أ.د/محمد زكى حسن على
27-11-09, 11:32 am
الإسلام دين الوسط ـ الاعتدال ـ الخيرية ـ فهو وسط في كل شيء، وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده من عهد آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها... يقول الله سبحانه وتعالى: )وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ([البقرة: 143].أي: أنتم أيها المسلمون جعلناكم عدولاً وخياراً وخير أمة أخرجت للناس...
ونظرة الإسلام إلى الطعام والشراب أي: الغذاء الذي هو عصب حياة الإنسان هي كذلك الوسطية والاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط... ولا إسراف ولا تقصير... ولا علو ولا تقصير... ويأمرنا الله سبحانه وتعالى ويرشدنا إلى ذلك في قوله تعالى: )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ([الأعراف: 31].
ويقول سبحانه مادحاً عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً )والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ([الفرقان: 67].
الغداء ضروري وأساسي لحياة الإنسان:
خلق الله سبحانه الإنسان وجعله خليفة في الأرض ليعمرها ـ ولعبادته سبحانه وتعالى ـ وسخر له الأرض وما عليها وما فيها ـ )هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ([الملك: 15].
ولا يستطيع الإنسان بل ولا أي كائن حي من الحياة بدون غداء ـ وهنالك أساسيات للحياة ـ هي: الهواء ـ الماء ـ الغذاء ـ الكساء ـ المأوى.
الغذاء وصحة الإنسان واهتمام الإسلام بهما:
قال أحد الزنادقة لأحد علماء المسلمين: ( إن كتابكم ( أي القرآن ) خلا من الطب فقال له العالم المسلم: ( إن الله جمع الطب كله في نصف آية قال سبحانه: )وكلو واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين(.والناظر في كتاب الله يجد آيات كثيرة تعرضت للغذاء وصحته وأهميته في مثل قوله تعالى في غذاء الطفل ورضاعته )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة ([البقرة: 233].وقوله تعالى: )يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ([البقرة: 168].وقوله جلا وعلا: )كلوا من ثمره إذا أثمر ([الأنعام: 141]. وقوله تعالى: )فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صباً. ثم شققنا الأرض شقاً. فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً. وزيتوناً ونخلاً. وحدائق غلباً. وفاكهة وأبّاً. متاعاً لكم ولأنعامكم ([عبس: 24 ـ 32]. وقوله: )والتين والزيتون ([التين: 1]. الخ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده ). أخرجه البخاري في اللباس.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ). رواه مسلم في صحيحة عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( فإن لجسدك عليك حقا ) البخاري.
وهذه هي الدوافع الفطرية التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها وهي اللباس والطعام والشراب.
الوسائل التي تؤدي إلى اكتمال الصحة:
هناك 3 وسائل مترابطة بعضها ببعض يتحقق عن طريقها مجتمعة الوصول إلى اكتمال الصحة وهذه تشمل:
أولاً:الاهتمام بالغذاء الكامل الصحي السليم ـ والرياضة المناسبة ـ والراحة الكافية ـ والترفيه البريء...
ثانياً:الأخذ بأسباب الوقاية ـ وكما نعلم الوقاية خير من العلاج ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.
ثالثاً:أما في حالة حدوث المرض فيجب المبادرة إلى سبل العلاج السليمة.
أهمية الغذاء وضرورته في حياة الإنسان
واهتمام الإسلام بصحة الإنسان
إن الغذاء ( الطعام والشراب ) أساس لحياة الإنسان ونموه منذ أن كان جنيناً في بطن أمه وبعد ولادته وكبره وشبابه وشيخوخته حتى آخر عمره... فمن الغذاء تتكون خلايا الجسم وأنسجته وأعضاء جسمه وأجهزته ـ وكذا يتم تعويض الجسم عما يفقده من أنسجة ـ وكذلك يقوم الغذاء بتزويد الجسم بالطاقة التي تمكن الجسم من الحركة والنشاط والجري والعمل في مجال الأنشطة المختلفة... وهنا يمكن تشبيه الجسم بالسيارة والغذاء بالوقود أي: البنزين فهل تستطيع السيارة أن تتحرك بدون وقود؟ الجواب: طبعاً لا..
إن التقدم العلمي والتكنولوجي في علوم التغذية وقيام وسائل الإعلام المختلفة وخاصة المرئية منها ( التليفزيون ) بنشر الوعي والثقافة الصحية في مجال التغذية والاعتدال في الغذاء كما أرشدنا الإسلام إلى ذلك ـ أدى بدوره إلى رفع المستوى الصحي بين الأفراد والمجتمعات,
ولقد عني الإسلام عناية فائقة بصحة الإنسان وحث على أن المؤمنين يجب أن يكونوا أقوياء والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف )قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ([القصص: 26].
ويجب أن يكون معلوماً أن مفهوم الصحة ليس هو كما قد يفهم بعض الناس أنه مجرد خلو الجسم من الأمراض والعاهات ـ ولكن المفهوم يتسع لأكثر من هذا حيث أن الصحة تعني: (حالة اكتمال لياقة الإنسان الجسمية البدنية والفكرية العقلية والنفسية العاطفية والاجتماعية المعيشية وليست مجرد خلوه من الأمراض والعاهات ).
والإسلام يهدف ضمن ما يهدف إلى هذا المفهوم الشامل للصحة والتي تمكن الإنسان من تأدية ما فرض الله عليه من عبادات وتعينه على قضاء ما تتطلبه معيشته في الحياة.
والإسلام نهج منهج الوسطية في كل نواحيه ـ وفي مجال التغذية يأمرنا ربنا: )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (.
الغذاء الصحي السليم اللازم
لصحة الإنسان الغذاء المتوازن
هو الغذاء الذي يحتوي على الكميات الكافية من المواد البروتينية والكربوهيدراتية والدهنية والفيتامينات والأملاح المعدنية والماء بالنسب الضرورية للنمو والصحة والحيوية والنشاط والتكاثر.
وعلاوة على هذه المواد الضرورية والأساسية التي يجب أن يأخذها الإنسان بالكميات وبالنوعيات اللازمة للصحة الحسنة ـ يجب أن يحتوي الغذاء الصحي السليم على أنواع من الأغذية منها مواد لا تهضم وتسمى بالألياف أو النفايات وهي موجود في معظم الخضروات والفواكه ونخالة المحاصيل ( الرّدّة ) وهي ضرورية لأنها تساعد على حركة الأمعاء وتسهل خروج الفضلات من الجسم وبهذا لا يصاب الشخص باضطرابات في جهازه الهضمي ويصاب بالإمساك وما يترتب على ذلك من أضرار صحية.
ويمكن أن نجمع الأطعمة التي نتناولها في 3 مجموعات أساسية هي:
1ـ مجموعة أطعمة النمو والبناء: اللبن ـ الجبن ومشتقاته ـ اللحوم ـ الطيور ـ الأسماك ـ بعض البقول..
2ـ أطعمة الطاقة والمجهود: السكريات ـ النشويات ـ الدهون ـ الزيوت ـ الحبوب.
3ـ أطعمة الوقاية الطبيعية للجسم: الخضروات والفواكه الطازجة ـ الخضروات المطبوخة.
ويجب على الإنسان أن يتناول في طعامه اليومي صنفاً على الأقل من كل مجموعة مع تنويع الأصناف على مدار الأيام إلى جانب تناول الكميات المناسبة من الماء والألياف وبذلك يضمن الإنسان حصوله على الغذاء الكامل الذي يوفر له صحة جيدة والتي هي تاج على رؤوس الأصحاء لا يشعر به إلا المرضى وهي إحدى الأمنيات الثلاث التي إذا أعطيها الفرد فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ألا وهي:
الأمن والأمان ـ الصحة والمعافاة ـ عنده قوت يومه ـ وكذلك فمن الأدعية المأثور: ( اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة ).
أضرار وأخطار وأمراض الإسراف في التغذية
في تناول كميات زائدة عن الحاجة
يجب أن يشتمل الطعام على جميع المواد المكونة للغذاء المتوازن ـ ولكي تكون التغذية سليمة لا بد من تناول القدر المطلوب للجسم من الغذاء فإذا زادت كمية الطعام عن احتياج الجسم ـ اختزن هذا الزائد على هيئة دهون تؤدي إلى مرض السمنة ويمكن القول إن الإسراف في الطعام هو السبب الحقيقي لمرض السمنة ـ والسمنة تؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب وتشحم الكبد وتكون حصوات المرارة ومرض السكر ودوالي القدمين والجلطة القلبية والروماتزم المفصلي الغضروفي بالركبتين وارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية والآثار الاجتماعية التي يعاني منها البعض.
وإذا فهمنا وعقلنا ما نسمعه من المأثور من القول في هذا الصدد: ( المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء ) ـ الحمية أي: قلة العظام ـ و ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقم صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) ـ و ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ) ـ و ( صوموا تصحوا ).
وقد لجأت كثير من المصحات العالمية في الدول الغربية إلى استعمال الصيام كوسيلة فعالة في إنقاص وزن المرضى الذين لا تجدي معهم وسيلة أخرى.
وهناك قول لبعض المتقدمين من الأطباء:
( من أراد عافية الجسم فليقلل من الطعام والشراب، ومن أراد عافية القلب فليترك الآثام ).
وقال ثابت بن قرة: ( راحة الجسم في قلة الطعام وراحة الروح في قلة الآثام وراحة اللسان في قلة الكلام ).
إن الإسراف في الطعام يؤدي إلى اضطرابات شديدة بالجهاز الهضمي من أوله إلى آخره وهذا دائماً ما يؤدي إلى دوام شكوى المريض وتوتره وعصبيته وقلقه وتردده على عيادات الأطباء المختلفة التخصصات لو علم أن هذا كله يرجع إلى الإسراف في الطعام والشراب ولو أنه سار على هدى الآية الكريمة )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا... ( لكفى شر كل هذه الأمراض وغيرها ـ ولتمتع بصحة جيدة وسعادة وهناء.
تفصيل للمواد الغذائية الضرورية ومصادرها ووظائفها في جسم الإنسان
واحتياجات الجسم منها والأضرار الناتجة عن زيادتها ونقصها...
1ـ المواد البروتينية ووظائفها:
هي مادة أساسية في بناء الجسم وتكوينه ونموه منذ بدء تكوين الجنين وبعد ولادته وفي مراحل النمو المختلفة، وهي تدخل في تكوين كل خلايا الجسم فالمادة الحية في الخلية هي من البروتينات. وهي المادة التي تبني الجسم وتنميه وتجدد خلاياه وتكون مادة الإنزيمات والخمائر التي تساعد على التفاعلات الكيميائية وكذلك الهورمونات والأجسام المناعية التي تقي الجسم من الأمراض الميكروبية وكذلك الدم ومكوناته وما يقوم به وظائف حيوية هو من البروتينيات.
أنواع البروتينيات في طعام الإنسان ومصدرها:
1ـ بروتينات حيوانيةـ مصدرها حيواني ـ وهي موجودة في:
اللحوم ـ الدواجن ـ الأرانب ـ الأسماك ـ اللبن ـ الجبن ومنتجاته ـ البيض. وهذه البروتينات تحتوي على أحماض أمينية تسمى بالأساسية لاحتياج الجسم إليها ولا يستطيع أن ينتجها بل يجب تناولها مع الغذاء.
2ـ بروتينات نباتيةـ مصدرها نباتي ـ وهي موجودة في:
الفول ومشتقاته ـ المدمس ـ الطعمية وخلافه ـ البقول بأنواعها الفاصوليا ـ اللوبيا ـ الحمص ـ الحلبة ـ القمح ـ الذرة ـ الخ...
والبروتين النباتي ينقصه بعض الأحماض الأمينية الضرورية، ولذلك إذا اعتمد الشخص البالغ على البروتين النباتي فيجب أن ينوع من هذه البقول حتى يعوض الأصناف الناقصة في بعضها ـ أي: أن الناقص في صنف يعوضه الصنف الآخر الموجود به هذا الحامض الضروري فيكمل بعضها البضع ـ.
احتياجات الفرد اليومية من البروتين:
الشخص البالغ يحتاج يومياً إلى 1 مجم لكل 1 كجم من وزنه تقريباً ـ فإذا كان وزن الشخص 60 كجم مثلاً فإنه يحتاج إلى 60 جم بروتين أما الطفل فيقدر احتياجه من 1.8 ـ 2.5 جم لكل ا كجم من وزنه لأنه في طور سرعة النمو وكبر حجم أعضائه وأنسجته وينصح بأن يكون 1 / 3 كمية البروتين التي يتناولها الشخص من النوع الحيواني أما في الأطفال فيجب أن يكون البروتين الحيواني أساسياً.
كما يجب ملاحظة أنه أثناء فترات النمو والنقاهة من الأمراض والرياضيون الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام وألعاب القوى وحمل الأثقال وأثناء فترة الحمل والرضاعة تزيد احتياجات الجسم من البروتينات وخاصة الحيوانة: ( 1.5 ـ 2 جم لكل 1 كجم وزن ).
والمواد البروتينية علاوة على ما سبق ذكره من الوظائف الحيوية فهي كذلك تزود الجسم بجزء من احتياجاته اليومية للطاقة والجهد تقدر بحوالي 10 ـ 15 % ـ علماً بأن كل 1 جم بروتين يعطي 4.1 سعر حراري تقريباً. نماذج لبعض الأطعمة الشائعة وكمية البروتينات الموجودة... بها بيضة مسلوقة = 5 جم... قطعة لحم كبيرة = 30 جم... ملعقة كبيرة من الفول المدمس = 10 جم.... ملعقة كبيرة من العدس = 7 جم... كوب لبن كبير ( 1 / 4 لتر ) = 12 جم.
الأضرار التي تنتج عن زيادة ونقص كمية البروتينات عن الضروري للجسم في الغذاء:
1ـ تناول كمية من البروتينات مثل اللحوم والبيض وخلافه زيادة عن الضروري للجسم تلقى عبئاً إضافياً وإجهاداً للكبد والكليتين حيث أن هذه الأعضاء هي التي تخلص الجسم من المواد الناتجة بعد هضم وامتصاص وتمثيل المواد البروتينية وبعد أن تأخذ خلايا الجسم احتياجاتها من الأحماض الأمينية ـ هذا في الشخص الطبيعي السليم ـ أما إذا كانت الكبد قد أصيبت من قبل بأي مرض مثل الالتهاب الكبدي الوبائي أو بحصوات مرارية نتج عنها انسداد وتراكم العصارة المرارية أو تعرض الكبد للتلف نتيجة الإصابة بمرض البلهارسيا أو نتيجة تعاطي أي نوع من الخمور ـ هذه كلها تضعف كفاءة الكبد وفي هذه الأحوال يجب الإقلال من كمية البروتينات ـ وكذلك الحال في حالة الكليتين.
2ـ قد يبالغ بعض الناس في تناول اللحوم ظناً أنها لن تؤدي إلى السمنة وأنها تزيد من قوة الجسم وسلامته وصحته ـ والحقيقة: أن هذا الظن خاطىء ـ وقد وجد أن تناول أكثر من 1 / 2 كيلو جرام من اللحم يومياً قد يؤدي إلى بعض الأضرار.
فقد يؤدي إلى تصلب الشرايين نتيجة المواد الدهنية الموجودة بين أليافه.
3ـ كثرة تناول اللحوم قد تؤدي إلى السمنة لأنها تمد الجسم بطاقة أكثر من احتياجات الجسم.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/4/food103.jpg
يجب أن يشتمل الطعام على جميع المواد المكونة للغذاء المتوازن
ونظرة الإسلام إلى الطعام والشراب أي: الغذاء الذي هو عصب حياة الإنسان هي كذلك الوسطية والاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط... ولا إسراف ولا تقصير... ولا علو ولا تقصير... ويأمرنا الله سبحانه وتعالى ويرشدنا إلى ذلك في قوله تعالى: )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ([الأعراف: 31].
ويقول سبحانه مادحاً عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً )والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ([الفرقان: 67].
الغداء ضروري وأساسي لحياة الإنسان:
خلق الله سبحانه الإنسان وجعله خليفة في الأرض ليعمرها ـ ولعبادته سبحانه وتعالى ـ وسخر له الأرض وما عليها وما فيها ـ )هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ([الملك: 15].
ولا يستطيع الإنسان بل ولا أي كائن حي من الحياة بدون غداء ـ وهنالك أساسيات للحياة ـ هي: الهواء ـ الماء ـ الغذاء ـ الكساء ـ المأوى.
الغذاء وصحة الإنسان واهتمام الإسلام بهما:
قال أحد الزنادقة لأحد علماء المسلمين: ( إن كتابكم ( أي القرآن ) خلا من الطب فقال له العالم المسلم: ( إن الله جمع الطب كله في نصف آية قال سبحانه: )وكلو واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين(.والناظر في كتاب الله يجد آيات كثيرة تعرضت للغذاء وصحته وأهميته في مثل قوله تعالى في غذاء الطفل ورضاعته )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة ([البقرة: 233].وقوله تعالى: )يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ([البقرة: 168].وقوله جلا وعلا: )كلوا من ثمره إذا أثمر ([الأنعام: 141]. وقوله تعالى: )فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صباً. ثم شققنا الأرض شقاً. فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً. وزيتوناً ونخلاً. وحدائق غلباً. وفاكهة وأبّاً. متاعاً لكم ولأنعامكم ([عبس: 24 ـ 32]. وقوله: )والتين والزيتون ([التين: 1]. الخ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده ). أخرجه البخاري في اللباس.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ). رواه مسلم في صحيحة عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( فإن لجسدك عليك حقا ) البخاري.
وهذه هي الدوافع الفطرية التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها وهي اللباس والطعام والشراب.
الوسائل التي تؤدي إلى اكتمال الصحة:
هناك 3 وسائل مترابطة بعضها ببعض يتحقق عن طريقها مجتمعة الوصول إلى اكتمال الصحة وهذه تشمل:
أولاً:الاهتمام بالغذاء الكامل الصحي السليم ـ والرياضة المناسبة ـ والراحة الكافية ـ والترفيه البريء...
ثانياً:الأخذ بأسباب الوقاية ـ وكما نعلم الوقاية خير من العلاج ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.
ثالثاً:أما في حالة حدوث المرض فيجب المبادرة إلى سبل العلاج السليمة.
أهمية الغذاء وضرورته في حياة الإنسان
واهتمام الإسلام بصحة الإنسان
إن الغذاء ( الطعام والشراب ) أساس لحياة الإنسان ونموه منذ أن كان جنيناً في بطن أمه وبعد ولادته وكبره وشبابه وشيخوخته حتى آخر عمره... فمن الغذاء تتكون خلايا الجسم وأنسجته وأعضاء جسمه وأجهزته ـ وكذا يتم تعويض الجسم عما يفقده من أنسجة ـ وكذلك يقوم الغذاء بتزويد الجسم بالطاقة التي تمكن الجسم من الحركة والنشاط والجري والعمل في مجال الأنشطة المختلفة... وهنا يمكن تشبيه الجسم بالسيارة والغذاء بالوقود أي: البنزين فهل تستطيع السيارة أن تتحرك بدون وقود؟ الجواب: طبعاً لا..
إن التقدم العلمي والتكنولوجي في علوم التغذية وقيام وسائل الإعلام المختلفة وخاصة المرئية منها ( التليفزيون ) بنشر الوعي والثقافة الصحية في مجال التغذية والاعتدال في الغذاء كما أرشدنا الإسلام إلى ذلك ـ أدى بدوره إلى رفع المستوى الصحي بين الأفراد والمجتمعات,
ولقد عني الإسلام عناية فائقة بصحة الإنسان وحث على أن المؤمنين يجب أن يكونوا أقوياء والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف )قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ([القصص: 26].
ويجب أن يكون معلوماً أن مفهوم الصحة ليس هو كما قد يفهم بعض الناس أنه مجرد خلو الجسم من الأمراض والعاهات ـ ولكن المفهوم يتسع لأكثر من هذا حيث أن الصحة تعني: (حالة اكتمال لياقة الإنسان الجسمية البدنية والفكرية العقلية والنفسية العاطفية والاجتماعية المعيشية وليست مجرد خلوه من الأمراض والعاهات ).
والإسلام يهدف ضمن ما يهدف إلى هذا المفهوم الشامل للصحة والتي تمكن الإنسان من تأدية ما فرض الله عليه من عبادات وتعينه على قضاء ما تتطلبه معيشته في الحياة.
والإسلام نهج منهج الوسطية في كل نواحيه ـ وفي مجال التغذية يأمرنا ربنا: )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (.
الغذاء الصحي السليم اللازم
لصحة الإنسان الغذاء المتوازن
هو الغذاء الذي يحتوي على الكميات الكافية من المواد البروتينية والكربوهيدراتية والدهنية والفيتامينات والأملاح المعدنية والماء بالنسب الضرورية للنمو والصحة والحيوية والنشاط والتكاثر.
وعلاوة على هذه المواد الضرورية والأساسية التي يجب أن يأخذها الإنسان بالكميات وبالنوعيات اللازمة للصحة الحسنة ـ يجب أن يحتوي الغذاء الصحي السليم على أنواع من الأغذية منها مواد لا تهضم وتسمى بالألياف أو النفايات وهي موجود في معظم الخضروات والفواكه ونخالة المحاصيل ( الرّدّة ) وهي ضرورية لأنها تساعد على حركة الأمعاء وتسهل خروج الفضلات من الجسم وبهذا لا يصاب الشخص باضطرابات في جهازه الهضمي ويصاب بالإمساك وما يترتب على ذلك من أضرار صحية.
ويمكن أن نجمع الأطعمة التي نتناولها في 3 مجموعات أساسية هي:
1ـ مجموعة أطعمة النمو والبناء: اللبن ـ الجبن ومشتقاته ـ اللحوم ـ الطيور ـ الأسماك ـ بعض البقول..
2ـ أطعمة الطاقة والمجهود: السكريات ـ النشويات ـ الدهون ـ الزيوت ـ الحبوب.
3ـ أطعمة الوقاية الطبيعية للجسم: الخضروات والفواكه الطازجة ـ الخضروات المطبوخة.
ويجب على الإنسان أن يتناول في طعامه اليومي صنفاً على الأقل من كل مجموعة مع تنويع الأصناف على مدار الأيام إلى جانب تناول الكميات المناسبة من الماء والألياف وبذلك يضمن الإنسان حصوله على الغذاء الكامل الذي يوفر له صحة جيدة والتي هي تاج على رؤوس الأصحاء لا يشعر به إلا المرضى وهي إحدى الأمنيات الثلاث التي إذا أعطيها الفرد فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ألا وهي:
الأمن والأمان ـ الصحة والمعافاة ـ عنده قوت يومه ـ وكذلك فمن الأدعية المأثور: ( اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة ).
أضرار وأخطار وأمراض الإسراف في التغذية
في تناول كميات زائدة عن الحاجة
يجب أن يشتمل الطعام على جميع المواد المكونة للغذاء المتوازن ـ ولكي تكون التغذية سليمة لا بد من تناول القدر المطلوب للجسم من الغذاء فإذا زادت كمية الطعام عن احتياج الجسم ـ اختزن هذا الزائد على هيئة دهون تؤدي إلى مرض السمنة ويمكن القول إن الإسراف في الطعام هو السبب الحقيقي لمرض السمنة ـ والسمنة تؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب وتشحم الكبد وتكون حصوات المرارة ومرض السكر ودوالي القدمين والجلطة القلبية والروماتزم المفصلي الغضروفي بالركبتين وارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية والآثار الاجتماعية التي يعاني منها البعض.
وإذا فهمنا وعقلنا ما نسمعه من المأثور من القول في هذا الصدد: ( المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء ) ـ الحمية أي: قلة العظام ـ و ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقم صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) ـ و ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ) ـ و ( صوموا تصحوا ).
وقد لجأت كثير من المصحات العالمية في الدول الغربية إلى استعمال الصيام كوسيلة فعالة في إنقاص وزن المرضى الذين لا تجدي معهم وسيلة أخرى.
وهناك قول لبعض المتقدمين من الأطباء:
( من أراد عافية الجسم فليقلل من الطعام والشراب، ومن أراد عافية القلب فليترك الآثام ).
وقال ثابت بن قرة: ( راحة الجسم في قلة الطعام وراحة الروح في قلة الآثام وراحة اللسان في قلة الكلام ).
إن الإسراف في الطعام يؤدي إلى اضطرابات شديدة بالجهاز الهضمي من أوله إلى آخره وهذا دائماً ما يؤدي إلى دوام شكوى المريض وتوتره وعصبيته وقلقه وتردده على عيادات الأطباء المختلفة التخصصات لو علم أن هذا كله يرجع إلى الإسراف في الطعام والشراب ولو أنه سار على هدى الآية الكريمة )وكلوا واشربوا ولا تسرفوا... ( لكفى شر كل هذه الأمراض وغيرها ـ ولتمتع بصحة جيدة وسعادة وهناء.
تفصيل للمواد الغذائية الضرورية ومصادرها ووظائفها في جسم الإنسان
واحتياجات الجسم منها والأضرار الناتجة عن زيادتها ونقصها...
1ـ المواد البروتينية ووظائفها:
هي مادة أساسية في بناء الجسم وتكوينه ونموه منذ بدء تكوين الجنين وبعد ولادته وفي مراحل النمو المختلفة، وهي تدخل في تكوين كل خلايا الجسم فالمادة الحية في الخلية هي من البروتينات. وهي المادة التي تبني الجسم وتنميه وتجدد خلاياه وتكون مادة الإنزيمات والخمائر التي تساعد على التفاعلات الكيميائية وكذلك الهورمونات والأجسام المناعية التي تقي الجسم من الأمراض الميكروبية وكذلك الدم ومكوناته وما يقوم به وظائف حيوية هو من البروتينيات.
أنواع البروتينيات في طعام الإنسان ومصدرها:
1ـ بروتينات حيوانيةـ مصدرها حيواني ـ وهي موجودة في:
اللحوم ـ الدواجن ـ الأرانب ـ الأسماك ـ اللبن ـ الجبن ومنتجاته ـ البيض. وهذه البروتينات تحتوي على أحماض أمينية تسمى بالأساسية لاحتياج الجسم إليها ولا يستطيع أن ينتجها بل يجب تناولها مع الغذاء.
2ـ بروتينات نباتيةـ مصدرها نباتي ـ وهي موجودة في:
الفول ومشتقاته ـ المدمس ـ الطعمية وخلافه ـ البقول بأنواعها الفاصوليا ـ اللوبيا ـ الحمص ـ الحلبة ـ القمح ـ الذرة ـ الخ...
والبروتين النباتي ينقصه بعض الأحماض الأمينية الضرورية، ولذلك إذا اعتمد الشخص البالغ على البروتين النباتي فيجب أن ينوع من هذه البقول حتى يعوض الأصناف الناقصة في بعضها ـ أي: أن الناقص في صنف يعوضه الصنف الآخر الموجود به هذا الحامض الضروري فيكمل بعضها البضع ـ.
احتياجات الفرد اليومية من البروتين:
الشخص البالغ يحتاج يومياً إلى 1 مجم لكل 1 كجم من وزنه تقريباً ـ فإذا كان وزن الشخص 60 كجم مثلاً فإنه يحتاج إلى 60 جم بروتين أما الطفل فيقدر احتياجه من 1.8 ـ 2.5 جم لكل ا كجم من وزنه لأنه في طور سرعة النمو وكبر حجم أعضائه وأنسجته وينصح بأن يكون 1 / 3 كمية البروتين التي يتناولها الشخص من النوع الحيواني أما في الأطفال فيجب أن يكون البروتين الحيواني أساسياً.
كما يجب ملاحظة أنه أثناء فترات النمو والنقاهة من الأمراض والرياضيون الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام وألعاب القوى وحمل الأثقال وأثناء فترة الحمل والرضاعة تزيد احتياجات الجسم من البروتينات وخاصة الحيوانة: ( 1.5 ـ 2 جم لكل 1 كجم وزن ).
والمواد البروتينية علاوة على ما سبق ذكره من الوظائف الحيوية فهي كذلك تزود الجسم بجزء من احتياجاته اليومية للطاقة والجهد تقدر بحوالي 10 ـ 15 % ـ علماً بأن كل 1 جم بروتين يعطي 4.1 سعر حراري تقريباً. نماذج لبعض الأطعمة الشائعة وكمية البروتينات الموجودة... بها بيضة مسلوقة = 5 جم... قطعة لحم كبيرة = 30 جم... ملعقة كبيرة من الفول المدمس = 10 جم.... ملعقة كبيرة من العدس = 7 جم... كوب لبن كبير ( 1 / 4 لتر ) = 12 جم.
الأضرار التي تنتج عن زيادة ونقص كمية البروتينات عن الضروري للجسم في الغذاء:
1ـ تناول كمية من البروتينات مثل اللحوم والبيض وخلافه زيادة عن الضروري للجسم تلقى عبئاً إضافياً وإجهاداً للكبد والكليتين حيث أن هذه الأعضاء هي التي تخلص الجسم من المواد الناتجة بعد هضم وامتصاص وتمثيل المواد البروتينية وبعد أن تأخذ خلايا الجسم احتياجاتها من الأحماض الأمينية ـ هذا في الشخص الطبيعي السليم ـ أما إذا كانت الكبد قد أصيبت من قبل بأي مرض مثل الالتهاب الكبدي الوبائي أو بحصوات مرارية نتج عنها انسداد وتراكم العصارة المرارية أو تعرض الكبد للتلف نتيجة الإصابة بمرض البلهارسيا أو نتيجة تعاطي أي نوع من الخمور ـ هذه كلها تضعف كفاءة الكبد وفي هذه الأحوال يجب الإقلال من كمية البروتينات ـ وكذلك الحال في حالة الكليتين.
2ـ قد يبالغ بعض الناس في تناول اللحوم ظناً أنها لن تؤدي إلى السمنة وأنها تزيد من قوة الجسم وسلامته وصحته ـ والحقيقة: أن هذا الظن خاطىء ـ وقد وجد أن تناول أكثر من 1 / 2 كيلو جرام من اللحم يومياً قد يؤدي إلى بعض الأضرار.
فقد يؤدي إلى تصلب الشرايين نتيجة المواد الدهنية الموجودة بين أليافه.
3ـ كثرة تناول اللحوم قد تؤدي إلى السمنة لأنها تمد الجسم بطاقة أكثر من احتياجات الجسم.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/4/food103.jpg
يجب أن يشتمل الطعام على جميع المواد المكونة للغذاء المتوازن