلا مصاباً أو ممتحناً ؟ وكما قيل : في كلِّ وادٍ بنو سعدٍ .
3. وأنها أسهلُ منْ غيرِها .
4. وأنها ليستْ في ديِنِ العبدِ ، وإنما في دنياه .
5. وأنَّ العبودية في التسليم عند المكارهِ أعظمُ منها أحياناً في المحابِّ .
6. وأنه لا حيلة :

فاتركِ الحيلة في تحويِلها
إنما الحيلةُ في تَرْكِ الحيَلْ


7. وأنَّ الخبرة للهِ ربِّ العالمين : ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:50 am
لا تتقمص شخصية غيرِك

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ﴾ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾ ﴿ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ﴾ .
الناسُ مواهبُ وقدراتٌ وطاقاتٌ وصنعاتٌ ، ومن عظمةِ رسولِنا r أنه وظَّف أصحابه حسب قُدراتِهمْ واستعداداتِهم ، فعليٌّ للقضاءِ ، ومعاذٌ للعِلْمِ ، وأُبيٌّ للقرآنِ ، وزيدٌ للفرائضِ ، وخالد للجهادِ ، وحسَّانُ للشعِر ، وقيسُ بنُ ثابتٍ للخطابةِ .

فوضْعُ الندى في موضعِ السيف بالعُلا
مُضِرٌّ كوضعِ السيفِ في موضعِ الندى


الذوبانُ في الغيرِ انتحارٌ تقمُّصُ صفاتِ الآخرين قتلٌ مُجْهِزٌ.
ومنْ آياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ : اختلافُ صفاتِ الناسِ ومواهبِهمْ ، واختلافِ ألسنتِهمْ وألوانِهمْ ، فأبو بكر برحمتِهِ ورفقِهِ نفعَ الأمةَ والملَّة ، وعمرُ بشدَّتِهِ وصلابتِهِ نصر الإسلامَ وأهله ، فالرضا بما عندك من عطاءٍ موهبةٌ ، فاستثمرها ونمِّها وقدِّمها وانفع بها ، ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ .
إنَّ التقليد الأعمى والانصهار المسرف في شخصياتِ الآخرين وأدٌ للموهبةِ ، وقَتْلٌ للإرادةِ وإلغاءٌ متعمَّدٌ التميُّزِ والتفرُّدِ المقصودِ من الخليقةِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:51 am
عـزُّ العزلةِ

وأقصدُ بها العزلة عن الشرِّ وفضولِ المباحِ ، وهي ممّا يشرحُ الخاطر ويُذهبُ الحزن .
قال ابن تيمية : لا لابدَّ للعبدِ من عزلةٍ لعبادتِه وذكرِه وتلاوتِه ، ومحاسبتِه لنفسِه ، ودعائِه واستغفارِه ، وبُعدِه عن الشرِّ ، ونحوِ ذلك .
ولقد عقد ابنُ الجوزي ثلاثة فصولٍ في ( صيْدِ الخاطرِ ) ، ملخَّصها أنه قال : ما سمعتُ ولا رأيتُ كالعزلة ، راحةً وعزّاً وشرفاً ، وبُعداً عن السوءِ وعن الشرِّ ، وصوْناً للجاهِ والوقتِ ، وحِفظاً للعمرِ ، وبعداً عن الحسَّادِ والثقلاءِ والشامتين ، وتفكُّراً في الآخرةِ ، واستعداداً للقاءِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، واغتناماً في الطاعةِ ، وجولان الفكر فيما ينفعُ ، وإخراج كنوزِ الحِكَمِ ، والاستنباط من النصوصِ .
ونحو ذلك من كلامِهِ ذكرهُ في العزلةِ هذا معناه بتصرُّف .
وفي العزلةِ استثمارُ العقلِ ، وقطْفُ جَنَى الفكرِ ، وراحةُ القلبِ ، وسلامةُ العرْض ، وموفورُ الأجرِ ، والنهيُ عن المنكر ، واغتنامُ الأنفاسِ في الطاعةِ ، وتذكُّرُ الرحيمِ ، وهجرُ الملهياتِ والمشغلاتِ ، والفرارُ من الفتنِ ، والبعدُ عن مداراةِ العدوِّ ، وشماتةِ الحاقدِ ، ونظراتِ الحاسدِ ، ومماطلةِ الثقيلِ ، والاعتذارِ على المعاتِبِ ، ومطالبةِ الحقوقِ ، ومداجاةِ المتكبِّرِ ، والصبرِ على الأحمقِ .
وفي العزلةِ سَتْرٌ للعوراتِ : عوراتِ اللسانِ ، وعثراتِ الحركاتِ ، وفلتاتِ الذهنِ ، ورعونةِ النفسِ .
فالعزلةُ حجابٌ لوجهِ المحاسنِ ، وصدَفٌ لدُرِّ الفضلِ ، وأكمامٌ لطلْع المناقبِ ، وما أحسن العزلةَ مع الكتابِ ، وفرةً للعمرِ ، وفسحةً للأجلِ ، وبحبوحةً في الخلوةِ ، وسفراً في طاعةِ ، وسياحةً في تأمُّلٍ .
وفي العزلةِ تحرصُ على المعاني ، وتحوزُ على اللطائفِ ، وتتأملُ في المقاصدِ ، وتبني صرح الرأيِ ، وتشيدُ هيْكلَ العقلِ .
والروحُ في العزلةِ في جَذلٍ ، والقلبُ في فَرَحٍ اكبرَ ، والخاطرُ في اصطيادِ الفوائدِ .
ولا تٌرائي في العزلةِ : لأنهُ لا يراك إلا اللهُ ، ولا تُسمعِ بكلامِك بشراً فلا يسمعك إلا السميعُ البصيرُ .
كلُّ اللامعين والنافعين ، والعباقرِة والجهابذةِ وأساطين الزمنِ ، وروَّادِ التاريخِ ، وشُداةِ الفضائلِ ، وعيونِ الدهرِ ، وكواكبِ المحافلِ ، كلُّهم سَقَوْا غَرْسَ نُبْلهم من ماءِ العزلةِ حتى استوى على سُوقِهِ ، فنبتتْ شجرةُ عظمتِهم ، فآتتْ أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّها .
قال عليُّ عبدِالعزيز الجُرْجانيُّ :

يقولون لي فيك انقباضُ وإنما

رأوا رجلاً عن موقفِ الذُّلِّ أحْجَما

إذا قيلَ هذا موردٌ قلتُ قدْ أَرَى


ولكنَّ نفس الحُرِّ تحتملُ الظَّما

ولم أقضِ حقَّ العلمِ إن كنتُ كلَّما


بدا طمعٌ صيَّرتُهُ لِيَ سُلَّما

أأشقى به غَرْساً وأجنيهِ ذلَّةً



إذن فاتَّباعُ الجهلِ قدْ كان أحزما


ولو أنَّ أهل العلمِ صانوه صانهمْ


ولو عظَّموه في النفوسِ لَعُظَّما

ولكنْ أهانُوهُ فهانوا ودنَّسوا

مُحَيَّاهُ بالأطماعِ حتى تهجَّما


وقال أحمدُ بنُ خليلٍ الحنبليُّ :

مَنْ أراد العزَّ والرا

حةَ مِن همِّ طويلِ

ليكُنْ فرداً من النا


سِ ويرضى بالقليلِ

كيف يصفو لامرئٍ ما


عاش مِنْ عيشٍ وبِيلِ

بين غمزٍ مِنْ ختولٍ


ومداجاةِ ثقيل ِ

ومداراةِ حسودٍ


ومعاناةِ بخيلِ

آهِ منْ معرفةِ النا

سِ على كلِّ سبيلِ


وقال القاضي عليُّ بن عبدالعزيزِ الجرجانُّي :

ما تطعَّمتُ لذةَ العيشِ حتَّى

صرتُ للبيتِ والكتابِ جليسا

ليس شيءٌ أعزّ من العلـ


ـم فما أبتغي سواهُ أنيسا

إنَّما الذُّل في مخالطةِ النا

سِ فدعْهُم وعِشْ عزيزاً رئيساً

وقال آخر :

أنِسْتُ بوحدتي ولزِمتُ بيتي

فدام لِي الهنا ونَمَا السرورُ

وقاطعتُ الأنامَ فما أبالي
أسارَ الجيشُ أم ركِبَ الأميرُ
وقال الحميدي المحدِّث :

لقاءُ الناسِ ليس يُفيدُ شيئاً

سوى الإكثارِ منْ قيلٍ وقالِ

فأقْلِلْ منْ لقاءِ الناسِ إلاَّ

لكسبِ العلمِ أو إصلاحِ حالِ

وقال ابنُ فارس :

وقالوا كيف حالُك قلتُ خيراً

تًقضَّى حاجةٌ وتفوتُ حاجُ

إذا ازدحمتْ همومُ الصدرِ قُلْنا


عسى يوماً يكونُ لهُ انفراجُ

نديمي هِرَّتي وأنيسُ نفسي

دفاترُ لي ومعشوقي السراجُ


قالوا : كلُّ من أحبَّ العزلة فهي عِزٌّ لهُ . ولك أن تراجع كتاب (( العزلةِ)) للخطَّابي .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:52 am
فوائد الشدائد

فإنَّ الشدائد تقوِّي القلب ، وتمحو الذنب ، وتقصِمُ العُجْبَ ، وتنسفُ الكِبْرَ ، وهي ذوبانٌ للغفلةِ ، وإشعالٌ للتذكُّرِ ، وجلْبُ عطفِ المخلوقين ، ودعاءٌ من الصالحين ، وخضوعٌ للجبروتِ ، واستسلامٌ للواحد القهارِ ، وزجْرٌ حاضرٌ ، ونذيرٌ مقدمٌ ، وإحياءٌ للذكرِ ، وتضرُّع بالصبرِ ، واحتسابٌ للغصصِ ، وتهيئةٌ للقدومِ على المولى ، وإزعاجٌ عن الركونِ على الدنيا والرضا بها والاطمئنان إليها ، وما خفي من اللطفِ أعظمُ ، وما سُتِرَ من الذنبِ أكبرُ ، وما عُفي من الخطأ أجلُّ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:53 am
وقفـةٌ

لا تحزنْ : لأنَّ الحزن يضعفُك في العبادةِ ، ويعطِّلك عن الجهادِ ، ويُورثُك الإحباط ، ويدعوك إلى سوء الظنِّ ، ويُوقعُك في التشاؤمِ .
لا تحزنْ : فإنَّ الحزن والقلق أساسُ الأمراضِ النفسيةِ ، ومصدرُ الآلامِ العصيبةِ ، ومادةُ الانهيارِ والوسواسِ والاضطرابِ .
لا تحزنْ : ومعك القرآنُ ، والذكرُ ، والدعاءُ ، والصلاةُ ، والصدقةُ ، وفعْلُ المعروفِ ، والعملُ النافعُ المثمِرُ .
لا تحزنْ : ولا تستسلمْ للحزن عن طريقِ الفراغِ والعطالةِ ، صلِّ .. سبِّحْ اقرأْ .. اكتبْ .. اعملْ .. استقبلْ .. زُرْ .. تأمَّلْ .
﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:53 am
قواعد في السعادة

اعلمْ أنك إذا لم تعِشْ في حدودِ يومِك تشتَّت ذهنُك ، واضطربتْ عليك أمورُك ، وكثرتْ همومُك وغمومُك ، وهذا معنى : (( إذا أصبحت فلا تنتظرِ المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظرِ الصباح )) .
انْس الماضي بما فيه ، فالاهتمامُ بما مضى وانتهى حُمْقٌ وجنونٌ .
لا تشتغلْ بالمستقبلِ ، فهو في عالمِ الغيبِ ، ودعِ التفكرَ فيه حتى يأتي .
لا تهتزَّ من النقدِ ، واثبتْ ، واعلمْ أنَّ النقد يساوي قيمَتَكَ .
الإيمانُ باللهِ ، والعملُ الصالحُ هو الحياةُ الطيبةُ السعيدةُ .
من أراد الاطمئنان والهدوء والراحةَ ، فعليه بذكرِ اللهِ تعالى .
على العبدِ أن يعلم أنَّ شيءٍ بقضاء وقدرٍ .
لا تنتظرْ شكراً من أحدٍ .
وطَِنْ نفسك على تلقِّي أسوأ الفروضِ .
لعلَّ فيما حصل خيراً لك .
كلُّ قضاءٍ للمسلمِ خيرٌ له .
فكِّرْ في النعمِ واشكرْ .
أنت بما عندك فوق كثيرٍ من الناسِ .
من ساعةٍ إلى ساعةٍ فَرَجٌ .
بالبلاءِ يُسْتَخْرَجُ الدعاءُ .
المصائبُ مراهمُ للبصائرِ وقوَّةٌ للقلبِ .
إنَّ مع العُسْرِ يُسْراً .
لا تقضِ عليك التوافِهُ .
إن رَّبك واسعُ المغفرةِ .
لا تغضبْ ، لا تغضبْ ، لا تغضبْ .
الحياةُ خبزٌ وماءٌ وظلٌّ ، فلا تكترثْ بغير ذلك .
﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ .
أكثر ما يٌخافْ لا يكونُ .
لك في المصابين أُسوةٌ .
إنَّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهُمْ .
كَرِّرْ أدعيةَ الكَرْبِ .
عليك بالعملِ الجادِّ المثمرِ ، واهجرِ الفراغ .
اتركِ الأراجيف ، ولا تصدقْ الشائعاتِ .
حقدُكَ وحرصُك على الانتقامِ يضُرُّ بصِحَّتِكَ أكثر مما يَضُرُّ الخصّمُ .
كلُّ ما يصيبك فهو كفَّارةٌ للذنوبِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:54 am
ولِم الحزنُ وعندك ستَّةُ أخلاطٍ ؟

ذكر صاحبُ ( الفرجِ بعد الشدةِ ) : أنَّ احدَ الحكماءِ ابتُليَ بمصيبةٍ ، فدخلَ عليه إخوانُه يعزُّونَهُ في المصابِ ، فقال : إني عملتُ دواءً من ستةِ أخلاطٍ . قالوا : ما هي ؟ قال : الخلطُ الأولُ : الثقةُ باللهِ . والثاني : علمي بأنَّ كلَّ مقدور كائنٌ . والثالثُ : الصبرُ خيرٌ ما استعملهُ الممتحنُون . والرابعُ : إنْ لم أصبرْ أنا فأيًّ شيء أعمل ؟! ولم أكنْ أُعين على نفسي بالجزع . والخامسُ : قد يمكنُ أن أكون في شرٍّ مما أنا فيه . والسادسُ : من ساعةٍ إلى ساعةٍ فَرَجٌ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:55 am
لا تَحْزَنْ إذا واجهتْكَ الصعابُ وداهمتْك المشاكلُ واعترضتك العوائق ، واصبر وتحمَّلُ


إنْ كانَ عندك يا زمانُ بقيَّةٌ
مما تُهينُ بهِ الكرامَ فهاتِها


إنَّ الصبر أرفقُ من الجزعِ ، وإنَّ التحمل أشرفُ من الخورِ ، وإن الذي لا يصبرُ اختياراً سوف يصبرُ اضطراراً .
وقال المتنبي :

رماني الدهرُ بالأرزاءِ حتى

فؤادي في غشاءٍ من نبالِ

فصرتُ إذا أصابتني سهامٌ


تكسَّرتِ النصالُ على النصالِ

فعشتُ ولا أُبالي بالرزايا

لأني ما انتفعتُ بأنْ أُبالي


وقال أبو المظفر الأبيوردي :

تنكَّرَ لي دهري ولم يدرِ أنني

أَعِزُّ وأحداثُ الزمانِ تهُونُ

فبات يُريني الدهرُ كيف اعتداؤُهُ

وبِتُّ أُريهِ الصبر كيف يكونُ


إن الكوخ الخشبيَّ ، وخيمةَ الشَّعْرِ ، وخبز الشعيرِ ، أعزُّ وأشرفُ – مع حفظِ ماءِ الوجهِ وكرامةِ العِرْضِ وصوْنَ النفسِ – من قَصْرٍ منيفٍ وحديقةٍ غنَّاءَ مع التعكيرِ والكَدَرِ .
المحنةُ كالمرض ، لابدَّ له من زمن حتى يزول ، ومن استعجل في زوالهِ أوشك أن يتضاعف ويستفحل ، فكذلك المصيبةُ والمِحْنَةُ لابدَّ لها من وقتٍ ، حتى تزول آثارُها ، وواجبُ المبتلي : الصبرُ وانتظارُ الفرجِ ومداومةُ الدُّعاءِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:56 am
وقفـــة

﴿ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ . ﴿ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ﴾ . ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ . ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾ . ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ . ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾ . ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ . ﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ . ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ . ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ﴾ . ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ .
قال الشاعرُ :

متى تصفُو لك الدنيا بخيرٍ

إذا لم ترض منها بالمزاجِ

ألم تر جوهر الدنيا المصفَّى


ومخرجهُ من البحرِ الأُجاجِ

ورُبَّ مُخيفةٍ فجأتْ بِهوْلٍ


جرتْ بمسرَّةٍ لك وابتهاجِ

ورُبَّ سلامةٍ بَعْدَ امتناعٍ

وربَّ إقامةٍ بَعْدَ اعوِجاجِ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:57 am
وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ

إنّ من أسباب السعادة : الانقطاع إلى مطالعة الكتاب ، والاهتمام بالقراءة ، وتنمية العقلِ بالفوائدِ .
والجاحظ يُوصِك بالكتاب والمطالعة ، لتطرد الحزن عنك فيقول :
والكتاب هو الجليسُ الذي لا يُطرِيك ، والصديقُ الذي لا يُغرِيك ، والرفيقُ الذي لا يَمَلُّك ، والمستميحُ الذي لا يستريثك ، والجارُ الذي لا يستبطيك ، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملقِ ، ولا يعاملُك بالمكْر ، ولا يخدعُك بالنفاق ، ولا يحتالُ لك بالكذِبِ .
والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك ، وشحذ طباعك ، وبسط لسانك ، وجوَّ بنانك ، وفخَّم ألفاظك ، وبحبح نفسك ، وعمَّرَ صدرك ، ومنحك تعظيم العوامِّ ، وصداقة الملوك ، وعرفت به شهرٍ ما لا تعرفه من أفواهِ الرجال في دهْرٍ ، مع السلامة من الغُرْمِ ، ومن كدِّ الطلب ، ومن الوقوفِ ببابِ المكتسب بالتعليم ، ومن الجلوس بين يدي مَن أنت أفضلُ منه خُلُقاُ ، وأكرمُ منه عِرقاً ، ومع السلامة من مجالسة البغضاء ، ومقارنة الأغنياء .
والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضَرِ ، ولا يعتلُّ بنومٍ ، ولا يعتريهِ كَلَلُ السهرِ ، وهو المعلِّمُ الذي إن افتقرت إليه لم يخْفِرْك ، وإن قطعت عنه المادة لم يقطعْ عنك الفائِدةَ ، وإن عزلته لم يدعْ طاعتك ، وإن هبَّت ريحُ أعاديك لم ينقلبْ عليك ، ومتى كنت معه متعلِّقاً بسبب أو معتصماً بأدنى حبْل كان لك فيه غنىً من غيره ، ولم تضرَّك معه وحشةُ الوحدة إلى جليسِ السوءِ ، ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه إليك إلاَّ منْعُه لك من الجلوس على بابِك ، والنظرُ إلى المارة بك . مع ما في ذلك من التعرُّض للحقوق التي تلزم ، ومن فضولِ النظرِ ، ومن عادةِ الخوْضِ فيما لا يعنيك ، ومن ملابسةِ صغارِ الناسِ ، وحضورِ ألفاظهم الساقطة ، ومعانيهم الفاسدة ، وأخلاقِهم الرديئة ، وجهالاتهم المذمومة . لكان في ذلك السلامةُ ثم الغنيمةُ ، وإحرازُ الأصل مع استفادةِ الفرْعِ ، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه يشغلك عن سخف المُنى ، وعن اعتياد الراحةِ وعن اللَّعبِ ، وكل ما أشبه اللعب ، لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة وأعظم المِنَّةَ .
وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الفُرَّاغُ نهارهم ، وأصحاب الفكاهات ساعاتِ ليلهم : الكتابُ ، وهو الشيء الذي لا يُرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ولا عقل ولا مروءة ، ولا في صوْن عِرض ، ولا في إصلاح دينٍ ، ولا في تثمير مال ، ولا في رب صنيعةٍ ولا في ابتداءِ إنعامٍ .
* أقوالٌ في فضل الكتاب :
وقال أبو عبيدة : قال المهلَّب لبنيه في وصيته : يا بَنِيَّ ، لا تقوموا في الأسواق إلا على زرَّاد أو ورَّاق .
وحدّثني صديق لي قال : قرأتُ على شيخ شامي كتاباً فيه من مآثرِ غطفان ، فقال : ذهبتِ المكارم إلا من الكتب . وسمعتُ الحسن اللؤلؤي يقول: غبرتُ أربعين عاماً ما قِلتُ ولا بتُ ولا اتكأتُ ، إلا والكتاب موضوع على صدري .
وقال ابن الجهم : إذا غشيني النعاس في غير وقت نوم . وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة . تناولتُ كتاباً من كتب الحِكم ، فأجدُ اهتزازي للفوائد ، والأريحية التي تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة ، والذي يغشى قلبي من سرور الاستبانة ، وعزُّ التبين أشدُّ إيقاظاً من نهيقِ الحميرِ ، وهدَّةِ الهَدْمِ .
وقال ابنُ الجهم : إذا استحسنتُ الكتاب واستجدتُه ، ورجوتُ منه الفائدة ، ورأيتُ ذلك فيه ، فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظرُ كم بقي من ورقة مخافة استنفاده ، وانقطاع المادة من قلبه ، وإن كان المصحفُ عظيم الحجمِ كثير الورقِ كثير العددِ فقد تمَّ عيشي وكمل سروري .
وذكر العتبي كتاباً لبعض القدماء فقال : لولا طولُه وكثرةُ ورقِهِ لنسختُه . فقال ابن الجهم : لكني ما رغَّبني فيه إلا الذي زهَّدك فيه ، وما قرأتُ قطُّ كتاباً كبيراً فأخلاني من فائدة ، وما أحصي كم قرأتُ من صغار الكتب فخرجتُ منها كما دخلتُ ! .
وأجلُّ الكتب وأشرفها وأرفعها : ﴿ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ .

* فوائد القراءة والمطالعة :
طردً الوسواسِ والهمِّ والحزنِ .
اجتنابُ الخوضِ في الباطلِ .
الاشتغالُ عن البطَّالين وأهلِ العطالةِ .
فتْقُ اللسان وتدريبٌ على الكلام، والبعدُ عن اللَّحْنِ، والتحلِّي بالبلاغةِ والفصاحةِ.
تنميةُ العَقْلِ ، وتجويدُ الذِّهْنِ ، وتصفيةُ الخاطِرِ .
غزارةُ العلمِ ، وكثرةُ المحفوظِ والمفهومِ .
الاستفادةُ من تجاربِ الناسِ وحكمِ الحكماءِ واستنباطِ العلماءِ .
إيجادُ المَلَكَةِ الهاضمةِ للعلومِ ، والمطالعةُ على الثقافات الواعية لدورها في الحياة .
زيادةُ الإيمانِ خاصَّةً في قراءة كتبِ أهلِ الإسلامِ ، فإن الكتاب من أعظم الوعَّاظ ، ومن أجلِّ الزاجرين ، ومن أكبر الناهين ، ومن أحكمِ الآمرين .
راحةٌ للذِّهن من التشتُّتِ ، وللقلب من التشرذُمِ ، وللوقتِ من الضياعِ .
الرسوخُ في فَهْمِ الكلمةِ ، وصياغةِ المادةِ ، ومقصودِ العبارةِ ، ومدلولِ الجملةِ ، ومعرفةِ أسرارِ الحكمةِ .

فروحُ الروحِ أرواحُ المعاني
وليس بأنْ طعمت ولا شربتا

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:57 am
وقفــة

مرض أبو بكرٍ رضي الله عنه فعادوه ، فقالوا : ألا ندعو لك الطبيب ؟ فقال : قد رآني الطبيب . قالوا : فأيُّ شيء قال لك ؟ قال : إني فعّالٌ لما أريدُ .
قال عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه : وجدنا خَيْرَ عيشنِا بالصبرِ .
وقال أيضاً : أفضلُ عيشٍ أدركناه بالصبر ، ولو أنَّ الصبر كان من الرجالِ كان كريماً .
وقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا إن الصَّبْرَ من الإيمان بمنزلة الرأسِ من الجسدِ ، فإذا قُطع الرأسُ بار الجسمُ ، ثم رَفَعَ صوتَه فقال : إنه لا إيمان لمن لا صَبْرَ له . وقال : الصبرُ مطيَّةٌ لا تَكْبُو .
وقال الحسن : الصبر كَنْزٌ من كنوزِ الخيرِ ، لا يعطيه اللهُ إلا لعبدٍ كريمٍ عنده .
وقال عمرُ بنُ عبدالعزيز : ما أنعم اللهُ على عبدٍ نعمةً ، فانتزعَها منه ، فعاضه مكانها الصبر ، إلاَّ كان ما عوَّضه خيراً مما انتزعهُ .
وقال ميمون بنُ مهران : ما نال أحد شيئاً من ختمِ الخيرِ فيما دونه إلا الصبر .
وقال سليمان بنُ القاسم : كلُّ عمل يُعرف ثوابه إلا الصبرَّ ، قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ قال : كالمال المنهمر .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:58 am
لا تحزنْ لأنَّ هناك مشهداً آخر وحياةً أخرى ، ويوماً ثانياً

يجمع الله فيه الأوَّلين والآخرين ، وهذا يجعلك تطمئنُّ لعدلِ اللهِ ، فَمَنْ سُلِبَ مالُه هنا وجده هناك ، ومن ظُلم هنا أُنصف هناك ، ومن جار هنا عُوقِب هناك !!
نُقل عن « كانت » الفيلسوف الألماني أنه قال : (( إن مسرحيَّة الحياة الدنيا لم تكتملْ بَعْدُ ، ولابدَّ من مشهدٍ ثانٍ ؛ لأننا نرى هنا ظالماً ومظلوماً ولم نجدْ الإنصاف ، وغالباً ومغلوباً ولم نجد الانتقام ، فلابدَّ إذن من عالمٍ آخر يتمُّ فيه العَدْلُ )) .
قال الشيخ علي الطنطاوي معلِّقاً : وهذا الكلام اعتراف ضمني باليوم الآخر والقيامة ، من هذا الأجنبي .

إذا جارَ الوزيرُ وكاتبِاهُ

وقاضي الأرضِ أجحف في القضاءِ

فَوَيْلٌ ثم وَيْلٌ ثُمَّ ويْلٌ

لقاضي الأرضِ من قاضي السماءِ

﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 12:59 am
أقوالٌ عالميةٌ ونُقولاتٌ من تجاربِ القومِ

كتب « روبرت لويس ستيفنسون » : (( فكل إنسان يستطيع القيام بعمله مهما كان شاقّاً في يوم واحد ، وكل إنسانٍ يستطيعُ العيش بسعادة حتى تغيب الشمسُ . وهذا ما تعنيه الحياة )) .
قال أحدهم : (( ليس لك من حياتِك إلا يومٌ واحد ، أمس ذهب ، وغَدٌ لم يأتِ )) .
كتب « ستيفن ليكوك » : فالطفل يقول : حين أصبح صبيّاً ، والصبيُّ يقول : حين أُصبح شابّاً . وحين أُصبح شابّاً أتزوج . ولكن ماذا بعد الزواج؟ وماذا بَعْدَ كل هذه المراحل؟ تتغيرُ الفكرة نحو : حين أكون قادراً على التقاعُد . ينظر خلفه ، وتلفحه رياح باردة ، لقد فقد حياته التي ولَّت دون أن يعيش دقيقةً واحدة منها ، ونحن نتعلَّم بعد فواتِ الأوانِ أنَّ الحياة تقعُ في كل دقيقة وكلِّ ساعة من يومنا الحاضرِ )) .
وكذلك المسوّفُون بالتوبة .
قال أحد السلف : (( أنذرتُكم ( سوف ) ، فغنها كلمةٌ كم منعت من خير وأخَّرت من صلاح )) .
﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ .
يقول الفيلسوف الفرنسي « مونتين » : (( كانت حياتي مليئة بالحظِّ السيئ الذي لم يرحمْ أبداً )) .
قلتُ : هؤلاء لم يعرفوا الحكمة من خلْقهم ، على الرغم من ذكائهم ومعارفهم ، لكن لم يهتدوا بهدي الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ . ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ .
يقول : « دانسي » : (( فكِّرْ إن هذا اليوم لن ينبثق ثانيةً )) .
قلتُ : وأجملُ منه وأكملُ حديث : (( صلِّ صلاةَ مودِّعٍ ))
ومن جعل في خلدِهِ أن هذا اليوم الذي يعيشُ فيه آخرُ أيامِهِ ، جدَّدَ توبته ، وأحسن عمله ، واجتهد في طاعِة ربِّهِ واتباعِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم .
كتب المثل المسرحي الهندي الشهير « كاليداسا » :
تحيةً للفجر
انظرْ إلى هذا النهار
لأنه هو الحياة ، حياة الحياة
في فترتِهِ ، تُوجد مختلفُ حقائقِ وجودِك
نعمةُ النُّمُوِّ
العملُ المجيدُ
وبهاءُ الانتصارِ
ولأن الأمس ليس سوى حُلُمٍ
والغَدُ ليس إلا رُؤًى
لكنَّ اليوم الذي تعيشه بأكمله يجعل الأمس حُلْماً جميلاً
وكل غد رؤيةً للأملِ
فانظر جيِّداً إلى هذا النهار
هذه هي تحية الفجر

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:00 am
اسألْ نفسك هذه الأسئلة

أغلق الأبواب الحديديَّة على الماضي والمستقبل ، وعشْ دقائقَ يومِك :
هل أقصد أن أؤجِّل حياتي الحاضرة من أجل القلقِ بشأنِ المستقبلِ ، أو الحنينِ إلى (( حديقة سحرية وراء الأُفُقِ )) ؟
هل أجعل حاضري مريراً بالتطلُّعِ إلى أشياء حَدَيَثْ في الماضي ، حَدَثَتْ وانقضتْ مع مرورِ الزمنِ ؟
هل أستيقظُ في الصباحِ ، وقد صمَّمْتُ على استغلالِ النهارِ ، والإفادةِ القصوى من الساعات الأربعِ والعشرين المقبلة ؟
هل أستفيد من الحياة إذا ما عشتُ دقائق يومي ؟
متى سأبدأُ في القيام بذلك ؟ الأسبوع المقبل ؟ .. في الغدِ ؟ .. أو اليومَ ؟
اسألْ نفسك : ما اسوأُ احتمالٍ يمكنُ أنْ يَحْدُث ؟ ثم :
- جهِّزْ نفسك لقبولهِ وتحمُّلِهِ .
- باشْرِ بهدوءٍ لتحسين ذلك الاحتمالِ . ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:01 am
وقفــــة

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ . ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ﴾ .
(( واعلم أن النصر مع الصبرِ ، وأن الفرج مع الكرْبِ ، وأنَّ مع العُسْرِ يُسْراً )) .
(( أنا عند ظنِّ عبدي بي فلْيَظُنَّ بي ما شاء )) .
﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ .
﴿ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ﴾ .
﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:02 am
الحزنُ يحطِّمُ القوَّة ويهدُّ الجسم

قال الدكتور « ألكسيس كاريل » الحائز على جائزة نوبل في الطبِّ : (( إن رجال الأعمالِ الذين لا يعرفون مجابهة القلقِ ، ويموتون باكراً )) .
قلتُ : كلُّ شيء بقضاءٍ وقدرٍ ، لكن قد يكون المعنى : أن من الأسباب المتلفة للجسم المحطِّمة للكيان ، هو القلقُ . وهذا صحيح .
(( والحزنُ أيضاً يثيرُ القُرْحة! )) :
يقول الدكتور « جوزيف ف . مونتاغيو » مؤلف كتاب (( مشكلة العصبية )) ، يقول فيه: (( أنت لا تُصاب بالقُرْحَةِ بسببِ ما تتناولُ من طعامٍ ، بل بسببِ ما يَأْكُلُك )) !!.
قال المتنبي :

والهمُّ يخترمُ الجسيم نحافةً
ويُشيبُ ناصية الغلامِ ويُهرِمُ

وطبقاً لمجلة « لايف » تأتي القُرْحَةُ في الدرجة العاشرةِ من الأمراض الفتَّاكة .
وإليك بعض آثارِ الحُزْنِ :
تُرجمت لي قطعة من كتاب الدكتور إدوار بودولسكي ، وعنوانه : (( دعِ القلق وانطلق نحو الأفضلِ )) إليك بعضاً من عناوين فصولِ هذا الكتاب :
ماذا يفعلُ القلقُ بالقلبِ .
ضغطُ الدمِ المرتفع يغذِّيه القلقُ .
القَلَقُ يمكن أن يتسبب في أمراضِ الروماتيزم .
خفِّفْ من قلقِك إكراماً لمعدتِك .
كيف يمكن أن يكون القلقُ سبباً للبردِ .
القلق والغدَّةُ الدرقيةُ .
مصابُ السكري والقلقُ .
وفي ترجمة لكتاب د. كارل مانينغر ، أحد الأطباء المتخصصين في الطبِ النفسي ، وعنوانه : (( الإنسان ضدّ نفسه )) ، يقول : (( لا يعطيك الدكتور مانينغر قواعدَ حولَ كيفيةِ اجتنابِ القلقِ ، بل تقريراً مذهلاً عن كيف نحطمُ أجسادنا وعقولنا بالقلقِ والكبْتِ ، والحقدِ والازدراءِ ، والثورةِ والخوْفِ )) .
إن من أعظم منافع قوله تعالى : ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ : راحة القلب ، وهدوءَ الخاطِرِ ، وسعَةَ البالِ والسعادة .
وفي مدينة « بوردو » الفرنسية ، يقول حاكمها الفيلسوف الفرنسي « مونتين » : (( أرغبُ في معالجة مشاكلكم بيدي وليس بكبدي ورئتيَّ )) .
ماذا يفعل الحزنُ ، والهمُّ والحِقْدُ ؟
وضع الكتور راسل سيسيل – من جامعة « كورنيل » ، معهد الطب – أربعة أسبابٍ شائعة تسبب في التهابِ المفاصلِ :
انهيارُ الزواجِ .
الكوارثُ الماديةُ والحزنُ .
الوحدةُ والقلقُ .
الاحتقارُ والحِقْدُ .
وقال الدكتور وليم مالك غوينغل ، في خطاب لاتحاد أطباء الأسنان الأمريكيين : (( إن المشاعر غَيْرِ السارَّةِ مِثْل القلقِ والخوفِ .. يمكن أن تؤثر في توزيع الكالسيوم في الجسم ، وبالتالي تؤدي إلى تَلَفِ الأسنانِ )) .
وتناول أمورك بهدوء :
يقول دايل كارنيجي : (( إن الزنوج الذين يعيشون في جنوبِ البلادِ والصينيين نادراً ما يُصابون بأمراض القلبِ الناتجةِ عن القلقِ ؛ لأنهم يتناولون الأمور بهدوء )) .
ويقول : (( إن عدد الأمريكيين الذين يُقبلون على الانتحار هو أكثر بكثير من الذين يموتون نتيجة للأمراض الخمسة الفتَّاكة )) .
وهذه حقيقة مذهلة تكادُ لا تصدَّقُ !
حسِّنْ ظنَّك بربِّك :
قال وليم جايمس: ((إن الله يغفرُ لنا خطايانا، لكن جهازنا العصبي لا يفعل ذلك أبداً))!
ذكر ابن الوزير في كتابه «العواصم والقواصم» : ((إن الرجاء في رحمة الله - عزَّ وجلَّ - يفتح الأمل للعبدِ، ويقوِّيه على الطاعةِ ، ويجعلُه نشيطاً في النوافلِ سابقاً إلى الخيراتِ)) .
قلتُ : وهذا صحيح ، فإن بعض النفوس لا يصلحها إلا تذكُّر رحمة الله وعفوه وتوبته وحلمه ، فتدنو منه ، وتجتهدُ وتثابرُ .
إذا هامَ بِك الخيالُ :
يقول توماس أدسون : (( لا توجد وسيلةٌ يلجأُ إليها الإنسانُ هَرَباً من التفكير )) .
وهذا صحيح بالتجربة ، فإن الإنسان قد يقرأُ أو يكتبُ وهو يفكرُ ، ولكن من أحسن ما يحدُّ التفكير ويضبطه العملُ الجادُّ المثمرُ النافعُ ، فإن أهل الفراغ أهلُ خيالٍ وجنوحٍ وأراجيف .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:02 am
رحِّبْ بالنَّقدِ البنِّاءِ

يقولُ أندريه مورو : (( إنَّ كلَّ ما يتفقُ مع رغباتِنا الشخصيةِ يبدو حقيقيّاً ، وكلَّ ما هو غيرُ ذلك يُثير غضبنا .
قلتْ وكذلك النصائح والنقدُ ، فالغالبُ أننا نحبُّ المدح ونَطْرَبُ لهُ ، ولو كان باطلاً ، ونكرهُ النقد والذّّمَّ ولو كان حقّاً وهذا عيبٌ وخطأٌ خطيرٌ .
﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ{48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾ .
يقولُ وليمُ جايمس : (( عندما يتمُّ التوصلُّ إلى قرارٍ يُنفَّذُ في نفسِ اليومِ ، فإنك ستتخلَّص كليّاً من الهمومِ لبتي ستسيطرُ عليك فيما أنت تفكرُ بنتائجِ المشكلةِ ، وهو يعني أنك إذا اتخذت قراراً حكيماً يركزُ على الوقائعِ ، فامضِ في تنفيذِهِ ولا تتوقَّف متردِّداً أو قلِقاُ أو تتراجعٌ في خطواتِك ، ولا تضيَّعْ نفسك بالشكوكِ التي لا تلدُ غلاَّ الشكوك ، ولا تستمرَّ في النظرِ إلى ما وراءِ ظهرك )) .
واشدوا في ذلك :

ومٌشتَّتُ العزماتِ يُنفقُ عمرهُ
حيران لا ظفرٌ ولا إخفاقُ

وقال آخرُ :

إذا كنت ذا رأي فكنُ ذا عزيمةٍ
فإنَّ فساد الرأي أة تتردَّدا

إن الشجاعة في اتخاذِ القرارِ إنقاذ لك من القلقِ والاضطرابِ . ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:04 am
لا تتوقفْ متفكِّراً أو متردِّداً
بل اعملْ وابذُلْ واهجرِ الفراغ

يقولُ الدكتورُ ريتشاردز كابوت : أستاذُ الطبِّ في جامعةِ ( هارفرد ) ، في كتابةِ بعنوان ( بم يعيشُ الإنسانُ ) : (( بصفتي طبيباً ، أنصحُ بعلاجِ ( العملِ ) للمرضى الذين يعانون من الارتعاشِ الناتجِ عن الشكوكِ والتردُّدِ والخوفِ .. فالشجاعةُ التي يمنحُها العملُ لنا هي مثلُ الاعتمادِ على النَّفسِ الذي جعله ( أمرسونُ ) دائم الرَّوعةِ )) .
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ﴾ .
يقولُ جورج برناردشو : (( يمكنُ سرُّ التعاسةِ في أن يتاح لك وقتٌ لرفاهيةِ التفكيرِ ، فيما إذا كنت سعيداً أو لا ، فلا تهتمَّ بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكاً في العمل ، عندئذ يبدأُ دمُك في الدورانِ ، وعقُلك بالتفكيرِ ، وسرعان ما تُذهِبُ الحياةُ الجديدة القلق من عقلِك ! عملْ وابق منهمكاً في العملِ ، فإنَّ أرخص دواءٍ موجودٍ على وجهِ الأرضِ وأفضلُه )) .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ .
يقولُ دزرائيلي : « الحياةُ قصيرةٌ جداً ، لتكون تافهةً » .
وقال بعض حكماءِ العربِ : « الحياةُ أقصرُ من أن نقصِّرها بالشحناءِ » .
﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ{112} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ{113} قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ .

أكثرُ الشائعاتِ لا صحَّة لها :
يقولُ الجنرالُ جورج كروك – وهو ربما أعظمُ محاربٍ هنديٍّ في التاريخ الأمريكيِّ – في صفحة 77 من مذكراته : « إنَّ كلَّ قلقِ وتعاسةِ الهنودِ تقريباً تصدرُ من مخيلتِهمْ وليس من الواقعِ » .
قال سبحانهُ وتعالى: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ ﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ ﴾ .
يقولُ الأستاذُ هوكسْ – من جامعة « كولومبيا » - إنه اتخذ هذهِ الترنيمة واحداً من شعاراتِهِ : « لكلَّ علّةٍ تحت الشمس يُوجدُ علاجٌ ، أو لا يوجدُ أبداً ، فإنْ كان يوجدُ علاجٌ حاول أن تجدهُ ، وإن لم يكنْ موجوداً لا تهتمَّ بهِ » .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( ما أنزل اللهُ من داءٍ إلا أنزل له دواء علِمهُ من عَلِمَهُ وجهِلَهُ مَنْ جهِلَهُ )) .
الرفقُ يجنبُك المزالق :
قال أستاذٌ يابانيٌّ لتلاميذهِ : « الانحناءُ مثلُ الصَّفصاصِ ، وعدمُ المقاومةِ مثلُ البلُّوط » .
وفي الحديث : (( المؤمنُ كالخامةِ من الزرعِ ، تفيئُها الريحُ يَمْنَةً ويَسْرَةً )) .
والحكيمُ كالماءِ، لا يصطدمُ في الصخرةِ، لكنه يأتيها يَمْنَةً ويسْرَةُ ومِنْ فوقِها ومِنْ تحِتها.
وفي الحديثِ : (( المؤمنُ كالجملِ الأنِفِ ، لو أُنيخ على صخرةٍ لأناخ عليها )) .
ما فات لن يعود :
﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ .
وقف الدكتورُ بول براندوني ، وألقى بزجاجةِ حليبٍ إلى الأرضِ ، وهتف قائلاً : « لا تبكِ على الحليب المُراق » .
وقالتِ العامَّة : الذي لم يُكْتَبْ لك عسيرٌ عليك .
وقال آدمُ لموسى عليهما السلامُ : أتلومني على شيءٍ كتبهُ اللهُ عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين عاماً ؟ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدم موسى )) .
وابحث عن السعادةِ في نفسك وداخلكِ لا من حولِك وخارجِك .
قال الشاعرُ الإنجليزيُّ ميلتون : (( إنَّ العقل في مكانهِ وبِنفسِهِ يستطيعُ أن يجعل الجنة جحيماً ، والجحيم جنةً )) !
قال المتنبي :

ذو العقْلِ يشقى في النعيمِ بعقلِهِ
وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعمُ


فالحياةُ لا تستحقُّ الحزن :
قال نابليونُ في « سانت هيلينا » : « لم أعرفْ ستة أيامٍ سعيدةِ في حياتي » !!
قال هشامُ بنُ عبدِالملكِ -الخليفةُ-:. « عددتُ أيام سعادتي فوجدتُها ثلاثة عَشَرَ يوماً »
وكان أبوه عبدُالملكِ يتأوَّه ويقولُ : « يا ليتني لمْ أتولَّ الخلافة » .
قال سعيدُ بنُ المسيبِ : الحمدُ للهِ الذي جعلهُمْ يفرُّرون إلينا ولا نفرُّ إليهم .
ودخل ابن السماكِ الواعظُ على هارون الرشيدِ ، فظمئ هارونُ وطلب شرْبة ماءٍ ، فقال ابنُ السماكِ : لو مُنعتَ هذهِ الشربة يا أمير المؤمنين ، أتفتديها بنصفِ ملكك ؟ قال : نعم . فلمّا شربها ، قال : لو مُنعت إخراجها ، أتدفعُ نصف ملكك لتخرُج ؟ قال : نعم . قال ابنُ السماكِ : فلا خير في ملكٍ لا يساوي شربة ماءٍ .
إنَّ الدنيا إذا خلتْ من الإيمانِ فلا قيمة لها ولا وزن ولا معنى .
يقولُ إقبالُ :

إذا الإيمانُ ضاع فلا أمانٌ

ولا دنيا لِمنْ لم يُحيي دينا

ومن رضي الحياة بغيرِ دينٍ

فقدْ جعل الفناء لها قرينا


قال أمرسونُ في نهايةِ مقالتهِ عن ( الاعتمادِ على النفسِ ) : « إنَّ النصر السياسيَّ ، وارتفاع الأجورِ ، وشفاءك من المرضِ ، أو عودة الأيامِ السعيدةِ تنفتحُ أمامك ، فلا تصدِّقُ ذلك ؛ لأنَّ الأمر لن يكون كذلك . ولا شيء يجلبُ لك الطمأنينة إلا نفسُك » .
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ .
حذَّر الفيلسوفُ الروائيُّ أبيكتويتوس : « بوجوب الاهتمامِ بإزالةِ الأفكارِ الخاطئةِ من تفكيرِنا ، أكثر من الاهتمامِ بإزالةِ الورمِ والمرضِ منْ أجسادِنا » .
والعجبُ أنَّ التحذير من المرض الفكريِّ والعقائديِّ في القرآن أعظمُ من المرضِ الجسمانيِّ ، قال سبحانه : ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ .
تبنِّى الفيلسوفُ الفرنسيُّ مونتين هذه الكلماتِ شعاراً في حياتِهِ : « لا يتأثرُ الإنسانُ بما يحدثُ مثلما يتأثرُ برأيِهِ حول ما يحدثُ » .
وفي الأثر : (( اللهم رضِّني بقضائك حتى أعلم أن ما أصابني لم يكنْ ليخطئني ، وما أخطأني لم يكن ليصيبني )) .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:05 am
وقفـــة ٌ

لا تحزنْ : لأنَّ الحزن يُزعجُك من الماضي ، ويخوِّفك من المستقبلِ ، ويُذهبُ عليك يومك .
لا تحزنْ : لأنَّ الحزن ينقبضُ له القلبُ ، ويعبسُ له الوجهُ ، وتنطفئُ منهُ الروحُ ، ويتلاشى معه الأملُ .
لا تحزنْ : لأنَّ الحزن يسرُّ العدوَّ ، ويغيظُ الصديق ، ويُشْمِت بك الحاسد ، ويغيِّرُ عليك الحقائق .
لا تحزنْ : لأنَّ الحزن مخاصمةٌ للقضاءِ ، وتبرُّمٌ بالمحتومِ ، وخروجٌ على الأنسِ ، ونقمةٌ على النعمةِ .
لا تحزنْ : لأنَّ الحزن لا يردُّ مفقوداً وذاهباً ، ولا يبعثُ ميِّتا ، ولا يردُّ قدراً ، ولا يجلبُ نفعاً .
لا تحزنْ : فالحزنُ من الشيطانِ والحزنُ يأسٌ جاثمٌ ، وفقرٌ حاضرٌ ، وقنوطٌ دائمٌ ، وإحباطٌ محقَّقٌ ، وإخفاقٌ ذريعٌ .
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ{1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ{3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ{4} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{6} فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ{7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:06 am
لا تحزنْ ما دمْتَ مؤمناً بالله

إنَّ هذا الإيمان هو سرُّ الرضا والهدوءِ والأمنِ ، وإنَّ الحَيْرَةَ والشقاءَ مع الإلحادِ والشكِّ . ولقدْ رأيتُ أذكياء – بل عباقرةً – خلتْ أفئدتُهمْ من نورِ الرسالِة ، فطفحتْ ألسنتُهمْ عنِ الشريعةِ .
يقولُ أبو العلاءِ المعرِّيُّ عنِ الشريعةِ : تناقضٌ ما لنا إلا السكوتُ له !!
ويقولُ الرازيُّ : نهاية إقدامِ العقولِ عِقالُ .
ويقولُ الجويني ، وهو لا يدري أين اللهُ : حيَّرني الهمدانيُّ ، حيرني الهمدانيُّ .
ويقولُ ابنُ سينا : إنَّ العقل الفعَّال هو المؤثِّرُ في الكونِ .
ويقولُ إيليا أبو ماضي :

جئتُ لا أعلمُ مِن أين ولكنيِّ أتيتُ
ولقد أبصرتُ قُدَّامي طريقاً فمشيتُ

إلى ير ذلك من الأقوالِ التي تتفاوتُ قُرباً وبُعداً عن الحقِّ .
فعلمتُ أنه بحسبِ إيمان العبدِ يسعدُ ، وبحسبِ حيْرِتِهِ وشكِّه يشقى ، وهذهِ الأطروحاتُ المتأخرةُ بناتٌ لتلك الكلماتِ العاتيةِ منذُ القِدم ، والمنحرفُ الأثيمُ فرعون قال : ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ . وقال : ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ .
ويا لها من كفريَّاتٍ دمَّرَتِ العالم .
يقولُ جايمس ألين ، مؤلفُ كتاب « مثلما يفكرُ الإنسانُ » : « سيكتشفُ الإنسانُ أنهُ كلما غيَّر أفكاره إزاء الأشياءِ والأشخاصِ الآخرين ، ستتغيرُ الأشياءُ والأشخاصُ الآخرون بدورِهِمْ .. دعْ شخصاً ما يغيِّرُ أفكارهُ ، وسندهشُ للسرعةِ التي ستتغيرُ بها ظروفُ حياتِهِ الماديةِ ، فالشيءُ المقدَّسُ الذي يشكِّل أهدافنا هو نفسنا .. » .
وعن الأفكارِ الخاطئةِ وتأثيرِها ، يقولُ سبحانه: ﴿بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾ . ﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ .
ويقولُ جايمس ألين أيضاً : « وكلُّ ما يُحقِّقه الإنسانُ هو نتيجةٌ مباشرةٌ لأفكارهِ الخاصَّةِ .. والإنسانُ يستطيعُ النهوض فقطْ والانتصارَ وتحقيق أهدافِهِ منْ خلالِ أفكارِهِ ، وسيبقى ضعيفاً وتعِساً إذا ما رفض ذلك » .
قال سبحانه عن العزيمةِ الصادقةِ والفكرِ الصائبِ : ﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ ﴾ .
وقال : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:06 am
لا تحزنْ للتوافِهِ فإنّ الدنيا بأسْرها تافهةٌ

رُمي أحدُ الصالحين الكبارُ بين براثِنِ الأسدِ ، فأنجاه اللهُ منه ، فقالوا له : فيم كنت تفكِّر ؟ قال : أفكِّر في لعابِ الأسدِ ، هلْ هو طاهرٌ أم لا !! . وماذا قال العلماءُ فيهِ .

ولقد ذكرتُ الله ساعة خوفِهِ

للباسلين مع القنا الخطَّارِ

فنسيتُ كلَّ لذائذٍ جيَّاشةٍ

يوم الوغى للواحدِ القهارِ

إنَّ الله – جلَّ في علاه – مايز بين الصحابةِ بحسبِ مقاصدهِمْ ، فقال : ﴿ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ﴾ .
ذكر ابنُ القيم أنَّ قيمة الإنسانِ همتُه ، وماذا يريدُ ؟! .
وقال أحدُ الحكماءِ : أخبرْني عن اهتمامِ الرجلِ أُخبرْكَ أيُّ رجلٍ هو .

ألا بلَّغ اللهُ الحمى من يريدُهُ
وبلَّغ أكناف الحِمى من يريدُها

وقال آخرُ :

فعادوا باللّباسِ وبالمطايا
وعدْنا بالملوكِ مصفَّدينا

انقلب قاربٌ في البحرِ ، فوقع عابدٌ في الماءِ ، فأخذ يوضِّئ أعضاءه عضواً عضواً ، ويتمضمضُ ويستنشقُ ، فأخرجهُ البحرُ ونجا ، فسئل عنْ ذلك ؟ فقال : أردتُ أن أتوضأ قبل الموتِ لأكون على طهارةٍ .

للهِ دَرُّك ما نسيت رسالةً

قدسيةً ويداك في الكُلاَّبِ

أفديكَ ما رمشتْ عيونُك رمشةُ

في ساعةُ والموتُ في الأهدابِ

الإمامُ أحمدُ في سكراتِ الموتِ يشيرُ إلى تخليلِ لحيتِهِ بالماءِ وهمُ يوضِّئونه !!
﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:07 am
العفو العفوَ

فإنك إنْ عفوت وصفحتَ نلت عزَّ الدنيا وشرفَ الآخرةِ : ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ .
يقولُ شكسبيرُ : « لا توقدِ الفرن كثيراً لعدِّوك ، لئلاَّ تحرق به نفسك » .

فقلْ للعيونِ الرُّمدِ للشمسِ أعينٌ

تراها بحقٍّ في مغيبٍ ومطْلعِ

وسامحْ عيوناً أطفأ اللهُ نورها

بأبصارِها لا تستفيقُ ولا تعي

وقال أحدُهم لسالمِ بنِ عبدِالله بنِ عمر العالمِ التابعيِّ : إنك رجلُ سوء! فقال : ما عَرَفَني إلاَّ أنت .
قال أديبٌ أمريكيٌ : « يمكنُ أن تحطِّم العِصيُّ والحجارةُ عظامي ، لكنلنْ تستطيع الكلماتُ النيْل مني » .
قال رجل لأبي بكر : واللهِ لأسبنَّك سبّاً يدخلُ معك قبرك ! فقال أبو بكر : بلْ يدخلُ معك قبرك أنت !! .
وقال رجلٌ لعمروِ بن العاصِ : لأتفرغنَّ لحربِك . قال عمروٌ الآن وقعت في الشغلِ الشاغِلِ .
يقولُ الجنرالُ أيزنهاور: «دعونا لا نضيِّعُ دقيقةً من التفكيرِ بالأشخاصِ الذين لا نحبُّهم»
قالتِ البعوضةُ للنخلةِ : تماسكي ، فإني أريدُ أنْ أطير وأدَعَكِ . قالتِ النخلةُ : واللهِ ما شعرتُ بكِ حين هبطتِ عليَّ ، فكيف أشعرُ بكِ إذا طرتِ ؟!
قال حاتمٌ :

وأغفرُ عوراء الكريم ادِّخارهُ
وأُعرضُ عن شتْم اللئيمِ تكرُّما


قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ . وقال تعالى : ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ﴾ .
قال كونفوشيوس : « إنَّ الرجل الغـاضب يمتلئ دائماً سُمّاً » .
وفي الحديثِ : (( لا تغضبْ ، لا تغضبْ ، لا تغضبْ )) .
وفيه : (( الغضبٌ جمرةٌ من النار )) .
إنَّ الشيطان يصرعُ العبدَ عند ثلاثٍ : الغضبِ ، والشَّهوةِ ، والغَفْلَةِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:09 am
العالم خُلِق هكذا

يقولُ ماركوس أويليوس – وهو من أكثر الرجالِ حكمةً ممن حكموا الإمبراطورية الرومانية – ذات يوم : « سأقابلُ اليوم أشخاصاً يتكلَّمون كثيراً ، أشخاصاً أنانيِّين جاحدين ، يحبُّون أنفسهم، لكن لن أكون مندهشاً أو منزعجاً من ذلك، لأنني لا أتخيلُ العالم من دونِ أمثالهم »!
يقولُ أرسطو : « إنَّ الرجل المثاليَّ يفرحُ بالأعمالِ التي يؤديها للآخرين ، وبخجلُ إن أدى الآخرون الأعمال لهُ ، لأن تقديم العطفِ هو من التفوقِ ، لكنْ تلقِّي العطفِ هو دليلُ الفشل » .
وفي الحديث : (( اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى )) .
والعليا هي المعطيةُ ، والسفلى هي الآخذةُ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:09 am
لا تَحْزَنْ إذا كان معك كِسْرةُ خُبْزٍ
وغرفةُ ماءٍ وثوْبٌ يَسْتُرُكَ

ضلَّ أحدُ البحارةِ في المحيطِ الهادي وبقي واحداً وعشرين يوماً ، ولما نجا سألهُ الناسُ عن أكبرِ درسٍ تعلَّمه ، فقال : إنَّ أكبر درسٍ تعلمتُه منْ تلك التجربةِ هو : إذا كان لديك المال الصافي ، والطعامُ الكافي ، يجبُ أنْ لا تتذمَّر أبداً !
قال أحدُهم : الحياةُ كلُّها لقمةٌ وشَرْبَةٌ ، وما بقي فضلٌ .
وقال ابنُ الوردي :

مُلْكُ كِسرى عنهُ تُغني كِسرةٌ
وعنِ البحرِ اجتزاءٌ بالوشلْ

يقولُ جوناثان سويفت : « إنَّ أفضل الأطباءِ في العالمِ همْ : الدكتورُ ريجيم، والدكتورُ هادئ ، والدكتورُ مرِح ، وإنَّ تقليل الطعامِ مع الهدوءِ والسرورِ علاجٌ ناجعٌ لا يسألُ عنه » .
قلتُ : لأنَّ السمنة مرضٌ مزمنٌ ، والبطنةُ تُذهبُ الفِطنةَ والهدوُء متعةٌ للقلبِ وعيدٌ للروحِ ، والمرحُ سرورٌ عاجلٌ وغذاءٌ نافعٌ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:10 am
لا تحزَنْ من محنةٍ فقدْ تكونُ منْحة
ولا تحزنْ من بليَّةٍ فقد تكونُ عطية

قال الدكتورُ صموئيل جونسون : « إن عادة النظر إلى الجانبِ الصالحِ من كلِّ حادثةٍ ، لهو أثمنُ من الحصول على ألفِ جنيهٍ في السنةِ » .
﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
وعلى الضدِّ يقولُ المتنبي :

ليت الحوادث باعتني التي أخذتْ
مني بحلمي الذي أعطتْ وتجريبي

وقال معاوية : لا حليم إلا ذو تجربة .
قال أبو تمامٍ في الأفشين :

كمْ نعمةٍ لله كانتْ عندهُ
فكأنها في غُربةٍ وإسارِ

قال أحدُ السَّلفِ لرجلٍ من المترفين : إني أرى عليك نعمةً ، فقيِّدْها بالشكرِ .
قال تعالى : ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ ، ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:11 am
كن نفسك

يقولُ الدكتور جايمس غوردون غليلكي : « إنَّ مشكلة الرغبةِ في أنْ تكون نفسك ، هي قديمةٌ قِدَمَ التاريخ ، وهي عامَّةٌ كالحياةِ البشريةِ . كما أنَّ مشكلة عدمِ الرغبةِ هي في أن تكون نَفسك هي مصدرُ الكثيرِ من التوترِ والعُقدِ النفسيةِ » .
وقال آخر : « أنت في الخليقةِ شيءٌ آخرُ لا يشبهك أحدٌ ، ولا تشبهُ أحداً ، لأنَّ الخالق – جلّ في علاه – مايز بين المخلوقين » . قال تعالى : ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ .
كتب إنجيلو باتري ثلاثة عشَرَ كتاباً، وآلاف المقالاتِ حول موضوعِ «تدريبِ الطفلِ» ، وهو يقولُ : « ليس من أحدٍ تعِسٍ كالذي يصبو إلى أنْ يكون غيْر نفسهِ ، وغَيْرَ جسدهِ وتفكيرِه » .
قال سبحانه وتعالى : ﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ .
لكلٍّ صفاتٌ ومواهبُ وقدراتٌ فلا يذوبُ أحدٌ في أحدٍ .

أَوْرَدَهَا سعدٌ وسعدٌ مُشتَمِلْ
ما هكذا تُورَدُ يا سعْدُ الإبِلْ


إنكَ خُلقت بمواهب محدَّدةٍ لتودي عملاً محدَّداً ، وكما قالوا : اقرأ نفسكَ ، واعرف ماذا تقدِّمُ .
قال أمرسونُ في مقالتِهِ حول « الاعتمادِ على النفسِ » : « سيأتي الوقتُ الذي يصلُ فيه علمُ الإنسانِ إلى الإيمانِ بأنَّ الحَسَدَ هو الجَهْلُ ، والتقليدَ هو الانتحارُ ، وأن يعتبر نفسه كما هي مهما تكنِ الظروفُ ؛ لأنَّ ذاك هو نصيبُه . وأنهُ رغم امتلاءِ الكون بالأشياءِ الصالحةِ ، لنْ يحصل على حبَّةِ ذُرةٍ إلا بعد زراعةِ ورعايةِ الأرضِ المعطاةِ لهُ ، فالقوى الكامنةُ في داخلِهِ ، هي جديدةٌ في الطبيعةِ ، ولا أحد يعرفُ مدى قدرتِه ، حتى هو لا يعرفُ ، حتى يجرِّب » .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:11 am
وقفــة

هذه آياتٌ تقوِّي من رجائِك ، وتشدُّ عَضُدَك ، وتحسِّنُ ظنَّك بريِّك .
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ .
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ .
﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ .
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ .
﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ .
﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:13 am
رُبَّ ضارةِ نافعةٌ

يقولُ وليم جايمس : « عاهاتُنا تساعدُنا إلى حدٍّ غَيْرِ متوقَّعٍ ، ولو لمْ يعشْ دوستيوفسكي وتولستوي حياةً أليمةً لما استطاعا أنْ يكتبا رواياتِهما الخالدةَ ، فاليُتمُ ، والعمى ، والغربةُ ، والفقرُ ، قد تكونُ أسباباً للنبوغِ والانجازِ ، والتقدمِ والعطاءِ » .

قد ينُعمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عظمتْ
ويبتلي اللهُ بعض القومِ بالنعمِ

إنَّ الأبناء والثراءَ ، قد يكونون سبباً في الشقاءِ : ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
ألَّف ابنُ الأثيرِ كُتبهُ الرائعة ، كـ : «جامعِ الأصولِ»، و «النهايةِ»، بسببِ أنهُ مُقْعَدٌ .
وألَّف السرخسي كتابه الشهير « المبسوط » خمسة عشر مجلَّداً ؛ لأنهُ محبوسٌ في الجُبِّ!
وكتب ابنُ القيم ( زاد المعاد ) وهو مسافرٌ !
وشرح القرطبيُّ ( صحيح مسلم ) وهو على ظهرِ السفينةِ !
وجُلُّ فتاوى ابنِ تيمية كتبها وهو محبوسٌ !
وجمع المحدِّثون مئاتِ الآلافِ من الأحاديثِ لأنهمْ فقراءُ غرباءُ .
وأخبرني أحدُ الصالحين أنه سُجن فحفظ في سجنِهِ القرآن كلَّه ، وقرأ أربعين مجلَّداً !
وأملى أبو العلاء المعري دواوينه وكُتُبه وهو أعمى !
وعمي طه حسين فكتب مذكّراته ومصنَّفاتِه !
وكم من لامعٍ عُزِل من منصبِه ، فقدَّم للأمةِ العلم والرأي أضفاف ما قدَّم مع المنصبِ .
يقولُ فرانسيسُ بايكون : « قليلٌ من الفلسفةِ يجعلُ الإنسان يميلُ إلى الإلحادِ ، لكنَّ التعمُّق في الفلسفةِ يقرِّب عقل الإنسان من الدِّينِ » .
﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ . ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ .
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ﴾ .
يقولُ الدكتورُ أ. أ . بريل : « إنّ أيَّ مؤمنٍ حقيقي لنْ يُصاب بمرضٍ نفسيٍّ » .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾ .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ .
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:14 am
الإيمانُ أعظمُ دواء

يقول أبرزُ أطباءِ النفسِ الدكتورُ كارل جائغ في الصفحة (264) من كتابِهِ « الإنسانُ الحديثُ في بحثهِ عنِ الروحِ » : « خلال السنواتِ الثلاثين الماضيةِ ، جاء أشخاصٌ من جميعِ أقطارِ العالمِ لاستشارتي ، وقد عالجتُ مئاتِ المرضى ، ومعظمُهم في منتصفِ مرحلةِ الحياةِ ، أيْ فوق الخامسةِ والثلاثين من العمرِ ، ولمْ يكنْ بينهمْ من لا تعودُ مشكلتُه إلى إيجادِ ملجأ ديني يتطلَّع من خلالِهِ إلى الحياةِ ، وباستطاعتي أنْ أقول : إن كلاّ منهم مرِض لأَّنهُ فقد ما مَنحهُ الدينُ للمؤمنين ، ولم يُشْف من لمْ يستعِد إيمانه الحقيقيَّ » .
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:15 am
اللهُ يجيبُ المُضْطرَّ

كاد المهاتما غاندي – الزعيمُ الهنديُّ بعد بوذا – ينهارُ لولا أنه استمدَّ الإلهام من القوةِ التي تمنحُها الصلاةُ ، وكيف لي أنْ أعلم ذلك ؟ لأنَّ غاندي نفسهُ قال : لو لمْ أصلِّ لأصبحتُ مجنوناً منذُ زمنٍ طويلٍ .
هذا وغاندي ليس مسلماً ، وإنما هو على ضلالةٍ ، لكنهُ على مذهبِ : ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ . ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ . ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
سبرتُ أقوال علماءِ الإسلامِ ومؤرخيهم وأدبائِهمْ في الجملةِ ، فلمْ أجدْ ذاك الكلام عن القلقِ والاضطرابِ والأمراضِ النفسيةِ ، والسببُ أنهم عاشوا من دينِهمْ في أمن وهدوءٍ ، وكانتْ حياتُهم بعيدةً عن التعقيدِ والتكلُّفِ : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ .
اسمعْ قول أبي حازمٍ ، إذْ يقولُ : « إنما بيني وبين الملوكِ يومٌ واحدٌ ، أما أمسِ فلا يجدون لذَّته ، وأنا وهُمْ منْ غدٍ على وَجَلٍ ، وإنما هو اليومُ ، فما عسى أن يكون اليومُ ؟! » .
وفي الحديثِ: (( اللهمَّ إني أسالُك خَيْرَ هذا اليومٍ : بركته ونَصْرَهُ ونُورَهُ وهدايتَهُ )).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ﴾ وقولٌه تعالى : ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾ .
وقال الشاعر :

فإنْ تكنِ الأيامُ فينا تبدِّلتْ

بِبُؤسى ونُعْمَى والحوداثُ تفعلُ

فما ليَّنتْ منّا قناةً صليبة


ولا ذللتنا للتي ليس تجملُ

ولكنْ رحلناها نفوساً كريمةً


تُحمَّلُ مالا يُستطاعُ فتحملُ

وقيْنا بحسنِ الصبر منَّا نفوسنا

وصحَّتْ لنا الأعراضُ والناسُ هُزَّلُ

﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147} فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:15 am
لا تحزنْ فالحياةُ أقصرُ ممَّا تتصوَّرُ

ذكر دايلْ كارنيجي قصَةَ رجل أصابَتْه قُرْحةٌ في أمعائه ، بلغ منْ خطورتِها أنَّ الأطباء حدَّدوا لهُ أوان وفاتِهِ ، وأوعزُوا إليه أنْ يجهِّزَ كَفَنَهُ . قال : وفجأة اتخذ « هاني » - اسم المريضِ – قراراً مدهشاً إنهُ فكَّرَ في نفسِهِ : إذا لم يبق لي في هذهِ الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ، فلماذا لا أستمتعُ بهذا الأمدِ على كلِّ وجه ؟ لطالما تمنيتُ أنْ أطوف حول العالمِ قبل أنْ يدركني الموتُ ، ها هو ذا الوقتُ الذي أحقِّق فيه أمنيتي . وابتاع تذكرة السفر ، فارتاع أطباؤه ، وقالوا له : إننا نحِذّرُك ، إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدفنُ في قاعِ البحرِ !! لكنه أجاب : كلا لنْ يحدث شيءٌ من هذا ، لقدْ وعِدتُ أقاربي ألا يدفن جثماني إلا في مقابرِ الأسرةِ . وركب « هاني » السفينة ، وهو يتمثَّل بقولِ الخيامِ :

تعال نروي قصةً للبشرْ

ونقطعُ العمرَ بحُلْوِ السَّمَرْ

فما أطال النومُ عمراً وما

قصَّرَ في الأعمارِ طولُ السّهرْ

وهذه أبيات يقولها وثنٌّي غير مسلم .
وبدأ الرجلُ رحلةً مُشبعةً بالمرحِ والسرورِ ، وأرسل خطاباً لزوجتِهِ يقولُ فيه : لقد شربتُ وأكلتُ ما لذَّ وطاب على ظهرِ السفينِة ، وأنشدتُ القصائد ، وأكلتُ ألوان الطعامِ كلَّها حتى الدَّسِم المحظور منها، وتمتعتُ في هذه الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي حياتي. ثم ماذا؟!
ثم يزعمُ دايل كارنيجي أنَّ الرجل صحَّ من علَّتِهِ ، وأنَّ الأسلوب الذي سار عليه أسلوبٌ ناجعٌ في قهْرِ الأمراضِ ومغالبةِ الآلامِ !!
إنني لا أوافقُ على أبياتِ الخيَّامِ ، لأنَّ فيها انحرافاً عن النهج الرَّبانيِّ ، ولكنَّ المقصود من القصةِ : أن السرور والفرح والارتياح أعظمُ بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبيَّة .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:16 am
اقنع واهدأ

قالَ ابنُ الروميِّ :

قرَّب الحِرْصُ مركباً لِشقيّ

إنما الحِرْصُ مركبُ الأشقياءِ

مرحباً بالكفافِ يأتي هنيئاً

وعلى المُتعباتِ ذيلُ العفاءِ

﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ .
يقول دايل كارنيجي : « لقدْ أثبت الإحصاءُ أنّ القَلَقَ هو القائلُ ( رقم1) في أمريكا ، ففي خلالِ سنِّي الحربِ العالميةِ الأخيرةِ ، قُتِلَ من أبنائِنا نحو ثُلُثِ مليون مقاتلٍ ، وفي خلالِ هذه الفترةِ نفسِها قضى داءُ القلبِ على مليونيْ نسمةٍ . ومن هؤلاءِ الأخيرين مليونُ نسمةٍ كان مرضهُمْ ناشئاً عنِ القلقِ وتوتُّرِ الأعصابِ » .
نعمْ إنَّ مرض القلبِ من الأسباب الرئيسيةِ التي حدتْ بالدكتورِ « ألكسيس كاريل » على أن يقول: «إن رجال الأعمالِ الذين لا يعرفون كيف يكافحون القلق ، يموتون مبكِّرين»
والسببُ معقولٌ ، والأجلُ مفروغٌ منه : ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً ﴾ .
وقلَّما يمرضُ الزنوجُ في أمريكا أو الصينيون بأمراضِ القلبِ ، فهؤلاءِ أقوامٌ يأخذون الحياة مأخذاً سهلاً ليِّناً ، وإنك لترى أن عدد الأطباءِ الذين يموتون بالسكتةِ القلبيةِ يزيدُ عشرين ضِعْفاً على عددِ الفلاحين الذين يموتون بالعلَّة نفسِها ، فإنَّ الأطباء يحيوْن حياةً متوترةً عنيفةً ، يدفعون الثمن غالياً . « طبيبٌ يداوي الناس وهو عليلُ » !!

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:17 am
الرضا بما حصل يُذهبُ الحُزْن

وفي الحديث : (( ولا نقولُ إلا ما يُرضي ربَّنا )) .
إنَّ عليك واجباً مقدَّساً ، وهو الانقيادُ والتسليمُ إذا داهمك المقدورُ، لتكون النتيجةُ في صالحِك ، والعاقبةُ لك ؛ لأنك بهذا تنجو من كارثةِ الإحباطِ العاجلِ والإفلاسِ الآجلِ .
قال الشاعرُ :

ولما رأيتُ الشِّيْب لاح بعارضي

ومَفْرِقِ رأسي قلتُ للشَّيب مرحبا

ولو خِفْتُ أني إنْ كَفَفْتُ تحيتي


تنكَّب عني رُمْتُ أنْ يتنكبا

ولكن إذا ما حلَّ كُرْهٌ فسامحتْ

به النفسُ يوماً كان للكُرْهِ أذهبا

لا مفرَّ إلا أن تؤمن بالقدرِ ، فإنهُ سوف ينفُذُ ، ولو انسلخت من جلدِك وخرجت من ثيابِك !!
نُقِلَ عن إيمرسون في كتابه « القدرةُ على الإنجازِ » حيث تساءل : « منْ أين أَتَتْنا الفكرةُ القائلةُ : إن الحياة الرغدة المستقرةَ الهادئة الخالية من الصعابِ والعقباتِ تخلقُ سعداء الرجالِ أو عظماءهم ؟ إنَّ الأمر على العكسِ ، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهِمْ سيواصلون الرثاءَ لأنفسهم ولو ناموا على الحريرِ ، وتقلَّبُوا في الدِّمقسِ . والتاريخُ يشهدُ بأنَّ العظمة والسعادة الخبيثُ ، وبيئاتٌ لا يتميزُ فيها بين طيبٍ وخبيثٍ ، في هذه البيئاتِ نَبَتَ رجالٌ حملوا المسؤولياتِ على أكتافِهم ، ولم يطرحوها وراء ظهورِهم » .
إنَّ الذين رفعوا علم الهدايةِ الربانيَّةِ في الأيامِ الأولى للدعوةِ المحمدية هم الموالي والفقراءُ والبؤساءُ ، وإنَّ جُلَّ الذين صادمُوا الزحف الإيمانيَّ المقدَّس همْ أولئك المرموقون والوجهاءِ والمترفون : ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ . ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ . ﴿أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ . ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ . ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ . ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ{31} أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ﴾ .
وإني لأذكرُ بيتاً لعنترة ، وهو يخبرُنا أنَّ قيمته في سجاياه ومآثِرِهِ ونُبْلِهِ لا في أصلِهِ وعنصرِهِ ، يقولُ :

إن كنتُ فإني سيدٌ كَرَماً
أوْ أسود اللونِ إني أبيضُ الخُلُقِ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:17 am
إنْ فقدت جارحةً من جوارحك
فقدْ بقيتْ لك جوارحُ

يقولُ ابنُ عباس :

إنْ يأخذِ اللهُ من عينيَّ نورهما

ففي لساني وسمعي منهما نورُ

قلبي ذكيٌّ وعقلي غيرُ ذي عِوجٍ

وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مأثورُ

ولعلَّ الخير فيما حَصَلَ لك من المصابِ ، ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾.
يقولُ بشَّارُ بنُ بُرْدٍ :

وعيَّرني الأعداءُ والعيبُ فيهمو

فليس بعارٍ أن يُقال ضريرُ

إذا أبصر المرءُ المروءة والتُّقى


فإنَّ عمى العينينِ ليس يضيرُ

رأيتُ العمى أجراً وذُخراً وعِصْمةً

وإني إلى تلك الثلاثِ فقيرُ

انظرْ إلى الفرقِ بين كلامِ ابنِ عباسٍ وبشَّارِ ، وبين ما قاله صالحُ بن عبدالقدوسِ لمَّا عَمي :

على الدنيا السلامُ فما لشيخٍ

ضريرِ العينِ في الدنيا نصيبُ

يموتُ المرءُ وهو يُعَدُّ حيّاً


ويُخلِفُ ظنَّهُ الأملُ الكذوبُ

يُمنِّيني الطبيبُ شفاء عيني

فإنَّ البعض مِن بعضٍ قريبُ

إن القضاء سوف ينفذُ لا محالة ، على القابِل لهُ والرافضِ لهُ ، لكنَّ ذاك يُؤجَرُ ويسْعَدُ ، وهذا يأثمُ ويشقى .
كتب عمرُ بن عبدالعزيزِ إلى ميمون بن مهران : كتبت تعزّيني على عبدالملكِ ، وهذا أمرٌ لم أزل أنتظرهُ ، فلمّا وقع لم أُنكِرْهُ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:18 am
الأيامُ دُولٌ

يُروى أنّ أحمد بن حنبل – رحمه الله- زار بقيَّ بن مخلدٍ في مرضٍ له فقال له : « يا أبا عبدالرحمن ، أبشرْ بثوابِ اللهِ ، أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها ، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها .. » .
والمعنى : أن أيام الصحةِ لا يعرضُ المرضُ فيها بالبالِ ، فتقوى عزائمُ الإنسانِ ، وتكثر آمالُه ، ويشتدُّ طموحُه . وأيامُ المرضِ الشديدِ لا تعرضُ الصحةُ بالبالِ ، فيخيِّم على النفسِ ضعف الأملِ ، وانقباض الهمَّةِ وسلطان اليأس . وقولُ الإمامِ أحمد مأخوذٌ من قولهِ تعالى : ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ{10} إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ .
قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ – رحمهُ اللهُ - : « يخبرُ اللهُ تعالى عن الإنسانِ وما فيهِ من الصفاتِ الذميمةِ ، إلا منْ رحم اللهُ من عبادِهِ المؤمنين ، أنه إذا أصابتْه شدَّةٌ بعد نعمةٍ ، حصل له يأسٌ وقنوطٌ من الخيرِ بالنسبةِ إلى المستقبلِ ، وكفرٌ وجحودٌ لماضي الحالِ ، كأنه لم ير خيراً ولم يرجُ فرجاً » .
وهكذا إن أصابتهُ نعمةٌ بعد نقمةٍ : ﴿ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ﴾ .
أي يقولُ : ما ينالني بعد هذا ضيمٌ ولا سوءٌ ، ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾ .
أي فرح بما في يدِهِ ، بطرٌ فخورٌ على غيره . قال اللهُ تعالى : ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:18 am
سيروا في الأرض


قال أحدُهُمْ : السفرُ يذهبُ الهموم .
قال الحافظُ الرامهرمزيُّ في كتابِهِ « المحدِّثُ الفاضلُ » ، في بيانِ فوائدِ الرحلةِ في طلبِ العلمِ والمتعِ الحاصلةِ بها ، ردّاً على من كرِه الرحلة وعابها ما يلي :
« ولو عَرَفَ الطاعنُ على أهلِ الرِّحلةِ مقدار لذَّةِ الرَّاحلِ في رحلتِهِ ونشاطِهِ عند فصولِهِ منْ وطنهِ ، واستلذاذِ جميعِ جوارحِهِ ، عند تصرُّفِ الأقطارِ وغياضِها ، وحدائِقِها ، ورياضِها ، وتصفُّح الوجوهِ ، ومشاهدةِ ما لمْ ير منْ عجائبِ البلدانِ ، واختلافِ الألسنةِ والألوانِ ، والاستراحةِ في أفياءِ الحيطانِ ، وظلالِ الغيطانِ ، والأكلِ في المساجدِ ، والشربِ من الأوديةِ ، والنومِ حيثُ يدركهُ الليلُ ، واستصحابِ منْ يحبُّهُ في ذاتِ اللهِ بسقوطِ الحشمةِ ، وتركِ التصنُّعِ ، وكلِّ ما يصلُ إلى قلبهِ من السرورِ عنْ ظفرِهِ ببغيتِهِ ، ووصولِهِ إلى مقصدِهِ ، وهجومِهِ على المجلسِ الذي شمَّرَ لهُ ، وقطع الشُّقَّةَ إليه – لعلَّمَهُ أنَّ لذَّاتِ الدنيا مجموعةٌ في محاسن تلك المشاهدِ ، وحلاوةِ تلك المناظرِ ، واقتناصِ تلك الفوائدِ ، التي هي عند أهلِها أبهى منْ زهرِ الربيعِ ، وأنفسُ من ذخائرِ العِقيانِ ، من حيثُ حُرِمها الطاعنُ وأشباهُهُ » .

قوِّضْ خيامك عنْ ربْهٍ أُهِنْت بهِ
وجانِبِ الذُّلَّ إنَّ الذُّلَّ يُجتَنَبُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:19 am
وقفـــةٌ

((إنَّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمنْ رضي فله الرِّضا، ومنْ سخطَ فَلَهُ السَّخْطُ)) .
(( أشدُّ الناسِ بلاء الأنبياءُ ، ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ يُبتلى الرجلُ على قدرِ دينهِ ، فإنْ كان في دينهِ صلابةٌ أشتدَّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقَّةٌ ابتُلي على قدرِ دينه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ ، حتى يتركهُ يمشي على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ )) .
(( عجباً لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَّهُ كلَّه خيرٌ !! وليس ذاك لأحدِ إلا للمؤمنِ ، إن أصابتْه سرَّاء شكر فكان خيراً له ، وإنْ أصابتهُ ضرَّاء صبر فكان خيراً له )) .
(( واعلمْ أنَّ الأمة لو اجتمعتْ على أنْ ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبُ اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أنْ يضرُّوك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قدْ كتبهُ اللهُ عليك )).
(( يُبتلى الصالحون الأمثلُ فالأمثلُ )) .
(( المؤمنُ كالخامةِ من الزرعِ تُفيِّئُها الريحُ يَمنْةً ويَسْرةً )) .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:20 am
حتَّى في سكراتِ الموتِ تبسَّمْ

فهذا أبو الريحانِ البيرونيُّ ( ت440 ) ، مع الفسحةِ في التعميرِ فقدْ عاش 78 سنةً مُكِبّاً على تحصيلِ العلومِ ، مُنْصَبّاً إلى تصنيفِ الكتبِ ، يفتحُ أبوابها ويحيطُ بشواكلِها وأقرابِها – يعنى : بغوامضِها وجليّاتِها – ولا يكادُ يفارقُ يده القلمُ ، وعينه النظرُ ، وقلبه الفكرُ ، إلا فيما تمسُّ إليه الحاجةُ في المعاشِ منْ بُلْغة الطعامِ وعلقةِ الرياشِ ، ثم هِجِّيراهُ – أي دَيْدَنُهُ – في سائرِ الأيامِ من السنةِ : علمٌ يُسفرُ عن وجههِ قناع الإشكالِ ، ويحسرُ عن ذراعيْةِ أكمالُ الإغلاقِ .
حدَّث الفقيهُ أبو الحسنِ عليُّ بنُ عيسى ، قال : دخلتُ على أبي الريحانِ وهو يجودُ بِنفْسِهِ – أيْ وهو في نزْعِ الروحِ قارب الموتَ – قد حشرجتْ نفسُهُ ، وضاق بها صدرُهُ ، فقال لي في تلك الحالِ : كيف قلت لي يوماً حسابُ الجدَّاتِ الفاسدةِ ؟ أيْ الميراثُ ، وهي التي تكونُ من قِبل الأمِّ ، فقلتُ له إشفاقاً عليه : أفي هذهِ الحالةِ ؟ قال لي : يا هذا ، أودِّعُ الدنيا وأنا عالمٌ بهذهِ المسألة ، ألا يكون خيراً من أنْ أخلِّيها وأنا جاهلٌ بها ؟! فأعدتُ ذلك عليهِ ، وحفِظَ وعلَّمني ما وعد ، وخرجتُ من عندِهِ فسمعتُ الصراخ!! إنها الهممُ التي تجتاحُ ركام المخاوفِ .
والفاروقُ عمرُ في سكراتِ الموتِ ، يثعبُ جرحُه دماً ، ويسألُ الصحابة : هلْ أكمل صلاتهُ أمْ لا ؟! .
وسعدُ بنُ الربيع في (( أُحدٍ)) مضرَّج بدمائِهِ ، وهو يسألُ في آخرِ رَمَقٍ عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، إنها ثباتةُ الجأشِ وعمارُ القلبِ !

وقفتَ ما في الموتِ شكٌّ لواقفِ

كأنك في جفنِ الردى وهو نائمُ

تمرُّ بكَ الأبطالُ كلمى هزيمةً

ووجهُك وضاحٌ وثغرُك باسمُ


قال إبراهيمُ بنُ الجراحِ : مرض أبو يوسف فأتيتُه أعودُه ، فوجدتُه مُغْمىً عليهِ ، فلمَّا أفاق قال لي : ما تقولُ في مسألةٍ ؟ قلتُ : في مثلِ هذه الحالِ ؟! قال : لا بأس ندرسُ بذلك لعلَّه ينجو به ناجٍ .
ثم قال : يا إبراهيمُ ، أيُّما أفضلُ في رمي الجمارِ : أن يرميها الرجلُ ماشياً أو راكباً ؟ قلتُ : راكباً . قال : أخطأت . قلتُ : ماشياً . قال : أخطأت . قلتُ : أيُّهما أفضلُ ؟ قال : ما كان يُوقفُ عندهُ فالأفضلُ أنْ يرميه ماشياً ، وأما ما كان لا يُوقفُ عنده ، فالأفضلُ أن يرميه راكباً ، ثم قمتُ من عندهِ فما بلغتُ باب دارِهِ حتى سمعتُ الصراخ عليه وإذا هو قدْ مات . رحمةُ الله عليه .
قال احدُ الكُتَّابِ المعاصرين : هكذا كانوا !! الموتُ جاثمٌ على رأسِ أحدِهِمْ بكُربِهِ وغُصَصِهِ ، والحشرجةُ تشتدُّ في نفسِهِ وصدرِهِ ، والأغماءُ والغشيانُ محيطٌ بهِ ، فإذا صحا أو أفاق من غشيتِهِ لحظاتٍ ، تساءل عنْ بعضِ مسائلِ العلمِ الفرعيَّةِ أو المندوبةِ ، ليتعلَّمها أو ليعلِّمها ، وهو في تلك الحالِ التي أخذ فيها الموتُ منه الأنفاس والتلابيب .

في موقفٍ نسي الحليمُ سدادهُ
ويطيشُ فيه النابِهُ البيْطارُ

يا للهِ ما أغلى العلم على قلوبِهمْ !! وما أشغلَ خواطرهُمْ وعقولَهُمْ به !! حتى في ساعةِ النزعِ والموتِ ، لم يتذكروا فيها زوجةً أو ولداً قريباً عزيزاً ، وإنما تذكروا العلم !! فرحمةُ اللهِ تعالى عليهمْ . فبهذا صاروا أئمة في العلمِ والدِّينِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:21 am
أسرارُ الشدائدِ

أورد المؤرخُ الأديبُ أحمدُ بنُ يوسف الكاتبُ المصريُّ في كتابِهِ المعجبُ الفريدُ (المكافأةُ وحسنُ العُقبى ) فقال : وقدْ علم الإنسانُ أن سُفورَ الحالةِ – أي انكشاف الغُمَّةِ والشدَّةِ – عن ضدِّه ، حَتْمٌ لابدَّ منه ، كما علم أنَّ انجلاء الليلُ يسفرُ عن النهار ، ولكنَّ خور الطبيعةِ أشدُّ ما يلازمُ النفس عندَ نزولِ الكوارثِ ، فإذا لم تُعالجْ بالدواءِ ، اشتدّتِ العلةُ ، وازدادتِ المحنةُ ، لأن النفس إذا لم تُعَنْ عند الشدائدِ بما يجدّدُ قُواها ، تولَّى عليها اليأسُ فأهلكها .
والتفكُّرُ في أخبارِ هذا البابِ – بابِ أخبارِ من ابتلي فصبر ، فكان ثمرةُ صبرِه حسن العقبى – ممَّا يُشجِّع النفْس ، ويبعثُها عن ملازمةِ الصبرِ وحسنِ الأدبِ مع الربِّ عزَّ وجلَّ ، بحسنِ الظنِّ في موافاةِ الإحسانِ عند نهايةِ الامتحانِ .
وقال أيضاً – في آخر الكتابِ - : « خاتمةٌ : قال بُزُرْجمْهَرُ : الشدائدُ قبل المواهبِ ، تشبهُ الجوع قبل الطعامِ ، يحسُّ بهِ موقُعُهُ ، ويلذُّ معه تناولهُ » .
وقال أفلاطونُ : « الشدائدُ تُصلِحُ من النفسِ بمقدارِ ما تفسدُ من العيشِ ، والتَّترُّف – أي الترفُ والترفُّه – يفسدُ من النفسِ بمقدارِ ما يصلحُ من العيشِ » .
وقال أيضاً : « حافظ على كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك الشدائدُ ، والْه عنْ كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك النعمةُ » .
وقال أيضاً : « الترفُّفهُ كالليلِ ، لا تتأملْ فيه ما تصدرُه أو تتناولُه ، والشدة كالنهارِ ، ترى فيها سعيك وسعي غيرِك » .
وقالُ أزدشير : « الشدَّةُ كُحْلٌ ترى به ما لا تراه بالنعمة » .
ويقول أيضاً : « ومِلاكُ مصلحةِ الأمرِ في الشدَّةِ شيئان : أصغرُهما قوةُ قلبِ صاحبِها على ما ينوبُه ، وأعظمُها حُسْنُ تفويضِهِ إلى مالكِهِ ورازقِهِ » .
وإذا صَمَدَ الرجلُ بفكرِهِ نَحْوَ خالقِهِ ، علم أنهُ لمْ يمتحِنْه إلا بما يوجبُ له مثوبةً ، أو يمحِّصُ عنه كبيرةً ، وهو مع هذا من اللهِ في أرباحٍ متصلةٍ ، وفوائد متتابعةٍ .
فأما إذا اشتدَّ فكرُهُ تلقاء الخليقةِ ، كثرتْ رذائلُه ، وزاد تصنُّعه ، وبرِم بمقامِه فيما قصُر عن تأمُّلهِ ، واستطال من المِحنِ ما عسى أن ينقضي في يومِهِ ، وخاف من المكروهِ ما لعلَّه أنْ يخطئهُ .
وإنما تصدقُ المناجاةِ بين الرجلِ وبين ربِّهِ ، لعلمِهِ بما في السرائرِ وتأييدِهِ البصائر ، وهي بين الرجلِ وبين أشباهِهِ كثيرةُ الأذيةِ ، خارجةٌ عن المصلحةِ .
وللهِ تعالى رَوْحٌ يأتي عند اليأسِ منهُ ، يُصيبُ به منْ يشاءُ من خلقِهِ ، وإليهِ الرغبةُ في تقريبِ الفرجِ ، وتسهيلِ الأمرِ ، والرجوعِ إلى أفضلِ ما تطاول إليه السُّؤْلُ ، وهو حسبي ونِعْم الوكيلُ .
طالعتُ كتاب ( الفرجُ بعد الشدةِ ) للتنوخيِّ ، وكرَّرتُ قراءته فخرجتُ منه بثلاثِ فوائدَ :
أنَّ الفرج بعد الكربِ سنَّةٌ ماضيةٌ وقضيةٌ مُسلَّمةٌ ، كاليحِ بعد الليلِ ، لا شكَّ فيه ولا ريب .
الثانيةُ : أنَّ المكاره مع الغالبِ أجملُ عائدةً ،الثانيةُ : وأرفعُ فائدةً للعبدِ في دينِهِ ودنياهُ من المحابِّ .
الثالةُ : أنَّ جالب النفعِ ودافع الضرِّ حقيقةٌ إنما هو الله جلَّ في علاه ،الثالةُ : واعلمْ أنّ ما أصابك لم يكنْ لِيخطِئك وما أخطأك لمْ يكنْ ليصيبك .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:22 am
حقارةُ الدنيا

يقولُ ابنُ المباركِ العالمُ الشهير : قصيدةُ عديِّ بنِ زيدٍ أحبُّ غليَّ من قصرِ الأميرِ طاهرِ بنِ الحسينِ لو كان لي .
وهي القصيدةُ الذائعةُ الرائعةُ ، ومنها :

أيُّها الشامتُ المُعيِّرُ بالدَّهْــرِ أأنت المبرَّؤُ الموفورُ

أمْ لديك العهدُ الوثيقُ من الأيَّــامِ بلْ أنت جاهلٌ مغرورُ

أيْ : يا من شمِت بمصائبِ الآخرين، هل عندك عهدٌ أنْ لا تصيبك أنت مصيبةٌ مثلُهم؟! أم هلْ منحتْك الأيامُ ميثاقاً لسلامتِك من الكوارثِ والمحنِ ؟! فلماذا الشماتةُ إذنْ ؟
وفي الحديثِ الصَّحيِحِ : (( لوْ أنَّ الدنيا تساوي عند اللهِ جناح بعوضةِ ، ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ )) . إنّ الدنيا عند اللهِ تعالى أهونُ من جناحِ البعوضةِ ، وهذه حقيقةُ قيمتِها ووزنِها ، فلِم الجزعُ والهلعُ عليها ومن أجلهِا ؟!
السعادةُ : أنْ تشعر بالأمنِ على نفسِك ومستقبلك وأهلِك ومعيشتِك ، وهي مجموعةٌ في الإيمانِ والرضا اللهِ وقضائهِ وقدرهِ ، والقناعةُ : الصبرُ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:23 am
قيمةُ الإيمانِ

﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ .
من النعيمِ الذي لا يدركُهُ إلاَّ الفطناءُ : نظرُ المسلمِ إلى الكافرِ ، وتذكُّرُ نعمةِ اللهِ في الهدايةِ إلى دين الإسلامِ ، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يقدِّرْ لك أنْ تكون كهذا الكافرِ في كفرِه بربِّه وتمرُّدهِ عليهِ ، وإلحادِه في آياتِه ، وجحودِ صفاتِه ، ومحاربتِه لمولاهُ وخالقِه ورازقِه ، وتكذيبِه لرسلِه وكتبه ، وعصيانِهِ أوامرهُ ، ثم تذكَّرْ أنت أنَّك مسلمٌ موحِّدٌ ، تؤمنُ باللهِ ورسولهِ واليومِ الآخرِ ، وتؤدِّي الفرائض ولو على تقصيرٍ ، فإنَّ هذا في حدِّ ذاته نعمةٌ لا تُقدَّر بثمن ولا تُباعُ بمالٍ ، ولا تدورُ في الحسبانِ ، وليس لها شبيهٌ في الأعيانِ : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾ .
حتى ذكر بعضُ المفسرين أنَّ مِنْ نعيمِ أهلِ الجنَّةِ نظُرهم إلى أهِل النارِ ، فيشكرون ربَّهم على هذا النعيمِ : « وبضدِّها تتميزُ الأشياءُ » .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:23 am
وقفـــةٌ

لا إله إلا اللهُ : أيْ لا معبود بحقٍّ إلا اللهُ سبحانهُ وتعالى ، لتفرُّدِهِ بصفاتِ الألوهيَّةِ ، وهي صفاتُ الكمالِ .
روحُ هذه الكلمةِ وسرُّها : إفرادُ الربِّ – جلَّ ثناؤه وتقدَّستْ أسماؤُه ، وتبارك اسمُه ، وتعالى جدُّه ، ولا إله غيرُهُ – بالمحبةِ والإجلالِ والتعظيمِ ، والخوفِ والرجاءِ ، وتوابعِ ذلك من التوكّلِ والإنابةِ والرغبةِ والرهبةِ ، فلا يُحبُّ سواهُ ، وكلُّ ما يُحبُّ غيرُه فإنما يُحبُّ تبعاً لمحبتِه ، وكونِه وسيلةً إلى زيادةِ محبتِه ، ولا يُخافُ سواهُ ولا يُرجى سواهُ ، ولا يُتوكَّل إلا عليهِ ، ولا يُرغبُ إلا إليهِ ، ولا يُرهبُ إلا منهُ ، ولا يُحلفُ إلا باسمِهِ ، ولا يُنذرُ إلا لهُ ، ولا يُتابُ إلا إليهِ ، ولا يُطاعُ إلا أمرُه ، ولا يتحسَّبُ إلا بهِ ، ولا يُستغاثُ في الشدائدِ إلا به ، ولا يُلتجأ إلا إليهِ ، ولا يُسجدُ إلا لهُ ، ولا يُذبحُ إلا له وباسمِهِ ، ويجتمعُ ذلك في حرفٍ واحدٍ ، وهو : أنْ لا يُعبد إلا إياهُ بجميعِ أنواعِ العبادةِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:24 am
معاقون متفوقون

في ملحقِ عُكاظٍ العددُ 10262 في 7 / 4 / 1415 هـ ، مقابلةٌ مع كفيف يُدعى : محمود بن محمدٍ المدنيَّ ، درس كتب الأدبِ بعيونِ الآخرين ، وسمع كتب التاريخِ والمجلاتِ والدورياتِ والصحف ، وربما قرأ بالسماعِ على أحدِ أصدقائِه حتى الثالثةِ صباحاً حتى صار مرجعاً في الأدب والطُّرفِ والأخبار .
كتب مصطفى أمين في زاويةِ ( فكرة ) في الشرقِ الأوسطِ كلاماً ، منه : اصبرْ على كيد الكائدين ، وظلمِ الظالمين ، وسطوةِ الجبابرةِ ، فإنَّ السوط سوف يسقطُ ، والقيد سوف ينكسرُ ، والمحبوس سوف يخرجُ ، والظلام سوف ينقشعُ ، لكن عليك أن تصبر وتنتظر .

وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
ذرْعاً وعِند الله منها المخرجُ

قابلتُ في الرياضِ مفتي ألبانيا ، وقد سُجن عشرين سنةً مِن قبل الشيوعيين في ألبانيا مع الأعمالِ الشاقَّةِ ، والحبسِ والكيدِ ، والنكَّالِ والظلمِ ، والظلامِ وجوعِ ، وكان يصلِّى الصلواتِ الخمس في ناحيةٍ من دورةِ المياه خوفاً منهمْ ، ومع هذا صَبَرَ واحتسب حتى جاءهُ الفرجُ ، ﴿ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ ﴾ .
هذا ( نلسون مانديلا ) رئيس جنوبِ أفريقيَّة ، سُجن سبعاً وعشرين سنةً ، وهو ينادي بحريَّةِ أمَّتهِ ، وخلوصِ شعبهِ من القهرِ والكبتِ والاستبدادِ والظلمِ ، وهو مُصِرٌّ صامدٌ مواصلٌ مستميتٌ ، حتى نال مجدهُ الدنيويَّ . ﴿ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾ ﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .

وأشجعُ مني كُلّ يومٍ سلامتي
وما ثبتتْ إلا وفي نفسِها أَمْرُ

﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:25 am
لا تحزن إذا عرفت الإسلام
ما أشقى النفوس التي لا تعرفُ الإسلام ، ولم تهتدِ إليه ، إنَّ الإسلام يحتاجُ إلى دعايةٍ منْ أصحابهِ وحَمَلتِهِ ، وإعلان عالميٍّ هائل ، لأنهُ نبأ عظيمٌ ، والدعايةُ له يجبُ أن تكون راقيةً مهذبةً جذابةً ، لأنَّ سعادة البشريةِ لا تكونُ إلا في هذا الدينِ الحقِّ الخالدِ ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ .
سكن داعيةٌ مسلمٌ شهيرٌ مدينة ميونخ الألمانية ، وعند مدخلِ المدينةِ تُوجدُ لوحةٌ إعلانيةٌ كبرى مكتوبٌ عليها بالألمانيةِ : « أنت لا تعرفُ كفراتِ يوكوهاما » . فنصب هذا الداعيةُ لوحةً كبرى بجانب هذه اللوحةِ كتب عليها : « أنت لا تعرفُ الإسلام ، إنْ أردت معرفتهُ ، فاتصل بنا على هاتفِ كذا وكذا » . وانهالتْ عليه الاتصالاتْ من الألمانِ منْ كلِّ حَدَبٍ وصوب ، حتى أسلم على يدهِ في سنةِ واحدة قرابة مائة ألفِ ألمانيٍّ ما بين رجلٍ وامرأةٍ وأقام مسجداً ومركزاً إسلامياً ، وداراً للتعليمِ .
إن البشرية حائرٌ بحاجةٍ ماسَّةِ إلى هذا الدينِ العظيمِ ، ليردَّ إليها أمنها وسكينتها وطمأنينتها ، ﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .
يقول أحدُ العُبَّادِ الكبارِ : ما ظننتُ أنَّ في العالمِ أحداً يعبدُ غير الله .
لكنْ ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ ، ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ ، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ .
وقد أخبرني أحدُ العلماءِ أن سودانيّاً مسلماً قدم من البادية إلى العاصمةِ الخرطومِ في أثناءِ الاستعمارِ الإنكليزيِّ ، فرأى رجل مرورٍ بريطانيّاً في وسطِ المدينةِ ، فسأل هذا المسلمُ : منْ هذا ؟ قالوا : كافرٌ . قال : كافرٌ بماذا ؟ قالوا : باللهِ . قال : وهلْ أحدٌ يكفرُ بالله ؟! فأمسك على بطنِهِ ثمَّ تقيَّأ ممَّا سمع ورأى ، ثم عاد إلى الباديةِ . ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ .!
يقولُ الأصمعيُّ : سمع أعرابيٌّ يقرأُ : ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ ، قال الأعرابيَّ : سبحان اللهِ ، ومن أحوج العظيم حتى يقسم ؟!
إنه حسنُ الظنِّ والتطلُّعُ إلى كرمِ المولى وإحسانِه ولطفه ورحمته .
وقد صحَّ في الحديثِ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( يضحك ربُّنا )) . فقال أعرابيٌّ : لانعدامُ منْ ربٍّ يضحكُ خيراً .
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا ﴾ ، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ﴿ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾ .
منْ يقرأُ كتب سيرِ الناسِ وتراجم الرجالِ يستفيدُ منها مسائل مطَّرِدةً ثابتةً منها :
أنَّ قيمة الإنسانِ ما يُحسنُ ، وهي كلمةٌ لعليِّ بن أبي طالبٍ ، ومعناها : أنَّ علم الإنسانِ أو أدبهُ أو عبادتهُ أو كرمهُ أو خلقهُ هي في الحقيقةِ قيمتُهُ ، وليستْ صورتُه أو هندامُهُ ومنصبُهُ : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى{1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى ﴾ . ﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ .
بقدرِ همَّةِ الإنسانِ واهتمامِهِ وبذلِهِ وتضحيِتَه تكونُ مكانُتُه ، ولا يعطى لهُ المجْدُ جُزافاً .
لا تحسبِ المجد تمراً أنت آكلُهُ ..
﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ . ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ .
أنَّ الإنسان هو الذي يصنعُ تاريخه بنفسِهِ بإذنِ الله ، وهو الذي يكتبُ سيرتهُ بأفعالِهِ الجميلةِ أو القبيحةِ : ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ .
وإنَّ عمر العبدِ قصيرٌ ينصرمُ سريعاً ، ويذهبُ عاجلاً ، فلا يقصره بالذنوبِ والهمومِ والغمومِ والأحزانِ : ﴿ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ . ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ﴾ .

كفى حزناً أنَّ الحياة مريرةٌ
ولا عملٌ يرضى بهِ اللهُ صالحُ


منْ أسبابِ السعادةِ :
1) العملُ الصالحُ : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾.
2) الزوجةُ الصالحةُ : ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ .
3) البيتُ الواسعُ : وفي الحديثِ : (( اللهمّ وسِّعْ لي في داري )) .
4) الكسْبُ الطيبُ : وفي الحديثِ : (( إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّباً )) .
5) حُسْنُ الخُلقُ والتودُّدُ للناسِ : ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ﴾ .
6) السلامةُ من الدَّيْنِ ،7) ومن الإسرافِ في النفقةِ : ﴿ لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ﴾ . ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ .
مقومات السعادةِ :
قلبٌ شاكرٌ ، ولسانٌ ذاكرٌ ، وجسمٌ صابرٌ .
وعليك بالشكر عن النعم والصبر عند النقم والاستغفار من الذنوب .
لوْ جمعتُ لك علْم العلماءِ ، وحكمة الحكماءِ ، وقصائد الشعراءِ عنِ السعادةِ ، لما وجدتها حتى تعزم عزيمةً صادقة على تذوُّقِها وجَلْبِها ، والبحثِ عنها وطرْدِ ما يضادُّها : « منْ أتاني يمشي أتيتهُ هرولةً » .
ومن سعادةِ العبدِ : كتمُ أسرارِهِ وتدبيرِه أمورهُ .
ذكروا أنّ أعربيّاً استُؤمن على سرٍّ مقابل عشرةِ دنانير ، فضاق ذرعاً بالسرِّ ، وذهب إلى صاحبِ الدنلنيرِ ، وردَّها عليهِ مقابل أنْ يُفشي السرَّ ، لأنَّ الكتمان يحتاجُ إلى ثباتٍ وصبرٍ وعزيمةٍ : ﴿ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ ﴾ ، لأنَّ نِقاط الضعفِ عند الإنسانِ كشفُ أوراقِهِ للناسِ ، وإفشاءُ أسرارِه لهمْ ، وهو مرضٌ قديمٌ ، وداءٌ متأصِّلٌ في البشريةِ ، والنفسُ مُولعةٌ بإفشاءِ الأسرارِ ، ونقْلِ الأخبار . وعلاقةُ هذا بموضوعِ السعادةِ أنَّ منْ أفشى أسراره فالغالبُ عليه أن يندم ويحزن ويغْتمَّ .
وللجاحظِ في الكتمانِ كلامٌ خلاَّبٌ في رسائلِهِ الأدبيةِ ، فليعُدْ إليها منْ أراد . وفي القرآن : ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾ ، وهذا أصلٌ في كتمانِ السرِّ ، والأعرابيُّ يقول : وأكتمُ السرَّ فيه ضربةُ العنقِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:27 am
لن تموت قبل أجلِك

﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ .
هذه الآيةُ عزاءٌ للجبناءِ الذين يموتون مراتٍ كثيرةً قبل الموتِ ، فلْيعلموا أنَّ هناك أجلاً مسمى ، لا تقديم ولا تأخير ، لا يعجِّلُ هذا الموت أحدٌ ، ولا يؤجِّله بشرٌ ، ولو اجتمع أهل الخافقيْن ، وهذا في حدِّ ذاتهِ يجلبُ للعبدِ الطمأنينة والسكينة والثبات : ﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ .
واعلمْ أنَّ التعلُّق بغيرِ اللهِ شقاءٌ : ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ .
( سِيَرُ أعلامِ النبلاءِ ) للذهبيِّ ثلاثةٌ وعشرون مجلداً ، ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماءِ والخلفاءِ والملوكِ والأمراءِ والوزراءِ والأثرياءِ والشعراءِ ، وباستقراءِ هذا الكتابِ تجدُ حقيقتين مهمتين :
الأولى : أنَّ منْ تعلَّق بغيرِ اللهِ منْ مالٍ أو ولدٍ أو منصبٍ أو حرفةٍ ، وكلهُ اللهُ إلى هذا الشيءِ ، وكان سبب شقائِهِ وعذابِهِ ومحْقِهِ وسحقِهِ : ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ . فرعونُ والمنصِبُ قارونُ والمالُ ، وأُميَّةُ بنُ خلفٍ والتجارةُ ، والوليدُ والولدُ : ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾ .
أبو جهل والجاهُ ، أبو لهبٍ والنسبُ ، أبو مسلم والسلطةُ ، المتنبئ والشهرةُ ، والحجَّاج والعلوُّ في الأرضِ ، ابنُ الفراتِ والوزارةُ .
الثانيةُ : أنَّ منِ اعتزَّ باللهِ وعمل له وتقرَّب منه ، أعزَّه ورفعه وشرَّفه بلا نسبٍ ولا منصبٍ ولا أهلٍ ولا مالٍ ولا عشيرةٍ : بلالُ والأذانُ ، سلمانُ والآخرةُ ، صُهيبٌ والتضحيةُ ، عطاءٌ والعِلْمُ ، ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:27 am
« يا ذا الجلالِ والإكرامِ »

صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : « ألظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرامِ » . أي الزموها ، وأكثرُوا منها ، وداوموا عليها ، ومثلُها وأعظمْ : يا حيُّ يا قيومْ . وقيل : إنه الاسمُ الأعظمُ لربِّ العالمين الذين إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى . فما للعبدِ إلا أنْ يهتف بها وينادي ويستغيث ويدمن عليها ، ليرى الفرَجَ والظفرَ والفلاحَ : ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ .
في حياةِ المسلمِ ثلاثةُ أيامٍ كأنها أعيادٌ :
يومٌ يؤدّي فيه الفرائض جماعةً ، ويسْلمُ من المعاصي: ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ .
ويومٌ يتوبُ فيه من ذنبِهِ ، وينخلعُ من معصيتِهِ ، ويعودُ إلى ربِهِ : ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾.
ويومٌ يلقى فيه ربِّه على خاتمةٍ حسنةٍ وعملٍ مبرورٍ : ((مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ اللهُ لقاءهُ )) .

وبشّرتُ آمالي بشخصٍ هو الورى
ودارٍ هي الدنيا ويومٍ هو الدهرُ


قرأتُ سِير الصحابة – رضوانُ اللهِ عليهم - ، فوجدتُ في حياتِهمْ خمس مسائل تميزُهم عنْ غيرِهمْ :
الأولى : اليُسْرُ في حياتِهِمْ ، والسهولةُ وعدم التكلُّف ، وأخذ الأمور ببساطة ، وترك التنطع والتعمُّق والتشديد : ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ .
الثانيةَ : أن عِلْمهم غزيرٌ مباركٌ متصلٌ بالعملِ ، لا فضولَ فيه ولا حواشي ، ولا كثرة كلامٍ ، ولا رغوة أو تعقيد : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
الثالثةَ : أنَّ أعمال القلوبِ لديهمْ أعظمُ من أعمالِ الأبدانِ ، فعندهُمُ الإخلاصُ والإنابُةُ والتوكلُ والمحبةُ والرغبةُ والرهبةُ والخشْيةُ ونحوُها ، بينما أمورُهم ميسَّرةٌ في نوافلِ الصلاةِ والصيامِ ، حتى إن بعض التابعين أكثرُ اجتهاداً منهمْ في النوافلِ الظاهرةِ : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ .
الرابعة : تقلُّلهمْ من الدنيا ومتاعِها ، وتخفُّفُهم منها ، والإعراضُ عن بهارجها وزخارفِها ، مما أكسبهم راحةً وسعادةً وطمأنينةً وسكينةً : ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ .
الخامسة : تغليبُ الجهادِ على غيرِه من الأعمالِ الصالحةِ ، حتى صار سِمةً لهمْ ، ومعْلماً وشعاراً . وبالجهادِ قضوْا على همومِهم وغمومِهم وأحزانِهمْ ، لأنَّ فيه ذكراً وعملاً وبذلاً وحركةً .
فالمجاهدُ في سبيل اللهِ منْ أسعدِ الناسِ حالاً ، وأشرحِهم صدْراً وأطيبهِم نفساً : ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
في القرآن حقائقُ وسُننٌ لا تزولُ ولا تحولُ ، أذكرُ ما يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بالِهِ ، منْ هذِهِ السُّننِ الثابتةِ :
أنَّ منِ استنصر باللهِ نَصَرَهُ : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . ومنْ سألهُ أجابهُ : ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ . ومن استغفره غَفَرَ له : ﴿ فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ﴾ . ومنْ تاب إليه قبل منه : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ . ومنْ توكَّل عليهِ كفاهُ : ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
وأنَّ ثلاثةً يعجِّلُها اللهُ لأهلِها بنكالِها وجزائها : البغيُ : ﴿ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ، والنكثُ : ﴿ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ، والمكرُ : ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ . وأنَّ الظالم لنْ يفلت من قبضةِ اللهِ : ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ . وأنَّ ثمرة العملِ الصالحِ عاجلةٌ وآجلةٌ ، لأنَّ الله غفورٌ شكورٌ : ﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ ، وأن من أطاعه أحبَّه : ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ . فإذا عَرَفَ العبدُ ذلك سعد وسُرَّ ، لأنه يتعاملُ مع ربٍّ يرزقُ ويَنْصُرُ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ ، ويغفرُ : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ ، ويتوبُ : ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وينتقمُ لأوليائه منْ أعدائِهِ : ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ ، فسبحانه ما أكملهُ وأجلًّهُ : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
للشيخِ عبدِالرحمنِ بنِ سعديٍّ – رحمهُ اللهُ – رسالةٌ قيِّمةٌ اسمُها ( الوسائلُ المفيدةُ في الحياةِ السعيدةِ ) ، ذكر فيها : « إنَّ منْ أسبابِ السعادةِ أنْ ينظر العبدُ إلى نعمِ اللهِ عليه ، فسوف يرى أنهُ يفوقُ بها أمماً من الناسِ لا تُحْصى ، حينها يستشعرُ العبدُ فضل اللهِ عليه » .
أقولُ : حتى في الأمورِ الدينيَّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ، يجُد انه أعلى منْ فئامٍ من الناسِ في المحافظةِ على الصلاةِ جماعةً ، وقراءةِ القرآن والذكرِ ونحْو ذلك ، وهذه نعمةٌ جليلةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ : ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقدْ ذكر الذهبيُّ عن المحدِّثِ الكبيرِ ابنِ عبدِ الباقي انه : استعرض الناس بعد خروجِهم من جامعِ ( دارِ السلامِ ) ببغداد ، فما وَجَدَ أحداً منهمُ يتمنَّى أنه مكانه وفي مسلاخه .
ولهذِهِ الكلمةِ جانبٌ إيجابيٌّ وسلبيٌّ : ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ .

كلُّ هذا الخلْقِ غِرٌّ وأنا
منهمُ فاتركْ تفاصيل الجُمَلْ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:29 am
وقفـــةٌ

عن أسماء بنتِ عُميْسٍ – رضي اللهُ عنها – قالتْ : قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
(( ألا أُعلِّمكِ كلماتٍ تقولِينهُن عند الكرْبِ . أو في الكرْبِ . ؟ : اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشركُ به شيئاً )) .
وفي لفظٍ : (( منْ أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شِدَّةٌ ، فقال : اللهُ ربي ، لا شريك له . كُشِف ذلك عنه )) .
« هناك أمورٌ مظلمةٌ تورِدُ على القلبِ سحائب متراكماتٍ مظلمةً ، فإذا فرَّ إلى ربِّهِ ، وسلّم أمره إليهِ ، وألقى نفسهُ بين يديهِ مِنْ غيرِ شرِكةِ أحدٍ من الخلقِ ، كشَفَ عنه ذلك ، فأمَّا منْ قال ذلك بقلبٍ غافلٍ لاهٍ ، فهيهات » .
قال الشاعرُ :

وما نبالي إذا أرواحٌنا سلِمتْ

بما فقدناهُ مِنْ مالٍ ومِنْ نَشَبِ

فالمالُ مكتسبٌ والعِزُّ مُرْتجعٌ

إذا النفوسُ وقاها اللهُ مِنْ عَطَبِ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:30 am
مَن خاف حاسداً

المعوِّذاتُ مع الأذكارِ والدعاءِ عموماً : ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ .
كِتمانُ أمرِك عنِ الحاسِدِ : ﴿ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ .
الابتعادُ عنه : ﴿ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ﴾ .
الإحسانُ إليه لِكفِّ أذاهُ : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:30 am
حسِّنْ خلُقكَ

حُسْنُ الخُلُقِ يُمْنٌ وسعادةٌ ، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤمٌ وشقاءٌ .
(( إن المرء لَيبْلغ بحسنِ خلُقِهِ درجةَ الصائمِ القائمِ)) . ((ألا أُنبِّئُكم بأحبِّكمُ وأقربِكُمْ منِّي مجلساً يوم القيامةِ ؟! أحاسنُكمْ أخلاقاُ)) . ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾. ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ . ﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ .
وتقولُ أمُّ المؤمنين عائشةُ بنتُ الصديق – رضي الله عنهما – في وصفها المعصوم عليه صلاةُ ربي وسلامُه : (( كان خُلُقُهُ القُران )) .
إن سَعَةَ الخُلُق وبَسْطَهَ الخاطرِ : نعيمٌ عاجلٌ وسرورٌ حاضرٌ لمن أراد به اللهُ خيْراً ، وإنَّ سرعة الانفعالِ والحِدَّةِ وثورة الغضبِ : نَكَدٌ مستمرٌّ وعذابٌ مقيمٌ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:31 am
دواءُ الأرقِ

ماذا يفعلُ منْ أُصيب بالأرقِ ؟
الأرقُ تعسُّرُ النومِ ، والتململُ على الفراشِ .
الأذكارُ الشرعيَّةُ : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .
هَجْرُ النومِ بالنهارِ إلا لحاجةٍ ماسَّةٍ :﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ﴾ .
القراءةُ والكتابةُ حتى النومِ : ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ .
إتعابُ الجسمِ بالعملِ النافعِ نهاراً : ﴿ وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً ﴾ .
التقليلُ منْ شربِ المنبِّهاتِ كالقهوةِ والشايِ .

شكوْنا إلى أحبابِنا طول ليلِنا

فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا

وذاك بأنَّ النوم يُغشِي عيونهم

يقيناً ولا يُغشِي لنا النومُ أعْينا

مرارةُ الذنبِ تنافي حلاوة الطاعةِ ، وبشاشة الإيمانِ ، ومذاق السعادةِ .
يقولُ ابنُ تيمية : المعاصي تمنعُ القلبَ منَ الجولانِ في فضاءِ التوحيدِ : ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:31 am
عواقب المعاصي

حجابٌ بين العبدِ وربِّه : ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ .
يُوحشُ المخلوق من الخالقِ : إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه .
كآبةٌ دائمةٌ : ﴿ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ .
خوفٌ في القلبِ واضطرابٌ : ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
نكدٌ في المعيشةِ : ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
قسوةٌ في القلبِ وظلمةٌ : ﴿ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ .
سوادٌ في الوجهِ وعبوسٌ : ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم ﴾ .
بغضٌ في قلوبِ الخلْقِ : (( أنتم شهداءُ اللهِ في أرضِهِ )) .
ضيقٌ في الرزقِ : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾ .
غضبُ الرحمنِ ، ونقْصُ الإيمانِ ، وحلولُ المصائبِ والأحزانِ : ﴿ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ .﴿ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:32 am
اطلبِ الرزق ولا تحرِصْ

الدودةُ في الطِّينِ يرزقُها ربُّ العالمين: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾.
الطيورُ في الوكورِ يطعمُها الغفورُ الشكورُ : (( كما يرزقُ الطيرَ ، تغدو خِماصاً وتروحُ بِطاناً )) .
السمكُ في الماءِ يرزقُه ربُّ الأرضِ والسماء : ﴿ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ .
وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسمكِ ، فلا تحزنْ على رزقِك .
عرفتُ أناساً ما أصابُهُمُ الفقرَ والكدرُ وضيقُ الصدر إلا بسببِ بعدِهم عن اللهِ عزَّ وجلَّ ، فتجدُ أحدهم كان غنيّاً ، ورزقُه واسعٌ وهو في عافيةٍ منْ ربِّهِ وفي خيرٍ منْ مولاه ، فأعرض عن طاعةِ اللهِ ، وتهاون بالصلاةِ ، واقترف كبائر الذنوبِ ، فسلبَهَ ربُّه عافية بدنِهِ وسعة رزقِهِ ، وابتلاهُ بالفقْرِ والهمِّ والغمِّ ، فأصبح منْ نكدٍ إلى نكدٍ ، ومنْ بلاءٍ إلى بلاءٍ : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ . ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ . ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ . ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ﴾ .

أتبكي على ليلى وأنت قتلتها
هنيئاً مريئاً أيُّها القاتلُ الصَّبُّ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:33 am
﴿ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾
سرُّ الهدايةِ

ولنْ يهتدي للسعادةِ ولنْ يجدها ولنْ ينعم بها ، إلا منِ اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم على طرفِهِ ن وطرفُه الآخرُ في جناتِ النعيمِ : ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾.
فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أنهُ مطمئنٌّ لحسْنِ العاقبةِ ، واثقٌ منْ طيبِ المصيرِ ، ساكنٌ إلى موعودِ ربِّهِ ، راضٍ بقضاءِ مولاهُ ، مخبتٌ في سلوكِهِ هذا السبيلُ ، يعلمُ انَّ له هادياً يهديهِ على هذا الصراطِ ، وهو معصومٌ لا ينطقُ عن الهوى ، ولا يتبعُ منْ غوى ، قَوْلُهُ حجَّةٌ على الورى ، محفوظٌ منْ نزغاتِ الشيطانِ ، وعثراتِ القرانِ ، وسقطاتِ الإنسانِ : ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ﴾ .
وهذا العبدُ يجدُ السعادة في سلوكِهِ هذا الصراط ؛ لأنهُ يعلمُ أنَّ له إلهاً ، وأمامهُ أسوةً ، وبيدِهِ كتاباً ، وفي قلبِه نوراً ، وفي خلدِه ، واعظاً ، وهو ذاهبٌ إلى نعيمٍ ، وعاملٌ في طاعةٍ ، وساعٍ إلى خيرٍ : ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ﴾ .

أين ما يُدعى ظلاماً يا رفيق الدربِ أينْا
إنَّ نور اللهِ في قلبي وهذا ما أراهُ

وهما صراطان : معنويٌّ وحِسِّيٌّ ، فالمعنويٌّ : صراطُ الهدايةِ والإيمانِ ، والحسيُّ : الصراطُ على متْنِ جهنم ، فصراطُ الإيمانِ على متنِ الدنيا الفانيةِ له كلاليبٌ من الشهواتِ ، والصراطُ الأخرويُّ على متْنِ جهنم له كلاليبُ كشوكِ السعدانِ ، فمنْ تجاوز هذا الصراط بإيمانِهِ تجاوز ذاك الصراط على حسْبِ إيقانهِ ، وإذا اهتدى العبدُ إلى الصراطِ المستقيمِ زالتْ همومُه وغمومُه وأحزانُه .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:34 am
عشرُ زهِراتٍ يقطفُها منْ أراد الحياة الطيبة

جلسةٌ في السَّحر للاستغفارِ : ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ .
وخلوةٌ للتفكُّرِ : ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ .
ومجالسةُ الصالحين : ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾ .
والذِّكْر : ﴿ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ .
وركعتانِ بخشوعٍ : ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ .
وتلاوةٌ بتدبُّرٍ : ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ .
وصيامُ يومٍ شديدِ الحرِّ : (( يدع طعامه وشرابه وشهواته منْ أجلي )) .
وصدقةٌ في خفاءٍ : (( حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفقُ يمينُه )) .
وكشْفُ كربةٍ عنْ مسلمٍ : (( منْ فرَّج عنْ مسلمِ كربةً منْ كُربِ الدنيا فرَّج اللهُ عنه كربةً منْ كربِ يومِ القيامةِ )) .
وزهْدٌ في الفانيةِ : ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ .
تلك عشرةٌ كاملةٌ .
منْ شقاءِ ابنِ نوحٍ قولُه : ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ﴾ . ولو أوى إلى ربِّ الأرضِ والسماءِ لكان أجلَّ وأعزَّ وأمنع .
ومن شقاءِ النمرودِ قولهُ : أنا أُحيي وأُميتُ . فتقمَّص ثوباً ليس له ، واغتصب صفةً لا تحلُّ له ، فُبِهِت وخسأ وخاب .
﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ .
مفتاحُ السعادةِ كلمةٌ ، وميراثُ الملَّةِ عبارةٌ ، ورايةُ الفلاحِ جملةٌ ، فالكلمةُ والعبارةُ والجملةُ هي : لا إله إلا اللهُ . محمدٌ رسولُ اللهِ r .
سعادةُ منْ نطقها في الأرضِ : أن يُقال لهُ في السماءِ : صدقْتَ : ﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ .
وسعادةُ منْ عمل بها : أنْ ينجو من الدمارِ والشَّنارِ والعارِ والنارِ : ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ .
وسعادةُ منْ دعا إليها : أنْ يٌعان ويُنْصَرَ ويُشْكَرَ : ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ .
وسعادةُ منْ أحبَّها : أنْ يُرفع ويُكرَمَ ويُعزَّ : ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
هتف بها بلالٌ الرقيقُ فأصبح حرّاً : ﴿ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ﴾ .
وتلعثم في نطقهاِ أبو لهبٍ الهاشميُّ ، فمات عبداً ذليلاً حقيراً : ﴿ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ﴾ .
إنها الإكسيِرُ الذي يحولِّ الركام البشريَّ الفاني إلى قممٍ لإيمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ : ﴿ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ﴾ .
لا تفرحْ بالدنيا إذا أعرضْت عنِ الآخرةِ ، فإنَّ العذاب الواصب في طريقِك ، والغلَّ والنَّكالُ ينتظرُك : ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾ . ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ .
ولا تفرحْ بالولدِ إذا أعرضت عن الواحدِ الصمدِ ، فإنَّ الإعراض عنه كلُّ الخذلانِ ، وغايةُ الخسرانِ ، ونهايةُ الهوانِ : ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾ .
ولا تفرحْ بالأموالِ إذا أسأت الأعمال ، فإنَّ إساءة العمل محقٌ للخاتمةِ وتبابٌ في المصيرِ ، ولعنةٌ في الآخرةِ : ﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ﴾ ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:34 am
وقفــةٌ

(( يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ )) : في رفع هذا الدعاءِ مناسبةٌ بديعةٌ ، فإنَّ صفة الحياةِ متضمِّنةً لجميع صفاتِ الكمالِ ، مستلزمةٌ لها ، وصفةُ القيَّوميةُ متضمِّنةٌ لجميعِ صفاتِ الأفعالِ ، ولهذا كان اسمُ اللهِ الأعظمُ الذي إذا دُعِيَ به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى : هو اسمُ الحيُّ القيومُ . والحياةُ التامَّة تضادُّ جميع الأسقامِ والآلام ؛ ولهذا لما كمُلتْ حياةُ أهلِ الجنةِ ، لمْ يلحقْهُمْ همُّ ولا غمٌّ ولا حَزَنٌ ولا شيءٌ من الآفاتِ . ونقصانُ الحياةِ تضرُّ بالأفعالِ ، وتنافي القيومية ، فكمالُ القيوميةِ لكمالِ الحياةِ ، فالحيُّ المطلقُ التامُّ الحياةِ لا تفوتُه صفةُ الكمالِ ألبتة ، والقيومُ لا يتعذَّرُ عليه فعْل ممكن ألبتة ، فالتوسلُ بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له تأثيرٌ في إزالةِ ما يُضادُّ الحياةَ ويضرُّ بالأفعالِ .
قال الشاعرُ :

لعمْرُك ما المكروهُ منْ حيث تتَّقي

وتخشى ولا المحبوبُ من حيثُ تَطْمَعُ

وأكثرُ خوفِ الناسِ ليس بكائنِ

فما درْكُ الهمِّ الذي ليس ينفعُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:35 am
تعامَلْ معَ الأمرِ الواقعِ

إذا هوَّنت ما قدْ عزَّ هان ، وإذا أيسْت من الشيءِ سلتْ عنهُ نفسُك : ﴿ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ﴾ .
قرأتُ أنَّ رجلاً قفز منْ نافذةٍ وكان بأصبعِه اليسرى خاتم ، فنشب الخاتمُ بمسمارِ في النافذةِ ، ومع سقوطِ الرجلِ اقتلع المسارُ أصبعه من أصلها ، وبقي بأربعُ أصابع ، يقولُ عنْ نفسِهِ : لا أكادُ أتذكَّرُ أن لي أربعُ أصابع في يدٍ فحسبُ ، أو أنني فقدتُ أصبُعاً من أصابعِي إلا حينما أتذكرُ تلك الواقعةَ ، وإلا فعلمي على ما يرامُ ، ونفسي راضيةٌ بما حدث : (( قدّر اللهُ وما شاء فعل )) .
وأعرفُ رجلاً بُتِرتْ يدُه اليسرى من الكتِفِ لمرضٍ أصابهُ ، فعاش طويلاً وتزوَّج ، ورُزق بنين ، وهو يقودُ سيارتهُ بطلاقةٍ ، ويؤدي عمله بارتياحٍ ، وكأنَّ اللهِ لم يخلقْ له إلا يداً واحدةً : (( ارض بما قسم اللهُ لك ، تكنْ أغنى الناس )) .
ما أسرع ما نتكيَّف مع واقعِنا ، وما أعجب ما نتأقلمُ مع وضعِنا وحياتِنا ، قبل خمسين سنةً كان قاعُ البيتِ بساطاً منْ حصيرٍ النخلِ ، وقربة ماءٍ ، وقدراً منْ فخارٍ ، وقصعةً ، وجفنةً، وإبريقاً ، وقامتْ حياتُنا واستمرتْ معيشتُنا ، لأننا رضينا وسلَّمنا وتحاكمْنا إلى واقعِنا.

والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتها
وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقْنعُ

وقعتْ قتنةٌ بين قبيلتينِ في الكوفةِ في المسجدِ الجامعِ ، فسلُّوا سيوفهم ، وامتشقوا رماحهم ، وهاجتْ الدائرةُ ، وكادتِ الجماجمُ تفارقُ الأجسادَ ، وانسلَّ أحدُ الناسِ من المسجدِ ليبحث عن المُصْلحِ الكبيرِ والرجلِ الحليمِ ، الأحنفِ بنِ قيسٍ ، فوجدهُ في بيتِه يِحلبُ غنمه ، عليه كساءٌ لا يساوي عشرة دراهم ، نحيلُ الجسمِ ، نحيفُ البنيةِ ، أحنفُ الرجلين ، فأخبروه الخبرَ فما اهتزتْ في جسمِهِ شعرةٌ ولا اضطرب ؛ لأنه قدِ اعتاد الكوارث ، وعاش الحوادث ، وقال لهم : خيراً إنْ شاء اللهُ ، ثم قُدِّم له إفطارُه وكأنْ لم يحدثْ شيءٌ ، فإذا إفطارهٌ كِسْرةٌ من الخبزِ اليابسِ ، وزيتٌ وملحٌ ، وكأسٌ من الماءِ ، فسمَّى وأكل ، ثمَّ حمدَ اللهَ ، وقال : بُرٌّ منْ بُرِّ العراق ، وزيتٌ من الشامِ ، مع ماءِ دجلة ، وملح مرو ، إنها لنعمٌ جليلةٌ . ثم لبس ثوبَهَ ، وأخذ عصاهُ ، ثم دلف على الجموعِ ، فلمّا رآه الناسُ اشرأبَّتْ إليه أعناقُهم ، وطفحتْ غليه عيونُهم ، وأنصتوا لما يقولُ ، فارتحل كلمة صُلْحٍ ، ثمَّ طلب من الناسِ التفرُّق ، فذهب كلُّ واحداً منهمْ لا يلوي على شيءٍ ، وهدأت الثائرةُ ، وماتتِ الفتنةُ .

قدْ يدركُ الشرف الفتى ورداؤُهُ
خَلَقٌ وجيْبُ قميصِه مَرْقوعُ

في القصةِ دروسٌ ، منها :
أنَّ العظمة ليستْ بالأبهةِ والمظهرِ ، وأنَّ قلَّة الشيءِ ليستْ دليلاً على الشقاءِ ، وكذلك السعادةُ ليستْ بكثرةِ الأشياءِ والترفُّهِ : ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ .
وأنَّ المواهب والصفاتِ الساميةِ هي قيمةُ الإنسان ، لا ثوْبُهُ ولا نعلُهُ ولا قَصْرُهُ ولا دارُهُ ، إنها وزنهُ في علمهِ وكرمهِ وحلمهِ وعقلهِ : ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ . وعلاقةُ هذا بموضوعِنا أن السعادة ليستْ في الثراءِ الفاحشِ ، ولا في القصْرِ المنيفِ ، ولا في الذهبِ والفضَّةِ ، ولكنَّ السعادةَ في القلبِ بإيمانهِ ، برضاهُ ، بأنسهِ ، بإشراقهِ : ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ ﴾ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ .
عوِّدْ نفسك على التسليمِ بالقضاءِ والقدرِ ، ماذا تفعلُ إذا لمْ تؤمنْ بالقضاءِ والقدرِ ، هلْ تتخذُ في الأرضِ نفقاً أو سُلَّماً في السماءِ ، لنْ ينفعك ذلك ، ولنْ ينقذك من القضاءِ والقدرِ . إذنْ فما الحلّ ؟
الحلُّ : رضينا وسلَّمنا: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾.
منْ أعنفِ الأيام في حياتي ، ومن أفظعِ الأوقاتِ في عمري : تلك الساعةُ التي أخبرني فيها الطبيبُ المختصُّ ببترِ يد أخي محمدٍ – رحمه اللهُ – من الكتفِ ، ونزل الخبرُ على سمعي كالقذيفةِ ، وغالبتُ نفسي ، وثابتْ روحي إلى قولِ المولى : ﴿ َا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ ، وقولهِ : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ .
كانتْ هذه الآياتُ برْداً وسلاماً وروْحاً وريْحاناً .
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ ، ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾ ﴿ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ .
إن الخنساء النخعيةَ تُخبرُ في لحظةٍ واحدةِ بقتلِ أربعةِ أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسيةِ ، فما كان منها إلا أنْ حمدتِ ربَّها ، وشكرتْ مولاها على حُسْن الصنيعِ ، ولطفِ الاختيارِ ، وحلولِ القضاءِ ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمانِ ، ورافداً من اليقينِ لا ينقطعُ ، فمثلُها تشكرُ وتُؤجرُ وتسعدُ في الدنيا والآخرةِ ، وإذا لمْ تفعلْ هذا فما هو البديلُ إذنْ ؟! التسخُّطُ والتضجُّرُ والاعتراضُ والرفضُ ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرةِ ! (( فمنْ رضي فلهُ الرَّضا ، ومنْ سخط فله السخطُ )) .
إن بلسم المصائبِ وعلاج الأزماتِ ، قولُنا : إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون .
والمعنى : كلُّنا للهِ ، فنحنُ خَلْقُه وفي ملكِهِ ، ونحنُ نعودُ إليهِ ، فالمبدأُ منه ، والمعادُ إليه ، والأمرُ بيدهِ ، فليس لنا من الأمرِ شيءٌ .

نفسي التي تملكُ الأشياء ذاهبةٌ
فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا

﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ ، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ ،﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ .
لو فوجئت بخبرٍ صاعقِ باحتراقِ بيتِك ، أو موتِ ابنك ، أو ذهابِ مالك فماذا عساك أنْ تفعل ؟ من الآنِ وطِّنْ نفسك ، لا ينفعُ الهربُ ، لا يجدي الفرارُ والتملُّصُ من القضاء والقدر ، سلِّمْ بالأمرِ ، وارض بالقدرِ ، واعترفْ بالواقعِ ، واكتسبِ الأجر ، لأنه ليس أمامك إلا هذا . نعمْ هناك خيارٌ آخرُ ، ولكنه رديءٌ أحذِّرك منُه ، إنه : التبرُّمُ بما حَصَلَ والتضجُّرُ مما صار ، والثورةُ والغضبُ والهيجان ، ولكنْ تحصلُ على ماذا منْ هذا كلِّه ؟! إنك سوف تنالُ غضب الربِّ جلَّ في عليائِه ، ومقْت الناسِ ، وذهاب الأجْرِ ، وفادح الوزرِ ، ثمَّ لا يعودُ عليك المصاب ، ولا ترتفعُ عنك المصيبةُ ، ولا ينصرفُ عنك الأمرُ المحتومُ : ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:36 am
ما تحزنُ لأجلِهِ سينتهي

فإنَّ الموتَ مقدمٌ على الكلِّ : الظالمِ والمظلومِ ، والقويِّ والضعيفِ ، والغنيِّ والفقيرِ ، فلست بِدعاً من الناسِ أنْ تموت ، فقبلك ماتتْ أممٌ وبعدك تموتُ أممٌ .
ذكر ابنُ بطوطة أنَّ في الشمالِ مقبرةً دُفن ألفُ ملِكٍ عليها لوحةٌ مكتوبٌ فيها :

وسلاطينُهم سلِ الطين عنهمُ
والرؤوسُ العظامُ صارتْ عظاماً

إنَّ الأمرَ المذهل في هذا : غفلةُ الإنسانِ عنْ هذا الفناءِ المداهمِ له صباح مساء ، وظنُّه أنهُ خالدٌ مخلَّدٌ منعَّمٌ ، وتغافلُه عن المصيرِ المحترمِ وتراخيه عن النهايةِ الحقَّةِ لكلِّ حيٍّ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ ، ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴾ .
لما أهلك اللهُ الأمم ، وأباد الشعوب ، ودمَّرَ القُرى الظالمةَ وأهلها ، قال–عزَّ مِنْ قائل-: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾ ؟! انتهى كلُّ شيءٍ عنهمْ إلا الخبرَ والحديث .

هل عندكمْ خبرٌ منْ أهلِ أندلسٍ
فقدْ مضى بحديثِ القومِ ركبانُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:36 am
وقفــةٌ

دعاء الكربِ : مشتمِلٌ على توحيدِ الإلهيةِ والربوبيةِ ، ووصفِ الربِّ سبحانهُ بالعظمةِ والحِلمِ ، وهاتانِ الصفتانِ مستلزمتانِ لكمالِ القدرةِ والرحمةِ ، والإحسانِ والتجاوزِ ، ووصْفهِ بكمالِ ربوبيتِه للعالمِ العلويِّ والسُّفليِّ والعرشِ الذي هو سقفُ المخلوقاتِ وأعظمُها .
والربوبيةُ التامَّةُ تستلزمُ توحيده ، وأنهُ الذي لا تنبغي العبادةُ والحبُّ والخوفُ والرجاءُ والإجلالُ والطاعةُ إلا لهُ . وعظمتُه المطلقةُ تستلزمُ إثبات كلِّ كمالٍ لهُ ، وسلب كلِّ نقصٍ وتمثيلٍ عنهُ ؛ وحِلمُهُ يستلزمُ كمال رحمتِهِ وإحسانِهِ إلى خلقِهِ .
فعلْمُ القلبِ ومعرفتُهُ بذلك تُوجبُ محبتُهُ وإجلالُهُ وتوحيدُهُ ، فيحصلُ له من الابتهاجِ واللذةِ والسرورِ ما يدفعُ عنهُ ألم الكْربِ والهمِّ والغمِّ ، وأنت تجدُ المريض إذا ورد عليهِ ما يسُرُّهُ ويُفرحُه ، ويُقوِّي نفسهُ ، كيف تقوى الطبيعةُ على دفعِ المرضِ الحسيِّ ، فحصولُ هذا الشفاءِ للقلبِ أولى وأحرى .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:37 am
الاكتئابُ طريقُ الشقاءِ

ذكرتْ جريدةُ ( المسلمون ) عدد 240 في شهرِ صفر سنة 1410هـ ، أنَّ هناك 200 مليون مكتئبٍ على وجهِ الأرضِ !
الاكتئابُ العالم!! لا يفرِّقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية ! أو غنيٍّ وفقيرٍ . إنه مرضٌ يصيبُ الجميع .. ونهايتُه في الغالبِ الانتحارُ !!
الانتحارُ لا يعترفُ بالأسماءِ والمناصبِ والدولِ ، لكنَّه يخافُ من المؤمنين ، بعضُ الأرقامِ تؤكدُ أنَّ ضحاياهُ وصلوا إلى 200 مليون مريضٍ في كلِّ أنحاءِ العالمِ .. إلاَّ أنَّ آخر الإحصاءاتِ تؤكّدُ أنَّ واحداً على الأقلِّ بين كل عشرةِ أفرادٍ على وجهِ الأرضِ مصابٌ بهذا المرضِ الخطير !!
وقد وصلتْ خطورةُ هذا المرضِ أنه لا يصيبُ الكبار فقط ، بل يصِلُ إلى حدِّ مداهمةِ الجنينِ في بطنِ أمِّه !!
الاكتئابُ بوابةُ الانتحار :
﴿ َلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ ، ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ .
تذكر الأخبارُ التي تناقلتْها وِكالاتُ الأنباءِ أنَّ مرض الاكتئابِ قد تمكَّن من الرئيسِ السابق للولاياتِ المتحدة الأمريكية (رونالدْ ريجان). وتعودُ إصابةُ الرئيس الأمريكي بهذا المرضِ لتجاوزِه سنَّ السبعين في الوقتِ الذي لا يزالُ يتعرَّضُ فيه لضغوطٍ عصبيةٍ كبيرةٍ .. بالإضافةِ للعملياتِ الجراحيةِ التي أُجريتْ له على فتراتٍ متلاحقةٍ ،﴿وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ .
وهناك الكثيرُ من المشاهيرِ وخاصَّةً مَنْ يعملون بالفنِّ ، يداهمُهمْ هذا المرضُ ، وقد كان الاكتئابُ سبباً رئيساً – إنْ لم يكنْ الوحيد – في موتِ الشاعرِ صلاح جاهين ، وكذلك يُقال : إنَّ نابليون بونابرت مات مكتئباً في منفاهُ ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ .
وما زلنا نذكرُ أيضاً الخبر الذي طيَّرتْه وكِالات الأنباءِ ، احتلَّ صدر الصفحاتِ الأولى في أغلبِ صحفِ العالمِ ، عن الجريمةِ المروِّعةِ التي ارتكبتْها أمٌّ ألمانيةٌ بقتلِ ثلاثةٍ منْ أطفالها، واتضح أنَّ السبب هو مرضُها بالاكتئابِ ، ولحبِّها الشديدِ لأطفالها خافتْ أنْ تورثهم العذاب والضيق الذي تشعرُ بهِ ، فقرّرتْ « إراحتهم» !! منْ هذا العذابِ بقتِلهم الثلاثةِ .. ثم قتلتْ نفسها !!.
وأرقامُ (منظمةِ الصحةِ العالميةِ) تشيرُ إلى خطورةِ الأمرِ.. ففي عام 1973 م كان عددُ المصابين بالاكتئابِ في العالمِ 3% ، وارتفعتْ هذه النسبةُ لتصل إلى 5% في عام 1978 م ، كما أشارتْ بعضُ الدراساتِ إلى وجودِ فردٍ أمريكيٍّ مصابٍ بالاكتئاب منْ كلِّ أربعةٍ !! في حين أعلن رئيسُ مؤتمرِ الاضطرابِ النفسيِّ الذي عُقد في شيكاغو عام 1981 م أنَّ هناك 100 مليونِ شخصٍ في العالمِ يعانون من الاكتئابِ ، أغلبُهمْ منْ دولِ العالمِ المتقدم ، وقالتْ أرقامٌ أخرى أنهم مائتا مليون مكتئبٍ!! ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾
قال أحدُ الحكماءِ : اصنعْ من الليمونِ شراباً حُلواً . وقال أحدُهم : ليس الذكيُّ الفطِنُ الذي يستطيعُ أنْ يزيد أرباحهُ، لكنّ الذكيَّ الذي يحوِّلُ خسائره إلى أرباحٍ ﴿أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .
وفي المثلِ : لا تنطحِ الحائط !!
والمعنى : لا تعانِدْ منْ لا تستفيدُ منْ عنادِهِ فائدةً تعودُ عليك بخيْرٍ .

إذا لم تستطعْ شيئاً فدَعْهُ
وجاوِزْه إلى ما تستطيعُ

وقالوا : ولا تطحنِ الدقيق ، ﴿ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ .
والمعنى : أنَّ الأمور التي فُرغ منها وانتهتْ لا ينبغي أن تُعاد وتُكرَّر ؛ لأنَّ في ذلك قلقاً واضطراباً وتضييعاً للوقت .
وقالوا أيضاً – وهو مثلٌ إنكليزيٌ - : لا تنشرِ النشارة .
والمعنى : أي نشارةَ الخشبِ ، لا تأت وتنشرْها مرةً ثانيةُ ، فقدْ فرغ منها .
يقولون ذلك لمنْ يشتغلُ بالتوافهِ ، واجترار الهمومِ ، وإعادةِ الماضي ، ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.
هناك مجالاتٌ للفارغين من الأعمالِ يمكنُ سدُّها ، كالتزودِ بالصالحاتِ ، ونفْعِ الناسِ ، وعيادةِ المرضى ، وزيارةِ المقابرِ ، والعنايةِ بالمساجدِ ، والمشاركةِ في الجمعياتِ الخيريةِ ، ومجالسِ الأحيَّاءِ ، وترتيبِ المنزلِ والمكتبةِ والرياضةِ النافعةِ ، وإيصالِ النفع للفقراءِ والعجزةِ والأراملِ ، ﴿ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ﴾ .

ولم أر كالمعروفِ أمَّا مذاقُهُ
فحلوٌ وأماَّ وجهُهُ فجميلُ

اقرأِ التاريخ لتجد المنكوبين والمسلوبين والمصابين .
وبعد فصولٍ منْ هذا البحثِ سوف أطلعك على لوحةٍ من الحزنِ للمنكوبين بعنوان : تعزَّ بالمنكوبين .

اقرأ التاريخ إذْ فيه العِبرْ
ضلَّ قومٌ ليس يدرون الخبرْ

﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ ، ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴾ ، ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ .
قال عمرُ : أصبحتُ وما لي مطلبٌ إلا التمتُّعُ بمواطنِ القضاءِ .
ومعنى ذلك : أنه مرتاحٌ لقضاءِ اللهِ وقدرهِ ، سواءٌ كان فيما يحلو له أو فيما كان مرّاً .
وقال بعضُهمْ : ما أبالي على أيِّ الراحلتيْنِ ركبتُ ، إنْ كان الفقرُ لهم الصبرُ ، وإنْ كان الغنى لهو الشكرُ .
ومات لأبي ذؤيب الهذليِّ ثمانيةٌ من الأبناءِ بالطاعونِ في عامٍ واحدٍ فماذا عسى أنْ يقول؟ إنه آمن وسلَّم وأذعن لقضاءِ ربهِ ، وقال :

وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ
أني لريبِ الدهرِ لا أتضعضعُ

وإذا المنيةُ أنشبت أظفارها
ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ

﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ .
وفقد ابنُ عباسٍ بصره فقال – معزِّياً نفسه - :

إنْ يأخذِ اللهُ منْ عينيَّ نورها

ففي فؤادي وقلبي منهما نورُ

قلبي ذكيٌّ غيرُ ذي عِوجٍ

وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مشهورُ

وهو التسلِّي بما عنده منَ النَّعِم الكثيرةِ إذا فقد القليل منها .
وبُترتْ رِجْلُ عروة بن الزبيرِ ، ومات ابنُه في يومٍ واحداً ، فقال : اللهمَّ لِك الحمْد ، إنْ كنت أخذت فقدْ أعطيْت ، وإنْ كنت ابتليْتَ فقدْ عافيْت ، منحتني أربعة أعضاءِ ، وأخذت عضواً واحداً ، ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت ابناً واحداً . ﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً﴾ ، ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ .
وقُتل عبدُاللهِ بنُ الصِّمَّةِ أخو دريدٍ ، فعزَّى دريدٌ نفسه بعد أن ذكر أنه دافع عنْ أخيهِ قدْر المستطاعِ ، ولكنْ لا حيلة في القضاءِ ، مات أخوه عبدُالله فقال دريدٌ :

وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبدَّدتْ

وحتى علاني حالِكُ اللونِ أسودِ

طعان امرئِ آسى أخاهُ بنفسهِ


ويعلمُ أنَّ المرء غيرُ مخلَّدِ

وخفَّفتُ وجدي أنني لم أقلْ لهُ

كذبت ولم أبخلْ بما ملكتْ يدِي

ويروى عنِ الشافعيِّ – واعظاً ومعزِّياً للمصابين - :

دعِ الأيام تفعلْ ما تشاءُ

وطِبْ نفساً إذا حكم القضاءُ

إذا نزل القضاءُ بأرضِ قومٍ

فلا أرضٌ تقيةِ ولا سماءُ

وقال أبو العتاهيةِ :

كمْ مرةِ حفَّتْ بك المكارِه خار لك اللهُ وأنت كارِهْ ؟
كمْ مرةٍ خفنا من الموتِ فما متْنا ؟!
كمْ مرةٍ ظننا انها القاضيةُ وأنها النهايةُ ، فإذا هي العودةُ الجديدةُ والقوةُ والاستمرارُ ؟!
كم مرةٍ ضاقتْ بنا السُّبُلُ ، وتقطَّعتْ بنا الحبالُ ، وأظلمتْ في وجوهِنا الآفاقُ ، وإذا هو الفتحُ والنصرُ والخيرُ والبِشارةُ ؟! ﴿ قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ﴾ .
كمْ مرةٍ أظلمتْ أمامنا دنيانا ، وضاقتْ علينا أنفسُنا والأرضُ بما رحُبتْ ، فإذا هو الخيرُ العميمُ واليسرُ والتأييدُ ؟! ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ﴾ .
منْ علم أنَّ الله غالبٌ على أمرِه ، كيف يخافُ أمر غيرِه ؟! منْ علم أنَّ كلَّ شيءٍ دون اللهِ ، فكيف يخوَّفونك بالذين منْ دونِه ؟! منْ خاف الله كيف يخافُ منْ غيرِه ، وهو يقولُ : ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾ .
معهُ سبحانُهُ العزةُ ، والعزةُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين .
معه الغَلَبَةُ ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ ، ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ .
ذكر ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه أثراً قدسيّاً : (( وعزتي وجلالي ما اعتصم بي عبدٌ ، فكادتْ له السماواتُ والأرضُ ، إلا جعلتُ له منْ بينِها فرجاً ومخرجاً . وعزَّتي وجلالي ما اعتصم عبدي بغيري إلا أسخْتُ الأرض من تحتِ قدميْهِ )) .
قال الإمامُ ابنُ تيمية : بـ (( لا حول ولا قوة إلا بالله ِ )) تُحمل الأثقالُ ، وتُكابدُ الأهوالُ ، ويُنالُ شريفُ الأحوالِ .
فالزمْها أيُّ العبدُ ! فإنها كنزٌ منْ كنوزِ الجنةِ . وهي منْ بنودِ السعادةِ ، ومنْ مساراتِ الراحةِ ، وانشراحِ الصدرِ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:38 am
الاستغفارُ يفتحُ الأقفال

يقول ابنُ تيمية : إنَّ المسألة لتغلقُ عليَّ ، فأستغفرُ الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أقلَّ ، فيفتحُها اللهُ عليَّ .
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ .
إنَّ منْ أسبابِ راحةِ البالِ ، استغفار ذي الجلال .
رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ ، وكلُ قضاءٍ خيرٌ حتى المعصيةُ بشرطِها .
فقدْ ورد في المسندِ : ((لا يقضي اللهُ للعبدِ قضاء إلا كان خيراً له)) . قيل لابن تيمية: حتى المعصية ؟ قال : نعمْ ، إذا كان معها التوبةُ والندمُ ، والاستغفارُ والانكسارُ . ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً﴾
قال أبو تمامٍ في أيامِ السعودِ وأيامِ النحسِ :

مرَّتْ سنونُ بالسعودِ وبالهنا

فكأنَها مِنْ قِصْرِها أيَّامُ

ثمَّ انْثنتْ أيامُ هجرٍ بعدها


فكأنها منْ طولِها أعوامُ

ثمَّ انقضت تلك السنونُ وأهلُها

فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ .
عجبتُ لعظماء عَرَفَهُمُ التاريخُ ، كانوا يستقبلون المصائب كأنَّها قطراتُ الغيثِ ، أو هفيفُ النسيمُ ، وعلى رأسِ الجميع سيدُ الخلْقِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، وهو في الغارِ ، يقولُ لصاحبِه : ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ . وفي طريقِ الهجرةِ ، وهو مطاردٌ مشرَّدٌ يبشِّرُ سراقة بأنه يُسوَّرُ سواريْ كسرى !

بُشرى مِن الغيبِ ألقتْ في فمِ
الغار وحْياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ

وفي بدر يثبُ في الدرعِ r وهو يقولُ : ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ .

أنت الشجاعُ إذا لقِيت كتيبةً
أدَّبْت في هوْلِ الردى أبطالها

وفي أُحدٍ – بعد القتلِ والجراحِ – يقولُ للصحابةِ : (( صُفُّوا خلفي ، لأُثني على ربي )) . إنها هِممٌ نبويَّةٌ تنطحُ الثريَّا ، وعزْمٌ نبويٌ يهزُّ الجبال .
قيسُ بنُ عاصم المنْقرِيُّ منْ حلماءِ العربِ ، كان مُحتبياً يكلِّم قومهُ بقصةٍ ، فأتاه رجلٌ فقال : قُتِل ابنُك الآن ، قَتَلَهُ ابنُ فلانة . فما حلَّ حَبْوَتَهُ ، ولا أنهى قصّتهُ ، حتى انتهى منْ كلامِه ، ثم قال : غسِّلوا ابني وكفِّنوه ، ثمَّ آذنِوني بالصلاةِ عليه ! ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ .
وعِكرِمةُ بنُ أبي جهلٍ يُعطى الماء في سكراتِ الموتِ ، فيقولُ : أعطوه فلاناً . لحارثِ بنِ هشامِ ، فيتناولونه واحداً بعد واحداً ، حتى يموتُ الجميعُ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:39 am
الناسُ عليك لا لك

إنَّ العاقل الحصيف يجعلُ الناس عليهِ لا لهُ ، فلا يبني موقفاً ، أو يتخذ قراراً يعتمدُ فيهِ على الناسِ ، إن الناس لهمْ حدودٌ في التضامنِ مع الغيرِ ، ولهمْ مدىً يصلون إليهِ في البذلِ والتضحيةِ لا يتجاوزونهُ .
انظرْ إلى الحسينِ بنِ عليٍّ – رضي اللهُ عنهُ وأرضاهُ – وهو ابنُ بنتِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، يُقتلُ فلا تنبسُ الأمَّةُ ببنتِ شفةٍ ، بل الذين قتلوهُ يكبِّرون ويهلّلون على هذا الانتصارِ الضخمِ بِذبحِهِ !! ، رضي اللهُ عنه . يقولُ الشاعرُ :

جاؤوا برأسِك يا ابن بنتِ محمدٍ

مُتزمِّلاً بدمائِهِ تزميلا

ويُكبِّرون بأنْ قُتلت وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا


ويُساق أحمدُ بنُ حنبلٍ إلى الحبسِ ، ويُجلدُ جلداً رهيباً ، ويشرفُ على الموتِ ، فلا يتحرّكُ معهُ أحدٌ .
ويُؤخذُ ابنُ تيمية مأسوراً ، ويركبُ البغل إلى مصر ، فلا تموجُ تلك الجموعُ الهادرةُ التي حضرتْ جنازتهُ ، لأنَّ لهمْ حدوداً يصلون إليها فَحَسْبُ ، ﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً ﴾ ، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ ، ﴿ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً ﴾ .

فالزمْ يديْك بحبلِ اللهِ معتصماً

فإنَّهُ الركنُ إنْ خانَتْك أركانُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:41 am
رفقاً بالمالِ « ما عال منِ اقْتَصَدَ »

قال أحدهُمْ :

اجمعْ نقودك إنَّ العِزَّ في المالِ
واستغنِ ما شئت عنْ عمٍّ وعنْ خالِ

إنَّ الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ المالِ وتبديدهِ وإنفاقِه في غيرِ وجْهِهِ أو عدمِ جمعِه أصلاً ليستْ بصحيحةٍ ، وإنما هي منقولةٌ منْ عُبَّادِ الهنودِ ، ومنْ جهلةِ المتصوفةِ .
إنَّ الإسلام يدعو إلى الكسبِ الشريفِ ، وإلى جمعِ المالِ الشريفِ ، وإنفاقهِ في الوجهِ الشريفِ ، ليكون العبدُ عزيزاً بماله، وقدْ قال صلى الله عليه وسلم : ((نِعم المالُ الصالحُ في يدِ الرجلِ الصالحِ)) . وهو حديثٌ حسنٌ .
وإنَّ مما يجلبُ الهموم والغموم كثرةُ الديونِ ، أو الفقرُ المضني المهلك : (( فهلْ تنتظرون إلاَّ غنى مطغياً أو فقراً منسياً )) . ولذا استعاذ صلى الله عليه وسلم فقال : (( اللهم إني أعوذُ بك منَ الكفرِ والفقْرِ )) . و (( كاد الفقْرُ أنْ يكون كفراً )) .
وهذا لا يتعارضُ مع الحديثِ الذي يرويه ابنُ ماجة : (( ازهدْ في الدنيا يحبّك اللهُ ، وازهدْ فيما عند الناسِ يحبُّك الناسُ )) . على أنَّ فيهِ ضعيفاً .
لكنَّ المعنى : أن يكون لك الكفافُ ، وما يكفيك عن استجداءِ الناسِ وطلبِ ما عندهم من المالِ ، بلْ تكونُ شريفاً نزيهاً ، عندك ما يكفُّ وجهكَ عنهمْ ، (( ومن يستغنِ يُغنِه اللهُ )) .
وفي الصحيحِ : (( إنك إنْ تَذَرُ ورثَتَكَ أغنياء ، خيرٌ منْ أن تَذَرَهُمْ عالةً يتكفَّفونُ الناس )) .

أَسُدُّ به ما قدْ أضاعوا وفرَّطوا
حقوق أناسٍ ما استطاعوا لها سدّا


يقولُ أحدُهم في عِزَّةِ النفسِ :

أحسنُ الأقوالِ قولي لك خذْ
أقبحُ الأقوالِ كلاَّ ولعلْ

وفي الصحيح : (( اليدُ العليا خيرٌ من اليدِِ السُّفلى )) . اليدُ العليا المعطيةُ ، واليدُ السُّفلى الآخذةُ أو السائلةُ ، ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ .
والمعنى : لا تتملَّق البشرَ فتطلب منهمْ رزقاً أو مكسباً ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ضمِنَ الرزق والأجلَ والخلْقَ لأنَّ عزَّةَ الإيمانِ قعساءُ ، وأهلُه شرفاءُ ، والعزةُ لهم ، ورؤوسُهم دائماً مرتفعةٌ ، وأنوفُهم دائماً شامخةٌ : ﴿ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ﴾ . قال ابنُ الورديُّ :

أنا لا أرغبُ تقبيل يدٍ

قطْعُها أحسنُ منْ تلك القُبلْ

إنْ جزتْني عنْ صنيعِ كنتُ في

رِقِّها أو لا فيكفيني الخجلْ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:42 am
لا تتعلقْ بغيرِ اللهِ

إذا كان المحيي والميتُ والرزاقُ هو اللهُ ، فلماذا الخوفُ من الناس والقلقُ منهمُ ؟! ورأيتُ أنَّ أكثر ما يجلبُ الهموم والغموم التعلُّقُ بالناسِ ، وطلبُ رضاهمْ ، والتقربُ منهمُ ، والحرصُ على ثنائِهم ، والتضرُّر بذمِّهمْ ، وهذا من ضعفِ التوحيدِ .

فليتك تحلو والحياةُ مريرةٌ

وليتك ترْضى والأنامُ غضابُ

إذا صحَّ منك الودُّ فالكُلُّ هيِّنٌ

وكلُّ الذي فوق الترابِ ترابُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:43 am
أسبابُ انشرحِ الصَّدْرِ

أهمُّها : التوحيدُ : فإنهُ بِحسبِ صفائِهِ ونقائِه يوسعُ الصدرَ ، حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها .
ولا حياة لمُشركٍ وملحِدٍ ، يقولُ سبحانه وتعالى : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ .
وتوعَّد اللهُ أعداءه بضيقِ الصَّدرِ والرهبةِ والخوفِ والقلقِ والاضطرابِ ، ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً ﴾ ، ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ، ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ﴾ .
ومما يشرحُ الصَّدْرَ : العلمُ النافعُ ، فالعلماءُ أشرحُ الناسِ صدوراً ، وأكثرُهم حُبوراً ، وأعظمُهمْ سروراً ، لما عندهمْ من الميراثِ المحمديِّ النبويِّ : ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾ ، ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ .
ومنها : العملُ الصالحُ : فإنَّ للحسنةِ نوراً في القلبِ ، وضياءً في الوجهِ ، وسَعَةَ في الرزقِ ، ومحبةً في قلوبِ الخلْقِ ، ﴿ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ﴾ .
ومنها : الشجاعةُ : فالشجاعُ واسعُ البطانِ ، ثابتُ الجَنَانِ ، قويُّ الأركانِ ، لأنه يؤولُ على الرحمنِ ، فلا تهمُّه الحوادثُ ، ولا تهزُّهُ الأراجيفُ ، ولا تزعزِعُهُ التوجساتُ .

تردَّى ثبات الموتِ حُمْراً فما أتى

لها الليلُ إلا وهي مِنْ سندسٍ خُضْرُ

وما مات حتى مات مضرِبُ سيفِهِ

مِن الضربِ واعتلتْ عليه القنا السّمْرُ


ومنها : اجتنابُ المعاصي : فإنها كدرٌ حاضرٌ ، ووحشةٌ جاثمةٌ ، وظلامٌ قاتمٌ .

رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب
وقدْ يُورثُ الذُّلَّ إدمانُها


ومنها : اجتنابُ كثرةِ المباحاتِ : من الكلامِ والطعامِ والمنام والخلطةِ ، ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ ، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ، ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:43 am
فُرِغ من القضاءِ

سألَ أحدُ المرضى بالهواجسِ والهمومِ طبيب القلقِ والاضطرابِ ، فقال له الطبيبُ المسلمُ : اعلمْ أنَّ العالم قدْ فرغَ منْ خلقِهِ وتدبيرِه ، ولا يقعُ فيهِ حركةٌ ولا هَمْسٌ إلا بإذن اللهِ ، فلِم الهمُّ والغمُّ؟! ((إنَّ الله كتب مقادير الخلائقِ قبل أنْ يَخْلُقَ الخلْق بخمسين ألف سنةٍ)) .
قال المتنبي على هذا :

وتعْظُمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها
وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائِمُ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:44 am
طَعْمُ الحريَّةِ اللذيذُ

يقولُ الراشدُ في كتابِ ( المسار ) : منْ عندَهُ ثلاثمائةٍ وستون رغيفاً وجرَّة زيتٍ وألفٌ وستمائة تمرة ، لم يستعبدْه أحدٌ .
وقال أحدُ السلفِ : منِ اكتفى بالخبزِ اليابسِ والماءِ ، سلِم من الرِّقِّ غلا للهِ تعالى ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴾ .
قال أحدُهم :

أطعتُ مطامعي فاستعبدتني
ولوْ أني قِنِعْتُ لكنتُ حراً

وقال آخرُ :

أرى أشقياء الناسِ لا يسأمونها

على أنَّهمْ فيها عُراةٌ وجُوَّعُ

أراها وإنْ كانتْ تسُرُّ فإنها

سحابةُ صيفٍ عنْ قليلٍ تقشَّعُ

إنَّ الذين يسعوْن على السعادةِ بجمع المالِ أو المنصبِ أو الوظيفةِ ، سوف يعلمون أنهمْ همُ الخاسرون حقّاً ، وأنهمْ ما جلبوا إلا الهموم والغموم ، ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ ﴾ ، ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:44 am
سفيانُ الثوريُّ مخدَّتُهُ الترابُ

توسَّد سفيانُ الثوريُّ كومْةً منْ الترابِ في مزدلفة وهو حاجٌّ ، فقال له الناسُ : أفي مثلِ هذا الموطنِ تتوسَّدُ الترابَ وأنت مُحدِّثُ الدنيا ؟ قال : لمخدَّتي هذهِ أعظمُ منْ مخدةِ أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ .
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:45 am
لا تركنْ إلى المُرجِفِينَ

الوعودُ الكاذبةُ ، والإرهاصاتُ الخاطئةُ المغلوبةُ ، التي يخافُ منها أكثرُ الناسِ ، إنما هي أوهامٌ ، ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ .
والقلقُ والأرقُ وقُرْحةُ المعدةِ : ثمراتُ اليأسِ والشعورِ بالإحباطِ والإخفاق .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:45 am
لنْ يضرَّك السبُّ والشَّتْمُ

كان الرئيسُ الأمريكيُّ ( إبراهام لينكولن ) يقولُ : أنا لا أقرأُ رسائل الشتمِ التي تُوجَّه إليَّ ، ولا أفتحُ مظروفها فضلاً عن الردِّ عليها ؛ لأنني لو اشتغلتُ بها لمَا قدَّمت شيئاً لشعبي ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ ، ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ ، ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ﴾ .
قال حسَّانُ :

ما أبالي أنبَّ بالحزْنِ تَيْسٌ
أو لحاني بظهرِ غَيْبٍ لئيمُ

المعنى : أنَّ كلماتِ اللؤماءِ والسخفاءِ والحقراءِ الشتّامين المتسلقين على أعراضِ الناسِ ، لا تضرُّ ولا تُهُمُّ ، ولا يمكنُ أنْ يتلفت لها مسلمٌ ، أو أن يتحرك منها شجاعٌ .
كان قائدُ البحريةِ الأمريكيةِ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ رجلاً لامعاً ، يحرصُ على الشهرةِ ، فتعاملَ مع مرؤوسيةِ الذين كالوا له الشتائم والسباب والإهاناتِ ، حتى قال : أصبح اليوم عندي من النقدِ مناعةٌ ، لقدْ عَجَمَ عودي ، وكبرتْ سني ، وعلمتُ أنَّ الكلام لا يهدمُ ولا ينسِفُ سُوراً حصيناً .

وماذا تبتغي الشعراءُ منّي
وقدْ جاوزتُ حدَّ الأربعينا


يُذكرُ عن عيسى – عليه السلامُ – أنهُ قال : أحبوا أعداءكم .
والمعنى : أنْ تُصدروا في أعدائِكمْ عفواً عامّاً ، حتى تسلموا من التشفِّي والانتقامِ والحقدِ الذي ينهي حياتَكُمْ، ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. ((اذهبوا فأنتمُ الطلقاءُ)) ، ﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾ ، ﴿ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:46 am
اقرأ الجمال في الكوْنِ

مما يشرحُ الصدر قراءةُ الجمالِ في خلْقِ ذي الجلالِ والإكرامِ، والتمتُّعُ بالنظرِ في الكونِ، هذا الكتابُ المفتوحُ ، إنَّ الله يقولُ في خلقِهِ : ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾ ، ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ .
وسوف أنقلُ لك ، بعد صفحاتِ ، من أخبارِ الكونِ ما يدلُّك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ .
قال الشاعرُ :

وكتابي الفضاءُ أَقرأُ فيهِ
صوراً ما قرأتُها في كتابي


قراءةٌ في الشمسِ اللامعةِ ، والنجومِ الساطعةِ ، في النهرِ .. في الجدولِ .. في التلِّ .. في الشجرةِ .. في الثمرةِ .. في الضياءِ .. في الهواءِ .. في الماءِ ،

وفي كلِّ شيءٍ لهُ آيةٌ
تدلُّ على أنَّه الواحدُ


يقول إيليا أبو ماضي :

أيُّها الشاكي وما بك داءٌ

كيف تغدو إذا غدوت عليلاَ

أترى الشوك في الورودِ وتَعْمَى


أن ترى فوقهُ النَّدى إكليلاَ

والذي نفسُه بغيرِ جمالٍ

لا يرى في الوجودِ شيئاً جميلا

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:47 am
﴿ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾

يقولُ أيْنشتاين : مَنْ ينظرْ إلى الكونِ يعلمْ أنَّ المبدع حكيمٌ لا يلعبُ بالنَّردِ . ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ ، ﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ ، ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾.
والمعنىِ : أنَّ كلَّ شيءٍ بِحُسْبانٍ وبحكمةٍ ، وبترتيبٍ وبنظامٍ ، يعلمُ منْ يرى هذا الكون أنَّ هناك إلهاً قديراً لا يُجري الأمور مجازفةً ، جلَّ في علاهُ .
ثمَّ يقولُ سبحانهُ وتعالى : ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ ، ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:47 am
لا يجدي الحِرْصُ

قال صلى الله عليه وسلم : (( لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستكمل رزْقها وأجلَها )) . فلِم الجَزَعُ ؟!ولِم الهَلَعُ ؟! ولِم الحِرْصُ إذنْ ، إذا انتهى منْ هذا وفَرَغَ ؟! ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ ، ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:48 am
الأزماتُ تكفِّرُ عنك السيئاتِ

يُذكَرُ عن الشاعرِ ابن المعتزِّ أنهُ قال : آللهُ ما أوطأ راحلةً المتوكل على اللهِ ، وما أسرع أوْبةَ الواثقِ باللهِ !! وقد صحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : (( ما يصيبُ المؤمنَ منْ همٍّ ، ولا غمٍّ ، ولا وصبٍ ، ولا نصبٍ ، ولا مرضٍ ، حتى الشوكةُ يُشاكُها ، إلا كفَّر اللهُ بها منْ خطاياهُ )) . فهذا لمن صبر واحتسب وأناب ، وعَرَفَ أنهُ يتعاملُ مع الواحدِ الوهابِ .
قال المتنبي في أبياتٍ حكيمةٍ تضفي على العبدِ قوةً وانشراحاً :

لا تلق دهرك إلا غيْرَ مكترثٍ

ما دام يصحبُ فيهِ رُوحك البدنُ

فما يُديمُ سُروراً ما سُرِرْت بهِ

ولا يردُّ عليك الغائب الحزنُ

﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:50 am
« حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ »

« حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » : قالها إبراهيمُ لما أُلقي في النارِ ، فصارتْ بردْاً وسلاماً . وقال محمدٌ صلى الله عليه وسلم في أُحُدٍ ، فنصره اللهُ .
لما وُضِع إبراهيمُ في المنجنيقِ قال له جبريلُ : ألك إليَّ حاجةٌ ؟ فقال له إبراهيمُ : أمَّا إليك فلا ، وأمَّا إلى اللهِ فَنَعَمْ !
البحرُ يُغْرقُ ، والنارُ تَحْرِقُ ، ولكن جفَّ هذا ، وخمدتْ تلك ، بسبب : « حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » .
رأى موسى البحرَ أمامه والعدَّ خلفه ، فقال : ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ . فنجا بإذنِ اللهِ .
ذُكِر في السيرةِ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل الغار ، سخَّ الله الحمام فبنتْ عشّها ، والعنكبوت فبنت بيتها بفمِ الغارِ ، فقال المشركون : ما دخل هنا محمدٌ .

ظنُّوا الحمام وظنُّوا العنكبوت على

خيرِ البريةِ لم تنسِخْ ولم تَحُمِ

عنايةُ اللهِ أغنيتْ عنْ مضاعفةٍ

من الدروعِ وعنْ عالٍ من الأُطمُِ

إنها العنايةُ الربانيةُ إذا تلمَّحها العبدُ ، ونظر أنَّ هناك ربّاً قديراً ناصراً وليّاً راحماً ، حينها يركنُ العبدُ إليه .
يقولُ شوقي :

وإذا العنايةُ لاحظتْكَ عيونُها
نمْ فالحوادثُ كُلُّهن أمانُ

﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ ، ﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:51 am
مكوِّناتُ السَّعادةِ

وعند الترمذيِّ عنهُ صلى الله عليه وسلم : (( منْ بات آمناً في سِرْبهِ ، معافىً في بدنه ، عندهُ قوتُ يومِهِ ، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافِيرِها )) .
والمعنى : إذا حصل على غذاءٍ ، وعلى مأوًى وكان آمناً ، فقدْ حصل على أحسنِ السعاداتِ ، وأفضلِ الخيراتِ ، وهذا يحصلُ عليه كثيرٌ من الناسِ ، لكنهمْ لا يذكرونه ، ولا ينظرون إليه ولا يلمسونه .
يقولُ سبحانه وتعالى لرسوله : ﴿ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ . فأيُّ نعمةٍ تمّتْ على الرسولِ صلى الله عليه وسلم ؟
أهي المادةُ ؟ أهو الغذاءُ ؟ أهي القصورُ والدورُ والذهبُ والفِضَّةُ ، ولم يملكْ من ذلك شيئاً ؟
إنَّ هذا الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم كان ينامُ في غرفةٍ منْ طينٍ ، سقفُها منْ جريدِ النخلِ ، ويربطُ حَجَريْنِ على بطنِهِ ، ويتوسَّدُ على مخدَّةٍ منْ سَعَف النخلِ تؤثِّر في جنبهِ ، ورهن دِرْعهُ عند يهوديٍّ في ثلاثين صاعاً منْ شعيرٍ، ويدورُ ثلاثة أيامٍ لا يجدُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه.

مِت ودرعُك مرهونٌ على شظفٍ

من الشَّعيرِ وأبقى رهَكَ الأجلُ

لأنَّ فيك معاني اليُتْمِ أعذبُهُ

حتى دُعيت أبا الأيتامِ يا بَطَلُ


وقلتُ في قصيدةٍ أخرى :

كفاك عنْ كلِّ قصرٍ شاهقٍ عمدٍ

بيتٌ من الطينِ أو كهفٌ من العلمِ

تبني الفضائل أبراجاً مشيَّدةً

نُصْيَ الخيامِ التي منْ أروعِ الخيمِ

﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى{4} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ ، ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ .

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:52 am
نَصَب المَنْصِب

منْ متاعبِ الحياةِ المنصبُ ، قال ابنُ الورديُّ :

نصبُ المنصبِ أوهي جَلَدي
يا عنائي منْ مداراةِ السفَلْ

والمعنى : انَّ ضريبةَ المنصبِ غاليةٌ ، إنها تأخذُ ماء الوَجْهِ ، والصِّحِّة والراحةَ ، وقليلٌ مَنْ ينجو منْ تلك الضرائبِ التي يدفعُها يوميّاً ، منْ عرقِهِ ، من دِمِ ، منْ سمعتِه ، من راحتِه ، منْ عزتِه ، منْ شرفِه ، منْ كرامتِه ، ((لا تسألِ الإمارةَ)) . ((نِعْمَتِ المرضعةُ وبِئست الفاطمةُ)) ﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾ .
قال الشاعرُ :

هبِ الدنيا تصيرُ غليك عفواً
أليس مصيرُ ذلك للزوالِ ؟!

قدِّرْ أنَّ الدنيا أتتْ بكل شيءٍ ، فإلى أي شيء تذهبُ ؟ إلى الفناءِ ، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ .
قال أحدُ الصالحين لابنه : لا تكنْ يا بُنيَّ رأساً ، فإنَّ الرأس كثيرُ الأوجاعِ .
والمعنى : لا تُحِبَّ التصدُّرَ دائماً والتَّرؤُّس ، فإنَّ الانتقاداتِ والشتائمِ والإحراجاتِ والضرائبِ لا تصلُ إلا إلى هؤلاء المقدَّمين .

إنَّ نصف الناسِ أعداءٌ لمِنْ
ولي السلْطة هذا إنْ عدلْ

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:54 am
هيا إلى الصلاة

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ﴾ .
كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فَزِع إلى الصلاةِ .
وكان يقولُ : (( أرِحنْا بها يا بلالُ )) .
ويقولُ : (( جُعلت قرَّةُ عيني في الصلاةِ )) .
إذا ضاق الصدرُ ، وصعُب الأمرُ ، وكثر المكْرُ ، فاهرعْ إلى المصلَّى فصلِّ .
إذا أظلمتْ في وجهِك الأيامُ ، واختلفتْ الليالي ، وتغيَّرَ الأصحابُ ، فعليك بالصلاةِ .
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في المهمَّاتِ العظيمةِ يشرحُ صدره بالصلاةِ ، كيومِ يدْرٍ والأحزابِ وغيرِها من المواطنِ . وذكروا عنِ الحافظِ ابن حجرٍ صاحبِ ( الفتحِ ) أنه ذهب إلى القلعةِ بمصر فأحط به اللصوصُ ، فقام يصلي ، ففرَّج اللهُ عنهُ .
وذكر ابنُ عساكر وابنُ القيمِ : أنَّ رجلاً من الصالحين لقيه لصٌّ في إحدى طرقِ الشامِ ، فأجهز عليه ليقتله ، فطلب منه مهلةٍ ليصلي ركعتين ، فقام فافتتح الصلاة ، وتذكَّرَ قول اللهِ تعالى : ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ . فردَّدها ثلاثاً ، فنزل ملكٌ من السماءِ بحربةٍ فَقَتَلَ المجرم ، وقال : أنا رسولُ منْ يجيبُ المضطرَّ إذا دعاهُ . ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ ، ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ﴾ ، ﴿ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾ .
وإن ممَّا يشرحُ الصدر ، ويزيلُ الهمَّ والغمَّ ، الصلاةُ على الرسول صلى الله عليه وسلم : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ .
صحَّ ذلك عند الترمذيِّ : أنَّ أُبَيَّ بن كعب – رضي اللهُ عنهُ – قال : يا رسول اللهِ ، كمْ أجعلُ لك من صلاتي ؟ قال : (( ما شئت )) . قال : الربع ؟ قال : (( ما شئت ، وإنْ زدت فخيْرٌ )) . قال : الثُّلُثيْن ؟ قال : (( ما شئت ، وإنْ زدت فخيرٌ )) . قال : أجعلُ لك صلاتي كلهَّا ؟ قال : (( إذنْ يُغفرُ ذنبُك ، وتُكْفى همُّك )) .
وهنا الشاهدُ ، أنْ الهمَّ يزولُ بالصلاةِ والسلامِ على سيدِ الخلْقِ : (( منْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليهِ بها عَشْراً )) . (( أكِثروا من الصلاةِ عليَّ ليلة الجمعةِ ويوم الجمعةِ ، فإنَّ صلاتكمْ معروضةٌ عليَّ)) . قالوا : كيف تُعرضُ عليك صلاتُنا وقدْ أرمْت ؟! -أي بليت- قال: ((إنَّ الله حرمَّ على الأرضِ أنْ تأكل أجساد الأنبياءِ)) . إنَّ للذين يقتدون به صلى الله عليه وسلم ويتّبعون النور الذي أُنْزِلَ معهُ نصيباً من انشراحِ صدرِه وعُلوِّ قدرِه ورفعةِ ذكرهِ .
يقولُ ابنُ تيمية : أكملُ الصلاةِ على الرسولِ صلى الله عليه وسلم هي الصلاةُ الإبراهيميةُ : اللهم صلِّ على محمدِ وعلى آل محمَّدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وباركْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركْت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم في العالمين . إنك حميدٌ مجيدٌ .

نسينا في ودادِك كُلَّ غالِ

فأنت اليومَ أغلى ما لَدَيْنَا

نُلامُ على محبَّتِكمْ ويكفي

لنا شرفاً نلامُ وما علينا

zα7мт мαšнα3я
23-01-12, 01:55 am
الصَّدَقةُ سَعةٌ في الصَّدْرِ

ويدخلُ في عمومِ ما يجلبُ السعادة ويزيلُ الهمَّ والكدر : فعلُ الإحسانِ ، من الصدقةِ والبِرُّ ولإسداءِ الخيرِ للناسِ ، فإنَّ هذا منْ أحسنِ ما يُوسَّعُ بهِ الصَّدْرُ ، ﴿ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم﴾ ، ﴿ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ ﴾ .
وقدْ وصف صلى الله عليه وسلم البخيلُ والكريمُ برجليْن عليهما جُبَّتانِ ، فلا يزالُ الكريمُ يُعطي ويبذلُ ، فتتوسَّعُ عليه الجبَّةُ والدِّرْعُ من الحديدِ حتى يعفُوَ وأثرُه ، ولا يزالُ البخيلُ يمسكُ ويمنعُ ، فتتقلَّص عليهِ ، فتخنقهُ حتى تضيق عليهِ روحهُ ! ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾ . وقال سبحانه وتعالى : ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾ .
إنَّ غلَّ الروحِ جزءٌ منْ غلِّ اليدِ ، وإنَّ البخلاء أضيقُ الناسِ صدوراً وأخلاقاً ؛ لأنهم بخلُوا بفضلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، ولو عملوا أنَّ ما يعطونه الناس إنما هو جلبٌ للسعادةِ ، لسارعوا إلى هذا الفعلِ الخيِّرِ ، ﴿ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ .
وقال سبحانه وتعالى : ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ، ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾

اللهُ أعطاك فابذلْ مِنْ عطيتهِ

فالمالُ عاريةٌ والعمرُ رحَّالُ

المالُ كالماءِ إنْ تحبسْ سواقِيهُ

يأسنْ يجرِ يعذُبْ منه سلسالُ

يقولُ حاتمُ :

أما والذي لا يعلمُ الغيب غيرهُ

ويُحيي العظام البيض وهي رميمُ

لقدْ كنتُ أطوي البطن والزادُ يُشتهى

مخافة يومٍ أنْ يُقال لئيمُ

إنَّ هذا الكريم يأمرُ امرأته أنْ تستضيف له ضيوفاً ، وأن تنتظر روَّاده ليأكلوا معه ، ويؤانسوهُ ليشرح صدرهُ ، يقولُ :

إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي لهُ
أكولاً فإني لستُ آكلُه وحدي

ثمّ يقولُ لها وهو يعلنُ فلسفته الواضحة ، وهي معادلةٌ حسابيةٌ سافرةٌ :

أريني كريماً مات مِنْ قبلِ حِينهِ
فيرضى فؤادي أو بخيلاً مخلدَّا

هلْ جمْعُ المالِ يزيدُ في عمرِ صاحبِه ؟ هلْ إنفاقُهُ يُنقصُ من أجلِه ؟ ليس بصحيحٍ .