المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المثقف حيران ... بينما ينتظر الجمهور ....!!!


القاموس
12-05-03, 01:58 pm
يقولون حاليا : إن المثقف هو المنتعش الذي يحيا على تعاقب الأزمات .. كما يزعم بعضهم أن المثقف ربما فبرك مشكلة ليخلق ازمة .. ليصبح أحد المنظرين أخيرا لحل الازمة .. وتعمم هذه التهمة لتصبح لصيقة بالمثقف القديم والمعاصر : يستوي في هذا فولتير الذي يقول: اخالفك الرأي ولكني أقاتل في الدفاع عن حريتك في التعبير .. الى سارتر الذي يتكلم بوصفه الشاهد على واقع عصره أو هموم مجتمعه .. ومحمد عبده وسواه من دعاة الاصلاح والتجديد في عصر النهضة .. كما يستوي معهم حسن حنفي الذي يتصرف بوصفه فقيه الامة وحارس المدينة والمؤتمن على الحرية والهوية ..


ماصحة هذه التهمة بالمثقف ومدى علاقة المثقف باستوائه مع غيره من ذوي الثقافات الأخرى ..؟ وهل لهذه الفبركة المسرحية للمشكلات اثر من تميز او لثمة من حضور إعلامي ..؟ وهل أن الجزء من المشكلة اليوم هو المثقف ذاته ..؟ هل نحتاج الى ان ننتقل من نقد الثقافة الى نقد النقد أو نقد طريقة النقد ...؟ هذا ما أطرحه وأحاول الاجابة على بعضه وأترك للإخوة فرصة التجاوب مع المطروح...!



بإمكاننا إن تجرانا واعتبرنا أنفسنا من ذوي الثقافة التحليلية على الأقل .. ان ننبش حالتنا الثقافية .. التي تحتم علينا ان ننعى انفسنا نحن معاشر المتثاقفين .. إن المشكلة الكبرى التي سببت التازم في التعامل الثقافي الواعي يتمثل في التعامل مع الحقيقة التعامل السليم .. ففي ازمات متتالية أصبح المثقف في الفضائيات والصحف الجزء الاكبر من المشكلة ذلك انه ساهم بشكل كبير-إما باسلوب المتاجرة والضحك على المتلقي أو بأسلوب الترويض والتسكين او بأسلوب التهييج والتثوير-بترسيخ وحجهة نظرة كحل قطعي وانتهاء إجماعي لايقبل الحوار والمراجعة .. فساهمت تلك الاقدامات على خداع الناس وإخضاعهم لسلطة وجهة نظرة القابلة للاحترام والمراجعة معا .. هنا تتجلى خطورة المثقف في الأزمة .. وهو -إن لم نتفق مع تلك المقولة التي افتتحت بها مقالي –صنع مشكلة أكبر من اختراعه لمشكلات لم تحدث .. تتمثل هذه المشكلة في التعامل مع الحقائق ..

فبعض الإخوة نقد محمد الجابري في مقابلة له مع قناة المستقلة .. لا لأنه لم يقل الحقيقة بل هو قالها وفق نظرة .. بيد أن ذلك التحليل المفتقر الى التحليل العميق -وفق من انتقده- ربما يقود الى سوء التعامل مع آرائه .. بوصفه سجل حضورا ثقافيا ضاربا في العمق وشاسعا في الاتساع .. فالشهرة التي يكسبها المثقف يراها البعض مسوغا للظهور الدائم لقبول الناس منه .. الا أن الشهرة أكثر خطرا في التشكيل الاجتماعي .. ذلك أن المثقف الشهير ستؤخذ أحكامه -بحكم التركيبة العقلية العربية- بشكل قطعي لايقبل الحوار .. مما يضطر المرء الى التاكيد على ضرورة استغلال المثقف الشهير في ترسيخ المبادئ المدروسة والمحللة تحليلا عميقا .. وان يقدّر الشعور الجماهيري المنتظر لكلمته المسموعة ..



إن مشكلة المثقف في المجتمع والرموز في الاسلام .. تقع وبالتحديد ايظا في طرائقه العقيمة أو الفاشلة في التعامل مع الحقائق .. التي يزعم المرء دائما المنافحة من اجلها ..

إن بعضا من مثقفينا : [لم يجرؤوا] على الاعتراف بانهم ليسوا رسل الحقيقة والهداية وبقينا ننصت لرواياتهم عن انفسهم .. وهم يصفون معايشاتهم واصبحنا حقولا لتجربة أفكارهم .. فأصبحوا يمارسون سلطتهم .. من وراء تعاطيهم بالشأن العام .. أو من وراء دفاعهم المحموم عن الحريات والحقوق .. اكتست شعارات براقة يستوي في ذلك الشعار الليبرالي والاسلامي والعلماني المتطرف ... !!