تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تصرف الأب أم حنان الأم


ابن الملوح
24-01-11, 10:33 am
كنت أمس في مجلس ، فسمعت حكايتين متناقضتين كل التناقض لكنهما تعبران بوضوح عن
نوعين من الآباء :
نوع يعرف مسؤولياته التربوية ، ويقوم بها على أحسن وجه
ونوع صار أباً بالصدفة أو بالغلط ، يسيء أكثر مما يحسن ، ويخرِّب أكثر مما يعمر
...
يقول رواي الحكاية الأولى : كنت جالساً مع أفراد أسرتي في غرفة خاصة في مطعم
مرموق في عاصمة عربية ، وإذا بنا نسمع من الغرفة المجاورة صوت صحن أو كأس وقع
على الأرض ، والظاهر أنه انكسر ، وإذا بنا نسمع أصوات ضربات متوالية وصوت طفل
صغير يبكي ويشهق ، فتأثرنا لهذا غاية التأثر إلى درجة أن بعض بناتي صرن يبكين
تعاطفاً مع الطفل والأم المسكينة تحاول إسكات الصغير حتى لا تتطور الأمور إلى
الأسوأ ، وطلبت الأسرة الحساب بسرعة ، وخرجت من المطعم ، فإذا بنا بطفلة ،
عمرها أقل من ثلاث سنوات ، أما الأب الذي بطش بها فقد كان فارغ القامة ضخم
الجثة ...!!
وقد قال صاحب الحكاية الثانية : كنت أنا وزوجتي في منتزه في ماليزيا ، وكان إلى
جوارنا أسرة غربية لا أعرف من أي بلد قدمت ، وقد قام أحد أطفالها بتحريك
الطاولة التي أمامهم ، فأدى ذلك إلى كسر عدد من الصحون والكؤوس ، فارتاع الطفل
، وإذا بوالدة الطفل تحتضنه وتقبله ، وتقول لمن حولها : لا عليكم هو بخير ...
إن تربية الأبناء أشبه بالحرب ، تحتاج إلى الرجل المِكِّيث الصبور ، وإن كثيراً
من الآباء والأمهات يقدمون على الإنجاب دون أي أهلية أو استعداد ، إنهم لا
يملكون الثقافة التربوية التي تمكنهم من تربية أبنائهم على الوجه المطلوب ، ولا
يملكون من الخصائص النفسية ما يساعدهم على تحمل أعباء التربية ، وهي أعباء
كبيرة جداً .
إنهم يظنون أن واجبهم تجاه أبنائهم شبيه بواجب مُربي الماشية : حظيرة وعلف وماء
، ولا شيء بعد ذلك !
هؤلاء يقدمون للأمة جيلاً معوقاً ومشوهاً ذهنياً ونفسياً ، ولو أن الواحد منهم
أنجب طفلاً واحداً لكان ذلك خيراً لنا وله من أن يُنجب اثنين أو خمسة، حيث
أفادنا ( حديث القصعة ) أن مشكلة الأمة في آخر الزمان ليست مشكلة أعداد ، وإنما
مشكلة نوعية : (( أنتم يؤمئذ كثيرون ولكنكم غثاء كغثاء السيل )) .
الجيل الذي لا يُربَّى ويُعَلَّم بالشكل المناسب يكون أشبه بجيش ضخم لم يُدرَّب
، ولم يُسلَّح فأصبح نموذجاً للتآكل الداخلي وهدفاً سهلاً مكشوفاً للعدوأ.د عبدالكريم بكار