د. صالح التويجري
08-02-11, 10:06 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
لا مزايدة على هوية مصر وأمنها
رسالة إلى إخواننا في مصر الأبية
ان الحمد لله
تتجه أنظار العالم اليوم صوب مصر – أرض الكنانة - ، ومصدر من مصادر العلم والمعرفة ، لها في عالمنا العربي والإسلامي ثقل ومكانة ، وحين تختلط أوراقُها اليوم، ويندس الوصوليون ، ويفسد المفسدون .. فالموقف يحتاج إلى حكمة وروية ، وتشاور بين العقلاء، واتفاق بين النبلاء .
إن المصيرَ مجهول ، والأزمة واقعة ، والكروبُ تتوالى على أرض الكنانة ، فأين المفر؟ وهنا لا بد من التذكير بالأمور التالية :
1 ـ الأمن نعمة كبرى وقيمة لا يُحسُّ بها إلا من فقدها ، بالأمن تقام شعائر الإسلام براحة وطمأنينة ، وبالأمن ينتشر العلم ويطوى بساط الجهل ، وبالأمن تنشأ الحضارات .
الآمن ينام قرير العين ، مطمئن البال على نفسه وأهله وماله ومقتنياته ، وحين يختلُّ الأمن يساوره القلقُ ، ويطارده شبحُ اللصوص ، ويتخوف من الرياح إن هبت، ومن الأصوات إن علت وخفتت ! .
الأمن نعمةٌ امتنّ الله بها على عباده ، وهو يذكرهم بها حين يقارنهم بمن فقدوا الأمن، ويقول تعالى : أولم يروا أنا جعلنا لهم حرماً آمناً ويُتخطّف الناس من حولهم ، وكما يُذكِّر الله بالأمن يدعو إلى عبادته ، وهي سبيل للآمن: فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ، ثم يذكرهم تعالى بسبب رئيسٍ للأمن الا وهو الإيمان ، والخلاص من الشرك حين يقول : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون .
2 ـ أرض مصر أرض إسلامية منذ فتحها الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وشعبُ مصر في معظمهم مسلمون ، لهم علينا حقُّ الأخوة والنصرة ، ومن حقوهم علينا اليوم أن ندعو لهم بالأمن والإيمان ، والإصلاح والاستقرار ، وشعبُ مصر لأبيٌ قادرٌ على أن يمنع التدخلات الأجنبية ، وأن يدرك خطر الجنوح نحو المصالح الغربية والشرقية ، ومن قبلُ ومن بعدُ لم تجن الأمةُ المسلمة من التدخلات الخارجية إلا الويلَ والتبعية وامتصاص الثروات ، وتغريب الهوية ، وكما يرفضُ الشعب الفساد من الداخل ينبغي أن يرفض الفساد من الخارج .
3 ـ ومهما اختلفت وجهات النظر ، أو تغايرت الاجتهادات بين أفراد الشعب في آلية أو كيفية التغيير فينبغي أن تكون القواسم المشتركة بينهم :
أ ـ محاربة الفساد ورفض المفسدين .
ب ـ والتأكيد على لحمةِ المجتمع وتماسك أفراده .
ج ـ ونبذ التطاحن الداخلي والتقسيمات الإقليمية أو المذهبية ، فتقسيم مصر بأي شكل وتحت أي غطاء لا يخدم مصر ولا يخدم غيرها ، بل يفرح به الأعداء المتربصون بالأمة.
4 ـ هوية مصر ينبغي الحفاظ عليها ، والقيم الإسلامية الراشدة من الصدق والعفاف والكرم والمروءة والشهامة ونحوها مكاسب لا بد من تقديرها والذود عنها.
5 ـ والدخلاء والذين يصطادون في الماء العكر ويقطفون الثمار لا بد من التنبه لهم، وقطع الطريق عليهم ، والذين يُلمَّعون من الخارج ينبغي أن لا تُخدع الشعوب بهم، فشان مصر شأن داخلي يحكم به الشرفاء ويرسم مستقبله النبلاء وأهل النـزاهة والعدل، ومن يسرُّ تاريخهم ولم تلوث بأي لون من الفساد .
6 ـ والمعاصي والذنوب والفسادُ في الأرض من أسباب البلاء ، والتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله من أسباب السعادة والأمن والطمأنينة ظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ، وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير .
7 ـ ولا بد أن ندرك أننا أمام مرحلة جديدة من الوعي الشعبي ، وتنامِ الإحساس بالحقوق لدى شعوب العالم بأسرها ، فعالمُ التقنية والمتغيرات الجديدة ، ونحوها من عوامل أدت إلى تسريع الوعي ، لكن علينا أن نتعامل مع هذا الوعي بوعي وعقلانية وحكمة وتقدير للخسائر والمكاسب وتغليب للمصالح العامة على الخاصة ، ومراعاة للنتائج والثمار، عدم الاستعجال ورفض الغوغائية ، وتنبهٍ لمن يديرون المعارك من خلف الستار ويؤججون الشعوب لمصالحهم الخاصة .
اللهم اجمع كلمة المسلمين كافة ، وكلمة المسلمين في مصر خاصة على الحق والهدى، وجنبنا وإياهم الفتن والبلايا ، اللهم احقن دماء المسلمين ، واجعل كيد الكائدين في نحورهم، اللهم اجعل العاقبة للتقوى وللمتقين ، وافضح مكر الأعداء من الكافرين والمنافقين.
9 ـ والمزايدات الإعلاميةُ مرفوضة ، والذين يروجون للعلمانيين والتغريبيين ، ويتهمون أهل الإسلام بكل نازلة ، هؤلاء مخطئون في حساباتهم ، خاسرون في توجهاتهم، بل تجاوزهم الزمن ، والإسلامُ أصلٌ وليس طارئاً في البلاد الإسلامية ، والهوية الإسلامية وإن غيبت بعض ملامحها فترة من الزمن ، فيأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون، ولو تبرّم المنافقون .
كنانة اللهِ لا يأسٌ ولا وهنٌ ***** فلا تبيتي على يأسٍ وتنتحبي
10 ـ ومن الأهمية بمكان لشعب مصر المسلم ، وحين تتاح – اليوم – فرص لتغيير الدستور ، وصياغة الأنظمة والقوانين أن يكون الإسلام حاضراً ، وتشريعاته السامية هي الحل الذي يتفق عليه المختلفون ، فالإسلام دين الله وحكمه ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون ، وليس للمسلم خيار في اختيار غير الإسلام وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ولا بد من الترفع عن حكم الجاهلين ، والله يقول : أفحكم الجاهلية يبغون ، والخروج من مأزق العلمنة والتغريب، فطالما جربتها أو بُليت بها الشعوب المسلمة ، فكانت مخرجاتها الظلم والاستبداد، والفساد والتأخر عن ركب الأمم ، ليس في الإسلام ما يُستحيا منه ، وليس في أنظمته قصور عن صياغة الحياة المعاصرة والمستقبلية صياغة كريمة ما فرّطنا في الكتاب من شيء .
لا بد أن نغير بأنفسنا حتى يغيّر الله ما بنا إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم ، وثمة محكمات في الإسلام ونصوص قاطعة في القرآن لا بد من اليقين بها، ومنها : إن الله لا يهدي كيد الخائنين ، ولا يصلح عمل المفسدين ، ولا عدوان إلا على الظالمين، وإن جندنا لهم الغالبون ، والعاقبة للتقوى والمتقين ، ذلك وعد غير مكذوب.
أ.د/سليمان بن حمد العودة
الأستاذ بجامعة القصيم
البريد الإلكتروني :
suliman-alodah@hotmail.com
1/3/1432هـ
لا مزايدة على هوية مصر وأمنها
رسالة إلى إخواننا في مصر الأبية
ان الحمد لله
تتجه أنظار العالم اليوم صوب مصر – أرض الكنانة - ، ومصدر من مصادر العلم والمعرفة ، لها في عالمنا العربي والإسلامي ثقل ومكانة ، وحين تختلط أوراقُها اليوم، ويندس الوصوليون ، ويفسد المفسدون .. فالموقف يحتاج إلى حكمة وروية ، وتشاور بين العقلاء، واتفاق بين النبلاء .
إن المصيرَ مجهول ، والأزمة واقعة ، والكروبُ تتوالى على أرض الكنانة ، فأين المفر؟ وهنا لا بد من التذكير بالأمور التالية :
1 ـ الأمن نعمة كبرى وقيمة لا يُحسُّ بها إلا من فقدها ، بالأمن تقام شعائر الإسلام براحة وطمأنينة ، وبالأمن ينتشر العلم ويطوى بساط الجهل ، وبالأمن تنشأ الحضارات .
الآمن ينام قرير العين ، مطمئن البال على نفسه وأهله وماله ومقتنياته ، وحين يختلُّ الأمن يساوره القلقُ ، ويطارده شبحُ اللصوص ، ويتخوف من الرياح إن هبت، ومن الأصوات إن علت وخفتت ! .
الأمن نعمةٌ امتنّ الله بها على عباده ، وهو يذكرهم بها حين يقارنهم بمن فقدوا الأمن، ويقول تعالى : أولم يروا أنا جعلنا لهم حرماً آمناً ويُتخطّف الناس من حولهم ، وكما يُذكِّر الله بالأمن يدعو إلى عبادته ، وهي سبيل للآمن: فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ، ثم يذكرهم تعالى بسبب رئيسٍ للأمن الا وهو الإيمان ، والخلاص من الشرك حين يقول : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون .
2 ـ أرض مصر أرض إسلامية منذ فتحها الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وشعبُ مصر في معظمهم مسلمون ، لهم علينا حقُّ الأخوة والنصرة ، ومن حقوهم علينا اليوم أن ندعو لهم بالأمن والإيمان ، والإصلاح والاستقرار ، وشعبُ مصر لأبيٌ قادرٌ على أن يمنع التدخلات الأجنبية ، وأن يدرك خطر الجنوح نحو المصالح الغربية والشرقية ، ومن قبلُ ومن بعدُ لم تجن الأمةُ المسلمة من التدخلات الخارجية إلا الويلَ والتبعية وامتصاص الثروات ، وتغريب الهوية ، وكما يرفضُ الشعب الفساد من الداخل ينبغي أن يرفض الفساد من الخارج .
3 ـ ومهما اختلفت وجهات النظر ، أو تغايرت الاجتهادات بين أفراد الشعب في آلية أو كيفية التغيير فينبغي أن تكون القواسم المشتركة بينهم :
أ ـ محاربة الفساد ورفض المفسدين .
ب ـ والتأكيد على لحمةِ المجتمع وتماسك أفراده .
ج ـ ونبذ التطاحن الداخلي والتقسيمات الإقليمية أو المذهبية ، فتقسيم مصر بأي شكل وتحت أي غطاء لا يخدم مصر ولا يخدم غيرها ، بل يفرح به الأعداء المتربصون بالأمة.
4 ـ هوية مصر ينبغي الحفاظ عليها ، والقيم الإسلامية الراشدة من الصدق والعفاف والكرم والمروءة والشهامة ونحوها مكاسب لا بد من تقديرها والذود عنها.
5 ـ والدخلاء والذين يصطادون في الماء العكر ويقطفون الثمار لا بد من التنبه لهم، وقطع الطريق عليهم ، والذين يُلمَّعون من الخارج ينبغي أن لا تُخدع الشعوب بهم، فشان مصر شأن داخلي يحكم به الشرفاء ويرسم مستقبله النبلاء وأهل النـزاهة والعدل، ومن يسرُّ تاريخهم ولم تلوث بأي لون من الفساد .
6 ـ والمعاصي والذنوب والفسادُ في الأرض من أسباب البلاء ، والتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله من أسباب السعادة والأمن والطمأنينة ظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ، وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير .
7 ـ ولا بد أن ندرك أننا أمام مرحلة جديدة من الوعي الشعبي ، وتنامِ الإحساس بالحقوق لدى شعوب العالم بأسرها ، فعالمُ التقنية والمتغيرات الجديدة ، ونحوها من عوامل أدت إلى تسريع الوعي ، لكن علينا أن نتعامل مع هذا الوعي بوعي وعقلانية وحكمة وتقدير للخسائر والمكاسب وتغليب للمصالح العامة على الخاصة ، ومراعاة للنتائج والثمار، عدم الاستعجال ورفض الغوغائية ، وتنبهٍ لمن يديرون المعارك من خلف الستار ويؤججون الشعوب لمصالحهم الخاصة .
اللهم اجمع كلمة المسلمين كافة ، وكلمة المسلمين في مصر خاصة على الحق والهدى، وجنبنا وإياهم الفتن والبلايا ، اللهم احقن دماء المسلمين ، واجعل كيد الكائدين في نحورهم، اللهم اجعل العاقبة للتقوى وللمتقين ، وافضح مكر الأعداء من الكافرين والمنافقين.
9 ـ والمزايدات الإعلاميةُ مرفوضة ، والذين يروجون للعلمانيين والتغريبيين ، ويتهمون أهل الإسلام بكل نازلة ، هؤلاء مخطئون في حساباتهم ، خاسرون في توجهاتهم، بل تجاوزهم الزمن ، والإسلامُ أصلٌ وليس طارئاً في البلاد الإسلامية ، والهوية الإسلامية وإن غيبت بعض ملامحها فترة من الزمن ، فيأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون، ولو تبرّم المنافقون .
كنانة اللهِ لا يأسٌ ولا وهنٌ ***** فلا تبيتي على يأسٍ وتنتحبي
10 ـ ومن الأهمية بمكان لشعب مصر المسلم ، وحين تتاح – اليوم – فرص لتغيير الدستور ، وصياغة الأنظمة والقوانين أن يكون الإسلام حاضراً ، وتشريعاته السامية هي الحل الذي يتفق عليه المختلفون ، فالإسلام دين الله وحكمه ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون ، وليس للمسلم خيار في اختيار غير الإسلام وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ولا بد من الترفع عن حكم الجاهلين ، والله يقول : أفحكم الجاهلية يبغون ، والخروج من مأزق العلمنة والتغريب، فطالما جربتها أو بُليت بها الشعوب المسلمة ، فكانت مخرجاتها الظلم والاستبداد، والفساد والتأخر عن ركب الأمم ، ليس في الإسلام ما يُستحيا منه ، وليس في أنظمته قصور عن صياغة الحياة المعاصرة والمستقبلية صياغة كريمة ما فرّطنا في الكتاب من شيء .
لا بد أن نغير بأنفسنا حتى يغيّر الله ما بنا إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم ، وثمة محكمات في الإسلام ونصوص قاطعة في القرآن لا بد من اليقين بها، ومنها : إن الله لا يهدي كيد الخائنين ، ولا يصلح عمل المفسدين ، ولا عدوان إلا على الظالمين، وإن جندنا لهم الغالبون ، والعاقبة للتقوى والمتقين ، ذلك وعد غير مكذوب.
أ.د/سليمان بن حمد العودة
الأستاذ بجامعة القصيم
البريد الإلكتروني :
suliman-alodah@hotmail.com
1/3/1432هـ