تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تجارةُ الرقيق الجديدة


الرمادي
13-02-03, 11:19 am
يعتقدُ الكثيرونَ أنّ الرّقَ ، والاستعبادَ ، انتهى بتحرير ِ الملكِ الراحل ِ : فيصل بن ِ عبدالعزيز ِ – رحمهُ اللهُ - ، لجميع ِ العبيدِ ، والمماليكِ ، في هذه البلادِ المباركة ِ ،
إلا أنّ هذا الظنّ ليس صحيحاً ،

فتجارة ُ الرقيق ِ ، وصورُ الاستعبادِ ، انتشرت من فترة ٍ ، وازدهرت بشكل ٍ فظيع ٍ للغاية ِ ، وأصبحت مصدر دخل ٍ عظيم ٍ لكثير ٍ من أرباب ِ البطالة ِ ، والكسادِ ، بل والفساد ِ أيضاً ،

الأرقاءُ الجددُ هم : الخدمُ والعمّالُ ،

نعم أيّها الأحبة ُ ،

أتحدّى شخصاً أن يكابرَ في ذلكَ ، أو أن ينكرَ أن الخدمَ ، والعمّالَ ، غدوا سائمة ً ، وسلعاً ، تباعُ ، وتشترى ويُتاجرُ فيها ، بل وتجري فيها جميعُ أحكام ِ الرق ِّ القديمة ِ !! ،

خذوا مثلاً :

· العاملُ أو الخادمُ يكونُ جميعُ وقته ِ مشغولاً بخدمة رب العمل ِ ، ويمنعُ حتى من السفر ِ ، أو النزهة ِ ، أو حتى الإجازة ِ المستحقة ! ،

· يمنعُ العاملُ من التصرفِ في ماله ِ ، فهو ومالهُ ونفسهُ في خدمةِ رب العمل ِ ، شاءَ أم أبى !! ،

· يُعاملُ العاملُ الفارُّ من مقرّ عملهِ ، مثلَ معاملة ِ العبد الآبق ِ ، فيُحرمُ من جميع ِ المناقب ِ والمزايا !! بل وتُطاردهُ اللعنة ُ مطاردة َ ظلّه ِ ،

· تُعاملُ الخادماتُ على أنّهن جوار ٍ ، فالنهارُ خدمة ٌ ، والليل فراشٌ !! ،

هذا غيظٌ من فيض ٍ أيّها السادة ُ ،

بل ونشرّعُ القوانينَ لمنعهم من البيع ِ والشرّاءِ إلا بإذن ِ كفيلهم !! ، فلا يستطيعُ أحدهم من شرّاءِ سيارة ٍ ، أو سفر ٍ ، أو امتلاكٍ بيت ٍ ، أو استئجارهِ ، إلا بعد موافقة ً خطية ٍ من كفيله ِ !! ،

والعجيبُ أنّ أحدنا يأمنُ على هؤلاءِ في عرضه ِ – حينَ يأتي به ِ سائقاً - ، أو يأمنهُ على عورة ِ زوجه ِ وأهله ِ – فيما لو زارَ طبيباً - ، ومع ذلكَ لا يخوّلُ لأحدهم أبسطُ حقوقه ِ الأخرى ، من البيع ِ والشرّاءِ والتملّك ِ ، ولا أدري أي الأمرين ِ أحق بالمحافظة ِ ، أمرُ العرض ِ ، أم أمرُ البيع ِ والشرّاءِ !! ،

لا أدري من الذي أوحى إلينا ، أنّ هؤلاءِ المساكين ، ممّن حداهم الجوعُ ، والعوزُ ، لأن يتغرّبوا ويقتاتوا لهم ولعيالهم ، لا أدري من الذي أوحى إلينا أنّهم : أرقاءُ في أيدنا !! ،

للأسف الشديد ِ نبخلُ على كثير منهم بأبسطِ حقوق ِ أخوة ِ الإسلام ِ ، من المباسطةِ ، والممازحة ِ ، والملاطفة ِ ، ونعاملهم على أنّهم آلاتٌ سخرّوا لنا فقط !! ،

حدّثني قريبٌ لي ، عن مدير ِ أحد مكاتب ِ العمّال في أحد المدن ِ ، أنّ نسبة ً كبيرة ً جداً من العمّال ِ لا يأخذونَ مرتباتهم ، والتي تبلغُ أحياناً : اربعة سنوات ٍ متصلة ٍ !! ،

والأدهى والأمرُّ : أن أحدنا لو تأخرّه مرتبهُ ، أو مخصّصهُ أقامَ الدنيا ولم يقعدها !! ، بينما هو يلغُ في مال ِ أجيرهِ ، ويتخوّضُ فيهِ ، ولا يراعي لهُ حرمة ً ، ولا يقيمُ له ذماماً !! ،

كثيرٌ من النّاس ِ لا يتورّعُ لحظة ً واحدة ً في ضربِ أجيره ِ ، أو الإقذاع ِ معه بالعبارة ِ ، أو الأفحاش ِ لهُ بالقول ِ ، ويضيعُ دينهُ تماماً ، إذا واجهَ أولئكَ المساكين !! ،

ورجلُ الأمن ِ يتعاملُ معهم كما لو كانوا قطيعاً من البهائم ِ ، فبمجردِ علمه ِ بكونه ِ عاملاً أو مستأجراً من خارج ِ هذه البلاد ِ ، يبدأ هذا الشرطيّ في فرد ِ عضلاته ِ عليه ِ ، ويخرجُ ما استطاع من عنترياتٍ حُرمها مع غيره !! ، فكم سمعنا من مخالفة ِ قطع ِ إشارة ٍ ، على شخص ٍ لم يقد سيارة ً طولَ حياته ِ !! ، أو على خادمة ٍ لا تعرفُ أكثر من باب ِ بيت ِ كافلها !! ،

يا سادة ُ : والله ِ ما تغرّب هؤلاءِ ، ولا تركوا الولدَ والأهلَ لأجل ِ سواد ِ عيوننا ، إنّما تركوهم لأجل ِ التقوّت ِ لهم ، وطلب المعيشة ِ ، فلمَ نبدلُ ذلكَ لهم بالجحود ِ ، والنكران ِ ؟! ،

والله ِ إنّ من شكاوى العمّال ِ ما لو سمعتوهُ لبكيتم رحمة ً لهم ، ولرثيتم لحالهم ، حيثُ تجدُ أحدهم يعولُ أسرة ً كبيرة ً ، من زوجة ٍ وأطفال ٍ ، وأم ٍ وأب ٍ ، وإخوة ٍ وأخوات ٍ ، ويكونُ راتبهُ مثلاً : 600 ريال ، ومع شدة ِ حاجته ِ ، لا يأخذُ هذا الراتبَ ، والذي يعادلُ عندنا قيمة َ زبيرية !! ، أو قيمة َ عشاءٍ في أحد المطاعم !! ،

كم نرى دائماً رجالاً كباراً في السنّ ، في عمر ِ آبائنا ، وهم يجوبون الشوارعَ عملاً ، ثمّ يأتي بزرٌ جاهلٌ فيتطاولُ عليهِ بأنواع ِ الكلام ِ البذيءِ ، في صورة ٍ من صور ِ التخلّف ِ الرهيبة !! ،

لقد كنّا إلى عهدٍ قريبٍ نجوبُ بلاد ِ الله الواسعة ِ بحثاً عن الرزق ِ ، ونتركُ الأهلَ والأقاربَ ، ثمّ لمّا فتحَ اللهُ علينا ، قابلنا ذلكَ بالجحود ِ والنكران ِ ، وصرنا نسومُ من يأتينا سوءَ العذابِ ؟! ،

تكثرُ فينا الحوادثُ المروّعة ُ ، وينتشرُ الخوفُ ، وتقلّ البركة ُ في المال ِ والوقت ِ والجهد ِ ، ونحرمُ الرزق َ ، وتكثرُ مشاكلنا ، ونحرمُ من القطر ِ والمطر ِ ، ويزدادُ تسلّطُ الولاة ِ علينا ، والسببُ انتشارُ هذه المظالم ِ ، ودعواتُ هؤلاء المساكين ِ ، وكذلك دعوات ِ أسرهم وذويهم علينا !! ،

ويكفيكَ والله خوفاً ووجلاً ، أن يقولَ أحدُ هؤلاءِ في وجهكَ : حسبي اللهُ ونعمَ الوكيل ِ منكَ !! ، أو يقولُ : الله لا يحللك ولا يبيحك مثل ما أكلت حقي ، وحق عيالي ، والله أنّها دعواتٌ لن تردّ ، حتى يصيحَ بها صوتُ السماء ِ ، ويحرّكَ لها جيشاً من جنودِ الأقدار ِ لنصرة ِ هذا الضعيف ِ المغلوب ِ على أمره ِ ،

وتباً وسحقاً لمن يغالبُ جيشَ القدر ِ !! ،

عن أبي هريرة َ رضي الله عنهُ ، عن النبي صلى اللهُ عليه ِ وآله ِ وسلّمَ قال : ( قالَ الله تعالى : ثلاثة ٌ أنا خصمهم يوم القيامة ِ : رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ ، ورجلٌ باعَ حراً فأكلَ ثمنهُ ، ورجلٌ استأجرَ أجيراً فاستوفى منهُ ولم يُعطْهِ أجرهُ ) رواهُ البخاري ،

هنئياً لهؤلاء ِ خصومة ُ ربّ الأرباب ِ لهم ، وليتمتّعوا بزائل ٍ من الدنيا ، وما كان ربكَ مضيعاً حق أحد ٍ أبداً ،

دمتم بخير ٍ .

(( منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــول )))

وتقبلوا تحياتي

السعودي
13-02-03, 02:47 pm
كاتب الرسالة الأصلية الرمادي


لقد كنّا إلى عهدٍ قريبٍ نجوبُ بلاد ِ الله الواسعة ِ بحثاً عن الرزق ِ ، ونتركُ الأهلَ والأقاربَ ، ثمّ لمّا فتحَ اللهُ علينا ، قابلنا ذلكَ بالجحود ِ والنكران ِ ، وصرنا نسومُ من يأتينا سوءَ العذابِ ؟! ،

تكثرُ فينا الحوادثُ المروّعة ُ ، وينتشرُ الخوفُ ، وتقلّ البركة ُ في المال ِ والوقت ِ والجهد ِ ، ونحرمُ الرزق َ ، وتكثرُ مشاكلنا ، ونحرمُ من القطر ِ والمطر ِ ، ويزدادُ تسلّطُ الولاة ِ علينا ، والسببُ انتشارُ هذه المظالم ِ ، ودعواتُ هؤلاء المساكين ِ ، وكذلك دعوات ِ أسرهم وذويهم علينا !! ،



تسلم حبيبي وأخي ( الرمادي ) على هذا النقل الطيب

... فعلاً أخي فقد أصبت كبد الحقيقة فيما أوردت ... ونتمى أن تجد هذه الرسالة آذاناً صاغية وقلوباً واعية لدى الكثير ممن لدية هؤلاء الخدم

... تحياتي لك أخي ( الرمادي )

الرمادي
14-02-03, 10:25 am
شكرا لك أستاذي العزيز على هذا المرور الكريم


وتقبل تحياتي