لاتبك على البن المسكوب

[نبع المشاعر]

بعض الناس يعتبر طبعه الذي نشأ عليه وعرفه االناس به وتكونت في اذهانهم الصورة الذهنيه عنه على اساسه يعتبره شيئا لازما له لايمكن تغيره فيستسلم له ويقنع كما يستسلم لطول جسمه اولون بشرته اذا لايمكنه تغير ذلكـ مع ان الذكي يرى ان التغير الطباع لعله اسهل من تغير الملابس فطباعنا ليست كاللبن المسكوب الذي لايمكن تداركه او جمعه بل هي بين ايدينا بل نستطيع بأساليب معينه ان نغير طباع الناس بل عقولهم ربما ذكر ابن حزم في كتابه طوق حمامه انه كان في الاندلس تاجر مشهور وقع بينه وبين اربعه من التجار تنافس فأبغضوه وعزموا على ان يزعجوه فخرج ذات صباح من بيته متجها الى المتجر لابسا قميصا ابيض وعمامه بيضاء لقيه اولهم فحياه ثم نظر الى عمامه وقال ماأجمل هذه العمامه الصفراء فقال التاجر *اعمى بصركـ هذه عمامه بيضاء فقال بل صفراء لكنها جميله تركه التاجر ومضى فلما مشى خطوات لقيه الأخر *فحياه ثم نظر الى العمامه وقال ماأجملكـ اليوم وماحسن لباسك خاصه هذه العمامه الخضراء فقال التاجر يارجل العمامه بيضاء فقال بل خضراء قال بيضاء اذهب عني ومضى المسكين يكلم نفسه ويتظر بين الفنيه والاخرى الى طرف عمامه المتدلي على كتفيه ليتأكد أنها بيضاء وصل الى دكانه وحركـ القفل ليفتحه فأقبل اليه الثالث وقال يافلان مأجمل هذا الصباح خاصه لباسك الجميل وزادت جمالكـ هذه العمامه الزرقاء نظر التاجر الى عمامه ليتأكد من لونها ثم فركـ عينه وقال يأخي عمامتي بيضاء قال بل زرقاء لكنها عموما جميله لاتحزن ثم مضى فجعل التاجر يصيح به العمامه بيضاء وينظر اليها ويقلب أطرافها جلس في دكانه قليلا وهو لايكاد يصرف بصره عن طرف عمامته ودخل عليه الرابع وقال اهلايافلان ماشاءالله من أين أشتريت هذه العمامه الحمراء فصاح التاجر عمامتي زرقاء قال بل حمراء قال التاجر بل خضراء لا لا بل بيضاء لازرقاء سوداء ثم ضحك ثم صرخ ثم بكى وقام يقفز قال ابن حزم فلقد كنت أراه بعدها في الشوارع الأندلس مجنونا يحذفه الصبيان بالحصى فاذا كان هؤلاء بمهارات بدائيه غيروا طبع رجل بل غيروا عقله فما بالكـ منوره بنصوص الوحيين يمارسها المرء تعبدا الله تعالى بها فطبق ماتقف عليه من مهارات حسنه لتسعد وان قلت لي لاأستطيع قلت حاول وان قلت لااعرف قلت تعلم وقد قال صلى الله عليه وسلم(( انما العلم بالتعلم وانما الحلم بالتحلم )