إذا قلت مابي
04-06-03, 09:33 am
أتيح لي في نهاية الأسبوع الماضي زيارة منطقة القصيم لحضور مناسبة مهمة هي توقيع اتفاقية بين برنامج الأمير فيصل بن بندر للتدريب وتوطين الوظائف في منطقة القصيم من جهة والتنظيم الوطني للتدريب المشترك من جهة أخرى. وهدف هذه الاتفاقية هو تدريب الشباب السعودي وتوظيفه، وذلك بالتعاون بين برنامج الأمير فيصل والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وصندوق تنمية الموارد البشرية والغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم.
وقد أسعدني ما سمعته من سمو الأمير فيصل بن بندر في لقاء تم بمكتبه بحضور الأمير عبدالعزيز بن ماجد والدكتور علي النملة والدكتور علي الغفيص والدكتور محمد السهلاوي وبعض الاخوة.
إن منطقة القصيم هي من المناطق المهيأة لتحقيق نمو إقتصادي، إنطلاقاً من المزايا النسبية لهذه المنطقة. وقد كانت المنطقة، ولا تزال، واحدة من أهم المناطق الزراعية في المملكة.. ويمكن استثمار هذه المزايا بما يتلاءم مع خصائص المرحلة الاقتصادية التي تعيشها المملكة.. وقد تحدثت طويلاً مع الدكتور علي البراك عميد كلية التقنية الزراعية ببريدة عن الحاجة إلى "صناعة زراعية" تختلف عن التصور السائد لمفهوم القطاع الزراعي التقليدي الذي تجاوزناه الآن بعدما تبين أن المضي فيه سيكون على حساب المياه الجوفية المحدودة في بلادنا. وقد فهمت من الدكتور البراك أن هذا هو توجههم في الكلية من خلال تخصصاتها المتمثلة في التصنيع الغذائي، وسلامة الأغذية، وحماية البيئة. ومن المصادفات أنني التقيت قبل ذلك بالدكتور عبدالعزيز الحربي، وكيل كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بالرياض، وفهمت منه أيضا أن هذا هو توجه كلية الزراعة.
وقد تجولت في منطقة القصيم وشاهدت المساحات الزراعية الشاسعة، ومنها مزرعة هائلة متخصصة في إنتاج التمور تتبع لأوقاف الشيخ صالح عبدالعزيز الراجحي. ولاشك بأن هذه النهضة الزراعية تدل على الإمكانات الكبيرة في منطقة القصيم وبعض المناطق الزراعية الأخرى في المملكة. لكنني أعترف أن الهاجس الذي لازمني طيلة الوقت هو ما مدى تأثير هذا التوسع الزراعي على منسوب المياه في المنطقة وما هو حجم الوظائف المشغولة بمواطنين سعوديين في القطاع الزراعي.
إن النمو الاقتصادي كما نعلم ليس هدفاً بحد ذاته مثلما أن التراكم المادي ليس هدفاً وإنما وسيلة لتحقيق أهداف أهم مثل توفير الوظائف، وتوفير لقمة العيش.. ومن المعروف أن النمو الاقتصادي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج سلبية كالتلوث وتدمير البيئة ونضوب الموارد الطبيعية عندما تسيطر النظرة المادية المجردة.
وقد لاحظت مدى حماس الأمير فيصل بن بندر ووعيه، وحماس الاخوة الذين قابلتهم بمنطقة القصيم وإدراكهم لطبيعة التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وما تفرضه هذه التحولات من تكيف في نظرتنا الى الكثير من الأمور.. وهذا يدفع إلى التفاؤل، مثلما أن البرنامج الطموح للأمير فيصل حول التدريب والتوظيف يدفع إلى التفاؤل بأن تزداد فرص إسهام المنطقة في اقتصاد المملكة من خلال الإمكانات المتوفرة في هذه المنطقة الشاسعة، وأولها الإمكانات البشرية، ومن خلال تنمية ملائمة هدفها خدمة الإنسان قبل أي اعتبارات أخرى.
أخيراً.. لا أعرف كيف أعبر عن تقديري للاخوة الذين التقيتهم هناك وما غمرونا به من كرم الضيافة.. ومن طريف ما رأيت ما فعله الأستاذ يوسف العيد الذي أصر على استضافتنا في منزله، ولما تعذر ذلك بسبب ضيق الوقت وموعد الطائرة، فاجأنا بأن "كمن" لنا في "طعس" ما على طريق المطار بكامل تجهيزاته من القهوة والتمر ولبن الخلفات قبل الصعود إلى الطائرة.. وهذا مجرد نموذج لكرم أهل القصيم لا أكثر.
عبدالواحد الحميد
التاريخ: الأربعاء 2003/06/04 م
جريدة الرياض
وقد أسعدني ما سمعته من سمو الأمير فيصل بن بندر في لقاء تم بمكتبه بحضور الأمير عبدالعزيز بن ماجد والدكتور علي النملة والدكتور علي الغفيص والدكتور محمد السهلاوي وبعض الاخوة.
إن منطقة القصيم هي من المناطق المهيأة لتحقيق نمو إقتصادي، إنطلاقاً من المزايا النسبية لهذه المنطقة. وقد كانت المنطقة، ولا تزال، واحدة من أهم المناطق الزراعية في المملكة.. ويمكن استثمار هذه المزايا بما يتلاءم مع خصائص المرحلة الاقتصادية التي تعيشها المملكة.. وقد تحدثت طويلاً مع الدكتور علي البراك عميد كلية التقنية الزراعية ببريدة عن الحاجة إلى "صناعة زراعية" تختلف عن التصور السائد لمفهوم القطاع الزراعي التقليدي الذي تجاوزناه الآن بعدما تبين أن المضي فيه سيكون على حساب المياه الجوفية المحدودة في بلادنا. وقد فهمت من الدكتور البراك أن هذا هو توجههم في الكلية من خلال تخصصاتها المتمثلة في التصنيع الغذائي، وسلامة الأغذية، وحماية البيئة. ومن المصادفات أنني التقيت قبل ذلك بالدكتور عبدالعزيز الحربي، وكيل كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بالرياض، وفهمت منه أيضا أن هذا هو توجه كلية الزراعة.
وقد تجولت في منطقة القصيم وشاهدت المساحات الزراعية الشاسعة، ومنها مزرعة هائلة متخصصة في إنتاج التمور تتبع لأوقاف الشيخ صالح عبدالعزيز الراجحي. ولاشك بأن هذه النهضة الزراعية تدل على الإمكانات الكبيرة في منطقة القصيم وبعض المناطق الزراعية الأخرى في المملكة. لكنني أعترف أن الهاجس الذي لازمني طيلة الوقت هو ما مدى تأثير هذا التوسع الزراعي على منسوب المياه في المنطقة وما هو حجم الوظائف المشغولة بمواطنين سعوديين في القطاع الزراعي.
إن النمو الاقتصادي كما نعلم ليس هدفاً بحد ذاته مثلما أن التراكم المادي ليس هدفاً وإنما وسيلة لتحقيق أهداف أهم مثل توفير الوظائف، وتوفير لقمة العيش.. ومن المعروف أن النمو الاقتصادي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج سلبية كالتلوث وتدمير البيئة ونضوب الموارد الطبيعية عندما تسيطر النظرة المادية المجردة.
وقد لاحظت مدى حماس الأمير فيصل بن بندر ووعيه، وحماس الاخوة الذين قابلتهم بمنطقة القصيم وإدراكهم لطبيعة التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وما تفرضه هذه التحولات من تكيف في نظرتنا الى الكثير من الأمور.. وهذا يدفع إلى التفاؤل، مثلما أن البرنامج الطموح للأمير فيصل حول التدريب والتوظيف يدفع إلى التفاؤل بأن تزداد فرص إسهام المنطقة في اقتصاد المملكة من خلال الإمكانات المتوفرة في هذه المنطقة الشاسعة، وأولها الإمكانات البشرية، ومن خلال تنمية ملائمة هدفها خدمة الإنسان قبل أي اعتبارات أخرى.
أخيراً.. لا أعرف كيف أعبر عن تقديري للاخوة الذين التقيتهم هناك وما غمرونا به من كرم الضيافة.. ومن طريف ما رأيت ما فعله الأستاذ يوسف العيد الذي أصر على استضافتنا في منزله، ولما تعذر ذلك بسبب ضيق الوقت وموعد الطائرة، فاجأنا بأن "كمن" لنا في "طعس" ما على طريق المطار بكامل تجهيزاته من القهوة والتمر ولبن الخلفات قبل الصعود إلى الطائرة.. وهذا مجرد نموذج لكرم أهل القصيم لا أكثر.
عبدالواحد الحميد
التاريخ: الأربعاء 2003/06/04 م
جريدة الرياض